قضت محكمة أمن الدولة طوارىء بمدينة المنصورة في مصر، الثلاثاء، بحبس الباحث بـ”المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، باتريك زكي، ثلاث سنوات، بتهمة نشر “أخبار كاذبة” بعد كتابته مقالا تناول خلاله التمييز ضد الأقباط في مصر.
قالت المبادرة في بيان لها إنه “أن الحكم غير قابل للاستئناف أو النقض”. كما أدانت الحكم بسجن باحثها باتريك جورج 3 سنوات من محكمة الطوارئ بسبب مقال رأي.
كانت النيابة قد أحالت زكي إلى المحاكمة، في سبتمبر 2021، على خلفية نشره مقالا بعنوان “تهجير وقتل وتضييق: حصيلة أسبوع في يوميات أقباط مصر”، في يوليو 2019، روى فيه “انتهاكات” مورست بحق الأقباط على مدى أسبوع.
وقضى زكي سنتين قيد الحبس الاحتياطي، في سجن طرة، منذ ألقت الشرطة القبض عليه في فبراير 2020 من مطار القاهرة، لدى عودته من إيطاليا، حيث يدرس الماجستير في قضايا النوع بجامعة بولونيا، ثم أخلي سبيله في ديسمبر 2021 على ذمة القضية.
ووجهت إليه اتهامات منها “إذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسلم الاجتماعي، واستخدام حساب على شبكة المعلومات الدولية بغرض الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر”.
وقبل إصدار قرار الحبس، كان زكي قد نشر على صفحته في فيسبوك: “وصلت الآن لمحكمة المنصورة، وفي انتظار بداية جلسة المحاكمة، وأتمني كالعادة انتهاء القضية والسماح لي بالسفر بشكل طبيعي”.
قالت وزارة الخارجية الأميركية الأربعاء في رسالة نُشرت عبر تويتر، إنّها “قلقة من الحكم بالسجن ثلاث سنوات على المدافع المصري عن حقوق الإنسان باتريك زكي”، داعية إلى “الإفراج الفوري عنه، فضلاً عن السجناء الآخرين المعتقلين مؤقتاً”.
وأثار الحكم الصادر بحقّه موجة إدانات دولية، خصوصاً من إيطاليا حيث كان زكي يتابع دراسته قبل أن يتم اعتقاله عند قدومه إلى القاهرة.
وذكّرت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التزام إيطاليا باتخاذ قرار إيجابي حياله فيما صوت مجلس الشيوخ لصالح منحه الجنسية الإيطالية.
في هذه الأثناء، ندّدت أكثر من 40 منظمة غير حكومية مصرية ودولية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، بـ”محاكمة شابتها انتهاكات لحقوق الدفاع”. وقال عدد منها إنّ زكي تعرّض للضرب والصعق بالكهرباء أثناء احتجازه.
كما أعلن أعضاء في مجلس أمناء الحوار الوطني في مصر، تجميد مشاركتهم في أعمال الحوار، بعد الحكم على زكي. من بينهم الحقوقي البارز نجاد البرعي، الذي كتب في منشور له عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “الحكم جعل وجودي في مجلس أمناء الحوار الوطني المصري بلا جدوى، فهو لا يخدم فكرة الحوار، ولا حركة حقوق الإنسان”.
إضافة إلى المحامي أحمد راغب الذي أعلن على صفحته في “فيسبوك” أن “الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة طوارئ بحق باتريك جورج، الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، رسالة بأن محاولتنا بالمشاركة في الحوار الوطني فشلت، لذلك اعتذرت عن الاستمرار”.
من جهته، أعلن المقرر المساعد للجنة الأحزاب السياسية في المحور السياسي بالحوار، خالد داوود، تجميد مشاركته أيضاً. وكتب على صفحته الخاصة على “فيسبوك”: “أعلن عن تضامني الكامل مع الأستاذ نجاد البرعي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، وكذلك الزميل والصديق أحمد راغب، واللذين أعلنا تجميد المشاركة في الحوار الوطني، على إثر الحكم الصادم الذي صدر اليوم بالسجن ثلاث سنوات بحق الصديق العزيز باتريك جورج زكي”.
وأضاف: “بناء عليه، وبصفتي مقرر مساعد للجنة الأحزاب السياسية في المحور السياسي، أعلن تجميد المشاركة في الحوار الوطني، لأنه لا يمكن أن نزعم أننا في حالة حوار، في ظل صدور مثل هذه الأحكام، وعدم تنفيذ الوعود العديدة التي تلقيناها بإخلاء سبيل عدد من السجناء نطالب بحريتهم منذ سنوات، ومن ضمنهم: علاء عبد الفتاح، ومحمد الباقر، ومحمد أكسجين، وأحمد دومة، الصادر بحقهم أحكام، وكذلك عدد كبير من المحبوسين احتياطياً مثل: محمد عادل، ومروة عرفه، ونرمين حسين، وشريف الروبي، ومنال عجرمة، وصفاء الكوربيجي، وحمدي الزعيم”.
قالت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان إن السلطات المصرية أفرجت عن حوالي 1151 شخصًا منذ بداية تفعيل نشاط لجنة العفو الرئاسي في مقابل 3666 شخصًا تم اعتقالهم لأول مرة، وحبسهم في قضايا تمس “أمن الدولة” بحسب إعلان السلطات.
وجرى تفعيل عمل اللجنة في 24 إبريل 2022، مع إعادة تشكيلها بتوجيه رئاسي، تزامنًا مع دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بدء أول حوار وطني منذ وصوله إلى السلطة صيف 2014، وصدر عنها قوائم بعفو رئاسي وأخرى تشمل قرارات قضائية بإخلاء السبيل.
ومنذ تلك الدعوة، أُطلق سراح المئات بقرارات قضائية أو عفو رئاسي في “قضايا رأي وتعبير”، فيما أفاد عضو اللجنة المحامي طارق العوضي، في وقت سابق، بأن العدد تجاوز ألف شخص، من دون تحديد عدد “سجناء الرأي والمعارضين” بينهم.
ووفق القانون المصري فإن النائب العام هو صاحب سلطة إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيًا، بينما لرئيس البلاد حق العفو عن كامل العقوبة أو بعضها.
وتبلغ أعداد المعتقلين السياسيين بمصر ما يقرب من 60 ألفا، وفق تقديرات منظمات حقوقية. لكن السلطات المصرية تنفي وجود معتقلين سياسيين، وتؤكد أن السجون يوجد بها متهمون في قضايا وصدرت بحقهم أحكام قضائية أو بصدد التحقيق معهم.