أحمد الطنطاوي..مرشح  الرئاسة الذي لا يُحب الرئيس

أحمد الطنطاوي (فيسبوك)

لم تكن مفاجأة كبيرة أن يعلن الرئيس السابق لحزب الكرامة في مصر، أحمد الطنطاوي، عزمه خوض الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة. حيث ألمح طنطاوي في عدة لقاءات وحوارات صحفية أنه يُعدّ نفسه لأن يكون البديل والمنقذ للديمقراطية. لكن الطنطاوي رغم إعلانه الترشح لم يكن متأكدًا من سماح السلطات المصرية له بمنافسة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي؛ حيث أكد في بيان له أن مسألة ترشحه للرئاسة ستتم فقط «إذا لم يُمنع بصورة مباشرة أو غير مباشرة». وأنه سيشارك في حال كانت «العملية الانتخابية جادة وحقيقية». وأضاف أنه «انتهى من صياغة رؤيته وأنه سيعلن عنها في التوقيت والسياق المناسب».

من هو أحمد الطنطاوي؟

أحمد محمد رمضان الطنطاوي والمعروف باسم أحمد طنطاوي من مواليد 25 يوليو 1979، هو سياسي مصري وعضو مجلس النواب المصري السابق وأحد أعضاء “تكتل 25/30” البرلماني الذي شارك في حراك 30 يونيو 2013، للإطاحة بحكم الرئيس الراحل محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. 

عمل صحفيًّا في جريدة الكرامة. وهو عضو مؤسس بحزب الكرامة عام 2005، ثم عضو المكتب السياسي للحزب عام 2012. استقال في مارس 2014، أنه صرح إلى بعض المقربين وفقا لـ”إضاءات” بأن السبب كان رفضه لمشاركة حمدين صباحي كمرشح للرئاسة أمام عبد الفتاح السيسي، معتبرًا أنها “مسرحية”، وأن صباحي بهذا يشارك في “ترسيخ الحكم العسكري في البلاد”، وأنه واجه صباحي بهذا الرأي. عاد  طنطاوي للحزب مجددًا لكن هذه المرة كانت لرئاسته، وانتهت أيضًا باستقالته من الحزب العام الماضب ورفضه للحوار الوطني الذي أعلن عنه الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

شارك طنطاوي في ثورة 25 يناير 2011، ودعم ترشح حمدين صباحي لرئاسة الجمهورية 2012، وعارض محمد مرسي ودعا للتصويت بـ «لا» على دستور 2013، كما عارض الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره مُرسي، ومن ثم شارك في مظاهرات 30 يونيو 2013، ثم عارض ترشح الرئيس السيسي لرئاسة الجمهورية. 

وقد علق على انتخابات رئاسة الجمهورية سنة 2018 قائلا: “مشهد انتخابي بائس، لا يترتب عليه إحساس أن الناس راضية عن السنوات الأربعة الماضية، لا تحمل من صفة الانتخابات الكثير سوى اسمها وهي استفتاء، ولا أرى أي سبب لتخويف وترهيب الناس للمشاركة في الانتخابات، كان هناك انتخابات مصرية تعددية وتنافسية أقبل عليها الشعب المصري لشعورهم بأن لصوتهم قيمة”.

اعتقال المقربين منه

في يونيو 2019، أعلنت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها أنها ألقت القبض على بعض “القيادات والعناصر” بتهمة إدارة شركات “تابعة لجماعة الإخوان المسلمين” والاشتراك في التخطيط مع قيادات تقيم بالخارج “من أجل إسقاط مؤسسات الدولة”، تزامنا مع الاحتفالات بذكرى 30 يونيو. وقد كان من بين من تم إلقاء القبض عليهم مدير مكتب النائب أحمد طنطاوي، وبعد ساعات من القبض على مدير مكتب طنطاوي، تداولت العديد من الصحف والمواقع الإخبارية المصرية خبرا عن بلاغ مقدم للنائب العام المصري يطالب برفع الحصانة عن طنطاوي لتورط مدير مكتبه في العمل في “خلية إرهابية.

موقفه من تيران وصنافير
في أكتوبر 2019، انتقد طنطاوي تصريح الرئيس السيسي الذي أرجع فيه فشل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي إلى ثورة 25 يناير، قائلا أن “الثورة لم تحكم”. وفي نوفمبر من نفس العام، طرح طنطاوي مبادرة سياسية حمّلت عنوان «رؤية متكاملة للإصلاح تمثل مدخلًا للانطلاق نحو عصر جديد للعلاقة بين السلطة والمواطن»، دعا فيها لتشكيل لجان برلمانية للعدول عن التعديلات الدستورية الأخيرة ودعا السيسي إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة عام 2022، والالتزام بوعده بعدم الاستمرار في السلطة لأكثر من مدتين، محذرًا من لجوء السلطة للعنف إزاء أي مبادرة سياسية تستهدف امتصاص حالة الغضب الجماهيري، وفقا لتعبيره.

كان من الرافضين لقانون السلطة القضائية الذي اعتمد في أبريل 2017، وأشار إلى أن القانون قُصد منه استبعاد يحيى الدكروري، القاضي بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، من رئاسة مجلس الدولة.

في فبراير 2019، انتقد طنطاوي التعديلات الدستورية المقترحة في مجلس النواب والتي وافق عليها أغلب الأعضاء، وقال طنطاوي: “قناعاتي الشخصية الراسخة المستقرة تجعلني أقول إن ما يحدث باطل دستوريًا طبقا لموضعين في المادة 226 من الدستور، وليس من حق البرلمان أن يعدل مدد الرئاسة إلا بمزيد من الضمانات، ولا يستحدث مادة جديدة لأنها تفقد ثقة العموم والتجرد”، ووصف التعديلات بأنها “عودة لأسوأ مما كان الوضع عليه قبل 25 يناير”  وأنها “عودة للقرون الوسطى”.
في أبريل 2019، وافق مجلس النواب على التعديلات الدستورية، بأغلبية 531 نائبًا من إجمالى 554 نائب، وكان الطنطاوي من بين 22 نائب رفضوا التعديلات.

قال أنه في حين أنه يحترم آراء مؤيدي الرئيس والراضين عن أدائه إلا أنه «لا يحب الرئيس ولا يثق في أدائه». وقال: “ما تروج له الحكومة من إصلاح إقتصادي ما هو إلا إصلاح مالي ظالم يدفع ثمنه الفئات الأكثر احتياجًا، حيث إن الإصلاح الحقيقي يأتي من الأطر الدستورية. وذكر طنطاوي أنه على الرغم من صدور قرار بمنع النواب من الحديث عن السياسة النقدية لوسائل الإعلام، إلا أنه “لن يصمت عن إبداء رأيه نتيجة لقرار غير دستوري، لأن إبداء الرأي حق أصيل لكل مصري كفله له الدستور والقانون، وفي حالة أن النائب ينصاع لمثل هذه القرارات فلا يحق له أن يكون ممثلا للمواطنين. كما عارض طنطاوي قانون الضريبة المضافة وحاول إيقاف إقراره.

طالب طنطاوي السيسى بالإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين في قضايا سياسية بشرط أنهم لم يتورطوا في دماء أو يرتكبوا أعمال عنف أو استولوا على أموال المواطنين، وأشار إلى أن حبس الصحفيين “ملف شائك”.

 

لا يحب الرئيس

في 2018، انتقد طنطاوي قانون “مكافحة جرائم الإنترنت”، وقال: “هناك هجمة شديدة الآن على حرية الرأى والتعبير، وهناك 465 موقعا إخباريا تم حجبها خلال 10 أشهر الأخيرة”، مشيرا إلى أنه من غير المعلوم سبب الحجب، وأنه كان من الواجب منح أصحاب المواقع حق الطعن على القرار.

في 26 يناير 2023، نشر أحمد طنطاوي فيديو ينتقد فيها أداء الحكومة وأداء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قائلًا ” اللي أحنا شايفينه دا أسوء ما يكون، ما نراه الآن هو أسوء ما يكون”. 

وفي 17 يوليو من العام الماضي، أعلن الطنطاوي استقالته من رئاسة حزب الكرامة، الذي فاز برئاسته بالتزكية، وخسر الطنطاوي مقعده في مجلس النواب في الانتخابات التي جرت نهاية عام 2020، والذي شغله عن دائرة دسوق في محافظة كفر الشيخ لمدة خمس سنوات 2015-2020، وغادر الطنطاوي مصر بعد فترة، شهد خلالها تضييقات أمنية من قبل أجهزة النظام بسبب آرائه السياسية، التي وصلت إلى حد المطالبة بعزل السيسي، من خلال مقال كتبه لموقع المنصة، جرى حذفه فيما بعد، قبل أن يتوقف عن الكتابة للموقع، وموقع المنصة أحد المواقع الصحفية الخاصة القليلة التي ما زالت تمارس عملها من داخل مصر رغم قيود الحجب والملاحقة الأمنية.

كان الطنطاوي قد اعتبر أن السلطة الحالية  «أداؤها هو الأسوأ في تاريخ مصر خلال الـ200 عام الأخيرة على الأقل». كما عبّر عن رفضه المشاركة في الحوار الوطني الذي دعت إليه السلطات المصرية وعلى رئسها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رافضًا تسمتيه «حوارًا». وقال الطنطاوي، في مقابلة مع قناة بي بي سي عربي ، إنه «ليس خائفًا أو يقبل بالخضوع للتهديد، أو الإبعاد عن وطنه»، مستطردًا بأن «سفره إلى لبنان له دلالات واضحة عند السلطة المصرية، حيث نقل له بعض الوسطاء رسالة مفادها: لن نصنع منك بطلًا».

وأضاف: «الأفضل لهذه السلطة أن ترحل عن حكم مصر، ويا حبذا لو كان ذلك قريبًا. ولا يوجد اتفاق غير مُعلن بيني وبينها، لأني حينها سأكون عميلًا لها»، مردفًا «هناك خلافات عميقة في وجهات النظر مع بعض الشركاء من تيار المعارضة، ولعلها واضحة، وكان أمامي خياران: الأول أن أتمسك بمبادئي، والثاني أن أغيّر قناعاتي، وهذا لم أكن مؤهلًا له».

 العودة إلى مصر وإعلان الترشح للرئاسة

غادر الطنطاوي البلاد إلى بيروت بعد توجيهات أمنية بإبعاده عن المشهد السياسي ومنعه من الكتابة، حسبما قال مصدران من قيادات الهيئة العليا للحزب لـ موقع مدى مصر. وأضاف الموقع حينها بحسب مصدر ثالث من الحركة المدنية الديمقراطية أن «الطنطاوي سافر بيروت لترتيب أوراقه، وتحديد الخطوة المقبلة، وما إذا كانت الحصول على شهادة الدكتوراه من خارج مصر أو العودة إلى البلاد مرة أخرى بعد عدة أشهر، مشددًا أن الأمر ليس نفيًا أو تهديدًا للطنطاوي بالزج في السجن».
وبعد أيام ظهر الطنطاوي لإعلانه أن «سفره إلى بيروت بأنه من أجل الدراسة، وإعداد نفسه علميًا وعمليًا،» و«لفترة مؤقتة، يعود بعدها إلى وطنه، الذي لا يستطيع كائناً من كان أن يمنعه من أن يسكن فيه».

وفي 22 مارس الماضي أعلن الرئيس السابق لحزب الكرامة عودته من العاصمة اللبنانية بيروت إلى القاهرة في 6 مايو، ملمحًا إلى عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل، بوصفه ممثلاً للتيار المدني الديمقراطي الذي تحتاج إليه البلاد، حسب وصفه.
وجاء إعلان ترشح الطنطاوي لرئاسة الجمهورية، في أعقاب بيان رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات،الذي أشار فيه إلى ما أسماه «المرشح المفاجأة»، والذي لم يعلن فيه آية تفاصيل عن جنسه أو دينه أو انتماؤه السيساسي أو أيًا من برامجه أو داعميه أو علاقته بالسلطة أو المعارضة. لكن السادات قال في بيانه أن المرشح المفاجأة وعد «بحسم موقفه على ضوء التزام وتجاوب الدولة مع التوصيات والضمانات التي طرحتها القوى الوطنية بشأن حرية ونزاهة العملية الانتخابية». وقوبل هذا البيان بتصريح المتحدث الاعلامي للحركة المدنية الديمقراطية، خالد داود، أن الضمانات التي طالبت بها الحركة لنزاهة ومصداقية الانتخابات الرئاسية ربيع العام المقبل، هي ضمانات عامة ولا تربط بأي مرشح محدد. واضاف أن بيان السادات بشأن «المرشح المفاجأة»” يعبر عن موقفه الشخصي ولم يتم يتداوله أو نقاشه في الاجتماع الأخير للأمانة العامة للحركة والذي ضم رؤساء الأحزاب وعدد من الشخصيات العامة، أو في أيًا من اجتماعاتها السابقة .  

 

Search