■ السلطة لا ترغب في انتخابات بالمعنى المفهوم، الأمر مرهون بإرادة الغالبية إذا قررت المشاركة
■ الناس عندما ترتكب مخالفة معًا، لا تستطيع السلطات مواجهتها. فعندما يسعى الجميع للتغير بشكل دستوري لا بد للسلطة أن تخضع
■ السيطرة على الأجهزة تعكس فرض حالة من الاستقرار الهشّ باستخدام القمع
■ التخلي عن تيران وصنافير خطيئة السلطة المصرية لا السعودية؛ والحساب يجب أن يكون معها
■ أول زيارة خارجية لي إذا أصبحت رئيسًا ستكون للسعودية
■ السيسي لا يعبر عن الجيش، هو كان ضابطًا بالقوات المسلحة وحصل على لقب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته رئيس الجمهورية وهي صفة يأخذها أي رئيس
■ إثيوبيا انتهت من وضع خطة لسد آخر اسمه “سد كردوبي” أكبر من سد النهضة، وهذا بسبب خطاب السلطة الحالية وتفاوضها المهترئ. ورئيس الجمهورية لا يمكنه تعريف النيل الأزرق تعريف صحيح
■ لن أذكر أسماء من سيساعدونني إذا أصبحت رئيسًا لأن بعضهم متواجدون بالفعل في السلطة الحالية
■ نحن نريد أن نقدم أنفسنا للعالم بعنوان واضح “شاركونا قبل ما تسلّفونا”
■ الأجهزة الأمنية تحاول أن تحول بيني وبين المواطنين. لكن في أي مكان عام أرى سيدات مصريات مُسنّات من مختلف الطبقات بيطبطبوا عليّا
“الأكيد أن السلطة ليست راغبة في انتخابات من حيث النزاهة والشفافية. لكن تجارب التاريخ تثبت أن هذه ليست مسألة حتمية لكل انتخابات جرت تحت سلطة مستبدة. هناك شعوب أقل من المصريين تاريخًا أو تحضرًا بدون مزايدة أو شيفونية استطاعوا فعل هذا، فلماذا لا يفعلها المصريون الآن؟ الأمر مرهون بإرادة الغالبية إذا قررت المشاركة، بالتأكيد هم قادرون على تحويل الهزل إلى جد ممكن، ثم تغيير مأمول”… هكذا بدأ أحمد طنطاوي المرشح الرئاسي المحتمل حواره مع “زاوية ثالثة” بعد أن سألناه عن إذا كان هناك احتمالية لانتخابات جادة وتنافسية، طنطاوي يرى أن السلطة الحالية لا ترغب في الديمقراطية، والدولة العميقة كذلك، لكنه يؤمن بأن الشعب “إذا قرر التغيير، فلن تقف قوة أمامه”.
وإلى نص الحوار.
هل إرادة الأغلبية في انتخابات جادة قد تغير المشهد حتى في ظل سيطرة الأجهزة على مجريات الحياة المصرية؟
السيطرة هي كلمة دقيقة تعكس فرض حالة من الاستقرار الهشّ باستخدام القمع. والسيطرة في الأحوال كلها، آلية قد تنجح في ظل يأس وخوف الناس، لكن إذا قررت نسبة كبيرة من الشعب تحطيم حاجز الخوف ومقاومة اليأس، السيطرة ستتلاشى فورًا.
مثال بسيط: السلطة تحولت في مجال العقارات من منظم إلى منافس، وعندما فشلت في المنافسة تحولت إلى محتكر، وعندما تحولت إلى محتكر لم تقدر على بيع ما تبنيه؛ فقررت أن تمنع البناء. فالمواطن المصري الذي معه رخصة بناء قانونية أصبح ممنوع من البناء، وإذا قرر مواطن أن “يُشطب شقة” دون موافقة سيحاكم عسكريًا، وفي الأيام الأخيرة عاد الناس إلى تشييد المباني، من يملك رخصة ومن لا يملك؛ دون اكتراث لرد فعل السلطات. في هذه الحالة لم يكن أمام السلطة سوى استخدام خطاب أنتمم نور عينيا” لا خطاب “ننتشر في 6 ساعات” وذلك لاسترضاء الناس قبل الانتخابات. فنجد أن الناس عندما ترتكب مخالفة مع بعض، لا تقدر السلطة على مواجهتها. بمعنى أن العلاقة قائمة على القوة لا القانون، والناس ترى أنه عندما تعطي السلطة لنفسها الحق في العصف بالقانون، سنقدر على فعل الشيء نفسه. ما أريد أن أقوله إن الناس قادرة على عمل ما هو مخالف للقانون إذا احتموا ببعض؛ فهيا ننقذ بلدنا من مصير مجهول وأن نشجع بعضًا ونحتمي في بعض في إطار الدستور والقانون وبشكل سلمي تمامًا. هذه الرسالة مهمة يجب أن تصل إلى الناس، وما يجعلها لا تصل إليهم هو مناخ الإغلاق الإعلامي في ظل البطش الأمني، وأيضا أن هذه رسالة لا تقولها أطراف كثيرة في ظل استسهال مقولة إنه طبيعة هذا السلطة لا ترحل إلا بثورة أو بانقلاب، وهذا ترد عليه التجارب بأنه ليس صحيحًا وقد حصلت تجارب عديدة مع شعوب أخرى نجحت في التحول الديمقراطي ونحن لسنا أقل منهم.
ألا تخشى مواجهة الجيش بما أنه الرئيس الحالي منتمي إليه؟ ولماذا قلت أنك ستختار نائبًا عسكريًا؟
أنا لا أعتقد أن الجيش يكن غضبًا ضدي، لأن ما أعبر عنه طوال مشواري السياسي أن الجيش إذا وضعناه على ميزان الوطنية المصرية فهو الابن البكر للوطنية المصرية، وإذا وضعناه على الميزان الدستوري فهو ملك الشعب المصري؛ وهو أعز ما يملك الشعب المصري وأهم مؤسسات الدولة المصرية والحفاظ عليه هو حفاظ على وحدة وتماسك الدولة المصرية. الفكرة هنا أن ما يهبط بمنزلة الجيش من مرتبة فوق مستوى النزاعات السياسية إلى مادة للمشاحنات السياسية، أن يكون هناك طرف يحتك به أو يتحرّش به ويحتمي فيه. السيسي لا ينتمي إلى الجيش؛ كان ضابطًا بالقوات المسلحة المصرية؛ وأقول (كان)؛ الآن هو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته رئيس الجمهورية وهي صفة يأخذها أي رئيس طبقًا للدستور مهما كانت خلفيته السابقة.
أما اختيارنا لنائب من خلفية عسكرية يعكس تقديرنا الحقيقي لهذه المؤسسة ورسالة واضحة لها، أننا لا نحُمّل الجيش أبدًا فاتورة القيادة السياسية حتى لو جاءت من خلفية عسكرية.
كيف تتعامل مع قضية تيران وصنافير بعد تسليمها للسعودية؟ وكيف ستكون علاقة مع المملكة العربية؟
للأسف التخلي عن تيران وصنافير مبني على اتفاقية دولية، مُرِّرَت في ظل إجراءات خاطئة، وما كان لمجلس النواب أن يقررها في ظل حكم قضائي يقضي بمصرية الجزيرتين، لكن هذا أمر لا يخصّ الجانب الآخر في المعاهدة (السعودية)، هذه خطيئة السلطة المصرية والحساب يجب أن يكون معها.
أما بالنسبة لعلاقتي بالسعودية فستكون جيدة جدًا في حال أصبحت رئيسًا، وأنا أودّ أن أقول إن أول زيارة خارجية لي إذا أصبحت رئيسًا ستكون للسعودية. وأنا حريص على علاقات متميزة جدًا بمحيطنا العربي وبالأخص أشقاؤنا في الخليج لأسباب مفهومة.
ما خطتك لملف سد النهضة؟
هناك الآن سد النهضة، وهناك سد يسمى “سد كردوبي” وهو أكبر من سد النهضة، وانتهت تصميماته بالفعل، وسد كردوبي سيكون في إطار سلسلة من السدود تصل سعتها التخزينية إلى 220 مليار متر مكعب، وهذا سيحتاج إلى تخزين 300 مليار متر مكعب بعد حساب المياه المفقودة نتيجة التبخر والتسرب.
هذا يحدث لأن السلطة الحالية ترتكب جريمة في حق مستقبلنا. اعتداء إثيوبيا على حقنا في المياه، هو اعتداء على اتفاقيات دولية سارية بينا وبينهم، وليس هناك أي سند قانوني يسمح لأثيوبيا بهذه الاعتداء سوى الاتفاق الموقع في مارس 2015، وأنا أعتبره اتفاقًا شخصيًا. لأنه لم يتم التصديق عليه من مجلس النواب، لذا لا يمكن أن أتعامل معه على أنه اتفاق ملزم للدولة المصرية، ويترتب عليه أحكام على الدولة المصرية.
ما نقوله هنا أن نهر النيل هو شريان الحياة وأصل وجود الدولة المصرية ونحن لا نملك التعامل معه بهذا الاستخفاف الذي تعاملت به السلطة الحالية التي لديها جملة من المشاكل تبدأ بأن رئيس الجمهورية لا يمكنه تعريف النيل الأزرق تعريفًا صحيحًا ويتحدث عنه كأنه نهر عابر للحدود ولا يعرف الفرق بين النهر الدولي والنهر العابر للحدود.
من منطلق فهمي لهذه القضية كباحث متخصص في هذا الملف وكمؤمن بقضايا الوطن أن سوف أفعل كل مؤسسات الدولة في إطار حشد كل موارد القوة. كل موارد القوة…في الدولة المصرية للدفاع عن حقوقها في مياه النيل. وموارد القوة هذه متعددة وأهملتها الدولة المصرية طوال الـ10 سنوات الماضية وهي تبدأ بـالاحتماء بالناس وبالإرادة الشعبية.
ما هي الخطوة العملية التي ستأخذها غير الاحتماء بالناس؟
من يُصادر صوت الشعب المصري ويحرمه من حقه، هو من يشارك في بناء مثل هذا السد. عندما كنت رئيسًا لحزب الكرامة أعدت تأسيس الجبهة الشعبية للحفاظ على مياه النيل، بعدها دعوت مجموعة من الأحزاب والشخصيات العامة لمؤتمر نعبر فيه عن موقفنا من سد النهضة، لقد حوصرنا أمنيًا وإعلاميًا وعقدنا اجتماعًا تحت هذا الحصار،وحُرِم الشعب المصري من إيصال صوته للعالم، بأن مياه النيل هي أصل وجودنا، وأننا شعب يعيش تحت خط الفقر المائي، وأننا قريبون من نصف حد الفقر المائي في مصر الذي يصل إلى 1000 متر مكعب للفرد، فنحن قريبون من الـ500 متر مكعب للفرد.
وهذا الحرمان من مياه النيل يُعدّ جريمة إبادة جماعية، فضلًا عن أن اعتداء على اتفاقيات دولية سارية، لقد وقع الجانب الإثيوبي هذه الاتفاقيات وهو مستقل بينما كنا نحن مستعمرون في الجانب الحدودي مع السودان.
المفاوض المصري للأسف تجاوز إرادة الناس، الطرف المصري عندما ذهب إلى أمريكا وقع على كلام محرض ووقع على جدول الملء، السودان طلب مهلة وأثيوبيا قالت نحن لدينا مجلس نواب يجب أن نرجع إليه قبل أن نرد عليكم، لكنهم لم يردوا.
ترامب وقتها قال إن الإثيوبيين لم يتركوا لمصر إلا تفجير السد وسوف يفعلون هذا، فهذا كان له معنى أن الوسيط الأمريكي يرى مدى تعنّت إثيوبيا.
ما هو مطروح من الجانب المصري كان سيكون كارثة إذا وافقت عليه إثيوبيا، أقصى أمانينا التي طلبناها هي اتفاق قانوني ملزم، لو أثيوبيا وافقت عليه كانت هتبقى كارثة لأنه معناه أنه سيكون لديهم قانون جيد يستندون إليه في التفريط في حقوقنا القانونية المكتسبة. فعندما أقول لك استحضار الرأي العام واحترامه والتصرف من منطلق المصالح الوطنية والوحدة والإرادة الشعبية، لا يفعل هذا سوى سلطة منتخبة.
وأنا أعتبر أن أحد الإنجازات الكُبرى التي يمكن أن تترتب على التحول الديمقراطي في الانتخابات المقبلة هي رحيل هذه السلطة مما يسمح بوجود سلطة تحترم الدستور والقانون وتعرض اتفاق سد إثيوبيا على مجلس النواب حتى يرفضه وبعدها نبدأ في مسار آخر جاد.
سنضع أمام الجانب الإثيوبي اختيارين، الأول تعاوني في حالة قبول أثيوبيا لاحترام حقوقنا. الاختيار الثاني سيكون في حالة العناد.
ماذا تقصد بالاختيار الثاني في حالة العناد؟
من ركائز الاقتصاد الإثيوبي تصدير اللحوم والبُن؛ ومصر تستوردهما من إثيوبيا؛ وهذه مسألة يطول شرحها لأنه كان موضوع رسالتي في الماجستير، أنا حاصل على ماجستير في العلاقات المصرية الأفريقية، وتخصصت في العلاقات المصرية الأوغندية والبُعد المائي في علاقات مصر بدول حوض النيل وعنوان الرسالة “العلاقات المصرية الأوغندية منذ عام 1986”.
إكمالًا؛ عندما تستورد مصر لحومًا من أستراليا وبُن من البرازيل ولا تستوردهما من أثيوبيا. هذا جزء من الضغط، المعاهدة التي تحكم تشغيل قناة السويس وطبيعة العلاقة داخل البحر الأحمر حتى الاستخدام المشروع للقوة إذا لزم الأمر وفقًا للقانون الدولي.
وعندما أقول القوة، فإن الوسيط الأمريكي نفسه قال إن مصر قد تفجر السد. لكن طبعًا هذه الخيارات تضيق كلما مر الوقت، وما كان متاحًا قبل الملء الأول ليس متاحًا الآن. السلطة تكتسب مزيدًا من الوقت على حساب تضحية بالمستقبل.
ماذا لو أنّ هناك ضغطًا دوليًا على قرار التدخل بالقوة بسبب أنه قد يهدد استقرار المنطقة؟
العلاقات الدولية مبنية على علاقات قوة، وهنا أنا لا أقول إن هذا خيار وحيد ولا أننا نقدمه قبل غيره أو نتمناه، لكن سحب خيار التدخل بالقوة من على الطاولة لا يترك لك شيء، ويجعلك في هذا المسار العبثي الذي يجعل الطرف الإثيوبي يُضيع الوقت وأنت ما زلت تستجديه بخطاب مهترئ، وحتى عندما لوّح الجانب المصري بالقوة ارتكب خطيئة؛ لأنهم أرسلوا رسالة مفادها أن القوات المسلحة ليست قادرة على هذه المسألة إذا لزم الأمر، لقد عُرفوا بهذا بالسلوك المتكرر سواء بتكرار المفاوضات أو تكرار التصريحات المتضاربة.
لو كانت السلطة الحالية اعتمدت على مفاوض مصري لديه كفاءة ويملك أدواته ثم ساندته وسمحت للشعب المصري بالاصطفاف خلفه ما كنا وصلنا لهذه المرحلة. يجب أن نقف أمام العالم لنخبرهم أننا “مصر” حتى لو لم نقلها حرفيًا، أنت يجب أن تقدم نفسك بهذا الشكل. لكن الآن تصدر صورتنا على أننا المصريين الذين لا صوت لهم، ومجلس النواب صُودِرَت اختصاصاته وغيره، فهذا يعني أنه يمكن أن نتعرض للضغط والابتزاز.
هل هناك أسماء من الوسط السياسي تدعمك؟ وهل اتفقت معهم على وجودهم في السلطة في حال نجاحك؟
هناك تفرقة بين تشكيل مؤسسة الرئاسة من نواب ومستشارين، هذا اختصاص رئيس الجمهورية وهناك تصور متطور في هذا الأمر لإصلاح مؤسسة الرئاسة دستوريًا وتشريعيًا وإداريًا وماليًا مما سيؤثر إيجابيًا على علاقة المؤسسة الرئاسية بسلطات الدولة وبالشعب، لكن ما أريد أن أشير إليه أننا صادقون في دولة القانون والمؤسسات. رئيس الجهورية يجب أن يقترح اسم رئيس الوزارء ويتشاور معه في 4 وزراء، ثم تُعرض هذه التشكيلة على مجلس النواب الذي من حقه أن يقبلها أو يرفضها. لأن رئيس الجمهورية يجب ألا يكون الشخص الذي يتعامل مع الحكومة على أنها مجموعة من المساعدين وظيفتهم الموافقة على كل ما يقوله أو يقرره.
ورغم التشوهات التي طرأت على الدستور، ما يزال رئيس الجمهورية لا يملك اختيار حكومة أو إعفاء وزير إلا بموافقة البرلمان طبقًا للدستور. كما أنني يجب أن أؤكد أن رئيس الجمهورية لا يملك أن يختار من نفسه رؤساء الأجهزة الرقابية إلا بموافقة البرلمان، والرئيس يلتف على هذا الاستحقاق الدستوري بإصدار قرارات قائم بالأعمال، وهو إلتفاف على قصد المشرع الدستوري، بالإضافة إلى أن البرلمان في فصله التشريعي الماضي أصدر قانونا فقط صفة العموم والتجرد وأصبح كيدًا سياسيًا، وذلك عندما كان هناك رغبة في إعفاء المستشار هشام جنينة وهو رئيس جهاز رقابي مستقل، البرلمان عمل تعديل في طريقة إعفاء رؤساء الجهات والهيئات الرقابية بأنه يُعْفَوْن بقرار منفرد من الرئيس. فلك أن تتخيل أن رئيس الجمهورية كي يعين شخصًا ما يجب أن يأخذ موافقة البرلمان وعندما يقيله يفعل ذلك منفردًا لأنهم نسوا أن يعدّلوا قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يصطدم بهذا، لأن القانون يقول إن رئيس الجهاز المركزي غير قابل للعزل بقرار منفرد.
أنا أضرب هذه الأمثلة لأقول إن من يأتي بإرادة الناس في إطار عملية ديمقراطية سليمة لا يكن لديه فواتير لأحد، فاتورته للناس، فنحن جادون في أن نطرح أفضل الأسماء ثم نحترم الدستور ومبدأ الفصل والتوازن بين السلطات بما يخرجنا لأول مرة من حالة الرئيس الفرد إلى الفكرة التي نطرحها وهي بناء دولة القانون والمؤسسات.
لكن لا توجد أسماء محددة؟
طبعًا توجد أسماء محددة، لكن لا يمكن ذكرها لأسباب موضوعية جدًا تتعلق بعلاقة هذه الأسماء بالسلطة الآن، إذا ذكرت الأسماء التي قد تكون هي الأفضل في مجالاتها، ثم شاء الحظ السيء بقاء المنظومة الحالية برئيسها الحالي، هل تعتقد إذا كانوا أفضل ناس سوف يستعينون بهم؟
أريد أن أقول لك أنه عندما كنا في البرلمان ونحب أن نمرر تعديلات واضحة جدًا ولا خلاف عليها، كنا نذهب للأغلبية نعطيهم التعديل ليطرحوه هم لمجرد أنه كان هناك توجّه بأن ما يأتي منّا يجب أن يُرْفَض حتى لو كانت تعديلات مبررة ومنطقية، وهذا يعكس الحالة بصورة عامة وليس فقط داخل البرلمان. فالأسماء ليست مشكلة مصر، مشكلتنا تتخلص في كلمتين فقط “الإرادة السياسية”. ومصر ليس بها عجز في الكفاءات ولا البرامج، لكن لديها مشكلة في نمط اتخاذ القرار السياسي وغيره من القرارات الاقتصادية، الثقافية وغيرها، بأنها قرارات فردية لا يُحترم فيها دراسات الجدوى ولا أهل الخبرة والاختصاص والكفاءة، وهذا كان واضحًا على نحو علني. لو سألت أي خبير في العلاقات المصرية الأفريقية، سيجيبك أنه كان من المستحيل أن نصل إلى هذه النقطة إلا في ظل إدارة من هذا النوع.
افترض أنك رئيس جمهورية؛ وهناك بيانات شديدة اللهجة من أطراف دولية تجاه انتهاكات حقوقية؛ ماذا ستفعل؟
أنا لو رئيس جمهورية، لا يمكن أن تجد بيانات شديدة اللهجة تتعلق بحقوق الإنسان لأنه لن يكون هناك انتهاكات لا في السجون ولا خارج السجون.
من أين هذه الثقة بظل تحكم الدولة العميقة؟ هل يتغير الوضع في يوم وليلة؟!
سؤال: هل يمكن أن أكون رئيسًا جمهورية بانقلاب؟ أو ممكن أكون رئيسًا جمهورية بالتزوير؟ وسيلتي الوحيدة لكي أصبح رئيسًا جمهورية أنه تم اختياري بإرادة الأغلبية الواضحة جدًا، ليست فقط مجرد انتخاب، لكن أن يكونوا قد تمسكوا بي أيضًا. لو جئت بهذه الطريقة فهذا معناه بالقطع أني أستمد قوتي من إرادة أغلبية المصريين، وعندما أكون عاقد العزم أن أستخدم هذه القوة في بناء دولة القانون والمؤسسات، لن يقدر أي فرد في أي مؤسسة أن يواجه هذا، لا سيما أن معي القانون والدستور وإرادة أغلبية المصريين.
لكن الذي يمكن عمله فورًا هو أن الناس التي ترتكب بعض هذه الانتهاكات تعرف أن رئيس الجمهورية لا يقبل هذه الأمر. وأن من يفعل هذا سوف يحاسب بلا عذر ولن يفيد معه ندمًا، القانون به ما يكفي لذلك وأنا سوف أطبقه فقط.
ما زلت أصر على السؤال: لو هناك إدانات دولية لانتهاكات، ما رد فعلك؟ هل سترفضها بزعم الاستقلال بما أن هذا تفكير الناصريين؟
لن أتحجج بمفهوم زائف للاستقلال الوطني، لأني من دعاة الاستقلال الوطني الحقيقي، وأكيد سلطة فعلت هذا في تيران وصنافير وسد النهضة حتى في علاقتها بالإقليم والعالم أو في الشروط التي قبلت أن يفرضها صندوق النقد الدولي لا هي ولا أنصارها الذين سوف يحدثوننا عن الاستقلال الوطني. الاستقلال الوطني لا يعني أن السلطة تنتهك قيمًا أساسية. هل وزارة الخارجية المصرية لا تصدر بيانات عندما تكون هناك أحداث كبرى تحدث فيها خروج على الشرعية الدستورية أوبها انتهاكات جسيمة في حق مواطنين في دولة أخرى؟ هل هذا يفسر على أنه اعتداء على سيادة الدول؟
يعني أنت مؤمن بأن حقوق الإنسان شأن دولي ولَيْسَ شَأْنًا خاصًّا مِصْرِيًّا.
أنا مؤمن بأن الدستور المصري يعطي المعاهدات الدولية الموقع عليها من الدولة المصرية منزلة القانون المصري، فيجب الالتزام بالمعاهدات الدولية. هذا ما يقوله الدستور، وإلا لن يكون هناك معنى لفكرة المعاهدات الدولية، وخاصة أن هذه المعاهدات تنظم حقوقًا أساسية للمواطنين. لكن دعني أقول إن المفروض أن الدولة لا تنتظر من أحد أن يخبرها بأن تحترم شعبها ولا تنتهك حقوقه.
ما خطتك الاقتصادية؟
هُناكَ أَشْياءُ ستأخذ وقتًا كي يظهر آثارها، لكن هناك ما يمكن أن يَحِلُّ فَوْرًا نتيجة للتجربة الديمقراطية وأثرها في ملفات كالديون والاستثمار والمنح. الحلول السريعة… تجارب الدول التي استطاعت التحول الديمقراطي واستطاع معظمها أن يمتلك رؤية لعقد مؤتمر اقتصادي حقيقي وليس بطريقة مؤتمر شرم الشيخ في 2015.
مثلًا في زامبيا وحادثة الطائرة المصرية، هذه دولة نجحت في خوض تفاوض مع الدائنين تم بموجبه جدولة ديونها على 30 سنة وتخفيض قيمة الفائدة إلى 1%، نحن نستطيع أن ندخل في تفاوض، وهناك إمكانية لشطب الديون الفاسدة، وإمكانية لجدولة بعض الديون، وإمكانية لتخفيض سعر الفائدة. كما أن هناك استثمارًا في التحول الديمقراطي، فأنت تقدم نفسك للعالم بأنك تساعد نفسك ونريد من أصدقائنا وشركائنا أن يساعدونا، وبعض الدائنين يمكن أن يحصلوا على شراكات بدل دفع الديون. نحن نريد أن نقدم نفسنا للعالم بعنوان واضح “شاركونا قبل ما تسلّفونا”. مصر دولة كبيرة، وهذا ينقلنا إلى الجزء الخاص بالاستثمار، العقبات في طريق الاستثمار واضحة جدًا، منها أن الناس لا تطمئن لحقوقها وأول هذه الحقوق حق التقاضي. ومنها تعديلات في تشريعات، واستحداث تشريعات جديدة، طبعًا أنا بتكلم على قانون الاستثمار وقانون الإفلاس والتخارج، ومنها أيضًا الحدود الفاصلة بين نشاط الجهات والهيئات التي حلت محل القطاع العام والمملوكة للقوات المسلحة أو لهيئات أخرى مثل الشرطة أو غيرها وما بين القواعد الاقتصادية المتعارف عليها التي بها تكافؤ الفرص والمنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، عندما تطبق هذا بوضوح سيكون لديك خريطة استثمارية تطرحها على العالم لمصر التي بها 110 ملايين نسمة، وموقعها وطبيعة وسعة الأيدي العاملة فيها، والاتفاقيات التي تربطها بدول الجوار وغيرها. مصر لديها فرصة أن تنطلق استثماريًا لكنها تحقق أرقام شديدة الضعف والسوء مقارنة بإمكانياتها.
هل في الخطة أن تواجه الخصخصة؟
هذا يجب أن يوضع على ميزان الحكومة، وهذا معناه أن القرار يجب أن يكون قرارًا اقتصاديًا رشيدًا. هناك مؤسسات لا يمكن الاقتراب منها بالبيع، وهناك مؤسسات يمكن هيكلتها وخصخصة الإدارة وبقاء الأصل مملوكًا للدولة، وهناك مؤسسات أخرى أنا أقبل أن يدخل بها شركاء أو تُباع لمستثمر أو لجمهور من المصريين كلما أمكن وإذا لم نتمكن من هذا لا مانع من الاستثمار الأجنبي.
وأنا أفضل في الاستثمار الأجنبي أو العربي أن المستثمرين يأتون لينشأوأصلاًصل جديد، لكن عمليات الاستحواذ قد تعطيك دولارات اليوم، لكن تسبب مشكلة في المستقبل، لأنه وفقًا لقانون الاستثمار في نهاية كل سنة أنت مضطر أنت تحول إلى هؤلاء المستثمرين أرباحها إلا دولارات. وهذا سلوك سلطة تشتري الحاضر لتتخلى عن المستقبل.
هل أنت فعلًا مستعد للانتخابات الرئاسية التي قد نشهدها بعد 3 شهور؟
السلطة راغبة في ضغط الوقت جدًا؛ وبالتعبير الذي يستخدمه المصريون تخطف الوقت. لكن إذا جرت الانتخابات في ظروف غير المتوقعة فنحن قادرون على الفوز في هذه الانتخابات. ربما تصل السلطة إلى بطش أعلى ليوصلوا للناس أنه لا توجد انتخابات. لكن لو أنا مطمئن لالتزام السلطة بالقانون والتزامها بالتنافس الشريف كنت سأجيب على وجه القطع وقلت أن فرصنا هي الأكبر في الفوز بالانتخابات.
لكن لو قرروا استمرارهم في القمع فهذه ليست انتخابات.
لكنهم بدأوا في القمع ومستمرين فيه وخاصة بعد توقيف 36 عضوًا في حملتك الرئاسية.. أليس كذلك؟
الشعب المصري لديه القدرة على مواجهة هذا البطش والقمع. هم سجنوا 36 من حملتي، وهناك عشرات المحتجزين لا نعرف مصيرهم، منهم من يختفي يومًا أو يومين ويفرج عنه ومنهم من يحول إلى النيابة. بالتوازي مع هذا الإعلان عدد المتطوعين في حملتي زاد 3325 متطوعًا ليصل إجمالي العدد إلى 18 ألفا و334 متطوعا. هذا يحدث رغم البطش، والمنع الإعلامي، فالدعم يتزايد في الشارع أو على وسائل التواصل الاجتماعي. الناس ما زالت قادرة أن تعبر عن نفسها رغم هذه الدرجة من البطش.
هل تعتقد أن من يعرفونك هم جمهور وسائل التواصل الاجتماعي فقط بما أنك ممنوع من الظهور في الإعلام المصري؟
أكثر ناس تعرف الإجابة هي الأجهزة الأمنية التي تحاول أن تحول بيني وبين المواطنين. في أي شارع أو مكان عام أرى سيدات مصريات مُسنّات من مختلف الطبقات بيطبطبوا عليّا وبيدعوا لي. وهذا ليس غريبًا، هذه السيدة بالتأكيد لديها ابن يملك اتصالاً بوسائل التواصل الاجتماعي ومن الممكن أن يشاركها ما يحدث ويخبرها بأن تُصلي لهذا الرجل وتدعي له لأنه شبها ومننا عشان حالنا ده يتغير.