“مزيد من الانتهاكات نتعرض لها، في كل لحظة ننتظر دقات الباب واقتحام قوات شرطية للمنزل”. كانت تلك كلمات سعاد (اسم مستعار) وهي شقيقة أحد أعضاء حملة السياسي المصري أحمد الطنطاوي، الذي كان قد انتوى الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة؛ لكنه لم يوفق في حصد العدد المطلوب من التوكيلات الشعبية القانونية التي تؤهله لتقديم أوراق قبوله كمرشح محتمل.
ظنت سعاد وشقيقها أن الحال سيتحسن ورغبوا في مجاراة الأمل الذي بزغ لمدة شهرين فقط، قبل أن تتحول حياتهما لجحيم مستعر -حسب وصفها-، فشقيقها الأصغر احتجز ضمن قضية التوكيلات والتي باتت مسار حديث محلي، نتيجة رغبته في التغيير المحتمل. ووفق سعاد فإن ممارسة أي مصري لحقوقه السياسية باتت من رابع المستحيلات.
شقيق سعاد ومعه 22 آخرين قبض عليهم خلال الشهر الماضي، وهم من أعضاء الحملة الانتخابية للطنطاوي، قد أحيلوا اليوم إلى أولى جلسات محكمة جنح المطرية، في القضية رقم 16336 لسنة 2023 جنح المطرية والتي كانت مقيدة برقم 2255 حصر أمن دولة، لكن الجديد أن وضعت النيابة العامة اسم الطنطاوي كمتهم أول في القضية، ومعه محمد أبو الديار منسق حملته، كمتهم ثاني. وقد تقرر تأجيلها لجلسة 28 نوفمبر الجاري، للإطلاع وتقديم سند الوكالة عن المتهمين الأول والثاني، مع استمرار حبس باقي المتهمين.
ووجهت النيابة للمتهم الأول والثاني تهم الاشتراك والاتفاق بتداول إحدى أوراق العملية الانتخابية وتحريض المتهمين من الثالث إلى الأخير ومدهم بالنموذج وطباعة وتداول دون إذن من السلطة المختصة، فيما وجهت النيابة لباقي المتهمين اتهامات طباعة وتداول تلك الأوراق.
يقول محمد أبو الديار لـ”زاوية ثالثة” إنه قد حضر اليوم بصفته القانونية كممثل عن المتهمين من أعضاء الحملة؛ إلا أنه فوجئ بإدراجه والطنطاوي في القضية والتي تقرر تأجيلها لجلسة لاحقة. ويضيف: “رغم إحالة القضية لمحكمة الجنح العادية، إلا أن وكيل المدعي العام كان من نيابة أمن الدولة، وقد وجهت النيابة الاتهامات منذ البداية لـ23 متهمًا، أخلي سبيل اثنين منهم، ثم تمت إضافتي والطنطاوي اليوم، ليصبح عدد المتهمين على قيد القضية 23 شخصًا من الحملة”. معلقًا أن قضية التوكيلات تحركت من السلطة وفق المادة 65 من قانون مباشرة الحقوق السياسية والتي تمنع تداول أوراق خاصة بالعملية الانتخابية وتعتبرها جريمة يعاقب عليها القانون. رغم أن الدعوة التي وجهها الطنطاوي لتحرير استمارات شعبية لم تخالف القانون من الأساس ولم يحدث تزوير وفق ما تروج له السلطة.
ويعلق: “لم يصدر بحقنا بعد قرار ضبط وإحضار، لكنا توقعنا أن يتخذ النظام إجراءات لتقييد عملنا السياسي، فوفق قانون مباشرة الحقوق السياسية فإن أي عقوبة سالبة للحريات تصدر بحق مواطن تمنعه من الترشح مستقبلًا لمقعد رئيس الجمهورية حتى ولو تم رد اعتباره، وهي نفس القواعد التي لاحقت نجل الرئيس الأسبق جمال مبارك، لمنعه النهائي من الترشح للانتخابات في أي فترة”. مرجحًا أن يكون الحكم الصادر عبارة عن غرامة مالية بحق المتهمين في القضية؛ والتي تمنعهم وفق القانون من ممارسة حقوقهم السياسية لمدة خمس سنوات قادمة؛ وهو الأمر الذي يترتب عليه تعقيدات في تأسيس حزب “تيار الأمل” الذي أعلن عنه الطنطاوي منذ وقت قريب. مضيفًا: “لعبة تمارسها السلطة لمنعنا من استكمال طريق الأمل وتحقيق كيان سياسي حقيقي”.
وأعضاء الحملة المقبوض عليهم هم: محمد إسماعيل، محمد كمال، إبراهيم نبيه، علاء محمود، علي رشدي، محمود الريفي، رقية مصطفى، أحمد عبد العال، عبد الرحمن شحاته، علي عبده، أحمد السيد، أحمد حمدي، هاجر دسوقي، أحمد عبد السلام، محمد الشاطوري، أحمد ماضي، سيد الشريعي، أسامة فوزي، محمود عبد الستار، عبد الله عبدالعال، شيماء ماهر.
لكن ما هي قضية التوكيلات الشعبية؟
بعد أن قوبلت حملة الطنطاوي بالكثير من الانتهاكات التي سبق وأن رصدناها في “زاوية ثالثة”، لجأت إلى ما يعرف بالاستمارات الشعبية، وقرروا طباعة نموذج (4)، وهو نموذج التوكيل الذي أعدته الهيئة الوطنية للانتخابات، وطرحه على المواطنين الراغبين في توكيل الطنطاوي أمام مكاتب الشهر العقاري، طالما يتم منعهم من تحرير التوكيل في داخله، على أن يتم تقديم تلك الاستمارات للهيئة الوطنية لاحقًا، في نوع من تقديم أدلة تثبت بطلان الإجراءات التي يتخذها النظام في مواجهة إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وقد جمعت الحملة آلاف من التوكيلات المطبوعة، وبعد ملاحقة أعضائها، استحدثت فكرة الاستمارات الإلكترونية والتي لاقت رواجًا وتلقت الحملة عشرات الآلاف من تلك الاستمارات المؤيدة. ووفق قانونيين فإن تلك الاستمارات الشعبية لا تخالف القانون، مشبهين إياها باستمارات تمرد التي جاءت بالسلطة الحالية إلى سدة الحكم.