الحاكم العسكري يصدق على سجن عبد المنعم أبو الفتوح 15 سنة

صدق الحاكم العسكري أمس الأحد 22 أكتوبر، على سجن رئيس حزب مصر القوية، والمرشح الرئاسي الأسبق عبد المنعم أبو الفتوح، 15 سنة؛

صدق الحاكم العسكري أمس الأحد 22 أكتوبر، على سجن رئيس حزب مصر القوية، والمرشح الرئاسي الأسبق عبد المنعم أبو الفتوح، 15 سنة؛ وعلى نائب رئيس الحزب، محمد القصاص، والقيادي الطلابي معاذ، الشرقاوي، 10 سنوات، في القضية 1059 لسنة 2021.

في مايو 2022 صدر الحكم ضد أبو الفتوح ونائبه محمد القصاص، والمذيع بشبكة الجزيرة أحمد طه القاضي و19 آخرين، من محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ لاتهامهم بالإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتولي قيادة بجماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، في القضية رقم 440 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا.

على الرغم من إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي إلغاء حالة الطوارئ اعتبارًا من الثلاثاء 26 أكتوبر 2021، إلا أن أثر القرار لم يسري على هذه القضية نظرًا لإحالتها إلى المحكمة في ظل تطبيق حالة الطوارئ.

أبو الفتوح: السجن خير لي من العيش في قصور لندن

“أن أعيش في سجن أبي زعبل خير لي من أن أعيش في قصر من قصور لندن”. كانت هذه آخر كلمات قالها المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب مصر القوية، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، خلال حواره مع قناة الجزيرة بلندن، والذي كان قد اشترط على القناة قبله أن يكون المحاور مصريًا وصحفيًا مهنيًا ليس لديه اتجاه سياسي لايمانه بأن الإعلام لا يجب ان يكون مسيسًا كما قال للمحاور حينها. في اليوم التالي من رجوعه إلى مصر تم اعتقاله، تحديدًا في 14 فبراير 2018، ومنذ ذلك الوقت وهو في حبس انفرادي مستمر. 

يقول الدكتور محمد البرادعي الحاصل على جائزة نوبل للسلام في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “إكس” أنه “طبقًا لقواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجناء فإن السجن الانفرادي هو إجراء عقابي استثنائي ولا يجوز أن يتعدى أكثر من ١٥ يومًا”.

يقول أحد أعضاء فريق الدفاع عن عبد المنعم أبو الفتوح. “في السابق كان نظام مبارك يقمع لكنه يحاول إظهار احترامه للقوانين، أما النظام الحالي لا يعترف بالقوانين أصلًا ويعتبرها عبث، ولا يترك مجالًا لنا لنقول أن اعتقال الدكتور (عبد المنعم الفتوح) هو إجراء غير قانوني وأن حبسه انفراديًا كل هذه السنوات مخالف للدستور والقوانين وقواعد الأمم المتحدة.

 

من هو  عبد المنعم أبو الفتوح؟

عبد المنعم أبو الفتوح، 71 عامًا، هو مرشح سابق لرئاسة الجمهورية وكان قد حصل على عدد أصوات 4 ملايين و65 ألفًا و239 صوتًا من المصريين. وحاليًا مسجونًا انفراديًا في سجن مركز إصلاح وتأهيل بدر بعد أن حكم عليه بالسجن المشدد 15 عامًا في القضية 1781 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا المتهم فيها بنشر أخبار كاذبة والتحريض ضد مؤسسات الدولة.
كان عبد المنعم أبو الفتوح شخصية قيادية بارزة داخل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لكنه انشقّ عنها وترشح للرئاسة في عام 2011، وكان واحدًا من أشد المنتقدين لسياسات جماعة الإخوان المسلمين حينها، ومع ذلك اتهمته وسائل إعلام مصرية عديدة بالانتماء إليها. حصل على بكالوريوس طب من كلية القصر العيني، ومُنع من التعيين لنشاطه السياسي، واعتقل ضمن اعتقالات سبتمبر1981 الشهيرة، ثم حصل على ماجيستر إدارة المستشفيات بكلية التجارة في جامعة حلوان.

اعتقل أبو الفتوح في عام 1981 في عهد الرئيس المصري أنور السادات ضمن اعتقالات سبتمبر الشهيرة بسبب موقفه المعارض لاتفاقية كامب ديفيد، ثم اعتقل مرة أخرى وحوكم في المحاكم العسكرية، وسجن خمس سنوات أخرى في عهد الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك بسبب انتمائه للجماعة ونشاطاته السياسية، حصل خلال فترة سجنه على اجازة في الحقوق من جامعة القاهرة.
وفي 8 فبراير 2018 سافر الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح إلى المملكة المتحدة وقطر وقام بالمشاركة في برامج لقناة الجزيرة القطرية وقناة  BBC العربية. وفي 14 فبراير 2018 نشر نجل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي مفادها قيام قوات الأمن القبض على والده و 6 من قيادات المكتب السياسي لحزب مصر القوية من داخل منزلهم فى التجمع الخامس واقتيادهم الى احد الجهات الأمنية قبل أن يتم إطلاق سراح قيادات المكتب السياسي والإبقاء على الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح.  وفي 25 فبراير 2018، قرر النائب العام المصري نبيل صادق التحفظ على أموال رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح و15 آخرين بتهمة ممارسة “أنشطة إرهابية”.

يعتبر الكثيرون أن أبو الفتوح من الاسلاميين المعتدلين والمؤمنين بالديمقراطية، ودائمًا ما يؤكد في خطاباته على أهمية العدالة الاجتماعية مع خطط للتنمية والأمن، وعن أهمية استبعاد الجيش من الحياة السياسية واكتفاؤه بحماية حدود مصر، وعن أن جماعة الاخوان المسلمين أيضًا يجب أن تبتعد عن السياسة وتتحول إلى جماعة دعوية فقط.

اعتقال غير قانوني

تقدم المحامي أحمد أبو العلا ماضي بصفته وكيلا عن رئيس حزب “مصر القوية” وذكر الطلب، الذي حمل الرقم 49369 لسنة 2023 عرائض المكتب الفني للنائب العام، أنه “يجب إخلاء سبيل موكله عبد المنعم أبو الفتوح فورًا وجوبياً لسقوط حبسه وتوقفه منذ 11 شهرًا، وتحديدا منذ 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بالقضية المحبوس على ذمتها”.

وأوضح أنه “لم يتم التصديق على الحكم الصادر ضده في القضية الثانية التي حصل فيها على حكم بالإدانة، بوصفها جناية أمن دولة طوارئ لإحالته مفرجاً عنه فيها، ولا يتم الاعتداد بالحكم وتنفيذه إلا بالتصديق عليه”

 

أوضاع صحية سيئة

قال أحمد أبو الفتوح نجل عبد المنعم أبو الفتوح، إن والده كتب وصيته في رسالته الأخيرة للعائلة. وفي منشوره على موقع فيسبوك، اتهم نجل أبو الفتوح أشخاصًا “لا يعرفون معنى الشرف” بالرغبة في الانتقام من والده وقتله بدم بارد، حسب تعبيره، من دون الإشارة إلى أسماء هؤلاء الأشخاص.

ويعاني أبو الفتوح من تكرار تعرضه لأزمات قلبية، بخلاف أمراض أخرى، وترفض السلطات المصرية مطالبات أسرته ومحاميه المتكررة بنقله إلى المستشفى على نفقة أسرته، لتمكينه من الرعاية الطبية الضرورية التي لا تتوفر في محبسه.
تعرض الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لستة ذبحات صدريه فى فترات متقاربة اثناء احتجازه، ويزيد من سوئها نقص التهوية داخل مكان احتجازه. وبحسب بلاغ تقدم به المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومركز عدالة للحقوق والحريات في عام 2019 “يعتبر تكرار هذه النوبات مؤشر خطر جدًا لاحتمال إصابته بجلطه فى القلب وضيق فى الشرايين التاجيه، ومع الوقت قد يؤدى ذلك إلى موت أجزاء من عضله القلب وفشل فى أداء وظيفته، مما يتطلب إجراء فحوصات طبية عاجله وحجز برعاية قلبية، كما إنه من الضروري وجود مرافق معه لإسعافه داخل محبسه”. بحسب البلاغ ذاته يعاني الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من تضخم البروستاتا، وكان قد تقرر للدكتور إجراء عملية جراحية قبل القبض عليه في فبراير 2018، ومع الاهمال الطبي ازداد تضخم البروستاتا بشكل كبير، مما أدى إلى احتقان شديد وتأثيرات سلبية على الكلى والمثانه، وصعوبة أثناء التبول، ويحتاج حالياً إلى تدخل جراحى عاجل لوقف تدهور حالته المرضية. كما يعاني من مرض سكر الدم، والذى يؤدى الى نوبات من الارتفاع او نوبات من الهبوط المفاجئ، وأثناء احتجازه يصعب ضبط مستوى السكر المثالى لعدم توفر الغذاء الصحى داخل السجن.

معاقبته بالأسرة

بعد احتجاز الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، تمت إضافة نجله إلى ذات القضية بتهمة انضمامه إلى جماعة إرهابية ، بالإضافة إلى إدراجه مع والده على قوائم الإرهاب في فبراير2018. ورغم الطعن على ذلك القرار وإلغائه في فبراير2020، لم يحدث تجاه ابنه أي تغيّر في الناحية القانونية، فظل وضعه القانوني كشخص مُدرج على تلك القوائم، فهو ممنوع من الحقوق السياسية، وممنوع من إجراء تعاملات بيع وشراء موثّقة بشكل رسمي، وممنوع أيضا من استخراج جواز سفر، كذلك يمنعه القرار من التعيينات في القطاع الحكومي، ورصيده البنكي متحفّظ عليه، وجُمّدت الأصول المملوكة له، وتوقفت عضويته في النقابات ومجالس إدارات الشركات والنوادي وأي كيان مخصص لمنفعة العامة، وغير ذلك من آثار الإدراج على قوائم الإرهاب. ثم تمت إعادة إدراجه على قوائم الإرهاب مرة أخرى بقرار جديد في 23 يناير 2021. 

كما تم منع نجله الآخر من السفر عدة مرات، فلم يتمكن من العودة إلى عمله في الخارج، الذي كان يشغله منذ عام 2009، وفي وقت لاحق عام 2019 تعرّض للفصل من عمله داخل مصر في إحدى شركات القطاع الخاص، حيث أُبلغ حينها أن ذلك الفصل جاء “بناء على طلب أمني”، وإذا تقدّم لوظيفة وقُبِل فيها يتم التراجع عن توظيفه.

وجرت العادة الأمنية في مصر أن يتم اعتقال الأهالي عقابًا على نشاط أحد أفراد الاسرة السياسي أو الحقوقي أو الصحفي، على سبيل المثال اعتقلت قوات الأمن 12 فردًا من أفراد عائلة النائب السابق أحمد طنطاوي والمعارض البارز والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة، كذلك اعتقلت السلطات الأمنية والد الصحفي أحمد جمال زيادة في محاولة لإسكات صوته كما قالت هيومان رايتس ووتش. ويمنكم الاطلاع على مزيد من التفاصيل عن اعتقال الأهالي في تقريرنا الحرب القذرة في مصر: إسكات المعارضين في الخارج باعتقال أهاليهم.

يذكر أنه مصر أطلقت حوارًا سياسيًا وطنيًا قالت السلطات إنه يهدف إلى وضع خطط لمستقبل البلاد بما فيها تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وأن هذا الحوار كان قد أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل 2022  وكان السيسي قد وجه رسالة مسجلة إلى الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني قال فيها: “أحثكم على بذل جهد كبير لإنجاح تجربة الحوار الوطني، وإن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية”.

ووصفت سبع منظمات حقوقية  “السنوات العشر الماضية من حكم مصر هي العقد الأسوأ في مجال حقوق الإنسان في مصر”.  وذكرت المنظمات، أنه قبل عشر سنوات، طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، من المواطنين المصريين في خطاب عام؛ منحه تفويضًا لمواجهة العنف والإرهاب المحتمل، وأنّ هذا “تحول إلى تفويض بالقمع مهد الطريق لمذبحة رابعة في أغسطس 2013، حيث قُتل أكثر من 800 متظاهر على أيدي قوات الأمن”. وأن “خطاب التفويض سمح للسلطات بتوظيف الذرائع الأمنية لتعزيز قبضتها، وإسكات وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني، والقضاء على كافة أشكال المعارضة، بما في ذلك المعارضة السلمية؛ إسلامية أو علمانية”.

Search