من هي الفلسطينية “مريم أبو دقة” التي قررت فرنسا ترحيلها إلى القاهرة ولماذا؟

ريم أبو دقة ناشطة “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” التي تصنفها إسرائيل والاتحاد الأوروبي “إرهابية”. وتعد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحد أبرز التنظيمات اليسارية في الساحة السياسية الفلسطينية، ركزت عملياتها منذ 1967 في الداخل الفلسطيني، وعارضت لاحقًا اتفاقية أوسلو مع إسرائيل، وتأسست على يد مجموعة من القوميين العرب وبعض المنظمات الفلسطينية التي كانت منتشرة حينها.
أحمد جمال زيادة

قامت الشرطة الفرنسية بتوقيف الناشطة الفلسطينية مريم أبو دقة (72 عامًا) بعدما سمح مجلس الدولة الأربعاء بترحيلها، وعلمت زاوية ثالثة أن الناشطة الفلسطينية ستصل إلى مطار القاهرة الدولي في ساعة متأخرة من مساء اليوم السبت.

لماذا أمرت فرنسا بطردها؟
مريم أبو دقة ناشطة “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” التي تصنفها إسرائيل والاتحاد الأوروبي “إرهابية”. وتعد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحد أبرز التنظيمات اليسارية في الساحة السياسية الفلسطينية، ركزت عملياتها منذ 1967 في الداخل الفلسطيني، وعارضت لاحقًا اتفاقية أوسلو مع إسرائيل، وتأسست على يد مجموعة من القوميين العرب وبعض المنظمات الفلسطينية التي كانت منتشرة حينها.

كانت أبو دقة قد وصلت إلى  فرنسا بشكل قانوني في نهاية سبتمبر، إلا أنه أثار حفيظة اليمين المتطرف في فرنسا، والذي عارض نشاطاتها ودعوتها لحضور ندوات داخل مؤسسات فرنسية مرموقة.
وسبق أن نشرت سفارة الاحتلال الإسرائيلي بيانا استنكرت فيه زيارة المسؤولة الفلسطينية لفرنسا وإلقائها محاضرات زعمت بأنها معادية للسامية.  ووضعت أبو دقة قيد الإقامة الجبرية في فندق بمدينة مرسيليا لمدة 45 يومًا، بقرار من وزير الداخلية جيرالد دارمانان، وذلك في أثناء سفرها عبر فرنسا لحضور سلسلة من 15 مؤتمرا -تم التخطيط لها منذ فترة طويلة- عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكان قرار الإقامة الجبرية قائمًا حتى ترحيلها من فرنسا.
وكانت  رئيسة مجلس الأمة يائيل براون بيفيه عارضت بشكل قاطع حضور مريم أبو دقة إلى المنصة التي دعيت لها من قبل حزب “فرنسا الأبية” بمناسبة عرض الفيلم الوثائقي “يلا غزة” الذي شاركت فيه، كما هي الحال بالنسبة لبيير ستامبول.

وقالت بيفيه “إن إعطاء الكلمة لشخص عضو في منظمة إرهابية في الجمعية الوطنية من شأنه أن يوفر منصة للعنف والكراهية، ومن شأنه أن يقوض بشكل خطير مبادئنا الديمقراطية، خاصة في ظل الوضع الحالي في الشرق الأوسط”.



تنديد بالتضييق الفرنسي

نددت جمعيات فرنسية بالتضييق المتواصل التي تمارسه السلطات الفرنسية بحق المناضلة الفلسطينية، مريم أبو دقّة، والأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية.
وقالت “جمعية فرنسا فلسطين تضامن”، في بيان اليوم نشره كذلك “الاتحاد اليهودي من أجل السلام” على موقعه الإلكتروني، إن أبو دقّة، المعروفة على الصعيد العالمي بنضالها من أجل حقوق المرأة، تعرضت لاعتقال عنيف على يد الشرطة الفرنسية. وندد البيان باعتقال الناشطة الفلسطينية على يد شرطة بلاد تدعي أنها “صديق للشعب الفلسطيني، في وقت استشهد عدد كبير من أفراد عائلتها جراء الغارات الجوية، التي لا تفرق بين أحد، والتي تشنها إسرائيل ضد أهالي غزة”.وأضاف البيان أن اعتقال أبو دقّة يأتي “بينما تتابع، بقلق بالغ، أوضاع أفراد عائلتها المهددين بالموت في كل دقيقة والمحرومين من كل سبل البقاء على قيد الحياة”.

وأشار البيان إلى أن المناضلة الفلسطينية حلت بفرنسا، بناء على دعوة وجهتها لها عدة منظمات تعنى بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، بما فيها “جمعية فرنسا فلسطين تضامن”، من أجل المشاركة في سلسلة ندوات تخص مشوارها في الدفاع عن حقوق المرأة بغزة.

من هي مريم أبو دقة؟

وُلدت مريم محمود محمد أبو دقة في بلدة عبسان الكبيرة في محافظة خانيونس في الثالث والعشرين من يوليو عام 1952. درست المرحلة الأساسية في مدرسة أبو نويرة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومدرسة العودة الحكومية في بلدة عبسان، والمرحلة الثانوية في مدرسة عز الدين القسام في مدينة غزة، وحصلت على شهادة الثانوية العامة من دولة اليمن عام 1971، ونالت درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الفلسفة والعلوم الاجتماعية من جمهورية بلغاريا بين عامي (1983 – 1991).

انتسبت للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية منذ عام 1965، وانتمت إلى الجبهة الشعبية عام 1967، وشاركت في نشاطاتها في فلسطين والأردن، وانتقلت إلى لبنان عام 1972، وأصبحت مسؤولة لفصيل عسكري في لبنان، وشاركت ضمن وفد فلسطيني في مهرجان الشبيبة العالمي في دولة كوبا عام 1981، وأشرفت على تأسيس منظمة الشبيبة الفلسطينية التابعة للجبهة الشعبية عام 1981، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية 1981، وكانت ممثلة للجبهة الشعبية في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية. انتقلت إلى سوريا عام 1982، وكانت إحدى قيادات الجبهة الشعبية فيها، ثمَّ انتقلت إلى العراق، ثمَّ إلى ليبيا، وكانت أمين سر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في ليبيا عام 1983.

أسست منظمة المرأة الأممية في بلغاريا عام 1984، وحصلت على عضوية فخرية من الاتحاد الديمقراطي النسائي البلغاري عام 1985، وأصبحت عضو في اللجنة المركزية للجبهة الشعبية عام 1992، وعضو في المجلس الوطني منذ عام 1995، وعادت إلى فلسطين عام 1996 عبر تصريح زيارة من أهلها، واختيرت عضوا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 2000، وكانت مسؤولة اللجنة العليا لدعم الانتفاضة الثانية، وتجمع القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية.

كتبت أبو دقة عددا من الأبحاث منها: آثار التعذيب النفسي والجسدي بعيد الأمد على الأسيرات المحررات (مشترك)، والتأثير النفسي والاجتماعي على الأسيرات من واقع السيرة الذاتية (مشترك)، ومن كتبها: الأسيرات المحررات الفلسطينيات بين الواقع والمأمول (مشترك، 2014)، والمشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية (مشترك)، وشاركت في العديد من الندوات في الجامعات الفلسطينية، ومثلت الأسرى والأسيرات في عدد من المؤتمرات الدولية.

ترفض اتفاق أوسلو، وتعتبر أن الاعتراف بدولة الاحتلال هو تنازل عن حق الفلسطينيين التاريخي، فكل فلسطين للفلسطينيين، ومن وقَّع الاتفاق كان مجحفا بحق الشعب الفلسطيني، وترى أن الانقسام أخطر شيء واجه المشروع الوطني الفلسطيني، وهو النكبة الأولى للفلسطينيين على عكس نكبة 48 التي وحدَّت الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وتدعو إلى إنهائه، وتعتقد أنَّه لا يمكن للفلسطينيين الانتصار دون أن يكونوا موحدين، وتعتبر منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والشراكة والتعددية مبدآن ضروريان من أجل تحقيق هدف التحرير، ولا يمكن إقصاء أحد، والانتخابات وفق قانون التمثيل النسبي هي البوابة الأولى من أجل إعادة اللُحمة الوطنية، وتؤيد المقاومة بكافة أشكالها، وخصوصاً وأنَّها حق كفلته كافة الشرائع والمواثيق الدولية، على أن يتم تحديد الزمان والمكان وشكل المقاومة بما يتناسب مع ظروفها وتقديراتها، وتنادي بتحرير كامل تراب فلسطين التاريخية، وعودة اللاجئين لديارهم التي هُجِّروا منها.

 

أحمد جمال زيادة
صحفي استقصائي مصري؛ رئيس تحرير زاوية ثالثة، حاصل على ماجستير علوم سياسية وعلاقات دولية من جامعة بروكسل الحرة، وعلى ليسانس تاريخ وحضارة من جامعة الأزهر بالقاهرة، عضو نقابة الصحفيين المصريين. يكتب في ملفات السياسة والحقوق والاقتصاد.