عبرت أوّل قافلة مساعدات إنسانيّة إلى قطاع غزّة عبر معبر رفح اليوم السبت 21 أكتوبر 2023. القافلة الّتي تتكوّن من 20 شاحنة كانت محمّلة بأدوية ومستلزمات طبّيّة وموادّ غذائيّة محدودة.
قالت الأمم المتّحدة اليوم، إنّ المساعدات تأتي بعد أيّام من المفاوضات المكثّفة مع جميع الأطراف المعنيّة لضمان استئناف وصول المساعدات إلى غزّة في أسرع وقت ممكن وبظروف مناسبة.
قال المتحدّث باسم الأمم المتّحدة ستيفان دوجاريك، إنّ القافلة الّتي تحمل “الإمدادات المنقذة للحياة” ستستقبل في غزّة من قبل الهلال الأحمر الفلسطينيّ بدعم من الأمم المتّحدة. وأكّدت منظّمة الصحّة العالميّة أنّ أربع من الشاحنات كانت تحمل الأدوية وغيرها من الضروريّات المتعلّقة بالصحّة، وحذّرت من أنّ الشحنات الّتي ستسلّم يوم السبت “لن تكون كافية إطلاقًا”. وقالت في بيان: “هناك حاجة ماسّة إلى عمليّة مساعدات موسّعة ومحميّة”.
وأعرب منسّق الشؤون الإنسانيّة في الأمم المتّحدة، مارتن جريفيث، عن ثقته بأنّ القافلة – الّتي قال إنّها نتيجة أيّام من المفاوضات المكثّفة لضمان نقل المساعدات “في الظروف المناسبة” – كانت بداية لعمليّة أكثر استدامة.
ولم يعرف ما إذا كان الاحتلال الإسرائيليّ قد فتّش الشاحنات قبل انتقالها إلى غزّة، وهو مطلب رئيسيّ قدّمته دولة الاحتلال. وقال دبلوماسيّون مطّلعون على المفاوضات إنّه من المرجّح أن يواصل المفتّشون الإسرائيليّون الضغط لتفتيش أيّ شحنات مساعدات مستقبليّة.
وقال العديد من المسؤولين والدبلوماسيّين التابعين للأمم المتّحدة والأوروبّيّين المطّلعين على المحادثات حول فتح المعبر إنّ القلق الرئيسيّ الّذي عبّرت عنه الحكومة الإسرائيليّة هو عدم تعزيز المساعدات أو وقوعها في أيدي حماس، الّتي قتلت أكثر من 1400 شخص، واحتجزت حوالي 200 رهينة. في هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر.
ومع تدهور الوضع في غزّة، يستعدّ جيش الاحتلال لهجوم برّيّ في القطاع. ولم يكن توقيت أيّ غزو معروف، لكنّ الاحتلال كان يحشد قوّاته بالقرب من الحدود. وقال محلّلون عسكريّون إنّ الحملة الموسّعة قد تؤدّي إلى خسائر فادحة في الجانبين.
هل القافلة الأولى كافية؟
يعيش أكثر من مليوني شخص في غزّة، الّتي تعاني نقص الغذاء والكهرباء والمياه منذ أن فرضت دولة الاحتلال حصارها الشامل. إذا نظرنا إلى آخر عدوان إسرائيليّ على غزّة، والّذي يعود إلى مايو 2021، نجد أنّه أسفر عن 279 من الضحايا، بينهم 69 طفلًا، و40 سيّدة، و17 مسنًّا؛ وبعد أن فتحت مصر المعبر حينها، قدّمت الأخيرة (وحدها) 130 شاحنة مساعدات محمّلة بعدد 2500 طنّ موادّ غذائيّة وأدوية، وألبان أطفال، وملابس، ومفروشات، وأجهزة كهربائيّة، وذلك وفق ما أطلقت عليه صحيفة اليوم السابع “تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتّاح السيسي بدعم الأشقّاء الفلسطينيّين بقطاع غزّة”.
في عام 2022، عبرت 38 ألف شاحنة من مصر عبر معبر رفح إلى غزّة، وفي الأيّام الطبيعيّة يعمل معبر رفح نحو 250 يومًا في العام، بواقع 3 أيّام من كلّ أسبوع، أي أنّ العام الماضي عبر إلى القطاع نحو 152 شاحنة في اليوم الواحد.
وهو ما يعني أنّ 20 شاحنة محمّلة بالأدوية والأدوات الصحّيّة والقليل جدًّا من الموادّ الغذائيّة لا تكفي في ظلّ وضع إنسانيّ متأزّم، فبدون حرب أصلًا، تقول كشفت وكالة “أونروا” أنّ أكثر من 68% من العائلات في قطاع غزّة يعانون مستويات حادّة أو معتدلة من انعدام الأمن الغذائيّ، في حين تعاني نحو 72% من اليافعات في غزّة من نقص في فيتامين “د”، و64% من نقص في فيتامين “أ”، ومن شأن أيّ تعطيل في إيصال المعونات الغذائيّة العينيّة أن يزيد تفاقم هذه الأوضاع.
علّق المكتب الإعلاميّ الحكوميّ بغزّة على المساعدات الإغاثيّة بقوله “نحذّر من أنّ هذه القافلة المحدودة لن تستطيع تغيير الكارثة الإنسانيّة الّتي يعيشها أهالي القطاع”. وأنّ مشافي غزّة “لا توجد بها حتّى الآن آليّة لنقل المصابين للخارج عبر المعبر لتلقّي العلاج اللازم”.
وبحسب “وكالة الأمم المتّحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى” (الأونروا)، يعتمد حوالي 80% من سكّان غزّة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة على المساعدات الإنسانيّة.
قمّة القاهرة للسلام
أعلن الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي، السبت، عن مساعي عربيّة للتوافق على خارطة طريق بشأن فلسطين “تبدأ بإرسال مساعدات إغاثيّة، ثمّ وقف إطلاق نار، وصولًا لدولة فلسطينيّة مستقلّة”.
جاء ذلك في كلمة السيسي في افتتاح “قمّة القاهرة للسلام” المنعقدة حاليًّا في العاصمة الإداريّة الجديدة شرقيّ العاصمة المصريّة، في ظلّ تصاعد القصف الإسرائيليّ على غزّة وبدء دخول المساعدات إلى القطاع عبر معبر رفح الحدوديّ مع مصر.
وقال الرئيس المصريّ “وجّهت لكم الدعوة اليوم لنناقش معًا، ونعمل على التوصّل إلى توافق محدّد، على خارطة طريق (..) تستهدف إنهاء المأساة الإنسانيّة الحاليّة، وإحياء مسار السلام من خلال عدّة محاور”.
وأضاف “تبدأ تلك المحاور بضمان التدفّق الكامل والأمن والسريع والمستدام للمساعدات الإنسانيّة لأهل غزّة، وتنتقل فورًا إلى التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار”.
وتتمثّل الخطوة الثالثة، في “البدء العاجل في مفاوضات لإحياء عمليّة السلام، وصولًا لإعمال حلّ الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينيّة المستقلّة سويًّا مع إسرائيل، على أساس مقرّرات الشرعيّة الدوليّة”.
وأكّد السيسي أنّ خارطة الطريق تشمل “العمل بجدّيّة على تدعيم السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة الشرعيّة، للاضطلاع بمهامّها بشكل تامّ في الأراضي الفلسطينيّة”. وأضاف أنّ “تصفية القضيّة الفلسطينيّة دون حلّ لن يحدث على حساب مصر أبدًا”.
وتستضيف الحكومة المصريّة قمّة في القاهرة تهدف إلى وقف تصعيد الحرب. ويحضر المؤتمر ممثّلين عن العالم العربيّ والدول الغربيّة.
وأطلقت حماس يوم الجمعة سراح رهينتين أمريكيّتين بعد وساطة قطريّة كانت تحتجزهما بعد محادثات مع قطر. وعملت البلاد كوسيط بين حماس والولايات المتّحدة. وتعرّف عليهما على أنّهما جوديث رعنان، 59 عامًا، وابنتها ناتالي رعنان، 17 عامًا، تعيشان في منطقة شيكاغو.