مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد: خطوة نحو العدالة أم تقييد للحريات

مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد وتداعياته على الحبس الاحتياطي وحقوق الدفاع والحريات المدنية في مصر، وسط الجدل القانوني والاجتماعي حول مواده وتطبيقاته.
Picture of زاوية ثالثة

زاوية ثالثة

عقدت اللجنة التشريعية بمجلس النواب المصري، اجتماعًا، لمناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، المُعد من قبل لجنة فرعية منبثقة عن اللجنة التشريعية. يأتي ذلك بالتزامن مع إعداد القاهرة تقريرها بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر، الذي سيتم عرضه في المراجعة الدورية الشاملة أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في جنيف، أكتوبر المقبل.

ويتزامن مشروع القانون الجديد، مع تصاعد الاحتجاجات بسبب تزايد أزمة الحبس الاحتياطي في مصر، خاصة وأن قانون الإجراءات الجنائية لم تطرأ عليه تعديلات جوهرية بعد نسخته الأخيرة قبل 74 عامًا، ففي العام 1950، صدر القانون رقم (150)، وجاء التعديل الأخير له في سبتمبر من العام 2020. لكن القانون أصبح مثار جدل واسع في الأوساط الحقوقية والشعبية بعد أن توسعت السلطة في قضايا الحبس الاحتياطي، وتزايد أعداد المحتجزين احتياطيًا.

على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أروقة المحاكم، يتزايد غضب المحامين الذين أعلنوا عبر صفحاتهم الشخصية والعامة عن احتجاجهم لمسودة مسربة عن مشروع القانون الجديد، وسط تساؤلات حول عدد من المواد التي وصفوها بـ “الكارثية”، إذ تمحورت تعليقات حول المادتين (69، 72) من القانون، وانتقدوا هيمنة نادي القضاة على وضع تشريعات خاصة وإجراء تعديلات على القانون/ القوانين دون الاستعانة بممثلين عن النقابة العامة للمحامين في القاهرة، التي تعد طرفًا أصيلًا في أية تعديلات يجب أن تتخذ. علقت صفحة مشاكل محامين مصر على المادتين في منشور، وتساءلت: “المادة 69 من القانون تفتح الباب على مصراعيه أمام النيابة لإجراء التحقيق في غيبة الخصوم، في حين أن المادة 72 من القانون تحظر على المحامين الحديث إلا بإذن من وكيل النيابة، وتسمح فقط بتقديم دفاع مكتوب. يمثل ذلك تعدٍ صارخ على ح الدفاع وحريات الأفراد”.

وفق المسودة المسربة من مشروع القانون، تنص المادة (69) على أنه: “يجوز للمتهم والمجني عليه والمدعي عليه بالحقوق المدنية والمسئول عنها ووكلائهم أن يحضروا جميع إجراءات التحقيق، ويجوز لعضو النيابة العامة أن يجري التحقيق في غيبتهم متى رأى ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة، وفور الانتهاء من تلك الضرورة يمكنهم الاطلاع على التحقيق، وله في حالة الاستعجال أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم، ولهؤلاء الحق في الاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات. ويحق للخصوم اصطحاب وكلائهم في التحقيق”. أما المادة (72) فتنص على: “يجوز للخصوم ووكلائهم أن يقدموا إلى عضو النيابة العامة الدفوع والطلبات التي يرون تقديمها، وفيما عدا ذلك لا يجوز لوكيل الخصم الكلام إلا إذا أذن له وكيل النيابة العامة، فإذا لم يأذن وجب إثبات ذلك في المحضر”.

برزت تعليقات الناشطين الحقوقيين والعاملين في منظمات المجتمع المدني والسياسيين، خلال الأيام القليلة الماضية، منتقدة مواد الحبس الاحتياطي، إشارة إلى ملف سجناء الرأي الذي لم يحل حتى هذه اللحظة، رغم خروج توصيات من جلسات الحوار الوطني، أشاد بها عدد من صناع القرار والسياسيين الموالين للسلطة، خاصة وأن الرئيس عبدالفتاح السيسي أصدر أوامره بإحالتها للحكومة لدراستها وتنفيذها.

يقول المحامي الحقوقي، محسن بهنسي لزاوية ثالثة، إن مشروع القانون الحالي أثيرت حوله نفس الدعاية التي أثيرت سابقًا على التعديلات التي عرفت بـ “قانون عدلي منصور” في عام 2013، إذ حددت مدة الحبس الاحتياطي بعامين، واصفًا المشروع الجديد بـ “الهزلي” وبأنه منفصل عن الواقع المرير للتقاضي والسجون المصرية. معتبرًا أن الحوار الوطني “هش” وفق وصفه، ولا يجب تصديق القائمين عليه، إذ أنه يجب بداية أن يعترفوا بأن قانون عدلي منصور الساري حاليًا لم يخرج إلا ملاحقة لجماعة الإخوان المسلمين حينئذٍ، وأسهم في اغتيال الحريات العامة والحقوق المدنية.

فيما يعلق المحامي الحقوقي ممدوح جمال في حديثه معنا، على نصوص القانون المقترح المتعلقة بحضور المحامين للتحقيقات. يقول: “ما نصت عليه المادة (531) من مشروع القانون تعد انتهاكًا جسيمًا لحقوق الدفاع، لنصها على أن لمحامي المتهم الحضور معه في مكان تواجده، وأثناء إجراءات التحقيق والمحاكمة عن بعد، وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه أثناء اتخاذ تلك الإجراءات، بما يعني أن المحامين سوف يباشرون أعمالهم من مراكز الإصلاح والتأهيل – السجون سابقًا- ومن أقسام الشرطة وليس من أروقة المحاكم والنيابة العامة؛ ما يجعل دفاع المتهم تحت سلطان رجال السلطة العامة، ويعد انتهاكًا جسيمًا للدستور وقانون المحاماة”.

 

حجب بيانات الشهود عن المتهم ودفاعه

تمحورت التعديلات المقترحة التي تم إجراؤها على قانون الإجراءات الجنائية الجديد، مقارنة بالنسخة القديمة منه، حول عدة أشكال؛ تعديل شكلي بتغيير باستبدال بعض الجمل بأخرى، لا يترتب عليها أي أثر قانوني، وتعديل شكلي بضم بعض المواد ودمجها معًا، وأيضًا- لا يترتب عليها أي أثر قانوني، وآخر شكلي بتغيير ترقيم الفصول والمواد، ثم تعديلات جوهرية تفي بنقل مباشرة الإجراءات أثناء التحقيقات من جهة إلى أخرى، يترتب عليها آثارًا قانونية، وآخر جوهري بإدخال الجهات الممثلة لوزارة الصحة كطرف في رابطة تحقيق العدالة الجنائية.

أيضًا- هناك تعديل جوهري فيما يخص حجب بيانات الشهود عن المتهم ودفاعه، وآخر جوهري بإدخال وسائل الاتصال عن بعد في الإجراءات الجنائية، وأخيرًا تعديلات فيما يخص رفع تكلفة رسوم التقاضي.

 

تقييد بث الجلسات والنشر

التعديل الجوهري الأول الذي يدعو للتساؤل، ما جاء في المادة رقم (15) من مشروع القانون، وينص على أن يجوز لمحكمة الجنايات بدرجتيها أو محكمة النقض إذا وقعت “أفعال” خارج الجلسة، من شأنها التأثير على الشهود أو الإخلال بأوامر المحكمة أن تقيم دعوى جنائية على الفاعل بموجب المادة (13) التي تفيد بإباحة الحق لمحكمة الجنايات أول درجة أن تضم متهمين جدد للدعوى وتحيلهم إلى النيابة العامة للتحقيق. 

 يقول المحامي الحقوقي ممدوح جمال: “وفق التعديل، تمتد سلطة المحكمة إلى خارجها، إذا رأت أن هناك مؤثرات من الخارج قد تؤثر في سير الجلسات، دون أن تضع تعريفًا دقيقًا مفصلًا لـ اللفظ المستخدم، فهل يعني ذلك الفضاء الإلكتروني أم الشارع أم صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية التي تتابع سير القضية وتقوم بمهمتها الصحفية”. يشير إلى أن تلك المادة ربما تمثل مستقبلًا عائقًا أمام الصحفيين، وتزيد من عدد قضايا النشر المنظورة أمام المحاكم، بما يوجب ضرورة تعليق نقابة الصحفيين على تلك المادة ومواد أخرى تقيد من حرية الصحفي في ممارسة عمله في الملفات القضائية. ويرى أن حال تطبيق القانون يصبح من حق المحكمة معاقبة الصحفيين أو المواطنين أو المحامين إذا قاموا بالنشر عن القضايا دون تصريح مسبق.

تشمل المواد التي من الممكن تقييد عمل الصحفيين والمحامين، وفق “جمال”، المادة (266)، وتنص على أنه لا يجوز نقل وقائع الجلسات أو بثها بأي طريقة، إلا بموافقة كتابية من رئيس الدائرة بعد إذن من النيابة العامة، كذلك المادة (267) وتنص على عدم جواز نشر أخبار أو معلومات أو إدارة حوارات أو مناقشات عن وقائع الجلسات على نحو من شأنه التأثير على سير العدالة، كذلك شددت على عدم ذكر أية بيانات تتعلق بالقضاة أو أعضاء النيابة أو المتهمين والشهود في قضايا الإرهاب، ويعاقب من يخالف ذلك وفق المادة (186) مكرر من قانون العقوبات، وتنص على: “مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يعاقب بغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد علي 300 ألف جنيه كل من صور أو سجل كلمات أو مقاطع أو بث أو نشر أو عرض بأي طريق من طرق العلانية لوقائع جلسة محاكمة مخصصة، لنظر دعوى جنائية، دون تصريح من رئيس المحكمة المختصة بعد أخذ رأي النيابة العامة”.

 

عقوبات على الورثة ومنع التصرف في الأموال

ينص مقترح القانون الجديد في مادته (146) على أنه لا يحول انقضاء الدعوى بموت المتهم قبل أو بعد المحاكمة دون قضائها، وتأمر المحكمة بالرد في مواجهة الورثة والموصى لهم، ليكون الحق نافذًا في أموال كل منهم بقدر ما استفاد.

أيضًا- رأت المادة (143) أحقية النيابة العامة أثناء التحقيق – متى ارتأت أن الأدلة كافية على الاتهام- أن تأمر بالتحفظ على أموال المتهم، ثم يعرض الأمر على المحكمة الجنائية المختصة لتأييد القرار. ويجوز للمحكمة بعد طلب من النيابة العامة أن تشمل في حكمها أي أموال خاصة بالزوجة أو الأبناء القصر أو الورثة، فيما أوضحت المادة (144) أنه لا يجوز الاعتراض على قرار منع التصرف في الأموال إلا بعد ثلاثة أشهر من الحكم. تجيز المواد (147- 148- 149) صدور أمر بالمنع من السفر أو الوضع على قوائم ترقب الوصول مدة عام قابل للتجديد لمدة أو مدد مماثلة، وذلك في حال وجود أدلة كافية على الاتهام تستدعي الحبس. 

ووفق المواد الجديدة، فإن ذلك يعني أن قرارات المنع من السفر والتصرف في الأموال، ستصبح حال إقرار القانون، نافذة أثناء سير التحقيقات، دون أن يكون المتهم قد حصل على حكم فعلي بعد انتهاء المحاكمة. معلقًا يقول ممدوح جمال: “الجملة مستحدثة وأضيفت في مقترح القانون الجديد، وليست موجودة في القانون الحالي، لكن هناك ما يعرف باسم قانون التحفظ على الأموال في القانون الخاص، اعتمدت عليه النيابة العامة في بعض الحالات سابقًا”.

 

حرمة المنازل والتفتيش

من الجدير بالذكر أن القانون المقترح، يخالف في عدد من المواد -وفق محامين تحدثنا معهم-، الدستور المصري لعام 2014 والمعدل في 2019، في مادته (35) والتي تنص على أن: “الملكية الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدمًا، وفقًا للقانون”.

في المادة (24) مكرر في مشروع القانون الجديد، أضاف المشرع أنه “يعد من رجال السلطة العامة، كل شخص منوط به المحافظة على النظام والأمن والآداب العامة…، وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها”، بما يمنح لرجال السلطة العامة على مستوى الجمهورية سلطة دخول المنازل، دون اقتصارها على مأموري الضبط القضائي. تعزيزًا لذلك، حدد المشرع في المادة رقم (46) حالات دخول المنازل، مشددًا على حرمتها ومنع التنصت أو المراقبة أو دخولها دون إذن قضائي، وكان القانون الحالي قد اقتصر في حالات دخول المنازل دون إذن على طلب الاستغاثة من الداخل كالغرق أو الحريق يستدعي التدخل – يحدد المشرع في القانون على سبيل الاستدلال بعض الأمثلة-؛ لكن المادة (47) استثنت رجال السلطة العامة من ذلك، وتنص على أن من حقهم دخول المنازل – دون إذن قضائي- وتوسع في تحديد حالات الخطر أو الاستغاثة – دون تحديد أمثلة استدلالية-، أو أن يضع تعريفًا محددًا لوصف تلك الحالات.

واعتبر جمال  أن “المواد الخاصة بتفتيش المساكن كارثية، اقتصرت سابقًا على مأموري الضبط القضائي؛ لكن بموجب التعديلات تمنح رجال السلطة العامة الحق في دخول المنازل دون إذن، وفي حال شك أحد الضباط في المتهم أو أحد أقربائه أو أصدقائه الحضور وفقًا للمادة (49)، من حقه اتخاذ الإجراءات التحفظية”، متساءلًا عن تعريف الإجراءات التحفظية ونوعها، “هل تصل إلى القبض عليه أم التفتيش؟”، ما يعني أن المسألة أصبحت خاضعة لتقدير رجال السلطة العامة وليس لاستغاثة المواطن وطلبه المساعدة، وهذا يعد مخالفة واضحة وخطيرة لمواد الدستور التي تؤكد أن الحرية الشخصية وحرمة المنازل مصونة.

 

زيادة الغرامات والتكاليف

يُلَاَحظ في مشروع القانون المقترح، ارتفاع قيمة الغرامات والتكاليف الخاصة بالتقاضي، ووفقًا لـ “جمال” فإن التكاليف أصبحت باهظة، فمثلًا إعادة النظر في الحكم النهائي تصل إلى نحو عشرة آلاف جنيه، بدلًا عن 200 جنيه في السابق، أيضًا- رسوم رد القاضي، المعنية بطلب تغييره، بعدما كانت رسومًا رمزية فقد تصل وفق القانون الجديد إلى نحو عشرة آلاف جنيه، فيما يقدم الطلب مرة واحدة فقط طوال فترة المحاكمة، وتعدد الكفالات بتعدد الطلبات، وتصادر الكفالة في حال رفض طلب الرد، بينما أباح للمحكمة التي تنظر طلب الرد أن تحكم بغرامة عشرة آلاف جنيه على طالب الرد، إذا تبين أنه طلبه جاء بـ “سوء نية”، وذلك وفقًا للمادة (247) من القانون.

ويلاحظ ارتفاع قيمة الغرامة المقررة على الشهود الذين لم يمثلوا أمام النيابة، إذ ترتفع – وفق القانون المقترح-، كما أنه من حق النيابة تغريم الممتنع عن أداء اليمين بمبلغ لا يتجاوز 2000 جنيه. وفي حالة امتناع الشاهد عن الحضور لعذر مرضي وتبين كذب ادعائه فمن حق النيابة أن تطلب من المحكمة الجزئية حبسه مدة لا تتجاوز شهر أو غرامة لا تتجاوز 2000 جنيه. وفقًا للمادتين (95، 96) من القانون المقترح.

أضيفت فقرة في المادة رقم (289) تقضي بمعاقبة مدعي التزوير بسوء نية، بالحبس مدة لا تتجاوز السنتين وغرامة ما بين خمسة إلى عشرة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين. كما عدل الحد الأدنى للجنح غير المعاقب عليها بالحبس بمبلغ 20 ألف جنيه، بدلًا عن 1000 جنيه في القانون الحالي. كما أوجب مشروع القانون وجوب إصدار الأمر الجنائي المقررة للمخالفات والجنح المعاقب عليها بالغرامة بقيمة لا تزيد عن خمسة آلاف جنيه، بعد كانت 500 جنيه في القانون الحالي.

وقد عدلت الغرامة الواقعة على المدافع الموكل عن المتهم الذي لم يحضر الجلسات لتصل إلى نحو 300 جنيهًا، بدلًا عن 50 جنيهًا في القانون الحالي. ورفعت قيمة الغرامة المقررة على عدم حضور المعارض أو وكيله جلسة نظر المعارضة، لتصل إلى مبلغ لا يزيد عن 1000 جنيه. فيما ارتفعت قيمة الكفالة المقررة على إيداع طلب إعادة النظر من خمسة جنيهات إلى خمسة آلاف جنيه، وفي حال رفض الطلب، فترتفع قيمة الغرامة إلى نحو خمسة آلاف جنيه أيضًا. وقد أضاف المشرع في القانون المقترح أنه في حال حبس الشخص احتياطيًا ولم يحكم عليه سوى بالغرامة، وجب أن ينقص منها عند التنفيذ نحو 50 جنيهًا عن كل يوم، وفي حال الحكم على المتهم بأعمال المنفعة العامة، فإن قيمة اليوم تساوي 50 جنيه أيضًا (قيمة منخفضة نظير عمله بالتزامن مع ارتفاع الأسعار والظروف الاقتصادية حاليًا، ويرى محامون تحدثنا معهم أن ذلك يعد انحيازًا للسلطة – خاصة وأن القانون أقر زيادات كبيرة ومضاعفة على الغرامات الأخرى، لكنه لم ينحاز لصالح المتهم في تلك النقطة-، إذ لم يحدد عدد ساعات العمل أو أيام العمل، دون الإشارة لتطبيق نصوص قانون العمل أو تطبيق الحد الأدنى للأجور). أما في المادة (476) من القانون فإذا رفضت المحكمة الاستشكال لعدم جدية الأسباب، فإن الغرامة المقررة تصل إلى 500 جنيه.

 

الحبس الاحتياطي 

وفق مشروع القانون المقترح، فقد يتم تخفيض مدة الحبس الاحتياطي بحيث يصبح الحد الأقصى في الجنح أربعة أشهر بدلًا عن 6 شهور، وفي الجنايات 12 شهرًا بدلًا من 18 شهرًا، وفي الجنايات التي تصل للمؤبد أو الإعدام 18 شهرًا بدلًا من سنتين، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي 24 شهرًا. ولاقت تلك التعديلات الخاصة بتقليص المدة، قبولًا من عدد من المهتمين بملف الحبس الاحتياطي في مصر، إذ رأوا أنها إيجابية.

في مشروع القانون المقترح، ينظم المشرع قواعد الحبس الاحتياطي وإجراءاته والتدابير اللازمة، إذ منح لوكيل النيابة إصدار قرار بالحبس الاحتياطي أربعة أيام في وقائع الجنح و الجنايات، المعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وفي حال ارتأى عضو النيابة مد الحبس الاحتياطى بعد ذلك، يكون بقرار من القاضي الجزئي، بعد سماع المتهم والنيابة لمدد لا تزيد كل منها عن 15 يومًا ولا يتجاوز مجموعها 45 يومًا.

يعلق المحامي محسن بهنسي: “كل محامي يعرف الآن أن المتهم لا بد وأن يكمل 150 يومًا في الحبس الاحتياطي أثناء نظر التحقيقات في النيابة، إذ يجدد له 15 يومًا مرارًا، عبر شاشات العرض، ليصبح هناك انفصال بين المتهم ومحاميه، خاصة في قضايا الرأي والسياسيين”، مشيرًا إلى أن هناك حالات تعدد فيها التجديد للمتهمين دون حضور محام، تحت ذريعة أن المتهم لم يوكل محاميًا وأن نقابة المحامين لم تتعاون وقد عجزت النيابة عن إيجاد محامٍ، كما أنه في بعض الجلسات يسمح بدخول المحامي في نهاية التحقيق فقط لإضفاء شرعية على الإجراء، منبهًا إلى ضرورة أن يكون هناك جدول خاص بانتداب محامين من النقابة العامة والنقابات الفرعية، لدحض تلك المبررات، كما يجب مشاركة نقابة المحامين في جلسات نقاشية حول القانون قبل إقراره.

متساءلًا حول ما إذا كان القانون المقترح سيضع حدًا ملف إعادة تدوير المحبوسين احتياطيًا على قضايا أخرى. يشير “بهنسي” إلى أن المقترح لم يشير بشكل مقبول عن التعديلات الخاصة بقضايا الإرهاب، ولم يتحدث عن النيابة العامة والرقابة عليها في قضايا الحبس الاحتياطي، ومبرراتها لاستمرار حبس المتهمين، وهل يقتصر ذلك فقط على التحريات الشرطية دون أدلة قوية.

 

 بين مؤيد ومنتقد

علقت مؤسسة دعم العدالة بـ المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، على المشروع المقترح، مشيرة إلى أن المشروع الذي تم إعداده منذ عام 2017 ولم يصدر لأسباب مختلفة. مؤكدة أن تقليص مدة الحبس الاحتياطي “تصبح بلا جدوى، طالما ظلت نصوص قانون مكافحة الإرهاب بما تتضمنه من سلطات استثنائية واسعة في موضوع الحبس الاحتياطي، قائمة ومطبقة ونافذة خاصة المواد (40-42-43) من هذا القانون، الذي سمح بعدم التقيد بقواعد قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بمدد الحبس الاحتياطي، بل ووضع قواعد إجرائية جديدة غير تلك التى ينص عليها قانون الإجراءات الجنائية”.

أضافت مؤسسة دعم العدالة في بيانها إلى أن المشروع لم يتضمن ضمانة واضحة وجازمة تحول دون استمرار ظاهرة تدوير المحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا أخرى لتبرير استمرار حبسهم. مطالبة بضرورة عرض القانون – قبل عرضه على مجلس النواب- للنقاش المجتمعي ليشارك في ذلك أصحاب المصلحة الحقيقية من المحامين وقضاة ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان وأساتذة القانون الجنائي، وممثلين لضحايا الحبس الاحتياطى المطول. أيضًا- ضرورة إلغاء النصوص الإجرائية من قانون مكافحة الإرهاب أو أية قوانين أخرى صدرت فى العشر سنوات الماضية والاكتفاء بالقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية.

 وأشاد النائب كريم السادات – عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري- في بيان له، بالمشروع، وأنه انعكاسًا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، فضلًا عن أنه يعد استجابة لمخرجات الحوار الوطني بشأن ملف الحبس الاحتياطي. فيما علق نجاد البرعي -عضو مجلس أمناء الحوار الوطني- عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، قائلًا: “لم يكن لدي شك في انحياز الرئيس السيسي إلى الرؤية الموضوعية والتوافقية التي وصل إليها الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي المطول والمكرر؛ ومرة أخرى أتوجه إلى النائب العام باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالإفراج عن كل من استطالت مدة حبسهم أو إحالتهم إن كان لدى النيابة العامة أدلة تصلح لذلك؛ كما أتوجه إلى مجلس النواب بالاطلاع على توصيات الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطى والمنع من السفر والتحفظ على الأموال وأن يأخذها في اعتباره عند مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد. علينا أن نغلق هذا الملف وننطلق إلى المستقبل”.

Search