46 منظمة ومدافعين يطالبون بالإفراج الفوري عن والد الصحفي أحمد جمال زيادة

اعتقال بمثابة تذكير صارخ بأن نهج السلطات المصرية تجاه حقوق الإنسان لم يتغير
by artist Gianluca Costantini
by artist Gianluca Costantini

 طالب 46 منظمة حقوقية ومدافعين عن حقوق الإنسان، في بيان موحد، الحكومة المصرية إلى الإفراج العاجل وغير المشروط عن جمال عبد الحميد زيادة، والد الصحفي المدافع عن حقوق الإنسان وسجين الرأي السابق أحمد جمال زيادة. وقالت المنظمات أنه “يعد هذا الاعتقال بمثابة تذكير صارخ بأن نهج السلطات المصرية تجاه حقوق الإنسان لم يتغير، وأنها مستمرة في إسكات الأصوات المعارضة بلا هوادة على الرغم من ادعاءات التقدم والإصلاح وأن الأعمال الانتقامية ضد عائلات الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان يتم استخدامها لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان المقيمين في الخارج”.

في 22 أغسطس/آب الماضي، أوقفت قوات أمن مصرية بملابس مدنية عملية جمال زيادة من واجهة متجره في قرية ناهيا بالجيزة، وأخفته قسريًا 24 ساعة، ثم وجهت له نيابة أمن الدولة اتهامات بالانتماء إلى جماعة إثارية ونشر معلومات كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. أكدت المنظمات الموقعة على البيان أن “الجانب المقلق للغاية في اختفائه هو أنه تعرض للاستجواب بشأن عمل ابنه الصحفي، مما كشف الدافع الحقيقي وراء اعتقاله”.

علاوة على ذلك، جددت نيابة أمن الدولة العليا في 30 أغسطس، أمرت النيابة بتجديد حبس جمال زيادة 15 يومًا إضافيًا على ذمة القضية رقم 2064 لسنة 2023 أمن دولة عليا. وقد دفعت هذه الخطوة المنظمات الموقعة إلى التعبير عن قلقها واستنكارها الشديدين، مما أثار تساؤلات جدية حول الإجراءات القانونية الواجبة واحترام حقوق الإنسان داخل النظام القانوني المصري.


أضاف البيان أنه “على مدى العامين الماضيين، حاولت السلطات المصرية تبييض سجلها الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان والقمع”. وأننا شهدنا “خطوات تهدف إلى تصوير الحكومة على أنها منفتحة على الحوار ومستعدة للانخراط في المصالحة الوطنية، بما في ذلك مع المعارضة السياسية. لقد رأينا الحكومة تطلق استراتيجية لحقوق الإنسان وتعلن أن عام 2022 هو “عام المجتمع المدني”. ومن بين هذه الخطوات إطلاق سراح بعض السجناء السياسيين، ومن بينهم شخصيات معارضة بارزة مثل المحامي الحقوقي زياد العليمي والناشط أحمد دومة، الذي حصل مؤخرًا على عفو رئاسي بعد أن أمضى ما يقرب من 10 سنوات في السجن بتهم ذات دوافع سياسية”.

وأكدت المنظمات على أنه رغم أن هذه الإفراجات مهمة وضرورية، إلا أنها “لا ترقى إلى مستوى إنهاء القمع الممنهج الذي حدث في العقد الماضي”. 


علاوة على ذلك، أضافت المنظمات أن “الأحداث الأخيرة، مثل اعتقال زيادة، واعتقال الصحفي كريم أسعد، والمضايقات التي يتعرض لها موقع تقصي الحقائق ومنصة الإعلام المستقلة متصدقش، هي بمثابة دليل لا يمكن إنكاره على أن السلطات المصرية تفتقر إلى الإرادة السياسية لتنفيذ إصلاحات ذات معنى”.
واعتبرت المنظمات الموقعة أن هذه الأعمال هي محاولة “انتقامية لإسكات الأصوات التي تتحدى الوضع الراهن بشجاعة وتكشف انتهاكات حقوق الإنسان”.

وجاء في البيان أنه “من منطلق الوحدة والتضامن، فإننا ندعو جميع المنظمات والمدافعين عن حقوق الإنسان إلى إدانة هذه الانتهاكات. دعونا نشكل جبهة موحدة ضد القمع، لنظهر أن التزامنا المشترك بحقوق الإنسان والمدافعين عن حقوق الإنسان لا يعرف حدودًا”.
واختتمت المنظمات البيان بقولها أنه “لا يزال الطريق نحو تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر مليئًا بالتحديات. ومع ذلك، فإن تصميمنا على التمسك بهذه القيم وتضامننا يجب أن يستمر، لضمان مستقبل يتسم بالعدالة والحرية لجميع الأفراد.

من خلال التوقيع على هذا البيان، نعلن أننا نقف جنبًا إلى جنب، وملتزمون بالدفاع عن العدالة والحرية والحقوق الأساسية لكل فرد. معًا، نتجاوز الحدود ونعمل على تضخيم الأصوات التي تردد تطلعات مستقبل أكثر إشراقًا وعدالة للشعب المصري. فليكن هذا منارة أمل وإلهام لجميع أولئك الذين يؤمنون بالقوة التحويلية للعمل الجماعي. قد تكون الرحلة المقبلة صعبة، ولكن معًا، يمكننا التغلب على أحلك الأوقات وإضاءة الطريق نحو عالم تسود فيه حقوق الإنسان”.


كان 380 صحفيًا وشخصية عامة قد وقعوا أيضًا  على بيان يطالب السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن والد الصحفي أحمد جمال زيادة، واعتبر الموقعون أن “اعتقال الوالد بسبب عمل ابنه يعد انتهاكا صارخًا لحقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعبير، كما أنه يشكل ضغطًا غير مقبول على الصحفيين في أداء عملهم بحرية ومصداقية”.

قالت ماري لولور مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بوضع المدافعين عن حقوق الإنسان أنها “منزعجة لسماع أن والد المدافع عن حقوق الإنسان المصري في المنفى، أحمد جمال زيادة، محتجز في #مصر واتهم بالانضمام إلى جماعة محظورة انتقاما على ما يبدو من عمل ابنه”.

ونشر الاتحاد الدولي للصحفيين بيانًا صباح اليوم على موقعه باللغة الانجليزية قال فيه “اليوم 29 أغسطس يمضي أسبوع في منذ أن اعتقلت قوات الأمن والد الصحفي المصري المعروف أحمد جمال زيادة. يحث الاتحاد الدولي للصحفيين السلطات المصرية على إطلاق سراح جمال عبد الحميد زيادة والتوقف عن ترهيب الصحافة”.

أما شبكة مراسلون بلا حدود قالت في بيان لها بالفرنسية، “ليس جمال زيادة بريئًا فحسب، بل ابنه أحمد زيادة أيضًا بريء.  و أضافت مراسلون بلا حدود”. إن اعتقال أحد أفراد أسرة أحد الصحفيين في المقيمين في الخارج لإسكاته هو عمل ظُلم غير مسبوق يهدف إلى تهديد جميع الصحفيين المصريين أينما كانوا في العالم”. وقالت المنظمة “هذا لا يمكن أن يستمر: مراسلون بلا حدود تطالب بالإفراج الفوري عن والد مؤسسة وسائل الإعلام الاستقصائية المستقلة زاوية ثالثة”.

قالت هيومان رايتس ووتش في بيان لها أن “في 22 أغسطس، اختطفت قوات الأمن المصرية والد أحمد جمال زيادة، وهو صحفي معتقل سابق ويعيش الآن في الخارج. استهدفت السلطات المصرية في السنوات الأخيرة بشكل متزايد أفراد عائلات المعارضين في الخارج لمعاقبتهم”. أما منظمة العفو الدولية فقالت أن “والد الصحفي والمدافع الحقوقي أحمد زيادة، تعسفًا على يد عناصر من قوى الأمن في ملابس مدنية في ناهيا البلد في الجيزة، لإسكات ابنه، واقتيد إلى موقع لم يُعلن عنه” وأحثت المنظمة الرئيس عبد الفتاح السيسي بـ”الإفراج عنه الآن!”.

في سياق متصل طالبت لجنة حماية الصحفيين في بيان على موقعها السلطات المصرية بالافراج الفوري وغير المشروط عن جمال زيادة، وقالت ” إنه يجب على السلطات المصرية إطلاق سراح جمال عبد الحميد زيادة فورًا ودون قيد أو شرط.

واقعة زيادة لم تكن الأولى التي تستهدف فيها السلطات المصرية عائلات الحقوقيين والصحفين المعارضين المقيمين بالخارج، ففي وقت سابق استهدفت السلطات المصرية عائلة الحقوقي محمد سلطان مؤسس منظمة مبادرة الحرية بسبب عمله الحقوقي. وفي مايو الماضي استهدفت السلطات المصرية أقارب السياسي والمرشح المرتقب لرئاسة الجمهورية أحمد الطنطاوي عقب إعلان نيته الترشح لرئاسة الجمهورية. هذا بالإضافة إلى آخرين استهدفتهم السلطات المصرية كورقة ضغط وترهيب على ذويهم المقيمين بالخارج، لإجبارهم على وقف أنشطتهم المطالبة بالديمقراطية وتحسين حالة حقوق الإنسان في مصر.

كما يأتي القبض على جمال زيادة، ضمن سلسلة إجراءات تعسفية خلال الأيام القليلة الماضية، تضمنت احتجاز الصحفي والناشر المعارض هشام قاسم رئيس مجلس أمناء التيار الحر، واحتجاز علاء الدين سعد العادلي- 59 عامًا، والد الناشطة السياسية فجر العادلي؛ لدى وصوله مطار القاهرة في 18 أغسطس الجاري، وحبسه على ذمة التحقيق في القضية رقم 716 لسنة 2023 حصر أمن دولة، بتهمة الانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون، ونشر أخبار كاذبة. فضلاً عن استهداف منصة (متصدقش) الصحفية بعد نشر تحقيق صحفي حول واقعة طائرة زامبيا، والقبض على الصحفي كريم أسعد أحد أعضاء المنصة والذي تم الإفراج عنه بعد 48 ساعة من مداهمة منزله وخطفه وإخفائه.

سبق وتعرض زيادة الابن للحبس والمحاكمة على خلفية عمله الصحفي أكثر من مرة. حيث أمضى أكثر من عام ونصف محبوسًا احتياطيًا على ذمة القضية المعروفة بـ«أحداث الأزهر»، وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض عليه يوم 28 ديسمبر 2013 أثناء تغطيته الاشتباكات التي دارت بجامعة الأزهر، لينتقل بين عدة أماكن احتجاز، قبل أن تقضي  المحكمة ببراءته في أبريل 2015. 

ثم ألقي القبض عليه مرة أخرى من مطار القاهرة عقب عودته من تونس، في 2019، وظل زيادة وقتها بمعزل عن العالم الخارجي ولم يتم التحقيق معه إلا بعد مرور 15  يومًا من توقيفه، حيث ظهر أمام نيابة العمرانية التي اتهمته في ذلك الوقت ب “بنشر أخبار كاذبة” على ذمة  القضية رقم 67 لسنة 2019، ، قبل أن تقرر النيابة إخلاء سبيله بكفالة عشرة آلاف جنيه بعد مرور أكثر من شهرين من الاحتجاز. ليُسافر عقب ذلك إلى بلجيكا لدراسة «العلاقات الدولية والعلوم السياسية» في جامعة بروكسل الحرة.

في 22 أغسطس 2023، أوقفت قوات الأمن على جمال عبد الحميد زيادة عقب نشر ابنه مواضيعًا تتعلق بحقوق الإنسان، وجدية الحوار الوطني، ومخاوف من الانتخابات الرئاسية القادمة. قامت قوات الأمن بالتحقق من بطاقة الهوية الوطنية لجمال زيادة واحتجزته في مكان غير معلن. سأله ضباط الأمن الوطني عن ابنه أحمد جمال زيادة، وعلاقته بمنظمات حقوق الإنسان، وأنشطته الصحفية. تحفظوا على بطاقة الهوية وهاتفه المحمول. في اليوم التالي، ظهر زيادة أمام نيابة أمن الدولة، متهمًا بنشر أخبار كاذبة، وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والانتماء إلى جماعة إثارية. على الرغم من أن جمال زيادة لم يكن نشطًا بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه يدير حسابًا على فيسبوك لأغراض ترويجية تتعلق بورشة عمله للملابس. وعلى الرغم من عدم مشاركته في أي أنشطة سياسية، تم احتجازه في القضية رقم 2064/2023 وأمر حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق، وترحيله إلى سجن العاشر من رمضان بالقاهرة.

Search