أصدرت المحكمة الاقتصادية، في جلستها اليوم السبت، حكمها على الناشر والسياسي والكاتب هشام قاسم، بالحبس 6 أشهر والغرامة 20 ألف جنيه، والتعويض 10 آلاف جنيه، وذلك في القضية رقم 1327 لسنة 2023 جنح اقتصادي القاهرة، المقيدة برقم 2021 لسنة 2023 جنح مالية، المقامة ضده من قبل السياسي كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة السابق، لاتهامه بالسب والقذف.
تمت إحالة قاسم الناشر والمدافع عن حقوق الإنسان إلى النيابة العامة في 20 أغسطس الماضي. وقاسم هو رئيس مجلس أمناء التيار “الليبرالي الحر” المصري الذي يضم أحزابًا معارضة ليبرالية. وكان كمال أبو عيطة أحد أعضاء لجنة العفو الرئاسي وأحد أبرز الناصريين المشاركين في الحوار الوطني قد تقدم ببلاغ سب وقذف ضد قاسم، ما أدى إلى اعتقال قاسم بتهمة السب والقذف والاعتداء اللفظي.
في تقرير لها، انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش احتجاز السلطات المصرية لقاسم بشكل وصفته بغير القانوني وإحالته إلى المحاكمة بسبب “انتقاداته السلمية.” وقال التقرير “إن الحكومة المصرية وجهت لقاسم تهمًا تتعلق بسب وقذف وزير سابق عبر منشورات لقاسم وصفتها بالسلمية على موقع فيسبوك، بالإضافة إلى تهم وصفتها بالغامضة والفضفاضة بشأن إزعاج السلطات والتشهير برجال شرطة”.
وناشدت المنظمة السلطات إطلاق سراح قاسم فورا أو تقديم أدلة على جريمة جنائية محددة، قائلة إن “استخدام قوانين التشهير الجنائية من قبل السلطات المصرية لإسكات المنتقدين مثل هشام قاسم، وهي واحدة من أدوات عديدة تستخدمها القاهرة لضمان أن يؤدي التعبير النقدي إلى السجن مباشرة.”
يذكر أن عددًا من قوى سياسية والمنظمات حقوقية طالبت السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن قاسم دون قيد أو شرط.
وفي بيان مشترك قالت 12 منظمة حقوقية مصرية إن المحاميين الموكلين عن قاسم لم يتمكنوا من الحصول على نسخة عن ملف قضيته حتى الآن، الأمر الذي يقوّض حقوقه في الإجراءات القانونية الواجبة. وأضافت المنظمات: “يأتي هذا الاحتجاز لقاسم في أعقاب مشاركته في تأسيس تحالف التيار الحر، وهو تحالف من الأحزاب السياسية الليبرالية والشخصيات المعارضة، يسعى لتقديم سياسات اقتصادية بديلة”.
وأكدت المنظمات أن استهداف السلطات المصرية لقاسم جاء بسبب معارضته السلمية وعمله المؤيد للديمقراطية؛ فقد أعربت كذلك عن خشيتها أن ينضم قاسم لعشرات الآلاف من السجناء السياسيين الذين واجهوا أحكامًا قاسية إثر محاكمات صورية، أو هم قيد الحبس الاحتياطي لسنوات طويلة.
وقالت: “رغم سجلها المروع في مجال حقوق الإنسان خلال العقد الماضي؛ لا تزال مصر تتلقى دعمًا ماليًا واقتصاديًا كبيرًا من الحكومات الغربية والمؤسسات المالية الدولية”. وتابعت: “وفيما تزعم السلطات المصرية أخيرًا شروعها في معالجة حالة حقوق الإنسان؛ يعد احتجاز قاسم وما تزامن معه من إجراءات تعسفية أخيرًا، مؤشرًا آخر على أنها تفتقر لأية نية لتغيير مسارها”. ودعت المنظمات المجتمع الدولي للمطالبة بالإفراج عن قاسم وغيره من السجناء السياسيين المحتجزين.
انسحاب وشيك من المشاركة في انتخابات الرئاسة
تستعد مصر لإجراء انتخابات رئاسية يتوقع أن تتم بنهاية العام الحالي، بينما يجري حوار وطني يضم أطيافا مختلفة من المجتمع المصري بينها بعض الأحزاب المعارضة.
هدد «التيار الحر» المكوّن من أحزاب معارضة ليبرالية في بيان أعلنه في مؤتمر صحفي، نهاية الشهر الماضي، بالانسحاب من المشاركة في أي استحقاقات انتخابية قادمة، وتجميد أنشطة أحزابه إذا استمر حبس قاسم احتياطيًا.
على الرغم من أن السلطات المصرية أُطلقت سراح مئات المحتجزين والمحبوسين في قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير في إطار عمل ما يسمى بلجنة العفو الرئاسي التابعة للحوار الوطني، عادت وتيرة الاعتقالات مرة أخرى للتصاعد، ومؤخرًا، نددت منظمات مراسلون بلا حدود والقلم الدولية والاتحاد الدولي للصحفيين باحتجاز والد الصحفي المصري المقيم في بلجيكا أحمد جمال زيادة بتهمة نشر “معلومات كاذبة”، بعد أن سألته قوات الأمن عن عمل ابنه الصحفي، ورغم أن زيادة الأب لا يتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي إلا للترويج لورشة ملابس يديرها، واتهمت عدة منظمات دولية السلطات المصرية بالسعي “لإسكات الصحافيين في المنفى”.
بدورها نددت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولر بـ”إجراء انتقامي ضد عمل أحمد جمال زيادة”.