رغم انخفاضها عالميًا: لماذا ارتفعت وفيات الأطفال في مصر؟

احتلت مصر المركز الـ 27 من بين 117 دولة على مؤشر تلوث الهواء خلال 2021، وبلغت القراءة السنوية لمؤشر كثافة الجسيمات الدقيقة والخطرة المحمولة جوا والمعروفة باسم PM2.5 نحو 29.1 ميكروجرام في كل متر مكعب من الهواء، بحسب بيانات آي كيو أير.
Picture of آية ياسر

آية ياسر

في الوقت الذي حققت فيه معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة، على مستوى العالم، انخفاضًا تاريخيًا، بحسب تقرير للأمم المتحدة؛ إذ انخفضت إلى 4.9 مليون في عام 2022، بدلًا عن نحو خمسة ملايين طفل حول العالم، في عام 2021، توفوا قبل بلوغ الخامسة من العمر؛ فإن المعدلات نفسها شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في مصر؛ فقد أظهرت أحدث بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في 2023، ارتفاعًا كبيرًا في معدلات وفيات الأطفال دون سن الخمس سنوات والرضع تحت سنة واحدة، خلال العامين 2021 و2022.

 في حين انخفض معدل الإنجاب من 3.5 مولود لكل سيدة إلى 2.76 مولود، وعلى النقيض تراجعت أعداد المواليد في مصر خلال عام 2023، إلى 2 مليون و44 ألف مولود، بمعدل انخفاض بلغ 149 ألف مولود، مقارنة بعام 2022، وفقاً لقاعدة بيانات المواليد والوفيات بوزارة الصحة والسكان.

وبحسب مؤشرات المركزي للإحصاء، فقد ارتفع عدد وفيات الأطفال الرضع أقل من سنة خلال العام 2021 ليسجل 17.8 حالة وفاة لكل ألف من المواليد أحياء خلال نفس العام، بدلاً عن 15.7 حالة في الأعوام من 2015 وحتى 2020، كما ارتفع المعدل مرة أخرى في 2022، ليصبح 18.9 حالة وفاة لكل ألف مولود، وارتفعت معدلات وفيات المواليد الذكور مسجلة 20.50 حالة، في حين بلغت 17.1 بين الإناث، كما ازداد عدد وفيات الأطفال دون الخامسة من العمر في سنة 2021، ليبلغ 21.8 حالة وفاة لكل ألف مولود حي خلال نفس العام، بدلاً من 20.4 في عامي 2019 و2020، قبل أن يقفز مرة أخرى في عام 2022 إلى 22.7 وفاة  لكل ألف طفل في العمر نفسه، وارتفعت معدلات وفيات الأطفال الذكور دون الخامسة مسجلة 24.6 حالة، في حين بلغت 20.7 بين الإناث.

ووفقًا لـ التقرير التحليلي للنشرة السنوية  فإن عدد وفيات الأطفال حديثي الولادة أقل من 28 يوم بلغ 20372 طفلًا في عام 2021، مقابل 17203 طفلًا في عام 2020، بارتفاع قدره 4.18 ٪ وقد بلغ معدل وفيات حديثي الولادة 3.9 لكل 1000 مولود حي، مقارنة بمعدل قدره 7.7 لكل 1000 مولود حي عام 2020، بينما بلغ عدد وفيات الأطفال الرضع 38897 في عام 2021، في مقابل 35197 خلال عام 2020، بارتفاع قدره 5.10٪، بمعدل وفيات قدره 8.17 لكل 1000 مولود حي مقارنة بمعدل 7.15 لكل 1000 مولود حي في 2020، في حين بلغ عدد وفيات الأطفال دون الخامسة 47716 حالة وفاة في عام 2021، مقابل 44300 عام ،2020 بنسبة ارتفاع قدرها 7.7 ٪، بمعدل 8.21 وفاة لكل 1000 مولود حي مقارنة بمعدل 8.19 وفاة لكل 1000 في 2020.

أسباب وفيات الأطفال

توضح نجوى الشافعي – وكيل نقابة أطباء مصر وعضو مجلس الشيوخ-، في حديثها إلى زاوية ثالثة أن أسباب وفيات الأطفال في مصر تختلف طبقًا للفئة العمرية؛ إذ تعود معظم حالات وفيات الأطفال حديثي الولادة وحتى عمر شهر، إلى الاختناق الوريدي أو الكرب التنفسي الشديد أو تسمم الدم وبعض حالات الولادة المبكرة، إضافة إلى العيوب الخلقية، مضيفة أن الالتهابات الشعبية والتنفسية والنزلات المعوية المصحوبة بالجفاف من أهم أسباب وفيات الأطفال في مصر خلال الخمس سنوات الأولى، إضافة إلى ضعف بعض أجهزة الجسم وسيولة الدم والعيوب الخلقية، لافتة إلى كون معدلات الوفيات تزداد في المدن أكثر من الريف بسبب التلوث البيئي والكثافة السكانية العالية التي تزداد معها مخاطر التقاط الأطفال للعدوى والملوثات.

وسجلت وفيات الأطفال الرضع أقل من سنة في عام 2021، بسبب أمراض الجهاز الدوري 28.5% وباقي أمراض الجهاز التنفسي 16.3%، والالتهاب الرئوي 11%، وفقًا لـ “التقرير التحليلي للنشرة السنوية” للإحصاء، في عام 2022، وتزداد معدلات الوفيات بين الأطفال الرضع أقل من عام، في الحضر مسجلة 18.9 طفلًا لكل ألف مولود مقابل 12.5 طفلًا في الريف، واحتلت القاهرة الصدارة بين محافظات مصر في معدلات وفيات الأطفال الرضع بمعدل 23.7 وفاة  لكل ألف مولود، وحلت محافظة الإسكندرية المركز الثاني بمعدل 23.1 حالة وفاة، في حين يعد  الأطفال  دون الخامسة، في الحضر أقل احتمالاً للوفاة عن أقرانهم في الريف، حيث يرتفع معدل وفياتهم في الريف ليسجل 24.3 لكل ألف مولود مقارنة 20 لكل ألف مولود بالحضر.

ويرى النائب أيمن أبو العلا – استشاري في أمراض الجهاز الهضمي والكبد، وعضو اللجنة العامة ولجنة الشؤون الصحية في مجلس النواب-، أن الإجراءات الاحترازية التي صاحبت فترة انتشار جائحة كورونا على مدار عام ونصف، أدت إلى إضعاف مقاومة الأجسام للميكروبات والبكتيريا الخاصة بالصدر؛ ما أدى لعدم وجود أجسام مضادة في الجسم يمكن لها أن تنتقل بالوراثة من الأم إلى الطفل، لتزداد وفيات الأطفال نتيجة ضعف المناعة ومقاومة الطفل، لا سيما أن الالتهابات الصدرية إحدى أهم مسببات وفيات الأطفال في مصر بشكل عام، معتبرًا في حديثه إلى زاوية ثالثة، أنها ظاهرة عالمية أدت لارتفاع في الوفيات بمعدلات تتراوح بين 1% إلى 2%، مضيفًا أن سوء التغذية أحد الأسباب وراء ذلك.

وتُرجع منظمة الأمم المتحدة للطفولة، وفيات الأطفال دون الخامسة حول العالم إلى أسباب أهمها: الولادة المبكرة، ومضاعفات الولادة، والالتهاب الرئوي، والإسهال، والملاريا، وتعتبر اليونيسيف أن سوء التغذية هو سبب ثلثي وفيات الأطفال حول العالم، وأن مصر ضمن 36 بلداً يتركز فيها 90٪ من عبء سوء التغذية العالمي، والذي يشمل نقص التغذية (الهزال، والتقزم، ونقص الوزن)، ونقص الفيتامينات أو المعادن، وزيادة الوزن، والسمنة، مبينة أن الأنيميا (فقر الدم أو نقص في الخلايا الحمراء) تؤثر على 27.2% من الأطفال دون سن الخامسة، وكان بنك الطعام المصري قد كشف أن معدل انتشار التقزم بین الأطفال دون سن الخامسة في مصر بلغ حوالي 13%، ویبلغ الهزال ونقص الوزن عند الأطفال 8% و6% على التوالي، ووصل معدل الأنيميا لدى الأطفال دون سن الخامسة إلى 43%.

وكان معدل انتشار نقص التغذية فى مصر خلال الفترة (2012 :2016) قد استقر عند معدل 4.9% ولكن عاود الارتفاع قبل تعويم الجنيه إلى نحو 5.4% خلال الفترة (2018: 2020)، ووفقًا لبيانات البنك الدولي فقد وصل المعدل في عام 2021 إلى 7.0% من تعداد السكان.

ويُحمل النائب البرلماني الزيادة السكانية مسؤولية ارتفاع وفيات الأطفال، نتيجة تأثيرها على الطاقة الاستيعابية للمنظومة الصحية، معتبرًا أن الخدمات الصحية المقدمة في الحضر أفضل نسبيًا مما هي عليه في الريف.

كورونا

تعزي نجوى الشافعي، ارتفاع نسبة وفيات الأطفال في مصر خلال عامي 2021 و 2022 إلى تفشي جائحة كورونا، معتبرة أن معظم إصابات الأطفال اعتبرت التهاب رئوي أو نزلة معوية، وأنه في ظل تكدس المستشفيات بالمصابين، لم يكن يتم إجراء مسحة pcr للأطفال الذين تظهر لديهم بعض أعراض الوباء إلا في حالة إصابة أحد الأبوين أو كليهما بكورونا، وبالتالي لم يتلقى معظمهم البروتوكول العلاجي لفيروس كورونا، نافية مزاعم أن الفيروس لا يتسبب في وفاة الأطفال، معتبرة أنها قامت على فرضية أن الجهاز الليمفاوي لدى الأطفال لديه قدرة عالية على مقاومة الفيروسات، وأن تلك المزاعم لا تستند على دراسات علمية دقيقة.

وكانت دراسة نشرت في مجلة “ذي لانسيت تشايلد أند أدوليسنت هلث” المتخصصة، عام 2020، أكدت أن وفيات الأطفال بـ«كوفيد- 19» نادرة جدًا، وتحدث لدى أقل من 1% من الحالات؛ إذ توفي أربعة فقط من بين 582 طفلًا مصابًا بالوباء شملتهم الدراسة، تجاوزت أعمارهم 10 سنوات، واثنان منهم يعانون من مشكلات صحية.

وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أن 0.4 % من بين 4.4 مليون حالة وفاة حول العالم بسبب كوفيد-19 تقل أعمارهم عن 20 عامًا، وبلغ عددهم أكثر من 17400 حالة وفاة، وكان 47% منهم من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 إلى 9 سنوات، مبينة أن الأدلة حتى الآن لا تشير إلى زيادة في وفيات الأطفال والشباب المرتبطة بجائحة كوفيد-19 في عامي 2020 و2021، وقد تكون بعض الوفيات ناجمة عن انقطاع الخدمات مثل: التحصين، وتعطل التدخلات المنقذة للحياة.

ووفقًا لمجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية فقد ارتبطت حوالي 263 ألف حالة وفاة في مصر، في خلال عامَي 2020 و2021، بجائحة فيروس كورونا المستجدّ، أي ما يُعادل 12 مرّة العدد الرسمي المعلن للوفيّات الناجمة عن الجائحة والبالغ 24.802 حالة وفاة.

ويرجح محمد حسن خليل – خبير النظم الصحية ورئيس لجنة الدفاع عن الحق في الصحة هي لجنة شعبية حددت المطالب الخاصة بالصحة، ومقرها بالقاهرة -، كون فيروس كورونا هو المتسبب في ارتفاع وفيات الأطفال والأمهات الحوامل ومعدلات الوفيات في مصر بشكل عام، خلال عامي 2021 و2022، معتبرًا أن ما تسوق له الحكومة على أنه انخفاض للزيادة السكانية وانخفاض لمعدلات الإنجاب، غير صحيح، نظرًا لزيادة الوفيات و وجود طفرات في الزيادة السكانية تحدث حول العالم في أوقات الحروب والثورات وترتبط بالقلق الاجتماعي، وهو ما حدث في مصر منذ عام 2011، لتصل إلى 2.50%، لكن المعدل انخفض بدءًا من العام 2015 ليعود إلى معدلاته الطبيعية التي كانت تتراوح بين 1.6% و 1.8%، ثم انخفض إلى 1.4% خلال عامي جائحة كورونا، مبينًا أن الأرقام الرسمية المعلنة لوفيات كورونا غير منطقية.

ويفسر خبير النظم الصحية بين الإصابات غير المعلنة بكورونا، وبين كون أمراض الجهاز الدوري ويليها أمراض الجهاز التنفسي، هي الأسباب الأبرز لوفيات الأطفال الرضع الأقل من سنة، بحسب ما كشفه التقرير التحليلي للنشرة السنوية، مبينًا أن  الفيروس يسبب التهابات الجهاز التنفسي، وأن الجلطات التي يسببها الفيروس تم تصنيفها ضمن أمراض الجهاز الدوري، مستبعدًا أن تكون العيوب الخلقية هي السبب الرئيسي لندرتها؛ حيث تشكل ثمانية في الألف.

معلقًا، يعتبر أيمن سبع – الباحث في ملف الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية-، أن ارتفاع نسبة وفيات الأطفال في الفترة من عام 2020 وحتى 2022، تحتاج إلى دراسة عميقة للوقوف على أسبابها، لكنه يربط بين تلك الوفيات ونقص الخدمات الصحية خلال الجائحة، وتكدس المستشفيات بمصابي كورونا، ما أثر بالسلب على الخدمات الصحية من ناحية وأدى من ناحية أخرى إلى عزوف بعض المرضى عن زيارة المستشفيات، خوفًا من العدوى، مستبعدًا أن يكون ارتفاع الوفيات ناتجًا عن الإصابة بالفيروس نفسه، لكون حالات وفيات الأطفال حول العالم، بسبب الإصابة بكورونا، نادرة للغاية.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)  فإن 68% من دول العالم أبلغت عن بعض الاضطرابات في الفحوصات الصحية للأطفال وخدمات التحصين، خلال جائحة كورونا، وأبلغت 63% من الدول عن حدوث اضطرابات في فحوصات ما قبل الولادة و59% في رعاية ما بعد الولادة.

 

الكثافة السكانية والتلوث

يؤكد عيد العطار – استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة والأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة طيبة-، أن النزلات المعوية سبب رئيس وراء وفيات الأطفال في مصر، وأن الأمراض التنفسية والالتهاب الرئوي هي السبب الثاني، معتبرًا أن ارتفاع نسبة الوفيات خلال الفترة من عام 2020 إلى 2022  له علاقة بشكل أو بآخر بـ الجائحة، سواء عن طريق الإصابة بالوباء أو نتيجة لتكدس المستشفيات بالمصابين والذي أثر بالسلب على تقديم الخدمات الصحية لبقية المرضى، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير في فصل الصيف وانقطاعات التيار الكهربائي؛ ما يجعل الأطفال عرضة للإصابة بالإجهاد الحراري والجفاف وقد يؤدي إلى حدوث الوفاة.

ويعتبر “العطار” أن ارتفاع الكثافة السكانية في المدن وتلوثها يجعلها بيئة خصبة لنقل الأمراض المعدية والأوبئة، ما أدى لزيادة عدد وفيات الأطفال في الحضر مقارنة مع الريف، نافيًا أن تكون أزمة نواقص الأدوية سبباً من أسباب وفيات الأطفال لوجود بدائل تحمل نفس المادة الفعالة، مشيرًا لوجود حالات نادرة من الوفيات نتيجة الحساسية تجاه مركبات دوائية ومواد فعالة بعينها.

ويصل إجمالي الكثافة السكانية المأهولة في مصر إلى 1394 نسمة لكل كيلو متر مربع، وتزداد هذه الكثافة كثيرًا في المحافظات الكبرى فتبلغ في القاهرة 50 ألف و259 نسمة لكل كيلو متر مربع، وتبلغ في الإسكندرية حوالي 3 آلاف و91 نسمة لكل كيلو متر مربع، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

واحتلت مصر المركز الـ 27 من بين 117 دولة على مؤشر تلوث الهواء خلال 2021، وبلغت القراءة السنوية لمؤشر كثافة الجسيمات الدقيقة والخطرة المحمولة جوا والمعروفة باسم PM2.5 نحو 29.1 ميكروجرام في كل متر مكعب من الهواء، بحسب بيانات آي كيو أير.

 

الفقر والإنفاق الحكومي على الصحة

يتنافى ارتفاع معدل وفيات الأطفال مع جهود الدولة المعلنة في مجال الرعاية الصحية للأطفال؛ فوفقًا لتقرير اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان في 2020، بلغ إجمالي المخصصات المالية لصحة الأطفال في الموازنة العامة 4.3 مليار جنيه، وتضمنت البرامج الكشف المبكر عن السمنة والتقزم والأنيميا بين طلاب المدارس، والكشف المبكر على النظر، وغيرها من الأمراض الأخرى التي تصيب الأطفال، في إطار المبادرة الرئاسية 100 مليون صحة التي تم إطلاقها في العام 2019، مستهدفة فحص 11.5 مليون طالب في أكثر من 22 ألف مدرسة، وأن إجمالي من تم مسحهم من الأطفال في إطار مبادرة علاج أمراض سوء التغذية للأطفال في المدارس بلغ  9.231.323 طفل بنسبة 70% من إجمالي المستهدفين، وبلغ إجمالي من تم مسحهم من الأطفال حديثي الولادة في إطار مبادرة الاكتشاف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع عند الأطفال حديثي الولادة 1.429.,239 طفل.

وكان وزير المالية السابق، محمد معيط، قد أعلن زيادة المخصصات المالية للقطاع الصحي بالموازنة الجديدة 2024/2025، بنسبة 24.9%، لتصل إلى نحو 496 مليار جنيه، مقارنة بـ 397 مليار جنيه خلال العام المالي 2023/2024، ورغم رفع مخصصات قطاع الصحة في موازنة الدولة إلا أنها لا تشكل أكثر من 1.2% من إجمالي الناتج المحلي، بالمخالفة للمادة (18) من الدستور التي نصت على التزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي.

وفي حين يرى الباحث في ملف الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية أيمن سبع، أن التداعيات الصحية للأزمة الاقتصادية وتضخم أسعار المواد الغذائية، لن يظهر تأثيرها على صحة الأطفال إلاّ بعد عدة سنوات، نافيًا أن تكون لها علاقة بارتفاع نسبة الوفيات؛ فإن خبير النظم الصحية ورئيس لجنة الدفاع عن الحق في الصحة “خليل”، لا يفصل وفيات الأطفال، عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية، والتي يعكسها ارتفاع نسبة الفقر إلى 32.5%، وهى نسبة معرضة للزيادة، لافتًا لكون المجتمعات الفقيرة والمتخلفة ترتفع بها نسب الوفيات نتيجة سوء التغذية وانخفاض المناعة والأمراض المعدية، مبينًا أن مصر لا تزال أفضل من متوسط المعدل العالمي لوفيات الأطفال الرضع والأمهات الحوامل وأن ما شهدته من ارتفاع بمعدلات الوفيات جاء مقارنة مع نسب منخفضة مقارنة مع دول أخرى، وأن الانخفاض العالمي لنسبة وفيات الأطفال تأتي انطلاقًا من نسب مرتفعة للغاية.  

وسواء كانت جائحة كورونا هي المسؤولة عن ارتفاع معدلات وفيات الأطفال في مصر بشكل ملحوظ، أو كانت تأثيرات سوء التغذية الناتجة عن ارتفاع نسبة الفقر، في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع نسبة التضخم، قد ألقت بظلالها على صحة  ومناعة الأطفال، وساهمت في حدوث وفيات، إضافة إلى عوامل أخرى يذكرها المتخصصون أبرزها: الكثافة السكانية العالية بالمدن والتلوث وارتفاع درجات الحرارة؛ فإن تلك المعدلات التي كشفتها بيانات المركزي للتعبئة والإحصاء، تعد مؤشرات مقلقة تحتاج للدراسة العميقة لمعرفة أسبابها، كونها تتعلق بصحة السكان وفعالية النظم الصحية والسياسات الصحية، انخفاض التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة.

آية ياسر
صحافية وكاتبة وروائية مصرية حاصلة على بكالوريوس الإعلام- جامعة القاهرة.

Search