حالة من الجدل أثارها إعلان الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المملوكة لجهاز المخابرات العامة المصرية، الثلاثاء الماضي، عن تحالفها مع شركة طارق نور القابضة وقناة المحور، لوضع استراتيجية مستقبلية لتطوير المنظومة الإعلامية، وإعادة تشكيل مجلس إدارة الشركة المتحدة برئاسة رجل الأعمال طارق نور، وطارق مخلوف عضوًا منتدبًا، وعضوية كل من سيف الوزيري، ومحمد السعدي، وتامر مرسي، وأحمد طارق، وعمرو الفقي، وشريف الخولي، وعمرو الخياط.
أبدى الكثيرون دهشتهم لاختيار نور مديرًا جديدًا للمتحدة، – المالكة لأكثر من 40 وسيلة إعلام وشركة إنتاج درامي، ودعاية وإعلان وحقوق رياضية-، رغم الحملات الصحفية التي شنتها عليه صحف ومواقع مملوكة للمتحدة، إذ سبق أن نشر رئيس التحرير التنفيذي لموقع صحيفة اليوم السابع، دندراوي الهواري، في 2015، مقالًا بعنوان “طارق نور.. إمبراطور إعلام الرقص وإهانة الصحابة”، حُذف مؤخرًا من على الموقع، واتهمته صحف بينها اليوم السابع والوطن، في عام 2018، بالاستيلاء على أراضي الدولة، زاعمة أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكمًاً بإعادة 405 فدان استولت عليها شركة ديزرت ليكس، التي يمثلها طارق نور، وتنازله عن 271 فدانًا لرجال أعمال آخرين، وهو الأمر الذي نفته الشركة في بيان لها، مؤكدة اتخاذها كافة الإجراءات القانونية لتقنين وضع اليد ورفع دعوتين قضائيتين، غير أن حملات الهجوم على طارق نور لم تتوقف وامتدت إلى عام 2019، إذ نشر الموقع الإلكتروني لصحيفة اليوم السابع مقالًا بعنوان: “المقامرون لا يختشون.. طارق نور يتاجر بسمعة مصر في سبيل تمرير برنامج يسيء للأسر المصرية”، إلا أنها حذفته أيضًا.
يعد رجل الأعمال، طارق نور – مالك وكالة إعلانات طارق نور للاتصالات ومؤسس قناة القاهرة والناس-، أبرز رواد مجال الإعلانات في مصر، منذ أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، إذ درس إخراج الإعلانات في أمريكا ثم عاد ليؤسس وكالته الإعلانية باسم (وكالة أمريكانا) التي ساهمت في تطوير الإعلانات في مصر، ثم تغير اسمها إلى وكالة طارق نور للإعلانات، وأصبحت تضم نحو ثمان شركات للدعاية والإعلان وإنتاج الأفلام والمسلسلات، واستحوذت على نصيب يُقدر بنحو 400 مليون دولار سنويًا من سوق الدعاية المصرية، كما أنه أسس في عام 2012 قناة القاهرة والناس.
تساءل الكاتب الصحفي حافظ الميرازي حول كون الدولة تنتوي بتعيينها طارق نور، رئيسًا لمجلس إدارة الشركة المتحدة، أن يساعدها في استرداد خسائر الشركة تحت إدارتها السابقة، مثلما استردت منه الدولة قبل ست سنوات مئات الأفدنة من الأراضي العامة، بحكم قضائي، وهل تنتوي أن يتخلص لها من بعض أبواقها الإعلامية التي انتهت صلاحيتها؟، متسائلًا في تدوينة له عما ستفعله تلك الأبواق حين تجد الرجل الذي اتهموه بالفساد واغتصاب أراضي الدولة في برامجهم الموجهة أصبح هو رئيس مجلس الإدارة.
وفي السياق نفسه، أكدت علياء المهدي – أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية، والعميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة-، أن هناك فارق كبير بين الإعلان والإعلام، وأن الإعلان الذي ترى أنه يشوبه الكثير من الضعف، هو فن تسويق لمنتج معين، وقد يكون بهذا التسويق قدر كبير من المبالغة في تقييم المنتج، أما الإعلام فهو مشتق من فعل علِم بكسر اللام، بمعنى عرف، وباختصار هو تعريف بالحقيقة وإيصال الخبر، معتبرة في تدوينة لها أن تكوين مجلس إدارة شركة المتحدة بقيادة طارق نور الذي ظل رجل الإعلان الأول في مصر لسنوات طويلة قد لا يكون أفضل اختيار، لأن جزء من أعضاء مجلس الإدارة هم رجال إعلانات. بينما يرحب البرلماني عماد جاد – عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار، ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية-، بقرار اختيار طارق نور، لرئاسة المتحدة للإعلام، واصفًا إياه بالمدني الليبرالي صاحب الرؤية الثاقبة والثقافة الواسعة، الذي بنى إمبراطورية إعلامية عملاقة، وأحدث قفزة في عالم الإعلانات ثم أسس القاهرة والناس وفتح المجال أمام الرأي والرأي الآخر، وحافظ على استقلالية قناته في زمن صعب للغاية، مؤكدًا في تدوينة له أن طارق نور بصلاحيات كاملة سيعيد للإعلام المصري دوره ويعيد المشاهدات لشاشاته، معتبرًا القرار بأنه بداية مرحلة إسناد كافة المواقع على أساس الكفاءة والقدرة ووقف قاعدة الاختيار على أساس الولاء والثقة، وأن الفصل بين السلطات وإطلاق يد الأجهزة الرقابية والمحاسبية، يمثل المدخل الطبيعي لنهوض البلد واستقرارها وأمنها ويجلب الرضا عن النظام ومؤسسات الدولة، بحسب تعبيره.
نوصي للقراءة: خنق الصحافة المستقلة: كيف تُحرَم المنصات من التراخيص في مصر؟
تغييرات ملف إدارة الإعلام
في أول تصريحات تليفزيونية له عقب تعيينه رئيسًا للشركة المتحدة، قال طارق نور، إن استعانة السلطة بفكر وإدارة القطاع الخاص للإعلام، يعني أن الدولة تفتح المجال لاستقلالية الإعلام، وأنه متفائل بهذه الثقة التي منحتها الدولة للقطاع الخاص.
يأتي الإعلان عن الإدارة الجديدة للمتحدة، بعد أقل من شهر على إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي، ثلاث قرارات جمهورية بتشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة خالد عبد العزيز والهيئة الوطنية للصحافة برئاسة عبد الصادق الشوربجي والهيئة الوطنية للإعلام برئاسة أحمد المسلماني.
وفي أعقاب إصدار السيسي قرارًا، في أواخر أكتوبر الماضي، بإقالة اللواء عباس كامل من منصبه كرئيس للمخابرات العامة، وتعيينه مستشارًا رئاسيًا ومنسقًا عامًا للأجهزة الأمنية، وقد تداولت الأوساط الإعلامية أنباءًا حول إجراء تغييرات في إدارة ملف الإعلام المصري.
وذكر موقع “مدى مصر” على لسان مصادر، أن التغييرات ستطال المسؤولين عن هندسة ملف الإعلام، وإدارة الكيانات الإعلامية المملوكة للجهاز السيادي والإصدارات المحسوبة عليه، وكذلك المؤسسات الصحفية القومية، إضافة إلى إجراء مراجعات مالية وتنظيمية تتعلق بضبط العمل في الشركة المتحدة والرواتب والنفقات والمكافآت داخل القنوات والإصدارات الصحفية المملوكة للشركة.
كما تداولت مواقع عربية ومستقلة، في أكتوبر الماضي، أنباءً عن استبعاد العقيد أحمد شعبان، من إدارة المشهد الإعلامي، والذي يٌعتقد أنه كان يدير 44 مؤسسة صحفية وإعلامية وإعلانية، أبرزها: صحف ومواقع “اليوم السابع”، و”الوطن”، و”الدستور”، و”الأسبوع”، وقنوات فضائية مثل “dmc” و”الحياة”، و”cbc”، و”إكسترا نيوز”، و”on”، و”on time sports”، وإذاعات “القرآن الكريم”، و”الناس”، وراديو “النيل”، و”90 90″، و”ميجا إف إم”، وغيرها، إضافة إلى شركات “سينرجي”، و”ميديا هب”، و”pod” للإنتاج الفني والإعلانات، وتطبيق “Watch it”، وشركتي التسويق الرياضي “برزنتيشن”، و”استادات”.
نوصي للقراءة: هل تنصف نقابة الصحفيين المصرية العاملين بالصحافة الإلكترونية؟
سياسة تغيير الوجوه
يعتقد الكاتب والباحث والمفكر السياسي، عمرو الشوبكي، أن هناك سياسة تغيير وجوه تتبعها السلطة السياسية، بدأت بإنضمام بعض الوجوه الجديدة للمجموعة الاقتصادية في الحكومة وتأسيس أحزاب موالاة جديدة، ووصلت إلى تشكيل مجالس إدارات المؤسسات القائمة على إدارة الإعلام في مصر، وانضمام بعض الأشخاص المعروفين بالكفاءة، ورغم كون ذلك يعطي رسالة أمل للمواطنين إلا أنه لا يعني بالضرورة حدوث تغيير في السياسات والذي يتطلب إرادة سياسية عليا ترى أن إدارة الإعلام يجب أن تختلف عما كانت عليه في الفترة الماضية؛ بحيث تتقبل تنوع الآراء داخل إطار الدستور والقانون.
يقول إلى زاوية ثالثة: “إصلاح الإعلام المصري يحتاج إلى إجراءات جراحية تأخذ في اعتبارها نسب المشاهدة للقنوات المصرية والصحافة الورقية والرقمية وإعادة النظر فيما تقدمه من مضامين، ووضع سياسة تحريرية وأطر جديدة لجذب الجمهور وزيادة نسب المشاهدة وتحقيق الأرباح.”
يضيف أن تغييرات الوجوه والاستعانة بأشخاص ذو كفاءة مهنية وإدارية ولهم سمعة طيبة، قد تؤدي لتحسين بعض الجوانب وترشيد الإدارة الاقتصادية، ولن يؤدي إلى الإصلاح الشامل للإعلام والذي لا ينفصل عن الإصلاح السياسي والاقتصادي”.
من ناحيته، يرى محمود كامل – مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين-، أن تغييرات الأسماء والوجوه التي تدير المؤسسات والمجالس والهيئات الإعلامية في مصر لا يعني بالضرورة أن يتم تغيير السياسات الإعلامية أو رفع سقف الحريات في وسائل الإعلام، لأن الأمر يتطلب بالأساس إرادة سياسية وإرادة أمنية تترجم إلى تغييرات في السياسات الإعلامية وتنعكس على المحتوى والمضمون المقدم للجمهور، بحيث يصبح أقرب إلى واقع الناس.
ولا توجد تخوفات لدى “كامل” بشأن سيطرة الترفيه على المحتوى الإعلامي، ويعتبره أحد العناصر المهمة في الإعلام، كما يوضح إلى زاوية ثالثة، أن الخلفية الإعلانية للرئيس الجديد للشركة المتحدة، طارق نور، لا تعني بالضرورة طغيان الجانب الإعلاني على الإعلامي، لكون من يدير المؤسسة ليس بالضرورة من يضع السياسات الإعلامية.
نوصي للقراءة: نقابة الصحفيين في مواجهة التشريعات المقيدة للحريات
جذب الاستثمارات
لا تتعجب سارة فوزي – أستاذة الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام في جامعة القاهرة-، اختيار طارق نور رئيسًا للشركة المتحدة، رجل إعلان لرئاسة الشركة، لكون معظم من يديرون منصات المشاهدة العربية والعالمية جاؤوا من خلفيات إعلانية، لقدرتهم على استقطاب الشركات الدولية وتقليل حجم الإنفاق، تقول إن ذلك لا يؤثر بالضرورة على رسم السياسات التحريرية البرامجية والدرامية؛ إذ يمكن أن يحد المدير الجديد من تفاوت أجور الإعلاميين والإنفاق الكبير على أعمال فنية وبرامج لا تحقق مشاهدات عالية، ويعالج مشكلة عدم وجود دورة رأس مال لكون الشركة هي الجهة المالكة والعارضة للإعلانات وما تجنيه منها تنفقه على الإنتاج، في إطار من جزء من الخطوات التصحيحية وتغيير السياسات الإعلامية، متوقعة جذب المستثمرين وأن يتم طرح أسهم الشركة للاستثمار في البورصة.
تقول إلى زاوية ثالثة: “لا أرفض فكرة الاحتكار في الإعلام، كما هو الحال مع إعلام المتحدة، وتستشهد بشبكة القنوات المملوكة لشركة ديزني، إلاّ أنها ترى أن تنوع المحتوى هو الأهم، وأن المشكلة لا تتمثل في الجهة المالكة، ولكن في تشابه المضامين المقدمة على القنوات التابعة للشركة، بشكل لا يرضي الجمهور، متوقعة أن تزيد الإدارة الجديدة للشركة من المحتوى الدرامي والإخباري وتقلل من الترفيهي.”
كانت تقارير إعلامية قد كشفت عن تكبد المتحدة للخدمات الإعلامية، خسائر فادحة في الموسم الرمضاني خلال السنوات من 2017 إلى 2020، بلغت نحو 637 مليون جنيه، لكنها أعلنت في مؤتمر صحفي لها، عن تحقيقها أرباح خلال موسم 2021، وصلت إلى 256.7 مليون جنيه، بعد أربعة مواسم متتالية من الخسائر، وكشفت الشركة آنذاك أنها تستعد لطرح حتى 30% من أسهمها بالبورصة المصرية بحلول عام 2024.
وسبق أن كشف الجهاز المركزي للمحاسبات، في حساب ختام موازنات الهيئات العامة الاقتصادية للعام المالي 2022 /2023، عن تسبب نشاط 16 هيئة، في خسائر بلغت 14.4 مليار جنيه، وأن معظم الخسائر تركزت في الهيئة الوطينة للاعلام، بمبلغ 10.6 مليار جنيه.
ومن خلال متابعتها للأوساط الإعلامية تٌبين نشوى عقل – أستاذة الإعلام بكلية الإعلام في جامعة القاهرة-، إلى زاوية ثالثة، وجود حالة من التفاؤل الحذر بتولي طارق نور، رئاسة الشركة المتحدة، نظرًا لخبرته الطويلة في صناعة الإعلان، وقدرته على الإدارة واستقطاب العوائد المالية التي تصب في مصلحة اقتصاديات الإعلام، إلا أن هناك تخوفات تتعلق بكون قناة القاهرة والناس المملوكة له لم تكن على رأس أولويات المشاهدين، باستثناء برنامج “العباقرة” الذي حقق نجاحًا كبيرًا، إضافة لاعتماد القناة على عنصري الإثارة وإثارة الجدل لجذب المشاهدين، وانخفاض الإنفاق على المحتوى.
وتتوقع نشوى ضخ دماء جديدة في المشهد الإعلامي والاستعانة بوجوه إعلامية مهنية قديمة كانت قد ابتعدت عن الأضواء خلال السنوات الماضية، لاسيما بعد تولي الإعلامي أحمد المسلماني، رئاسة الهيئة الوطنية للإعلام، أن تهتم الإدارة الجديدة لشركة المتحدة، خلال الفترة المقبلة، بالمحتوى واهتمامات الجمهور وتقليل حجم الإنفاق والحفاظ على العوائد الاقتصادية لتطوير المحتوى، إذ بدأت ولايتها بافتتاح شبكة قنوات ON SPORT، نافية وجود أرقام معلنة تظهر حقيقة ما يتم تداوله بشأن الخسائر المزعومة للشركة، والتي يرى البعض أن طارق نور قد تولى رئاستها لوقف تلك الخسائر.
وتأمل أستاذة الإعلام أن تسفر التغييرات الجديدة في إدارات المؤسسات القائمة على الإعلام في مصر عن تنوع الأصوات ورفع سقف الحريات الإعلامية، والاهتمام بالإعلام الخدمي والاستقصائي والتعبير عن هموم المواطنين وقضايا الشارع ومواجهة كل مسئول بمهامه، حال تقصيره في آدائها، وتجنب المبالغة في الدعاية وتسطيح المحتوى أو الاعتماد على الأسلوب المباشر أو الأغاني في تنمية الوعي والحس الوطني لدى المواطن، والتخلص من فكرة المذيع النجم الذي يعتمد على أسلوب التنظير على المشاهدين بدًلا من إدارة الحوار، والاهتمام بتنمية وتكرار التجارب الدرامية والبرامجية الناجحة والمحتوى المقدم للأطفال والاستعانة بالمواهب الجديدة من مقدمي المحتوى على الإنترنت، وذلك لتحقيق متطلبات المشاهدين كي لا يلجأوا إلى مواقع التواصل الاجتماعي أو إعلام خارجي لديه أجندات خاصة به قد تضلل المشاهد.
نوصي للقراءة: مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد: خطوة نحو العدالة أم تقييد للحريات
رسالة خارجية
الباحثة في مؤسسة حرية الفكر والتعبير، سارة رمضان، تعتبر أن تغييرات وجوه القائمين على إدارة الإعلام المصري، هي تغييرات شكلية وأي تغيير محدود سيكون نابع من مبادرات فردية، لأن النظام السياسي الحاكم يخشى من حدوث انفتاح في أي مجال سيدفع الناس للتعبير عن غضبهم من الأوضاع الاقتصادية، وهذا الأمر يقلقه للغاية، إذ عكف على إغلاق كافة منافذ التعبير عن الرأي التي فُتحت في عام 2011، موضحة أن السلطة تريد إرسال رسالة خارجية للجهات الداعمة وصندوق النقد الدولي بأنها أجرت إصلاحات تتعلق بملف الحريات، إضافة لتهدئة الوضع الداخلي خوفًا من حدوث إنفجار.
تقول سارة إلى زاوية ثالثة: “هناك نوع من الانفراجة المتعلقة برفع سقف الحريات وفتح المجال العام والانفتاح على أصوات مختلفة، حدثت مؤخرًا في الدراما ولاسيما السينما، بسبب المنافسة الشديدة التي خلقتها منصات المشاهدة الجديدة، إضافة إلى الرغبة في تحقيق الربحية، وهو ما بات ملحوظًا في عودة وجوه فنية للعمل، بعد أن تم تهميشها بسبب الآراء السياسية المغايرة، وعرض أعمال جديدة تخرج عن سياق دراما مجتمعات الكومباوند التي تستفز غالبية المشاهدين في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.”
وتوضح الباحثة أن المجلس الأعلى للإعلام يعمل على تقييد وقمع الدراما والتليفزيون والصحافة، عبر مجموعة من القواعد التي تخلط المهني بالسياسي، وتهدد القائمين على وسائل الإعلام والأعمال الفنية التي تخرج عليها بالغرامة أو فقدان وظائفهم، وتهدد الوسيلة بالحجب، بدلًا من أن تكون بمثابة ميثاق أخلاق للمهنة أو مدونة سلوك تحمي حقوق الآخرين، لافتة إلى أن تشكيل لجنة الدراما بالمجلس يتعارض مع صلاحيات المصنفات الفنية.
في حين يرى محللون سياسيون ومتخصصون في الإعلام، أن اختيار رجل الأعمال، طارق نور، لرئاسة الشركة المتحدة المالكة لنحو 44 وسيلة إعلامية في مصر، جاء لأسباب اقتصادية تتعلق بخفض حجم الإنفاق على البرامج والأعمال الفنية التي تنتجها الشركة وضخ استثمارات جديدة، فإن آخرون يروا أنها ليست بمعزل عن التغييرات التي طالت القائمين على إدارة الإعلام في مصر، خلال الشهرين الأخيرين، مما يوحي بأن هناك رسالة سياسية من السلطة تتعلق بالسماح بأصوات جديدة تغرد بعيدًا عن السرب وتخالف سياسة الصوت الواحد المفروضة على وسائل الإعلام المحلية، وهو ستتضح انعكاساته على المحتوى الإعلامي خلال الفترة المقبلة.