كيف تسلل الفساد إلى المتحف المصري الكبير؟

يكشف هذا التحقيق فسادًا واسع النطاق يتخلل عمليات إدارة المتحف المصري الكبير، بدءًا من قضايا سرقات أثار إلى انتهاكات مالية وإدارية
Picture of طارق جمال حافظ

طارق جمال حافظ

  في تسعينيات القرن الماضي، لاحت فكرة تأسيس متحف مصري جديد يضم عدد أكبر من القطع المعروضة في متحف التحرير القديم، لكن الفكرة لم تنفذ وقتئذٍ. وحسب الموقع الرسمي لوزارة السياحة والآثار، فإن عام 2002 كان بداية وضع حجر الأساس لتشييد المتحف المصري الكبير المطل على أهرامات الجيزة، لكن أعمال البناء بدأت أولًا في مركز ترميم الآثار التي سيحفظها المتحف لاحقًا، وافتتح في عام 2010.

في عام 2020، أصدر القانون رقم 9 لسنة 2020، بإعادة تنظيم هيئة المتحف المصري الكبير كهيئة اقتصادية. مع تشكيل مجلس أمناء يرأسه رئيس الجمهورية نفسه. وقد نصت المادة (11) من القانون على أنه يجوز لإدارة هيئة المتحف أن توافق على التعاقد مع غير المصريين، لتحقيق أهداف هيئة المتحف كـ مُجمّع عالمي، أو أن يؤول لهم بعض الأعمال المؤقتة. أيضًا- تنص المادة (12) من القانون على أنه يجوز تأسيس شركات مساهمة لهيئة المتحف سواء وحدها أو بالشراكة مع آخرين أو عن طريق الاندماج مع شركات قائمة بالفعل. ولها أن تتعهد بإدارة وتشغيل خدمات المتحف إلى جهات مصرية أو أجنبية دون التقيد بالنظم والقواعد الحكومية.

وينتظر المصريون والمهتمون بآثار مصر افتتاح المتحف في الشهور المقبلة، بعد أن افتتح تجريبيًا. لكن المتحف الذي بدأ بناؤه في عام 2002، يواجه بعض من العاملين به شكوكًا واتهامات حول قضايا سرقات وفساد. إذ أن ثلاثة من مسؤولي المتحف يحاكمون على ذمة القضية رقم (71) لسنة 2024 كلي أكتوبر الكلية وقيدت تحت رقم 44 لسنة 2024 جنايات أموال عامة عليا، جراء اتهامات باختلاس تمثال أثري من البرونز لـ أوزوريس من مقر عملهم بالمتحف.

ولم تكن تلك القضية الأولى، إذ أن هناك مخالفات مالية تورطت فيها النائبة البرلمانية جيهان محمد زكي، التي عملت كرئيسة تنفيذية لهيئة المتحف المصري الكبير، قبل أن تقال من منصبها في اليوم التالي للافتتاح التجريبي للمتحف في 17 أكتوبر الجاري، عقب اكتشاف مخالفات وتلاعب في الحسابات.

 

نوصي للقراءة: الحصانة القضائية: درع حماية أم سلاح للفساد في مصر؟ 

 

مخالفات مالية وإدارية

جيهان وهي عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب المعينة من قبل الرئيس السيسي، تعد صاحبة أقصر مدة لتولي منصب رئيس المتحف المصري الكبير حتى اللحظة (صدر قرار رئاسي أيضًا بتعيينها كرئيسة تنفيذية للمتحف المصري الكبير)، إذ لم تكمل في المنصب سوى أربعة أشهر و20 يومًا فقط، بعد أن عينت في 27 مايو الماضي.

وفقًا لما ورد إلى زاوية ثالثة، ارتبطت جيهان في عام 2019 بشبهات فساد دارت حولها في عام 2019، عندما أصدرت وزيرة الثقافة آنذاك، إيناس عبد الدايم، القرار رقم 545 لسنة 2019، الذي تضمن مراجعة وفحص أعمال الجرد السنوي لكافة محتويات الأكاديمية المصرية للفنون في مدينة روما عاصمة إيطاليا (كانت جيهان السيدة المصرية الأولى التي تتولى رئاستها منذ تأسيسها)، وكذلك مراجعة بعض الأعمال المالية للأكاديمية ومراجعة كافة الإجراءات القضائية المقامة ضد أو من الأكاديمية في إيطاليا، والموقف القانوني الأخير لكل دعوى والإجراءات القانونية المتخذة حيال كل منها حتى تاريخ الفحص.

شُكلت حينها لجنة برئاسة أحمد صلاح الدين بهجت – رئيس قطاع مكتب وزير الثقافة وقتها-، وعضوية المستشار عصام محمد رفعت القاضي بمجلس الدولة والمنتدب مستشار قانوني لوزيرة الثقافة حينها، والمحاسبين بالوزارة طارق محمد متولي، وعزة أحمد الحاج، ومحمود يوسف حسن، انتهت إلى ثبوت وجود فساد ومخالفات مالية وإدارية، وسافرت اللجنة إليها لتجري تحقيقات وفقًا لـ تكليفها؛ إلا أن جيهان وكانت مديرة أكاديمية روما وقتئذٍ، هربت من التحقيقات ومن الحضور وأنهت متعلقاتها وأمورها وغادرت، فقررت اللجنة عقب جمع المستندات والتحقيقات وجمع أدلة الإدانة بحقها ورفع التقرير ومذكرة بنتائج التحقيقات إلى وزيرة الثقافة، والتقدم ببلاغ رسمي ضدها إلى هيئة الرقابة الإدارية للتحقيق في الملف المتورطة فيه. 

حصلت زاوية ثالثة على الملف الكامل المتضمن بلاغ هيئة الرقابة الإدارية والتقرير الكامل للجنة التحقيق المشكلة بقرار من وزيرة الثقافة، والتي جاء فيهما أن “اللجنة حضرت بكامل تشكيلها بمقر وزارة الثقافة مساء 28 أغسطس 2019 وأعدت التقرير بناء على توجيهات وزيرة الثقافة. جاء فيه أنه أثناء عمل اللجنة بيومها الأول بروما، تبين عدم وجود جيهان بصفتها مديرة الأكاديمية المصرية للفنون بروما رغم علمها بوصول اللجنة يوم 20 أغسطس 2019 بموجب البريد الإلكتروني الرسمي بتاريخ 19 أغسطس 2019.”

واكتفت بالتأشير على الإيميل المعروض عليها من قبل الملحق الإداري والمالي بالأكاديمية بعبارة (يتم استضافتهم)، وبالسؤال عن مديرة الأكاديمية المصرية للفنون بروما أفاد العاملون بأنها غادرت المقر قبل وصول اللجنة ونقل جميع متعلقاتها الشخصية عن طريق شركة شحن بتعليمات منها على حسابها استعدادًا للسفر خارج إيطاليا. وحسب الملف، فقد تلاحظ مغادرتها المقر قبل انتهاء المدة القانونية بيومين – الفترة التي كان من المفترض أن تكون فترة ترتيب أمور الأكاديمية المالية والإدارية حتى لا يتوقف العمل-، ما زاد الأمر سوءًا ترك الأكاديمية دون اعتمادات مالية وإجرائية ترتب عليها وجود مبلغ وقدره 8.89 يورو فقط في خزينتها، دون اتخاذ إجراءات رسمية بنكية للوقوف على احتياجات العمل للأكاديمية.

وبحسب ما توصلت إليه زوية ثالثة فإن التقارير أفادت بأنه جرت تسويات مالية وعمليات صرف بالجملة في أوجه عديدة دون اعتمادات مالية رسمية أو استمارات للشراء المباشر، ولم يتمكن الملحق المالي من إثبات أوجه الصرف وقانونيتها، وبيان أين ذهبت، خاصة أنها جميعها تم صرفها بقرار من مديرة الأكاديمية وقتها. وقد رفض مراقب حسابات وزارة الثقافة التابعة لوزارة المالية القوائم المالية المرسلة لوجود شبهة فساد واستيلاء على المال العام دون إنفاقه.

وفق الأوراق التي حصلنا على نسخة منها، ففي العام المالي 2017/2018 حُصر مبلغ 635 ألف و255 يورو، وفي العام المالي 2016/2017 مبلغ 355 ألف و987 يورو، وفي العام المالي 2015/2016 مبلغ مليون و578 ألف و65 يورو، وفي العام المالي 2014/2015 مبلغ وقدره 22 ألف و154 يورو، وفي العام المالي 2013/2014 مبلغ 11 ألف و654 يورو، وفي العام المالي 2012/2013 مبلغ 63 ألف و251 يورو، وجميعها أموال غير مثبتة الصرف بمستندات رسمية وتحيطها شبهة فساد بالاستيلاء عليها.

ووفق التقارير، تبين أن من ضمن المخالفات المالية ما جاء في عملة تكهين متعلقات الأكاديمية، إذ اتضح أنها لم تتم بالطريقة العلمية المعتادة التي تعود بالأموال على خزينة الأكاديمية، وبمناظرة مستندات التكهين والبيع لصالح خزينة الأكاديمية تبين أن إجراءات التكهين لم تتم من الأساس وتم التخلص من كافة الأصناف عن طريق دفع الرسوم لشركات مقابل التخلص منها. إذ رصد في عام 2013 تكهين كافة معدات معرض مصر للآثار الرسمية والفرعونية والتي بلغت عملية تكهينها نحو 655 ألف و345 يورو، تحملتها الأكاديمية بدلًا عن أن تعود بالدخل عليها. وفي عام 2014 تم تكهين تسع غرف تجهيزات، ودفع مبلغ 11 ألف و240 يورو لذات الشركة للتخلص منها، رغم من أن هذه الغرف تم تجديدها بالكامل عام 2009 ولم تستخدم إلا نادرًا.

في سبتمبر عام 2015، افتتح معرضًا بمدينة فينيسيا، وتكلف وفق المستندات نحو 32 ألف و980 يورو دون أي تسويات أو محاسبات أو إجراءات رسمية تؤكد صحة عمليات الصرف لهذا المبلغ، إذ ذكر المبلغ دون ذكر أصناف محددة على وجه الدقة وأوجه الصرف، وإنما تسوية تمت بين الأكاديمية ورئيس قطاع مكتب الوزير في ذات التوقيت، واعترض مراقب المالية ولم يتم تسوية المبلغ حتى تاريخ التقرير.

وفي عام 2016 في معرض فينسيا الدولي تم صرف مبلغ ألف و214 يورو مقابل انتقال رئيسة الأكاديمية المصرية للفنون بروما عن يوم الافتتاح فقط وضيافة للزوار بمبلغ 86 يورو لكل فرد، وكان إجمالي عدد الضيوف 204 ليصبح الإجمالي المنصرف مبلغ وقدره 17 ألف و544 يورو دون حساب أي ضريبة على المبلغ أو أي رسوم للحكومة الإيطالية، ما يؤكد تزوير البيان المرفق من فندق (دانييلي لكشري كولكشن – Collection Luxury a ,Danieli Hotel Venice ,Hote) والثابت أن الحضور 204 بإجمالي مبلغ 17 ألف و544 يورو دون حساب الضرائب الرسمية، مع العلم أن تنقل رئيس الأكاديمية بسيارتها أو بالقطار أو بالطائرة.

لم تقتصر المسألة على مخالفات مالية فقط، تجاوزتها إلى توظيف عمالة غير منتظمة بالأكاديمية بالمخالفة للقوانين الإيطالية في عام 2017، فرض ذلك غرامة تشغيل بالمخالفة للقانون بنحو 3500 يورو، إضافة إلى نحو 11 ألف و548 يورو قيمة التأمينات على العمالة غير المنتظمة بالأكاديمية وقضية للتهرب من التأمينات، ومبلغ خمسة آلاف و800 يورو أتعاب محامي إيطالي للدفاع عن رئيسة الأكاديمية، ومبلغ أربعة آلاف و352 يورو رسوم التنازل عن قضية لم ينته فيها التحقيق لعامل زراعة عُين بالمخالفة أثناء مطالبته بـ راتبه عن مدة العمل، ومبلغ 45 ألف و483 يورو تعويض لـ موظف آخر أقام دعوى ضد الأكاديمية لعدم صرف مستحقاته، إضافة إلى 1300 يورو مطالبة مكتب المحاماة الإيطالي نظير دفاعه.

 

نوصي للقراءة: مبنى قبة قناة السويس: من إرث تاريخي إلى فندق سياحي؟ 

 

فساد مالي

بعد انتهاء جهات التحقيق من مراجعة حسابات الأكاديمية، تبين وجود بند “السُلف المؤقتة”، بموجبه صرفت مبالغ مالية دون أي إجراءات رسمية ومستندية بتعليمات رئيسة الأكاديمية، دون مذكرات رسمية لأوجه الصرف وحتمية السداد، بعيدًا عن رقابة الملحق المالي والإداري بالأكاديمية.

تبين صرف نحو 2244 يورو خلال خمسة أشهر في المطاعم، إذ استضافت رئيسة الأكاديمية أصدقاء لها خارج الأكاديمية بشكل ودي؛ ما يعد إهدارًا للمال العام. كذلك التعاقد مع العمالة غير المنتظمة بالمخالفة لجمهورية إيطاليا ومساعدة عناصر على عدم دفع قيمة الضرائب والتأمينات لإيطاليا، ما كلف الأكاديمية مبالغ مضاعفة كقيمة غرامات مقررة قانونيًا.

وأيضًا- عدم إجراء جرد سنوي محمل بقيمة الأصناف والحالة التي عليها الموجودات بالمخازن والإشراف عليها واعتماد الأصناف القابلة للتكهين، وعدم اعتماد نظام مستندات صرف بالأكاديمية تحت إشراف مديرها محدد بها اليومية بالصرف، وعدم وجود دفاتر صرف مبالغ مالية بأرقام مسلسلة معتمدة من مدير الأكاديمية والملحق الإداري لإحكام الرقابة المالية للصرف، أواعتماد تأريخ المخاطبات الرسمية من وإلى مدير الأكاديمية، مما أدى إلى اختلاف إجراءات ضبط الرقابة المالية والإدارية.

والتقاعس عن الرد على مناقضات المراقب المالي لوزارة الثقافة عن العام المالي 2018/2017 بشأن تسوية المبالغ المحولة للأكاديمية المصرية للفنون بروما بمبلغ خمسة مليون يورو سنويًا، وأفاد الملحق الإداري لإصدار مديرة الأكاديمية التعليمات للملحق الإداري السابق بعد تجهيزه للرد بعدم إرساله إلى قطاع مكتب الوزير للرد على كافة المناقضات مما أدى إلى تضخم مبلغ الدفع المقدم المحول من القاهرة للصرف على الأكاديمية وتم ذكر ذلك في مناقضة الجهاز المركزي للمحاسبات عند مراجعة هذا العام المالي.

زاوية ثالثة تواصلت مع المستشار عصام محمد رفعت – القاضي بمجلس الدولة والمنتدب مستشار قانوني لوزيرة الثقافة حينها-، يؤكد صحة كافة المستندات والأوراق والوثائق التي حصلنا عليها، مشيرًا إلى تقدم اللجنة بالمستندات عن المخالفات المالية والإدارية بالأكاديمية المصرية للفنون بروما.

وحسب قوله فقد رصدت اللجنة مخالفات عدة جرت في داخل الأكاديمية، تسببت في تحميل مبالغ مالية على موازنة وزارة الثقافة. وكانت المخالفات المالية منها كثيرة وثابته وبدون موافقات السلطة المختصة في القاهرة وهو وزير الثقافة.

يتابع، أنه بالإضافة إلى ذلك، جاءت قضايا تشغيل العمالة بالمخالفة، لتصبح من أكثر الجرائم المرتكبة، ما فرض تسديد مبالغ مالية ضخمة للمحامين والتعويض للعمال والغرامات للحكومة الإيطالية، لأن النظام الإيطالي يحسب الغرامة بالضعف حال التأخير في السداد.

يضيف أن ثبت وجود خلط كبير يتخطى الإهمال في المستندات القانونية اللازمة للنظام المالي والفواتير، وقد تم رصد مخالفات مالية تقدر بنحو خمسة ملايين يورو خلال عملية الفحص والرصد للأعمال آخر خمسة أعوام من عملها كرئيسة للأكاديمية. مؤكدًا أن تقرير اللجنة لم يتم البت به، وبالنسبة للبلاغ المقدم إلى هيئة الرقابة الإدارية، فقد أرفق به التقرير الأصلي المالي والإداري والإجرائي والتقرير عن سنوات عملها، إلا أنه لم يحدث أي تحرك حتى تم إنهاء ندبه كمستشار قانوني لوزير الثقافة.

يبين أنه صدر القرار الجمهوري رقم 5 لسنة 2020 بتعيين أعضاء مجلس النواب لدور البرلماني الحالي والذي تضمن وجود اسم المديرة السابقة للأكاديمية ورئيسة للمتحف المصري الكبير المقالة، كعضوة مجلس نواب بالتعيين، ولم يحدث أي تحقيقات منذ ذلك التوقيت، ولم يتم استدعاء أعضاء اللجنة لسماع أقوالهم كشهود، ولم يتم سماع أقوالها بخصوص الاتهامات الموجهة إليها، مشددًا على أن الحصانة البرلمانية وفرت لها الحماية من المسائلة القانونية أو القضائية من أي اتهامات تلاحقها.

نوصي للقراءة: عدالة أم انتقام؟ اليونان تحاكم 9 مصريين نجوا من غرق سفينة “أدريانا” 

 

المتحف المصري الكبير

التقت زاوية ثالثة عددًا من الموظفين بالمتحف المصري الكبير – طلبوا عدم الإفصاح عن هويتهم- لمعرفة كواليس الإطاحة برئيسة المتحف. يقولون إنهم فوجئوا بإنهاء خدمة جيهان من عملها كرئيسة للمتحف دون أي تمهيد، إذ كان العمل يجري بشكل منتظم، تمهيدًا للانتهاء من أعمال التطوير الخاصة بالمتحف للاستعداد للافتتاح الرسمي له.

يضيف الموظفون الذين حدثناهم أن قرار الإنهاء جاء بشكل مفاجئ، إذ طلب منها ترك مكتبها دون أي تحضيرات واستعدادات مسبقة، لتعيين رئيس آخر للمتحف سيقوم باستلام مهام العمل وكافة العهد والأختام والمستندات والمتعلقات التي تحت أيديها. مشيرين إلى أن هناك جهات – لم يسموها – أجرت تحريات وجمعت معلومات قبل وفي يوم الإقالة وبعد الإقالة، وأن هناك فحص مستمر حول الأعمال المنجزة وكافة الأمور الإجرائية والعُهد التي تمت مؤخرًا، وفحص شامل لكافة الآثار والأعمال وسياسة النقل والاستلام والمستندات والأوراق الموازية لها، وكافة الأمور المتعلقة بالمتحف.

 حصلت زاوية ثالثة على نسخة من مستند متداول بين موظفي المتحف المصري، منسوب إلى جهة سيادية،  يكشف عن اتهامها في القضية رقم 2025 لسنة 1998، بتهمة الاتجار في الآثار، وإلقاء القبض عليها قبل أن يتم إخلاء سبيلها بصفتها الخبير المُقيم للبيع، إضافة إلى اتهامها في القضية 92 لسنة 1982 آداب الجيزة، بتهمة تيسيير الدعارة بإحدى شقق حي المهندسين، إضافة إلى اتهامها في القضية رقم 8222 جنايات عابدين، المقيدة أمن دولة عليا، والمتعلقة بتهريب الآثار، بجانب اتهام زوجها مدحت ميشيل، مالك شركة نقل، في قضية تهريب آلاف القطع الأثرية المصرية في إيطاليا والتي تعود إلى مايو 2018؛ إذ ضبطت السلطات الإيطالية، أكثر من 23 ألف قطعة أثرية مصرية شحنت من ميناء الإسكندرية إلى مدينة ساليرنو الإيطالية داخل حقائب دبلوماسية، بحسب المستند.

ويشير التقرير إلى أن تعيين جيهان زكي لرئاسة الأكاديمية المصرية للفنون بروما في عام 2012 وحتى عام 2020، بقرار من وزير الثقافة وقتئذٍ، تم دون إعلان بالمخالفة للقوانين، كما أنها جمعت بين وظيفتها والعمل بالجامعات الفرنسية كأستاذة لعلم المصريات، بالمخالفة للقوانين المصرية.

يوضح الخبير القانوني مصطفى علوان – المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة-، إلى زاوية ثالثة أنه وفقًا للأوراق والمستندات والتقرير والاتهامات المتضمنة في البلاغ المقدم من اللجنة إلى هيئة الرقابة الإدارية، فإن رئيسة المتحف المصري المقالة، متورطة في جرائم إهدار المال العام والعدوان عليه واختلاسه، والمنصوص عليها في القانون رقم 58 لسنة 1937، والذي أوضحت المواد من 111 إلى 115 بالباب الرابع منه، أن العقوبة تصل إلى السجن المشدد بالنسبة للموظف العام، الذي استولى بدون وجه حق على مال تحت وصايته أو سهل الأفعال التي تكون الركن المادي لجريمة الاستيلاء على المال العام، ويكون السجن المشدد يصل إلى عشر سنوات، كما أن الجرائم المرتبطة بها ارتباط لا يقبل التجزئة كتزوير سندات من أجل تحقق النتيجة الإجرامية باعتباره ظرف مشدد للعقوبة والتي تصل إلى السجن المؤبد،  بمعنى أن جريمة العدوان على المال العام إذا ارتبطت بأي صورة من صوره، مع جريمة التزوير في أوراق أو مستندات أو حسابات أو خلافه، فإن العقوبة تكون مشددة وتصل إلى السجن المؤبد 25 سنة.

ويلفت الخبير إلى أنه من خلال العرض السابق وبالتطبيق على الواقعة الخاصة برئيسة المتحف المصري المُقالة من منصبها، فإنه تتوافر في القضية كافة أركان جريمة الاستيلاء على المال العام والعدوان عليه المقترن بالتزوير، حال كونها موظف عام استخدمت صلاحيات وظيفتها فى تسهيل وإهدار والاستيلاء على المال العام وذلك بطريقة التزوير من أجل بلوغ نتيجة إجرامية وهي إهدار المال العام والتربح والاستيلاء عليه، وارتكاب شكل أو أشكال عديدة من جرائم العدوان على المال العام.

طارق جمال حافظ
صحفي مختص بالتحقيقات في قضايا الفساد

Search