في غياب كافة قياداته، استضاف مقر حزب الكرامة المصري مؤتمر حزب “تيار الأمل” حول قضية وكيل مؤسسيه والرئيس السابق لحزب الكرامة، أحمد الطنطاوي، تعليقًا على حكم حبسه ورئيس حملته الانتخابية، المحامي محمد أبو الديار و21 من أعضاء الحملة، بتهمة طبع أوراق انتخابية دون تصريح من الجهات المختصة.
وخلال المؤتمر شدّد حزب تيار الأمل -تحت التأسيس- في بيانه الذي ألقاه منسق اللجنة التأسيسية للحزب، علاء الخيام، استمرار معركة جمع توكيلات تأسيس الحزب، رغم صعوبة الأمر، داعيًا كافة المؤمنين بالتغيير للانضمام، وأن الحزب مستمر في الاشتباك مع كافة القضايا، والتواصل مع كافة القوى الوطنية ذات الأرضية المشتركة، لتكوين تحالف وطني قوي.
يؤكد “الخيام” أن كلا من الحزب والطنطاوي “لا يطلبون العفو الرئاسي”، لأن الطنطاوي وأبو الديار ورفاقهم لم يرتكبوا أية جريمة ليطلبوا العفو عنها، وأنهم مارسوا حقهم الدستوري في محاولة الترشح لرئاسة الجمهورية، وشكر في الوقت ذاته كافة القوي الوطنية التي أصدرت بيانات للتضامن طلبت فيه العفو الرئاسي، مشيراً إلى أن حزب تيار الأمل غير مسئول عن هذه البيانات أو محتواها.
ويوضح “الخيام” أن الطنطاوي لا يزال وكيل مؤسسي الحزب، وأن الموقف القانوني لذلك لم يتم حسمه حتى الآن، مشيراً إلى أنهم توقعوا قرار القبض عليهم، “لأننا أمام نظام لا يؤمن بالانتخابات أو الانتقال السلمي، صحيح أن الامور كانت فجة بصورة أكبر، وأن دور الحزب الحالي هو المقاومة لتحرير توكيلات الحزب، وأن كل مؤمن بالتغيير عليه أن يقاوم، وأن كل مكسب وتغيير يحدثه أحمد ورفاقه ستستفيد منه التجارب القادمة”.
وحول الحوار الوطني ومشاركة الحزب فيه، يعلق منسق اللجنة التأسيسية: “الحوار تحول إلى دردشة وليس حوار وطني، فهناك طلبات وقعت الحركة الوطنية عليها للمشاركة في الحوار الوطني، ووقع عليها الطنطاوي بصفته رئيس حزب الكرامة حينها، كان منها الإفراج عن المعتقلين وتعديل قانون الحبس الاحتياطي، ولم يتم الاستجابة لهذه الطلبات في المرحلة الأولى من الحوار الوطني حتى الآن، ولا يوجد عاقل يقبل المشاركة في الحوار لمجرد الدردشة”.
موقف العائلة ثابت
في السياق نفسه، ذكرت المتحدث الإعلامي باسم الحزب وزوجة أحمد الطنطاوي الإعلامية رشا قنديل، أن موقف أحمد وأسرته واضح، ويتمثل في طلب عدل وليس عفو، وأن في حالة إعادة تدويره في قضايا أخرى فإن الموقف محدد مسبقًا و هو رفض طلب العفو الصحي.
وحول تأثير حبس الطنطاوي ورفاقه على حزب تيار الأمل، تقول “قنديل” أن المشهد السياسي الذي يشهد تغييب أي شخصية تحاول زراعة الأمل في المشهد السياسي والحقوقي، سواء طنطاوي ورئيس حملته الانتخابية الممنوعة محمد أبو الديار أو رفاقهم، أبعد ما يكون عن نهاية طريق الطنطاوي الذي اختاره وقرر السير فيه للنهاية، سواء نهاية الطريق أو نهايته شخصيًا، مبينة أن الأيام التي أعقبت القبض عليه عدت أكثر الأيام التي تلقى فيها الحزب طلبات للانضمام.
الحركة المدنية غائبة في مؤتمر تيار الأمل
خلال المؤتمر الذي غاب عنه أغلب قيادات الحركة المدنية الديمقراطية، عدا مدحت الزاهد – رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي-، وخالد داود – القيادي بحزب المصري الديمقراطي-، قال المحامي الحقوقي وعضو هيئة الدفاع عن الطنطاوي، خالد علي، إن نص المادة التي يحاكم بموجبها وكيل مؤسسي حزب تيار الأمل تم وضعها بسبب البطاقة الدوارة، التي كانت تستخدم في تزوير الإنتخابات، وهي بطاقة التصويت التي تعد ورقة رسمية، ولكن في حالة الطنطاوي فإن التوكيلات الشعبية ليست مستخدمة في العملية الانتخابية وإنما هي أوراق تمهيدية للعملية الانتخابية.
يضيف: المادة التي يحاكم بموجبها تحرمه من حقه السياسي في الترشح لمدة خمس سنوات، وتشترط استفادة المرشح من الأوراق الانتخابية المطبوعة، وهو ما لم يحدث في حالة الطنطاوي، لأنه لم يتقدم بأوراق ترشحه.
ويوضح “علي” أن هناك فارق بين التوكيلات السياسية، والتوكيلات القانونية، لأن التوكيلات العرفية هي ممارسة سياسية لا تعطي الشرعية القانونية للمرشح، ولكن تعطي الشرعية السياسية فقط، وهو يماثل الحصول على توكيل عرفي كمحامي من أي شخص، فهو لا يعتد به أمام المحكمة، فالعقاب عليه ليس الإحالة للمحاكمة، وإنما عدم الاعتداد به.
يشرح عضو هيئة الدفاع أنه خلال جلسات المحاكمة، سألت المحكمة أحد أعضاء الحملة عن أشكال التضييق في عملية إصدار التوكيلات، وهو السؤال الذي كان يهمني الحصول على إجابة عليه حتى لو تأخذ المحكمة به، لذلك قام مجموعة من الباحثين بجمع القرارات والأرقام الخاصة بعملية جمع التوكيلات في انتخابات 2014، و2018 و2023، لتوضيح كيفية التضييق الذي تم في العملية الإنتخابية الأخيرة، فمثلاً المدة المتاحة لجمع التوكيلات في 2014 كانت 21 يومًا، في 2018 كانت 22 يومًا، بينما كانت أقل مدة في انتخابات 2023 بواقع 20 يوم فقط، وكانت أعداد مكاتب الشهر العقاري المتاحة لعمل التوكيلات هي الأقل في انتخابات 2023 بواقع 217 مكتب فقط، وفي 2014 كانت 350 مكتب على مستوى الجمهورية، بينما كانت الأعلى في 2018 بواقع 390 مكتب شهر عقاري على مستوى الجمهورية.
ورغم قلة عدد مكاتب الشهر العقاري، وأزمة تخفيف الأحمال التى أثرت على عمل مكاتب الشهر العقاري، فإن متوسط الوقت الذي استغرقه اصدار التوكيل الواحد في الانتخابات الأخيرة كان الأقل بواقع 85 ثانية، لأن المكتب الواحد كان يصدر نحو 492 توكيل في اليوم، بينما في عام 2014 كان مكتب الشهر العقاري يصدر 30 توكيل بمتوسط وقت 14 دقيقة للتوكيل الواحد، بينما في انتخابات 2018 كان المكتب الواحد يصدر 132 توكيل في اليوم بمتوسط ثلاث دقائق ونصف.
ويؤكد أن الطنطاوي يعاقب ليس فقط على تفكيره للترشح في الانتخابات الرئاسية، وإنما على مجمل أدائه داخل البرلمان، وقضية تيران وصنافير، مشيراً إلى أن البداية الأولى لتحريك هذه القضية كان بيان من وزارة الداخلية تحت زعم وجود تزوير في التوكيلات، والنيابة لم تستطع تقديم أي متهم فيهم بتهمة التزوير، لذك فإن محضر التحريات يتحدث عن التحضير للتزوير، ويضم معها كافة التهم المعتادة في مثل هذه القضايا السياسية من الدعوة لإسقاط الحكم، والتظاهر والتجمهر، والهدف من القضية هو فرض الصمت على الجميع بقوة القانون.
في السياق ذاته، يقول عضو هيئة الدفاع أحمد قناوي، إن قضية أحمد ورفاقه هي القضية الأكثر تهافتا في القانون رآها على مدار 40 سنة من العمل بالمحاماة، ورغم توقعه الإدانة إلا أن أي شخص لديه ثقافة واطلاع سيعرف أنه لا توجد قضية من الأساس، مضيفًا: “الطنطاوي يعاقب بموجب المادة 65 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، وتشترط وجود مرشح مستفيد من عملية طباعة الأوراق الانتخابية، وأحمد ليس مرشح رسمي، كما أن المادة تشترط أن تكون الأوراق المطبوعة مستخدمة في العملية الانتخابية، والأوراق التى يحاكم بسببها الطنطاوي ورفاقه ليست أوراق تستخدم في العملية الانتخابية، وهذا ليس اجتهاد، وإنما ورد في المادة 12 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، فالمرشح مطلوب منه عدة أوراق تمهيدية للعملية الانتخابية مثل شهادة الميلاد والمؤهل والتوكيلات وإقرار طالب الترشح بأنه مصري، وكلها أوراق تمهيدية وليست مستخدمة في عملية الانتخابات، الموضوع لم يكن بحاجة للنيابة العامة أن تستوفي الهيئة الوطنية للانتخابات أنها أوراق غير مستخدمة في العملية الانتخابية”.
ويشرح “قناوي” أن النية في تحريات المباحث كانت البحث عن أي شئ يدين الطنطاوي وحملته، فبدأت بالحديث عن التزوير، ولكن هذه الأوراق غير رسمية ولا جريمة تزوير فيها، فاتجهوا لـ تهمة الانقلاب على القوة الدستورية بالقوة المسلحة، مشيرًا إلى أنه في حالة محمد أبو الديار فقد فوجئنا بإصدار الحكم دون رد على هيئة الدفاع وطلباتها، ليتم تنفيذ الحكم عليه والقبض عليه من داخل المحكمة.
ورغم تأكيد الخيام وقنديل لرفض طلب العفو الرئاسي بحق أحمد ورفاقه، إلا أن خالد داود المتحدث السابق باسم الحركة المدنية، قال إن من المطلوب السير في كافة المسارات، وإذا كان هناك عدد من رؤساء الأحزاب المصرية يرون المطالبة بعفو رئاسي حفظًا للجبهة الداخلية فلهم الحق بذلك.
وفي تصريح خاص لـ زاوية ثالثة، تقول رشا قنديل إن “الموقف السياسي الحالي هو موقف اصطفاف وفرز للمشاركين في الحركة السياسية المصرية”، مشيرة إلى أنه تم توجيه الدعوة 40 شخصية حقوقية وسياسية، وأن المشروع الحالي ليس مشروع الطنطاوي فقط وإنما مشروع كل المؤمنين بالطريق الثالث والانتقال السلمي للسلطة، وأعتقد أنه ليس هناك منطق لعدم الاصطفاف إلى جانب هذا المشروع أيا كان صاحبه.
واعتبرت أن تأييد الحكم على أحمد ورفاقه هي محاولة ساذجة لإجهاض مشروع تيار الأمل، وهذا لن يحدث لأن وكيل مؤسسي الحزب ترك خطة للحزب تكفيه لسنوات، ونتلقى الآلاف من طلبات الانضمام للحزب، وتم توزيع مهام العمل الخاصة به كوكيل مؤسسين، مشيرة إلى أن هيئة الدفاع تنتظر حيثيات الحكم لمتابعة القضية.
كانت قد أعربت الأمم المتحدة، 31 مايو الماضي، عن قلقها العميق إزاء سجن السياسي المصري المعارض أحمد الطنطاوي، ودعت إلى إطلاق سراحه فورًا.
وقالت مارتا هورتادو المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في بيان: “نشعر بقلق بالغ إزاء القرار الذي أصدرته محكمة استئناف القاهرة في 27 مايو الجاري، بتأييد حكم السجن لمدة عام مع الشغل ضد النائب السابق في البرلمان الذي كان يرغب في الترشح للرئاسة أحمد الطنطاوي و22 من أنصاره”.
وتعود وقائع القضية، إلى أكتوبر الماضي، حيث دعا المرشح الرئاسي أحمد طنطاوي أنصاره إلى تحرير توكيلات شعبية، بعد اعلانه في منتصف الشهر ذاته عدم حصوله إلا على 14 ألف توكيل فقط من أصل 25 ألف توكيل مطلوب للترشح، وذلك جراء منع أنصاره من تحرير توكيلات له، ليتم احالته ومدير حملته وعدد من أعضاء الحملة في نوفمبر إلى المحاكمة، قبل أن يصدر حكم أول درجة في فبراير الماضي.