في أغسطس الماضي، شنت السلطات في زامبيا مداهمة على طائرة خاصة بعد يوم من هبوطها في البلاد في 13 أغسطس، واعتقلت 10 أشخاص. وصادرت خلال العملية 5.7 مليون دولار نقدًا، وخمسة أسلحة، و127 كيلوغرامًا مما بدا أنه سبائك ذهب، حيث كانت الطائرة قد قدمت من القاهرة.
في وقت لاحق، كشفت اختبارات السلطات الزامبية أن القطع الذهبية مزيفة وتتكون في معظمها من النحاس والزنك. وقال ناسون باندا، مدير إدارة حماية البيئة، في مؤتمر صحفي عقب العملية: “كانت هذه حالة واضحة من النصب والتزوير في الذهب”.
أظهرت وثائق حصل عليها مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) بالتعاون مع شبكة سكاي نيوز، أن الطائرة مملوكة لرجل الأعمال المصري البارز إبراهيم العرجاني. وفي إفادة خطية قدمها إلى المحكمة العليا في زامبيا في ديسمبر، أكد العرجاني أنه مالك الطائرة.
رجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني هو رئيس مجلس إدارة مجموعة العرجاني، التي تعمل في مجالات متعددة تشمل البناء والعقارات والسفر والأمن. وفي يناير 2023، أصبحت مجموعة العرجاني راعيًا رسميًا للنادي الأهلي.
تؤكد وثائق تسجيل الطيران في سان مارينو أن الشركة تمتلك طائرة جلوبال إكسبريس التي احتجزتها السلطات الزامبية. وفي الإفادة التي نشرتها مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، يوضح العرجاني أنه لا هو ولا شركة إدارة الطائرة، “إيبس إير”، كان لهما أي صلة بالمصريين الذين استأجروا الرحلة من القاهرة إلى لوساكا.
اقرأ أيضًا: من يحمل مفاتيح معبر رفح؟.. تجار الحروب ينشطون في استغلال العالقين في غزة
وفي أبريل الماضي، أفرجت السلطات الزامبية عن الطائرة بعد التوصل إلى اتفاق مع شركة العرجاني. وتظهر بيانات تتبع الرحلات الجوية أن الطائرة غادرت لوساكا إلى جوهانسبرج في الثاني عشر من أبريل.
كانت ملكية الطائرة وارتباطاتها بمصر موضوعًا للتكهنات منذ وقوع الحادث. وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن صحفيًا مصريًا احتُجز لفترة وجيزة في أغسطس بعد نشره أسماء المصريين الذين تم اعتقالهم على متن الطائرة.
وقد وُجهت إلى خمسة من هؤلاء المصريين تهمة التجسس، ولكن التهم أُسقطت بعد أربعة أيام. أما المصري السادس، وهو مضيف طيران، فقد تم إطلاق سراحه دون توجيه أي تهمة إليه.
وفي الوقت نفسه، يخضع خمسة زامبيين متورطين في هذه المؤامرة للمحاكمة حاليًا في لوساكا بتهمة التجسس. ورفضت كل من لجنة مكافحة المخدرات في زامبيا ومدير النيابة العامة التعليق، مشيرين إلى القضايا القانونية الجارية.
اقرأ أيضًا: اتحاد القبائل العربية.. انتقادات وتساؤلات
بعد نحو عام من تولي السيسي الرئاسة في مصر، تحدث إبراهيم العرجاني في لقاء تلفزيوني مع إحدى القنوات المصرية عام 2015، موضحًا أن “نهاية التكفيريين ستكون على يد رجال القبائل” نظرًا لمعرفتهم بجغرافيا سيناء الوعرة. وأضاف: “نستطيع الوصول للتكفيريين حتى لو كانوا نياما. نحن من القوات المسلحة والقوات المسلحة منا، إننا نحارب جنبًا إلى جنب مع رجال الجيش”. ولم يعلق الجيش المصري في أي وقت على تصريحات العرجاني بشأن “محاربتهم جنبًا إلى جنب” مع الجيش.
أُطلق سراح العرجاني، المنحدر من مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء، في عام 2010 بعد احتجازه لنحو عامين إثر اشتباكات نشبت عام 2008 بين مجموعات من الشرطة وأبناء القبائل في سيناء، حيث اتُهم بدو سيناء حينها باحتجاز العشرات من رجال الأمن.
بات اسم العرجاني مرادفًا للثروة والنفوذ الواسع في مصر. ودخلت أنشطة العرجاني إلى بؤرة الضوء بعد تأسيس شركة “أبناء سيناء” في مدينة العريش بشمال سيناء عام 2010، وفقًا لموقع الشركة. وتولت شركة “أبناء سيناء” إدخال المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة بعد تعرضه لهجوم إسرائيلي واسع النطاق في عام 2014.
وسرعان ما تحولت الشركة إلى “مجموعة العرجاني” التي تنضوي تحتها عدة شركات، وفقًا للموقع الإلكتروني للمجموعة. وتشير الصفحة الرئيسية للموقع إلى أن شركات المجموعة تعمل في مجالات الإنشاءات والعقارات والتجارة والنقل وكذلك السياحة.
تفتح هذه المجالات بابًا واسعًا من التساؤلات، إذ يمتلك العرجاني شركة سياحة باتت متهمة بتقاضي مبالغ باهظة من سكان غزة، الراغبين في الفرار من أتون الحرب المشتعلة في القطاع، ليدخلوا إلى مصر من خلال معبر رفح البري، وهو المنفذ الحدودي الوحيد الذي يربط غزة بالعالم الخارجي، بعيدًا عن سيطرة إسرائيل.