منذ أواخر العام الماضي، تصاعدت الأنباء عن توجه الحكومة المصرية لنقل ملكية عدد من الشركات المملوكة لها إلى الصندوق السيادي المصري خلال 2025، في إطار التزاماتها مع صندوق النقد الدولي، الذي يشترط بيع حصص في الشركات الحكومية، سواء المملوكة كليًا أو جزئيًا، لتحقيق تكافؤ الفرص بين القطاعين العام والخاص. وفي هذا السياق، أوصت بعثة الصندوق، خلال مراجعتها الرابعة لبرنامج القرض البالغ 8 مليارات دولار، الحكومة المصرية بضرورة تعزيز دور القطاع الخاص باعتباره محركًا رئيسيًا للنمو، وضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتوفير فرص عمل مستدامة.
وفي ديسمبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اعتزام الحكومة طرح حصص في ما لا يقل عن عشر شركات مملوكة للدولة خلال 2025، عبر عروض عامة أو لمستثمرين استراتيجيين. وتشمل القائمة شركات مثل مصر للمستحضرات الطبية، وتنمية الصناعات الكيماوية (سيد) للأدوية، والأمل الشريف للبلاستيك، ومحطة جبل الزيت لطاقة الرياح، إلى جانب بنكي القاهرة والإسكندرية. كما تتضمن الخطة طرح “وطنية” و”صافي”، التابعتين للقوات المسلحة، في البورصة المصرية بحلول منتصف 2025، بالإضافة إلى “سايلو فودز” و”تشيل أوت”، المقرر طرحهما بنهاية العام الجاري.
بالتوازي مع ذلك، تستعد الحكومة لنقل ملكية عدد من الشركات إلى الصندوق السيادي المصري خلال الربع الثاني من العام الحالي، تمهيدًا لطرحها على المستثمرين. وكان وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، حسن الخطيب، قد أشار في فبراير الماضي إلى أن نقل ملكية الشركات الحكومية إلى الصندوق سيتم على دفعات بهدف تعظيم العائد من أصول الدولة. من جانبه، أكد وزير المالية محمد معيط أن الحكومة تستهدف تحقيق عوائد تصل إلى 6.5 مليار دولار من برنامج الطروحات الحكومية بحلول نهاية 2024، لتعزيز قدرتها على تلبية الاحتياجات التمويلية، وزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، ورفع مساهمته في الاستثمارات العامة إلى 65% خلال الأعوام المقبلة.
ووفقًا للتقارير الاقتصادية، تستهدف الحكومة نقل 370 شركة إلى الصندوق السيادي كمرحلة أولى، مع التركيز على الشركات الرابحة خلال العام المالي 2024/2025 والتي تتمتع بهياكل ملكية بسيطة، مع استبعاد الشركات التي تتشابك ملكيتها بين الجهات الحكومية والبنوك، أو التي تمتلك أصولًا معقدة. ومن المقرر أن يبدأ الصندوق بضم الشركات الصناعية، خاصة تلك العاملة في الصناعات التحويلية الداعمة للقطاعات الإنتاجية، على أن تأتي الشركات العقارية، التي تمتلك مساحات واسعة من الأراضي غير المستغلة، في المرتبة التالية، فيما قد تخضع الشركات الحكومية الخاسرة، البالغ عددها 138 شركة، لعمليات إعادة هيكلة أو تغيير نشاطها في مرحلة لاحقة.
وبحسب تقرير رسمي حول موقف الشركات المملوكة للدولة، تمتلك الحكومة المصرية 709 شركات تابعة لـ33 جهة حكومية، حيث تتجاوز نسبة مساهمتها في 23% منها حاجز 75%، أي ما يعادل 163 شركة. وأظهر التقرير أن 373 شركة من إجمالي الشركات المملوكة للدولة تحقق أرباحًا، مقابل 138 شركة تعاني من الخسائر، بينما لا تزال القوائم المالية لـ198 شركة قيد الاستكمال. كما كشف التقرير أن 34% من الشركات الحكومية، أي ما يعادل 238 شركة، يتجاوز رأسمال كل منها 500 مليون جنيه، فيما يبلغ عدد الشركات المدرجة في البورصة 59 شركة، بما يمثل 8.3% من إجمالي الشركات المملوكة للدولة.
أما توزيع الشركات المملوكة للدولة وفقًا للوزارات، فيظهر أن قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية يضم نحو 12% من إجمالي الشركات، بإجمالي 85 شركة، بينما تدير وزارة قطاع الأعمال العام 309 شركات، ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية 88 شركة، ووزارة التموين 51 شركة. كما تمتلك وزارة النقل 46 شركة، ووزارة الإسكان 44 شركة، ووزارة الطيران المدني 40 شركة، ووزارة الإنتاج الحربي 39 شركة، ووزارة البترول والثروة المعدنية 37 شركة، بينما تدير وزارة الكهرباء شركة واحدة، ووزارة الاتصالات 20 شركة، ووزارة المالية 19 شركة، ووزارة الأوقاف 15 شركة، فيما تساهم هيئة قناة السويس في 23 شركة.
وفي إطار تنظيم ملكية الدولة في الشركات، أقر مجلس الوزراء، في مايو الماضي، مشروع قانون يهدف إلى تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، وتحقيق الحوكمة في إدارة الأصول الحكومية، مع تركيز الاستثمارات في القطاعات الحيوية، وزيادة تدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية، وضمان المنافسة العادلة في الأسواق. كما يسعى القانون إلى تنشيط الأسواق المالية، ورفع سيولة سوق رأس المال، وتحسين أداء الشركات الحكومية، وتعزيز الشفافية والحوكمة، وتعظيم الاستفادة من موارد الدولة.
نوصي للقراءة: استثمارات غير مسبوقة أم بيع أصول؟ نظرة على صندوق مصر السيادي بعد خمس سنوات
صندوق مصر السيادي
تأسس صندوق مصر السيادي في عام 2018 بموجب القانون رقم 177، بهدف جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال شراكات مع القطاع الخاص، والاستغلال الأمثل للأصول المملوكة للدولة عبر تصميم منتجات استثمارية مبتكرة. وفي أكتوبر الماضي، صدّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على تعديل بعض أحكام القانون المنظم للصندوق، بموجب القانون رقم 158 لسنة 2024، والذي منح الصندوق شخصية اعتبارية مستقلة، مع تبعيته لمجلس الوزراء واتخاذه من القاهرة مقرًا رئيسيًا، مع إمكانية إنشاء فروع أو مكاتب داخل مصر أو خارجها بقرار من مجلس إدارته.
ويشرف على الصندوق وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، فيما تتولى جمعية عمومية، تُشكَّل بقرار من رئيس الجمهورية، الإشراف على أعماله. وتتألف الجمعية من رئيس مجلس الوزراء رئيسًا، وعضوية وزير المالية، والوزراء المعنيين بالاستثمار والتعاون الدولي والتخطيط، وأحد نائبي محافظ البنك المركزي، بالإضافة إلى سبعة خبراء متخصصين في المجالات المالية والاقتصادية والقانونية وإدارة الصناديق الاستثمارية، يرشحهم رئيس الوزراء. وتبلغ مدة عضوية الخبراء أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
وبحسب المادة الرابعة من القانون، يبلغ رأس المال المرخص به للصندوق 200 مليار جنيه، بينما يبلغ رأس المال المصدر 5 مليارات جنيه، دُفِع منه مليار جنيه من الخزانة العامة للدولة عند التأسيس، على أن يُسدَّد الباقي وفق خطط الاستثمار خلال ثلاث سنوات. كما يتيح القانون زيادة رأس المال نقدًا أو عينًا وفق الضوابط المنصوص عليها في النظام الأساسي للصندوق.
ووفقًا لتقرير المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية في إفريقيا، يحتل صندوق مصر السيادي المرتبة الثانية من حيث حجم الأصول، بإجمالي 12.7 مليار دولار. وفي فبراير 2024، أعلن الرئيس التنفيذي للصندوق، أيمن سليمان، أن رأس المال المدفوع للصندوق سيتجاوز 100 مليار جنيه، عقب إضافة القيمة السوقية لعشرين أصلًا جديدًا، إلى جانب الشركة القابضة للتأمين، التي نُقلت ملكيتها بالكامل إلى الصندوق في مارس 2023.
وخلال الفترة من مارس 2022 حتى ديسمبر 2024، نفذت الحكومة المصرية 34 عملية طرح ضمن برنامج الطروحات الحكومية، شملت تخارجًا كليًا أو جزئيًا من شركات مملوكة للدولة، وأسفرت عن جمع أكثر من 30 مليار دولار.
وبات برنامج الطروحات الحكومية ركيزة أساسية في السياسة الاقتصادية للدولة، ضمن استراتيجية لتعزيز دور القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات المؤسسية، وتحسين بيئة التداول في سوق المال، فضلًا عن إعادة هيكلة بعض الأصول الحكومية. وتأكيدًا على هذا التوجه، أعلنت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هالة السعيد، خلال مؤتمر صحفي في ديسمبر 2023، أن الاتفاقيات النهائية لعملية الاكتتاب على سبعة فنادق تاريخية قد أُبرمت بالشراكة مع صندوق مصر السيادي، في خطوة لتعزيز استثمار الأصول العامة.
ومن المتوقع أن يشهد العام الجاري رقمًا قياسيًا من الطروحات الأولية في البورصة المصرية، سواء من خلال الطروحات الحكومية أو الخاصة، ضمن خطة تستهدف تنشيط السوق، وزيادة الشركات المدرجة، وتعزيز رأس المال السوقي للبورصة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
نوصي للقراءة: بيع الأصول المصرية: بين أزمة الدولار وأرباح صندوق أبوظبي
تغيير مفهوم المال العام
يوضح محمد رمضان، الباحث الاقتصادي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أنه في عمليات البيع السابقة للصناديق الخارجية، كان الصندوق السيادي يقوم بدور البائع وقام بتجنيب المستثمرين الأجانب عقبات البيروقراطية لأن الرقابة عليه أقل ويحكمه قانون مختلف، كما لعب الصندوق دور الوسيط فعمليات بيع الأصول للخليج، إضافة إلى قيامه بالتحصيل القانوني للعقود، معتبرًا أن الدور الرئيسي الذي يلعبه الصندوق السيادي هو حل المشكلة القانونية المرتبطة بتعريف المال العام ومن الذي يحق له البيع؟، وتقييمات الصفقة، ويتركز عمله على نقل الملكيات العامة له، كي لا تصبح مال عام، بحكم القانون، لتكون العقود مع المستثمرين محصنة بالقانون، مما يجنبهم عمليات الاعتراض على البيع، لأن مصر لها تاريخ طويل من تلك الاعتراضات ولا سيما في القضاء الإداري.
يقول إلى زاوية ثالثة: “مصر مستمرة في عمليات بيع الأصول؛ ففي وثيقة ملكية الدولة هناك نحو 39 شركة ضمن برنامج الأطروحات الذي تمت الموافقة عليه في عام 2016، وقد تم تجديد الاتفاق على تجديد تلك الأطروحات، ويتفق ذلك مع توجيهات صندوق النقد الدولي بتوسيع نطاق عمل القطاع الخاص، ومن المتوقع أن تؤثر عمليات بيع الشركات بالسلب على حقوق العمال، الذين يتمتعون بأجور أعلى وظروف عمل أفضل مما يحصل عليه نظراؤهم في القطاع الخاص، وقد يلجأ المستثمرين إلى إعادة الهيكلة للشركات وتسريح بعض العمالة”.
ويؤكد الباحث أن عدد الشركات المملوكة للدولة والذي يتجاوز الـ700 شركة، هو رقم كبير، ويصعب نقلها للصندوق وتغطية أطروحاتها، متساءلًا: هل سيدفع الصندوق للوزارات المالكة لها، أولًا؟، أم سينتظر حتى تتم عملية البيع ثم يقوم بتوريد حصيلة البيع؟، وأين ستذهب عوائد تلك الصفقات؟، مضيفًا أن مصر لديها بالفعل قوانين للخصخصة، إلا أن هناك شيء غير مفهوم يتعلق بتلك القوانين، يجعل من البيع عن طريق الصندوق السيادي أفضل من البيع عن طريق الوزارات والهيئات الحكومية للمستثمرين مباشرة.
نوصي للقراءة: العمال.. وقود أرباح رجال الأعمال: الدولة تشاهد!

حوكمة الشركات وما بعد الصندوق
يقول النائب البرلماني عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل وأمين سر لجنة الخطة الموازنة بمجلس النواب،في تصريح إلى زاوية ثالثة، أن العديد من التقرير الدولية والمحلية والعديد من الأصوات البرلمانية تتحدث عن منافسة القطاع الحكومي للقطاع الخاص، وإنخفاض نسبة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، وبالتالي فإن خطوة تخارج الدولة من الاقتصاد هي خطوة ضرورية، لكن المهم هو الآليات التي تتم من خلالها، ومدى توفر الشفافية، لافتًا إلى أن الحكومة مضطرة لطرح الشركات المملوكة للدولة، الرابحة، للاستثمار، وليس الشركات التي تحقق خسائر، لأنه إذا تم طرحها على وضعها الحالي ستباع بأثمان بخسة، وأنه يتوجب دمجها أو إصلاحها وتحويلها من الخسارة إلى الربحية قبل الطرح في البورصة أو الاستثمار أو العرض بالشراكة، ليكون الأمر مجزيًا، كي لا يتم تكرار تجربة خصخصة الشركات الخاسرة، والتي بيعت وقتئذٍ بأثمان بخسة، مما أثار عاصفة من الانتقادات واتهامات بالفساد في صفقات بيعها.
يضيف “موقفي من الصندوق السيادي وتعديلات القانون الخاص به معروف ومثبت في جلسات البرلمان، لكن ميزة الصندوق أنه يميل إلى القطاع الخاص ويقطع الطريق على الإجراءات البيروقراطية المعقدة، وبالتالي هو أكثر جذبًا للاستثمارات، وأنا مع تخارج الدولة من المجالات غير الاستراتيجية، لأن الملكية المطلقة تؤدي إلى ضعف الرقابة والمنافسة مما يؤدي لإنخفاض الجودة أو الفشل الإداري والربحي الضخم أو الممارسات الاحتكارية، والتأخر في تخارج الدولة خطأ كبير، لكن يجب أن تكون قواعد الشفافية والإفصاح واضحة فيما يتعلق بأشياء يعتقد المصريون أنها حق لهم وللأجيال القادمة، وسننتظر صدور قرار رسمي بنقل الشركات ونعقد اجتماعًا رسميًا بالبرلمان، عقب مناقشة الموازنة، بحضور وزير الاستثمار بصفته الوزير المختص بالصندوق السيادي، ليمدنا بخطة الصندوق تجاه تلك الشركات”.
ويعتقد أمين سر لجنة الخطة الموازنة بمجلس النواب، أن المشكلة ليست في نقل الشركات المملوكة للدولة إلى صندوق مصر السيادي، وإنما في مرحلة ما بعد الصندوق، وحوكمة الشركات، – وهي القوانين والمعايير التي تحدد العلاقة بين إدارة الشركة وحملة الأسهم وأصحاب المصالح أو الأطراف المرتبطة بالشركة-، وكيف سيتم طرحها؟، لافتًا إلى أن ضم الشركات للصندوق السيادي لا يعني بالضرورة بيعها، بل المزيد من حرية الحركة، وإنفاذ قواعد المشاركة مع القطاع الخاص والمؤسسات الدولية التي تسمح له بالابتعاد عن البيروقراطية الحقيقية.
ويبدي النائب تخوفاته من أن تدخل الشركات إلى الصندوق ولا يتم طرحها للاستثمار أو طرحها بالبورصة أو بيعها، وتلقى مصير أراضي تم ضمها للصندوق منذ سنوات ولا تزال على حالها، مُبينًا أن التحدي الكبير يكمن في تعظيم تلك الأصول ودمج القطاع الخاص فيها، وطرحها للتداول في البورصة، وإعطاء الفرصة للمصريين لشراء أسهم بها، مشيرًا إلى أن التجارب السابقة لطرح شركات مملوكة للدولة في البورصة كانت ناجحة وتمت في إطار من الشفافية والإفصاح الكلي والإتاحة لأكثر من مستثمر، وإن شهد بعضها تعثرًا في فترات، بينما أثارت الصفقات المباشرة التي تتم لمستثمر بعينه أو دولة بعينها تحفظات وقلق، رغم ارتفاع قيمتها، نظرًا لغياب الشفافية.
ولا ترى النائبة سناء السعيد، عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، مشكلة في توجهات الحكومة نحو زيادة حجم الاستثمارات واللجوء إلى القطاع الخاص، عن طريق نقل مباني وأراضي الوزارات والمؤسسات الحكومية المنقولة إلى العاصمة الإدارية الجديدة والشركات المملوكة للدولة إلى صندوق مصر السيادي تمهيدًا لطرحها للاستثمار، فهي تؤكد ضرورة التوسع في جذب الاستثمارات المحلية والدولية في السوق المصرية، إلا أنها تؤكد أن الأهم هو ضوابط الطرح للاستثمار وأن تحتفظ الدولة بالنسبة الأكبر من ملكية تلك الأصول والشركات، ويحصل المستثمرون أو رجال الأعمال على النسب الأقل من الملكية، وليس العكس.
وتبدي النائبة البرلمانية، في تصريحات إلى زاوية ثالثة، تحفظها على طرح الشركات المملوكة للدولة التي تحقق أرباحًا، للاستثمار، والإبقاء على الشركات التي تحقق خسائر، داعية لأن يتم طرح نسبة من ملكية شركة مصر للطيران للاستثمار لوقف نزيف خسائرها التي تكبد وزارة المالية مبالغ طائلة سنويًا، على أن تحتفظ الدولة بالنسبة الأكبر من ملكيتها.
نوصي للقراءة: حظر التعاقد مع 4 جهات سيادية.. خطوة نحو اقتصاد أكثر شفافية أم مناورة سياسية؟

خصخصة لا تخضع للرقابة
يعتبر الكاتب والباحث السياسي، عمار علي حسن، أستاذ العلوم السياسية، أن تلك الإجراءات تزاوج بين التأميم لصالح السلطة السياسية وليس الشعب، وبين الخصخصة التي لا تخضع لأي شكل من أشكال الرقابة، لأن صندوق مصر السيادي يخضع لقانون يجعله فوق المحاسبة والمراقبة، مما يعني بيع الشركات المملوكة للدولة بعد نقلها للصندوق، ولا يحق للمصريين، وفقًا لقانون الصندوق، معرفة قيمة الصفقة وكيفية البيع ومعرفة المشتري أو الطعن على العقود، أو محاسبة من قام بالبيع إذا ثبت أنه ليس مربحًا لمصر.
ويشير حسن إلى أن صفقات خصخصة الشركات التي كانت تتم في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، كانت تتخللها رشاوي وفساد عريض، جعل من عمليات البيع تتم بأسعار زهيدة، لكن حصيلة البيع كانت تذهب إلى الموازنة العامة، أما الآن فإن حصيلة البيع تذهب إلى هذا الصندوق الذي لديه توجهات مختلفة، مضيفًا أن صندوق النقد الدولي يريد أن تتوسع مصر في الخصخصة وإعطاء القطاع الخاص فرصة في النشاط الاقتصادي في الدولة المصرية، لكنه لم يحدد طريقة البيع، والسلطة المصرية هي التي تحدد طريقة البيع عن طريق النقل إلى الصندوق بالخروج على القوانين العامة إلى قانون الصندوق الخاص، وهي إجراءات لم تعرف لها الدولة المصرية مثيلًا سواء في زمن الاشتراكية إبان عهد جمال عبد الناصر، أو الانفتاح في زمن أنور السادات، أو الخصخصة في أيام مبارك.
في وقت يترقب فيه خبراء ومحللون اقتصاديون وبرلمانيون أن تكشف الحكومة المصرية عن تفاصيل خطتها لنقل شركات مملوكة للدولة إلى صندوق مصر السيادي، تمهيدًا لطرحها للاستثمار؛ فإن المخاوف تتزايد بشأن غياب الشفافية والرقابة على عمليات البيع التي تتم عبر الصندوق، بموجب القانون رقم 158 لسنة 2024 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 177 لسنة 2018 الخاصة بصندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية.