حزب الجبهة الوطنية: صعود سياسي برعاية المال والمنابر

حزب الجبهة الوطنية، وهو كيان سياسي جديد يجمع بين رجال أعمال، سياسيين، وأكاديميين بارزين، تحت شعار “مصر للجميع
Picture of شيماء حمدي

شيماء حمدي

أعلى الكباري وأسفلها في وسط القاهرة، تنتشر اللوحات الإعلانية التي تروج لحزب الجبهة الديمقراطية، المولود السياسي الجديد الذي يضم مزيجًا من السياسيين ورجال الأعمال ورجال الدين، والذي انطلق ليلعب دورًا جديدًا في المشهد السياسي المصري. يتزامن هذا مع النشاط الملحوظ للحزب في مختلف المحافظات لجمع التوكيلات، وذلك بعد أيام قليلة من إعلان الحزب عن سعيه لتأسيس نفسه.

نشرت صفحة الحزب الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عشرات المنشورات التي وثقت حالة النشاط المتزايد للحزب، بدءًا من جمع التوكيلات من المواطنين، إلى مشاركة مؤسسي الحزب في الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد، وصولًا لجولات كرنفالية في شوارع وسط القاهرة.

تأتي هذه الحركة النشطة، التي لم تواجه أي عراقيل أمنية أو سياسية، بعد أسابيع قليلة من رفض محكمة النقض الطعن المقدم من المعارض السياسي أحمد الطنطاوي، رئيس حزب تيار الأمل، ومحمد أبو الديار (محامٍ)، في القضية رقم 16336 لسنة 2023 جنح المطرية. إذ رفضت المحكمة في منتصف ديسمبر الماضي 2024، الطعن على الحكم الصادر بحقهما بالسجن لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ وغرامة 20 ألف جنيه، بالإضافة إلى منعهما من الترشح للانتخابات النيابية لمدة خمس سنوات. كما صدر الحكم على 21 متهمًا آخرين في القضية بالسجن لمدة سنة مع النفاذ، بتهمة تداول أوراق تخص الانتخابات دون إذن من السلطات المختصة، عبر دعوة المواطنين لـ توقيع توكيلات شعبية.

صفحة حزب الجبهة الوطنية على فيسبوك
صفحة حزب الجبهة الوطنية على فيسبوك

نوصي للقراءة: الطريق إلى الصندوق مفروض بالمحاكمات.. الطنطاوي ينضم إلى قائمة المتهمين 

 

لا مؤيد ولا معارض

تحت شعار “مصر للجميع”، ألقى عاصم الجزار – وزير الإسكان السابق-، البيان التأسيسي لحزب الجبهة الوطنية، في مؤتمر نقلته وسائل إعلامية، في مقدمتها المملوكة لشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التابعة لإحدى الجهات السيادية.

تضمنت الهيئة التأسيسية للحزب 54 عضوًا، منهم وزراء ونواب سابقين وحاليين، وأعضاء في الحوار الوطني، وتنسيقية شباب الأحزاب، وسياسيون، وصحفيون، ورجال أعمال، ورجال دين. ما يعكس توجه الحزب نحو مغازلة مختلف أطياف المجتمع المصري، بدءًا من الساسة ورجال الأعمال، وصولًا إلى المهتمين بالشؤون الدينية.

من بين الأسماء البارزة في تشكيل الهيئة التأسيسية: ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، وعلي عبد العال، رئيس البرلمان الأسبق، والمستشار علاء فؤاد، وزير المجالس النيابية السابق،واللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية الأسبق، واللواء محمود شعراوي، والفريق محمد طارق.

وشمل التشكيل عثمان شعلان، رئيس جامعة الزقازيق السابق، وأحمد سعيد شلبي، رئيس قسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، وهو تمثيل أكاديمي سيؤثر بالضرورة على البرامج السياسية التي سيصدرها الحزب بعد التأسيس أو خلال الانتخابات البرلمانية.

وجود رجال الأعمال البارزين مثل محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، وعصام إبراهيم جمعة، وكامل أبو علي، وأيمن الجميل، يعكس اهتمام الحزب بجذب دعم القطاع الخاص والمستثمرين، إلى جانب تأمين مصادر للتمويل، سواء للحزب بشكل عام أو أثناء الحملات الانتخابية في الانتخابات البرلمانية القادمة.

أيضًا، ضم تشكيل الهيئة التأسيسية عددًا كبيرًا من أعضاء البرلمان الحاليين والسابقين، مثل محمد أبو العينين، وداليا السعدني، والدكتور محمود مسلم، والنائب سليمان وهدان، ما يشير إلى سعي الحزب لتعزيز حضوره في الساحة التشريعية خلال الدورة المقبلة. وفي تمثيل الشباب، ضم التشكيل يوستينا رامي وأحمد الحمامصي (منسقي شباب الأحزاب). كما ضم التشكيل ممثلين عن المرأة والفن والثقافة والإعلام وحتى قطاع المحليات والخدمات التنموية.

إلى جانب السياسيين، ضم الحزب شخصيات دينية بارزة مثل الدكتور شوقي علام (مفتي الجمهورية السابق)، وسيد الإدريسي (شيخ الطرق الصوفية)، والشيخ فايز أبو حرب، ما يشير إلى رغبة الحزب في التواصل مع الجماعات الدينية والاجتماعية المحافظة، خاصة في القرى والمحافظات ذات الطابع الديني والمحافظ.

على الجانب الآخر، تراجع دور رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، رئيس اتحاد القبائل العربية، بعد الانتقادات التي وُجهت له وللحزب عقب الاجتماع الذي عُقد في 4 ديسمبر الماضي 2024. كما غاب اسم العرجاني عن الهيئة التأسيسية بعد تعديل اسم الحزب من “اتحاد مصر الوطني” إلى “حزب الجبهة الوطنية”. وتشير مصادر مطلعة إلى زاوية ثالثة إلى أنه على الرغم من غياب العرجاني عن الهيئة التأسيسية، فإنه لا يزال يشارك في اجتماعات الحزب، ويعتبر أحد الممولين الرئيسيين له. وقد تم استبداله بنجله عصام العرجاني على إثر حالة الجدل واللغط بسبب اسمه والذي كان محل خلاف داخل الأجهزة السيادية. وأوضح ضياء رشوان أن اسم عصام “موجود بصفته ممثلاً عن سيناء، وتم ترشيحه من قبل أهل سيناء أنفسهم.”

وكانت المواقع الصحفية الموالية للنظام، وخاصة تلك المملوكة لشركة المتحدة للإعلام التابعة لجهاز سيادي في مصر، قد تجاهلت الاجتماع الأول للهيئة التأسيسية للحزب في ديسمبر الماضي 2024، إلا أنها عادت بقوة لتغطية المؤتمر التأسيسي والفعاليات المختلفة للحزب بعد تراجع اسم إبراهيم العرجاني واستبداله بــ(عاصم الجزار وضياء رشوان) للمشهد.

تعليقًا، يقول عمرو عبد الرحمن – أستاذ العلوم السياسية-، إنه من الصعب فهم موضوع حزب الجبهة الجديد دون فهم وجهة نظر السلطة الحالية تجاه الأحزاب بشكل عام، سواء المؤيدة أو المعارضة. هناك ملمح رئيسي يميز النظام الحالي عن أي نظام سلطوي في تاريخ مصر، وهو أن النخبة الحاكمة حاليًا، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تعارض فكرة وجود حزب حاكم واحد. 

ويتابع في حديثه لزاوية ثالثة هذه المسألة كانت واضحة منذ ترشحه لأول مرة في عام 2014، إذ كانت رسالته واضحة جدًا “أنا لست محسوبًا على أحد، ولا يملك أحد صلاحية التحدث باسمي”، وذلك لأنه رأى بعينيه ما يمكن أن يحدث إذا تحول الحزب الحاكم إلى أداة تخدم المصالح الخاصة لأعضائه، ليصبح بؤرة للفساد، ما قد ينعكس عليه بالسلب، كما حدث في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك مع مجموعة رجال أعمال الحزب الوطني.

ويضيف أستاذ العلوم السياسية: “على سبيل المثال، حزب مستقبل وطن هو الحزب صاحب الأغلبية البرلمانية. وأعتقد أنه ليس من قبيل الصدفة أن الرئيس لم يجتمع مع هذا الحزب لمرة واحدة، ولم يذكره في خطاباته وتصريحاته، سواء بالإيجاب أو السلب. هذا يعكس نمط تفكير السيسي الذي يتمسك به منذ عشر سنوات. الأهم من حرص الرئيس على اتخاذ مسافة من جميع الأحزاب، هو أنه لا يريد أن يمتلك أي حزب موالي أغلبية حقيقية. بمعنى أنه يرغب في أن تكون جميع أحزاب الموالاة معتمدة في الأساس عليه، فلا يستطيع أي حزب موال أن يزعم بأنه يمتلك الأغلبية أو يمثل مصدرًا للسلطة أو بؤرة للقوة.”

يشير “عبد الرحمن” إلى أن ما يميز حزب الجبهة أنه يضم شبكة مصالح حديثة التكوين، وليست قديمة مثل الأحزاب الأخرى. على سبيل المثال، إبراهيم العرجاني، الذي برز اسمه خلال العامين الماضيين مع الحرب على غزة، وضياء رشوان، الذي لمع نجمه مع الحوار الوطني وليس قبله. وهكذا، فإن الحزب يبدو كتجمع لنخبة مصالح حديثة التشكيل تسعى للحصول على نصيبها من مقاعد البرلمان القادم كجزء من حصة الموالاة، ويبقى لكل حزب موالٍ الاجتهاد في الحصول على النسبة الأكبر من المقاعد داخل البرلمان.

في هذا السياق، يرى عمرو هاشم ربيع – الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية-، أن تجربة حزب “مستقبل وطن”، الذي تأسس في عام 2014 بدعم من الأجهزة الأمنية، كانت محورية في المشهد السياسي المصري. فقد قاد الحزب الانتخابات البرلمانية مرتين، وحشد الجماهير لدعم السلطة في مناسبات عديدة.

يضيف في حديثه معنا أن مصر تشهد اليوم ظهور كيان حزبي جديد يسعى لمنافسة “مستقبل وطن”، وربما يحل محله بعد تراجعه في السنوات الأخيرة. اللافت في هذا الحزب الجديد هو إعلانه عدم السعي إلى السلطة، ما يتناقض مع جوهر الأحزاب السياسية التي تهدف في العادة إلى تمثيل شرائح المجتمع والتأثير في السياسات العامة.

ويشير “ربيع” إلى أن بناء حزب قوي يتطلب وجود قاعدة جماهيرية واسعة وقيادات نابعة من المجتمع نفسه، وليس من النخب التقليدية، مشددًا على أهمية أن يكون الحزب مستقلاً عن النفوذ السياسي والأمني، وأن يعمل بشفافية مالية لضمان نزاهة العملية السياسية. 

يؤكد أن الأحزاب يجب أن تعمل في بيئة ديمقراطية تتيح لها حرية الحركة، وتوفر فرصًا متساوية لجميع الأطراف للمشاركة في العملية السياسية، وأن الأحزاب التي تنشأ من رحم الشعب وتعمل في إطار ديمقراطي وحدها القادرة على إحداث تغيير حقيقي في المشهد السياسي المصري.

 

نوصي بالقراءة: حزب العرجاني وهندسة الحياة الحزبية

 

المجال العام

انطلقت حملة حزب الجبهة الوطني لجمع التوكيلات اللازمة لتأسيسه، وذلك وفقًا للدستور المصري الذي يشترط جمع خمسة آلاف توكيل لتأسيس أي كيان سياسي. شهدت الحملة نشاطًا ملحوظًا في مختلف الأحياء والمحافظات، إذ تجولت مسيرات بالسيارات مزودة بمكبرات الصوت واللافتات التي تحمل شعار الحزب، وقد شارك فيها مواطنون ومواطنات خلال توجههم إلى مكاتب الشهر العقاري لحشد المواطنين والمواطنات لتحرير التوكيلات المطلوبة – حسب ما رصدته “زاوية ثالثة” من شهود عيان في عدة مناطق.

يأتي هذا النشاط بعد أقل من عام على الملاحقات الأمنية التي طالت عددًا من المواطنين والمواطنات أثناء سعيهم لتحرير توكيلات لحزب “تيار الأمل” الذي يحاول المعارض المصري أحمد الطنطاوي تأسيسه وأعلن عنه في يناير 2024، وبعد مرور 24 ساعة فقط من إعلان الطنطاوي البيان التأسيسي لحزب “تيار الأمل”، بدأت حملة أمنية ضد من حرروا توكيلات لإشهار الحزب. ففي 6 أبريل 2024، تم القبض على خمسة آخرين ووجهت إليهم النيابة تهمًا مثل الانضمام إلى جماعة إرهابية وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، على خلفية تحريرهم توكيلات لتأسيس الحزب ومشاركتهم في تظاهرة تضامنية مع فلسطين أمام نقابة الصحفيين.

مؤسسة حرية الفكر والتعبير وثّقت أيضًا التضييقات التي واجهها المواطنون الراغبون في تحرير توكيلات لحزب “تيار الأمل”، إذ تم رفض تحرير التوكيلات في مكاتب الشهر العقاري خارج المحافظات التي ينتمي إليها المواطنون، بجانب تحديد مكتبين فقط لكل محافظة لتحرير توكيلات الأحزاب، فضلًا عن التضييق الأمني الذي أدى إلى القبض على البعض.

من جهة أخرى، ترى إلهام عيداروس – وكيلة مؤسسي حزب العيش والحرية-، أن السؤال المحوري حول حزب الجبهة الوطني الجديد يتعلق بمدى استقلاليته. هل هذا الحزب يسعى بشكل حقيقي لتمثيل شرائح المجتمع ويشارك في انتخابات تعددية، أم أنه مجرد حزب مُصطنع لخلق صورة زائفة عن التعددية السياسية؟

وتشير في حديثها مع زاوية ثالثة إلى أن مصر تستعد لانتخابات برلمانية، مضيفة أن انتخابات 2020 كانت بمثابة “فضيحة سياسية”، تحولت إلى استفتاء على قائمة واحدة دون وجود بدائل سياسية حقيقية. معربة عن قلقها من أن السلطة قد تكون بصدد خلق تعددية مصطنعة لتجنب تكرار ما حدث في الانتخابات السابقة.

توضح وكيلة مؤسسة حزب العيش والحرية أن الشخصيات المطروحة لتأسيس حزب الجبهة الجديد وخطابه السياسي تشير إلى أن الحزب تم تصميمه من أعلى وليس من القاعدة الشعبية، ما يطرح تساؤلات حول الهدف من تأسيسه في ظل وجود عدة أحزاب مؤيدة للسلطة بالفعل، متساءلة عمّا إذا كانت السلطة ستسمح للحزب بالمنافسة الحقيقية في الانتخابات المقبلة أم ستستمر في إدارة الانتخابات بقائمة موحدة مثلما حدث في انتخابات سابقة تحت مسمى “القائمة الوطنية”، التي ضمت جميع الأحزاب الموالية لها.

تؤكد إلهام أن المعارضة تطالب بتشكيل قائمة نسبية تتيح مشاركة حقيقية في الانتخابات البرلمانية، وتوفير فرص متساوية لكافة الأطراف، مؤكدة أنه يجب ضمان حرية الحركة السياسية لكافة الأحزاب، مشيرة إلى أن الحزب الجديد ينظم فعالياته بحرية بينما تواجه أحزاب المعارضة عراقيل وتضييقات عند محاولة تأسيس توكيلات حزبية.

تتابع: “مكاتب الشهر العقاري تتردد في قبول توكيلات لحزب العيش والحرية في العديد من المحافظات، وتؤدي هذه العراقيل إلى تأخير المواطنين وإجبارهم على الانصراف دون إتمام الإجراءات. السماح لحزب الجبهة بالتحرك بحرية وسط هذه القيود الصارمة على التجمعات وفقًا لقانون التظاهر يظهر أن المشهد السياسي الحالي مُصطنع، فهل تنوي السلطة بالفعل الاستجابة لمطالب إجراء انتخابات تعددية حقيقية أم لا؟”

 

نوصي للقراءة: من اتهامات فساد إلى قيادة الإعلام المصري: ماذا وراء تعيين طارق نور رئيسًا للمتحدة؟

 

هندسة الحياة الحزبية

يستهدف حزب الجبهة الوطني، وفقًا لتصريحات عدد من أعضاء الهيئة التأسيسية، تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر بناء تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب القائمة. وفي هذا السياق، أكد وزير الإسكان السابق ووكيل مؤسسي الحزب، عاصم الجزار، أن “الجبهة الوطنية لا تسعى لتحقيق الأغلبية البرلمانية، بل ستخوض الانتخابات بأكبر تحالف سياسي وطني مع الأحزاب القائمة.”

في هذا الإطار، يشير عمرو هاشم ربيع في حديثه معنا إلى أن تأسيس حزب الجبهة الوطني وإعادة إحياء بعض الأحزاب التي كانت خاملة خلال الفترة الماضية يأتيان في إطار إعادة ترتيب المشهد السياسي في مصر. يضيف أن البيئة السياسية العامة تخضع لقوانين مقيدة تُعرقل عمل الأحزاب وتفتقر إلى التعددية الحقيقية، ما يجعل هذا الحزب الجديد مجرد ذراع سياسي ضمن استعدادات النظام للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ويرى أن هذا يأتي في سياق إعادة تشكيل أدوات السلطة بعد خروج اللواء عباس كامل من المشهد، ما قد يشير إلى احتمالية ادخال تعديلات دستورية جديدة.

من جانبه، يرى مصطفى شوقي – السياسي والحقوقي-، أن تأسيس الحزب الجديد يُعد خطوة إضافية نحو إنهاء ما تبقى من هدنة الحوار الوطني، التي بدأت مع إفطار الأسرة المصرية في إبريل 2022 وانتهت مع ختام الجولة الأولى من الحوار.

 ويعتقد أن السلطة تسعى إلى خلق صورة وهمية للتعددية السياسية، دون نية فعلية لإصدار قانون القوائم النسبية، ما يرجح استمرار القوائم الانتخابية المغلقة في الانتخابات المقبلة، مشيرًا إلى أن الحديث حول فتح المجال العام والتعددية السياسية لم يتحقق على أرض الواقع، والدليل على ذلك هو نتائج الحوار الوطني التي لم تخرج إلى حيز التنفيذ بعد، وأن الهدف من تأسيس الحزب الجديد هو إعداد مشهد انتخابي لا يتطلب مشاركة أحزاب المعارضة، ضمن إطار سياسي مُختلق.

عُدل الدستور المصري في العام 2019، ليسمح للرئيس السيسي بالبقاء في الحكم حتى عام 2030. ووافق مجلس النواب، الذي تسيطر عليه الأحزاب الموالية وخاصة حزب مستقبل وطن، بأغلبية ساحقة على هذه التعديلات. عززت التعديلات دور الجيش ووسعت من سلطات الرئيس، خاصة في ما يتعلق بتعيين القضاة.

شملت التعديلات المادة 140 التي مددت فترة الرئاسة من أربع سنوات إلى ست سنوات، وألغيت المادة التي كانت تمنع تولي المنصب لأكثر من فترتين متتاليتين. وأضيفت مادة انتقالية تسمح بتمديد فترة رئاسة السيسي التي بدأت في 2018، إلى ست سنوات بدلاً عن أربع، كما أتاحت له الترشح لفترة ثالثة في انتخابات 2024 بناءً على زيادة مدة الفترة الرئاسية. كما أنشأت التعديلات مجلس الشيوخ، الذي يتكون من 180 عضوًا، يتم انتخاب ثلثيهم بينما يعين الرئيس الثلث المتبقي.

بالإضافة إلى ذلك، زادت مهام القوات المسلحة بموجب المادة 200 لتشمل حماية الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها. وأتاحت التعديلات للرئيس تعيين نائب أو أكثر، فضلاً عن تعيين رؤساء الهيئات القضائية والنائب العام من بين قائمة مرشحين تقترحها تلك الهيئات. كما خصصت التعديلات حصة بنسبة 25% من مقاعد مجلس النواب للمرأة. كانت كتلة “دعم مصر” المؤيدة للنظام قد تقدمت بمقترح لتعديل الدستور، ووافق عليه 531 نائبًا من أصل 596 عضوًا في مجلس النواب، الذي تسيطر عليه الأغلبية المؤيدة للسيسي.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يسعى النظام الحالي إلى تعديل الدستور مرة أخرى لتمديد فترة حكمه، على غرار ما حدث في عهد مبارك؟ وهل سيستمر إغلاق المجال العام بقرارات من النظام، مع تجاهل واضح للمعارضة وخلق مشهد سياسي مصطنع؟. الإجابة على هذه التساؤلات ربما ستتضح في الأشهر المقبلة، بحسب سياسيين تحدثنا معهم.

شيماء حمدي
صحفية مصرية، تغطي الملفات السياسية والحقوقية، وتهتم بقضايا المرأة. باحثة في حرية الصحافة والإعلام والحريات الرقمية.

Search