المراجعة الخامسة لصندوق النقد: أصول الدولة للبيع.. والفقراء أول الضحايا

واجه مصر مراجعة خامسة حاسمة مع صندوق النقد الدولي وسط خطط لبيع أصول حكومية تشمل المستشفيات والمطارات، في ظل أزمة ديون وغياب الشفافية حول مصير الخدمات العامة.
Picture of رشا عمار

رشا عمار

تستعد الحكومة المصرية لإجراء المراجعة الخامسة مع صندوق النقد الدولي خلال مايو 2025، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وسط ضغوط متزايدة لتسريع وتيرة الإصلاحات المتفق عليها، وفي مقدمتها برنامج طرح الأصول العامة. وقد أثارت هذه الخطوة نقاشًا واسعًا داخل الأوساط الاقتصادية والثقافية، لا سيما مع ورود أنباء عن احتمالية بيع أو إشراك القطاع الخاص في إدارة مؤسسات خدمية مثل المستشفيات وبعض المرافق العامة، ما أثار مخاوف من انعكاسات اجتماعية محتملة في ظل غياب الشفافية حول هوية المشترين وطبيعة الصفقات.

ووصل وفد صندوق النقد إلى القاهرة لإجراء المراجعة الخامسة ضمن برنامج “تسهيل الصندوق الممدد” (EFF)، المرتبط بقرض إجمالي يبلغ 8 مليارات دولار، تحصل مصر منه على شريحة بقيمة 1.2 مليار دولار بعد كل مراجعة ناجحة. وقبيل الزيارة، عقدت الحكومة اجتماعًا موسعًا ركز على تسريع تنفيذ برنامج التخارج من الأصول، تضمن توقيع اتفاقيات مع مكاتب استشارية محلية ودولية لإعادة هيكلة شركات تابعة للجيش، من بينها “الوطنية للبترول”، “شل أوت”، “صافي”، “سايلو فودز”، و”الوطنية للطرق”، تمهيدًا لطرح بعضها خلال عام 2025، واستكمال الطروحات في 2026.

كما تتضمن خطة التخارج طرح إدارة وتشغيل عدد من المطارات، بدعم من مؤسسة التمويل الدولية. وتشير البيانات الرسمية إلى أن مصر نفذت منذ مارس 2022 حتى يونيو 2024 نحو 33 عملية بيع كلي أو جزئي لأصول حكومية، بإجمالي عائدات بلغت 30 مليار دولار.

وتخوض مصر منذ سنوات طويلة مسارًا معقدًا من الإصلاحات الاقتصادية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، كان أحدث فصوله الاتفاق المبرم في ديسمبر 2022 للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار ضمن “تسهيل الصندوق الممدد” (EFF)، وهو برنامج يهدف إلى معالجة الاختلالات الاقتصادية وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص. ورغم أن الاتفاق تضمن إجراء ثماني مراجعات دورية لتقييم التقدم في تنفيذ الإصلاحات، إلا أن تنفيذ البرنامج واجه تباطؤًا ملحوظًا، انعكس في تأخر المراجعة الأولى والثانية، وتزامن الثالثة والرابعة، ما ألقى بظلاله على المراجعة الخامسة التي جاءت في ظل ضغوط اقتصادية متفاقمة.

ترافقت هذه الضغوط مع أزمة عملة أجنبية خانقة، وارتفاع قياسي في معدلات التضخم، وانخفاض قيمة الجنيه المصري بشكل متسارع، مما دفع الحكومة للبحث عن حلول عاجلة، من بينها تسريع وتيرة برنامج الطروحات الحكومية وبيع بعض أصول الدولة إلى شركاء استراتيجيين محليين ودوليين. ومع دخول مصر في المراجعة الخامسة، برزت بقوة قضية بيع الأصول العامة كأحد الشروط الأساسية لصندوق النقد، وهو ما أثار موجة من النقاش الحاد داخليًا، خاصة بعد تداول معلومات عن طرح مؤسسات خدمية حساسة للبيع، كالمستشفيات الحكومية وبعض الهيئات العامة.

بدأت المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي بين مصر وصندوق النقد الدولي رسميًا في مايو 2025، بعد تأجيلات متكررة أثارت مخاوف حول التزام الحكومة بالبرنامج المتفق عليه. ويأتي ذلك في أعقاب صرف الشريحة الرابعة من القرض في مارس الماضي، بقيمة 1.2 مليار دولار، عقب تقييم إيجابي للمراجعة المجمّعة الثالثة والرابعة. تركّز هذه المراجعة على عدة محاور حاسمة، أبرزها: استكمال التحرير الكامل لسعر الصرف، تقليص دور الدولة في الاقتصاد، تعزيز الشفافية في المؤسسات العامة، وتسريع وتيرة بيع الأصول المملوكة للدولة، بما في ذلك شركات رابحة وهيئات خدمية. وتعد هذه النقطة الأخيرة الأكثر إثارة للجدل، لا سيما في ظل تداول تقارير عن إمكانية إشراك القطاع الخاص في إدارة أو امتلاك مؤسسات خدمية حساسة مثل المستشفيات التعليمية.

صندوق النقد الدولي يشدد في تقاريره وتصريحاته على أن هذه الإجراءات لا تهدف إلى التصفية، بل إلى تحقيق “كفاءة تخصيص الموارد” و”تحفيز القطاع الخاص”، بينما تقول الحكومة المصرية إن الطروحات تمثل شراكات استراتيجية لا تتعارض مع حماية الأمن القومي الاجتماعي، لكن قطاعًا من الخبراء والمواطنين يرى في ذلك نوعًا من “الخصخصة المقنّعة”، قد تؤدي إلى تدهور جودة الخدمات ورفع تكاليفها على الفئات الفقيرة. ما يجعل هذه المراجعة مفصلية هو تزامنها مع محاولة مصر جذب استثمارات أجنبية، والحصول على تمويلات إضافية من شركاء مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وهو ما يُشترط فيه غالبًا التقدم الملموس في برنامج الصندوق.

 

نوصي للقراءة: قانون الخصخصة يهدد مستقبل الرعاية الصحية بمصر

ما أبرز التحديات أمام الحكومة؟

يقول الخبير الاقتصادي والقيادي بحزب التحالف الشعبي-، إلهامي الميرغني في حديث إلى زاوية ثالثة إن مصر سددت نحو 38 مليار دولار قروض خارجية عام 2024 بحسب ما قاله رئيس الوزراء، كذلك كشف البنك الدولي أن مصر تواجه تحديًا ضخمًا في سداد 43.2 مليار دولار من التزامات ديون خارجية خلال أول تسعة أشهر من عام 2025. يرتبط المبلغ المشار إليه، وفق الميرغني بالديون الخارجية المتراكمة التي تشمل سداد قروض وودائع واتفاقيات مبادلة عملة للبنك المركزي والبنوك التجارية حيث يتضمن المبلغ 5.9 مليار دولار من الفوائد و37.3 مليار دولار من أصل القروض، لذلك تواجه الحكومة المصرية والبنك المركزي والبنوك التجارية تحديات كبيرة في سداد هذه المبالغ الكبيرة.

إلى ذلك يوضح الميرغني في حديثه معنا أن الحكومة تعهدت ببيع الأصول في خطاب النوايا الذي قدمته للصندوق قبل الحصول على القروض ومنذ 2016 وحتى الآن وكل ما تفعله هو بيع كل ما تملكه وفاء للديون ولتنفيذ التخارج الاقتصادي الذي تعهدت به للصندوق. وفي ضوء هذا التوجه، حولت الحكومة عشرات المستشفيات العامة الي المجالس المتخصصة وأصدرت قانون لتأجير المستشفيات العامة الحكومية، ويضيف:” شاهدنا جميعا ما حدث في مستشفى الهرمل وحرمان المرضي الفقراء من العلاج، وهو ما سبق وحذرنا منه، وكذلك تطرح تأجير المدارس الصناعية فهي تحولت الي سمسار لعمليات البيع والتأجير بغض النظر عن التنمية وحق المصريين في العلاج والتعليم.”

 

خريطة بيع الأصول: المستشفيات في المقدمة

في إطار التزاماتها مع صندوق النقد الدولي، أعلنت الحكومة المصرية عن خطة لبيع أربعة أصول حكومية خلال العام المالي الجاري، بقيمة تُقدّر بنحو 3.6 مليار دولار، وذلك بهدف تسريع وتيرة تخارج الدولة من بعض القطاعات الاقتصادية، وقد أثار هذا التوجه جدلاً واسعاً، خاصة فيما يتعلق بإمكانية إشراك القطاع الخاص في إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية. في يونيو 2024، صدّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قانون يمنح القطاع الخاص حق إدارة وتشغيل بعض المستشفيات العامة، مما أثار مخاوف من خصخصة الخدمات الصحية الأساسية. ورغم تأكيدات الحكومة بأن المستشفيات ستظل مملوكة للدولة، وأن الهدف هو تحسين جودة الخدمات من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، إلا أن البعض يرى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تراجع جودة الخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج، مما يثقل كاهل المواطنين، خاصة الفئات الأقل دخلاً.

تُعد تصفية أصول الدولة أحد الأدوات الاقتصادية التي تلجأ إليها الحكومات لتحقيق أهداف مالية معينة؛ وتصفية الأصول تعني عملية تحويل الأصول المملوكة للدولة، مثل العقارات، والشركات، والبنى التحتية، إلى سيولة نقدية من خلال بيعها أو خصخصتها. تستخدم الحكومات هذه العملية لتحقيق عدة أهداف اقتصادية ومالية، منها تقليص الدين العام، أو تحسين الكفاءة الاقتصادية لجذب الاستثمارات؛ وغيرها. في اليونان مثلًا، لجأت الحكومة إلى بيع بعض الأصول العامة كجزء من برنامج الإنقاذ المالي الذي قدمه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي خلال أزمة الديون التي واجهتها البلاد في العقد الماضي. وفي الهند؛ قامت الحكومة الهندية بخصخصة العديد من الشركات العامة، بما في ذلك شركات الطيران والمصافي النفطية، في محاولة لتعزيز الكفاءة المالية وجذب الاستثمارات وفق  Financial Times.

وكانت الحكومة أعلنت، منتصف يوليو الماضي ضمن برنامج عملها المُقدم لمجلس النواب-، مشروعًا لإنشاء لجنة تصفية الأصول تتبع وزارة المالية بهدف تحقيق 20 – 25 مليار جنيه سنويًا للخزينة من عائدات التخارج خلال الأعوام المقبلة. وتحويل نسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي من عائدات التخارج إلى الموازنة لخفض دين أجهزة الموازنة.  وجاء تشكيل اللجنة ضمن برنامج يهدف إلى تخفيض الدين العام في مسارات قابلة للاستدامة، وذلك باستمرار توجيه الفائض الأوّلي واستخدام جزء من حصيلة التخارج وبرنامج الأطروحات الحكومية لزيادة إيرادات الموازنة لخفض حجم الاقتراض الحكومي، ويستهدف ذلك خفض فاتورة خدمة دين أجهزة الموازنة ليصل إلى (42.6%) من المصروفات العامة في عام 2026/ 2027 ضمن استراتيجية متكاملة، لوضع معدل الدين في مسار نزولي، وفق برنامج الحكومة.

تسويق الحكومة المصرية لبرنامج بيع الأصول يتركّز على هدف رئيسي: توفير سيولة دولارية عاجلة لدعم احتياطي النقد الأجنبي، وسداد الالتزامات قصيرة الأجل، في ظل ندرة التدفقات الدولارية وارتفاع أعباء خدمة الدين الخارجي. وتشير تصريحات وزارة المالية إلى أن الدولة تأمل في تحصيل أكثر من 3 مليارات دولار خلال 2025 من خلال بيع حصص في شركات مملوكة لها، ضمن ما يعرف بـ”برنامج الطروحات الحكومية”. لكن رغم أهمية هذه الخطوة على المدى القصير، فإن عدداً من الاقتصاديين يحذرون من مخاطر التفريط في أصول استراتيجية دون وجود رؤية متكاملة لإعادة استثمار العوائد، أو ضمان استمرار تقديم الخدمات المرتبطة بها. ويشير المراقبون إلى أن بيع أصول تدر أرباحًا سنوية لصالح موازنة الدولة، مثل شركات الطاقة أو البنية التحتية أو المؤسسات المالية العامة، يعني فقدان الدولة لأدوات مهمة لضبط السوق وتوفير موارد مستدامة.

من ناحية أخرى، يرى بعض المراقبين أن اعتماد الحكومة على بيع الأصول كوسيلة لتغطية عجز الميزان الجاري وسداد الديون قد لا يكون حلاً طويل الأجل، بل معالجة مؤقتة لأزمة هيكلية أعمق، تتعلق بضعف الإنتاج المحلي، وانخفاض الصادرات، وتراجع السياحة. وتزداد هذه المخاوف حين لا تُعلن الحكومة بشكل واضح عن خريطة البيع، أو معايير اختيار الشركات، أو طبيعة الشركاء المحتملين، خاصة في ظل وجود جهات سيادية تدير ملفات البيع بشكل غير معلن.

وفي الوقت الذي تشير فيه الدولة إلى أن الشراكات مع مستثمرين خليجيين أو صناديق استثمار سيادية تهدف إلى “جذب التمويل الأجنبي المباشر”، فإن الخبراء يؤكدون أن ما يجري في كثير من الحالات لا يتجاوز كونه نقل ملكية لا يحقق بالضرورة قيمة مضافة للاقتصاد، بل قد يعمّق الفجوة بين الدولة والمواطنين إذا لم تُدار العملية بشفافية وعدالة.

 

نوصي للقراءة: تصنيف مصر الائتماني: أرقام مستقرة واقتصاد هش

غياب الشفافية

من جهته يقول الباحث الاقتصادي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية-، محمد رمضان إلى زاوية ثالثة إن مراجعة صندوق النقد الأخيرة لم تُعلن تفاصيلها بشكل رسمي حتى الآن، معزيًا ذلك إلى ضغوط داخلية، في ظل غياب الاهتمام من جانب الجهات المعنية، مشيرًا إلى أن التقارير المفصلة للصندوق تكشف بوضوح شروطه وجدول تنفيذها، وهو ما يتيح متابعة مدى التزام الحكومة بها. ويضيف: “بعض الشروط كانت إيجابية من حيث المبدأ، مثل التعديل القانوني الذي وسّع صلاحيات جهاز حماية المنافسة، ونشر الحسابات الختامية للدولة، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن التطبيق العملي لهذه الشروط لم يكن فعالًا بما يكفي.”

ويؤكد رمضان في حديثه معنا أن أهم شروط الصندوق الحالية تتعلق ببيع أصول الدولة أو ما يُعرف بـ”برنامج الطروحات”، ومراقبة مديونية الشركات الحكومية، مشددًا على أهمية هذه الشروط بالنسبة لموازنات الدولة في ظل التحديات التجارية وعدم اليقين الاقتصادي العالمي، حيث من المرجح أن يطالب الصندوق مصر بالإسراع في التصرف حال انخفاض الإيرادات أو تراجع الاستثمارات الأجنبية.

كذلك يشير رمضان إلى أن القطاع الصحي يُعد من أكثر القطاعات جذبًا للمستثمرين، نظرًا لربحيته العالية، ولذلك قررت الحكومة إدراجه ضمن برنامج الطروحات. وأوضح أن مستشفى الهرمل كان من أبرز حالات الخصخصة الأخيرة، رغم الاعتراضات والاحتجاجات من المرضى بسبب تدهور الخدمات أو فقدان إمكانية العلاج المجاني، خاصة لمرضى السرطان والفشل الكلوي، موضحًا الحكومة تعتبر القطاع الصحي مجالًا سهلًا للبيع، دون دراسة كافية لانعكاسات ذلك على الفئات الفقيرة، وهو ما يمثل خطورة بالغة على العدالة الاجتماعية.

 

نوصي للقراءة: تصفية الأصول: هل تبيع مصر أملاكها لسداد الديون؟

كيف يتأثر المواطن؟

وعن تأثير هذه السياسات على المواطن، يؤكد “رمضان” أن التضخم هو العامل الأكثر تأثيرًا على الناس، وأنه قد يرتفع أكثر في ظل اتجاه الحكومة لرفع أسعار الوقود مجددًا، وهو ما سينعكس على كافة السلع والخدمات، من رغيف العيش إلى المواصلات والطاقة. ويقول إن “المشكلة الأساسية تكمن في أن الحكومة تطبق شروط الصندوق بسرعة ودون مراعاة للآثار الاجتماعية”، مشيرًا إلى أن الصندوق نفسه يتيح في العادة هامشًا مرنًا لتأجيل أو تعديل بعض الشروط إذا ثبت أن أثرها الاجتماعي سيكون قاسيًا.

ويضيف: “ما يحدث في مصر ليس فرضًا مُطلقًا من الصندوق، بل الحكومة هي من تبنّت هذه الرؤية وتعتبر دعم الطاقة والخبز عبئًا يجب التخلص منه”، موضحًا أن كثيرًا من السياسات الحكومية تتماشى مع شروط الصندوق، ولذلك يتم تنفيذها دون تردد، وبشكل أحيانًا يفتقد إلى الحساسية الاجتماعية. ويوضح أن الصندوق لا يفرض سياسات بعينها، بل يضع أطرًا عامة، لكن الحكومة المصرية اختارت أن تطبق هذه الأطر بأقصى درجات التشدد، وهو ما يعكس أزمة في ترتيب الأولويات وإدارة الأعباء الاقتصادية والاجتماعية.

من جهته، يقول إلهامي الميرغني في هذا السياق، إن البنك الدولي قدر نسبة الفقراء في مصر ب 60% ومن المؤكد أن هذه السياسات سيدفع ثمنها الفئات الضعيفة والتي ستسقط بفعل هذه السياسات تحت خط الفقر وتفقد قدرتها على تدبير الاحتياجات الأساسية من الغذاء، مؤكدًا أن العبء يتزايد وفي موازنة (2025/2026) تلتهم القروض 65% من استخدامات الموازنة ولذلك هي تبيع وتؤجر كل الأصول ولكن ماذا ستفعل بعد بيع كل شيء دون توافر مصادر وعوائد ثابته يمكن من خلالها سداد القروض، لذلك نحتاج لوقف سياسة الاقتراض وفرض رقابة مشددة على أي قروض جديدة، إضافة للبحث عن عوائد حقيقية للسداد من ناتج الزراعة والصناعة والتصدير وبدون ذلك ستفقد مصر كل أصولها كما تفقد حرية قرارها الاقتصادي، يقول الميرغني.

بين ضغوط صندوق النقد الدولي واحتياجات الدولة المصرية المتزايدة للسيولة، تجد الحكومة نفسها مضطرة إلى تسريع وتيرة بيع الأصول العامة، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا بشأن مستقبل الخدمات الحيوية ومدى تأثير الخصخصة على حقوق المواطنين الأساسية، مثل الصحة والتعليم، وبينما تسوق الحكومة هذه الإجراءات باعتبارها شراكات استراتيجية ضرورية لدعم الاقتصاد، فإن غياب الشفافية، وعدم إشراك المجتمع في النقاش العام حول هذه السياسات، يفاقم من مشاعر القلق وفقدان الثقة، وفي ظل التحديات الاقتصادية المتراكمة، يبقى السؤال المفتوح: هل تسير مصر نحو إصلاح حقيقي ومستدام، أم أن ما يجري هو مجرد معالجة قصيرة الأجل لأزمة هيكلية عميقة قد تدفع ثمنها الأجيال القادمة؟

رشا عمار
صحفية مصرية، عملت في عدة مواقع إخبارية مصرية وعربية، وتهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية.

Search