كان سعيد في طريق عودته من عمله في أحد مصانع الاستثمار بمحافظة بورسعيد، كما يفعل يوميًا، مستقلًا الحافلة المتجهة إلى مركز المطرية بمحافظة الدقهلية حيث يقيم. بعد يوم عمل امتد لتسع ساعات، لاحظ تكدسًا مروريًا غير معتاد أدى إلى تجاوز زمن الرحلة المعتاد الذي يستغرق 45 دقيقة إلى أكثر من ثلاث ساعات.
خلال الرحلة، صُدم سعيد والركاب بمشهد حادث تصادم بين سيارة نقل ثقيل وأخرى ربع نقل محملة بالأخشاب، وحافلة تقل عمالًا وعاملات من أحد المصانع، إضافة إلى سيارة أجرة. الحادث أسفر عن وفاة 12 شخصًا، بينهم ثمان سيدات وأربعة رجال، وإصابة آخرين بجروح متفاوتة.
شعر سعيد بصدمة أكبر عندما اكتشف أن سيدتين من جيرانه كانتا بين الضحايا، وكلاهما أمهات معيلات يعملن في أحد مصانع الاستثمار لساعات إضافية تفوق الساعات الرسمية، للحصول على أجر إضافي يرفع دخلهن الشهري الذي لا يتجاوز خمسة آلاف جنيه، لتأمين احتياجات أطفالهن. كما تبين له أن العديد من جيرانه ومعارفه أصيبوا في الحادث ويرقدون في إحدى مستشفيات بورسعيد لتلقي العلاج.
في صباح اليوم التالي، وصلت إلى مركز المطرية شاحنات تحمل النعوش، حيث شُيع الضحايا في جنازة شارك فيها المئات من الأهالي، في ظل حالة من الحزن والغضب نتيجة الحادث.
كانت وسائل إعلام محلية قد نقلت، مساء الأربعاء من الأسبوع الماضي، خبر وقوع حادث تصادم بين حافلة مع سيارة نقل ثقيل وسيارة أجرة، على طريق المنزلة، المعروف بالمطرية ـ بورسعيد الجديد، ما أسفر عن مصرع 12 بينهم ثمان سيدات وأربعة رجال، وإصابة 22 آخرين تم نقلهم/هن إلى مستشفيات في المطرية والمنزلة، ونقل الحالات الصحية الحرجة إلى مستشفيات الجامعة والصحة في المنصورة، وأعلنت وزارة التضامن الاجتماعي، صرف مبلغ 50 ألف جنيه كتعويض لأسر الضحايا الذين كانوا يعيلون ذويهم، و25 ألف جنيه للضحايا الآخرين، وخمسة آلاف جنيه تعويضًا للمصابين/ المصابات، والتكفل بالمصاريف الأخرى الخاصة بالعلاج.
يتذكر سعيد أن هذا الحادث ليس الأول على هذا الطريق الذي أُنشئ عام 2020 وافتُتح قبل عامين، فقد شهد نحو ستة أو سبعة حوادث خطيرة خلال العامين الماضيين، ما دفع الأهالي إلى تسميته “طريق الموت”. سبق أن طالب الأهالي بمنع مرور سيارات النقل الثقيل على الطريق الضيق الذي يفتقر إلى أعمدة الإنارة، ويمتد من مركز المطرية مرورًا ببحيرة المنزلة وصولًا إلى الطريق الدولي الساحلي (بورسعيد – دمياط). ورغم محاولة السلطات المحلية حل الأزمة العام الماضي عبر تركيب بوابة حديدية تحدد ارتفاع المركبات المسموح مرورها، إلا أن سيارة نقل ثقيل مسرعة حطمت البوابة، لتعود الأوضاع إلى ما كانت عليه.
في أعقاب إصدار رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، القرار الجمهوري رقم 294 لسنة ،2019 بشأن تحديد المنطقة المتاخمة للحدود، والقواعد المنظمة لها، ومنها بحيرة المنزلة وشواطئها والطرق المحيطة، بدأت السلطات عام 2020 العمل على إنشاء طريق المطرية – بورسعيد، وهو طريق مختصر بديل عن طريق ترعة السلام الذي شهد العديد من الحوادث، بغرض منع التعديات من قبل الأهالي على شاطئ وحرم بحيرة المنزلة، وتجاوزت تكلفة مشروع تطوير بحيرة المنزلة والمناطق المحيطة، حاجز الـ12 مليار جنيه، بحسب عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، وبلغت تكلفة تطوير الطرق والكباري بنطاق محافظة الدقهلية، على مدار ثمان سنوات، نحو أربعة مليارات جنيه، وتضمن التطوير 97 طريق 21 بالخطة القومية و76 طريق داخلي سواء كانت طرق تابعة للشبكة القومية أو الطرق الداخلية، وفقًا لمحافظ الدقهلية، أيمن مختار.
يبين سعيد في حديثه معنا: “لا نريد مسكنات تتمثل في وضع السلطات المحلية حواجز خرسانية ومطبات اصطناعية أو بوابات حديدية جديدة، بل حلول جذرية للمشكلة. يجب أن تتواجد أكمنة ودوريات للشرطة وأجهزة رادار لضمان عدم مرور سيارات النقل الثقيل ورصد المتجاوزين للسرعة المقررة، وتوفير إنارة للطريق، وتحويل مسار حافلات قطاع الاستثمار لطريق آخر، إذ أنه كان هناك طريق ترعة السلام الذي يربط بين أربع محافظات هي الدقهلية والشرقية ودمياط وبورسعيد، وهو غير ممهد و مليء بالمطبات، وتكررت عليه حوادث مرورية، لذا بدّل السائقون مسارهم إلى الطريق المار ببحيرة المنزلة، لا سيما أنه أقصر ليصلوا خلال 45 دقيقة بدلًا عن ساعة ونصف، لتوفير السولار، لكن هذا الطريق ضيق وخطير بالنسبة للحافلات.”
نوصي للقراءة: ارتفاع حوادث الطرق في مصر يُناقض المشاريع العملاقة
تظاهر الأهالي وقطع الطريق
الحادث وما خلفه من خسائر دفع المئات من أهالي المطرية، بمن فيهم أحمد، إلى النزول إلى الشارع وقطع الطريق يوم السبت، للتعبير عن غضبهم والمطالبة بتحركات جادة من المسؤولين المحليين لتحسين الطريق والحد من الحوادث. تدخلت قوات الأمن واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
يقول أحمد: “فقدنا أصدقاء وأقارب بسبب الطريق الجديد الذي يفتقر إلى الإنارة والمطبات ورادارات السرعة. نزلنا إلى الطريق ومنعنا حافلات مصانع الاستثمار من المرور، لكن الشرطة فرقتنا بالغاز المسيل للدموع واعتقلت عددًا من الأهالي. بعد ذلك حضر مدير أمن الدقهلية وبعض القيادات المحلية، وبدأت الاستجابة لمطالبنا بوضع بوابات حديدية ومطبات صناعية، ومنع مرور سيارات النقل باستخدام كتل خرسانية ضخمة. لكن غياب الإنارة والإشارات التحذيرية قد يتسبب في مشكلات أكبر.”
كانت الصفحة الرسمية لمحافظة الدقهلية قد نشرت مقاطع فيديو تظهر قيام طارق مرزوق، محافظ الدقهلية، بتفقد أعمال وضع حواجز خرسانية لمنع عربات النقل الثقيل من المرور على طريق الحزام الآمن مرورًا بالجمالية والمنزلة والمطرية، فيما أعلنت محافظة بورسعيد، الأحد، عن البدء في تنفيذ مجموعة من الحواجز الخرسانية بطريق (بورسعيد ـ المطرية) لمنع مرور سيارات النقل الثقيل، التي تخالف اللوحات الإرشادية و التحذيرات الموجودة بالطريق في نطاق محافظة بورسعيد، وأنه يجري العمل على إنشاء الحواجز الخرسانية بالطريق، حفاظًا على سلامة المواطنين.
وسبق أن أعلن عادل الغضبان، محافظ بورسعيد السابق، في سبتمبر من العام الماضي، عن البدء في أعمال حفر وصب القواعد لتركيب محدد الارتفاع في مدخل الحزام الآمن طريق (بورسعيد – المطرية) من مدخل المحور، ضمن أعمال تطوير طريق بورسعيد المنزلة، وفي سبتمبر من العام الجاري أعلنت محافظة بورسعيد الانتهاء من المرحلة الأولى لتوسعة وتطوير (بورسعيد – المطرية)، البالغ طولها خمسة كيلو مترات والاستعداد لتجهيز المرحلة الثانية وطولها سبعة أمتار من إجمالي طول الطريق الذي يبدأ من كوبري وكمين شادر عزام ويتجه غربًا نحو منطقة حادوث، بإجمالي 27 كيلومترًا، ليربط الطريق بورسعيد بمدن وقرى المنزلة والمطرية والعصافرة والحوتة (دقهلية)، وتوسعته إلى تسعة أمتار ليستوعب حركة النقل باتجاهين فى حارة واسعة.
يكشف المحامي إسلام خيري – نقيب محامين محكمة المطرية دقهلية الجزئية، وعضو مجلس نقابة محامين شمال الدقهلية-، إلى زاوية ثالثة، أن قرابة ألفي مواطن من أهالي المطرية الغاضبين، تجمهروا على طريق (المطرية – بورسعيد)، وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريقهم وألقت القبض على 29 شخصًا، يوم السبت، عرضوا يوم الأحد على نيابة شمال المنصورة الكلية، وواجهوا تهم قطع الطريق العام والتظاهر ومقاومة السلطات، دون إصدار قرار لحين ورود تحريات الأمن الوطني، واستكملت التحقيقات صباح الاثنين، وقد قررت النيابة إخلاء سبيل 23 بكفالة عشرة آلاف جنيه، وحبس خمسة من الأهالي أربعة أيام على ذمة التحقيقات، وإيداع طفل قاصر بمؤسسة رعاية الأحداث مدة أسبوع.
وبشأن الحادث المروع الذي شهده طريق المطرية ـ بورسعيد، يُبيّن خيري أنه تم تحرير المحضر رقم 3801 لسنة 2024 جنح جنوب أول بورسعيد، وألقت الشرطة القبض على كلٍ من سائق السيارة الأجرة وسائق السيارة ربع نقل وسائق سيارة النقل الثقيل، المتورطين في الحادث، بينما توفي سائق الحافلة وعدد من ركابها وأصيب الآخرين، وحققت النيابة العامة في محكمة جنوب بورسعيد، مع السائقين الثلاثة المتهمين، وأخلت سبيلهم على ذمة التحقيقات، بكفالة ألف جنيه.
يقول نقيب محامين المطرية: “لولا تدخل العقلاء من المسؤولين وتفهمهم لحالة الأهالي وحزنهم على ذويهم، لكانت قد تمت محاكمة الأشخاص المقبوض عليهم محاكمة عسكرية، كما حدث حين أحيل 60 صيادًا للنيابة العسكرية في عام 2021، فأي جرائم تقع في محيط بحيرة المنزلة والمناطق المتاخمة لها والحزام الآمن، تختص بها النيابة العسكرية، بموجب قرار رئيس الجمهورية.”
كان رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، قد أصدر القرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014، والذي نص على تحديد المناطق المتاخمة لحدود جمهورية مصر العربية والقواعد المنظمة لها، بهدف تأمين المناطق المتاخمة للحدود الغربية والجنوبية والشرقية للبلاد، كما أصدر القرار رقم 294 لسنة 2019، والذي أضيفت بمقتضاه سبع بحيرات هي: (البردويل- بورفؤاد “الملاحة- المنزلة- البرلس- ادكو- مريوط- ناصر)، وشواطئها والطرق المحيطة بها إلى المناطق المتاخمة للحدود التي نص عليها القرار الجمهوري السابق، وبموجب القرارين أمر النائب العام السابق، حمادة الصاوي، بإحالة القضايا الخاصة بالجرائم التي تقع في المناطق المتاخمة الواردة بالقرارين الجمهوريين، إلى النيابة العسكرية؛ للاختصاص.
فيما أخلت النيابة، مساء الإثنين، سبيل 24 متهمًا من أهالي المطرية، كان قد ألقي القبض عليهم أثناء التواجد على الطريق الحدودي لبحيرة المنزلة، بحسب ما أعلن البرلماني أحمد الحديدي، النائب عن دائرة المطرية بمحافظة الدقهلية، مؤكدًا أنه جاري التحرك السريع من أجل الإفراج عن باقي المقبوض عليهم، ولن تتم إحالة المقبوض عليهم إلى المحاكمات العسكرية.
نوصي للقراءة: التطوير مقابل الإزالة: كيف ضّحت الحكومة بمواطنيها من أجل الطرق؟
مشكلة هندسية انشائية
على مدار الأشهر الماضية وقعت عدة حوادث على طريق (المطرية- بورسعيد)؛ إذ أُصيب 26 شخصًا جراء حادث تصادم حافلة مع جرار، في يناير الماضي، كما وقع حادث آخر لتصادم سيارتين ميني باص، خلال شهر أبريل الماضي، أصيب خلاله 23 شخصًا.
ويرى خبير النقل والطرق، حسن مهدي – أستاذ هندسة الطرق والنقل بكلية الهندسة جامعة عين شمس-، أن تكرار الحوادث على نفس الطريق يؤكد وجود نقطة سوداء تتعلق بمشكلة هندسية إنشائية يجب فحصها بواسطة خبراء مختصين، إذ يجب أن يتم تصميم الطريق وفقاً للمعايير الهندسية المتعارف عليها والأكواد والمواصفات الخاصة بالتصميم الإنشائي للطرق، ودراسة المعايير الفنية المتعلقة بالأحمال التي يتحملها والسرعات والمعايير الفنية التي تتحكم في سماكة طبقات الرصف.
ويشير أستاذ هندسة الطرق والنقل إلى أنه الهدف من إنشاء طريق المنزلة، منع التعديات على البحيرة، ثم أصبح يستخدمه المواطنون في التنقلات، إلا أن الطريق ضيق لا يتناسب مع السرعات الزائدة التي تفقده معيار الأمان، وهو غير مخصص للنقل الثقيل، داعيًا إلى تشديد رقابة شرطة المرور لمنع سير سيارات النقل الثقيل على الطريق، عبر دوريات أمنية ووضع كاميرات مراقبة ومعاقبة المخالفين، وفقًا للقانون وعدم الاكتفاء بوضع الحواجز، وتركيب أجهزة الرادار لرصد المخالفين للسرعات الزائدة، وجعل التوك توك وسيلة نقل داخلي لا تسير على الطرق السريعة واستبداله بوسائل نقل أخرى وخطوط مواصلات، مؤكداً أن المطبات الصناعية ليست الحل الأمثل على طريق المنزلة بورسعيد فقد يتحول إلى مصيدة للحوادث، ويجب طلاء المطبات بلون فسفوري ووضع لافتات تحذيرية.
ويبين مهدي، أن 67% من حوادث الطرق سببها أخطاء بشرية كـ السرعة الزائدة والإجهاد أثناء القيادة تعاطي المخدرات، عدم وجود إنارة أو وجود مشكلات بإطارات السيارات، وعدم تحقق عناصر السلامة في السيارات في ظل الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار إطارات السيارات وقطع غيارها بشكل كبير، مما يؤدي لإنفجار الإطارات وإذا كانت خبرة السائق قليلة تحدث كوارث مرورية وحوادث مروعة، لافتًا لأهمية عمليات الكشف الفني العشوائي على السيارات، وتغيير الإطارات وفقًا للعمر الافتراضي المتمثل في كل ثلاث سنوات، إنشاء مراكز للقيادة الآمنة لتعليم السائقين كيفية التعامل مع الحالات الطارئة كانفجار الإطارات أو وجود زيت مسكوب على الطريق.
ويوضح خبير النقل والطرق، أن القانون ينص على أن الطرق الخارجية لا تضاء لتوفير الطاقة، وهذا الأمر معمول به في كثير من دول العالم، ولكن هناك خطوط فسفورية وعيون القط المضيئة، ولكن تتم إنارة التقاطعات ومداخل المدن، لأنه لا توجد طاقة كهربائية كافية لإنارة الطرق الخارجية، ولا تتناسب الأجواء المغبرة بالأتربة في استخدام أعمدة إنارة تعمل بالطاقة الشمسية كما أن هناك بعض السرقات التي تحدث لأعمدة إنارة الطرق.
وكانت الهيئة العامة للطرق والكباري، قد أعلنت في يونيو من العام الجاري، أن وزارة النقل ممثلة في الهيئة العامة للطرق والكباري، تقوم بتخفيض الإنارة على شبكة الطرق المصرية، تنفيذًا لخطة الدولة لترشيد استهلاك الطاقة.
نوصي للقراءة: العبور إلى الموت.. معديات متهالكة وبديل خرساني
تطوير الطرق ومعدلات الحوادث
يرى عبد الله أبو خضرة – أستاذ هندسة الطرق والنقل والمرور بكلية الهندسة بجامعة بني سويف-، أن شبكة الطرق التي أنشأتها في مختلف محافظات الجمهورية، يهدف لخلق حالة من الانسياب المروري وزيادة معدلات السلامة والأمان على الطرق المختلفة وخفض نسب وقوع الحوادث، وضمان سهولة التنقل لتيسير حركة النشاط الاقتصادي وجذب الاستثمارات، مؤكدًا أن تطوير الطرق أدى إلى انخفاض أعداد الوفيات حوادث السيارات بنسبة 28.6% ، بحسب بيانات مجلس الوزراء، إذ وقعت 5861 حالة وفاة عام 2023 نتيجة حوادث الطرق، بدلًا من 8211 حالة وفاة حدثت عام 2016، كما انخفضت أعداد المصابين نتيجة حوادث الطرق بنسبة 17.9% ، لتصل إلى 71 ألف مصاب عام 2023، مقابل 86.5 ألف مصاب عام 2016، إضافة إلى تقليل معدلات الازدحام وانبعاثات عوادم السيارات، وخفض معدلات استهلاك الوقود ومعدلات التلوث البيئي، وحل مشكلة التكدس المروري، واختصار المسافات والوقت والجهد.
خلال السنوات العشر الأخيرة قفزت مصر 100 مركز في الترتيب العالمي لـ مؤشر جودة الطرق لتحتل المركز 18 عالمياً، وبحسب تقرير صادر عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء في يونيو الماضي، فإن المشروع القومي للطرق يستهدف تطوير وإنشاء 7000 كم من الطرق، تم تنفيذ 6300 كم منها بتكلفة 155 مليار جنيه، وتم تطوير ورفع كفاءة 8400 كم من الطرق الرئيسية بتكلفة 110 مليار جنيه من إجمالي 10000 كم مستهدف تطويرها، ومن المقرر أن تزيد أطوال الطرق الرئيسية بنسبة 29.8%، لتبلغ 30.5 ألف كم بنهاية عام 2024، مقابل 23.5 ألف كم عام 2014.
ويوضح أستاذ هندسة الطرق والنقل والمرور،أنه يجب وضع ضوابط مرورية، للتحكم فى مداخل ومخارج الطرق، من خلال تحديد زاوية معينة لدخول وخروج السيارات، بالإضافة إلى تنفيذ منظومة النقل الذكي على الطرق، لتحقيق أعلى معدلات الأمان والسلامة على الطرق والتي تشمل في مرحلتها الأولى 8 طرق من أكثر الطرق كثافةً وتنقلًا للمواطنين، والمرحلة الثانية تتضمن 14 طريقًا، إضافة إلى تحسين مسافات الرؤية للسائقين، وتحسين إنارة الطرق، والاهتمام بتوفير العلامات الاسترشادية والفسفورية وتحسين صرف الأمطار والسيول على الطرق، للقضاء على انزلاقات السيارات، ووقوع الحوادث في فصل الشتاء.
ويعتقد أبو خضرة، أن الخطأ البشري مسؤول عن 88% إلى %90 من حوادث الطرق في مصر، وأنه بجانب الردع المروري وإعمال القانون وعمل تحليل المواد المخدرة للسائقين، يجب الاهتمام بالعنصر البشري ونشر التوعية بأهمية القيادة الآمنة واتباع تعليمات المرور والأسباب الفنية التي تتمثل في الصلاحية الفنية للسيارات ومواعيد تغيير الإطارات وعمل الصيانة الدورية والتأكد من كفاءة السيارة قبل الرحلة، إضافة إلى العوامل البشرية و التي تكمن في القيادة تحت تأثير الإرهاق والمجهود وعدم التركيز أثناء القيادة والانشغال بالهاتف المحمول والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة والكحوليات وعدم الالتزام بالمسافة الآمنة بين المركبات أو بالسرعات المقررة ولا سيما أثناء الأحوال الجوية السيئة وعدم الالتزام باللوحات المرورية والإرشادية و حزام الأمان بالإضافة إلى التهور والاستهتار أثناء القيادة وعدم التركيز وبطئ رد الفعل لأي طارئ على الطريق، وتخطي السيارات في المنحنيات الأفقية وفي أماكن عدم جواز تخطي المركبات البطيئة فيها، داعيًا إلى إنشاء حارات خرسانية مخصصة للنقل الثقيل وتقليل التقاطعات السطحية وعمل تقاطعات حرة من خلال عمل أنفاق وكباري.
وتظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفاضًا ملحوظًا في أعداد وفيات حوادث الطرق في مصر خلال العام 2023؛ إذ توفي 5861 شخصًا، مقابل 7762 عام 2022، في حين ارتفعت أعداد الإصابات الناتجة عن الحوادث إلى 71 ألفًا عام 2023 مقارنة بـ55.9 ألف في 2022.
ورغم انخفاض معدلات وفيات الحوادث المرورية وارتفاع ترتيب مصر في مؤشر جودة الطرق، إلا أن نزيف الإسفلت لم يتوقف، رغم حجم الإنفاق الحكومي الكبير على تطوير وإنشاء الطرق والكباري الجديدة، ضمن المشروع القومي للطرق، وهو ما يطرح التساؤلات حول مدى تطبيق عوامل الأمان والسلامة على الطرق ومطابقتها للمعايير الفنية والهندسية المتعارف عليها، ودور شرطة المرور في إعمال القانون والتصدي للمخالفات المرورية التي من شأنها التسبب في حوادث مروعة.