ياسمين محمد
كرمل كمال الدين، سيدة مصرية تجاوز عمرها الستين عامًا، تزوجت وأنجبت وطُلّقت، وما زالت تحمل صفة آنسة في أوراقها الثبوتية المصرية، كما هو مسجل في أوراق السجل المدني المصري؛ لعدم اعتراف القانون المصري بعقود الزواج البهائية.
ثمانية أعوام، استغرقتها الطبيبة كرمل لتسجيل أبنائها في السجلات المصرية، كمواطنين مصريين منذ عام 2001، بعد أن تزوجت عام 1985 بعقد بهائي، لم تتمكن من توثيقه في مصر؛ لكنّها تمكنت من توثيقه في المحكمة الشرعية في دبي، بالإمارات العربية المتحدة، تقول: “تمكنت من استخراج شهادة تصادق على زواج قائم بالمحكمة الشرعية بدبي، تثبت زواجي بعد سفري للعمل بالإمارات، واستخرجت شهادات ميلاد لأبنائي من سلطنة عُمان، مدون عليها ديانتهم (-)”.
لكنّ السلطات المصرية لم تعترف بتسجيل أبنائها، وواجهت كرمل مشكلات في إلحاقهم بالمدارس، وهدد السجل المدني برفع دعوى “الحسبة” ضدها، المعروفة بـ”تفريق الأزواج”؛ بحجة أن اسم الزوج مسيحي واسم كرمل مسلم.
تضيف: “رفعنا حينها دعوى أثبتنا فيها زواجنا، واعتناق أولادنا البهائية”، وتمكن الدكتور رؤوف هندي، طليق كرمل، من استخراج بطاقة رقم قومي لأبنائه المولودين عام 1993، أُدرجت بها علامة (-)، بعد سنوات من التقاضي في القضية رقم 18354/58، بعد بلوغهم سن الـ16، بحسب ما ورد في بيان المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. عقب ذلك تسلموا شهادات ميلاد مصرية في أغسطس عام 2009، بعد خمسة أعوام من التقاضي.
اعتقال وإحالة للتحقيق
لم تنتهِ أزمات كرمل عند عدم تسجيل أوراقها وأسرتها؛ بل أُحيلت للتحقيق وسُجِن أفراد أسرتها، تقول كرمل: “اُعتقل والدي عامي 1965 و 1973، فيما سُجِنت والدتي عام 1973، وسُجِن شقيقي وشقيقتي عام 1985، لاعتناقهم البهائية، وتولى عمي الوصاية علينا بعد وفاة والدنا بدلا من والدتنا، التي لم تكن متزوجة من والدي في نظر القانون”.
تضيف: “بعد عودتي لمصر، عملت بالصحة المدرسية التابعة لهيئة التأمين الصحي، وفي عام 2004، أُحلت للتحقيق بدعوى عدم جواز تعاملي مع الطلبة؛ كوني بهائية ما يُعد خطرًا عليهم، لكن تفهمتْ اللجنة موقفي، وعدت إلى مزاولة عملي بشكل طبيعي”.
يعاني أبناء الطائفة البهائية في مصر عدم تمكنهم من توثيق عقود زواجهم؛ ما يحرم ذويهم من حقوقهم الشخصية، وصعوبة إدراج علامة (-) بخانة الديانة في البطاقة الشخصية، التي تشير إلى الديانة البهائية، رغم حصول البعض منهم على أحكام قضائية.
وثقت معدة التحقيق ست حالات لـ بهائيين لم يستطيعوا توثيق عقود زواجهم، ويحملون صفة “مسلم” بخانة الديانة في بطاقات الهوية الشخصية، في حين اشتكى بعضهم من الاضطهاد في أماكن عملهم؛ ما دفعهم للهجرة، إضافة إلى معاناتهم في دفن موتاهم، وإلحاق أبنائهم بالمدارس.
التفريق بين الأزواج
يرجع تاريخ البهائية في مصر لعام 1868، حين رست السفينة، التي تقل “بهاء الله” مؤسس العقيدة البهائية، بميناء الإسكندرية لوعكة صحية أصابته، قبل أن تتجه السفينة إلى منفاه الأخير بمدينة عكا. أقام “بهاء الله” عامًا كاملاً بمصر، اعتنق خلاله بعض المصريين البهائية.
وإضافة إلى الحكم القضائي الصادر عام 1925، من محكمة ببا الشرعية بمحافظة بني سويف، على ثلاثة بهائيين بفسخ عقود زواجهم؛ لارتداد هؤلاء عن الدين الإسلامي واعتناقهم البهائية كدين جديد، فإن البهائية كديانة غير معترف بها في مصر، ولا يوجد حصر بـ تعدادهم، بحسب بهاء إسحاق، رئيس إعلام البهائيين. لكنّ تقرير الحريات الدينية الدولي، الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية عام 2021؛ ذكر أن عدد البهائيين في مصر يتراوح بين ألف إلى ألفي شخص.
يتعرض البهائيون للتمييز في مصر؛ بسبب تنصل المؤسسات الرسمية من الاعتراف بحقوقهم، وإنكار معرفة اللجان الدينية والحقوقية في مجلس النواب بالتمييز الذي يتعرضون له. حتى إن بعض المسؤولين فضلوا عدم التعليق على ما ورد في هذا التحقيق؛ من بينهم وكلاء اللجنة الدينية وحقوق الإنسان في مجلس النواب المصري، ومفتي الديار المصرية سابقًا، على جمعة، وبصفته رئيسًا حاليًا لـ الجنة الدينية بمجلس النواب، رغم محاولاتنا المتكررة للحصول على تعليق منه.
دعوى التفريق بين الأزواج في مصر قديمة، يعود تاريخها لعام 1925، حينما حكمت أعلى محكمة شرعية آنذاك، بالتفريق بين حميدة فرغلي وزوجها، حافظ محمد فلاح؛ بعد رفع عمدة قريتهم التابعة لمركز ببا بمحافظة بني سويف، دعوى ضدهما واثنين آخرين يعتنقون البهائية، وذلك بحسب حفيدتهما روحية حسن:“اقترنت جدتي وجدي بعقد زواج إسلامي، لكن في 1925، قضت المحكمة بتفريقه عن زوجته بدعوى ارتداده عن الإسلام، وعدم أحقية اقترانه بـ زوجة مسلمة”.
وتعد أشهر دعاوى الحسبة التي شهدتها مصر؛ تلك التي رُفعت ضد الدكتور نصر حامد (باحث ومفكر في التراث والفكر العربي والإسلامي)، عقب تقديمه أبحاثًا علمية للحصول على درجة “أستاذ” من جامعة القاهرة، التي شكّلت لجنة علمية لذلك؛ لكنّ بعض أعضائها اتهموا الدكتور ناصر بالكفر لما ورد في الأبحاث والكتب المُقدّمة لنيل الدرجة العلمية، ورُفعت دعوى تفريق بينه زوجته الدكتورة ابتهال سالم، ليصدر الحكم ضده، بعد اتهامه بالإلحاد؛ فاضطر إلى مغادرة مصر إلى هولندا عام 1995.
كما أصدرت الدائرة التاسعة، بمحكمة السيدة زينب لشؤون الأسرة، حكمًا قضائيًا بتاريخ 27 يوليو 2009، بنزع الطفل آسر أسامة صبري من حضانة والديه، لـ اعتناقهما البهائية، وضم حضانته لـ عمة أم الطفل مسلمة الديانة، وذلك في الدعوى رقم 164 لسنة 2007.
ووفق حيثيات حكم المحكمة، التي حصلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على نسخة منها، بشأن انتزاع حضانة الطفل من والديه، فإنه “لا تثبت الحضانة للحاضنة الكافرة للصغير المسلم، لأن الحضانة ولاية، ولم يجعل الله ولاية للكافر على المؤمن… وقد أجمع علماء المسلمين على أن العقيدة البهائية أو البابية، ليست عقيدة إسلامية، ومن اعتنق هذا الدين ليس من المسلمين وهو مرتد عن الإسلام”.
رفض الأحكام القضائية
حازم الهادي (مهندس كمبيوتر، يبلغ من العمر 54 عامًا، من مواليد محافظة القاهرة). وثّق زواجه في دولتي الصين والولايات المتحدة، إلا أنه لم يتمكن من توثيقه في مصر، ليكرر مأساة والديه نفسها، اللذين تزوجا بعقد زواج إسلامي عام 1965، واعتنقا البهائية عام 1978، لكنّهما لم يتمكنا من تسجيل حالتهما الاجتماعية كزوجين في بطاقة الرقم القومي، بعد تعديلهما خانة الديانة لـ (-)، بعد رفض مصلحة الأحوال المدنية الاعتراف بالزواج.
يقول: “تزوجت من أميركية بهائية بعقد مدني في هونغ كونغ عام 1992، وبدأت رحلة توثيق عقد زواجي في مصر عام 2016، لكنّ مصلحة الأحوال المدنية رفضت توثيق الزواج؛ ما دفعني لرفع دعوى أمام القضاء عام 2019، ليصدر الحكم بإثبات الزواج عام 2020”.
بحسب “الهادي”، رفعت وزارة الداخلية المصرية دعوى قضائية لنقض الحكم وإلغائه؛ بدعوى مخالفته للدستور والقانون والنظام العام، وغش المحكمة وعدم الإفصاح عن ديانة حازم وزوجته.
ويتساءل: “هل المصريون ممن لا يدينون بالديانات الثلاث؛ الإسلام والمسيحية واليهودية، تسقط عنهم حقوقهم الشخصية؟”. اضطر “الهادي” إلى رفع دعوى في سبتمبر 2023، ضد استئناف وزارة الداخلية، وما زالت تُنظر أمام القضاء حتى تاريخ نشر هذا التحقيق.
وبحسب بهاء إسحاق – رئيس إعلام البهائيين-، فإنه لا يوجد حصر رسمي بعدد البهائيين في مصر: “يطبق علينا القرار الصادر برقم 520 لعام 2009، الذي ينص على قيد البهائيين السابق قيدهم، أو قيد آبائهم بـ (-)، أو بموجب أحكام قضائية سابقة”.
ويؤكد “إسحاق” أن البهائيين في مصر يعانون عدم اعتراف الدولة بزواجهم، وأن حالتهم الاجتماعية مسجلة في بطاقات الرقم القومي إما أعزب أو آنسة؛ ما يترتب على ذلك عدم تمتع أبنائهم بحقوقهم العائلية. مشيرًا إلى أن البهائيين في مصر اضطروا إلى رفع دعاوى قضائية، في الفترة ما بين عام 2018 إلى عام 2020، ليحكم القضاء بإثبات زواج 25 عقدًا من أصل 50، أقاموا دعاوى إثبات خلال تلك الفترة.
يضيف: “خمس حالات ممن صدرت لصالحهم أحكام بإثبات الزواج، رفضت السلطات تنفيذ الحكم، وأُحيل اثنان منهم لهيئة قضايا الدولة، وتمكن نحو عشرين بهائيًا من إثبات زواجهم في البطاقة الشخصية، وما يزيد على 80% منا (يقصد البهائيين)، مدون في خانة الديانة مسلم أو مسيحي في الأوراق الثبوتية، وهوعكس الحقيقة”.
لا مدافن للبهائيين بحكم القضاء
بعد عودة الهادي وأسرته لمصر عام 2016، استقروا بمحافظة أسوان لفترة، حينها تُوفي حماه؛ ما دفعهم للسفر من أسوان إلى القاهرة، لدفن جثمانه بمقابر البهائيين الوحيدة بمنطقة البساتين، لعدم وجود مدافن أخرى لهم.
يذكر أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أقامت دعاوى ضد محافظي الإسكندرية وبورسعيد، لإلزامهم بتخصيص أراضٍ لدفن البهائيين في المحافظتين؛ لتقضى محكمة القضاء الإدارى ببورسعيد، في الدعوى رقم “398” عام 2022، برفض إلزام المحافظة تخصيص قطعة أرض لإقامة مدافن للفئة الرابعة “البهائيين”، كما رفضت المحكمة الإدارية العليا الطعن المقدم رقم “29171”، ضد حكم القضاء الإداري بالإسكندرية، برفض إلزام محافظة الإسكندرية تخصيص قطعة أرض لإقامة مقابر بديلة لمقابر البهائيين في جبانات الشاطبي.
وأصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر القانون رقم “263” عام 1960؛ الذي يقضي بغلق المحافل الدينية للبهائيين، وحظر أفرادها من ممارسة أيّ نشاط، على أن تؤول أموال “وموجودات” تلك المحافل ومراكزها للجهات التي يعينها وزير الداخلية. في المقابل، تقدمت الطائفة بمذكرة عام 2011، للدكتور عصام شرف – رئيس الوزراء آنذاك-، لإعادة فتح المحافل والمراكز المغلقة، رغم مرور 51 عامًا على إغلاقها؛ لكنّ شيئًا لم يتغير.
وتنص المادة الثانية من الدستور المصري، على أن “الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع”، فيما تنص المادة الثالثة على أن “مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المُنظِّمة لـ أحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية”.
فيما تنص المادة “64” على أن “حرية الاعتقاد مطلقة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادات لأصحاب الأديان السماوية حق يُنظمه القانون”.
وبحسب إسحق إبراهيم – باحث أول بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية-، فإنه لا يوجد نص قانوني يبيح توزيع الميراث وفقًا لكل ديانة في مصر؛ فالإرث يُوزّع وفقًا للشريعة الإسلامية، أيًا كانت ديانة الورثة.
ويصف “إبراهيم”، عدم تخصيص مقابر للبهائيين لدفن موتاهم بالأمر غير العادل وغير الإنساني؛ ما يدفع بعضهم لقطع مسافة 900 كيلومتر من أسوان للقاهرة لدفن موتاهم، وما يترتب على ذلك من أعباء مادية ونفسية، وكأنهم مصريون مُنتقَصي المواطنة. وطالب الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الدولة المصرية بالاعتراف بهم، ومنحهم الحق في استخراج أوراقهم الثبوتية، وتوثيق عقود زواجهم وطلاقهم، وتخصيص أراضٍ لإقامة مدافنهم والسماح لهم بتنظيم احتفالاتهم بحرية.
يرجع الدكتور محمد منير مجاهد – أحد مؤسسي حركة “مصريون ضد التمييز الديني”-، عدم توثيق الدولة عقود زواج البهائيين أو الاعتراف بها، لقيام الزواج في مصر على أساس ديني؛ مطالبًا بسن قانون أحوال شخصية مدني موحد لجميع المصريين؛ لتنظيم علاقاتهم بعيدًا عن الدين، قائلاً: “الدولة لن تقود الناس للجنة”.
حياة الظل
يلجأ بهائيون إلى عدم الإفصاح عن معتقداتهم لحماية عائلاتهم؛ بسبب رفض المجتمع للبهائيين ووصفهم بـ الملحدين والكفرة. حسام محمد (50 عاما)؛ ولد مسلمًا و اعتنق البهائية، يعمل موظفًا بإحدى شركات المواد الغذائية بمحافظة القاهرة، يقول عن اعتناقه البهائية: “تزوجت عام 2010 بمسلمة، اعتنقتُ البهائية بعدها بفترة وجيزة، حين واجهتها بذلك، أخبرتني بأنها ستبقى على الإسلام؛ لكننا لم نفترق. لم أنسَ حديثى مع زميل عن البهائية، اتهمني حينها بالإلحاد، لذا قررت إخفاء الأمر كي لا أفقد عملي”.
لم ينسَ “محمد” ما واجهه صديقه من مشكلات بسبب عقيدته، يقول عن ذلك: “تحول صديقي المسلم إلى البهائية، تزوج مسلمة وأبلغها عقب ذلك بديانته، اقتنعت بالبهائية واعتنقتها من دون علم أهلها، وظلا يحملان صفة مسلم ومسلمة في أوراقهما الثبوتية لستة أعوام، إلى أن علمت عائلتها بديانتهما، فحاولوا أخذ حفيدهم ليعيش مسلمًا وليس كافرًا كـ والديه بحسب وصفهم؛ ما دفع صديقي الذي يعمل بإحدى الفرق الموسيقية للهرب بأسرته إلى أستراليا، ولم يعد إلى مصر منذ سفره”.
يضيف “محمد” أن والديْ صديقه اضطرا إلى تقديم استقالتهما من العمل، بعد تقديم حماه بلاغات ضد ابنهما في قسم الشرطة، والتشهير به على شاشات التلفاز؛ لتنتهي بـ رفعه دعوى قضائية لأخذ حفيده. هذه الأحداث أجبرته على إخفاء ديانته عن المقربين منه؛ كي لا ينفصل عن زوجته أو يفقد ابنه: “أكبر عقبة تواجهني هي إخفاء ديانتي الحقيقية، أشارك في المناسبات المجتمعية والدينية للمسلمين، أصلي صلاة الجنازة على المتوفين في المساجد، وأحمل أوراقًا ثبوتية كمسلم”.
رحلة البحث عن الإرث وفرصة السفر
كادت نرمين جمال (37 عاما) أن تفقد إرث والدتها، التي توفيت عام 2018؛ لعدم توثيق عقد زواجها (الأم) البهائي الذي عقد عام 1982. تقول نرمين: “توفيت والدتي عام 2018، حاولنا تسجيل بياناتنا في إعلام الوراثة الخاص بها، لكنّ المحكمة قضت بعدم الاعتراف بعقد زواجها، وأقر القاضي بأن تؤول ممتلكاتها لبنك ناصر، لعدم وجود ورثة لها، وفق القانون”.
استأنفت نرمين الحكم، وظلت القضية تُنظر أمام القضاء أربعة أعوام، إلى أن صدر حكم نهائي عام 2022، بإثبات صلة نرمين بوالدتها وأحقيتها في الإرث، مستندة للشريعة الإسلامية في تقسيمه.
كغيرها من البهائيين، لم تكن مشكلة الإرث الوحيدة لـ نرمين؛ فلم تستطع تسجيل ابنها لعدم اعتراف السجل المدني بالزواج، واستعانت الأسرة بتقارير المستشفى لإثبات الولادة. تقول نرمين: “على مدى تسعة أعوام، لم نتمكن من السفر أو الإقامة في الفنادق، لعدم وجود ما يثبت زواجنا”.
واجهت نرمين رفض سبع مدارس عام 2022، لقبول طفلها للدراسة بسبب الديانة، تنقل نرمين ما دار بينها وبين مدير إحدى المدارس بالقول: “مش هقبل طفلك وهبلغ عنكم الشرطة، أنتم يُطبق عليكم هدر دمكم؛ ما دفعنا لإبلاغ الأمن الوطني كي يتراجع المدير عن تهديده، لكنّه أصر على موقفه، وضاع عام دراسي على ابني”.
يقول إسحاق إبراهيم، باحث أول بالمبادرة المصرية: “في حال أدرجت الدولة الحالة الاجتماعية للبهائيين في الأوراق الرسمية؛ يُعدّ ذلك اعترافًا رسميًا بالبهائية كديانة، وهو ما تتجنبه الدولة”. وبحسب إسحاق، فإن هذا السلوك يُعدّ انتهاكًا لحقوق البهائيين الإنسانية؛ لما ينتج عنه من مشكلات اجتماعية، تدفع بعضهم لتوثيق ديانة لا يعتقدون بها في أوراقهم الثبوتية؛ ما يخالف المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، التي تنص على حق المواطنين في حرية المعتقد و ممارسته.
مصطفى محمود – محامٍ وباحث قانوني، متخصص في قضايا الحقوق الشخصية-، يصف وضع البهائيين بـ “العنصري وغير القانوني”.
البهائيون بين قدم القوانين وتجاهل البرلمان
في نوفمبر عام 2018، تقدم الدكتور محمد فؤاد – عضو مجلس النواب عن دائرة العمرانية سابقًا-، بطلب إحاطة إلى الدكتور علي عبد العال، رئيس البرلمان حينها، بشأن البهائيين ومشكلاتهم من توثيق أوراقهم، وإقامة دور العبادة الخاصة بهم، وتخصيص أراضٍ لدفن موتاهم؛ لكن من دون أيّ نتائج أو نقاشات تذكر.
يقول النائب منصف سليمان، وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب: “إطلاقًا لا، و باعتباري وكيل اللجنة الدينية، لم يصل إلى علمي أي شيء يتعلق بمناقشة إمكانية توثيق عقود زواج البهائيين”.
اتصلت معدة التحقيق بكل من الدكتور أسامة العبد – وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب-، ومحمد عبد العزيز – وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب-، للتعليق على ما ورد في التحقيق، إلا أنهما رفضا الإدلاء بأيّ تعليق في هذا الصدد. فيما حاولنا الاتصال هاتفيًا بالدكتور علي جمعة – رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، مفتي الديار المصرية سابقًا-، وقمنا بمراسلته عبر تطبيق واتس آب؛ إلا أننا لم نتلقَ ردًا منه حتى تاريخ نشر هذا التحقيق.
أنجز هذا التحقيق بدعم من أريج