أثارت أخبار متداولة حول صفقة بيع بنك القاهرة لبنك دبي الوطني الإماراتي حالة واسعة من الجدل، خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة أن الأرقام المتداولة عن الصفقة، يقدرها خبراء بأنها أقل كثيرًا من سعر البنك الذي يعد ثالث أكبر البنوك الحكومية في مصر، وكانت الحكومة قد تلقت عروضًا لشرائه، خلال السنوات الماضية، من قبل شركات أجنبية بقيمة تجاوزت ضعف الصفقة الراهنة مع دولة الإمارات، التي تستحوذ على 45% من الأسهم مقابل ما بين 1 ـ 1.2 مليار دولار.
ضمن أحد ردود الفعل العاجلة على الصفقة، تقدم عدد من المحاميين بدعوى قضائية مستعجلة، الاثنين الماضي، لدى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالبوا خلالها بوقف إجراءات البيع، واختصم في الدعوى كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله. وأكدت الدعوى على الأهمية الاستراتيجية لبنك القاهرة، مشيرةً إلى تاريخه العريق ودوره المحوري في دعم الاقتصاد الوطني وتمويل المشروعات التنموية، ما يجعل قرار بيعه “خبراً مفجعاً” للمصريين، وحذرت من التداعيات السلبية المحتملة للصفقة على الأمن الاقتصادي القومي واستقلالية القطاع المصرفي، مطالبةً بضمان الشفافية في إجراءات بيع المؤسسات المالية الكبرى وتحقيق المصلحة الوطنية العليا.
وفي حين لم تعلن الحكومة رسميًا أي تفاصيل حول الصفقة، فيما اكتفى رئيس الوزراء الأربعاء بالتأكيد على طرح الحكومة بنكين ضمن برنامج الطروحات هما، المصرف المتحد، وبنك القاهرة، الذي يخضع في الوقت الراهن للتقييم من جانب استشاري مختص لتحديد قيمته، وهو تصريح جاء مدفوعًا بالضغوط التي تواجهها الحكومة نتيجة التذمر الشعبي تجاه الصفقة، ترجح تسريبات إجراء مفاوضات مع بنك دبي الوطني للاستحواذ على حصة الدولة مقابل مليار إلى ملياري دولار تقريبًا، على أن يحدث ذلك خلال ٤٥ يومًا.
المصادر ذاتها تحدثت عن خطة بديلة في حال عدم اكتمال الصفقة مع الإمارات، تتمثل في طرح البنك في البورصة وتعيين مستشارين للإشراف المالي على الطرح. وهو الخيار الذي يفضله مراقبون تحدثوا إلى زاوية ثالثة في هذا السياق. إذ يرى -الباحث الاقتصادي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية-، محمد رمضان، أن طرح البنوك الحكومية في البورصة قد يكون خيارًا مناسبًا. لأن البنوك لديها قاعدة عملاء واسعة وولاء قوي، كما أنها تحتفظ بمؤشرات مالية مستقرة حتى في أوقات الأزمات، مما يجعلها جذابة للاستثمار. على سبيل المثال، بنك مثل (البنك التجاري الدولي – CIB) يمثل بمفرده حوالي 20-25% من مؤشر EGX30، وهو ما يعكس مدى تأثير القطاع المصرفي في السوق.
ويقول رمضان في حديثه معنا إن دخول مستثمرين جدد من خلال البورصة قد يكون أكثر فائدة من عمليات الاستحواذ المباشرة التي قد تؤدي إلى احتكار أو تركز غير صحي داخل القطاع المصرفي المصري.”
نوصي للقراءة: نقل الشركات المملوكة للدولة إلى صندوق مصر السيادي.. خصخصة بلا رقابة؟
غياب الشفافية
تؤكد مها عبد الناصر -عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي- في حديث مع زاوية ثالثة أن الإشكالية الأساسية في مسألة بيع البنوك الحكومية لا تتعلق بفكرة البيع نفسها، ولكن في غياب الشفافية وآليات التقييم التي يتم الاعتماد عليها لاتخاذ هذا القرار. وتقول إلى زاوية ثالثة: “ليست القضية في بيع بنك أو عدم بيعه، فمسألة البيع بحد ذاتها ليست مشكلة، وقد حدثت عمليات استحواذ على بنوك من قبل دون أزمات. ولكن الإشكالية تكمن في طريقة التقييم، وعلى أي أساس يتم تحديد الأصول التي يتم بيعها؟ ومن المسؤول عن التقييم؟ هذه أمور غير واضحة على الإطلاق”.
وتضيف أن هناك تساؤلات حول سبب اللجوء إلى مستثمر خارجي بدلاً من طرح أسهم البنك في البورصة كخيار بديل لجذب رؤوس الأموال، متسائلة: لماذا لا يتم الطرح في البورصة إذا كان الهدف هو تحقيق عوائد مالية؟ لماذا يكون الاستحواذ فقط من طرف خارجي؟”، مطالبة الحكومة بتقديم إيضاحات شاملة حول آليات البيع، مؤكدة أن من حق المواطن معرفة التفاصيل المتعلقة بمصير الأصول العامة، قائلة: “الأمر ببساطة يتعلق بضرورة احترام حق المواطن في المعرفة”.
وقبل أيام تقدمت مها بطلب إحاطة لمجلس النواب، حول الأزمة، وصلنا نسخة منه، طالبت فيه بالكشف عن كافة التفاصيل المتعقلة بالقضية، مشيرة إلى أن بنك القاهرة حقَّق أرباحًا صافية بلغت 12.4 مليار جنيه خلال العام المالي 2024، بمعدل نمو 86% مقارنة بعام 2023، فيما سجلت أرباحه خلال الربع الثالث وحده 8.6 مليار جنيه، بزيادة 90% عن الفترة نفسها من العام السابق. كما ارتفعت الإيرادات التشغيلية للبنك بنسبة 56%، ما يعكس أداءً ماليًا قويًا يعزز من مكانته في السوق المصرفي. ورغم هذه النتائج الإيجابية، أثارت عضو البرلمان المصري تساؤلات حول قرار بيع البنك بقيمة لا تعكس أداءه الفعلي، مؤكدةً أنه قادر على تحقيق قيمة الصفقة خلال فترة قصيرة، مما يستدعي إعادة النظر في مدى الجدوى الاقتصادية لهذا القرار.
وأكدت أن تجربة بيع الأصول العامة لصالح مستثمرين أجانب تحتاج إلى مراجعة دقيقة قبل اتخاذ أي قرار مماثل، خاصة أننا شهدنا في السابق حالات لم تحقق فيها هذه الصفقات العوائد المرجوة للدولة، بل أدت في بعض الأحيان إلى نتائج سلبية على المدى الطويل، مشددة على حق البرلمان والشعب المصري في معرفة تفاصيل هذه الصفقة وأسبابها وجدواها الاقتصادية، فلا نعلم في ضوء ما سبق لماذا تم اختيار البيع كخيار أساسي بدلًا من زيادة رأسمال البنك عبر طرح أسهمه في البورصة؟ وكيف تم تحديد المشتري ولماذا لم يتم فتح المجال لمستثمرين آخرين؟ وهل هناك ضمانات فعلية تضمن استمرار البنك في أداء دوره التنموي والوطني بعد بيعه؟
نوصي للقراءة: حظر التعاقد مع 4 جهات سيادية.. خطوة نحو اقتصاد أكثر شفافية أم مناورة سياسية؟
تحول في نظام الخصخصة
يؤكد -الباحث الاقتصادي- وائل جمال أن بيع بنك القاهرة ليس الخطوة الأولى في خصخصة البنوك العامة، فقد سبق أن شهدت مصر محاولات مماثلة، مثل بيع بنك الإسكندرية عام ،2006 ومؤخرًا طرح بنك القاهرة، في إطار توجه مدعوم من صندوق النقد والبنك الدولي لتقليص ملكية الدولة في القطاع المصرفي. لكنه يرى أن هناك تراجعًا في مستوى الشفافية والإفصاح هذه المرة مقارنة بالمحاولات السابقة، حيث يتم البيع بالأمر المباشر دون مزاد أو منافسة حقيقية، مع وجود مستثمر واحد فقط، وهو صندوق إماراتي، مما يثير تساؤلات حول آليات التقييم والتسعير.
ويضيف جمال أن عمليات الخصخصة السابقة، رغم ما شابها من انتقادات، كانت تخضع لإجراءات قانونية واضحة، بينما يتم الآن تحويل ملكية الأصول العامة إلى الصندوق السيادي، وهو ما يعني تجاوز إجراءات الحوكمة التقليدية ووضع القرارات في يد السلطة التنفيذية مباشرة. ويعتبر أن هذا النهج يمثل تراجعًا فيما يتعلق بالإفصاح والرقابة على بيع الأصول العامة.
ويرى الباحث الاقتصادي أن توقيت البيع غير مناسب، في ظل تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، مما يجعل قيمة الصفقة منخفضة عند تقييمها بالعملة الأجنبية، كما أن قطاع البنوك في مصر يحقق أرباحًا جيدة نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، حيث تعتمد البنوك بشكل كبير على الاستثمار في أدوات الدين الحكومي ذات العائد المرتفع. وبالتالي، فإن بيع البنك في هذا التوقيت يعني منح عوائد مستقبلية مضمونة لمستثمر أجنبي بدلاً من استفادة الدولة منها.
سجَّل بنك القاهرة أداءً ماليًا قويًا بنهاية العام 2024، محققًا نموًا في أرباحه بنسبة 86% مقارنة بالعام السابق، وأعلن البنك في بيان رسمي في نارس الجاري أن أرباحه قبل الضرائب ارتفعت إلى 17.9 مليار جنيه، بزيادة 64% عن عام 2023، حيث بلغت آنذاك 11 مليار جنيه. كما ارتفع صافي الأرباح إلى 12.4 مليار جنيه، مدفوعًا بتحسن أداء مختلف القطاعات، أبرزها التجزئة المصرفية، والخزانة، وائتمان الشركات، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وشهدت عوائد القروض والإيرادات المشابهة نموًا بنسبة 40% لتصل إلى 68.7 مليار جنيه بنهاية 2024، بينما ارتفعت تكلفة الودائع والإيرادات المشابهة بنسبة 30%. وأسهم ذلك في زيادة صافي الدخل من العائد بنسبة 58%، مما يعكس الأداء الإيجابي للبنك على مختلف المستويات.
ويشير جمال إلى أن مبرر الخصخصة في قطاع البنوك كان في السابق نقل الخبرات الأجنبية وتحسين الأداء الإداري، لكن هذا لم يعد منطقيًا الآن، خاصة أن بنك القاهرة خضع لإعادة هيكلة شاملة خلال السنوات الماضية، مما يجعل بيعه مجرد وسيلة للحصول على سيولة دولارية، دون تحقيق فائدة حقيقية للاقتصاد. ويؤكد أن التجارب السابقة، مثل بيع الشرقية للدخان وشركات الأسمدة، أثبتت أن هذه الصفقات غالبًا ما تكون ذات تأثير سلبي على المدى الطويل، حيث تتحول الأرباح إلى الخارج، مما يؤدي إلى استنزاف النقد الأجنبي بدلاً من تعزيزه.
غموض يعزز المخاوف
يقول كريم العمدة، -أستاذ الاقتصاد السياسي-، إلى زاوية ثالثة إن بنك القاهرة لطالما كان محل جدل في كل مرة يُطرح فيها للبيع، حيث تحيط بعملية بيعه حالة من الغموض والتعقيد. موضحًا أنه في منتصف العقد الأول من الألفية، وتحديدًا بين عامي 2005 و2006، كان البنك يعاني من خسائر، مما دفع الحكومة إلى عرضه للبيع، حيث تم تقدير 80% من أسهمه بمبلغ 1.5 مليار جنيه تقريبًا.
ويلفت العمدة في حديثه معنا إلى أن بنك الإسكندرية كان قد بيع لبنك “ساو باولو” الإيطالي مقابل 1.6 مليار دولار خلال الفترة نفسها، بينما تقدم عدد من المستثمرين بعروض للاستحواذ على بنك القاهرة، من بينهم بنوك دولية مثل “مورجان ستانلي”، لكن الصفقة أُلغيت فجأة ودون توضيح للأسباب. ويضيف: ” هناك معلومات تفيد بأن المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، كان أحد المعارضين لبيع البنك، باعتباره أحد الأصول الاستراتيجية للدولة المصرية ويمتلك قاعدة عملاء كبيرة، ما يجعل التخلي عنه قرارًا غير محسوب العواقب.”
ويوضح أستاذ الاقتصاد السياسي أن الحكومة المصرية لا تزال تعمل تحت توجيهات صندوق النقد الدولي، الذي يشدد على تقليل دور الدولة في الاقتصاد ودفعها نحو التخارج من ملكية المؤسسات العامة، بما فيها البنوك. مضيفًا: “عندما يُقال إن بنك القاهرة يُباع بسعر أقل من قيمته، يجب أولًا أن نحدد كيفية تقييم سعره، هل وفقًا للأرباح؟ أم لعدد العملاء والودائع؟ أم بناءً على عدد الفروع المنتشرة داخل مصر وخارجها؟”، مشيرًا إلى أن البنك يمتلك 350 فرعًا في أنحاء الجمهورية، وهو ما يجعله كيانًا مصرفيًا قويًا.
ويؤكد العمدة أن السعر الذي طُرح بشأن شراء بنك القاهرة من قبل بنك أبو ظبي الأول لم يُحسم بعد، وأن الجدل المثار في السوق المصري حول البيع ربما يكون مقصودًا للضغط على الطرفين، سواء الحكومة المصرية أو البنك الإماراتي، للوصول إلى سعر متوازن. ويتابع قائلًا: “الإمارات هي الطرف الأكثر اهتمامًا بالصفقة، ويبدو أن لديها سيولة مالية جاهزة للاستثمار بقوة في السوق المصري، لكن لا شك أن مثل هذه الصفقات المصرفية عادة ما تكون محاطة بكواليس غير معلنة”.
ويقول العمدة إن “بنك القاهرة يعاني من تكدس العمالة، وهو ما يمثل تحديًا أمام أي مستثمر جديد، حيث لا يمكن لأي بنك خاص أن يستحوذ عليه دون وضع خطة لاستيعاب هذا العدد الكبير من الموظفين. موضحًا أن أي مؤسسة مالية عالمية ترغب في دخول السوق المصري نظرًا لأهمية القطاع المصرفي المصري، لكنه أشار إلى أن البنك المركزي المصري شدد خلال السنوات الأخيرة شروط منح التراخيص للبنوك الجديدة، حيث فرض متطلبات رأسمالية مرتفعة ومعايير صارمة للحفاظ على أموال المودعين، خاصة بعد الأزمة المصرفية التي شهدتها البلاد في عام 2004.
نوصي للقراءة: بيع المطارات المصرية: صفقة لإنقاذ مصر للطيران أم مكسب للمستثمرين؟
تساؤلات ما بعد الصفقة!
بنك القاهرة هو ثالث أكبر البنوك المصرية، وتسعى الإمارات للاستحواذ عليه منذ عام 2022، ضمن استراتيجية للتوسع في السوق المصرفي المصري، ويمتلك بنك القاهرة شبكة فروع قوية تضم 249 فرعًا داخل مصر، إلى جانب ستة فروع في الدول العربية وفرعين في دول الكوميسا بالقارة الأفريقية، ما يعزز من أهميته الإقليمية. وقد شهد عدة محاولات للبيع منذ إدراجه ضمن خطة الخصخصة التي تبنتها حكومة كمال الجنزوري في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك عام 1997، وهي الخطة التي تعطلت بسبب الأزمة الاقتصادية التي أطاحت بحكومة الجنزوري في أكتوبر 1999. ثم أعادت حكومة أحمد نظيف لاحقًا طرح الخصخصة كخيار استراتيجي، وبدأت ببيع 80% من أسهم بنك الإسكندرية لبنك ساو باولو الإيطالي في أكتوبر 2006، ثم سمحت لمؤسسة التمويل الدولية بشراء 9.75% من حصة البنك الإيطالي، بينما احتفظت الدولة بنسبة 20% فقط من البنك الذي تأسس عام 1957.
مطلع عام 2008، طرحت الحكومة بنك القاهرة للبيع رسميًا، إلا أن الأزمة المالية العالمية سرعان ما عرقلت الصفقة، مما أدى إلى إلغائها رغم وصولها إلى مراحلها النهائية مع مستثمرين مصريين وعرب، وذلك خشية انخفاض القيمة السوقية للبنك. ومنذ التعويم الأول للجنيه المصري عام 2016، حاولت الحكومة بيع البنك ثماني مرات، لكنها تراجعت في اللحظات الأخيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة.
في السياق يوضح الباحث محمد رمضان أن البنك كان من المفترض أن يتم إدراجه في البورصة منذ عام 2016 ضمن برنامج الطروحات الحكومية، بل إن الفكرة تعود إلى ما بعد 2008، وتحديدًا بعد صفقة بيع بنك الإسكندرية واستحواذ مستثمرين إماراتيين على بعض المؤسسات المالية. مشيرًا إلى أن القطاع المصرفي المصري شهد موجات من الاندماجات والاستحواذات، خاصة بعد أزمة البنوك الكبرى التي شهدها السوق في التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة، ما أدى إلى تقليص عدد البنوك العاملة إلى 38 بنكًا حاليًا، بينما في التسعينات كان هناك أكثر من 80 بنكًا، بل تجاوز العدد 100 بنك في أواخر السبعينيات.
بالإضافة إلى ذلك يرى رمضان أن الاستحواذات الإماراتية، تثير تساؤلات كثيرة حول مستوى التركز في القطاع المصرفي، خصوصًا مع امتلاك البنوك الإماراتية حصة كبيرة من الودائع في القطاع الخاص. وعلى الرغم من أن القطاع المصرفي الحكومي لا يزال يستحوذ على النسبة الأكبر من الودائع – حيث يمتلك البنك الأهلي وحده حوالي 60% من ودائع السوق – فإن وجود الإماراتيين بهذه القوة في القطاع يطرح تساؤلات حول التأثير المستقبلي على السوق المالية المصرية.
ويضيف: “الربحية العالية للقطاع المصرفي تجعله جذابًا للمستثمرين، لكنه في الوقت نفسه يزيد من الضغط على ميزان المدفوعات، خصوصًا أن الأرباح يتم تحويلها للخارج. كما أن معظم هذه الاستحواذات تركز على أصول قائمة بالفعل، وليست استثمارات جديدة تنعش السوق أو توسع القاعدة المصرفية. هذا يقلل من التأثير الإيجابي المتوقع، ويجعلنا نعيد النظر في مسألة تحويل الأرباح إلى الخارج وتأثيرها على الاقتصاد المصري على المدى البعيد.”
يبقى الغموض الذي يحيط بصفقة بيع بنك القاهرة أحد العوامل الأساسية التي تعزز حالة الجدل والقلق لدى الأوساط الاقتصادية والشعبية في مصر، بينما تؤكد الحكومة أن البيع يأتي ضمن برنامج الطروحات الحكومية بهدف جذب الاستثمارات وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي، تطرح الأسئلة نفسها حول شفافية إجراءات البيع، وآليات التقييم، وجدوى الصفقة من الناحية الاقتصادية. ومع تصاعد الأصوات المطالبة بمزيد من الإفصاح والمساءلة، يظل التساؤل الأهم قائمًا: هل يمثل البيع خطوة مدروسة تحقق مصالح الدولة والمواطنين، أم أنه مجرد إجراء لتعزيز السيولة على المدى القصير دون النظر إلى التداعيات بعيدة المدى على القطاع المصرفي والاقتصاد المصري ككل؟