انقسامات أم تكامل أدوار.. لماذا لم تنجح الحركة المدنية في صياغة تحالف انتخابي واحد؟ 

رغم خوض أحزاب المعارضة المدنية الانتخابات البرلمانية المقبلة، فإنها تدخل السباق منقسمة بين تحالفات فرعية ومرشحين مستقلين بلا برنامج موحد أو دعم سياسي متماسك.
Picture of شيماء حمدي

شيماء حمدي

بدأ مرشحو الحركة المدنية الديمقراطية في التقدّم بأوراق ترشحهم إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، إيذانًا بالدخول رسميًا في ماراثون الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في نوفمبر المقبل.
وتتجه أحزاب الحركة بكاملها نحو المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، رغم رفضها المعلن لنظام القائمة المطلقة المغلقة الذي أقرّه قانون الانتخابات. إذ تُعد هذه المرة الأولى منذ سنواتٍ طويلة التي لا يلجأ فيها أيٌّ من أحزاب الحركة إلى خيار المقاطعة، في تحوّل واضح عن مواقفها السابقة التي اتسمت بالتحفّظ أو الانسحاب من العملية الانتخابية.

ورغم الاتفاق المبدئي بين أحزاب الحركة على خوض الانتخابات، إلا أن مشهد ما قبل السباق الانتخابي بدا متعدد المسارات داخل الحركة نفسها، فبدلًا من أن تُخاض المعركة تحت مظلة انتخابية واحدة تمثل المعارضة المدنية، برزت تحالفات فرعية وتنسيقات داخلية مثل جبهة العدالة الاجتماعية (حق الناس) والطريق الحر، ما أثار تساؤلات حول قدرة الحركة المدنية على تقديم جبهة موحدة تمثل التيار الديمقراطي في مواجهة أحزاب الموالاة. وما إذا كان هذا التباين نتاجًا لعوامل داخلية تتعلق بالخلافات الأيديولوجية والحسابات الحزبية، أم أن النظام الانتخابي نفسه، القائم على النظام الفردي والقوائم المغلقة المطلقة، قد أغلق الباب أمام أي تحالف معارض واسع.

كما برزت تساؤلات حول العروض التي تلقتها بعض المرشحين المحسوبين على الحركة من أحزاب أخرى، سواء من داخل صفوف الحركة المدنية نفسها أو من أحزاب أخرى تُصنَّف ضمن المعارضة لكنها قررت خوض الانتخابات بشكل مستقل عن مظلة الحركة. وتنوّعت هذه العروض بين اقتراحات للانضمام إلى قوائم انتخابية مختلفة، أو خوض الانتخابات على نفس الدائرة ولكن باسم حزب أخر مقابل  الدعم الجماهيري والمالي في مقابل  تعظيم فرص نجاح المرشح في ظل نظام انتخابي يُضيّق مساحة المنافسة، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة داخل الحركة في حديث إلى زاوية ثالثة.

 

نوصي للقراءة: طلعت خليل – منسق الحركة المدنية: ننتظر برلمان أسوأ من السابق (حوار)

هندسة للمقاعد الفردية؟

شهدت أحزاب الحركة المدنية وعدد من الأحزاب المحسوبة على المعارضة حالة من التنافس غير المعلن على استقطاب المرشحين المحتملين. وكشفت مصادر من داخل الحركة المدنية – فضّلت عدم ذكر اسمها – أن عددًا من المرشحين المنتمين لأحزاب داخل الحركة تلقّوا عروضًا من أحزاب أخرى، بعضها من داخل الحركة نفسها وأخرى من خارجها لكنها محسوبة أيضًا على المعارضة، للترشح على المقاعد الفردية وخوض الانتخابات تحت شعارات حزبية مختلفة.

في المقابل، تلقّت بعض الأحزاب المعارضة – داخل الحركة المدنية وخارجها – عروضًا من مرشحين مستقلين أو منتمين لأحزاب أخرى سعوا للانضمام إليها بحثًا عن ظهير سياسي يوفر دعمًا ماليًا أو لوجستيًا أو سياسيًا أقوى. ووفقًا للمصادر ذاتها، فقد نجحت بعض هذه العروض بالفعل، إذ غادر عدد من المرشحين أحزابهم الأصلية وخاضوا السباق الانتخابي تحت مظلة أحزاب أخرى.

في السياق أعلن حزب العيش والحرية – وهو حزب يساري تحت التأسيس أحد أحزاب الحركة المدنية-، بشكل مفاجئ استبعاد وائل غالي، المحامي بمدينة المنصورة من قائمة مرشحي الحزب، بعد أن قرر خوض الانتخابات تحت مظلة حزب آخر.

ظاهرة استقطاب المرشحين ينتقدها أكرم إسماعيل، القيادي في حزب العيش والحرية وعضو مجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية، ويصفها بأنها “ممارسة حزبية رديئة”.  يقول إسماعيل في حديثه إلى زاوية ثالثة: “هناك مرشحون يسعون إلى مكاسب أو موارد أفضل، وأحزاب تبحث عن أسماء جاهزة بدلًا من إعداد كوادر حقيقية. ليصبح المشهد شبيهًا بسوق مفتوح يتعامل فيه البعض مع الترشح كما لو كان لاعب كرة ينتقل بين الأندية. هذه الممارسات تكشف بوضوح هشاشة الحياة الحزبية في مصر وغياب المعايير المؤسسية، وهي دليل على سيادة البراغماتية والانتهازية السياسية.”

كشفت مصادر أخرى داخل الحركة المدنية الديمقراطية تحدثت إلى زاوية ثالثة، أن عددًا من المرشحين، من داخل أحزاب الحركة المدنية وخارجها، تواصلوا مع حزب المحافظين لطلب دعمه في الانتخابات المقبلة، مقابل الترشح تحت مظلته السياسية وتقديم استقالاتهم من أحزابهم الأصلية. وبحسب المصادر، فإن بعض هؤلاء المرشحين كانوا يعتقدون أن حزب المحافظين سيقدم دعمًا ماليًا ولوجستيًا لمرشحيه، الأمر الذي اعتبروه فرصة لتعزيز حظوظهم في الوصول إلى مقاعد البرلمان. وهو الأمر الذي رفضه حزب المحافظين متمسكًا بخوض الانتخابات البرلمانية بأعضاء حزبه فقط.

تباين داخل الحركة المدنية

برزت خلال الأسابيع الأخيرة داخل الحركة المدنية الديمقراطية كتلتان انتخابيتين رئيسيتان، هما كتلة “الطريق الحر” التي تضم حزبَي المحافظين والدستور كأحزاب ليبرالية، وكتلة “حق الناس” المنبثقة من جبهة العدالة الاجتماعية، التي تضم عددًا من الأحزاب ذات التوجه اليساري، من بينها التحالف الشعبي الاشتراكي والكرامة والعيش والحرية داخل الحركة أيضًا.

جاء تشكيل الكتلتين بعد تعثر محاولات الحركة المدنية لتشكيل تحالف انتخابي جامع، إذ فضّل كل تيار داخلها خوض الانتخابات وفق رؤيته وبرنامجه الخاص، مع الحفاظ على المظلة السياسية للحركة المدنية كإطار عام. وذلك بعد أن قررت الحركة خوض الانتخابات على نظام المقاعد الفردية اتساقًا مع موقفها الرافض لنظام القائمة المغلقة المطلقة.

ورغم تأكيد قيادات في الكتلتين على أن هذا التعدد لا يعكس انقسامًا سياسيًا داخل الحركة، بل تنوعًا في التكتيكات الانتخابية، لكن آخرين يرون أن المشهد يكشف عن صعوبة توحيد صفوف المعارضة المدنية في ظل نظام انتخابي قائم على المقاعد الفردية والقوائم المطلقة المغلقة.

يقول أكرم إسماعيل لـ”زاوية ثالثة”: إن عدم وجود تكتل انتخابي موحد داخل الحركة المدنية لا يعود إلى ضعف التنسيق بين قواها، بل إلى طبيعة النظام الانتخابي نفسه الذي يعتمد على القوائم المغلقة المطلقة، ويحرم المعارضة من بناء تحالف انتخابي قائم على برنامج سياسي مشترك. ويوضح أن “التحالفات الانتخابية عادة ما تتشكل حول قوائم وبرامج موحدة وواضحة تحدث في نظام القائمة أكثر من الفردي، لكن الحاجز التشريعي الذي فرضته السلطات المصرية أفقد أي فرصة لتكوين جبهة انتخابية حقيقية”.

يضيف إسماعيل أن ما يجري حاليًا هو “محاولات محدودة للتنسيق الفردي بين عدد من المرشحين، مثل ما تقوم به جبهتا الطريق الحر وحق الناس، ولا يمكن وصفها بتحالفات انتخابية بالمعنى السياسي الدقيق”. ويشير إلى أن الحركة المدنية تسعى بعد غلق باب الترشح إلى تنسيق الجهود بين المرشحين الديمقراطيين “، لكنه شدّد على أن “التحالف الانتخابي لا يمكن أن يتحقق في ظل نظام فردي يعتمد على النفوذ المحلي أكثر من البرنامج السياسي”.

كما يرى القيادي بالحركة المدنية أن من الصعب فرض برنامج موحد على مرشحين أفراد، ويوضح  أن “حتى داخل الأحزاب السياسية المنظمة يصعب تحقيق ذلك، فما بالك بتحالف واسع. في أفضل الأحوال يمكن الاتفاق على خطوط عامة ومبادئ مشتركة، لكن البرامج التفصيلية أمر يصعب تطبيقه”.

وحول ما إذا كانت التوجهات الأيديولوجية أو المال السياسي وراء تشتت الجبهات، يؤكد إسماعيل أن هناك بالفعل تباينات داخل الحركة المدنية نفسها، وهذا ما ظهر بشكل كبير في التحالفات التي تشكلت داخل الحركة، وفي ما يخص عدد المرشحين، يقول إسماعيل إن الحركة المدنية قد تدعم “أكثر من خمسين مرشحًا تقريبًا” على مستوى الجمهورية.

في السياق يقول طلعت خليل، المنسق العام للحركة المدنية الديمقراطية، في حديثه إلى “زاوية ثالثة”، إن الحركة تستعد لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة عبر المقاعد الفردية فقط، إذ أن نظام القوائم المطلقة المغلقة يمثل واحدة من أكبر الكوارث في الحياة السياسية المصرية، كونه يفتح الباب أمام المال السياسي والنفوذ، ويُنتج برلمانًا لا يعبّر عن الإرادة الحقيقية للمواطنين”.

ويؤكد خليل أن قرار خوض المنافسة على المقاعد الفردية لا يعني غياب الوحدة داخل الحركة المدنية، نافيًا ما يُثار عن وجود انقسامات داخل صفوفها. إذ يقول:”من يردد أن الحركة المدنية غير موحدة كلامه غير صحيح بالمرة. قرارات الحركة واضحة ومعلنة، إذ قررت ترك حرية المشاركة لأحزابها؛ فمن أراد أن يشارك فليشارك، ومن أراد المقاطعة فله ذلك، بشرط واحد التزمت به جميع الأطراف، وهو عدم التحالف أو التنسيق مع أحزاب الموالاة أو أحزاب السلطة.”

ويوضح أن هذا القرار “يمثل موقفًا موحدًا للحركة بأكملها ويعبّر عن رؤيتها المشتركة في الحفاظ على استقلال المعارضة الديمقراطية، وأن تعدد التوجهات الانتخابية بين مكونات الحركة لا يعني انقسامًا، بل يعكس مرونة تكتيكية تفرضها طبيعة الانتخابات الفردية.”

وحول غياب برنامج موحد لمرشحي الحركة المدنية، يوضح خليل أن ذلك ليس علامة على تباين سياسي بل مسألة تنظيمية مرتبطة بطبيعة النظام الفردي، قائلاً: “لا يوجد ما يسمى ببرنامج واحد لكل المرشحين، لأن كل دائرة انتخابية لها خصوصيتها. كل مرشح هو برنامج قائم بذاته، يحدد أولوياته وفق احتياجات دائرته، مع التزامنا جميعًا بالثوابت العامة: الدفاع عن الحريات، واحترام الدستور والقانون، وفتح المجال العام.”

المحافظين والدستور في الطريق الحر

أعلن حزبا المحافظين والدستور عن إطلاق تحالف انتخابي جديد تحت اسم “تحالف الطريق الحر”، مؤكدين في بيان مشترك أن الخطوة تنطلق من “مسؤولية وطنية” وإيمان بضرورة فتح المجال العام أمام المواطنين ليكون صوت الشعب حاضرًا وفاعلًا، وثقة في إرادة الناخبين الراغبين في التغيير.

ورأى حزبا المحافظين والدستور أن ما وصفاه بـ”حالة العزوف” عن المشاركة السياسية جاء نتيجة غياب التمثيل الحقيقي للمواطنين. وأوضحا أن “الطريق الحر” ليس مجرد بديل انتخابي، بل مشروع سياسي يقوم على الحرية والشفافية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، ويهدف إلى إعادة بناء العلاقة بين الأحزاب والمواطنين من جديد

وأشار البيان إلى أن قرار خوض الانتخابات يستند إلى الحرص على ألا يتحول البرلمان إلى كيان أحادي يعبر عن مصالح السلطة لا عن مصالح الشعب، “وإيمانًا بأن المصريين يستحقون برلمانًا يعبر عنهم بعيدًا عن زيف الاصطفاف، برؤية ليبرالية إصلاحية جوهرها الحرية التي تضمن المشاركة والتعبير دون قيود، ودولة مدنية دستورية تصون الكرامة وسيادة القانون، وسياسات اقتصادية لصالح المواطن لا ضده”.

من جهته يوضح حبيب السنان القيادي في حزب المحافظين والمرشح في الانتخابات البرلمانية،  أن الحزب قرر خوض الانتخابات بالتحالف مع حزب الدستور، نظرًا لتقارب الرؤى والمواقف بين الحزبين خلال السنوات الماضية، مؤكّدًا أن هذا التحالف يستند إلى أرضية فكرية وبرامجية مشتركة. وفيما يتعلق بما يتردد عن “المال السياسي”، نفى السنان بشكل قاطع أن يكون لحزبه أي علاقة بمثل هذه الممارسات.

ويؤكد السنان أن: “الحديث عن تمويل المحافظين لمرشحيه أو لمرشحي حزب الدستور غير صحيح تمامًا. وأن الحزب لا يمنح أي مبالغ مالية للمرشحين على المقاعد الفردية، والدعم يقتصر على الجوانب الدعائية الموحدة كالبنرات وحملات التواصل الاجتماعي بهدف إبراز برنامج الحزب ومشروعه السياسي العام.”

في السياق يؤكد إسلام أبو ليلة القيادي في حزب الدستور والمرشح في الانتخابات البرلمانية، أن التحالف بين الحزبين يقوم على التنسيق الكامل بين الطرفين في ما يتعلق بالمرشحين والمقرات الانتخابية والحملات الدعائية، على أن يتم توحيد الشعار الانتخابي والدعم الميداني من قيادات الحزبين. 

وفي السياق ذاته، تقول مريم فاروق، المتحدثة باسم تحالف الطريق الحر، الذي يضم حزبي المحافظين والدستور، في حديث إلى زاوية ثالثة، إن التحالف لديه مرشحين في عدد كبير من الدوائر الانتخابية على مستوى الجمهورية، موضحة أن القاهرة والجيزة تشهدان وجود أكثر من مرشح للتحالف.

وتشير إلى أن البرنامج الانتخابي للتحالف يقوم على خمسة محاور رئيسية، يأتي في مقدمتها المحور الاقتصادي الذي يتبنى  رؤية أن يكون  الاقتصاد مُنتج، و يخفف الأعباء عن المواطن، ويفتح المجال للمنافسة والعمل والاستثمار النزيه، مؤكدة أن هذه الرؤية محل اتفاق بين حزبي الدستور والمحافظين.

وبحسب مصادر في تحالف الطريق الحر، فقد تقدم 25 مرشحًا بأوراقهم إلى اللجنة العليا للانتخابات، من بيهم 12 مرشح ومرشحة من حزب الدستور و13 مرشح ومرشحة من المحافظين.

 

نوصي للقراءة: برلمان يبحث عن جمهوره.. لا أحد يعرف موعد الانتخابات

الأحزاب اليسارية؟

وعلى غرار تحالف المحافظين والدستور لتكوين تحالف ليبرالي، كونت الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية التي تضم عددًا من الأحزاب اليسارية تحالفًا انتخابيًا مع بعضها بعضًا تحت شعار”حق الناس”.

 يقول  محمد أمين، القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي وعضو لجنة الانتخابات في الحركة المدنية، إن تكتل ” الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية”، ويضم عددًا من الأحزاب المنتمية للحركة المدنية وذات توجه يساري مثل: التحالف الشعبي، والاشتراكي المصري، والعيش والحرية، والكرامة، مشيرًا إلى أن الاختلاف بينه وبين تحالف الطريق الحر يعود إلى تباينات فكرية وبرامجية، أكثر منه إلى خلافات تنظيمية أو شخصية.

ويوضح الأمين أن فكرة تشكيل التحالفات الانتخابية داخل الحركة المدنية انطلقت من الرغبة في وجود برامج واضحة لكل تكتل، موضحًا: “تحالف العدالة الاجتماعية سعى إلى طرح برنامج يقوم على مبادئ العدالة الاجتماعية، بينما تبنّى تحالف الطريق الحر رؤية أقرب إلى تيار المحافظين وحزب الدستور. هذه الاختلافات في التوجهات الفكرية والسياسية خلقت مسارين مختلفين، رغم أن الهدف العام واحد“.

وفيما يتعلق بتوزيع المرشحين داخل الدوائر الانتخابية، يوضح الأمين أنه يتم السعي والتوافق  لتجنب التنافس بين مرشحي الحركة المدنية في الدائرة الواحدة قدر الإمكان، لكنه أقرّ بأن ذلك لم يكن ممكنًا في كل الحالات.

أما بالنسبة للبرنامج الانتخابي، فأوضح أمين أن برنامج العدالة الاجتماعية يحمل شعار “حق الناس”، ويتبنى موقفًا رافضًا لقانون الإيجار القديم بشكل كامل وللتطبيع مع الكيان الصهيوني أيضًا.

بحسب ما حصلت عليه “زاوية ثالثة”، يتضمن البرنامج الانتخابي الذي تقدمه الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية 13 نقطة رئيسية تحت شعار “حق الناس”، وتركز على سياسات بديلة تؤمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمواطنين. وتشمل هذه النقاط توفير فرص العمل للشباب وخريجي الجامعات والدبلومات، وتنمية الصناعة والزراعة لتعزيز الاكتفاء الذاتي واستقلال القرار الاقتصادي، ووقف خصخصة الشركات والمصانع المتعثرة، وتحقيق توزيع عادل للثروة عبر فرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء والحد من التبذير الحكومي، ورفع الحد الأدنى للأجور وربطه بمستوى التضخم، وضمان سكن لائق للمواطنين ودعم النشاط التعاوني، وتغطية العاملين بنظام تأمين اجتماعي وصحي شامل. 

كما يركز البرنامج على مضاعفة الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي، وإطلاق سراح سجناء الرأي، وإصلاح قانون الحبس الاحتياطي، وضمان حرية التعبير والتنظيم النقابي والسياسي، وتعزيز المساواة ومناهضة العنف ضد المرأة، وتفعيل حقوق المواطنين الدستورية في الانتخابات المحلية والحكم المحلي، إلى جانب دعم الشعب الفلسطيني من خلال وقف التطبيع وعلاقات التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي لحماية الأمن القومي المصري.

تيار الأمل خارج تحالفات الحركة المدنية 

كشفت مصادر داخل الحركة المدنية لزاوية ثالثة، أن وجود تيار الأمل داخل الحركة المدنية و أحمد الطنطاوي رئيس الحزب والمرشح الرئاسي السابق، ساهم في زيادة التوترات داخل الحركة المدنية، إن أن هناك بعض الأطراف رفضت التحالف مع تيار الأمل الذي اتهمه البعض بمحاولات فرض الوصاية على أحزاب المعارضة.

فيما كشفت مصادر أخرى داخل تيار الأمل عن تعرض بعض المرشحين المحتملين للحزب لملاحقات وتضيقات أمنية، وصلت إلى حد قيام بعض العائلات بالاعتذار عن استضافة المرشحين خلال الحملات الانتخابية.

من جهته، يؤكد المحامي محمد أبو الديار، المتحدث الرسمي السابق باسم حملة المرشح الرئاسي أحمد أعلن المحامي محمد أبو الديار، القيادي بحزب تيار الأمل والمتحدث الرسمي السابق باسم حملة المرشح الرئاسي أحمد طنطاوي، أن حزبه تراجع عن أي محاولة للتنسيق أو تشكيل تحالف انتخابي مع الحركة المدنية، مؤكدًا أن التيار سيخوض الانتخابات البرلمانية بـأكثر من 15 مرشحًا على مستوى الجمهورية دون أي تنسيق مع الحركة المدنية. وأضاف أبو الديار أن الحزب والمرشحين يتعرضون لـ”ضغوط وتربص أمني” خلال الحملة الانتخابية.

وفي السياق نفسه، كشف أبو الديار عن رفض محكمة القضاء الإداري الطعن المقدم منه على قرار استبعاده من الترشح لمجلس النواب عن دائرة قلين وكفر الشيخ (المقعد الفردي)، رغم استيفائه كامل المستندات القانونية، بما في ذلك شهادة تؤكد تمتعه بكامل حقوقه السياسية. وأوضح أنه فوجئ بحذف اسمه من قاعدة بيانات الناخبين، رغم تواجده خلالها في الانتخابات السابقة، معتبرًا أن هذه الخطوة جاءت بعد إعلانه خوضه الانتخابات، وأن قرار الاستبعاد لا يستند إلى نص قانوني صريح.

وأشار أبو الديار إلى أن الحكم القضائي الصادر ضده في قضية “التوكيلات الشعبية” لم ينص على حرمانه من ممارسة حقوقه السياسية، على عكس الحكم الصادر بحق أحمد طنطاوي، الذي نص صراحة على منعه من الترشح لمدة خمس سنوات. كما لفت إلى أن بقية المتهمين الـ21 في القضية ما زالت أسماؤهم مدرجة في قاعدة بيانات الناخبين ويتمتعون بحق الانتخاب والترشح، وهو ما دفعه لتقديم دعوى قضائية مستعجلة أمام محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ، والتي قضت برفضها.

ويستند أبو الديار في دعواه إلى المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية، التي تنص على الحرمان المؤقت فقط لكل من صدر بحقه حكم نهائي في جرائم انتخابية، موضحًا أن حكم المحكمة الصادر ضده لا يندرج ضمن تلك الحالات، ما يجعل استمرار حذفه من قاعدة الناخبين “أمرًا غير قانوني”.

وكانت محكمة نقض الجنح قد قضت، في 17 ديسمبر الماضي، بتأييد الحكم الصادر على كل من طنطاوي وأبو الديار بالحبس سنة مع الشغل لإدانتهم بطباعة وتداول أوراق تخص العملية الانتخابية دون تصريح من السلطة المختصة، ليصبح الحكم باتًا وغير قابل للطعن.

في النهاية، تكشف ظاهرة استقطاب المرشحين بين الأحزاب عن هشاشة الحياة الحزبية والسياسية داخل مصر، ما يحول المشهد السياسي إلى ما يشبه سوقًا مفتوحًا يتعامل فيه البعض مع الترشح كصفقة سياسية بدلاً من التزام برنامجي أو رؤى واضحة.

ومع بدء سباق الانتخابات، يبقى السؤال الأهم: حول قدرة التيار المدني على الحفاظ على استقلاليته وتقديم بديل ديمقراطي حقيقي للمواطن، وسط ضغوط مالية وسياسية وأمنية، وتعدد التحالفات التي قد تؤثر على قوة التمثيل الشعبي.

شيماء حمدي
صحفية مصرية، تغطي الملفات السياسية والحقوقية، وتهتم بقضايا المرأة. باحثة في حرية الصحافة والإعلام والحريات الرقمية.

Search