أعلنت الأكاديمية والناشطة الحقوقية ليلى سويف، عودتها إلى الإضراب الكلي عن الطعام الذي بدأت فيه نهاية سبتمبر الماضي، احتجاجًا على استمرار حبس نجلها، الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، رغم انقضاء فترة عقوبته قانونيًا في 28 سبتمبر 2024.
وتعرضت سويف خلال الشهر الأخير لانتكاسة صحية خطيرة، إذ هبط مستوى السكر في دمها إلى 20 ملغم/ديسيلتر – وهو مستوى منخفض جدًا يستوجب رعاية طبية عاجلة – بحسب ما أعلنته عائلتها في 30 مايو الجاري.
ماذا يعني أن ينخفض سكر ليلى سويف إلى 20 ملغم/ديسيلتر؟
أثار هبوط مستوى سكر الدم لدى ليلى سويف إلى 20 ملغم/ديسيلتر مخاوف جدية على حياتها. للمقارنة، يتراوح مستوى السكر الطبيعي للصائم بين 70 و100 ملغم/ديسيلتر تقريبًا، وأي انخفاض لما دون 70 ملغم يعتبر نقصًا في سكر الدم (هيبوغلايسيميا) يمكن أن يسبب اضطرابات صحية وعندما ينخفض مستوى السكر إلى أقل من 54 ملغم/ديسيلتر فإن الحالة تصبح خطيرة وتتطلب تدخلًا طبيًا فوريًا. وصول معدل الجلوكوز في دم سويف إلى 20 ملغم/ديسيلتر يعني أنه هبط إلى أقل من نصف الحد الأدنى الآمن، مما يضعها في نطاق خطر شديد. فعند هذه المستويات المنخفضة جدًا، يُحرم الدماغ والعضاء الحيوية من الطاقة الكافية، وقد يفقد المريض الوعي أو يتعرض لتشنجات وربما يدخل في غيبوبة إذا لم يتلق العناية بسرعة.
يشرح الأطباء أن نقص السكر الحاد يؤثر على وظائف الجسم العصبية والعضلية بشكل فوري؛ إذ تبدأ أعراض مثل الارتعاش والتعرّق وتسارع ضربات القلب والارتباك الذهني بالظهور عندما يهبط السكر دون المعدلات الطبيعية. وإذا استمر الهبوط إلى مستويات حرجة (دون ~30 ملغم/ديسيلتر كما حدث مع سويف) قد يفقد الشخص القدرة على الحفاظ على وعيه، ويغدو عرضة للإغماء أو التشنج. وبدون علاج سريع برفع مستوى السكر (عبر محلول الجلوكوز الوريدي مثلاً)، قد تتطور الحالة إلى غيبوبة سكرية أو حتى الوفاة.
ورغم هذه التحذيرات الطبية القاطعة، لا تزال ليلى سويف مصممة على المضي في إضرابها ما دام ابنها قابعًا خلف القضبان. تقول ابنتها الناشطة سناء سيف إن والدتها ترفض تلقّي الجلوكوز أو التغذية الاصطناعية رغم نصائح الأطباء، متمسكةً بمطالبها العادلة. وتؤكد عائلة سويف أن قرار ليلى نابع من إحساسها بالمسؤولية كأم وباحثة عن العدالة، إذ تعتبر أن حياتها الشخصية تهون أمام حياة ابنها وحريته. وبينما يراقب المتضامنون بقلق وضعها الصحي المتدهور، تأمل الأسرة أن تؤتي هذه التضحية ثمارها بإنقاذ علاء قبل أن تدفع ليلى الثمن الأغلى.
بدأت ليلى سويف إضرابها المفتوح عن الطعام في 30 سبتمبر 2024، بعد يوم واحد من انتهاء مدة سجن ابنها، الناشط والمدون البارز علاء عبد الفتاح، المحكوم بالسجن خمس سنوات منذ 2019 بتهمة “نشر أخبار كاذبة”. وبحسب الأسرة، فإن علاء كان ينبغي أن يُفرج عنه يوم 29 سبتمبر 2024، إلا أن السلطات المصرية رفضت إطلاق سراحه، بحجة أن العقوبة تُحسب من تاريخ الحكم النهائي، وليس من يوم القبض عليه، وهو ما يعني بقاءه في السجن حتى 3 يناير 2027.
في تعليق سابق لها، قالت سويف لزاوية ثالثة، إنها قررت الإضراب لأن علاء “أكمل مدة حبسه القانونية، لكنهم لا يريدون الإفراج عنه، ولا حتى إعطائنا أي تفسير قانوني واضح.
ورغم حالتها الصحية المتدهورة، سافرت سويف من لندن إلى القاهرة في مايو الجاري لزيارة ابنها في السجن، وقدمت من خلال محامي العائلة طلبين إلى النيابة العامة للإفراج عنه، استنادًا إلى انتهاء المدة القانونية للعقوبة. إلا أن النيابة تمسكت بتقديرها السابق وأغلقت باب الأمل أمام الأسرة.
يُذكر أن علاء عبد الفتاح بدأ إضرابًا عن الطعام في مارس الماضي داخل سجنه بوادي النطرون، بعد علمه بتدهور حالة والدته الصحية واحتجازها بالمستشفى بسبب إضرابها.
حرمان محمد عادل من الامتحانات يدفعه لإضراب جديد
دخل محمد عادل، المتحدث السابق باسم حركة 6 أبريل، في إضراب عن الطعام منذ مطلع مايو الجاري، احتجاجًا على منعه من أداء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بدبلومة القانون العام بكلية الحقوق – جامعة المنصورة، بحسب ما أفادت زوجته.
وكانت إدارة سجن جمصة قد رفضت سابقًا السماح له بدخول امتحانات الفصل الدراسي الأول، ما دفعه آنذاك للإضراب، قبل نقله إلى سجن العاشر من رمضان حيث تحسّنت أوضاعه.
وقدّمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بلاغًا إلى النائب العام (رقم 35490)، طالبت فيه بالتحقيق في حرمانه من حقه في التعليم، كما وجّهت إنذارًا رسميًا لوزارة الداخلية ومصلحة السجون بضرورة تمكينه من أداء امتحاناته المقررة بين 17 مايو و4 يونيو 2025، لكن الطلبات قوبلت بالرفض.
وأقامت محاميته طعنًا أمام محكمة القضاء الإداري (رقم 50165 لسنة 79 ق) للمطالبة بوقف القرار السلبي، إلا أن المحكمة قررت تأجيل النظر إلى جلسة 1 يونيو، أي بعد انتهاء موعد الامتحانات.
الإفراج عن الطنطاوي
أفرجت السلطات المصرية عن المرشح الرئاسي المصري السابق، أحمد الطنطاوي، الأربعاء، بعد قضاءه حكماً بالسجن عاماً في في قضية “التوكيلات الشعبية” المتعلقة بترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2023، إلاّ أنه لا زال يواجه قضيتين جديدتين تتعلقان بالتحريض على الإرهاب والتحريض على التجمهر، فيما أكد الحقوقي خالد علي، مساء الأربعاء، 28 مايو، أن أحمد الطنطاوى تم إطلاق سراحه، وهو بمنزله بكفر الشيخ، أما المحامي محمد أبو الديار فسوف يتم إطلاق سراحه يوم 4 يونيو 2025.
وكان المحامي الحقوقي، قد أعلن في تدوينة على صفحته الشخصية، عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن الطنطاوي خضع لتحقيقات جديدة خلال فترة حبسه، إذ تم استدعاؤه في 26 أبريل 2025 للتحقيق في قضيتين جديدتين لدى نيابة أمن الدولة العليا، وهما: القضية رقم 2468 لسنة 2023، والقضية رقم 2635 لسنة 2023، وتتعلق التهم المنسوبة إليه في هاتين القضيتين بـالتحريض على ارتكاب عمل إرهابي باستخدام القوة والعنف، والتحريض على التجمهر، على خلفية دعوته للتظاهر مرتين خلال شهر أكتوبر 2023 تضامنًا مع الشعب الفلسطيني وضد الاحتلال الإسرائيلي. وأفاد المحامي الحقوقي أن التحقيقات في القضيتين انتهت بقرار من نيابة أمن الدولة العليا بإخلاء سبيل الطنطاوي على ذمتهما، دون إصدار قرار بحبسه احتياطيًا.
وخلال شهر إبريل، وقّع عشرات الأفراد والشخصيات العامة وممثلو مؤسسات حقوقية وحركات سياسية، على عريضة أطلقتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات، تطالب بالإفراج الفوري عن البرلماني السابق والسياسي أحمد الطنطاوي، ومدير حملته الانتخابية محمد أبو الديار، وذلك عند انتهاء مدة العقوبة المحكوم بها عليهما في قضية “التوكيلات الشعبية”.
إخلاء سبيل رشا قنديل
قررت نيابة أمن الدولة العليا، مساء الأحد 25 مايو ، إخلاء سبيل الصحفية والإعلامية رشا قنديل بكفالة مالية قدرها 50 ألف جنيه، وذلك على ذمة التحقيقات في القضية رقم 4196 لسنة 2025 حصر أمن دولة، حسبما أفاد المحامي الحقوقي خالد علي عبر حسابه على فيسبوك.
وكانت النيابة قد استمعت لأقوال قنديل على مدار ثمان ساعات متواصلة، حيث وُجهت إليها اتهامات بـ”إذاعة إشاعات وبيانات وأخبار كاذبة داخل البلاد وخارجها”، وذلك استنادًا إلى بلاغات قدمها 31 مواطنًا من محافظات ومهن مختلفة خلال الأسبوع الماضي.
وشملت الاتهامات مقالات صحفية للصحفية قنديل، من بينها مقال بعنوان “هل مصر على شفا انفجار؟”، كما تم الاستناد في التحقيقات إلى تحريات الأمن الوطني التي نسبت إليها ارتكاب الجريمة محل التحقيق.
منظمات حقوقية تطالب بالإفراج عن نجل عبد المنعم أبو الفتوح
أعربت مجموعة من المنظمات الحقوقية عن قلقها الشديد إزاء بدء محاكمة أحمد أبو الفتوح، نجل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، والتي انطلقت اليوم الأحد 27 أبريل أمام محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ الاستثنائية. وتتهم السلطات أحمد أبو الفتوح بنشر معلومات عن الانتهاكات التي يتعرض لها والده داخل محبسه.
وأدانت المنظمات بشكل خاص محاكمة أحمد أمام محكمة الطوارئ التي صدرت عنها أحكام قاسية بحق معارضين سياسيين وصحفيين وحقوقيين، ووصفتها بأنها تفتقر للحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة، مطالبةً بإسقاط جميع الاتهامات الموجهة إليه.
وقد ألقت قوات الأمن القبض على أحمد أبو الفتوح في 16 أبريل أثناء تجديده رخصة القيادة الخاصة به في وحدة مرور القطامية، تنفيذًا لحكم غيابي صدر بحقه في مايو 2022 بالسجن 15 عامًا على خلفية اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية، وهو الحكم ذاته الذي صدر بحق والده عبد المنعم أبو الفتوح ونائبه محمد القصاص، والناشط معاذ الشرقاوي.
وتشير المنظمات إلى أن محكمة أمن الدولة طوارئ الاستثنائية التي أصدرت هذه الأحكام غير القانونية، لا تتيح إمكانية الطعن على قراراتها، وأن ممارساتها أصبحت مقننة بموجب قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي أقره البرلمان مؤخراً.
وتطالب المنظمات بالإفراج الفوري عن أحمد أبو الفتوح وإسقاط جميع التهم ضده، إلى جانب إطلاق سراح عبد المنعم أبو الفتوح، ونائبه محمد القصاص، والناشط معاذ الشرقاوي، وكل سجناء الرأي السياسي والحقوقي، ووقف الملاحقات الأمنية الانتقامية التي تطالهم. كما تدعو إلى إنهاء سياسة “التدوير” التي تستغلها السلطات لتمديد أمد الحبس التعسفي، ووقف توظيف قضايا الإرهاب كأداة لتصفية الحسابات السياسية تحت غطاء قانوني.
استمرار حبس الصحفي محمد سعد خطاب
قررت الدائرة الأولى بمحكمة الجنايات، في جلستها المنعقدة مؤخرًا، تجديد حبس الصحفي محمد سعد خطاب، لمدة 45 يومًا على ذمة التحقيقات في قضايا مختلفة.
ويُحتجز الصحفي محمد سعد خطاب على ذمة القضية رقم 2063 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا، حيث يواجه اتهامات تتضمن “نشر أخبار كاذبة”، و”الانضمام إلى جماعة إرهابية”، و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”.
ويبلغ خطاب من العمر 71 عامًا، ويعاني من تدهور حاد في حالته الصحية، إذ سبق أن أجرى عمليات جراحية في الرقبة والظهر. كما يعاني من قصور في الشريان التاجي ويعتمد على أربع دعامات، بالإضافة إلى إصابته المزمنة بضغط الدم والسكري. وفي 7 نوفمبر 2023، طالب بعرضه على لجنة طبية (قُومسيون) لتقييم حالته الصحية رسميًا، لكن لم يُبت في الطلب حتى الآن. وأُلقي القبض على محمد سعد خطاب في 19 أغسطس 2023 من مكتبه في مدينة نصر، وحتى الآن يظل تحت قيد الحبس الاحتياطي.
توقيف الحقوقي محمد عبد السلام
أوقف ضباط من الأمن الوطني في مطار القاهرة الدولي، فجر الإثنين 20 مايو، محمد عبد السلام، المدير التنفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، لدى عودته من العاصمة الألمانية برلين، وخضع لتحقيق أمني استمر عدة ساعات قبل الإفراج عنه.
في تصريح إلى زاوية ثالثة، يقول عبد السلام إنه تعرض لسلسلة من الأسئلة المعتادة بشأن عمله وسفره، رغم أن مؤسسته مسجلة قانونيًا لدى وزارة التضامن الاجتماعي ولا تواجه أي اتهامات معلنة. ويوضح أنه اعتاد منذ عام 2012 على الخضوع لإجراءات أمنية مشددة مرتبطة بإدراجه على قوائم ترقب الوصول، واستمرت حتى عام 2023.
ويشير إلى أنه أبلغ الضباط بأنه كان في إجازة شخصية، ولم يلتقِ بأي جهات حكومية أو منظمات سياسية ألمانية، مؤكدًا أن المؤسسة لا تتعامل مع أي أطراف أجنبية حكومية. ويضيف أن أحد الضباط طلب منه تسليم هاتفه المحمول، وأبلغه بوضوح: “اعتبر أننا في مرحلة جديدة”.
ورغم تسلمه جواز سفره في اليوم التالي دون عرقلة، يرى عبد السلام أن ما حدث يُفهم ضمن سياق أوسع من “الرسائل السياسية الموجهة للعاملين في المجال الحقوقي”، والتي قد ترتبط بلحظات سياسية أو إقليمية حساسة.
ويذكر أنه تواصل بعد الواقعة مع عدد من الجهات، بينها المجلس القومي لحقوق الإنسان وأعضاء بمجلس النواب، في محاولة لفهم خلفية التوقيف، مشيرًا إلى أن المعاملة الأمنية تغيرت لاحقًا بشكل مفاجئ، حيث جرى التعامل معه باحترام كامل، دون توجيه أي اتهامات.
ورغم انتهاء الواقعة دون تصعيد، يعتبر عبد السلام أن ما جرى يعكس استمرار التضييق غير المعلن على العاملين في المجتمع المدني، ومحاولة لتقليص مساحة العمل الحقوقي المستقل. ويختم بالقول: “ما جرى ليس تهديدًا شخصيًا، بل جزء من بيئة تضييق يجب مواجهتها بالحديث العلني والدفاع عن الحق في التنقل والعمل المستقل”.
تأتي هذه الواقعة ضمن سياق أوسع من الضغوط الأمنية التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر، وسط مطالبات متكررة بضمان حرية الحركة ووقف الممارسات التي تعرقل عمل منظمات المجتمع المدني.
منظمات تدين القتل خارج إطار القانون
أعربت عدد من المنظمات الحقوقية عن تضامنها الكامل مع أهالي محافظة مرسى مطروح، على خلفية حادثة مقتل شابين خلال ملاحقة الشرطة لأحد المطلوبين للعدالة، وفق شهادات متواترة ومتطابقة من أقارب وشهود ومصادر محلية.
وأكدت المنظمات في بيانها، أن هذه الممارسات الأمنية تشكل جرائم إعدام خارج نطاق القضاء، وتتماشى مع وقائع مشابهة وثقتها منظمات حقوقية، حيث غالبًا ما تُبرر السلطات هذه الانتهاكات بذريعة تبادل إطلاق النار أو مكافحة الإرهاب، مع استمرار الإفلات من العقاب.
وطالبت المنظمات النائب العام بفتح تحقيق عاجل، شفاف، ومحايد في جريمة قتل الشابين، بالإضافة إلى الوقائع المتعلقة باحتجاز عشرات النساء تعسفيًا. وحذرت من أن تجاهل محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات في محافظة مرسى مطروح يعزز ثقافة الإفلات من العقاب بين رجال الأمن، ويفتح الباب أمام تكرار مثل هذه الانتهاكات التي تهدد الاستقرار الاجتماعي في مجتمع تتسم أواصره العائلية والعشائرية بالقوة.
وتعود تفاصيل الحادث إلى يوم الأربعاء 9 أبريل 2025، حينما شهدت مدينة النجيلة تبادلًا لإطلاق النار بين قوات الشرطة وأحد المطلوبين للعدالة، خلال محاولة القبض عليه لتنفيذ حكم بالسجن المؤبد الصادر بحقه في قضية اتجار بالمخدرات، مما أدى إلى مقتل ثلاثة من رجال الشرطة وهروب المطلوبين.
آلاف الإحالات إلى “دوائر الإرهاب” تثير مخاوف حقوقية من تقويض العدالة
أعربت منظمات حقوقية عن بالغ قلقها إزاء تصاعد وتيرة الإحالات إلى “دوائر الإرهاب” خلال الأشهر الثمانية الماضية، بعد أن أحالت نيابة أمن الدولة العليا ما لا يقل عن 186 قضية تضم أكثر من 6 آلاف متهم إلى هذه الدوائر، وذلك وفقًا لبيان مشترك صادر مطلع مايو الجاري.
وأوضحت المنظمات أن هذا التوسع غير المسبوق في الإحالات يمثل مناورة سياسية للالتفاف على المطالب الأممية المتزايدة بوقف الاستخدام التعسفي للحبس الاحتياطي والإفراج عن المحتجزين في قضايا ذات طابع سياسي، مشددة على أن المحاكمات الجارية أمام دوائر الإرهاب تفتقر إلى الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة، وتكرّس مناخًا عامًا من الإفلات من المساءلة، وتُفرغ العدالة من مضمونها. وفي ختام البيان، طالبت المنظمات السلطات المصرية بخمس خطوات أساسية لضمان تحقيق العدالة.
نوصي بالقراءة: حادثة النجيلة: ضابط الأمن الوطني المتهم بقتل شابين لم يخضع للتحقيق بعد
حكم غيابي بحق هشام قاسم
أصدرت محكمة الجنح الاقتصادية بالقاهرة، في 14 مايو 2025، حكماً غيابياً بحق الناشر والمعارض السياسي هشام قاسم بالسجن ستة أشهر مع الشغل وغرامة مالية قدرها عشرين ألف جنيه، على خلفية اتهامات بالسب والقذف والإزعاج، في قضية رفعتها ضده وزيرة القوى العاملة والهجرة السابقة ناهد عشري.
ويأتي هذا الحكم بعد إدانة قاسم في سبتمبر 2023 في قضية مرتبطة بالمنشور نفسه، الذي انتقد فيه الوزيرين السابقين كمال أبو عيطة وناهد عشري، حيث قضى بالفعل فترة حبس ستة أشهر في محاكمة قوبلت بانتقادات حقوقية واسعة بسبب الانتهاكات التي شابت حقه في الدفاع والمحاكمة العادلة، فضلاً عن حرمان محاميه من الاطلاع على ملف القضية ومنع الصحفيين والدبلوماسيين من حضور الجلسات. واحتج قاسم آنذاك بإضراب عن الطعام استمر 20 يوماً.
من جهتها أدانت منظمات حقوقية الحكم واعتبرته امتداداً لسياسة قمع المعارضة وتكميم الأفواه، مستنكرة استغلال قوانين “السب والقذف” و”الإزعاج” الفضفاضة كأدوات لقمع حرية التعبير، خاصة في ظل انتقادات قاسم المستمرة لتدخل الجيش في الاقتصاد وهيمنة النظام السياسي على المشهد، ما يعكس تفاقم الفساد وغياب المساءلة.
القيادي الطلابي معاذ الشرقاوي يواجه خطر السجن المؤبد
أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن إدانتها لما وصفته بـ “الاستهداف القضائي المتواصل” للقيادي الطلابي السابق معاذ الشرقاوي، البالغ من العمر 31 عامًا، والذي ألقي القبض عليه للمرة الثانية منذ عامين، ويواجه حاليًا المحاكمة في ثلاث قضايا متزامنة، تتضمن جميعها الاتهام ذاته بـ “الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية”.
وأشارت المبادرة في بيانها إلى أن إحالة الشرقاوي للمحاكمة في أكثر من قضية بالتهمة نفسها “يمثل مخالفة صريحة لنصوص قانون الإجراءات الجنائية، التي تحظر محاكمة أي شخص عن ذات الوقائع أو التهم أكثر من مرة”، معتبرة ذلك تهديدًا صريحًا للعدالة.
ورغم خطورة الاتهامات، التي قد تؤدي إلى صدور أحكام تصل إلى السجن المؤبد في مجموعها، لم تُفتح أي تحقيقات رسمية في أقوال الشرقاوي أمام النيابة بشأن ما تعرض له من انتهاكات جسيمة، بحسب المبادرة، التي أكدت كذلك أن بلاغات الأسرة ومحاميه حول وقائع اختفائه القسري وتعذيبه، المتكررة منذ عام 2017، لا تزال دون تحقيق. وأكدت أن استمرار احتجاز الشرقاوي على ذمة قضايا يُعاد فيها توجيه الاتهامات نفسها “يعكس نمطًا من الملاحقات السياسية عبر أدوات قانونية”، داعية إلى احترام ضمانات المحاكمة العادلة والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها.
ويُعد الشرقاوي من أبرز النشطاء الطلابيين خلال فترة دراسته بجامعة الأزهر، وسبق أن تم توقيفه في عام 2018، واحتجازه لفترة طويلة دون محاكمة قبل أن يُخلى سبيله لاحقًا.
الصحفيين تطلق حملة ضد المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام
أطلق خالد البلشي، نقيب الصحفيين، حملة موسعة لتعديل المادة (12) من القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام، والتي تشترط حصول الصحفيين على تصاريح أمنية مسبقة للتغطية أو التصوير في الأماكن العامة، ما اعتبره عائقًا جوهريًا أمام حرية العمل الصحفي.
وتنص المادة المثيرة للجدل على أن للصحفي أو الإعلامي “الحق في حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع المواطنين، والتصوير في الأماكن العامة غير المحظور تصويرها، وذلك بعد الحصول على التصاريح اللازمة في الأحوال التي تتطلب ذلك”، وهي العبارة التي تسعى الحملة لإلغائها، تحديدًا الجملة الأخيرة منها، التي تُحمّل العمل الصحفي بقيود تقديرية.
وقال البلشي إن النقابة اختارت التركيز في الوقت الحالي على تعديل هذه المادة فقط، رغم وجود مواد أخرى في القانون تستدعي التعديل، وذلك نظرًا لضيق الوقت المتبقي في دور الانعقاد الحالي للبرلمان، مؤكدًا أن الهدف هو “استعادة الكارنيه الصحفي كالتصريح القانوني الوحيد الذي يتيح للصحفي مزاولة عمله بحرية”. وتستهدف الحملة، وفقًا لتصريحات النقيب، الضغط من خلال أدوات نقابية وقانونية ومهنية، من بينها مخاطبة لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، وتنظيم لقاءات مع ممثلي الكتل البرلمانية، إضافة إلى إطلاق حملة توعوية داخل المؤسسات الصحفية.
البرلمان يقر نهائيًا قانون تنظيم الفتوى رغم الاعتراضات
أقر مجلس النواب المصري، نهائيًا، مشروع قانون تنظيم الفتوى الشرعية المقدم من الحكومة، بعد إدخال تعديلات استجابت لملاحظات مؤسسة الأزهر، فيما رفض البرلمان مقترحًا بإلغاء عقوبة الحبس الواردة في المادة الثامنة من القانون، رغم اعتراضات نقيب الصحفيين ومنظمات حقوقية.
وكان نقيب الصحفيين، خالد البلشي، قد طالب في خطاب رسمي إلى رئيس مجلس النواب، المستشار الدكتور حنفي جبالي، بحذف المادة (8) من مشروع القانون، والتي تنص على معاقبة من يخالف أحكام نشر أو بث الفتاوى الشرعية بالحبس لمدة تصل إلى ستة أشهر، وغرامة مالية لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين. واعتبر البلشي أن هذه المادة تمثل “مخالفة صريحة للمادة 71 من الدستور المصري، التي تحظر الحبس في قضايا النشر، وللمادة 29 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018”.
من جانبها، انتقدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إقرار مشروع القانون، معتبرة أنه يمنح سلطات إضافية للمؤسسات الدينية الرسمية ويقوّض الحريات الأساسية. وقالت المبادرة في بيان صادر أمس، إن القانون “ينتهك حرية الرأي والتعبير والاعتقاد، ويكرّس احتكار المؤسسات الدينية الرسمية للخطاب الديني”.
وطالبت المبادرة رئيس الجمهورية بعدم التصديق على القانون وإعادته إلى البرلمان لمراجعة مواده ومناقشة تأثيره على الحريات العامة والمجال العام في مصر.
مطالبات بإصلاح شامل لقانون الانتخابات
طالبت أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية مصرية بإعادة النظر في قانون الانتخابات البرلمانية الجديد، الذي أقرّه البرلمان مؤخرًا، معتبرةً أنه يعيد إنتاج مشهد سياسي أحادي ويقوّض فرص التعددية، من خلال الجمع بين نظام القائمة المغلقة المطلقة والنظام الفردي، دون الاستجابة لمطالب قوى المعارضة بإقرار نظام القائمة النسبية الذي يُتيح تمثيلًا أكثر عدالة وانفتاحًا للقوى السياسية المختلفة.
وفي هذا السياق، نشرت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان ورقة بحثية دعت فيها إلى تعديلات جذرية على القانون الانتخابي، بهدف تحقيق تمثيل سياسي حقيقي يعكس موازين القوى في الشارع المصري، ويُعيد ثقة المواطنين في العمل العام، لا سيما في ظل ما وصفته بـ”تصاعد السياسات الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية الصدامية” التي تشهدها البلاد منذ عام 2015.
وأكدت الجبهة أن النظام الانتخابي الحالي يكرّس لإقصاء الأحزاب والتيارات المعارضة، ويحول دون وجود برلمان يعكس الإرادة الشعبية أو يمارس دورًا رقابيًا وتشريعيًا حقيقيًا، مطالبة بالانتقال إلى نظام التمثيل النسبي بالقوائم، وتقليص تدريجي لنظام الفردي وصولًا إلى إلغائه، مع إتاحة الفرصة للقوائم المستقلة للمشاركة في الانتخابات إلى جانب القوائم الحزبية. كما دعت الجبهة إلى فصل المقاعد الفردية عن الأحزاب بشكل واضح، بحيث تكون المنافسة عليها مقتصرة على المستقلين فقط، لضمان تكافؤ الفرص في ظل الفوارق الكبيرة في الموارد والدعم.
قرارات إزالة دون إخطار رسمي
في حيّي العمرانية الشرقية والغربية بمحافظة الجيزة، يواجه السكان شبح قرارات إزالة تهدد مساكنهم التي عاشوا فيها لعقود. وفي ظل غياب البدائل السكنية والتعويضات العادلة، تتصاعد مخاوف الأهالي من مصير التهجير القسري، ما دفعهم إلى توجيه نداء عاجل إلى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، مطالبين بتدخله لوقف تنفيذ الإزالات، وضمان حلول تحفظ حقهم في البقاء أو توفر بدائل سكنية تليق بكرامتهم الإنسانية.
نداءات الاستغاثة جاءت بعد بدء لجان فنية في حصر وترقيم ما يُقدّر بنحو 200 عقار تمهيدًا للإزالة، في نطاق يمتد من أبراج المحمودية والزهراء وصولًا إلى الطريق الدائري الأوسطي، وذلك ضمن أعمال التمهيد لتنفيذ مراحل جديدة من مشروع امتداد محور كمال عامر. وقد أُبلغ بعض السكان شفهيًا بأن مغادرة منازلهم قد تتم خلال الأسابيع المقبلة، دون تلقي إخطار رسمي، وهو ما أثار القلق في أوساط الأهالي، خصوصًا في ظل غياب أي إعلان عن خطط للتعويض أو توفير بدائل سكنية، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، واعتمادهم الكامل على هذه المساكن كمصدر للاستقرار والمأوى.
وكانت “الوقائع المصرية” قد نشرت في عددها رقم 241 بتاريخ 31 أكتوبر 2024، قرار وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 1102 لسنة 2024، بشأن نزع ملكية عدد من الأراضي بمحافظة الجيزة لصالح تنفيذ امتداد المحور، المعروف سابقًا باسم “محور ترعة الزمر”. القرار استند إلى الدستور، وقانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979، وقانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة رقم 10 لسنة 1990، إلى جانب قرار رئيس الجمهورية رقم 279 لسنة 2018 الذي فوّض بعض الاختصاصات إلى رئيس مجلس الوزراء.
للإطلاع على تقرير مفصّل نشرته زاوية ثالثة حول معاناة السكان: سكان العمرانية يواجهون قرارات إزالة دون إخطار رسمي أو بدائل سكنية
ما وراء إزالات قرية الفردوس ببورسعيد
بالتزامن تنفذ محافظة بورسعيد حملة هدم في قرية الفردوس رغم وجود عقود قانونية وأحكام قضائية نهائية تؤكد ملكية السكان، دون إخطار أو تعويض، ما يثير تساؤلات دستورية وقانونية واسعة.
وتقع قرية الفردوس على شاطئ البحر المتوسط، على بُعد نحو 5 كيلومترات من وسط مدينة بورسعيد، وتضم أكثر من 1200 شاليه، ما بين إقامة موسمية وسكن دائم.
وفي تحقيق صحفي بعنوان: “حق الانتفاع يُسحق بالجرافات: ما وراء إزالات قرية الفردوس ببورسعيد“، تواصلت “زاوية ثالثة” مع سبعة من سكان قرية الفردوس، أفادوا جميعًا بتعرض وحداتهم السكنية لأضرار جسيمة، ومصادرة ممتلكاتهم دون سابق إنذار أو توضيح رسمي. لم يكن العربي علام وحده من تضرر، بل شملت الأضرار وحدات أخرى، وصادرت القوات خلالها سيارات ومعدات وميكروباصات وسيارات خاصة مملوكة للأهالي، إضافة إلى مقتنيات من شاليهات مغلقة أثناء تنفيذ الإزالة، دون إخطار ملاكها الذين كانوا خارج بورسعيد.
كما اطلعت “زاوية ثالثة” على عدد من الإيصالات والمستندات التي تؤكد قيام السكان بتسديد كامل المستحقات المالية المطلوبة، سواء لمحافظة بورسعيد أو للمرافق العامة المرتبطة بخدمات الكهرباء والمياه.
ما جرى في قرية الفردوس لا يمكن عزله عن نمط عمراني متكرر شهدته مصر خلال العقد الأخير، يتمثل في إزالة مجتمعات سكنية قائمة تحت لافتة “التطوير” دون ضمانات عادلة أو مشاركة مجتمعية فعلية.
من مثلث ماسبيرو إلى جزيرة الوراق، ومن نزلة السمان إلى منشأة ناصر، تكررت الوقائع: توسع استثماري في مناطق ذات قيمة عقارية مرتفعة، يقابله إخلاء مفاجئ أو قسري، تعوزه الشفافية ويغيب عنه التفاوض، وتتفاوت فيه التعويضات بشكل كبير مقارنة بالقيمة السوقية. ففي ماسبيرو مثلًا، أُخليت آلاف الأسر مقابل تعويضات محدودة أو وحدات بديلة في الأسمرات، رغم الاعتراض على ضعف البدائل.
وفي الوراق، التي تضم نحو مئة ألف نسمة، عُرض على السكان 1400 جنيه للمتر مقابل سعر سوقي يُقارب 8000 جنيه، وترافقت الإخلاءات مع مواجهات سقط خلالها قتيل. أما في نزلة السمان، فقد قُدّمت تعويضات لاحقة بعد احتجاجات واعتقالات، وسط اتهامات بإقصاء السكان عن رسم مستقبل منطقتهم.
وفي منشأة ناصر، استُخدمت تصنيفات “غير آمنة” لتبرير الإخلاء، دون حلول واضحة. بهذا السياق، تبدو أزمة قرية الفردوس امتدادًا لهذا النمط، الذي يُغلب منطق القرار الإداري والتوسّع العقاري على الحقوق الدستورية في السكن، ويُقصي السكان عن حقهم في التفاوض، مما يثير تساؤلات واسعة حول حدود التنمية وحدود العدالة.
وفي سياق متصل أثار قرار رسمي بإحالة قضايا البناء المخالف والتعديات العمرانية إلى القضاء العسكري حالة من الجدل، وسط تأكيدات قانونيين بأنه يمثّل انتهاكًا لنصوص الدستور التي تحصر محاكمة المدنيين في قاضيهم الطبيعي.
في المقابل، تؤكد جهات تنفيذية أن القرار يستهدف مواجهة التعديات المتكررة على أراضي الدولة خلال فترات ضعف الرقابة، بينما تحذّر منظمات وأحزاب من تداعيات التوسع في استخدام القضاء الاستثنائي في قضايا مدنية.
للإطلاع على تقرير نشرته زاوية ثالثة بعنوان: البناء المخالف يدخل دوامة المحاكم العسكرية

هل يواجه 6 ملايين مواطن خطر الإخلاء؟
وسط الجدل المتصاعد حول تعديلات قانون الإيجار القديم، تتباين الآراء بين من يطالبون برد حقوق الملاك، وبين من يخشون أن تؤدي هذه التعديلات إلى الإضرار بملايين المستأجرين، خاصة أولئك الذين لا يملكون بديلاً. فبينما يرى العديد من الملاك أن القانون الحالي لم يعد منصفًا، بسبب تجميد القيمة الإيجارية على مدار سنوات طويلة- على حد قولهم، يحذر مستأجرون، مثل نجوى، من أن أي تعديل لا يراعي أوضاع الفئات الأكثر هشاشة قد يتحول إلى تهديد مباشر للاستقرار الاجتماعي.
ويناقش مجلس النواب المصري حاليًا مشروع القانون الجديد بعد أن انتهت الحكومة من إعداد مسودته الرئيسية وقدمته للبرلمان، الذي أحاله إلى لجنة الإسكان لمناقشته داخل أروقة المجلس. وتدور حالة من الانقسامات الحادة بين النواب حول بعض بنود القانون، حيث يرى البعض أنها غير منطقية وتفتقر إلى البعد الاجتماعي والإنساني.
وفي تحقيق بعنوان: “هل يواجه 6 ملايين مواطن خطر الإخلاء؟ الوجه الآخر لتعديلات قانون الإيجار القديم“، تواصلت زاوية ثالثة مع أكثر من 20 مواطنًا ومواطنة من الملاك والمستأجرين بخلاف الخبراء والمسؤولين، في محاولة لرصد مختلف الآراء والاتجاهات، وفهم الأسباب والدوافع التي تقف خلف مواقف كل طرف من أطراف النزاع.
66 % من المصريين يعيشون تحت خط الفقر
أعلن البنك الدولي أن نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر المعتمد دوليًا تجاوزت 66%، أي ما يقرب من 70 مليون شخص. هذا يعكس استمرار تدهور الأحوال المعيشية ويهدد بمزيد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل القريب .
وفقًا للتقرير الصادر في مايو 2025، يُقدّر أن حوالي 66.2% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر العالمي، والذي يُحدَّد عند 6.85 دولارات يوميًا للفرد، أي ما يعادل نحو 10,000 جنيه مصري شهريًا. هذا الرقم يُشير إلى زيادة ملحوظة مقارنة بالتقديرات السابقة التي كانت تشير إلى أن 60% من المصريين يعيشون تحت هذا الخط قبل أربع سنوات
من الجدير بالذكر أن هذه التقديرات تعتمد على خط الفقر العالمي المُحدَّث الذي أعلنه البنك الدولي في سبتمبر 2022، والذي يُحدَّد عند 6.85 دولارات يوميًا للفرد في الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، مثل مصر.
في المقابل، تشير البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر إلى أن خط الفقر الوطني يُحدَّد عند 10,279 جنيهًا سنويًا للفرد، أي ما يعادل نحو 856 جنيهًا شهريًا. هذا التفاوت بين خط الفقر العالمي والوطني يُبرز الفجوة في تقدير مستويات الفقر ويُثير تساؤلات حول مدى دقة وواقعية هذه الأرقام.
حقوق العمال
في مايو 2025، حصل المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على حكم قضائي من الدائرة 40 عمال كلي شمال القاهرة بإعادة نقابي في شركة “حسن علام” إلى عمله وصرف مستحقاته، بعد حبسه ووقفه عن العمل لمدة 5 سنوات بتهمة “المطالبة بمستحقاته” .
عودة العاملين بشركة الشوربجي بعد وقف القرارات التعسفية ضد 18 منهم ووعود بتلبية مطالبهم
في تطور إيجابي جديد بأزمة عمال شركة النصر للغزل والنسيج والتريكو “الشوربجي”، عاد جميع العمال إلى مواقع عملهم، بعد إبلاغهم بإلغاء القرارات التعسفية ضد 18 منهم، بما في ذلك قرار فصل العاملتين ماجدة جودة ودعاء سيد أحمد، حيث ينتظر تنفيذ قرار إعادتهما إلى العمل خلال الأيام المقبلة.
جاء هذا التطور نتيجة تدخل النائبة نشوى الديب، التي أبلغت العمال بنتائج اجتماعها مع العضو المنتدب للشركة، أحمد شاكر، والذي أسفر عن توجيه إداري بإلغاء جميع الإجراءات العقابية بحق 18 عاملًا شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة.
وأكد مصطفى عرفة، رئيس اللجنة النقابية، أن العمال عادوا إلى أماكن عملهم اليوم الخميس 8 مايو 2025، مشددًا على أن العودة تمت على أساس التفاهم لا التراجع عن المطالب.
ورغم هذا الانفراج النسبي، لا تزال الأزمة قائمة، إذ يصر العمال على اعتبار يوم السبت إجازة رسمية مدفوعة الأجر كما كان سابقًا، ويرفضون قرار الإدارة باعتباره يوم عمل. كما يواجهون استمرار تدني الأجور، وعدم انتظام صرف المرتبات، حيث تأخر راتب أبريل حتى بداية مايو، رغم أن الموعد المعتاد هو 26 من كل شهر. وتستمر اللجنة النقابية في حالة تجميد، ما يعرقل دورها في الدفاع عن حقوق العمال.
وتعود جذور الأزمة إلى إضراب بدأه العمال في 29 أبريل 2025، احتجاجًا على تدهور أوضاعهم المعيشية، والتفاوت في الرواتب مقارنة بزملائهم في مجمع مصر حلوان التابع لنفس الشركة القابضة، واستمرار العقود المؤقتة لسنوات دون تثبيت. وقد ردت الإدارة حينها بإجراءات تعسفية شملت فصل عاملتين، ونقل اثنين آخرين، وحرمان باقي المشاركين من الحوافز لمدة ستة أشهر.
زيادة وفيات الأطباء الشباب
في خضم الحديث عن أوضاع الأطباء في مصر، حذّر العدد السادس من إصدار مجلة لوتس، وهو إصدار غير دوري يصدر عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، من زيادة وفيات شباب الأطباء، معتبرَا إياها ظاهرة تستحق الدراسة والوقوف على أسبابها علميًا، مبينًا أن الشهور الماضية شهدت وفاة عشرات من شباب الأطباء والتمريض بشكل مفاجئ، وسط مطالبات مستمرة بتحسين أوضاع العاملين في المنظومة الصحية، ووضع حد لساعات العمل الممتدة، يأتي ذلك وسط استمرار هجرة الأطباء للعمل بالخارج، وأزمات التكليف وشكاوى من وجود نقص بأعداد الأطباء في عدة تخصصات داخل العديد من المستشفيات.
في أبريل الماضي، تقدم عدد من المرضى، من بينهم مايكل وهاني، بشكاوى واستغاثات إلى جهات دولية ومحلية، يتهمون فيها غادة والي، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ووزيرة التضامن الاجتماعي المصرية السابقة، بتضليل المجتمع الدولي بشأن واقع برنامج الميثادون في مصر.
وبحسب ما وثّقته الشكاوى التي حصلت “زاوية ثالثة” على نسخ منها، فإن والي تحدثت في الدورة الـ68 للجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، التي عُقدت في فيينا في 14 مارس 2025، عن “نجاح تجربة الميثادون في مصر”، وذلك قبل أسبوعين فقط من وقف صرف الدواء بشكل مفاجئ، ودون تحذير أو بدائل. وقال المرضى، إلى زاوية ثالثة، بعنوان: “انهيار علاج الإدمان في مصر: أزمة الميثادون تكشف خلل وحدات خفض الضرر“، إن تصريحاتها تجاهلت نداءات الاستغاثة والشكاوى التي وردت بالفعل قبل تاريخ الجلسة.
وفي شكوى فردية تقدم بها أحد الملتحقين بالبرنامج إلى مكتب الأخلاقيات التابع للأمم المتحدة، أوضح أن حياته، وحياة مرضى آخرين، تعرّضت للخطر بسبب تعليق برنامج الميثادون بشكل غير آمن ودون إشراف طبي، رغم أنه يُدار رسميًا بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات، وأشارت الشكوى إلى أن هذا القرار أدى إلى أعراض انسحاب حادة، صدمات نفسية، وزيادة خطر الوفاة.
ووصفت الشكوى ما حدث بأنه قد يرقى إلى “سوء سلوك أو إهمال أو إساءة استخدام للسلطة”، مطالبة بفتح تحقيق أممي مستقل في الواقعة، ومعتبرة أن تصريحات غادة والي العامة ومسؤوليتها المباشرة عن البرنامج قد تضعها في موقع المساءلة.
وفي السياق نفسه، حصلت “زاوية ثالثة” على نسخة من شكوى جماعية رسمية، أُرسلت في 27 أبريل إلى أربع جهات هي: مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)، مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة (UNODC)، منظمة الصحة العالمية الإقليمية لشرق المتوسط، والمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر. حملت الشكوى عنوانًا واضحًا: “الإنهاء المفاجئ لبرنامج علاج الميثادون في مصر ينتهك حقوق الإنسان”.
وقالت الشكوى: “نحن المرضى والعائلات والمدافعون المتضررون من برنامج علاج الميثادون، نقدم هذه الشكوى العاجلة ضد وزارة الصحة المصرية بسبب الإنهاء المفاجئ للبرنامج، وما تبعه من خفض قسري للجرعات، وتحاليل مفاجئة، وفصل تعسفي للمرضى، في غياب أي مبرر طبي أو قانوني. هذه الممارسات تنتهك القانون المصري والمعايير الدولية لحقوق الإنسان وأخلاقيات مهنة الطب”.
وأضافت الوثيقة أن ما حدث يمثل تناقضًا صارخًا: فبعد أن قدمت مصر البرنامج في مؤتمر فيينا باعتباره تجربة ناجحة، بدأت المستشفيات الحكومية، مثل مستشفى العباسية، في خفض الجرعات دون إشعار مسبق أو تقييم طبي فردي. كما خضع المرضى لاختبارات مخدرات غير معلنة، وتم فصل من جاءت نتائجهم إيجابية، رغم أن بعض النتائج قد تكون ناتجة عن أعراض انسحاب حادة.
واعتبرت الشكوى أن هذا التناقض بين الخطاب الرسمي والممارسة الفعلية، قد يعكس قرارات غير مهنية أو ذات طابع سياسي، تتطلب تحقيقًا عاجلًا على المستوى الدولي.
توصية تاريخية بالأحقية في العدالة الإنجابية
أوصت هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري، في سابقة هي الأولى من نوعها، بأحقية مواطنة في الحصول على عينات وتحاليل من زوجها المحكوم عليه بالسجن المشدد لمدة 15 سنة والمودع بمركز الإصلاح والتأهيل بالمنيا، لإتمام عملية الحقن المجهري على نفقتها الخاصة؛ إذ أكدت الهيئة في تقريرها بشأن الدعوى رقم 41283 لسنة 79 ق، الصادر بتاريخ أبريل 2025، أن الدستور المصري نص على أن الأسرة أساس المجتمع وأن دور الدولة الحرص على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها، وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بأمر قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.
واستندت الهيئة إلى أحكام سابقة للمحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا بأن الحرية الشخصية للمواطن تأتي في أعلى مدارج حقوقه التي كفلها الدستور باعتبارها حقا طبيعيا، ومنها الحق في الزواج وما يتفرع منه من الحق في تكوين أسرة وتنشئة أفرادها، ومؤدى ذلك أن معاملة المواطن المحبوس أو المقيدة حريته المعاملة التي تحفظ عليه كرامة الإنسان، مشيرة إلى قضية كيرك ديكسون، وهو سجين يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل، تقدم وزوجته لورين ديكسون، بطلب إلى السلطات البريطانية للسماح لهما بالوصول إلى خدمات التلقيح الصناعي بهدف إنجاب طفل، وهو ما رفضته السلطات، إلا أن الغرفة الكبرى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قضت حينها بأن رفض السلطات البريطانية السماح بالوصول إلى خدمات التلقيح الصناعي يمثل انتهاكًا للمادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
كان المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومكتب الأستاذ المحامي إيهاب الجارحي، أقاما دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد كل من وزير الداخلية، ومساعد الوزير لشؤون حقوق الإنسان، ومدير قطاع الحماية المجتمعية بمحافظة المنيا، بصفتهم، نيابةً عن إحدى المواطنات، تطالب بإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن السماح لها بالحصول على عينات وتحاليل من زوجها المحكوم عليه بالسجن المشدد لمدة 15 سنة، لإتمام عملية الحقن المجهري على نفقتها الخاصة.
وأوضحت الدعوى أن المدعية – وهي من محافظة الفيوم – متزوجة من أحد المسجونين منذ عام 2014، وقد جمعتهما حياة زوجية طيبة، لكنهما واجها تحديات تأخر الإنجاب. وبعد محاولات عدة، خضعت المدعية لعملية حقن مجهري ناجحة أثمرت عن حمل بثلاثة توائم، إلا أن القبض على زوجها في يناير 2015 واحتجازه على ذمة قضايا مختلفة، قبل صدور حكم بالسجن 15 عامًا في 2022، أدى إلى فقدانها حملها نتيجة الضغوط النفسية الشديدة، ما حطم حلمهما بالأبوة والأمومة.
ووفقًا للدعوى، فإن الزوجة تعاني من تراجع فرص الإنجاب بسبب تقدمها في العمر، حيث بلغت الآن 36 عامًا، كما أن حالتها الصحية لا تسمح لها بالإنجاب الطبيعي، بالإضافة إلى ذلك فهي لن تجتمع بزوجها مرة أخرى قبل عام 2037 وهو تاريخ الانتهاء من تنفيذ العقوبة، ما يجعل عملية الحقن المجهري خيارها الوحيد لتحقيق حلم الأمومة.
وكانت المدعية قد تقدمت بطلب لوزير الداخلية ومعاونيه للسماح لها وزوجها بإجراء عملية الحقن المجهري، مشيرةً إلى أنها ستتحمل جميع التكاليف، وأن الإجراء لا يشكل أي مخالفة قانونية، لكن الجهات المختصة امتنعت عن الرد على طلبها.
وفي تعليقه على التوصية يقول المحامي الحقوقي مالك عدلي، مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى زاوية ثالثة:
“هذه التوصية مثار ترحيب بالنسبة لنا، وتستحق الإطراء، لاسيما أن العدالة الإنجابية للم ينص عليها الدستور والقانون، كونها جاءت بموجب التقدم العلمي الذي جعل بالإمكان الإنجاب عن طريق الحقن المجهري، بدلًا من فكرة “الخلوة الشرعية”، وننتظر حكم المحكمة بشأن الدعوى القضائية التي تقدمنا بها، ونتمنى الأخذ بتوصية هيئة المفوضين، والتي ترى أنه لا يوجد ما يمنع في القانون والدستور المصري أن تقوم السيدة بعمل حقن مجهري والإنجاب من زوجها المسجون سياسيًا على خلفية قضية تظاهر، الذي يقضي حكمًا بالسجن مدة 15 سنة”.
ويضيف: “تعد هذه القضية فرصة لأن تنظر الدولة إلى الجانب الإنساني من معاناة أسر السجناء السياسيين الذين حرموا من حقهم في الإنجاب وتكوين أسرة، بسبب مدد محكومياتهم الطويلة، لمجرد انتمائهم لتيارات سياسية مختلفة، أو اعتناقهم لأفكار سياسية مغايرة”.
زيادة الرسوم القضائية تزيد من هشاشة أوضاع النساء
نددت مؤسسات معنية بحقوق النساء وحركات نسوية، بزيادة رسوم التقاضي في مصر، أبرزها: مؤسسة قضايا المرأة، مؤسسة المرأة الجديدة، مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة، معتبرة أنه يزيد من هشاشة أوضاع النساء ويضاعف الأعباء الواقعة على عاتقهن، ويحد من قدرتهن على الوصول إلى العدالة القضائية.
وفي بيان لها كشفت مؤسسة المرأة الجديدة أنه منذ عام 2016، شرعت الحكومة المصرية في تنفيذ مشروعها لميكنة منظومة العدالة، ذلك في إطار توجه عام نحو التحول الرقمي، ورغم ما يُروّج لها بوصفها وسيلة من شأنها تيسير سبل الوصول إلى العدالة وتسريع وتيرة التقاضي ضمن أيضًا “استراتيجية العدالة الناجزة” التي أعلنت عنها وزارة العدل، إلا أن السنوات التالية شهدت زيادات مستمرة في الرسوم القضائية، والتي أخذت منحى تصاعديًا غير مسبوق فوصلت في بعض الحالات إلى أكثر من عشر أضعاف الرسوم الأصلية.
ورأت المؤسسة أن هذه القرارات بالزيادات صدرت بمعزل عن مراجعة تشريعية شفافة، وفي ظل غياب لدراسات تقييم الأثر الاجتماعي، متجاوزة حق المجتمع في الوصول إلى المعلومة والنقاش حولها، وبالتبعية لم تواكب هذه الزيادات أي تطوير ملموس في ضمانات الوصول للعدالة، بل أصبحت أداة إقصاء فعلية للفئات المهمشة، وعلى رأسها النساء، ما يجعلها محط تساؤل من حيث مدى دستوريتها، وانسجامها مع التزامات مصر الدولية بضمان الوصول الفعلي والمتكافئ لمنافذ العدالة.
وبيّنت المرأة الجديدة، في تقرير لها، أن ارتفاع الرسوم القضائية في قضايا العنف والأحوال الشخصية بين عامي 2019 و2025 يشكّل عائقًا متزايدًا أمام وصول النساء، خاصة من الفئات الهشة والفقيرة، إلى العدالة؛ فرغم تنوع الرسوم بين مباشرة وغير مباشرة، إلا أن التكلفة الكلية للتقاضي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، لا سيما بعد تطبيق نظام الرقمنة الذي ضاعف الأعباء على النساء، سواء بسبب ارتفاع تكلفة الخدمات المميكنة أو بسبب عدم استقرار الرسوم وتفاوتها من محكمة لأخرى بحسب النطاق الجغرافي، لافتة إلى أن هذا التفاوت يجعل من العدالة خدمة لا ترتبط فقط بالقدرة الاقتصادية، بل أيضًا بالموقع الجغرافي، مما يعمّق الفجوة ويزيد من التمييز.
فيما أدانت حملة “العدالة حق لكل امرأة”، التي أطلقتها مؤسستي قضايا المرأة المصرية ومبادرة المحاميات المصريات لدعم حقوق المرأة قرار محكمة استئناف القاهرة بزيادة الرسوم القضائية بنسبة 10% بسبب تأثيره المباشر على النساء، خاصة من يعانين من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة، مبينة أنه بينما ينطبق القرار على جميع المتقاضين، إلا أن النساء، تحديدًا في قضايا الأحوال الشخصية كالنفقات والحضانة والطلاق، هن الأكثر تأثرًا، وقد تجد كثيرات أنفسهن عاجزات عن تحمل هذه التكاليف، مما يهدد حقوقهن الأساسية ويكرّس واقعًا من التمييز غير المباشر في الوصول إلى العدالة.
وقالت الحملة في بيان لها إنه على الرغم من أن الدستور المصري ينص في المادة (97) على أن “التقاضي حق مصون ومكفول للكافة”، ويؤكد في المادة (9) على تحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين دون تمييز، بينما تلزم المادة (11) الدولة بحماية المرأة من جميع أشكال العنف وضمان تمكينها الكامل في مختلف المجالات، وكذلك المادة 3 من القانون رقم 1 لسنة 2000 على أن “تعفى دعاوى النفقات وما فى حكمها من الأجور والمصروفات بجميع أنواعها من كافة الرسوم القضائية فى كل مراحل التقاضي”، إلا أنه تم فرض الكثير من الرسوم على كافة الأوراق أثناء مراحل التقاضي في قضايا الأحوال الشخصية و كلها مستندة على قرارات ليس لها سند قانوني واضح.
ولفت البيان إلى أنه في المجتمعات الريفية والنائية، حيث تقل المعرفة القانونية وتضعف الخدمات القضائية، تصبح هذه الزيادة عبئًا إضافيًا يحول دون لجوء النساء إلى المحاكم، ويضاعف من معاناتهن في مواجهة قضايا العنف أو النزاعات الأسرية، معتبرة أن فرض رسوم إضافية دون مراعاة للفوارق الاقتصادية والاجتماعية يهدد بمزيد من التهميش للنساء ويُقيد حقهن في التقاضي المكفول دستوريًا، داعية إلى التفاعل العاجل مع القرار من قبل نقابة المحامين والجهات القضائية المعنية، وفتح حوار جاد مع وزارة العدل لوضع آليات استثناء أو دعم للنساء من الفئات الهشة، حفاظًا على مبدأ العدالة والمساواة أمام القانون، وحتى لا يتحول القضاء إلى حق مشروط بالقدرة المالية.
من ناحيتها تؤكد انتصار السعيد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، أن زيادة رسوم التقاضي تمثل تحديًا كبيرًا أمام النساء، خاصة في القضايا المرتبطة بالأحوال الشخصية والعنف الأسري، حيث تعاني الكثير منهن من أوضاع اقتصادية هشة تحول دون قدرتهن على تحمّل تكاليف الإجراءات القانونية، لافتة إلى أن هذا الارتفاع في الرسوم لا يؤثر فقط على فرص النساء في الحصول على حقوقهن، بل يرسّخ أيضًا فجوة حقيقية بين النصوص القانونية التي تكفل العدالة للجميع، والواقع الذي يجعل الوصول إلى هذه العدالة مرهونًا بالقدرة المالية.
تقول إلى زاوية ثالثة:
” في ظل غياب سياسات مراعية للنوع الاجتماعي، تصبح العدالة امتيازًا لا حقًا، ويجد كثير من النساء أنفسهن مجبرات على الاختيار بين الخضوع للظلم أو الدخول في معركة قانونية باهظة الكلفة قد لا يملكن أدواتها، وهو ما يُكرّس واقعًا من التمييز والإقصاء داخل منظومة العدالة.”
وتؤكد أن هذه الخطوة تشكل عائقًا إضافيًا أمام النساء، خاصة المهمّشات والناجيات من العنف، في الوصول إلى حقوقهن القانونية والإنسانية، وأن فرض رسوم على إجراءات كالحصول على نسخة حكم أو تقديم طلب قضائي يعني أن كثيرًا من النساء، ممن يعانين أصلًا من ضغوط اقتصادية واجتماعية، سيترددن أو يُحرمن من اللجوء إلى القضاء. هذه الإجراءات تكرّس عدم المساواة، وتحرم النساء من أدوات الإنصاف والتمكين.
وتضيف: “العدالة ليست سلعة تُشترى، بل حق أصيل تلتزم الدولة بتوفيره دون تمييز أو حواجز مالية. ونذكّر أن مجانية خدمات العدالة مبدأ دستوري وإنساني، تضمنه الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة، وعلى رأسها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، نرفض تسليع العدالة، ونطالب بوقف أي إجراء يكرّس تمييزًا طبقيًا أو نوعيًا في الوصول إلى القضاء”.
خفض دعم المفوضية يهدد أسر اللاجئين
قبل أيام، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر عن تقليص عدد الأسر المستفيدة من مساعداتها المالية الشهرية، ابتداءً من هذا الشهر، في خطوة تعكس عمق الأزمة المالية التي تواجهها المنظمة الأممية.
وأوضحت المفوضية أن الدعم سيُخصص فقط للحالات الأكثر احتياجًا، لافتة إلى تحديات غير مسبوقة في التمويل أثرت على قدرتها في تلبية الاحتياجات الأساسية لعشرات الآلاف من اللاجئين في مصر. وأضافت أن الأسر التي ستُستبعد من برنامج المساعدات ستتلقى رسالة نصية على أرقام هواتفها المسجلة لدى المفوضية، داعية إلى تحديث تلك الأرقام عبر الخط الساخن أو من خلال مراكز الاستقبال أو المنظمات الشريكة. كما أشارت إلى أن جميع مقابلات تقييم الأوضاع الاقتصادية متوقفة حاليًا.
حتى نهاية مارس 2025، بلغ عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر حوالي 942 ألف شخصًا، يمثلون أكثر من 60 جنسية مختلفة، وتتصدر الجنسية السودانية القائمة، تليها الجنسيات السورية، والإريترية، والإثيوبية، والجنوب سودانية، والصومالية، واليمنية، والعراقية. يعيش معظم هؤلاء اللاجئين في مناطق حضرية مثل القاهرة الكبرى والإسكندرية، حيث تعتمد الغالبية على المساعدات الإنسانية بسبب التحديات الاقتصادية وصعوبة الوصول إلى سوق العمل الرسمي.
تعرف منظمة الأمم المتحدة اللاجئ بأنه الشخص الذي اضطر إلى مغادرة بلده بسبب ظروف مثل الحرب أو العنف أو الاضطهاد، مع عدم قدرته على العودة أو خوفه من ذلك، وتحدد اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 اللاجئ بأنه “شخص يقيم خارج بلده الأصلي أو مكان إقامته المعتادة نتيجة خوف مبرر من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر أو الدين أو القومية أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة أو آراء سياسية، ولا يستطيع أو لا يرغب في اللجوء إلى حماية ذلك البلد أو العودة إليه بسبب هذا الخوف”.
وفي تعقيب على القرار تقول كريستين بشاي المتحدثة الرسمية باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمصر، في تصريح خاص إلى زاوية ثالثة، إن: “المفوضية تمر بأزمة تمويل على المستوى العالمي، الأمر الذي أثر على قدرتها في تلبية جميع احتياجات اللاجئين، نتيجة لذلك، يتم توجيه الدعم المتاح حالياً إلى الأسر الأكثر ضعفاً واحتياجاً، بناءً على تقييمات دقيقة للحالات.” وتضيف: “ندرك تمامًا التأثير السلبي لهذا التقليص على عدد من الأسر، ونعمل بكل طاقتنا على تخفيف هذا الأثر من خلال التنسيق مع الشركاء والسلطات المعنية في مصر، المفوضية تواصل حشد الدعم من الجهات المانحة الدولية، وتوسيع دائرة الشراكات، بما في ذلك مع القطاع الخاص، من أجل تأمين تمويل إضافي مستدام.”
وتؤكد كريستين على التنسيق مع الحكومة المصرية لتخفيف التداعيات قائلة: “ندعم الحكومة المصرية في جهودها لتقوية البنية التحتية والخدمات العامة بما يخدم كلاً من اللاجئين والمجتمعات المضيفة. تأثير تخفيضات التمويل الإنساني القاسية على حياة اللاجئين أصبح مدمراً بالفعل، مع تقليص المساعدات، أصبحت حياة الملايين مهددة.”
وتتابع في حديثها إلينا: “هذا التأثير فوري وشديد، لقد تم تقليص أو وقف الأدوية الحيوية، والمأوى الطارئ، والطعام، والمواد الإغاثية، والمياه النظيفة، وخدمات الحماية، بما في ذلك للأطفال وناجين من العنف الجنسي والاتجار. الحروب تواصل إجبار الآلاف على الفرار من ديارهم لإنقاذ حياتهم. في غياب الاستقرار أو السلام، تعني هذه التخفيضات أن أولئك المعرضين للخطر لن يتلقوا المساعدة، وستفقد المزيد من الأرواح. هذه الأزمة تتجاوز كونها فجوة تمويل، إنها أزمة مسؤولية، فغياب الدعم الكافي سيؤدي إلى مزيد من المعاناة، وانعدام الاستقرار، وضياع المستقبل لملايين الأشخاص المعرّضين للخطر. مؤكدةً أن دعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل خيارًا ذكيًا يسهم في تعزيز الاستقرار، وتقليل الهجرة الخطرة، وتنمية الاقتصادات المحلية، ودعم السلام.
للإطلاع على تقرير مفصّل نشرته زاوية ثالثة حول الأزمة: تقليص دعم المفوضية يهدد حياة اللاجئين في مصر
إغلاق 120 مكتبة وبيت ثقافة
تشهد الأوساط الثقافية والفنية في مصر حالة من الغضب والاستياء، عقب قرار وزارة الثقافة بإخلاء 120 مقرًا من بيوت الثقافة والمكتبات المؤجرة في عدد من المحافظات، وتسليمها إلى مالكيها، مع إعادة توزيع العاملين فيها. وقد اعتبر عدد من المثقفين أن القرار يمثّل تراجعًا خطيرًا في دعم الثقافة العامة، ويُسهم في تقويض العدالة الثقافية التي يكفلها الدستور المصري.
وينص الدستور، في مادته رقم (48) المعدّلة عام 2019، على أن “الثقافة حق لكل مواطن، تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وإتاحته لجميع فئات الشعب دون تمييز”. ويرى منتقدو القرار أن انسحاب الدولة من دعم المساحات الثقافية، خصوصًا في المناطق المهمشة، يفتح المجال أمام تفشي الجهل والانغلاق الفكري، ويُضعف الدور التنويري للمؤسسات الثقافية.
القرار صدر عن اللواء خالد اللبان، مساعد وزير الثقافة لشؤون رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة، بتكليف رؤساء الأقاليم الثقافية باتخاذ الإجراءات القانونية لإعادة توزيع العاملين في البيوت والمكتبات التي تقرر إخلاؤها، وذلك بناءً على موافقة مجلس إدارة الهيئة في جلسته رقم (324) المنعقدة بتاريخ 5 مارس 2025، والمعتمد محضرها من وزير الثقافة بتاريخ 13 مارس 2025. وحدد القرار مهلة نهائية لتنفيذ الإخلاء في موعد أقصاه 29 مايو 2025.
تواجه الهيئة العامة لقصور الثقافة تحديات مزمنة تتعلق بضعف الميزانية المخصصة للنشاط الثقافي، والتي لا تتجاوز 87 مليون جنيه سنويًا، فضلًا عن نقص الكوادر المتخصصة في المجالات الثقافية والفنية، وافتقار العديد من منشآتها للبنية الأساسية التي تؤهلها لاستقبال الجمهور. هذا ما أكده وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، خلال كلمته أمام الجلسة العامة لمجلس الشيوخ في يناير من العام الماضي.
ورغم هذه الظروف، أظهرت بيانات الوزارة أن الهيئة نجحت خلال عام 2024 في تنفيذ أكثر من 90 ألف نشاط ثقافي وفني، استفاد منها نحو 4 ملايين مواطن في مختلف المحافظات، ما يعكس حجم الضغط الواقع على هذه المؤسسة في ظل محدودية مواردها.
وبحسب ما أفاد به مسؤولون في وزارة الثقافة، فإن عدد المواقع الثقافية في مصر يبلغ حاليًا 619 موقعًا، ومع تنفيذ قرارات الإغلاق الأخيرة التي تشمل قرابة 100 بيت ثقافة، سيتراجع العدد إلى ما يقرب من 500 موقع فقط. ويؤكد هذا الاتجاه التنازلي ما ورد في تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادر عام 2022، والذي أشار إلى أن عدد قصور وبيوت الثقافة انخفض من 594 موقعًا في عام 2016 إلى 347 فقط بحلول عام 2021، فيما سجل عام 2017 بداية الانحدار الحاد، إذ بلغ عددها آنذاك 336 موقعًا فقط.
القرار دفع بعدد من النواب إلى تقديم طلبات إحاطة عاجلة للحكومة، محذرين من تداعيات هذه الخطوة على المشهد الثقافي في البلاد، ويؤكد عدد من المثقفين والنواب البرلمانيين، في تصريحات إلى زاوية ثالثة، ضمن تقرير بعنوان: “إغلاق 120 مكتبة وبيت ثقافة في مصر.. سياسة الانكماش الثقافي تكتسب طابعًا رسميًا“، أن قرار وزارة الثقافة لا يمكن اعتباره مجرد إجراء إداري يهدف إلى ترشيد الموارد، بل يُنظر إليه باعتباره امتدادًا لنهج سياسات تتجه إلى تقليص الدور التنويري للمؤسسات الثقافية العامة. ويؤكد هؤلاء أن هذا التوجّه ينذر بتحوّل تدريجي في فلسفة الدولة الثقافية، من اعتبار الثقافة حقًا دستوريًا مكفولًا للجميع، إلى جعلها امتيازًا نخبويا محصورًا في من يستطيع الدفع، في ظل مؤشرات متزايدة على خصخصة بعض الخدمات الثقافية.