مرضى الفشل الكلوي في مصر.. مأساة مضاعفة بين نقص الدواء وانهيار الرعاية

رغم التطور المعلن في “منظومة الغسيل الكلوي المميكنة” ومبادرات العلاج على نفقة الدولة، يكشف الواقع عن معاناة مزمنة لمرضى الفشل الكلوي في مصر، تبدأ من نقص الأدوية الحيوية، ولا تنتهي عند ضعف الرعاية وتكلفة التنقلات
Picture of آية ياسر

آية ياسر

منذ نحو شهرين تعاني أميرة عبد الراضي، التي أُصيبت بالفشل الكلوي في عام 2021، من النقص الشديد في حقن علاج الأنيميا، وعلى رأسها عقار “إيثروبويتين” (EPO)، – وهو هرمون بروتيني سكري ينتجه الجسم، بشكل أساسي الكلى، لتحفيز نخاع العظم على إنتاج خلايا الدم الحمراء، مما يوفر الأكسجين للأنسجة، ويستخدم كدواء لعلاج فقر الدم الناتج عن أمراض الكلى المزمنة، أو العلاج الكيميائي، أو نقص المناعة البشرية -، الأمر الذي يجعلها مضطرة في كثير من الحالات إلى اللجوء لنقل الدم، مما يعرّضها لمضاعفات صحية خطيرة.

تتذكر المريضة أنها اضطرت قبل أكثر من 20 عامًا، إلى الخضوع لعملية نقل دم بسبب نقص حقن الأنيميا، لكن الدم الذي نُقل إليها كان يحمل فيروس التهاب الكبد “B” غير نشط، ولكن بمجرد دخوله جسدها أصبح نشطًا، وسبب لها أزمة صحية هددت حياتها، فجأة وجدت نفسها مطرودة من وحدة الغسيل الكلوي التي اعتادت تلقي الجلسات بها، لتبدأ رحلة علاج شاقة إلى مستشفى آخر بعيد، كانت تقصده ثلاث مرات أسبوعيًا، مدة عامين كاملين، قبل أن تتماثل للشفاء من الفيروس.

أميرة التي أطلقت في وقتٍ لاحق، حملة إنقاذ مرضى الفشل الكلوي، تتذكر أن والدة طفلة مصابة بالفشل الكلوي، كانت قد هبطت نسبة الهيموجلوبين في الدم لدى ابنتها إلى 4، خلال الأيام الماضية، هرعت إلى البحث عن أكياس دم لابنتها بأي ثمن، لكنها عندما ذهبت للمستشفى، قيل لها إنها لا تستطيع الحصول على الدم إلا إذا أحضرت متبرعين اثنين، وعندما لم تجد أحدًا ليتبرع، عرضت شراء الكيس بأكثر من ألف جنيه، ومع ذلك لم تحصل عليه بسهولة. 

حتى وقت قريب كانت أميرة تحصل على (12) حقنة “إيبوتين” شهريًا، لكن هذا العدد تقلص تدريجيًا حتى توقف تمامًا منذ أربعة أشهر، سواء لمرضى التأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة، ما اضطرها مثل غالبية المرضى للاعتماد على التبرعات بالأدوية فيما بينهم، وهو حل مؤقت لا يفي بالاحتياجات، موضحة أن أدوية أخرى مثل “البيكوم” و”الإل-كارنيتين” اختفت هي الأخرى، رغم أنها ضرورية لتعويض ما يفقده الجسم خلال جلسات الغسيل.

تقول مُؤسسة حملة إنقاذ مرضى الفشل الكلوي، لـ”زاوية ثالثة”: “حقن “إيبوتين” التي كانت تصرف بانتظام لمرضى الفشل الكلوي الذين يتلقون علاجهم على نفقة الدولة، تقلصت كمياتها، ثم اختفت، الآن نحن نتشارك ما يصل إلينا من تبرعات الأدوية الناقصة، لكن هل هذا حل دائم؟”. 

تضيف: “الأزمة لا تتوقف عند نقص الأدوية فقط، بل تشمل تكاليف الفحوص والتحاليل والإشاعات اللازمة للعلاج الجراحي، والتي تُفرض على المرضى حتى في حالات العلاج على نفقة الدولة.. أغلب المرضى لا يعملون بسبب ظروفهم الصحية، إذ يرفض أصحاب الأعمال توظيف من يخضع لجلسات غسيل ثلاث مرات أسبوعيًا، في وقت تغيب فيه السياسات الداعمة لتوفير وظائف مناسبة”

ولا تقف المشكلات التي يواجهها المرضى، عند حدود الأدوية، بل وصلت إلى فلاتر الغسيل الكلوي نفسها، بعد تطبيق “المنظومة المميكنة” لخدمات غسيل الكلى، صار يُطلب من المرضى تسجيل بياناتهم إلكترونيًا بحجة توفير فلاتر غسيل تناسب أوزان كلٍ منهم، لكن أميرة تعتقد أن النتيجة جاءت عكسية، وأنه بات يتم في أحيان كثيرة تركيب فلاتر محلية الصنع، غير مناسبة للمرضى، أثناء جلسات الغسيل الكلوي، كبارًا كانوا أو أطفالًا، لتتحول الجلسة الغسيل من وسيلة للبقاء إلى معاناة مضاعفة.. “هل تشجيع الصناعة المحلية يجب أن يكون على حساب صحتنا؟” تتساءل أميرة.

وكانت وزارة الصحة والسكان، قد أعلنت  في مارس الماضي، عن إجراءات الحصول على خدمات جلسات الغسيل الكلوي ضمن المنظومة المميكنة الجديدة (نفرو مصر) بجميع محافظات الجمهورية، لتيسير إجراءات الحصول على جلسة الغسيل الكلوي، في إطار استراتيجية الدولة للتحول الرقمي، وتتضمن الإجراءات قيام المريض بالاتصال على الخط الساخن لحجز موعد الجلسة وتوجيه المريض إلى مركز الغسيل الكلوي المتاح بالقرب من موقعه الجغرافي سواء حكومي أو خاص أو جمعية أهلية، وتسجيل جدولة جلسات المريض على المنظومة وتعريفه بأيام ومواعيد الجلسات.

ومنذ انطلاق منظومة الغسيل الكلوي المميكنة، في إبريل العام الماضي 2024، تم إجراء 2 مليون جلسة غسيل كلوي، بمعدل 11 جلسة شهريًا لكل مريض بواقع 50 ألف مريض، وتساهم المنظومة في توفير 20% من نفقات الدولة، ومتابعة إدارة أداء 12,000 فرد من طواقم التمريض المسجلين بها، بحسب بيان سابق للدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان.

وتٌمثّل تكاليف الانتقالات لمراكز ووحدات الغسيل الكلوي، ثلاث مرات أسبوعيًا، معاناة آخرى للمرضى، وعلى الرغم من أن القانون ينص على حق المرضى في هذا الدعم منذ لحظة صدور قرار الغسيل، إلا أنهم يُضطرون إلى رفع دعاوى قضائية يستغرق الحكم فيها مددًا طويلة، ويدفعون نحو 35% من مستحقاتهم للمحامين، ، بينما يُجبر بعضهم على التوقيع على تنازلات تحول دون مطالبتهم بها.. “كنا قد حصلنا بحكم قضائي على 200 جنيه للجلسة، لكن بعد سنوات خُفض المبلغ إلى 30 جنيهًا فقط، وهو لا يكفي شيئًا. لماذا نحصل على حقوقنا بعد معارك قضائية؟”، تقول أميرة.

وترى أميرة أن المشكلة أكبر من نقص دواء أو ارتفاع التكاليف، لكن المنظومة العلاجية بأكملها تنهك المرضى وأسرهم، مشددة على أن مرضى الفشل الكلوي يعيشون ضغوطًا مركبة من نقص الأدوية والمستلزمات، وارتفاع تكاليف الدم، وعدم توفير دعم حقيقي للانتقالات أو فرص عمل، مؤكدة أن الحل يكمن في تحرك الدولة بشكل عاجل لضمان توفير الأدوية والحقن الأساسية، وإقرار حقوق المرضى بشكل عادل بعيدًا عن المعاناة القضائية أو التبرعات الفردية.

بدورها تحكي هدير علاء، وهي مريضة فشل كلوي تعيش بمحافظة مرسى مطروح، أنها حصلت بالفعل على علاج شهري سبتمبر وأكتوبر، بما في ذلك حقن “الإل-كارنيتين” و”البي-كوم” التي يُحقن بها المرضى بعد جلسات الغسيل، لكنها لم تتمكن من صرف حقن علاج فقر الدم (الأنيميا) طيلة شهرين، حيث أُبلغت بعدم توفرها، في وقتٍ تتراجع فيه نسبة الهيموجلوبين في الدم لديها بسرعة، الأمر الذي يضطرها في كثير من الأحيان إلى نقل الدم، رغم عدم رغبتها في ذلك لما يسببه من أضرار صحية، مشيرة إلى أنها اضطرت مؤخرًا لشراء كيس دم من فصيلة (O+) على نفقتها الخاصة بمبلغ 350 جنيهًا، بسبب ندرة توفره.

تؤكد هدير أن معاناة مرضى الفشل الكلوي لا تتوقف عند نقص الأدوية، بل تمتد إلى حياتهم اليومية التي تزداد صعوبة نفسيًا وجسديًا، مؤكدة أنها اضطرت إلى التوقف عن العمل بعد أن أثرت العملية الجراحية “الفيستولا” على يدها اليسرى، وجعلت استخدامها في أي نشاط أمرًا مستحيلًا، واصفة هذه اليد بأنها بمثابة “القلب الثاني” لحياتها.

تقول لـ”زاوية ثالثة”: “يتم صرف أدوية “التشطيب”، مثل “الإل-كارنيتين” و”البي-كوم”، بشكل متفاوت بين المرضى، فبالنسبة لي يُصرف العلاج على نفقة الدولة كل شهر أو شهرين، بينما يعاني بعض مرضى التأمين الصحي من صعوبة الحصول عليه، والمشكلة الأساسية التي نشترك فيها جميعًا تكمن في صعوبة صرف حقن فقر الدم التي لا تتوفر بانتظام، والأمر يختلف من مكان إلى آخر”.

وتطالب هدير الدولة بالاعتراف بمرض الفشل الكلوي كإعاقة تمنح المرضى حق الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة ومعاش “تكافل وكرامة”، لافتة إلى أن المرض يحرمهم من القدرة على العمل ويكبدهم أعباء مالية إضافية، منها تكاليف المواصلات التي تصل إلى 100 جنيه في كل زيارة للمستشفى؛ إذ تخضع لثلاث جلسات أسبوعيًا، مؤكدة أن بدل المواصلات، الذي حصل المرضى عليه سابقًا بموجب أحكام قضائية وبأثر رجعي، لم يعد يُصرف لهم حاليًا، ما يمثل حرمانًا لهم من حق قانوني مستحق.

وكان حكم قضائي صادر عن المحكمة الإدارية العليا، في عام 2020، قد ألزم التأمين الصحي بصرف 600 جنيه بدل مواصلات شهريًا لخمسة مرضى فشل كلوي من قرى محافظة البحيرة، بعد رفض الهيئة تقديم التعويض طوعيًّا، وقضت المحكمة برفض طعون التأمين الصحي، وتأييد حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الذي أمر الهيئة بدفع هذا البدل استنادًا إلى أن تكاليف الانتقال من المنزل إلى مراكز الغسيل تُعد من نفقات العلاج الأساسية التي تلتزم بها الجهة المعالجة.

وفي ديسمبر 2024 أرست المحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة، مبدئًا قضائيًا، مفاده عدم جواز جمع المؤمن عليه في المعاش أن يحصل على بدل انتقال عن جلسات الغسيل الكلوي، بالتزامن مع استفادته من التأمين الصحي، واستقرت المحكمة، إلى أن القانون قد قصر استفادة أصحاب المعاشات أو المستحقين في تأمين المرض، على أحكام العلاج والرعاية الطبية فحسب.

أعباء مادية وأوضاع معيشية متردية

تُمثّل مشكلة نقص الأدوية وصرفها بكميات أقل من المقررة، أزمة حقيقية لمرضى الغسيل الكلوي، ومن بينهم محمد محمود، الذي يقيم بمحافظة البحيرة، ويحصل على حقنة “الإيبوتين” أو “الريكومون” في كل جلسة، وفقًا لتعليمات الأطباء، لكنه مؤخرًا لم يعد يتلق العدد الكامل، مشيرًا إلى أن الوضع يختلف من شهر لآخر، ففي شهر يونيو الماضي حصل على ست حقن كاملة، بينما في الأشهر التالية انخفض عددها أو توقفت تمامًا.

 يقول لـ”زاوية ثالثة”: “في الشهر الماضي لم أحصل على أي حقن لعدم توافرها بالمستشفى، وعندما جئت هذا الشهر للاستفسار أخبروني أن حقن الشهر الماضي ضاعت عليّ، وأعطوني حقنتين فقط بدلًا من أربع، رغم أن المفروض أن تكون حقنة أسبوعيًا”، مُبينًا أن القرارات العلاجية الخاصة بصرف الحقن لمرضى الفشل الكلوي قد تتأخر لأشهر، مما يضطر المرضى إلى شراء الأدوية بأنفسهم رغم أنها تمثل مقويات ضرورية لهم.

ويؤكد محمد أن أدوية “الفصل” مثل “اإل-كارنيتين” و”بي-كوم” لا تصرف بانتظام، إذ أخبره الطبيب أن قرار علاجه يغطي ست حقن فقط من “بي-كوم”، مما يضطره إلى شراء باقي الحقن على نفقته الخاصة، في ظل الارتفاع المستمر لأسعار الأدوية، مؤكدًا أن غياب الحقن يدفع المرضى في كثير من الأحيان إلى نقل الدم، وهو ما يمثل عبئًا إضافيًا بسبب ارتفاع ثمن كيس الدم وصعوبة تدبير متبرعين. 

ويطالب محمد الحكومة بمنح مرضى الغسيل الكلوي بطاقة الخدمات المتكاملة، باعتبار أن الفشل الكلوي مرض مزمن يعيقهم عن ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، مشددًا على أن قضية بدل الانتقال لم تحل بعد، إذ أن المبالغ التي تحكم بها المحاكم قليلة جدًا ولا تكفي احتياجات المرضى، واختتم حديثه معنا قائلًا: “القليل جدًا منا يستطيع العمل أثناء الغسيل، لذلك من الضروري أن يكون لنا معاش خاص يساعدنا على المعيشة، خاصة مع ارتفاع الأسعار المستمر.”

وفي وقتٍ تعاني فيه  إيناس فاروق، التي بدأت رحلة الغسيل الكلوي في سبتمبر الماضي، كغيرها من المرضى من نقص دواء “الإريثروبيوتين” الحيوي لعلاج فقر الدم، بالإضافة إلى مشكلة عدم توفر فلاتر الغسيل المناسبة لوزنها، فإنها تتذكر كيف واجهت صعوبات كبيرة في إيجاد مكان شاغر في المستشفيات الحكومية التابعة للتأمين الصحي، حيث كانت جميعها كاملة العدد من زيادة تكلفة جلسات الغسيل الكلوي، الأمر الذي جعلها تخضع للعلاج في مركز “الوفاء والأمل” بمدينة نصر في القاهرة، ضمن منظومة التأمين الصحي، وتتحمل فرق تكلفة الجلسة البالغ 115 جنيهًا، لكنها الآن تخشى حدوث زيادة مرتقبة في أسعار الجلسات، بشكل يفوق قدرتها المادية.

تقول لـ”زاوية ثالثة”: “السعر الإجمالي للجلسة يبلغ 900 جنيه، تتحمل هيئة التأمين الصحي منه 785 جنيهًا، فيما أدفع أنا الفرق، ولكن أُبلغنا نحن المرضى أن المركز يخطط لرفع هذا المبلغ إلى 1200 أو 1300 جنيه كما أٌبلغنا، فإنني سأضطر لدفع ما بين 400 إلى 500 جنيه لكل جلسة، وهذا يفوق قدرتي المالية تمامًا”، مشيرة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها المركز زيادة الأسعار.

حنان حمادة، عضو الجمعية العمومية بجمعية الكلى المصرية، أوضحت أن أبرز التحديات التي تواجه مرضى الفشل والقصور الكلوي في مصر تتمثل في نقص الأدوية الحيوية وارتفاع تكاليف العلاج، مؤكدة أن القرارات الصادرة للعلاج على نفقة الدولة لا تكفي لتغطية احتياجات المرضى، إذ قد تصدر بمبلغ لا يتجاوز 4000 جنيه لستة أشهر، في حين أن المريض يحتاج إلى أدوية متعددة تشمل علاج العظام والكالسيوم وأدوية الضغط والغدة الدرقية، إضافة إلى الحقن الخاصة بعلاج الأنيميا، التي تعاني من انقطاع تام منذ أشهر، ما يضطر المرضى إلى عمليات نقل دم متكررة.

تقول لـ”زاوية ثالثة”: “المعاناة تمتد إلى الأعباء المالية، حيث يتحمل المرضى تكاليف الفحوصات والتحاليل والأدوية على نفقتهم الخاصة، حتى أثناء جلسات الغسيل في المراكز الخاصة، ناهيك عن توقف صرف بدل الانتقالات أو تخفيضه إلى 30 جنيهاً فقط للجلسة، رغم أن كثيراً من المرضى يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى المراكز”، مشيرة إلى حرمان مرضى الغسيل الكلوي من الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة، رغم عجزهم عن العمل واعتمادهم شبه الكامل على العلاج.

وتؤكد حنان، التي شُخّصت إصابتها بالفشل الكلوي قبل ثماني سنوات، أن عدد مراكز الغسيل غير كافٍ لاستيعاب المرضى، ما أدى إلى قوائم انتظار طويلة وإغلاق بعض المراكز الخاصة، ورغم أن المنظومة المميكنة الجديدة وفرت مزايا منها إمكانية الغسيل في أي محافظة عبر النظام المركزي، فإنها تشهد مشكلات أخرى مثل توحيد مقاسات الفلاتر، وهو ما يشكل خطراً على بعض المرضى ذوي الأوزان المنخفضة.

ويبلغ عدد مرضى الفشل الكلوي الذين يحتاجون إلى الغسيل الكلوي في مصر نحو 60 ألف مريض، يحتاج كل مريض إلى ما لا يقل عن ثلاث جلسات غسيل كلى أسبوعيًا، وتبلغ تكلفة الجلسة الفعلية 685 جنيهًا مصريًا، وتدعم الدولة أغلب المرضى الذين يخضعون لعمليات غسيل الكلى، ويتلقى جزء منهم العلاج في المستشفيات الحكومية، في حين تتحمل عائلات المرضى جزءًا كبيرًا من التكاليف، خاصة غير المشتركين منهم في التأمين الصحي، وطبقًا لما أعلنته وزارة الصحة والسكان، في عام 2017؛ فإن 49% من حالات الفشل الكلوي في مصر، يرجع سببها إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم أو السكري.

وفي أكتوبر الجاري أعلنت الصحة عن إصدار 776,379 قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة إجمالية 6.364 مليار جنيه، خلال الفترة من يوليو إلى أغسطس 2025، ضمن مبادرة “100 يوم صحة”، وشملت القرارات تخصصات: الأورام، الكبد، الكلى، القلب، العظام، المخ والأعصاب، وزراعة النخاع، بإجمالي 736,543 مستفيدًا.

 

نقص الأدوية يضاعف معاناة مرضى السرطان والفشل الكلوي

نقص الأدوية يهدد المرضى

 أزمة نقص الأدوية الخاصة بمرضى الفشل الكلوي لم تصل إلى حد الكارثة بعد، لكن أبرز ما يعانيه المرضى هو النقص المتكرر في عقار “إيثروبويتين” الذي يُعد العلاج الأساسي لمشكلة الأنيميا لديهم، ويؤدي غياب الدواء إلى إجبار المرضى على اللجوء إلى نقل الدم، وهو بديل مرهق ماديًا وصحيًا، نظرًا لعدم توافر أكياس الدم بشكل دائم وصعوبة الحصول على الفصائل المناسبة، فضلًا عن ارتفاع تكلفته، بحسب ما يؤكد الدكتور حامد عزت العراقي، استشاري أمراض الكلى والباطنة، لـ”زاوية ثالثة”، مشيرًا إلى أن مادة “إيثروبويتين” لا تتوفر إلا من خلال أسماء تجارية محدودة، مثل: “إيبوتين”، “إيبياو”، و”ريكورمون”، لكن المشكلة ليست في العلامة التجارية بل في المادة الخام المستوردة التي تشهد نقصًا دوريًا.

يقول: “هناك أدوية أخرى يشهد السوق نقصًا فيها، منها أدوية التعويض بعد جلسات الغسيل الكلوي، مثل فيتامين “ب المركب” و”إل-كارنيتين”، لكنها بدائل متاحة إلى حد ما ولا تمثل خطورة كبرى، أيضًا دواء “سيڤيلامير” المستخدم في خفض نسبة الفوسفور بالدم يعاني هو الآخر من نقص، خاصة بعد خروجه من قائمة الأدوية المغطاة بالتأمين الصحي، وهو ما يضاعف العبء على المرضى بسبب ارتفاع سعره”.

ويوضح العراقي أن أزمة الدولار دفعت الحكومة إلى استبدال بعض الأصناف المستوردة بالمحلية، وهو ما أثار قلقًا لدى مرضى زراعة الكلى الذين يتخوفون من التأثيرات السلبية لأي تغيير في بروتوكولات العلاج، موضحًا أن هذا القلق لا يقتصر على الجانب الصحي فحسب، بل يمتد إلى الجانب النفسي أيضًا، حيث يشعر المرضى بعدم الاطمئنان تجاه البدائل المحلية، وبعضهم لم يستجب لها بالشكل المطلوب.

ويتطرق استشاري أمراض الباطنة والكلى، إلى الحديث عن شكاوى بعض المرضى من عدم ملائمة أحجازم فلاتر الغسيل الكلوي لأوزان أجسادهم، مؤكدًا أن نسبة كبيرة من الفلاتر الموردة عبر هيئة الشراء الموحد مستوردة وعالية الجودة، إلا أن بعض الفلاتر المحلية قد لا تناسب جميع الحالات، خاصة أن اختيار الفلتر يجب أن يرتبط بوزن المريض، وهو ما لم يتحقق دائمًا بعد توقف بعض الشركات الموردة.

ويضيف: “المريض كان في الماضي يحصل على بدل انتقال بحكم قضائي وفقًا للمسافة بين منزله ومركز الغسيل الكلوي، أما الآن فيُجبر البعض على توقيعات غير واضحة القيمة، وهو ما يستدعي اللجوء للقضاء مجددًا لإثبات حقه”.

ويوضح العراقي أن عدد مرضى الغسيل الكلوي في تزايد مستمر نتيجة انتشار أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم، وهما السببان الرئيسيان للفشل الكلوي على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن نسبة إشغال الأجهزة في مصر تتراوح ما بين 60 و70% فقط، مؤكدًا أن المشكلة الحقيقية تكمن في سوء توزيع الأجهزة والكوادر الطبية بين المحافظات، لا في نقص الأجهزة نفسها.

بدوره يؤكد الدكتور محمد جمال، مدير مراكز صناع الحياة للغسيل الكلوي، أن مرضى الفشل الكلوي في مصر يواجهون معاناة يومية شديدة، تبدأ من انتقالهم ثلاث مرات أسبوعيًا إلى وحدات الغسيل لإجراء جلسات تستغرق نحو أربع ساعات، ليقضي المريض خارج منزله ما لا يقل عن خمس أو ست ساعات في كل مرة، وهو ما يرهقه جسديًا وماديًا، خاصة مع حاجته الدائمة إلى مرافق وما يتكبده من مصاريف أجرة المواصلات.

ويوضح جمال أن المرضى يعتمدون على أدوية تُصرف لهم بقرارات علاج على نفقة الدولة، أبرزها حقن “الإل-كارنيتين” و”البي-كوم” التي تُعطى بعد الجلسات، بالإضافة إلى حقن “الإيبوتين” لعلاج فقر الدم، إلا أن هذه الأدوية تشهد نقصًا حادًا حاليًا، حيث يحصل المريض أحيانًا على خمس أو ست حقن فقط بدلًا من 13 حقنة مطلوبة لتغطية جلسات الشهر، مما يضطره إلى البحث عن بدائل باهظة الثمن في السوق، إذ قد يتجاوز سعر الحقنة الواحدة 200 إلى 300 جنيه.

يقول لـ”زاوية ثالثة” :”إن عدم انتظام المريض في الحصول على هذه الحقن يؤدي إلى انخفاض مستويات الدم وإصابته بالأنيميا، ما يجبر الأطباء على اللجوء إلى نقل الدم، لكن نقل الدم ليس الحل الأمثل، إذ قد يرهق المريض ويزيد من معاناته، رغم أن عمليات النقل الآن أكثر أمانًا كون أكياس الدم تخضع لفحوصات دقيقة في بنوك الدم المركزية والمستشفيات الكبرى، للحيلولة دون حدوث عدوى”.

ويضيف: “الأزمة الحالية تقتصر على نقص بعض أدوية فقر الدم وحقن “التشطيب”، في حين لا توجد أزمات حادة في المستلزمات الأخرى مثل المحاليل التي توفرها الدولة بشكل واسع، لكن مدى توفر الدواء قد يختلف من مستشفى لأخرى، ما يضطر بعض المرضى لشرائه من الخارج بأسعار مرتفعة”.

ويلفت مدير مركز الغسيل الكلوي إلى أن معظم مرضى الفشل الكلوي يطالبون منذ سنوات بإدراج مرضهم ضمن بطاقة الخدمات المتكاملة ومعاش “تكافل وكرامة”، باعتباره مرضًا مزمنًا لا شفاء منه، يساوي في أثره الإعاقات الدائمة، إلا أن هذا المطلب لم يُدرج تشريعيًا حتى الآن، رغم أنه سيوفر للمرضى مميزات اجتماعية وخدمية مهمة، مشيرًا إلى أن بدل المواصلات الذي حُكم به قضائيًا لمرضى الغسيل الكلوي يُصرف حاليًا بعد إجراءات طويلة، وبمبالغ قليلة لا تغطي التكلفة الفعلية، معتبرًا أن الحل يكمن في إعادة توزيع المرضى على المراكز الأقرب جغرافيًا لتخفيف العبء المالي والبدني عنهم.

ويبلغ عدد المراكز المدرجة تحت منظومة الغسيل الكلوي في مصر، 813 مركزًا على مستوى جميع أنحاء الجمهورية، وتضم المنظومة 18623 ماكينة غسيل كلوي بمعدل 2.7 مريض لكل ماكينة، طبقًا لتصريحات سابقة للدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، الأمر الذي يجعلها أعلى من المعدلات العالمية البالغة 4 مرضى لكل ماكينة، فيما بلغ إجمالي الإنفاق الحكومي على علاج مرضى الفشل الكلوي أكثر من 4.5 مليار جنيه في عام 2023، ويستفيد من الخدمة حوالي 59 ألف مريض سنويًا، يحتاج كل منهم لجلسات غسيل كلوي منتظمة (حوالي 13 جلسة شهريًا)، طبقًا لما أعلنه الدكتور أحمد سعفان رئيس قطاع الطب العلاجى بوزارة الصحة والسكان، وقتئذٍ.

 

نوصي للقراءة: نزيف الأدوية.. نقص الدولار يُهدّد صحة المصريين

أعباء جديدة على كاهل المرضى

بدوره يؤكد الدكتور أحمد مبروك الشيخ، استشاري أمراض الباطنة وزراعة الكلى وعضو مقرر لجنة الإعلام والنشر بنقابة الأطباء، أن أزمة نقص الأدوية تمثل التحدي الأكبر لمرضى الفشل الكلوي، موضحًا أن هناك نوعين من النواقص، الأول يتعلق بأدوية يمكن إيجاد بدائل لها، مثل أدوية “التشطيب” أو “التقفيل” التي تُعطى بعد جلسات الغسيل، أما النوع الثاني، والأخطر، فيتمثل في نقص حقن علاج الأنيميا، والتي تحتوي على مادة “الإريثروبيوتين”.

يقول لـ”زاوية ثالثة”: “هذه الحقن لا بديل لها سوى عمليات نقل الدم، والتي بدورها تحمل مخاطر ومضاعفات عديدة، بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي، إذ أن نقل الدم يرفع نسبة الهيموجلوبين بسرعة، إلا أن مفعوله قصير الأمد، كما أنه قد يؤدي إلى زيادة نسبة البوتاسيوم في الدم، واحتباس السوائل في الجسم، مما قد يسبب ما يُعرف بالمياه على الرئة، وهي حالة خطيرة”، مضيفًا أن عمليات نقل الدم تتم عادة أثناء جلسات الغسيل، وهو ما قد ترفضه بعض المراكز الخاصة، مما يضع المريض في مأزق حقيقي.

ويشير الشيخ إلى العبء المادي الذي يتحمله المرضى نتيجة الأزمة، إذ يبلغ سعر حقنة علاج الأنيميا محلية الصنع نحو 200 جنيه، فيما يصل سعر المستوردة إلى 600 جنيه، يحتاج المريض العادي إلى ثلاث حقن أسبوعيًا، مما يعني أن تكلفة العلاج الشهري قد تصل إلى 2400 جنيه، وهو مبلغ يفوق قدرة الكثيرين، خاصة وأن أغلب المرضى من كبار السن الذين يعتمدون على معاشاتهم التقاعدية.

ويؤكد عضو مجلس نقابة الأطباء صحة الأنباء التي تفيد بإجبار بعض المراكز للمرضى على توقيع إقرارات بعدم المطالبة ببدل الانتقالات، وذلك بعد صدور حكم قضائي في ديسمبر الماضي استبعد مرضى التأمين الصحي من استحقاق هذا البدل، وحول أسعار جلسات الغسيل للمرضى غير المشمولين بالتأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة، يوضح أن تكلفة الجلسة الواحدة في مراكز الكلى الخاصة تبلغ نحو 1000 جنيه، وأن المراكز الخاصة تضطر إلى تحميل مرضى التأمين الصحي والعلاج على نفقة الدولة، فرق التكلفة لضمان استمراريتها وتجنب الإغلاق.

ويشير الشيخ إلى أن مرضى الفشل الكلوي يخضعون لثلاث جلسات غسيل أسبوعيًا، وهو ما يعيق قدرتهم على العمل بشكل طبيعي، مما يزيد من معاناتهم، مشددًا على ضرورة حصول مرضى الفشل الكلوي على بطاقة الخدمات المتكاملة، التي تضمن لهم حقوقهم كأشخاص ذوي إعاقة، وتوفر لهم الدعم اللازم.

فيما يُرجع محمود فؤاد، رئيس جمعية الحق في الدواء، نقص أدوية الإريثروبيوتين في مصر، والضرورية لمواجهة الأنيميا الحادة التي تصيب مرضى الفشل الكلوي، إلى توقف الاستيراد أو وجود مشكلات في توريد الأدوية لهيئة الشراء الموحد، مما يضاعف معاناة المرضى ويهدد صحتهم بشكل مباشر.

يقول لـ”زاوية ثالثة”: “المشكلات لا تقتصر على نقص الأدوية، بل تمتد إلى صيانة أجهزة الغسيل والفلاتر، قبل سنوات حدثت واقعة شهيرة في إحدى مستشفيات كفر الشيخ، حين أصيب ثمانية مرضى بعدوى فيروس “سي” نتيجة إعادة استخدام الفلاتر من مريض لآخر، هذا الخطر كان سببًا رئيسيًا في تخصيص أجهزة للمصابين بفيروس “سي”، إلا أن القلق من انتقال العدوى بسبب الغسيل الكلوي، لا يزال قائمًا”.

ويوضح فؤاد أن جلسات الغسيل بحد ذاتها مرهقة للغاية، إذ يخضع المريض لها ثلاث مرات أسبوعيًا، تستغرق كل منها من ساعتين إلى ثلاث ساعات، ما يجعلها رحلة شاقة على المريض وأسرته، إلا أن نقص الأدوية، يزيد الأمر سوءًا، خاصة مع المسافات الطويلة التي يضطر المرضى لقطعها للوصول إلى مراكز الغسيل، لا سيما في القرى والمناطق النائية بالصعيد، لافتًا إلى أن هناك حكمًا قضائيًا صدر قبل نحو عشر سنوات يُلزم وزارة الصحة بصرف بدل انتقال لمرضى الفشل الكلوي، لكن المبالغ التي تصرف حاليًا أقل بكثير من التكلفة الفعلية، ما يضيف عبئًا جديدًا على كاهل المرضى، مُبينًا أنه تواصل مع هيئة الدواء المصرية، وتأكد بالفعل من وجود نقص شديد في أدوية فقر الدم، وهو ما يستدعي التدخل العاجل لتفادي تفاقم الأزمة.

 

من يتحكم في دواء المصريين؟ السوق السوداء تتصدر المشهد


تحرك برلماني

النائب البرلماني الدكتور فريدي البياضي قدّم سؤالًا عاجلًا لرئيس الوزراء ووزراء الصحة والمالية والتخطيط بشأن أزمة نقص الأدوية، منتقدًا تصريحات رئيس الحكومة التي حمّلت الأطباء مسؤولية الأزمة لكتابتهم أسماء تجارية بدلاً من الأسماء العلمية. 

ووجّه النائب للحكومة أسئلة حول خطتها لمواجهة الأزمة ومعالجة جذورها بدلًا من “البحث عن شماعات”، محذرًا من أن استمرار النقص يهدد الأمن الصحي القومي، ولا بد أن يُعالج بخطط واضحة وشفافة.

 يؤكد فريدي البياضي، لـ”زاوية ثالثة”، وجود عجز كبير في الأدوية داخل الأسواق المصرية، مشيراً إلى ما أعلنته غرفة صناعة الدواء في وقتٍ سابق بشأن نقص ما يقرب من ثلاثة آلاف صنف دوائي.

 ويرى البياضي أن هذه الأزمة تعود إلى عدة عوامل متشابكة، أبرزها سوء إدارة الملف الاقتصادي، وصعوبة تدبير العملة الصعبة اللازمة للاستيراد، إلى جانب سياسة التسعير الجبري غير العادلة التي تجبر بعض الشركات على التوقف عن إنتاج أصناف معينة لعدم جدوى استمرارها اقتصادياً.

فيما تعزي غرفة صناعة الدواء في اتحاد الصناعات المصرية، نقص بعض الأصناف الدوائية إلى أزمة نقص الدولار التي أثرت على استيراد المواد الخام اللازمة للإنتاج، مما دفع المصانع لتقليل طاقتها الإنتاجية.

ويضيف البياضي، في حديثه معنا، أن النقص قد يكون ناجمًا عن عجز في استيراد الأدوية كاملة الصنع أو في المواد الفعالة اللازمة لتصنيعها محليًا، وهو ما يؤدي إلى اختفاء أصناف وظهور أخرى بشكل متكرر، منتقدًا محاولة الحكومة إلقاء اللوم على الأطباء لاستخدامهم أسماء تجارية بعينها، مؤكداً أن هذا لا يمثل السبب الحقيقي وراء الأزمة.

ويشير النائب البرلماني إلى أن مديونية هيئة الشراء الموحد للشركات قد تكون سببًا في تعثر استيراد الأدوية بالقطاع الحكومي، غير أن الأزمة أوسع من ذلك وتمتد إلى الصيدليات الخاصة، التي تعتمد على شركات استيراد مستقلة لا علاقة لها بالهيئة. وشدد على أن الحكومة تتحمل المسؤولية الكاملة عن إدارة ملف الدواء وضمان توافره بشكل مستدام.

وقبل أيام أعلن أحمد كجوك، وزير المالية، عزمه صرف 7٫4 مليار جنيه نقداً خلال الأيام المقبلة من مستحقات مورِّدي الدواء، بالإضافة إلى إتاحة اعتمادات مستندية بقيمة نحو 7.3 مليار جنيه بالتعاون مع القطاع المصرفي، مُعلنًا عن 14٫7 مليار جنيه تسهيلات ائتمانية للمورِّدين، مع انتظام التدفقات النقدية الشهرية بالموازنة الحالية للعام المالى (2025-2026).

وأوضح الوزير، في بيان رسمي، أن الموازنة الحالية تشمل صرف 14 مليار جنيه لهيئة الشراء الموحد منذ بداية يوليو وحتى الآن، بينما بلغ إجمالي ما تم صرفه للهيئة خلال العام المالي الماضي 73.4 مليار جنيه .

ورغم الجهود الرسمية التي تعلنها الحكومة لتطوير منظومة الغسيل الكلوي وتوفير جلسات منتظمة لآلاف المرضى، فإن الشهادات الحية تكشف عن واقع أكثر قسوة، تتصدره أزمة نقص الأدوية وارتفاع تكاليف العلاج والتنقل، وحرمان المرضى من حقوق اجتماعية أساسية. وبينما يواجه مرضى الفشل الكلوي معركة يومية للبقاء، يظل الحل مرهونًا بتحرك عاجل يضمن وصول الدواء والمستلزمات بشكل عادل ومنتظم، وإقرار دعم مادي وخدماتي يتناسب مع طبيعة مرض مزمن يلتهم أعمارهم وأموالهم على حد سواء.

آية ياسر
صحافية وكاتبة وروائية مصرية حاصلة على بكالوريوس الإعلام- جامعة القاهرة.

Search