منذ انطلاق حرب غزة في السابع من أكتوبر الماضي، اشتدت الضربات الأمنية التي وجهت للمجال العام في مصر، إذ ألقي القبض على عدد من النشطاء، العمال، الناشطات النسويات، والطلاب، في محاولة أمنية للسيطرة على أي تحرك داعم للقضية الفلسطينية أو تحرك احتجاجي اجتماعي نتيجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
طلاب من أجل فلسطين في قبضة الأمن
فجر الخميس 9 مايو الجاري، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الطالبين زياد بسيوني – الطالب بالفرقة الثالثة بأكاديمية الفنون بالجيزة-، ومازن أحمد دراز – الطالب بكلية الطب بجامعة المنصورة-، وتم إخفائمها قسريًا لمدة أربعة أيام، قبل أن تقرر النيابة حبسهما 15 يومًا احتياطيًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1941 لسنة 2024 حصر تحقيق أمن دولة عليا، إذ وجهت النيابة لهما خلال التحقيقات، اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار وبيانات كاذبة.
جاء ذلك على خلفية إنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك باسم “طلاب من أجل فلسطين” وإصدار ثلاثة بيانات عن مساندة الطلاب الفلسطينيين للتعليم في مصر وإعفائهم من المصروفات الدراسية، وبيان آخر يندد باجتياح رفح الفلسطينية، وأيضا بيان عن أهمية المقاطعة ومطالبة وزارة التعليم بحظر المنتجات الداعمة للاحتلال- وفقًا لما ذكرته المفوضية المصرية للحقوق والحريات.
تعليقًا على القبض على الطالبين يقول السياسي والحقوقي مصطفى شوقي – أحد مؤسسي حركة مقاومة الطلابية- في حديثه إلى زاوية ثالثة، إن: “السلطة في هذه اللحظة تتعامل بارتباك شديد ناجم عن خوف مصدره أية احتجاجات شعبية حتى لو تضامنية مع القضية الفلسطينية، فالشعارات التي رفعت في الاحتجاجات التضامنية خلال الشهور الماضية والهتافات التي رددها المتظاهرون ارتبطت برفض النظام السياسي في نفس الوقت، وبالتالي انطلقت التظاهرات رافضة التفويض الذي دعا له رئيس الجمهورية كي يواجه الضغوط الخارجية لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، مطالبة السلطة المصرية بمواقف أكثر حسمًا فيما يخص وقف الحرب على فلسطين، ما شكّل حالة من الرعب لدى السلطة”.
يضيف أن النظام المصري بدأ بطشه الأمني بالقبض أو التضييق على متظاهرين أمام نقابة الصحفيين، ثم متظاهرات نسويات قمن بأكثر من فاعلية، فحاصرهم في مسيرتهم التي انطلقت في منطقة وسط البلد إلى اتحاد المرأة الفلسطينية، وفي الوقفة الثانية أمام مكتب الأمم المتحدة للمرأة ألقى القبض على نحو 18 منهن، من أجل ارسال رسالة مفادها “ليس هناك أي فرصة للاحتجاجات والحراك في الشارع المصري”.
يتابع “شوقي”: يظل لحراك الطلاب خصوصية شديدة تنبع من عدة عوامل، من ضمنها؛ وجود حالة واسعة من التضامن الطلابي العالمي مع القضية الفلسطينية خاصة في الجامعات الأمريكية والأوروبية، وهذه الحالة تدفع أي طالب وبخاصة لو كان مصريًا للتحرك من منطلق أنه لا يصح وغير معقول أن يتضامن مع الشعب الفلسطيني الطلاب الأوربيين والأمريكان، ويمنع الطلاب الذين يفصلهم خط حدودي فقط من التضامن مع غزة، مؤكدًا أن الحركة الطلابية المصرية كان لها تاريخًا طويلًا في دعم القضية الفلسطينية، ولكن النظام يخشى أن تنتقل حالة التضامن الطلابي العالمي إلى الجامعات المصرية، إذ أن السلطة لجأت إلى تأميم المجال العام داخل الجامعات. مشيرًا إلى أنه منذ العام 2014 تلقت القيادات الطلابية في الجامعات المصرية ضربات أمنية متتالية حتى تمكنت السلطة خلال عامي 2017/ 2018 من إحكام الحصار على الجامعات بشكل تام، وبالتالي “هذه السلطة لن تقرر التعامل مع أي تحرك طلابي بأي درجة من اللين، وإذا سُمح للطلاب بالحركة سيكون هناك بوادر حركة طلابية ومنها سنرى عودة التحركات داخل النقابات واحتجاجات النشطاء والسياسيين وهو ما لا تريده السلطة إطلاقًا”
في بيان لها طالبت لجنة الدفاع عن سجناء الرأي التي أُسست في الثامن من مايو الجاري داخل الحركة المدنية الديمقراطية، بإطلاق سراح الطالبين زياد بسيوني ومازن أحمد، مؤكدة أن السياسات الأمنية المستمرة لن تؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان.
اعتقال المتضامنين ومظاهرات بدعم النظام
تقول المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إنه على مدار الأشهر السبعة الماضية، حضر عدد من محاميها للدفاع في ثماني قضايا مختلفة أمام نيابة أمن الدولة العليا، أُدرج على ذمتها ما لا يقل عن 120 شخصًا على خلفية دعم فلسطين واتهموا بـ “الإرهاب”، منهم 90 شخصًا – بينهم طفلين اثنين على الأقل- مازالوا رهن الحبس الاحتياطي المفتوح حتى الآن.
من بين الوقائع التي أشارت إليها المؤسسة، القبض على خمسة شباب من منازلهم من قبل قوات الأمن بالإسكندرية يوم 30 أبريل الماضي، على خلفية نشاطهم ضمن اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقررت نيابة أمن الدولة حبسهم احتياطيًا على ذمة القضية رقم 1644 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا. وفي وقت سابق من الشهر نفسه، حققت نيابة أمن الدولة العليا مع ما لا يقل عن ستة مواطنين آخرين – بينهم طفلين- وأمرت بحبسهم احتياطيًا على ذمة القضية 952 لسنة 2024، على خلفية مجرد شروعهم في كتابة عبارات دعم لفلسطين أعلى كوبري دار السلام بالقاهرة.
وبحسب تقرير المبادرة فإن أولى قضايا داعمي فلسطين ظهرت في أكتوبر 2023، بعدما باشرت نيابة أمن الدولة العليا يومي 24 و25 أكتوبر التحقيق مع 28 متهمًا على الأقل، ألقي القبض عليهم من محيط ميدان التحرير عقب فض مظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة. وقررت النيابة التحفظ عليهم وفقًا للمادة 40 من قانون الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، دون إبلاغ ذويهم أو تمكينهم من إبلاغ محامين، بالمخالفة للقانون. وأدرجت النيابة المتهمين على ذمة القضية 2468 لسنة 2023، ووجهت إليهم نفس قائمة الاتهامات المذكورة.
وعُرض 14 مواطنًا سكندريًا، على نيابة أمن الدولة في القضية رقم 2469 لسنة 2023، لاتهامهم بمشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، ونشر أخبار كاذبة، والاشتراك في تجمهر. إلى جانب ذلك قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس 11 مواطنًا احتياطيًا على ذمة القضية 2635 لسنة 2023، بعدما ألقي القبض عليهم من محيط منطقتي الأزهر والموسكي، بعد التظاهرة التي أقيمت في محيط مسجد الأزهر دعمًا لفلسطين يوم 27 أكتوبر 2023. وقررت نيابة أمن الدولة حبس 11 مواطنًا احتياطيًا على ذمة القضية 2526 لسنة 2023 على خلفية نشرهم منشورات داعمة لفلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي. فضلًا عن 90 متهمًا لا يزالون محبوسين احتياطيًا على ذمة ست قضايا أمن دولة.
في المقابل، أخلي سبيل 30 آخرين على ذمة قضيتين: القضية الأولى رقم 1277 لسنة 2024، والمتهم على ذمتها 14 شخصًا ألقي القبض عليهم بشكل منفصل من منازلهم عقب اشتراكهم في وقفة داعمة لفلسطين على سلم نقابة الصحفيين في مطلع أبريل الماضي، وأخلي سبيلهم بعد أيام من صدور قرار نيابة أمن الدولة بحبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيقات. أما القضية الثانية، رقم 1567 لسنة 2024، فهي المعروفة إعلاميًا باسم قضية وقفة الأمم المتحدة، والتي ظهرت عقب قيام قوات الأمن بالقبض على 19 شخصًا أغلبهن باحثات ومحاميات وصحفيات وطالبات، اشتركن في وقفة نسوية أمام المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة بحي المعادي، للتضامن مع نساء فلسطين والسودان والمطالبة بوقف حرب الإبادة الدائرة في غزة. وقررت النيابة إخلاء سبيل المجموعة بكفالات مالية تراوحت بين خمسة وعشرة آلاف جنيه، بعد أكثر من 24 ساعة من الاحتجاز السري و اتهامهم بالانضمام لجماعة “غير قانونية” والاشتراك في تجمهر “غير مشروع”.
في الوقت نفسه، نشرت صحف ومواقع مصرية صورًا لتظاهرة في ميدان بمحافظة الشرقية -إحدى محافظات دلتا مصر- بدعوى تأييد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ودعم قضية فلسطين، ورفض فكرة التهجير الذي يواجهه الشعب الفلسطيني على يد جيش الاحتلال.
تعليقًا، يرى السياسي خالد داوود، أن النظام أخذ قرارًا بعدم التسامح أو التساهل مع أي شكل من أشكال الاحتجاجات والتضامن مع الشعب الفلسطيني، و على هذا الأساس اتخذت السلطة موقفًا حادًا تجاه تلك الاحتجاجات السلمية، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات الشعبية تقوى من موقف الحكومة المصرية في عمليات التفاوض، ولهذا كان يجب على الحكومة تفهمها، موضحًا أن المعارضة تؤيد الموقف الرسمي للدولة فيما يخص رفض التهجير ورفض الإبادة، لكنها أيضًا لا تقبل قمع المحتجين السلميين بهذه الطريقة.
وعن المظاهرات التي خرجت مؤخرًا لتأييد الرئيس ودعم فلسطين يقول: “غير مفهوم أن تسيطر الدولة على الاحتجاجات في الشارع المصري، في المقابل يتم صنع احتجاجات برعاية الجهات الأمنية المعنية”.
في السياق نفسه، ترى السياسية والنسوية إلهام عيداروس – وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية تحت التأسيس- أن التظاهرات المصنوعة لدعم السلطة المصرية التي انطلقت خلال الأيام الماضية ليست الأولى من نوعها، مذكرة بمظاهرات التفويض في أكتوبر الماضي.
وتوضح عيداروس أن النظام يحتاج إلى هذه الاحتجاجات المصنوعة لسببين الأول؛ من الناحية الشكلية أمام العالم الغربي، إذ أن كل دول العالم تتظاهر لدعم فلسطين، ومصر دولة الجوار بدون احتجاجات، ما دفع النظام لاصطناع احتجاجات لتحسين شكل مصر أمام دول العالم، أما السبب الثاني أن مصر كدولة وضعها الآن شائك تحتاج أن تقول للمجتمع الدولي وتل أبيب وحلفائها أن ما يفعله الاحتلال يضغط على السلطة وأنه غير مقبول لا على مستوى الدولة أو المجتمع.
تردف وكيل مؤسسي العيش الحرية أن السلطة تحتاج إلى الاحتجاجات الداعمة لفلسطين والرافضة للتهجير وممارسات الاحتلال، لكنها في الوقت نفسه تخشى من ترك الحراك التلقائي، لهذا تلجأ إلى الاحتجاج المصطنع، لكن العالم غير ساذج والفرق بين التلقائي والمصنوع واضح ومفهوم، وتقديم الاحتجاجات المصنوعة على انها تلقائية من الشعب لا يصدقها العالم في الخارج لأنهم يعلمون جيدًا أن النظام قمعي ولا يسمع بالاحتجاجات.
مكتسبات الحوار الوطني.. لا انفراجة ولا عفو
على خلفية الحوار الوطني الذي بدأ في مايو من العام الماضي، أطلق سراح عدد من النشطاء والسياسيين والحقوقيين قضوا سنوات تحت وطأة الحبس الاحتياطي، كما صدر عدد محدود من قرارات العفو الرئاسي عن آخرين، ومن أبرز الدوافع التي أجبرت القوى السياسية – تحديدًا الحركة المدنية الديمقراطية- للمشاركة في الحوار الوطني الإفراج عن سجناء الرأي وغلق ملف الحبس الاحتياطي، ومحاولة إعادة فتح المجال العام وعودة المشاركة السياسية، لكن تراجع السلطة عن تنفيذ تلك المطالب واستمرارها في نهجها من الملاحقات الأمنية وعدم السماح بأي منفذ في المجال العام، دفع القوى السياسية تباعًا لتجميد مشاركتهم في الحوار الوطني، فيما أصدرت الحركة المدنية الديمقراطية بيانًا أعلنت فيه عن أنها أنهت مشاركتها في الحوار الوطني بانتهاء جلساته قبيل انتخابات الرئاسة، وأن عودتها للجولة الثانية من الحوار الوطني مرهونًا بعدة مطالب على رأسها؛ الإفراج عن سجناء الرأي ومن ألقي القبض عليهم أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والمتضامنين مع فلسطين في مواجهة العدوان الإسرائيلي، إلى جانب التوقف عن سياسة إلقاء القبض على المواطنين بسبب التعبير السلمي، وغلق ملف الحبس الاحتياطي. وهو ما لم تستجب له السلطة لتبدأ الجولة الثانية دون القوى السياسية المعارضة.
تعليقًا، ترى السياسية والنسوية إلهام عيداروس أن: “أي تخفيف محدود للقيود أو حتى الحرص على مظهر ديمقراطي حدث وقت الحوار الوطني بالفعل تم التراجع عنه منذ زمن؛ إذ توقفت لجنة العفو عن دورها و اختفت قوائم العفو، والحوار الوطني نفسه كمساحة للتعبير وإشراك الجمهور حتى ولو للمشاهدة فقط أُبتذل، فالمرحلة الأولى كانت محبطة للغاية والمرحلة الثانية بدأت دون إشراك للجمهور أو إذاعة جلسات البث المباشر”. مشيرة إلى أن أي تغيرات طفيفة شهدها المجال العام على خلفية الحوار الوطني اختفت، وأي حراك يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثل تحركات العمال أو متعلق بالقضايا الديمقراطية والوطنية مثل القضية الفلسطينية، يتم وأده، لأن السلطة قائمة على القمع فقط، وتعلم أن سياساتها الاقتصادية صعبة وضاغطة على المصريين، والسياسات المتعلقة بالديمقراطية والحريات سياسات أمنية بحتة، فضلًا عن أن أزمة فلسطين محبطة لقطاع كبير من المواطنين، لذلك تخشى السلطة من أي حراك يتصاعد ويلزمها بتغيير سياساتها. في المقابل من الناحية الاقتصادية السلطة لا تريد التراجع عن سياساتها الاقتصادية بسبب ورطة الديون التي تسببت فيها.
البطشة الأمنية تطال العمال..فهل من تراجع؟
مع مطلع العام الجاري شهدت عدد من الشركات والمصانع في مصر احتجاجات عمالية، بدءًا من إضراب عمال غزل المحلة، وحتى الاحتجاجات التي قام بها العمال المؤقتون بشركات المياه في عدة محافظات. وعلى خلفية الاحتجاج العمالي الذي شهدته غزل المحلة، ألقي القبض على العاملين “وائل أبو زيد، ومحمد محمود طلبة”، وتم احتجازهما في مجمع “سجون العاشر من رمضان”، منذ تاريخ عرضهما على “نيابة أمن الدولة العليا”، في 10 مارس الماضي، على ذمة القضية رقم 717 لسنة 2024. ووجهت النيابة لهما تهم الانضمام إلى جماعة شُكِّلت على خلاف القانون، ونشر أخبار كاذبة. وبالتزامن مع استمرار حبسهم أصدرت إدارة الشركة إنذارات بالفصل لهما بدعوى التغيب عن العمل.
ورصدت “لجنة العدالة” التابعة لمؤسسة كوميتي فور جيستي (مؤسسة حقوقية غير حكومية مقرها جنيف) في نشرتها لملف العدالة العمالية عن الفترة (يناير وفبراير 2024)، أربعة إضرابات عمالية، وثلاث وقفات احتجاجية، واعتصامين، احتجاجًا على انتهاكات اقتصادية ومهنية، وكانت أغلب تلك الوقائع لعمال تابعين لشركات ومؤسسات القطاع الخاص؛ بواقع ست فعاليات، و واقعتين لعمال تابعين لشركات ومؤسسات تابعة لقطاع الأعمال العام، وواقعة لعمال في مؤسسة حكومية.
في هذا الصدد، تشير “عيداروس” إلى ما حدث مع عمال غزل المحلة الذين طالبوا بتطبيق الحد الأدنى للأجور أسوة بالقطاع الحكومي، هو نوع من ذبح الحراك العمالي، أقدمت عليه السلطة من منطلق فرض السيطرة والتحكم، فالدولة لا تريد المراقبة أو المتابعة أو المراجعة والمناقشة وبالتالي تتجه نحو ذبح أي حراك من البداية.
من جهته، يرى هشام فؤاد – الكاتب الصحفيّ الاشتراكيّ المتخصّص في شؤون العمّال-، أن للقبضة الأمنية تأثيرًا على تحركات العمال وقد تنجح في تأجيل بعضها وإجهاض البعض الآخر، لكنها ليست الطرف الوحيد في المعادلة فهناك عوامل كثيرة لها دور مهم؛ أهمها العامل الاقتصادي من زاوية قدرة الدولة في السيطرة على التضخم وكذلك الالتزام برفع الحد الأدنى للأجور.
يضيف: العمال الآن في حالة انتظار لما ستؤول إليه الأمور وهو ما سيتضح مع راتب شهر مايو الجاري وشهر يونيو المقبل، مشيرًا إلى أن عمال قطاع الأعمال من لم يستفيدوا من رفع الحد الأدنى للأجور، وينتظرون ترضية في صورة زيادة بدل التغذية على سبيل المثال، بينما ينتظر عمال القطاع الخاص تطبيق زيادة الحد الأدنى وبعضهم يعملون لدى رجال أعمال رفضوا تطبيق الزيادة قبل الأخيرة والتي كانت 3500 جنيه، فضلًا عن أن القرار فتح باب الاستثناءات أمام رجال الأعمال للتهرب من تنفيذه.
ويؤكد “فؤاد” أن عدم استقرار الوضع لأسباب سياسية واقتصادية وإقليمية، وبالتالي فإن العودة إلى الوراء والسيطرة التامة عبر الأمن لم يعد ممكنًا، ولكننا لا نسير في خط صاعد، لذا لا أرى أننا سنعود إلى مرحلة الصمت التام، فالظروف لن تستقر لأن النظام المصري يواصل العمل بنفس السياسات، مختتمًا أن الانتخابات الرئاسية وبخاصة تجربة أحمد الطنطاوي الذي تعرض إلى التضييق ما أجبره على الانسحاب، والتضامن الواسع مع الشعب الفلسطيني، أثبتا أن هناك أجيالًا راغبة في التغيير، كما أن العمال والمهنيين والفئات الاجتماعية محتقنة والأوضاع المعيشية لن تتحسن، لأن السلطة تتبع نفس السياسات المنحازة للأغنياء والمعادية للفقراء.
التنظيمات النقابية لم تسلم من التضيق
على عكس ما ينص عليه الدستور المصري بالحق في التنظيم، تتعرض نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس للاستهداف، إذ وجدت نفسها مضطرة لمواجهة إيقاف نشاطها من وزارة العمل؛ ما يعرقل قدرتها على تنفيذ التزاماتها المالية تجاه أعضائها، بما في ذلك صرف رواتب العاملين وتأمين مقر النقابة ومرافقه، إضافة إلى ذلك، تم خصم جزء من رواتب العاملين لشهر فبراير 2024 كقيمة للاشتراك الشهري المستحق للنقابة، دون توجيه تلك الأموال إلى حساب النقابة حتى الآن.
ويرى كرم عبد الحليم - رئيس نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس-، أن قرار المشاركة في الحوار الوطني كان على أمل فتح مساحة للحريات والتعبير عن الرأي بينها الحريات النقابية، وعلى أمل أيضًا أن تستمع الدولة والقائمين عليها إلى فصيل كبير من الشعب، وهم العمال الذين لديهم مطالب من الممكن أن تحل عن طريق المفاوضات، موضحًا أن ما حدث عكس التوقعات، إذ استمرت السلطة في السير قدمًا نحو نهجها وسياستها المتبعة منذ سنوات؛ منها اعتقال عمال غزل المحلة، والتضييق عليهم، وعلى الحريات النقابة وترهيب النقابيين، وغلق نقابة العاملين بأندية قناة السويس من قبل وزارة القوى العاملة بالاتفاق مع صاحب العمل في أندية قناة السويس. متسائلًا: لماذا دعت الدولة للحوار إذا كانت تريد الاستمرار في سياسة التضييق والتنكيل بالعمال وترهيبهم وغلق النقابات.
وانتقد 24 حزبًا وكيانًا عماليًا، الحملة التي تشنها وزارة العمل والأجهزة التنفيذية، ووصفوها بغير القانونية تستهدف تصفية نقابة العاملين بأندية قناة السويس، والتعدي على سلطة جمعيتها العمومية وسلب حق عمالها في التنظيم واختيار من يمثلهم بالمخالفة للدستور، وفق بيان نشره اتحاد تضامن النقابات العمالية على صفحته.