سيناء: التغريب أو الاعتقال

العمليات العسكرية أدت إلى نزوح ما يقرب من 150 ألف سيناوي إلى مدن مختلفة في داخل سيناء

محمد سلمان 

مراسل زاوية ثالثة من سيناء

في 23 أكتوبر الماضي، تجمّع مئات من سكان محافظة شمال سيناء من أبناء قبيلتَي الرُميلات والسّواركة. عند قريتَي “الحسينات” و”المهدية” القريبتين من مدينة رفح المصرية الحدودية، وقرية “الزوارعة” القريبة من مدينة الشيخ زويد -شمال شرقي سيناء-؛ للمطالبة بحقّهم في العودة إلى أراضيهم التي هُجرّوا منها قسرًا تحت ذريعة محاربة الإرهاب. كان ذلك في موجّة تهجير قسرية بدأت بجدية منذ عام 2013 واستمرت حتى منتصف عام 2016، إلى جانب ثماني قرى في محيط الشيخ زويد (التي يبلغ سكانها ما يزيد عن 59 ألف نسمة حسب إحصائيات رسمية للعام 2017).

قوبلت احتجاجات المُهجّرين وقتئذٍ -الذين تظاهروا احتجاجًا على عدم تنفيذ وعود السُلطة بعودتهم إلى قُراهم في مدة أقصاها 20 أكتوبر من عام 2023- بعنف من قوات الأمن، واعتقلت تسعة منهم، في مقر كتيبة “الساحة”، أكبر معسكر للجيش داخل رفح. وفي صباح اليوم التالي، كتب الشيخ صابر الصياح الرميلات -أحد أبرز الرموز القبلية في شمال سيناء وقائد اعتصام أغسطس 2023-، منشورًا عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أفاد فيه بمحاولة اعتقاله مرتين بناء على تعليمات من قائد الجيش الثاني الميداني. وفي اليوم التالي اعتقل العشرات من المشاركين من قبل قوات كمين “الشلاق”، القريب من مدخل مدينة الشيخ زويد. الأمر الذي عزز من غضب أبناء القبائل، فيما أدانت منظمات حقوقية الواقعة. 

قالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير -منظمة حقوقية غير حكومية- في بيان لها، إن “الانتهاكات تعكس استمرار سياسة الحكومة المصرية القائمة على العصف بإرادة سكان سيناء وقمعهم، وتقويض حقهم الدستوري في التجمع السِلمي والمطالبة بحقوقهم، وعدم الاكتراث لمعالجة أخطاء الماضي أو مناقشة وتدارك آثارها الجسيمة على السكان”.

كيف بدأ التهجير؟

حسب مؤسسة حرية الفكر والتعبير، فقد أصدر إبراهيم محلب -رئيس حكومة القاهرة حينئذٍ- مرسومًا في أكتوبر 2014، يقضي بإخلاء وعزل منطقة تمتد قرابة خمسة كيلومترات داخل شمال سيناء على طول الحدود مع غزة بطول 13 كيلومتر، ونحو 79 كيلومتر مربع من الأراضي في سيناء، تشمل معظم مدينة رفح. على أن يُعوّض الأهالي تعويضًا عادلًا، حسب القرار المنشور بالجريدة الرسمية، في 4 مواد برقم 1957 لسنة 2014.

لكنّ رغم مرور سنوات على المرسوم، إلا أن آلاف من الأسر لم تتلق أية تعويضات، فضلًا عن أن قيمتها ظلت محل اعتراض مستمر من باقي الأهالي. وحسب أحمد سالم مدير مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، فإن الحكومة قدّرت التعويضات للمباني الخرسانية بـ 1200 جنيه للمتر المربع الواحد، و600 جنيه للمباني غير الخرسانية.

في الشهر التالي من العام نفسه، صدر القرار الرئاسي رقم 444 لسنة 2014، الذي خصص خمسة كيلومترات من الأرض داخل مدينة رفح كمنطقة حدودية محظورة، على طول الحدود مع قطاع غزة، بدعوى مواجهة تهديد أنفاق التهريب. ومن ثم، تم هدم آلاف المنازل في منطقة مأهولة، لتخصيص منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة، ودُمرت أحياءً بأكملها ومئات الأفدنة الزراعية. ثم صدر قرار رئاسي آخر في عام 2021، يحمل رقم 420 لسنة 2021، ونص على تحديد قرابة ثلاثة آلاف كيلو متر مربع من الأراضي في شمال شرق سيناء، كـمناطق حدودية تخضع لقيود صارمة. ليشمل قرى وتجمعات سكنية ومدناً رئيسية ما زالت تضم آلاف السكان، ضمن المناطق المحظورة.

مخاوف أبناء القبائل

حسب عدد من أبناء القبائل التابعة لمدينتي الشيخ زويد ورفح، تحدثوا مع “زاوية ثالثة”، فإن لديهم تخوفات قديمة، زادتها الحرب الدائرة في غزة منذ يوم السابع من أكتوبر الماضي، من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. يقولون إن الهواجس لديهم بقدوم النازحين الفلسطينيين إلى أراضيهم ومنازلهم المدمرة في مدينة رفح، أو رفح الجديدة القريبة على الحدود مع قطاع غزة، دفعتهم إلى الاستعداد والتوجه إلى مدينة رفح مساء ذلك اليوم. يقصدون 23 أكتوبر الماضي.

وزادت المخاوف بعد أن أعيد مقترح أن تكون سيناء وطنًا بديلًا لأهل غزة، تأكيدًا لما تداوله بعض من مسؤولي الاحتلال وباحثين على مدار عقود. ففي عام 2000، نشر مركز بيجن (السادات للدراسات الاستراتيجية)، مشروعًا قدمه اللواء الإسرائيلي جيورا أيلاند -ترأس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي-، باسم “البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين“، يستند فيه إلى افتراض أن حل القضية الفلسطينية مسؤولية مشتركة بين 22 دولة عربية وسلطة الاحتلال الإسرائيلي. وحسب مشروعه فيفترض أن تقدم القاهرة تنازلًا عن 720 كيلومترًا مربعًا من أراضي سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المُقترحة.

وتتألّف الأراضي المقترحة من مستطيل يبلغ طول ضلعه الأوّل 24 كيلومترًا، يمتدّ على طول الساحل من مدينة رفح إلى حدود مدينة العريش في سيناء، والضلع الثاني طوله 30 كيلومترًا من غرب معبر كرم أبو سالم. يمتدّ جنوبًا بالتوازي مع الحدود المصريّة/ الفلسطينيّة المحتلّة؛ على أن تعادل المساحة المقترحة نحو 360 كيلومترًا مربّعًا؛ ما يعني ضعف مساحة غزّة. في المقابل، يتنازل الفلسطينيّون عن نفس المساحة المقترحة في سيناء من مساحة الضفّة الغربيّة وتضمينها لسلطة الاحتلال. في حين تحصل القاهرة جرّاء الاتّفاق على مزايا اقتصاديّة ضخمة، وتمنح تنازلًا من قبل سلطة تلّ أبيب لـمساحة مماثلة في منطقة وادي فيران، جنوب غربيّ صحراء النقب.

تجدّدت المقترحات ثانية في عام 2020، مع دخول الولايات المتّحدة الأمريكيّة بقوّة في المفاوضات، صحبة تحالف إقليميّ من دول خليجيّة عربيّة، فيما يعرف بـ “صفقة القرن”، وتضمّن تنازل مصر عن أراض في سيناء لإقامة مطارات ومصانع ومراكز تجاريّة ومشاريع زراعيّة وصناعيّة تسهم في توفير فرص عمل لمئات آلاف الأشخاص، وتأسيس دولة فلسطينيّة في المنطقة، شرط أن تتخلّص من السلاح.

لفت أبناء القبائل في حديثهم معنا إلى أن تجمع المئات من الأهالي بمنطقة “مربعة الفول” القريبة من مدينة رفح الحدودية على ساحل البحر أدى إلى مناوشات بينهم وبين قوات الجيش المصري التي اعترضت مسيرتهم باتجاه مدينة رفح؛ على الرغم من أنهم رافقوا مشايخ قبائل كانوا على اتصال وتعاون مع قوات الأمن المصري التي كانت قد وعدتهم بدخول رفح بعد اعتصامهم، في أغسطس الماضي. لكنّهم لم يلتزموا بالاتفاق؛ ما أدى إلى تحديد يوم التظاهرات -23 أكتوبر 2023- لعودة المُهجّرين، دون تواصلهم مع المسؤولين الأمنيين.

وعلى خلفية هذه الأحداث، ذكرت لنا مصادر قبليّة، أن الجيش المصري اعتقل المتحدث باسم المُهجّرين من قرى مركز رفح بشمال شرق سيناء، الشيخ صابر الصياح، ونُقل إلى مقر عسكري من دون حجة قانونية أو أمر اعتقال، بعد عدة محاولات فاشلة، لاختطافه من منزله بمدينة العريش. وبيّنت أن من بين المعتقلين يوسف الصياح، نجل صابر الصياح، وكذلك 51 مواطنًا طالبوا بالعودة إلى ديارهم، وحُوِّلُوا إلى النيابة العسكرية على ذمة القضية العسكرية رقم 80 لسنة 2023، على خلفية تظاهرات “حق العودة”.

ويُعد الشيخ صابر الصياح، الشهير باسم “أبو يوسف الشامي”، أحد وجهاء مدينة رفح، من أبناء قبيلة الرميلات عشيرة  “الشراطيين”، وهو أول من دعا الأهالي للعودة، مؤكدًا أن مناطقهم جنوب رفح آمنة تمامًا. وحسبما ذكر الشيخ عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فإن “مساحة الأراضي الخاصة بعشيرته في مدينة رفح تمتد من موقع مدرسة المهدية إلى قصر أبو سنجر غربًا، حتى حدود فلسطين من جهة الشرق، ومن قصر أبو عجاج إلى قصر أبو سنجر شمالًا، وإلى قوز العطار جنوبًا التي يسكنها كل من عشيرة المنايعة، والجهيمات، والشلالفة، والخرافين، و أبو فريح، ما يوازي تقريبًا 11 كيلومتر مربع أو ما يزيد عن 2500 فدان. مؤكدًا أن جميع تلك الأراضي آمنة تمامًا.

وبعد إخفائه قسريًا منذ اعتقاله في 27 ديسمبر الماضي، ظهر “الصياح” في المحكمة العسكرية بالإسماعيلية -إحدى المدن المشاطئة لقناة السويس- في يناير الماضي، على ذمة القضية رقم 80 لسنة 2023 جنايات عسكرية بتهم التجمهر، واستعراض القوة، وتخريب سيارات عسكرية.

كيف تعاونت القبائل مع السلطة؟

منذ عام 2014، تعاونت بعض قبائل سيناء مع السلطة؛ بعد أن تعرّض سكّان المحافظة إلى هجمات عديدة من قبل التنظيمات الإرهابيّة الّتي حاولت استغلال الظروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة الصعبة الّتي كان يعيشها أهالي سيناء، فما كان منهم إلّا أن وافقوا على تنفيذ قرارات الحكومة بالنزوح من أماكنهم “مؤقّتًا”، لمحاربة الإرهاب. واصطفّت قبائل سيناء إلى جانب القوّات الأمنيّة والعسكريّة في التصدّي للعناصر الإرهابيّة، عبر المواجهات العسكريّة الّتي أسهمت في نجاحها.

وفي اتفاق عُقد في عام 2021 ما بين الاستخبارات الحربية وأبناء المناطق والقرى المهجّرة، سُمح لهؤلاء بالعودة إلى القرى التي نزحوا منها، في نطاق مدينتَي الشيخ زويد ورفح، في خارج المنطقة العازلة مع قطاع غزة، وذلك في حال عاونوا قوات الجيش لمواجهة عناصر تنظيم ولاية سيناء وتطهير المنطقة من الإرهابيين، الأمر الذي أودى بحياة عشرات من أبناء القبائل وإصابة أعداد أخرى منهم.

وعلى الرغم من رضوخ الأهالي لخطة التهجير “المؤقتة”، ما زالت السلطات المصرية تتجاهل مطالبهم المشروعة بالعودة إلى أراضيهم مع أنّ المسؤولين يكرّرون وعودهم لهم بالعودة. وأكدت مصادر قبلية أنّه “بدعوى مكافحة الإرهاب، ارتكبت قوات الجيش المصري في خلال العقد الماضي جرائم جسيمة في حقّ السكان المدنيين في شمال سيناء، في انتهاك واضح للقانون الدولي لحقوق الإنسان”. وأشارت المصادر إلى أنّ ذلك شمل هدم آلاف المنازل والمباني وتجريف عشرات آلاف من الأفدنة الزراعية في مدن رفح والشيخ زويد والعريش.

قال الشيخ إسماعيل أبو حسان -من أبناء قبيلة الأرميلات/ الرميلات برفح- في حديثه مع “زاوية ثالثة” إن العمليات العسكرية أدت إلى نزوح ما يقرب من 150 ألف سيناوي إلى مدن مختلفة في داخل سيناء، أو إلى محافظات أخرى من بينها الإسماعيلية والشرقية والبحيرة، فضلاً عن هدم مدينة رفح بالكامل، علمًا بأنّها تتعرّض لحملات الهدم والتهجير القسري المستمرّة منذ نهاية 2013. حسب وصفه.

أضاف، إن المهجّرين الذين وُعدوا بالعودة، قرروا العودة إلى منازلهم بعد فشل كل المحاولات والاتصالات في إقناعهم بتأجيل عودتهم إلى ديارهم مرة أخرى إلى ما بعد انتهاء الحرب على قطاع غزة.

ونظرت نيابة أمن الدولة العليا في يوم 31 يناير الماضي، تجديد حبس عشرة من أبناء سيناء لمدة 30 يومًا على ذمة القضية العسكرية رقم 80 لسنة 2023، وهم: فهد سمير محمد سليمان، حسين زارع سالم مطلق، حريب غانم عوض مطلق، حسن زارع سالم مطلق، أحمد عوض مطلق، حسام عبدالقادر إسماعيل، عبدالرحمن سلامة عودة، وليد معيوف سليمان، موسى سلام سليمان عودة، سامي أحمد عوض مطلق.

فيما نظرت نيابة أمن الدولة العليا في الرابع من فبراير 2024، تجديد حبس 20 من المتهمين في القضية رقم 1973 حصر أمن دولة عليا لسنة 2023 لمدة 15 يومًا وهم: حسين شيد أبو منونه، أحمد سعيد محسن سعد، توفيق عودة إبراهيم راشد، راشيد سويلم، نور رمضان محمد سويلم، يوسف محمد سلام عوده البطين، إبراهيم علي غانم إسليم، إبراهيم عيد محمد عودة، سعد أحمد سلام إحميد سعيد، وفايز علي محمود نصار، محمد جبر ديبان جبر سعيد، محمود سعيد سمري صبيح، معاذ علي شحته ضيف الله، حسين علي حسن دبل، إسماعيل إبراهيم نصر الله عيد عواد، منصور عبد البديع عبد الونيس منصور، أسامة إبراهيم نصر الله عيد، حسين رمضان إمبابي، إسلام البيلي عوض البيلي، محمود عبده محمود نصر الله، أحمد محمد سليم مسلم.

غير أن المحكمة العسكرية بالإسماعيلية جددت حبس 22 من أبناء سيناء لمدة 30 يومًا على ذمة القضية رقم 80 لسنة 2023 وهم: صابر حماد حامد سلامة، خالد عيسى سالم سلامة، حسن صابر حسن عطية ،سيف عبدالرحمن سليمان حماد، محمد عبدالله عيد عواد، محمد خالد عيد جمعة، ابراهيم سامي سلامة سِلمي، عمر إبراهيم سلامة حسن، محمد عطية عودة عايش، مجدي فرحان عودة، عاطف عودة مسلم سمري، عبدالله عايش محمود سلام، حمدي كمال محمد فريج، حمد مهدي محمد سليمان، عاطف عطية سِلمي، مسعد عودة منصور عودة الله، فايز مضيف سعيد، يونس يوسف محمد سلام، بلال مسعد اسليم سلام، عماد إبراهيم عودة، على سليمان مبارك، أحمد السيد حمدي.

ودعا أهالي المعتقلين من أبناء قبيلتي الأرميلات والسواركة رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني والشيخ عبد المجيد المنيعي -أحد رموز ووجهاء قبيلة السواركة- والشيخ عيسى الخرافين -البرلماني السابق وأحد رموز قبيلة الأرميلات-، والنائب سالم أبو مرحيل -عضو مجلس الشيوخ عن مدينة رفح-، والنائب إبراهيم أبو شعيره -عضو مجلس النواب عن مدينة الشيخ زويد-، بالتدخل لدى الأجهزة الأمنية والسلطات المصرية للإفراج عن أبنائهم المحبوسين على خلفية المطالبة بحق العودة. ويضعونهم حسب وصف الأهالي الذين تحدثنا معهم في مواجهة مع السلطة، لإيجاد سبيل للخروج من الأزمة.

في السياق نفسه، قال الشيخ سليمان أرميلات في مقابلته مع “زاوية ثالثة” إن الأهالي الذين اُعْتُقِلُوا ووجهت لهم النيابة اتهامات تتعلق بالتجمهر واستعراض القوة والتخريب، “لم يرفعوا السلاح ولم يشتبكوا مع قوات الجيش، وأن تظاهراتهم كانت سلمية تمامًا، وليس كما أشيع”. فيما أكد أحمد أبو سامي السواركة، أن أحلام العودة لن تتوقف، و “لن ينسى الأهالي موطنهم في ربوع رفح والشيخ زويد مهما كانت النهايات، ومهما مارست السلطة من جبروت”، مشيرًا إلى أن أهالي رفح والشيخ زويد، عانوا طويلا من ويلات الظلم والتهجير على مدى نحو 13 عامًا وحتى الآن.

وحسب منظمة هيومان رايتس ووتش دمّرت قوات الجيش ما بين عاميّ 2013 و 2020، ما لا يقل عن 12.350 مبنى (منها 3500 مبنى في العريش في عام 2018 فقط)؛ معظمها منازل. كما جرّف الجيش ومنع الوصول إلى ما لا يقل عن 14.300 فدانًا من الأراضي الزراعية، معظمها منذ منتصف عام 2016. 

حسب المنظّمة، لم تقدّم السلطة في القاهرة تبريرًا قويًّا بشأن أهمّيّة هدم المنازل وتجريف الزراعات في مواجهة عمليّات محاربة إرهاب جماعة “ولاية سيناء” المسلّحة. ونتج عن العمليّات تهجير ما يقارب نحو 100 ألف من أبناء القبائل إلى محافظات أخرى، أو إلى مدن القناة ومدينة العريش. فيما أشارت مؤسّسة سيناء لحقوق الإنسان، إلى قائمة مسربة تتضمّن 10.468 أسرة (حوالي 41 ألف فرد) نزحت من رفح والشيخ زويد حتّى أكتوبر 2018، وبقيت داخل سيناء، معظمها في العريش وبئر العبد، ولا يجد أغلبهم مساكن بديلة، ولم يتلقّ غالبيّتهم تعويضات عادلة.

وفي الوقت الّذي يعاني فيه أبناء القبائل من عدم تمكّنهم من العودة إلى أراضيهم، تتصاعد الأخبار المشيرة إلى أنّ احتماليّة أن تكون ممتلكاتهم وطنًا بديلًا للغزيّين قريبة، خاصّة مع دفع سلطة الاحتلال الإسرائيليّ وبعض من الحكومات الغربيّة الموالية حكومة القاهرة، نحو تنفيذ المخطّط، عبر إجبار أكثر من 1.2 مليون غزيّ للنزوح على الحدود المصريّة الفلسطينيّة في مدينة رفح، في الوقت الّذي تتحدّث فيه تلّ أبيب عن اجتياح برّيّ وشيك لمدينة رفح الفلسطينيّة؛ ما يوحي لأبناء سيناء أنّ أراضيهم لن تعود، وأنّ حلم العودة صار من المستحيلات؛ لكنّهم يتمسّكون بالمقاومة، حسب وصفهم.

محمد سلمان 
صحفي ومراسل زاوية ثالثة من سيناء

Search