على مدار الأيام الماضية أطلق سياسيون وحقوقيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، دعت إلى إخلاء سبيل الناشط السياسي والمدون والمبرمج علاء عبدالفتاح، لانقضاء مدة سجنه المقررة بخمس سنوات، على ذمة القضية 1228 لسنة 2021، بحلول الـ29 من سبتمبر المنقضي، ولاقت الحملة تعاطفًا وتضامنًا واسعًا بين مستخدمي مواقع التواصل.
تبددت آمال أسرة علاء، البالغ من العمر ٤٢ عامًا، والذي سبق أن أمضى سبع سنوات في السجن منذ عام 2013، حين ألقي القبض عليه وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات لاتهامات تتعلق بالتظاهر من دون ترخيص، وأفرج عنه بعد انتهاء فترة العقوبة في عام 2019؛ إلا أن السلطات الأمنية اعتقلته مجددًا بعد مرور بضعة أشهر وأمرت النيابة العامة بسجنه في الحبس الاحتياطي، ثم قضت محكمة جنح أمن الدولة، في ديسمبر عام 2021، بسجنه خمس سنوات، بتهمة نشر أخبار كاذبة؛ إذ كانت تأمل الإفراج عنه لانتهاء مدة الحكم عليه، بعدم احتساب مدة الحبس الاحتياطي، ليصبح مضطرًا لقضاء أكثر من عامين إضافيين في السجن.
وأعلن المحامي الحقوقي والمرشح الرئاسي السابق، خالد علي، أن النائب العام رفض طلب ضم مدة الحبس الاحتياطي السابقة للناشط علاء عبدالفتاح، إلى التصديق على الحكم، مؤكدًا أن علاء سيظل في محبسه حتى 3 يناير من عام 2027.
وفي تدوينة له عبر حسابه على “فيسبوك”، أمس الإثنين، قال خالد علي، إن علاء كان من المفترض أن يخرج من السجن اليوم بعد أن قضى خمس سنوات بالحبس. مضيفًا: “وجدنا أوراق التنفيذ تحسب المدة من تاريخ التصديق على الحكم الصادر عليه في 3 يناير عام 2022، وليس من تاريخ القبض عليه في 29 سبتمبر عام 2019، تقدمنا بطلب للنائب العام لضم مدة حبسه الاحتياطى السابقة على التصديق على الحكم، إلا أن النائب العام رفض الطلب، ومعنى ذلك أن علاء سيظل قيد السجن حتى 3 يناير 2027”.
معلقًا، يقول المحامي الحقوقي في حديثه مع زاوية ثالثة: “عندما استخرجنا منذ أيام شهادة بمدة التنفيذ فوجئنا أن حساب بدء تنفيذ العقوبة كتب بها من تاريخ التصديق على الحكم في 3 يناير 2022، وتم إسقاط المدة السابقة على التصديق على الحكم وهى من 29 سبتمبر 2019 حتى 2 يناير 2022 أسقطوها من حساب مدة عقوبته المنفذة بهذا الحكم، بزعم أنها كانت على ذمة تحقيقات الجناية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، وأن تلك الجناية لم يتم التصرف فيها؛ إذ أن النيابة لم تقرر حفظها أو إحالتها للمحكمة”.
ويوضح أن القانون لم يتم تنفيذه على نحو صحيح في حالة علاء عبد الفتاح؛ إذ تنص المادة 482 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: “مدة العقوبة المقيدة للحرية تبدأ من يوم القبض على المحكوم عليه بناء على الحكم الواجب التنفيذ، مع مراعاة إنقاصها بمقدار مدد الحبس الاحتياطي ومدة القبض”. وتنص المادة 484 من قانون الإجراءات الجنائية على أن “يكون استنزال مدة الحبس الاحتياطي عند تعدد العقوبات المقيدة للحرية المحكوم بها على المتهم من العقوبة الأخف”. حسب خالد علي.
ويؤكد المحامي الحقوقي، أنه لم يسبق له أن رأى حالة طبقت معها الإجراءات التي تمت مع علاء عبد الفتاح، كما أنها ليست حالة إعادة تدوير على ذمة قضايا جديدة؛ لم يصدر ضد علاء أى حكم قضائي آخر حتى الآن، ولم تتم إحالته إلى أي محاكمة أخري، مشيرًا إلى أن سناء سيف، شقيقة علاء، كانت فى نفس الوضع القانوني؛ إذ ألقي القبض عليها واتهمت بنفس التهم، وهي إنضمام ونشر وإساءة استخدام وسائل التواصل، وسُلخ منها جرائم النشر وتمت محاكمتها عليها فى جنحة وصدر ضدها حكم، وقامت بتنفيذه وتم إطلاق سراحها، واحتسبت مدة العقوبة من تاريخ القبض عليها وليس من تاريخ صدور الحكم، رغم أن الجناية مازالت قيد التحقيق ولم يتم التصرف فيها.
نوصي للقراءة: نريد ذوينا أحرارًا: مبادرة أسر السجناء السياسيين في مصر
إسقاط مدة الحبس الاحتياطي
تتهم أسرة علاء عبد الفتاح، السلطات المصرية برفض الإفراج عنه رغم انقضاء مدة عقوبته كاملة، وكانت شقيقته منى سيف، قد أعلنت في مقطع فيديو بثته على وسائل التواصل الاجتماعي، في 29 سبتمبر، أن أسرتها استعلمت لدى مصلحة السجون عن موعد خروج شقيقها من السجن فتم إبلاغهم أنه سيكون في شهر يناير عام 2027، أي بعد عامين وثلاث شهور، وأنهم تقدموا بطلب إلى النائب العام المصري باحتساب أول عامين أمضاهما علاء في الحبس الاحتياطي ضمن مدة العقوبة وإطلاق سراحه، إلا أنه رفض الطلب؛ ما يعني قضاء مدة سبع سنوات وثلاثة أشهر في السجن بدلًا من خمسة، معتبرة أن ذلك انتهاك للقانون؛ حيث أسقطت من المدة فترات الحبس الاحتياطي وإجراءات المحاكمة والفترة بين النطق بالحكم والتصديق عليه.
وقالت “سيف” إن الدولة المصرية بكل مؤسساتها قررت أن تضيف إلى سلسلة الجرائم التي ارتكبتها بحق شقيقها جريمة جديدة، وهي عدم إخلاء سبيله رغم انقضاء مدة الحكم الظالم عليه، واستمرار التنكيل به وحبسه إلى أمد غير معلوم، مبينة أنه كان قد سلم نفسه في يوم سبتمبر عام 2019 لقضاء فترة المراقبة اليومية، لكن تم التحفظ عليه ولم يخرج في الصباح، وعرض على نيابة أمن الدولة التي لاحقته بعدة تهم؛ من بينها نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية، وظل محبوسًا احتياطيًا مدة سنتين وشهرين، كانت النيابة تحقق في الاتهامات الموجهة إليه، قبل أن تحيله لنيابة أمن الدولة العليا طوارئ والتي حققت معه في تهم نشر أخبار كاذبة ثم إحالته لمحكمة جنح أمن الدولة طوارئ، وهي محكمة استثنائية لا توجد بها درجات تقاضي كـ النقض والاستئناف على الحكم، لتقضي المحكمة، في 20 ديسمبر عام 2021، بسجنه خمس سنوات.
أعلنت ليلى سويف – الأستاذة الجامعية والناشطة السياسية في مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدني، ووالدة علاء عبدالفتاح-، الأحد، دخولها في إضراب مفتوح عن الطعام لحين الإفراج عن ابنها الذي تعتبره مختطفًا لدى السلطات المصرية، لانقضاء مدة عقوبته التي نص عليها الحكم القضائي، ومتهمة السلطات البريطانية بالتواطئ مع نظيرتها المصرية، لكون علاء مزدوج الجنسية؛ إذ حصل على الجنسية البريطانية، بينما كان في السجن في العام 2022.
وقالت سويف في بيان لها نشرته عبر حسابها الشخصي على “فيسبوك”: “ابني علاء عبد الفتاح لم يتم الافراج عنه يوم 29 سبتمبر 2024 بعد أن أمضى خمس سنوات سجينًا، وهي العقوبة التي حكم عليه بها. الموقف الرسمي للسلطات المصرية الآن هو أن تاريخ الافراج عن علاء سيكون 3 يناير 2027، بعد خمس سنوات من تاريخ التصديق على الحكم عليه، وليس بعد خمس سنوات من تاريخ القبض عليه”.
وأضافت: “من اليوم 30 سبتمبر 2024، أنا اعتبر علاء مخطوف ومحتجز خارج نطاق القانون، من اليوم أعلن إضرابي عن الطعام كليًا حتى يتم الإفراج عن علاء، احتجاجًا على جريمة السلطات المصرية في حق ابني واحتجاجًا على تواطؤ السلطات البريطانية مع السلطات المصرية في تلك الجريمة. النظام المصري حليف للحكومة البريطانية وليس مناوئًا لها، وعلاء مواطن مزدوج الجنسية؛ وبالتالي فإن سلامته واحترام حقوقه هي مسئولية مشتركة لكلا الدولتين، المصرية والبريطانية”.
ويأتي إضراب والدة علاء عبد الفتاح عن الطعام، كمحاولة أخيرة بعدما تقدمت الأسرة بأكثر من طلب رسمي لإصدار عفو رئاسي عنه، أحدهم في يونيو 2022، والثاني في 11 نوفمبر من العام نفسه، تقدمت الأستاذة الجامعية، أهداف سويف، خالة عبد الفتاح، بطلب سلم باليد إلى السفيرة مشيرة خطاب، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان لتتولى من خلال مكتبها بالمجلس القومي لحقوق الإنسان إرسال طلب العفو عنه، بحسب ما أوضح محاميه خالد علي، في اليوم نفسه، خلال تدوينة له عبر حسابه على “فيسبوك”.
وتوضح ليلى سويف، في تصريحات صحفية إلى زاوية ثالثة، أنها لم تتوقع أن يتم الإفراج عن نجلها لأنها دربت نفسها على عدم تصديق أن أي مسجون سياسي سيُفرج عنه قبل أن يتم الإفراج عنه بالفعل، وفي حالة علاء بالتحديد كانت تذكرة السجن تنص بوضوح على أن تاريخ الإفراج عنه سيكون في الثالث من يناير 2027، لعدم احتسابهم لفترة الحبس الاحتياطي ضمن العقوبة، مؤكدة تقدم الأسرة بطلبات للنائب العام لتصحيح ذلك الوضع، ولكنها علمت في يوم الخميس الموافق 26 سبتمبر أنه تم رفض طلبهم.
تقول: “حبس علاء في رأيي غير قانوني، أنا أعتبره مختطف ومحتجز خارج نطاق القانون، وأن الحجة التي تقدمت بها النيابة زاعمة أن فترة الحبس الاحتياطي كانت على ذمة محضر آخر غير القضية التي تم الحكم عليه فيها وأن المحضر الثاني لا زال مفتوحًا ولم تحفظه النيابة لذا لا يمكنهم ضم فترة الحبس الاحتياطي التي أمضاها للعقوبة، هي حجة فارغة، لأنه حوكم على جزء من التهم الواردة في المحضر الذي تعرض للحبس بسببه، وأن النيابة هي التي قررت محاكمته على جزء من التهم وترك الباقي معلقًا، ولكون المحضر، لا يزال مفتوحًا بعد مرور خمس سنوات على الإحالة للمحاكمة، كما أن سناء شقيقة علاء عندما تم القبض عليها ومحاكمتها حدث معها الشيء نفسه. محضر برقم وتهم ثم قضية بجزء من التهم ورقم جديد، ومع ذلك تم احتساب مدة سجنها منذ يوم القبض عليها”. متسائلة: “لماذا تصر السلطة على التنكيل بابني؟”.
وحول طلبات العفو الرئاسي التي تقدمت بها أسرة علاء، تكشف “سويف” عن أن ما قيل لهم هو أن لجنة العفو أوصت بالإفراج عن علاء، لكن رأيهم استشاري وهم ليسوا أصحاب قرار. مضيفة: “رغم فداحة ما يجرى مع أسرتنا، فإن هناك آلاف الأسر في مصر يحدث لهم ما هو أسوأ بكثير، لذا أشعر بالحرج من مجرد الحديث عن معاناتنا الإنسانية بسبب سجن ابني علاء”.
نوصي للقراءة: موت مستتر.. مقرات الاحتجاز المصرية بين عهدين
استغلال السلطة للأدوات القانونية
استمرار حبس علاء دفع منظمات ومؤسسات حقوقية إلى التضامن معه والمطالبة بإخلاء سبيله؛ إذ قالت منظمة العفو الدولية إن الناشط البريطاني/ المصري البارز علاء عبد الفتاح، قد أتمّ اليوم مدة عقوبة سجنه الظالمة لمجرد ممارسته حقوقه الإنسانية، داعية في تغريدة لحسابها عبر موقع “إكس”، السبت، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لأن يضع حدًّا لهذا الظلم ويفرج عنه فورًا.
وأدانت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، في بيان لها، السبت، رفض السلطات المصرية الإفراج عن الناشط علاء عبد الفتاح، رغم انقضاء مدة عقوبته البالغة خمس سنوات، والتي كان من المقرر انتهاؤها اليوم، مطالبة السلطات المصرية بالإفراج الفوري عنه، وإيقاف التنكيل المستمر به بسبب تعبيره عن آراء ناقدة.
واعتبرت المؤسسة أن هذه الواقعة تأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف حول استمرار الممارسات الأمنية التي تتمثل في ملاحقة المواطنين والقبض عليهم بسبب التعبير عن الرأي، إضافة إلى إبقاء آلاف المواطنين والمواطنات قيد الحبس الاحتياطي لسنوات كعقاب على آرائهم الناقدة.
ويؤكد أحمد عثمان – المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير-، إلى زاوية ثالثة، أن عدم احتساب فترة الحبس الاحتياطي للناشط علاء عبدالفتاح، أمر غير قانوني يخالف قانون الإجراءات الجنائية، واصفًا إياه بإجراء جديد اخترعته النيابة العامة، لكون المعمول به قانونًا في مختلف القضايا هو أن فترة عقوبة السجن، يتم احتسابها منذ لحظة إلقاء القبض على المتهم، مرورًا بـ فترة حبسه احتياطيًا وإجراءات التقاضي.
ويوضح “عثمان” أن الإجراء غير القانوني الذي تم بحق علاء، سبق أن حدث مع المدوّن محمد أكسجين، المسجون معه في القضية نفسها بتهمة نشر أخبار كاذبة.
في السياق نفسه، يصف أحمد العطار – المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان-، ما يحدث مع الناشط علاء عبد الفتاح المعتقل منذ أكثر من خمس سنوات، بأنه ليس بالأمر الجديد على السلطات المصرية، معتبرًا إياه بالمثال الواضح على النهج المستمر الذي تتبعه السلطات في التعامل مع المعتقلين السياسيين، ومؤكدًا تضامن الشبكة الكامل مع علاء عبد الفتاح، وكل المعتقلين السياسيين الذين حُرموا من حقهم في الإفراج بعد انتهاء مدة عقوبتهم، داعيًا إلى الإفراج الفوري عنهم”.
ويقول العطار، في تصريحات خاصة إلى زاوية ثالثة، إن علاء ليس الأول، فقد سبقه آخرون مثل: السفير محمد رفاعة الطهطاوي المعتقل منذ يوليو 2013، ومحمود شعبان، وغيرهم ممن انتهت فترات محكوميتهم بالكامل دون أن يتم الإفراج عنهم، متهمًا السلطات المصرية باستغلال الأدوات القانونية والإجراءات من قبل نيابة أمن الدولة، لضمان استمرار حبس هؤلاء المعتقلين بعد انتهاء فترات محكوميتهم، وأن ذلك يتم عبر التلاعب بالألفاظ واستنساخ قضايا جديدة من القضية الأساسية المحبوس عليها احتياطيًا لسنوات ومن ثم ضمان عدم احتساب هذه الفترة ضمن فترات الحكم المقرر عليه من قبل المحكمة كما حدث مع علاء أو من خلال تهم جديدة وإجراءات تُعرف بتدوير القضايا، ما يسمح بإبقاء المعتقلين خلف القضبان لأطول فترة ممكنة.
من ناحيته، ناشد المحامي بالنقض طارق العوضي – عضو لجنة العفو الرئاسي-، الرئيس عبدالفتاح السيسي باستخدام صلاحياته الدستورية لإصدار عفو رئاسي عن علاء، بسبب ما مر به من ظروف صعبة خلال فترة سجنه الطويلة، تستدعي نظرة مختلفة من جانب الدولة.
وقال العوضي في بيان له، الثلاثاء، إن علاء – بغض النظر عن آرائه السياسية- مواطن مصري له حقوق وعليه واجبات، وقد أثبتت السنوات الماضية أن سجنه لم يحقق المصلحة العامة، بل زاد من حالة الاستقطاب في المجتمع، مضيفًا أن الإفراج عن علاء عبد الفتاح وغيره من المحبوسين على ذمة قضايا رأي سيكون خطوة إيجابية نحو المصالحة الوطنية وتعزيز الوحدة بين أبناء الوطن، وتأكيدًا لما تم الإعلان عنه مرارًا وتكرارًا من أن مصر وطن يتسع للجميع وأن الخلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية.
نوصي للقراءة: احتجاجات وهمية وقمع حقيقي: استراتيجيات السلطة في مصر
التدوير
يرى حقوقيون أن ما حدث مع علاء، لا ينفصل عن سلسلة أخرى ممنهجة من الممارسات والانتهاكات التي تقوم بها السلطات الأمنية المصرية، لاحتجاز المعارضين للنظام القائم والتنكيل بهم أمنيًا بعد أحداث 3 يوليو 2013، لفترات غير محدودة وفق رؤية السلطات الأمنية دون الإلتزام بالقرارات والأحكام القضائية، وذلك امتدادًا لممارسات كانت تستهدف نفس الغرض قبل ثورة 25 يناير2011 لكن باستخدام آليات جديدة، بحسب تقرير صادر عن معهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط.
وكان التقرير، الصادر في ديسمبر 2021، قد اعتبر أن تدوير القضايا أو الاعتقالات هو وقائع إعادة احتجاز من صدر بحقهم قرار بإطلاق السراح عقب انتهاء مدة الحكم، أو قرار بإخلاء السبيل، أو حكم بالبراءة، متهمًا السلطات المصرية باستخدام تلك الممارسة بشكل محدود في الفترة من عام 2016 وحتى عام 2018، ثم التوسع في استخدامها لتصل ذروتها بحلول العام 2020، وأنها لا تزال مستمرة رغم المطالبات المتكررة من المنظمات الحقوقية بإخلاء سبيل المتهمين غير المتورطين في أعمال عنف.
ووفقًا لتقرير صادر عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان؛ فإن الفترة بين ديسمبر 2023 ويناير 2024 تم تدوير حالتين جديدتين، لمعتقلين تم التحقيق معهما على خلفية اتهامات مزيفة بعد انتهاء فترة حبسهم وانقضاء العقوبات المقررة بحقهم سابقًا من جانب محاكم الجنايات، بالإضافة إلى 251 متهمًا على الأقل، قالت إنه تم تدويرهم على ذمة قضايا جديدة خلال عام 2024، و 620 متهمًا آخرين في 2022.
وبحسب التقرير، الصادر في فبراير 2024، فإن أبرز السجناء السياسيين، الذين تعرضوا لإعادة التدوير على ذمة قضايا جديدة بعد انتهاء فترة محكوميتهم، هي الحقوقية هدى عبدالمنعم، والتي تعرضت في أكتوبر 2023 للتدوير، بعدما تم التحقيق معها على ذمة قضية جديدة فور إنهائها فترة العقوبة بالسجن خمس سنوات في القضية رقم 1552 لسنة 2018 حصر أمن الدولة العليا طوارئ، والشهيرة إعلاميًا بقضية التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، كما تعرض محمد القصاص، نائب رئيس حزب مصر القوية، منذ فبراير 2018 للتدوير على ذمة ثلاث قضايا استنادًا لتحريات أمنية سرية، وكان آخرها القضية رقم 1059 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ، والتي أصدرت فيها المحكمة حكمًا بسجنه عشرة أعوام في مايو 2022.
ويوضح التقرير أن الحقوقي إبراهيم متولي المحتجز منذ سبتمبر 2017، كان قد حصل على إخلاء سبيل في قضيتين بالاتهامات نفسها؛ بينما هو الآن محتجز رهن التحقيق على ذمة قضية ثالثة تحمل الرقم 786 لسنة 2020، بتهمة قيادة جماعة أسست على خلاف القانون، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، كما تم تدوير رئيس رابطة مشجعي نادي الزمالك، المحتجز منذ مارس ٢٠١٥، سيد علي فهيم، الشهير بـ”سيد مشاغب”، في 2 يناير 2024، على ذمة قضية جديدة، حملت الرقم 910 لسنة 2021 أمن دولة عليا، ووجهت له النيابة اتهامات بالانضمام لجماعة غير قانونية ونشر أخبار كاذبة، بعدما أنهى فترة عقوبته المقررة بالسجن سبع سنوات في القضية رقم 1107 لسنة 2015، والمعروفة إعلاميًا بقضية أحداث الدفاع الجوي.
وفي الوقت الذي يرى فيه قانونيون أن عدم احتساب فترة الحبس الاحتياطي للناشط علاء عبد الفتاح أمر غير قانوني، فإن الأوساط الحقوقية بشكل عام ترى أن الإفراج عن علاء عبد الفتاح وغيره من المحبوسين على ذمة قضايا رأي، ضمان يمكن أن تبرهن به السلطة على جديتها في المصالحة الوطنية والحوار الوطني والإصلاح السياسي في مصر.