طلاب الجامعة الأمريكية يتهمون الإدارة بتمويل الإبادة في غزة

يطالب طلاب الجامعة الأمريكية بالتزام الإدارة مستقبلًا بتعديل العقود مع البائعين داخل الحرم الجامعي، وتجنب توريد بضائع ومنتجات من قبل الشركات الداعمة للاحتلال
رباب عزام

في الوقت الّذي تتصاعد فيه حملات المقاطعة للكيانات الداعمة للاحتلال الإسرائيليّ، رفع طلّاب الجامعة الأمريكيّة بالقاهرة، في مقرّها الكائن قرب ميدان التحرير بوسط العاصمة، أمس الاثنين، عددًا من المطالب الهادفة لمقاطعة شركة “أكسا للتأمين” الفرنسيّة و”إتش بي إنّك” لتمويلهم قوّات الاحتلال الإسرائيليّ والمستوطنات ومنظومة الفصل العنصريّ في فلسطين المحتلّة، حسبما أفادت صفحة لطلّاب الجامعة من تخصّصي الأنثربولوجيّ وعلم المصريّات على منصّة إنستجرام.

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب مجازر في قطاع غزة لليوم الـ200 على التوالي، إذ وصل عدد الضحايا حتى اللحظة وفق ما أعلنت عنه وزارة الصحة الفلسطينية إلى نحو 34 ألفًا و97 ضحية، إلى جانب 76 ألفًا و980 مصابًا، إضافة إلى 11 ألف من المفقودين تحت الأنقاض الذين لم يعثر عليهم بعد.

تواصلت زاوية ثالثة مع عدد من طلاب الجامعة الأمريكية وأعضاء من هيئة التدريس، ووفق ما أفصحوا عنه من معلومات، فإن عدد من الطلاب قد نظموا يوم الخميس الماضي، فاعلية لدعم غزة، وكان من بين الحضور، شاب فلسطيني خرج من القطاع مصابًا، ليتلقى خدمات علاجية في مستشفى معهد ناصر. وحسب الطلاب فإنه قد أدلى بشهادته واصفًا كل ما حدث في داخل القطاع حتى لحظة خروجه.

 

الأمن يقطع الكهرباء

ووفق عضو هيئة تدريس بالجامعة (فضلت عدم ذكر اسمها) فإن هناك أسبوعًا ثقافيًا اعتادت الجامعة الأمريكية على إطلاقه منذ سنوات، بدأ منذ السبت الماضي، يقدم أنشطة ثقافية وفنية متعددة؛ لكن في نهاية الاحتفالية أمس، صعد عدد من الطلاب إلى مسرح “ايوارت” التذكاري، وتقدموا بمطالبهم التي أعلنوا عنها، ويأتي ذلك في إطار مقاطعة كل الكيانات الاقتصادية الداعمة للاحتلال، ومن بينها الشركتان المذكورتان.

وحسب عضو هيئة التدريس، فإن المطالب التي عرضت أمس، ليس لاتحاد طلبة الجامعة علاقة بها، وإنما مجموعة من الطلاب والخريجين من تخصصات (الأنثربولوجي وعلم المصريات) الذين اعتادوا تنظيم احتجاجات تتعلق بالقضية الفلسطينية والشأن العام المصري، ينسّقون فيما بينهم عبر مجموعة خاصة ومغلقة عبر أحد التطبيقات الإلكترونية.

وقد حاول الطلاب قراءة كافة مطالبهم، وتوجيه تساؤلاتهم إلى أحمد دلال – رئيس الجامعة-، وسط تضييقات الأمن الذي أقدم على إغلاق الإنارة لتفريقهم، واعتدى على إحدى الطالبات المشاركات. فيما هتفوا ضد تضييقات الأمن ودعم الجامعة للاحتلال، إذ رفعوا هتافات مثل: (يا طلاب الأمريكية، جامعتكم داعمة الصهيونية. طفّي النور كمان و كمان، الجامعة داعمة الكيان. اسمع يا أحمد يا دلال، لا لشركات الاحتلال. يا طلاب الجامعات المصرية، ثوروا ضد الصهيونية).

وقد أصدر الطلاب بيانًا يقولون فيه: “بصفتنا طلابًا وخريجين وأعضاء هيئة تدريس وموظفين في الجامعة الأمريكية في القاهرة، لا يسعنا إلا أن نشعر بالخجل الشديد من تواطؤ الجامعة في العنف المنهجي الذي يواجهه الفلسطينيون من قبل إسرائيل الصهيونية. رغم اتخاذ العديد من السبل الرسمية،  بما في ذلك الاحتجاجات والاعتراضات الطلابية التي تم تقديمها إلى إدارة الجامعة، وأيضًا عريضة أعضاء هيئة التدريس التي تم تقديمها في نوفمبر الماضي ولم يتم الرد عليها بعد من قبل الإدارة، وهدفت للمطالبة بمقاطعة (أكسا للتأمين وإتش بي إنك). إضافة إلى مطالبتنا بالكشف الكامل عن استثمارات الجامعة، وقد تم تجاهلنا باستمرار”.

يضيف البيان: “تحتاج الجامعة إلى الالتزام بقرار مجلسها رقم 458، الذي تم تمريره في 28 مايو من عام 2008، والإجابة على مطالبنا التي قدمناها”. ودعا الطلاب إلى التوقيع على عريضة تطالب بتنفيذ مطالبهم، رافضين تجاهل إدارة الجامعة.

 

 

وتشمل المطالب التي رفعها طلاب الجامعة، أمس، مقاطعة الشركتين المذكورتين، إضافة إلى إنهاء جميع عقود الرعاية والتبادل مع أي شركة تدرج في قوائم حركة مقاطعة إسرائيل “بي دي إس”. أما المطلب الثاني فتمثل في دعوة إدارة الجامعة إلى التزام الشفافية في المستقبل والإفصاح عن كيفية إنفاقها للرسوم الدراسية المحصلة منهم، مطالبين بالتزام الإدارة بـ قوائم المقاطعة وعدم استخدام أموالهم في تمويل جرائم الاحتلال. 

ومثّل المطلب الرابع؛ التزام الإدارة مستقبلًا بتعديل العقود مع البائعين داخل الحرم الجامعي، وتجنب توريد بضائع ومنتجات من قبل الشركات الداعمة للاحتلال.

وقد نفّذ متضامنون مع غزة، في 19 أبريل الماضي، للمطالبة بكشف الجامعة عن سبل صرف أموالهم، متهمين إياها باشتراكها في مذبحة غزة. رافعين شعار: “فلوسنا راحت فين.. الجامعة مخبية ايه”.

 

تعليقًا، تقول فضيلة خالد – إحدى المشاركات-، إن: “طلاب وأساتذة تخصص الأنثربولوجي والمصريات دومًا ما يهتمون بقضية فلسطين، ويعملون على تنظيم أنشطة متصلة لدعم القضية”. وتشير في حديثها إلى زاوية ثالثة أن الطلاب كانوا قد كونوا سابقًا ما عرف بـ “نادي القدس” ويهتم بكل ما يخص الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكنه توقف عن العمل مدة تقارب العشر سنوات، إلا أن أعيد إحياؤه لأول مرة بعد عملية طوفان الأقصى التي انطلقت في السابع من أكتوبر الماضي. 

تستطرد: “آخر مظاهرتين نفذهما الطلاب في الجامعة كانا بتنسيق من نادي القدس، بالتعاون مع اتحاد الطلاب ومجموعة طلاب (أيه إس إي). وقد اكتشفنا في أكتوبر الماضي تعاقد إدارة الجامعة مع شركة أكسا، ثم في نوفمبر الماضي فوجئنا بتعاقدها مع شركة إتش بي إنك؛ الأمر الذي أثار غضبنا، وقمنا بالتحرك الفوري عبر فضح ممارسات الإدارة على مواقع التواصل الاجتماعي، والدعوة للتظاهر”.

وذكرت “خالد” أن مطالبهم التي رفعوها أمس، مشروعة، وقد تضامن معهم عقب الإعلان عنها طلاب “نادي القدس”، لكنها تشير إلى أن اتحاد طلاب الجامعة لم يعبر عن رأيه حتى اللحظة، ولم يعلن تضامنه.

واتهمت شركة “أكسا للتأمين” في وقت لاحق في عام 2019، بتمويل الاحتلال الإسرائيلي، عقب إصدار منظمة SumOfUs غير الحكومية (مواطنون حول العالم، يناضلون من أجل الحقوق الاقتصادية، ودعم حق المستهلك في محاسبة جنوحات المؤسسات المالية والاقتصادية المخالفة للأخلاق ومبادئ حقوق الإنسان والبيئة. ويفوق عدد أعضائها نحو عشرة ملايين مشترك)، تقريرًا عن نشاطات الشركة الفرنسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمستوطنات. إذ أعلنت عن احتفاظ “أكسا” باستثماراتها في أنظمة “إلبايت” للتصنيع العسكري والبنوك الخمسة الإسرائيلية.

وكشفت المنظمة في تقريرها أن “أكسا” وشركتها التابعة “أكسا إكويتي هولدينجز” ضخت أكثر من 91 مليون دولار في ذلك الوقت، في ست مؤسسات للاحتلال، تشارك في النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية، وتتمثل في خمسة بنوك وهي: بنك هبوعليم ، وبنك لومي، وبنك مزراحي تيفاهوت، وبنك إسرائيل الدولي الأول، وبنك إسرائيل ديسكاونت. إضافة إلى شركة “سيستم إلبايت” التي تستثمر في السياج الأمني الإسرائيلي في الضفة الغربية، وجدار الفصل العنصري، كما تعد أكبر شركة مصنّعة لـ أسلحة الإحتلال الإسرائيلي، إذ تصنع القنابل العنقودية المحظورة دوليًا، والفسفور الأبيض، وغيرها من الأسلحة المجرمة.

وفيما يتعلق بشركة “إتش بي إنك” وهي شركة أمريكية متعددة الجنسيات لتكنولوجيا المعلومات ومقرها (بالو ألتو) بكاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية. فقد أثيرت التساؤلات حولها منذ أكتوبر الماضي، وشدد المقاطعون على ضرورة تجاهل منتجات الشركة، إذ اتهمت بدعم وتمويل الأنشطة الإسرائيلية داخل سجون الاحتلال. ووفق تقارير صحفية فإن الشركة توفر الدعم المالي للاحتلال بعدة طرق، شملت تبرعات بملايين الدولارات، مقدمة إلى الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية الإسرائيلية. إلى جانب استثمارها مليارات الدولارات في شركات الاحتلال. وكانت قد استحوذت في عام 2021 على شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية “نيارا” في مقابل 486 مليون دولار.

وحسب الطلاب الذين تواصلنا معهم، فإنهم مستمرون في مطالبة إدارة الجامعة الأمريكية بالمزيد من الشفافية، ووقف التعاون مع الكيانات والشركات الداعمة للاحتلال، حتى تنفيذ مطالبهم.

رباب عزام
صحفية استقصائية مصرية، مهتمة بالصحافة الحقوقية والعمالية، ومقدمة برامج إذاعية، وباحثة في دراسات شرق إفريقيا الناطقة بالسواحيلية.

Search