زواج القاصرات في مصر: أطفال بلا نسب وقوانين بحاجة للتعديل

واج القاصرات في مصر يؤدي إلى أطفال بلا نسب، مما يفاقم مشاكل تسجيلهم قانونيًا ويعرض الفتيات لأضرار جسدية ونفسية في ظل ثغرات قانونية وتحديات اجتماعية.
Picture of مي علي

مي علي

صباح (اسم مستعار) فتاة في الـ 19 من عمرها، تقطن إحدى القرى التابعة لمحافظة الجيزة. تزوجت قبل عامين – قبل أن تبلغ السن القانوني للزواج-؛ ما دفع عائلتها لعقد الزواج دون تسجيله لحين بلوغها السن المقررة من السلطات المصرية (18 عامًا للزوج والزوجة).

 طبقًا لنص المادة رقم (31) مكرر من قانون الأحوال المدنية المصري رقم (143) لسنة 1994، المضافة بموجب القانون رقم (126) لسنة 2008، تم تحديد سن الزواج سواء لكل من الزوجة أو الزوج سن 18 سنة ميلادية، حتى يستطيعوا إثبات ذلك الزواج أمام الجهات الرسمية.

 بعد مرور شهر من زواجها تكللت فرحتها بخبر حملها، وشاركت تلك الفرحة مع زوجها حسام البالغ من العمر 23 عامًا، لكن فرحتها لم تدم طويلًا فقبل أن تضع مولودها تعرض زوجها لحادث مرور أودى بحياته، وبعد أن وضعت طفلها لم تتمكن من تسجيله، لاسيما أن زواجها لم يتم بشكل قانوني. بدأت معاناتها منذ تلك اللحظة.

تقول صباح: بدأ أهل زوجي في إظهار عدم اعترافهم بالزواج والطفل، حتى لا نشاركهم في ميراث زوجي المتوفي أو الحصول على  تمكين من مسكن الزوجية، وكافة حقوقي.

تصف: “تلك كانت أسوأ فترة مرت بحياتي، شعرت حينها أن مستقبلي ومصير طفلي مجهول، لا سيما وأنه لم يتمكن من الحصول علي التطعيمات المقررة لحديثي الولادة، تلك هي الفترة التي كانت المفاوضات خلالها قائمة بين العائلتين، كما تدخل العديد من الوسطاء لحل الأمر لصالح الطفل”.

وقد اهتمت السلطة المصرية بملف الزواج المبكر لما له من تداعيات جسدية ونفسية على الفتيات، و لارتباطه بالعديد من الظواهر السلبية الأخرى في المجتمع المصري، إذ أدرجته تحت بند العنف تجاه المرأة في المسوح الصحية ابتداءً من عام 2008.

ينص قانون العقوبات في مادته (227) أنه: “يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو غرامة لا تزيد عن ثلاثة آلاف جنيه لكل من أبدى أمام السلطة العامة ببيانات بقصد بلوغ أحد الزوجين السن القانوني للزواج، كما يعاقب بالحبس أو غرامة لا تزيد عن 50 جنيهًا كل شخص حمّله القانون سلطة إبرام عقد زواج وهو يعلم أن أحد الطرفين لم يبلغ السن المحدد في القانون”، وتشمل العقوبة كلًا من الولي المسؤول والموظف الشرعي والشهود فقط. كما ينص قانون 64 لسنة 2010 أنه “يعتبر الزواج المبكر من بين حالات الاتجار بالبشر وعقوبته مؤبد وغرامة 100 ألف جنيه للوالي المسئول عن إتمام الزيجة”.

نص الدستور المصري في المادة 80 على أنه يعد طفلًا كل من لم يبلغ الـ18 من عمره، ونصت المادة الخامسة من القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 أنه “لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 عامًا، ويعاقب تأديبيًا كل من وثق زواجًا بالمخالفة لأحكام هذه المادة”. وهذه المادة تفتح الباب أمام تحايل ولي الأمر الطبيعي تجاه القانون، حيث يشترط المشرع فقط عدم توثيق عقد الزواج إلا حين بلوغ الفتاة السن القانوني، لكنه ترك الأمر مباحًا حال الزواج قبل السن الرسمي تحت ما يسمى بالزواج العرفي، بحضور شاهدين والموظف الشرعي الذي يأخذ على الزوج تعهدًا كتابيًا بإتمام الزواج متى تبلغ الفتاة الـ18 عام من عمرها.

 

نوصي للقراءة: معركة النساء في ريف مصر.. حقوق ضائعة تحت سطوة العادات

 

تحايل على القانون

تؤكد صباح أنها وحرصًا على صحة وليدها، سعت لشراء اللقاحات الممنوعة عنه بطرق مختلفة، حتى لا تفوته التطعيمات الضرورية للطفل الرضيع المقررة من وزارة الصحة، لحين استخراج شهادة ميلاد الطفل وثبوت نسبه.

وتشير إلى أنه بعد كثير من المناقشات والوسطاء تمكنت من الاتفاق مع عائلة زوجها المتوفى، حول التنازل عن تمكينها من مسكن الزوجية والحصول على القائمة التي تم الاتفاق عليها عند الزواج فقط، والتنازل أيضًا عن جزء من إرثها الشرعي في زوجها هي وطفلها، في مقابل تسجيل الزواج، و الإعتراف بالطفل دون اللجوء للنزاع القضائي.

تحذر صباح الفتيات القاصرات من الزواج قبل السن القانوني، حتى لا تتكرر تجربتها ثانية، وتؤكد أن قريتها تعاني من تكرار زواج القاصرات.

من جانبها، توضح هيام الجنايني – رئيس وحدة الدعم القانوني بمبادرة مؤنث سالم النسوية- أن ظاهرة زواج الفتيات قبل السن القانوني تشهد انتشارًا كبيرًا لا سيما في القرى والمناطق الشعبية، مشيرة إلى أن مثل هذه الزيجات يتم تمريرها بعقد عرفي أو عقد مؤجل عند مأذون معروف بإبرام هذا النوع من العقود.

تضيف: “في بعض الحالات، يلجأ أهل الفتاة لأخذ إيصال أمانة على الزوج كأحد أنواع الضمانات لتسجيل عقد الزوج فيما بعد”؛ لكن كل هذه الإجراءات لم تفلح في حفظ حقوق الفتيات وفقًا لـ الجنايني.

وتبين رئيس وحدة الدعم القانوني بمبادرة مؤنث سالم أنه فور وقوع الخلاف بين أحد الأطراف، تتحمل الفتاة الضرر الأكبر نتيجة التحايل على القانون، لاسيما أن الإطار القانوني لوضعها غير واضح مع التلاعب في إخفاء أي إثبات لتلك الزيجة وهو الأمر الذي يستغرق فترة طويلة لإثباته قانونيًا، و تتضخم المشكلة في حالة وجود طفل، ما يتطلب في تلك الحالة رفع دعوى لإثبات الزواج و أيضًا دعوى لإثبات نسب الطفل.

وحددت سبب المشكلة في ضعف الغرامات المقررة من قبل القانون في مثل هذه الحالات؛ ما يشجع الأهل على التحايل على تطبيق القانون بطرق أخرى، إضافة إلى ضعف الرقابة على المسؤولين على تسجيل عقود الزواج؛ ما يفسح لهم المجال للتلاعب في إبرام عقود زواج الفتيات دون السن القانوني، مشددة على ضرورة رفع الغرامات المقررة في حالة إثبات زواج الفتيات قبل السن القانوني لأكثر من 100 ألف جنيه، حتى يثني ذلك الأهل عن الإقدام على ذلك الفعل.

 

عقوبات غير رادعة

تتشارك سمر مع صباح نفس القرية والظروف التي مرت بها من الزواج قبل السن القانوني، إذ تزوجت في عمر الـ17، بعد أن استقرت أسرتها على ذلك القرار مع تقدم العديد لخطبتها منذ سن الـ15. أسرع من وتيرة هذا القرار كونها البنت الكبرى للأسرة.

 تقول: قرر أبي خطبتي لأحمد، أحد أقاربنا في العائلة، بعد أن تقدم أكثر من مرة، وكان أبى يتردد في ذلك القرار كونه لم يستقر في عمل بشكل منتظم، ولكن بعد وعوده بالانتظام في أول فرصة عمل تمت الخطبة التي لم تدم طويلًا حتى تم الزواج قبل بلوغي السن القانوني، لذلك لم يتم تسجيل عقد الزواج، وبعد عدة أشهر من الزواج اكتشفت أن زوجي يتناول المواد المخدرة التي دفعته للاعتداء بالضرب المبرح عليّ، رغم حملي، وكاد أن يودي بحياتي وجنيني، ما دفع أبي لقرار الطلاق لـ زواج لم يدم لأكثر من عام.

فرض القانون عقوبة على عقد الزواج العرفي للأطفال أقل من 18 سنة، حيث يعد زواج الأطفال قبل هذه السن جريمة لما له من آثار نفسية سلبية على الطفل، مما دفع القانون بالتدخل إلى فرض عقوبة السجن والغرامة على زواج الأطفال بعقد عرفي. وقد نص القانون في المواد (267) و(268) و(269) بأنه لا يصح التصادق على عقد زواج طفلة أو طفل لم يبلغا 18 سنة وقت العقد. وتنطبق عقوبة الزواج العرفي في مصر هذه على الولي أو الوصي على الطفل وعلى المأذون الذي يتم هذا العقد، ولا تسقط هذه العقوبة ببلوغ الطفل السن القانونية. و تتمثل العقوبة في الحبس ستة أشهر وغرامة تتراوح بين 20  ألف إلى 50 ألف وعزل المأذون الذي يعقد هذا النوع من العقود من مهنته.

أشارت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن عقود الزواج في مصر لعام 2020، سجلت قرابة 900 ألف عقد عام 2020، في مقـابل ما يقرب من 800 ألف عقد في عام 2019 بنسبة بلغت 5.6٪، وأظهرت البيانات أنه طبقًا لـ نوع عقد الزواج هناك أربعة أنواع من العقود، وهي الزواج الجديد والتصادق والرجعة والعودة إلى زواج لم يفصله آخر، وفي هذا الإطار تشير بيانات الإحصاء إلى أن عام 2020 شهد قرابة 800 ألف عقد زواج جديد، بما يمثل 86.3% من جملة العقود في هذا العام، مقابل 750 ألف عقدًا تقريبًا عام 2019 بنسبة تراجع بلغت 3.9. في حين أن الإحصائيات تشير إلى أنه في العام 2019، شهدت مصر نحو 117.220 ألف حالة زواج لفتيات دون سن الـ18.

 و فى حين استحوذت عقود الزواج في الحضر على نسبة 40.8 ٪ من جملة العقود عام 2020، بلغت نسبة عقود الزواج في الريف 59.2٪ من جملة العقود لنفس العام. ووفقًا للبيانات فقد سجلت أعلى نسبة زواج في الفئة العمرية من 25 إلى أقل من 30 سنة حيث بلغت 40.0 ٪، بينما كانت أقل نسبة زواج في الفئة العمرية (70 سنة فأكثر) حيث بلغ عدد العقود بها 4288 عقـــدًا تمثل 0.5٪ من جملة العقود. وسجلت أعلى نسبة زواج في الفئة العمرية من 20 إلى أقل من 25 سنة  37.3٪، بينما كانت أقل نسبة زواج فى الفئة العمرية (65 سنة فأكثر) حيث تمثل 0.1 ٪ من جملة العقود.

تقص سمر معاناتها بعد ذلك القرار الذي قُبل بالرفض من قِبل زوجها وعائلته، الذين بدأوا ممارسة ضغوطهم للتنازل عن كافة حقوقها حتى يتم تسجيل الزواج وبعدها الطلاق وتسجيل الطفل بشكل رسمي.

تقول: عام ونصف من المعاناة والتهديد والضغط والممارسات التي عرضتني وطفلي للخطر، لأني رفضت الإهانة والضرب بزعم الحرص على البيت والأسرة، وبعد كل ذلك تنازلت عن حقوقي في التمكين من المسكن وأخذ ما شاركت به فقط في تجهيزات الزواج، مقابل أن يتم تسجيل الزواج والطلاق بشكل رسمي وتوفير نفقة شهرية للطفل والاعتراف به.

تصف تجربتها بـ المريرة، ودفعت أسرتها لعدم تكرار الخطأ مع شقيقاتها والانتظار حتى بلوغهن السن القانوني وعقد قرانهن بشكل قانوني، لكن ذلك لم يمنع إتمام خطبتهن قبل الـ18 من عمرهن.

أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تسجيل مصر حالة زواج كل 34 ثانية، ومولودًا كل 14 ثانية، و حالة طلاق كل 117 ثانية عام 2022، وأشار إلى أن حالات الزواج في مصر ارتفعت لتصل إلى 929.4 ألف حالة زواج عام 2022، مقابل 880 ألف حالة زواج عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 5.6%، مشيرا إلى أن عدد حالات الزواج في الشهر بلغت 77.5 ألف حالة عام 2022، وفي اليوم 2546 حالة، وفي الساعة 106 حالة، وفي الدقيقة 1.8 حالة، وحالة زواج كل 34 ثانية.

وذكر الجهاز أن القاهرة جاءت في مقدمة أعلى عشر محافظات من حيث عدد حالات الزواج خلال عام 2022، حيث سجلت 150.3 ألف حالة، تليها الشرقية 61 ألف حالة، ثم البحيرة 58.9 ألف حالة، والدقهلية 57.1 ألف حالة، والمنيا 56.6 ألف حالة، وسوهاج 52 ألف حالة، والغربية 51 ألف حالة، والإسكندرية 50 ألف حالة، والجيزة 48.8 ألف حالة، وأسيوط 43.6 ألف حالة.

وحسب جهاز الإحصاء، فقد بلغ عدد مواليد مصر 2 مليون و193 ألف مولود عام 2022، مقابل 2 مليون و185 ألف مولود عام 2021 بنسبة ارتفاع 0.4%، كما سجل متوسط عدد المواليد في الشهر 182.8 ألف مولود عام 2022، وفي اليوم 6008 مولود، وفي الساعة 250 مولود، وفي الدقيقة 4.2 مولود، مولود كل 14 ثانية.

وعن أعلى 10 محافظات من حيث عدد المواليد خلال عام 2022، جاءت الجيزة الأعلى بـ 201.5 ألف مولود، والقاهرة 180.3 ألف مولود، والمنيا 161.5 ألف مولود، والشرقية 154.5 ألف مولود، وسوهاج 150.6 ألف مولود، والبحيرة 141.8 ألف مولود، وأسيوط 134.7 ألف مولود، والدقهلية 121.9 ألف مولود، والقليوبية 115 ألف مولود، والإسكندرية 97.1 ألف مولود.

وحول الطلاق، أكد مركز الإحصاء أن عدد حالات الطلاق في مصر سجل 269.8 ألف حالة عام 2022، مقابل 254.8 ألف حالة طلاق عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 5.9%، وبلغ متوسط عدد حالات الطلاق في الشهر 22.5 ألف حالة عام 2022، وفي اليوم 739 حالة، وفي الساعة 31 حالة، وحالة طلاق كل 117 ثانية، أي أقل من دقيقتين.

وذكر المركز أن القاهرة جاءت أيضا في مقدمة أعلى 10 محافظات من حيث عدد حالات الطلاق خلال عام 2022، لتسجل 57.2 ألف حالة، والإسكندرية 26.3 ألف حالة، والجيزة 24.1 ألف حالة، والشرقية 19 ألف حالة، والدقهلية 17.7 ألف حالة، والقليوبية 14.2 ألف حالة، والغربية 13.5 ألف حالة، والبحيرة 13 ألف حالة، والمنوفية 8.4 ألف حالة، والمنيا 8 آلاف حالة.

 

نوصي للقراءة: عمالة الأطفال في مصر: طفولة مسلوبة وحوادث قاتلة خلال رحلات العمل اليومية

 

تعديلات جديدة لحماية الأطفال

كانت النائبة إيناس عبد الحليم – عضو مجلس النواب-، قد تقدمت بأول تشريع صريح يجرم الزواج المبكر للقاصرات، لا سيما وأن نص الدستور في المادة (80) منه على أن “يعد طفلاً كل من لم يبلغ الـ18 من عمره… وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري.”

وتابعت النائبة: بمراجعة النصوص القانونية الخاصة بالزواج، نجد أن القانون رقم 143 لسنة 1994 الخاص بالأحوال المدنية والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 نص على أن “ألا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية”، أي بمنع الزواج لمن هو دون الـ18 عامًا. لكن لم يضع القانون عقوبات لمن خالف ذلك

في سياق متصل، يوضح هاني هلال – خبير حقوق الطفل ورئيس المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة-  لـ ” زاوية ثالثة ” أن تعديلات القانون التي طرأت على قانون الطفل عام 2008، واجهت مثل تلك المشكلات بوضع مواد خاصة بنسب الطفل لأمه ويمكن من خلال السماح بإصدار شهادة ميلاد للطفل وإطلاق اسم عشوائي في خانة الأب، وذلك حتى يتمكن الطفل من الحصول على حقه في تناول التطعيمات وكافة حقوقه لدى الدولة، إضافة إلى ضرورة قيام دعوى لإثبات نسب الطفل وتعتمد على تحليل الـ (DNA)، وفقًا لتعديلات 2008 وبعدها يتم إثبات نسب الطفل لأبيه وتعديل بياناته الرسمية.

يبين “هلال” أنه لا توجد إحصائيات لعدد الأطفال التي تعاني من غياب نسب الأب، لاسيما أن أغلب النزاعات القضائية تندرج تحت قضايا الشرف ويتم التعامل معها بحرص من قبل الجهات المعنية.

وعن وجود أطفال نتيجة زواج الفتيات قبل السن القانوني، يقول إن هذا تحايل على المواد القانونية الخاصة بالأحوال الشخصية التي تفرض عدم زواج الأطفال قبل عمر الثامنة عشر، وتعد تلك إشكالية مختلفة عن إنكار نسب الأطفال – وفقًا لخبير حقوق الطفل-، مشددًا على ضرورة سرعة الانتهاء من تعديلات قانون الأحوال الشخصية الذي يجرم زواج القاصرات، باعتباره استغلال جنسي للأطفال، وتغليظ العقوبات المفروضة في تلك المخالفات سواء مادية أو زيادة فترة السجن لتلك الجريمة.

ويشير إلى أنه في التعديلات الجديدة الخاصة بقانون الأحوال الشخصية المنتظر إقرارها من مجلس النواب، تم تغليظ العقوبات والغرامات لتشمل أفراد من أسرة الفتاة الذين شاركوا في تلك الجريمة، وأيضًا كل من يثبت مشاركته في إتمامها سواء المأذون أو الأشخاص الإداريين القائمين بتسجيل الزواج فيما بعد.

وأوصي بضرورة زيادة الوعى من كافة الجوانب المجتمعية بمدى خطورة هذا الزواج والأضرار الناتجة عنها والتى تعد الفتاة هي الخاسر الأكبر فيه وما يتبعه من ضياع حقوقها وأطفالها فيما بعد.

 

جهود سابقة

نظمت وزارة التضامن الاجتماعي حملة “جوازها قبل 18 يضيع حقوقها”، التي أطلقتها عام 2022، وطبقت الوزارة  شرط إضافي، إلى شروط الاستمرار في الحصول على دعم تكافل وكرامة، وهو عدم تزويج الأطفال أقل من 18 سنة، إضافة إلى شرطي الرعاية الصحية للأم والأطفال واستمرارهم في التعليم حتى المرحلة الثانوية.

و أوضحت الوزارة أن هذه الظاهرة تتسبب في التأثير السلبي على معدلات تحقيق التنمية، لأن زيادة عدد السكان يعنى بالدرجة الأولى زيادة الاستهلاك ومعدل الخدمات المطلوب تقديمها للمواطنين، إضافة إلى زيادة معدل البطالة، حيث إن مصر تستقبل 200 ألف مولود كل عام نتيجة زواج الأطفال، وهو ما يمثل ظاهرة لها مشكلات صحية واقتصادية واجتماعية لا حصر لها ويتسبب في توريث الفقر أو آثاره من جيل إلى جيل،  هذا بالإضافة إلى أن أعداد قضايا الأطفال المتزوجات اللاتي تطالبن بإثبات نسب أطفالهن بمحاكم الأسرة المصرية كل عام، وأخريات تطالبن بإثبات زواجهن بعد الطلاق سواء لإنكار الزوج نسب أطفاله أو لانفصاله أو موته قبل التصادق على الزواج، ووصول الفتاة لسن 18 سنة، بالإضافة إلى دعاوى النفقة لفتيات مطلقات تحت سن 18 سنة.

تعليقًا، توضح يارا كمال – عضو المجلس القومي للمرأة-  في حديثها إلى زاوية ثالثة  أن المجلس خلال السنوات الأخيرة نظم مبادرات وندوات توعوية في قرى ومحافظات مصر، إضافة إلى  مبادرة  “طرق الأبواب” وهي مبادرة مستمرة تعمل من خلالها الرائدات التابعات للمركز على توعية الأمهات بخطورة ظاهرة زواج القاصرات وأضرارها الصحية والنفسية والجسدية، ومدى تأثيرها على الأجيال القادمة فى ظل وجود أطفال بلا أنساب، مما يتسبب إهدار كافة حقوقهم. وتستهدف المبادرة قرى الصف وأطفيح والحوامدية وغيرها من المناطق التي تنتشر بها هذه الظاهرة.

تشير ” كمال” إلى أن ملف زواج القاصرات يأتى  على رأس أجندة المجلس القومي للمرأة، لاسيما أنه يعد من  أخطر الظواهر التي لا تقتصر فقط على القرى ولكن تمتد إلى المناطق الشعبية وبعض المدن، وفي هذا الصدد يعمل  المجلس القومي للمرأة على التعاون مع منظمات حقوقية وجهات مجتمع مدني، بالإضافة إلى التعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان لكونه مهتم بملف المرأة والسكان، إلى جانب شراكات متبادلة كتير مع جهات قومية ودولية

تضيف: المجلس يحرص على تنفيذ المبادرات الدورية بعنوان طرق الأبواب وحملات الدوار وفيها الرائدات الريفيات تقوم بالتوعية اللازمة بخطورة زواج الفتيات قبل السن القانوني، من قبل مدربات يتمتعن بمعرفة جيدة لهذا الملف، ويتميزون بالامكانيات التى تؤهلهم للتعامل مع كافة شرائح المجتمع  بأفكار وأنماط مختلفة.

وبالرغم من الجهود التي تبذلها الدولة بالتعاون مع الجهات المختلفة لمواجهة ظاهرة زواج القاصرات وما ينتج عنه من أطفال فاقدين لكافة الحقوق مع تنصل أحد أطراف هذه العلاقة الغير قانونية، إلا أن الثغرات القانونية  مازالت تسمح بتكرار و انتشار هذه المشكلة، مما يزيد من وجود أطفال بلا نسب.

Search