أصدرت الحركة المدنية تقريرًا تفصيليًا، للرد على بيان الحكومة المصرية “معا نبني مستقبلًا مستدامًا 2024/ 2027″، وألقاه رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي أمام مجلس النواب في العاصمة الإدارية الجديدة، في يوليو المنقضي.
يدور برنامج الحكومة الذي اطلعت زاوية ثالثة على نسخة منه في 286 ورقة، حول أربعة مبادئ حاكمة تمثلت في محاور رئيسية لبرنامج الحكومة؛ تناول المحور الرئيسي الأول حماية الأمن القومي وسياسة مصر الخارجية، أما المحور الثاني تحدث عن بناء الإنسان المصري و تعزيز رفاهيته، فيما جاء المحور الثالث مستحوذًا على أكثر من مائة ورقة من التقرير متحدثًا عن بناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، فضلًا عن محور رابع لم تتخطَ صفحاته خمسة عشر، يتناول تحقيق الاستقرار السياسي والتماسك الوطني.
على إثر ذلك، شُكلت لجنة بقرار من مجلس أمناء الحركة المدنية في اجتماعها 9 يوليو المنقضي، مكونة من؛ إلهامي الميرغني -الباحث الاقتصادي ونائب رئيس حزب التحالف الشعبي الإشتراكي، ومصطفى كامل السيد – أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس أمناء الحركة-، وطلعت خليل – المنسق العام للحركة المدنية-، ومحمد حسن خليل – عضو الأمانة العام للحركة-، للرد على بيان الحكومة الذي رفضته الحركة.
الحكومة تتجاهل
في المقدمة، انتقد تقرير الحركة المدنية الذي أطلعت زاوية ثالثة على نسخة منه عدم تقديم الحكومة المصرية دراسة ونقد لسياساتها الاقتصادية والسياسية خلال السنوات الماضية، وحمل التقرير ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية إلى سياسات الحكومة التي وفق التقرير “أفضت إلى عجز هائل في الموازنة العامة وفي ميزان المدفوعات، وأدت إلى حجم مديونية غير مسبوق تراجعت مؤخرًا إلى 154 مليار دولار، بعد أن وصلت إلى 168 مليار دولار خلال الأشهر الماضية”.
حمّل تقرير الحركة المدنية أيضًا، سياسات الحكومة المصرية مسؤولية تجاوز زيادة معدل الفقر إلى ثلث السكان تقريبًا، والاضطرار إلى توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي يلزمها بعدد من الإجراءات تتضمن “تصفية ممتلكات الدولة” – كما ورد في تقرير الخبراء بالموافقة على القرض في ديسمبر عام 2022-، الذي يعد القرض الحالي تعديلا له في مارس 2024.
أوضحت الحركة في تقريرها أن سياسات الحكومة الاقتصادية أدت إلى تبعية مصر لدائنيها وفي مقدمتهم دولًا خليجية. إذ تخلت مصر عن أصولها الإنتاجية فضلًا عن فتح الباب للتخلي عن الأصول التاريخية للدولة المصرية من أجل تنفيذ تلك الإجراءات.
معلقًا، يقول وليد العماري – المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية- إن التقرير حتى الآن لم يُقدّم إلى البرلمان المصري، وأن الحركة اهتمت بعرضه أولًا على الرأي العام قبل تقديمه إلى مجلس النواب.
يوضح لزاوية ثالثة أن اللجنة التي شُكلت من مجلس أمناء الحركة المدنية عملت على إعداد التقرير، بالتعاون مع ممثلي الأحزاب داخل الحركة – فيما عدا حزبي العدل والمصري الديمقراطي-، نظرًا لـ تجميد عضويتهما منذ الانتخابات الرئاسية.
فيما يشير عضو الحركة المدنية، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، إلى أن الحركة اهتمت بالرد على بيان الحكومة لأنها تكاد تكون المعارضة الوحيدة في مصر، وتهتم بما تقوم به الحكومة وتريد أن تعبر للرأي العام عن موقفها في برنامج الحكومة وسياستها المتبعة.
يؤكد أستاذ العلوم السياسية أن الحكومة الجديدة قدمت برنامجًا لمجلس النواب، وصفه بأنه “غير مناسب، ولا يتفق مع أهمية المحاور التي طرحتها الحكومة، ولذلك رأت الحركة أن واجبها يحتم عليها عرض موقفها من برنامج الحكومة للرأي العام، وهو ما يختلف عن الطريقة التي تعامل بها المجلس مع البرنامج”.
الأمن القومي
جاء الأمن القومي وسياسة مصر الخارجية ضمن المحاور الأساسية التي تحدثت عنها الحكومة المصرية في تقريرها، تضمن المحور برنامجين أساسيين، الأول تضمن ستة برامج فرعية أساسية وهم؛ حماية أمن واستقرار الحـدود، دعم القـدرات العســكرية للجيـش فـي مواجهــة التهديدات الخارجيـة، تعزيز أمن البحر الأحمر وقناة السويس، تعزيز جهــوع مكافحة الإرهاب، مكافحة الجرائم العابرة للحدود والاتجار بالبشر، وحماية الأم الداخلي ودعم المنظومة الأمنية.
أما البرنامج الرئيسي الثاني تحدث عن سياسة مصر الخارجية تتضمن أربعة محاور فرعية؛ أولًا: حماية أمن مصر الإقليمي، ومنع التدخل في شؤونها الداخلية، ثانيًا: تعزيز دور مصر في محيطها الإفريقي ودعم الاستقرار والتنمية الإفريقية، ثالثًا: تعزيز دور مصـر الـدولي، وأخيرًا تعزيز مشاركة مصر في المنظمات العالمية والقيادة في القضايا المهمة في العالم.
وقدّمت الحكومة طرحًا تفصيليًا في هذا المحور الأساسي للسنوات الثلاث القادمة، وتضمن الطرح توجهاتها لتعزيز أمنها القومي وسياساتها الخارجية وفقًا للمحاور الفرعية المذكورة، في المقابل، لم تلقَ تلك التوجّهات قبولًا لدى الحركة المدنية التي قدمت عددًا من الملاحظات والتوصيات بشأن هذا المحور.
جاءت أبرز ملاحظات الحركة المدنية في افتقاد السياسة الخارجية المصرية أي فعالية في مواجهة تهديدات أمن مصر، سواء نتيجة الحرب الأهلية في السودان أو الانقسامات في ليبيا أو في التعامل مع قضية سد النهضة، إذ انتقد التقرير تجاهل خطة الحكومة تمامًا للتعامل مع أزمة سد النهضة و اكتفاء الدبلوماسية المصرية بمطالبة إثيوبيا بالتوقيع على اتفاقية ملزمة تضمن حقوق مصر، وهو ما رفضته الحكومة الإثيوبية حتى الآن.
وقدم التقرير نقدًا على أداء السياسية الخارجية في التعاطي مع حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على يد قوات الاحتلال. كما انتقد تراجع الأداء المصري في تعزيز التواصل العربي والإسلامي، إذ تراوح الحكومة الخطى في إقامة علاقات دبلوماسية على مستوى سفارتي سوريا وإيران، وهو الموقف الذي دعت الحركة المدنية إلى العدول عنه، تعزيزًا لمكانة مصر الدبلوماسية، حتى ولو كانت الحركة تدين انتهاك حقوق الإنسان في الدولتين.
وحذرت الحركة في تقريرها من أن الاستدانة تقود لضعف المدين وقدرة الدائن على فرض شروطه السياسية والاقتصادية، في إشارة منها إلى وضع مصر الاقتصادي واعتمادها على صندوق النقد الدولي، الذي أصبحت ثاني أكبر الدول المدينة له.
وأوصت بضرورة تفرغ القوات المسلحة لمواجهة تهديدات الأمن القومي المصري على كل حدودها، والتخلي عن الأنشطة العديدة التي أصبحت تقوم بها خارج دورها المنصوص عليه دستوريًا. واعتبرت الحركة أن تغاضي الحكومة عن تقييم التجربة الماضية في اتجاهها للاعتماد على العدو الإسرائيلي في تأمين حاجة البلاد من الغاز الطبيعي، خطأ استراتيجي تدفع ثمنه البلاد الآن.
الطاقة والأمن الغذائي
جاءت الطاقة والأمن الغذائي ضمن المحور الأول، وانتقدت الحركة المدنية ضبابية برنامج عمل الحكومة وعدم وجود خطة واضحة للاعتماد على الذات في توفير السلع الغذائية الرئيسية. فضلًا عن عدم وجود ملامح واضحة لدعم الفلاح المصري، وتجاهل الحديث عن نظام الزراعة المحمية (الصوب) رغم ما أنفق من مليارات على مشروع 100 ألف صوبة زراعية.
وأشارت الحركة إلى قصور برنامج الحكومة في قطاع الطاقة وعدم وضع خطة محكمة، لتوفير الغاز لمحطات الكهرباء، لتلافي أزمة تخفيف الأحمال التي عانت منها البلاد خلال الأشهر الأخيرة، إضافة إلى عدم توافر بيانات حول خطط تنمية الغاز الطبيعي – بما في ذلك خطة الحكومة السابقة لتحويل أكثر من ثلاثة مليون وحدة سكنية للعمل بالغاز الطبيعي و إحلال الغاز بدلًا من 61 مليون اسطوانة بوتاجاز-، وفي هذا الصدد، حذرت الحركة من تخلي الحكومة عن برنامج توصيل الغاز الطبيعي للمنازل وتطالب بخطة واضحة لاستكماله.
انتقلت الحركة في هذا المحور إلى تسليط الضوء على سبعة أهداف فرعية في برنامج الحكومة، شملت؛ نظامًا صحيًا يشمل الجميع، وتعليم أفضل يسهم في توفير وظائف للمستقبل، وتنمية عمرانية متكاملة ومستدامة، بالإضافة إلى توفير العمل اللائق للجميع، كما تطرقت إلى الشباب الذين أسمتهم “شركاء اليوم وقادة الغد”، وضمان حياة كريمة لجميع المصريين، فضلًا عن تمكين المرأة وتعزيز تكافؤ الفرص في جميع المجالات.
ووجهت الحركة في تقريرها انتقادات لبرنامج الحكومة؛ لتجاهله الإنفاق على الصحة رغم أن الإنفاق الحكومي لا يتجاوز 32% من إجمالي الإنفاق على الصحة بينما ينفق المواطن المصري من ماله الخاص 67% من إجمالي الإنفاق الصحي. وتراجع الإنفاق على الصحة من إجمالي الإنفاق الحكومي والناتج المحلي في موازنة 2024/2015 بالمقارنة بـ 2010/201. إضافة إلى انخفاض عدد المستشفيات الحكومية إلى النصف تقريبًا خلال الفترة من 2000 حتى 2022 في مقابل ارتفاع النسبة في القطاع الخاص. فضلًا عن إصدار قانون لطرح المستشفيات العامة أمام القطاع الخاص والمستثمرين وهو ما يساهم في سلب المصريين الحق في الصحة وتحويلها إلى سلعة.
وأشار التقرير إلى تجاهل برنامج الحكومة معالجة أزمة العجز في الأطباء والتمريض التي تزايدت خلال السنوات الأخيرة. فضلًا عن أزمة توفير الدواء، الذي أصبح يعتمد بشكل كبير على القطاع الخاص، ومدى تأثير احتكار الشركات الأوروبية والأمريكية للمواد الخام في أسعار الدواء.
وفي قضية التعليم، أوضحت الحركة في تقريرها أن جوهر أزمة التعليم في مصر يمثل محاولة الدولة في الانسحاب من التعليم لصالح القطاع الخاص، ما يمثل اعتداء على الحق في التعليم؛ لما سيتسبب في تدهور كبير للعملية التعليمية التي تعاني من نقص حاد في عدد المعلمين وقصور في المناهج الدراسية وطرق التقييم.
وطالبت الحركة بضرورة وضع خطة قابلة التنفيذ خلال ثلاث إلى خمس سنوات لمعالجة أزمة كثافة الفصول وتغطية العجز في عدد المعلمين الذي يتجاوز 350 ألف معلم. كما طالبت بدعم الجامعات الأهلية والتركيز على دعم وتطوير الجامعات الحكومية والتي يجري تحويلها إلى جامعة شبه خاصة، إضافة إلى نظم التعليم المزدوج والذي يحطم التعليم الجامعي في مصر، فقد أصبح في مصر الآن 27 جامعة حكومية، و 25 جامعات خاصة، و21 جامعة أهلية.
وأشار تقرير الحركة إلى أن زيادة استثمارات القطاع الخاص في التعليم بمثابة ترجمة لتراجع وانسحاب الدولة وإهدار الحق في التعليم وتحويله إلى سلعة لمن يملك ثمنها.
وعن برنامج الحكومة في التنمية العمرانية متكاملة ومستدامة، أشار التقرير إلى اهتمام الحكومة بمدن الجيل الرابع على حساب المدن القديمة، وتعد هذه المدن غير جاذبة لأفراد الطبقة الوسطى نظرا لارتفاع قيمة الوحدات السكنية وقيمة الخدمات. كما انتقد التقرير تخطيط الحكومة للمدن الجديدة، إذ تجاهل إقامة الأنشطة الاقتصادية في هذه المدن ما جعلها غير جاذبة.
وجاء في برنامج عمل الحكومة أنها ستنفذ عدد 54 ألف وحدة إسكان اجتماعي دون توضيح خريطة توزيع الإسكان الاجتماعي المستهدف وتكلفته. فضلًا عن تجاهل الحكومة لآخر مستجدات الوحدات السكنية التي وعدت سابقًا ببنائها، مثل مدينة ناصر غرب أسيوط ومدينة غرب قنا.
وعن سياسات التشغيل، رأت الحركة في تقريرها أن الحكومة انتهجت منهجا غير واقعيًا لـ ربط سياسات التعليم والتدريب بالاحتياجات الحقيقية لسوق العمل، من خلال التركيز على التعليم الفني والتدريب المهني، مشيرة إلى أن نسب البطالة المعلنة رسميًا لا تتناسب مع عدد العاطلين فعليًا عن العمل، كما لم يتضمن برنامج الحكومة خطة طموحة لجذب استثمارات مباشرة لـ مشروعات صناعية وزراعية كثيفة العمالة.
وعن الحياة الكريمة، ذكرت الحركة أن هناك تناقضًا بين الهدف المعلن والواقع، وهو ما اتضح من رفع سعر رغيف الخبز المدعم من خمسة قروش إلى 20 قرش. سبقه تخفيض وزن الرغيف مرات عديدة. وطالبت الحركة بإعادة النظر في مخصصات دعم الأدوية وألبان الأطفال، لعدم كفايتها مطالبة بزيادتها، كما أشار تقرير الحركة إلى عدم تناسب مخصصات مساعدات الضمان الاجتماعي وبرنامج تكافل وكرامة ومعاش الطفل، مع ارتفاع الأسعار المتلاحق ونسب التضخم المرتفعة.
في المقابل، يرى وليد العماري – المتحدث الرسمي للحركة المدنية-، أن هناك بعض القضايا التي غابت عن برنامج الحكومة من بينها السلم العام والأمن المجتمعي؛ فرغم وجود أزمات مجتمعية اندلعت خلال السنوات الأخيرة؛ من بينها العنف ضد المرأة المتزايد خلال السنوات الأخيرة، وعمالة الأطفال والعنف ضدهم، إلى جانب عدم الحديث عن أسباب الأزمة وطرق الحلول.
خطط اقتصادية دون اعتراف بالأزمة
شمل المحور في برنامج الحكومة أربعة أهداف استراتيجية؛ بدأت بترسيخ دعائم النهوض الاقتصادي، وانتهت بمصر مركز استراتيجي للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت، مرورًا بتمكين القطاع الخاص، وتعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، وكذلك ضبط الأسعار والحد من التضخم.
ورأت الحركة أن أهم ما ينقص هذا المحور هو الاعتراف بفشل النموذج الاقتصادي الذي جرى اتباعه خلال السنوات العشر الماضية، ونتج عنه تراجع نسبة حصة القطاعات الإنتاجية وفي مقدمتها الصناعة التحويلية من الناتج المحلي الإجمالي إنتاجا وعمالة، واقترن ذلك بنمو المديونية الخارجية والداخلية، واضطرار الحكومة للجوء إلى صندوق النقد الدولي بحثًا عن صفقة إنقاذ للاقتصاد المصري، بعد أن أوشكت على العجز عن دفع التزاماتها الدولية. فضلًا عن تركيز هذا النموذج على مشروعات البنية الأساسية التي لم تضف إلى الطاقة الإنتاجية للبلاد. وتؤمن الحركة بأهمية ضرورة الابتعاد عن هذا النموذج، وضرورة الاستفادة من تنوع موارد مصر البشرية والمادية والجغرافية بالتركيز على تنمية الصناعة والزراعة والخدمات الإنتاجية وتحت قيادة الدولة الإنمائية، وتضافر كل من مؤسسات الدولة المدنية والقطاعين العام والخاص. كما أن بيان الحكومة لم يطرح سياسات محددة وواقعية لخروج الاقتصاد المصري من أزماته.
وقدمت الحركة انتقادًا حادًا لسياسة ملكية الدولة للأصول ووصفتها بـ “تبنى نهجًا يجرد مصر من أصولها الإنتاجية لصالح صناديق عربية، كما أن التسعير ليس به شفافية”.
الاستقرار السياسي دون أسباب وحلول
أشار تقرير الحركة المدنية إلى أن المحور الخاص بالاستقرار السياسي والتماسك الوطني كان الأصغر بين المحاور الأساسية الأربعة من حيث الحجم، إذ أنه لا يتجاوز الـــ 12 صفحة، مقتصرًا على برنامجين رئيسيين وثماني برامج فرعية.
ورأت الحركة في تقريرها، أن الاستقرار السياسي والتماسك الوطني يتحقق من خلال برنامجين رئيسيين؛ أولهما تعزيز المشاركة السياسية والحكم الرشيد، وثانيهما تعزيز ثقة المواطنين بالحكومة.
وعن المشاركة السياسية أشار التقرير إلى ضرورة تعزيز دور المحليات، وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وضمان الحريات الأكاديمية والبحث العلمي، والتوصل إلى مجتمع مدني قوي، وتفعيل دور النقابات العمالية والمهنية.
وبحسب ما ذكرته الحركة في تقريرها فإن بيان الحكومة لم يتحدث عن الأسباب الحقيقة وراء ضعف المشاركة السياسية والناتجة عن سياسات الدولة تجاه المشاركة السياسية المستقلة. ووصفت الحركة تلك المشاركة بمخاطرة تؤدي بمن يجرؤون ْعليها إلى غياهب السجون.
وخلى برنامج الحكومة من الإشارة إلى العزم على تغيير قانون الانتخابات الذي أقر نظام القائمة المطلقة في الانتخابات البرلمانية السابقة، وتسبب في استبعاد المعارضة. وفقًا للتقرير الذي أشار إلى حرمان المعارضة أيضًا من إقامة أنشطتها حتى ولو داخل مقراتها فضلًا عن القيود المفروضة على وسائل الصحافة والإعلام؛ ما ترتب عليه تدني مرتبة مصر في مؤشر حرية الصحافة العالمي، الأمر نفسه في الجمعيات الأهلية والحريات الأكاديمية.
يلخص أستاذ العلوم السياسية، مصطفى كامل السيد، في حديثه معنا، الأسباب وراء وجود قصور ببرنامج الحكومة في عدة نقاط؛ أولها عدم دراسة الحكومة التجربة السابقة وسياساتها التي أدت إلى الأزمة الحالية، مشيرًا إلى أنه كان من المفترض أن يكون البيان واقعي يحترم الرأي العام.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن أوجه القصور التي نتجت عنها الاختلالات الهيكلية فيما يخص الجزء الاقتصادي، ناتجة عن افتقار الحكومة الحالية للعقل الاقتصادي. فضلًا عن وجود خطأ منهجي وسياسي في برنامج الحكومة، “فهي لم تدرس الأخطاء السابقة لأنها تريد مواصلة نفس السياسات خلال السنوات القادمة”، حسب قوله.
في السياق نفسه، تثمن إلهام عيداروس – وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية، تحت التأسيس-، محاولة الحركة المدنية لإثراء هذا التقليد بالرد على بيان الحكومة، بعدما تم اقصائها من البرلمان بطرق عديدة، سواء عن طريق إقرار نظام انتخابي بنظام القائمة المطلقة أو حبس من يحاول – كما حدث في قضية تيار الأمل-، مشيرة إلى إيجابية التفاعل مع بيان الحكومة، لما يحمله من رسالة للرأي العام بأن المعارضة أيضًا لديها رؤية.
في المقابل، قدمت “عيداروس” في تصريحاتها إلى زاوية ثالثة، نقدًا لبيان الحركة المدنية الذي تجاهل الحديث عن قضية المواطنة في مواجهة تعسف الدولة والتيارات الدينية الرجعية الطائفية وغيرها. وترى أن ما قدم بشأن المواطنة في بيان الحركة المدنية، محدود للغاية ولا يتناسب مع ما قدمته الحركة من أفكار وأطروحات في جلسات الحوار الوطني ووثق في كتاب أفق الحوار.
تشير إلى عدم تفاعل تقرير الحركة مع تصور الحكومة عن برنامج تمكين المرأة إذا كان كافيًا أم لا؟، وأيضًا عدم تفاعلها مع “مفوضية التمييز” بالقدر الكافي، رغم مطالبة المعارضة بها تنفيذًا لمواد الدستور.
توضح وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية تحت التأسيس، أن برنامج الحكومة تحدث عن تجديد الخطاب الديني، وهو شعار قاصر وشكلي؛ فالأزمة لا تكمن في الخطاب الديني للدولة، لكن في الدفاع عن المواطنة لكل فئات المجتمع دون تمييز أو تحيز أو كراهية. وهذا يحتاج آليات أعقد وأعمق من شعار تجديد الخطاب الديني للمؤسسات الدينية فقط.
وتؤكد قصور الحركة في قضية المواطنة، وهذا يتضح – حسب وصفها- في فئات المرأة والمسيحيين والتنوع الفكري والثقافي الموجود في مصر، فضلًا عن عدم التطرق إلى قضية ذوي الاحتياجات الخاصة وإدماجهم في المجتمع وفقًا للقانون الصادر عام 2018، فكان على الحركة تقديم قراءة في مدى إيجابية وسلبية القانون.
وفقًا لما أوردته الحركة المدنية في تقريرها، أعلنت عن رفضها لبيان الحكومة المقدم إلى مجلس النواب في يوليو المنقضي، في مؤتمر صحفي عقد مساء الأحد، شارك فيه عدد من ممثلي أحزاب الحركة المدنية وبعض الشخصيات العامة.