نساء في سجون مصر.. أجساد بلا حقوق

«نساء في سجون مصر يتعرضن لاعتداءات جسدية وإهمال طبي متعمد، والفوط الصحية تتحول إلى وسيلة عقاب وابتزاز وسط تجاهل رسمي لمطالبهن.»
Picture of شيماء حمدي

شيماء حمدي

“خلال الفترة التي قضيتها في قسم «الإيراد» بالسجن، تعرضتُ لاعتداء جنسي من قبل إحدى السجّانات، مما تسبب لي في نزيف استمر لمدة 15 يومًا، رافقه شعور بالإعياء الشديد وهبوط حاد وألم لا يُحتمل في منطقة الظهر. بسبب الازدحام الشديد في الزنازين، لم يكن متاحًا لي النوم على ظهري، إذ كانت السجينات مجبرات على النوم في وضعية واحدة، هي النوم على أحد جانبي الجسد دون السماح بأي حركة. بهذه الكلمات بدأت سناء عبد اللاه (اسم مستعار حفاظًا على أمنها الشخصي)، سرد شهادتها حول ما تعرضت له من انتهاكات جسيمة أثناء فترة احتجازها الأخيرة بين عامي 2019 و2020.

سناء التي تعرضت للاعتقال أربع مرات بين عامي 2017 و2020، لا تقتصر روايتها على سرد الانتهاكات العامة التي يواجهها السجناء، بل تسلط الضوء بشكل خاص على الممارسات التعسفية التي تُرتكب بحق النساء داخل أماكن الاحتجاز، وخاصة السجون.

تواصل سناء روايتها لـ«زاوية ثالثة» قائلةً: “بعد استمرار النزيف لعدة أيام طلبت أن يتم عرضي على طبيب نساء لفحص حالتي وإيجاد حل، لكن طلبي قوبل بالتجاهل لمدة 10 أيام كاملة. وبعد أن تقرر أخيرًا نقلي إلى مستشفى السجن، اكتشفت أن طبيب النساء لم يكن موجودًا في ذلك اليوم، وتم استبداله بطبيب ممارس عام، لم يجرِ لي أي فحص طبي حقيقي، ولم يحاول حتى معرفة سبب النزيف، واكتفى بإعطائي بعض الأقراص قائلًا: «تناولي هذه الأدوية وسيتوقف النزيف»”.

تضيف سناء: “عدت إلى قسم «الإيراد» في حالة من الغضب الشديد نتيجة الإهمال الطبي وغياب الرعاية الصحية، وحينها أخبرتني بعض السجينات أن طبيب النساء الموجود في السجن سبق له التحرش بعدة سجينات خلال الفحوص الطبية. وأضفن أن جميع الضحايا كنّ من السجينات الجنائيات، وأن الطبيب كان يستغل خوفهن من الاعتراض أو تقديم شكاوى بحقه. أخبرنني أيضًا أنني كنت محظوظة للغاية لأن الطبيب لم يكن متواجدًا عندما ذهبت إلى المستشفى”.

وتوضح سناء أن فترة الإقامة في قسم «الإيراد» قد تمتد أحيانًا إلى شهر أو أكثر داخل سجون النساء، رغم أن هذا الإجراء يُعد مخالفًا للقانون، وأن السجينات يُنقلن بعد هذه المدة إلى العنابر المختلفة.”


نوصي للقراء:  سجينات الرأي في مصر.. ملف منسي في اليوم العالمي للمرأة

السجون لا تراعي احتياجات النساء

ترى سناء أن السجن  غير مهيأ تمامًا لتلبية احتياجات النساء أو مراعاة ظروفهن الخاصة، وهذا يبدأ من مرحلة “الإيراد”، وهو المكان الذي يتم فيه استقبال السجينات فور دخولهن السجن، قبل أن يتم توزيعهن لاحقًا على العنابر.  تتابع على سبيل المثال، في سجن القناطر، يكون “الإيراد” عبارة عن غرفة صغيرة مساحتها حوالي 3×4 متر، يوجد فيها ما لا يقل عن 40 إلى 50 امرأة، وأحيانًا قد يصل العدد إلى 70 امرأة. في هذا المكان، لا تُراعى الاحتياجات الأساسية؛ فاستخدام الحمام يكون بمواعيد محددة، وعليك انتظار دورك مهما كان ظرفك.

تضيف الاستحمام ممنوع، وإذا كانت السجينة محظوظة وحصلت على فرصة للاستحمام، فقد يكون ذلك مرة واحدة في الشهر، ولمدة 10 دقائق فقط. وإذا تأخرت في الداخل، قد تدخل النبطشية (وهي سجينة مسؤولة عن تنظيم المكان) لإخراجها. كما يُحظر تسريح الشعر، والنوم محدد من الساعة 12 مساءً حتى 6 صباحًا، ولا يُسمح بالنوم أو الاستيقاظ خارج هذه الأوقات، حتى لو كانت السجينة مريضة أو حامل.

أًصدرت مؤسسة المرأة الجديدة التقرير الوطني حول مقررات عمل بيجين +30، وتحت عنوان أوضاع النساء في منظومة العدالة الجنائية، تناول التقرير العديد من المشكلات التي تتعرض لها النساء داخل منظومة العدالة، كان من بينها أوضاع النساء السجينات وما تتعرض له من انتهاكات. حيث أشار التقرير إلى  تغافل القوانين واللوائح المعنية بتنظيم السجون عن تناول الاحتياجات الصحية للنساء، فلا تعترف السجون بسوى النساء الحوامل بدءًا من الشهر الثالث. فتترتب عليه تجاهل الدورة الشهرية وتوفير فوط صحية مجانًا، في مقابل تزايد أسعار الفوط الصحية وتضاعف سعرها عند شرائها من كانتين السجن. وهو أمر يضاعف النساء محنةً نتاج فقر الدورة الشهرية.

كما أشار التقرير إلى تردى أوضاع أماكن الاحتجاز بداية من تصميم عمران السجون وصولًا إلى  المعيشة والتهوية والنظافة، بجانب التكدس والاكتظاظ مما يهدد من سلامة السجينات/السجينين على وجه العموم، كما أنه لا يأخذ في الاعتبار خصوصية النساء ووجوده خاص للأمهات والحوامل.” ​​

وفي هذا أوصى التقرير بــ “نشر اللوائح الداخلية للسجون وعرضها على المحتجزات/ين للتعرف على حقوقهن/م، وآليات الشكاوى والإبلاغ، وأهمية اتخاذ إجراءات جادة تجاه إنهاء العنف الجنسي كمنهجية للعقاب داخل السجون. بالإضافة إلى ضرورة مراعاة احتياجات النساء الصحية والجسدية، من حيث العمران وظروف المعيشة والاحتياجات الصحية، وتطوير المرافق الطبية داخل السجون. فضلًا عن ضرورة التزام النيابة العامة بمسؤوليتها  في الإشراف القضائي على السجون للتحقق من أوضاع السجينات من حيث المعاملة وظروف المعيشة وغيرها لملائمتها بألا  يكون هناك انتهاكات تتعرض لحقوقهن.”

تعليقًا تقول نيفين عبيد المديرة التنفيذية  لمؤسسة المرأة الجديدة،  أولاً، محور حقوق الإنسان والمرأة محور من محاور بجين، وتضمن تقريرنا العديد من التوصيات، ليس فقط تلك المتعلقة بالسجون. ثانيًا، هناك مشكلات مرتبطة بقضايا النوع الاجتماعي والمرأة، وكانت هناك حملات خلال السنوات الأخيرة، تناولت قضية الفوط الصحية واحتياجات النساء خلال الدورة الشهرية داخل السجون، وكذلك الظروف العامة للمرأة في السجون. ثالثًا، تم الإشارة إلى نموذج “مروة عرفة”- سجينة سياسية منذ أكثر من أربع سنوات احتياطيًا- كنموذج لتسليط الضوء على أزمة الحبس الاحتياطي واستخدامه ضد النساء، حيث نرى أنها تحتاج إلى إعادة النظر في قضية العدالة فيما يتعلق بحبس النساء احتياطيًا والمطالبة بالعدالة الناجزة في هذه الحالات.

أوضحت عبيد أن المؤسسة تتابع بشكل خاص أوضاع السجينات في قضايا الرأي والتعبير، بما في ذلك الحملة التي نُظمت للمطالبة بتوفير الفوط الصحية داخل السجون. كما تتابع المؤسسة حالات الفتيات والنساء اللاتي تم القبض عليهن في الآونة الأخيرة، سواء بسبب تضامنهن مع قضايا مثل فلسطين أو مشاركتهن في تظاهرات عامة. وأشارت عبيد إلى أن التقرير يغطي الفترة الممتدة من عام 2020 حتى 2025، وخلال هذه المدة تم الإفراج عن عدد كبير من هؤلاء النساء.

كشف تقرير أممي عن تزايد غير مسبوق في التهديدات التي تواجه حقوق النساء والفتيات عالميا، حيث تتصاعد مستويات التمييز وتتراجع الحماية القانونية، بالإضافة إلى نقص التمويل المخصص لبرامج ومؤسسات دعم المرأة.

يهدف إعلان ومنهاج عمل بيجين إلى دعم النساء والفتيات حول العالم في سعيهنّ إلى تحقيق المساواة بين الجنسين وإعمال حقوق المرأة، وضمان مواصلة المجتمع الدولي التزامه بمعالجة أوجه عدم المساواة المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. حتى الآن، أجريت خمسة استعراضات، أسفر كل منها عن وثيقة ختامية تتعهد فيها الدول بمواصلة جهودها الرامية إلى الوفاء بالالتزامات العالمية المتعلقة بحقوق المرأة والفتاة. وتحدّد الوثيقة الختامية أيضاً الإجراءات ذات الأولوية للسنوات الخمس التالية.


نوصي للقراء:  للرجال فقط.. العفو الرئاسي لا يشمل “سجينات الرأي” في مصر

قوانين السجون بين التطبيق والتعديل

تستكمل سناء روايتها عن الانتهاكات التي تعرضت لها أثناء حبسها الأخير وتقول:”أثناء وجودي في سجن القناطر، كانت تحدث مشادات متكررة بيني وأفراد الأمن المسؤولة عن تفتيش حقائبنا خلال الزيارات أو الجلسات. فعندما كان يجد الفوط الصحية، كان يقوم بفتحها، مما يؤدي إلى تلوثها.  تضيف تكررت الخلافات بيننا، ورفعت شكاوى إلى إدارة السجن، لكنهم كانوا يصرون على أن الأمر يتعلق بتفتيش الزيارة، دون أن يدركوا أن هذه الفوط يجب أن تبقى معقمة، وأن تلوثها قد يتسبب في أضرار صحية. أما في أقسام الشرطة، ففي بعض الأحيان يتم السماح بدخول الفوط الصحية للسجينات الجنائيات، لكن تبقى مشكلة استخدام الحمام كارثية بكل المقاييس.

ترى المحامية الحقوقية هالة دومة أن أزمات النساء داخل أماكن الاحتجاز لا تقتصر على احتياجاتهن فقط، بل تمتد إلى طول مدة احتجازهن، والتي قد تستمر لسنوات دون مراعاة وجود أطفالهن. قضية “مروة عرفة” تعد مثالًا على ذلك. أما بالنسبة لاحتياجات النساء داخل السجون تعتقد دومة أن الأمر يتعلق بقانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956، حيث يوجد جانبين لهذا الموضوع: التطبيق الفعلي لبعض مواد القانون والتعديلات اللازمة لبعضها. 

تضيف دومة في حديثها لزاوية ثالثة، على سبيل المثال، بالنسبة للأمهات المسجونات، لا نحتاج أكثر من تطبيق حقيقي للمادتين 19 و20 من القانون، مع مراعاة الظروف الخاصة بالمرأة الحامل. كما نطمح إلى تعديل اللائحة لتنص على ضرورة الاعتراف بالفوط الصحية واعتبارها من الاحتياجات الأساسية للسجينات.

توضح المحامية الحقوقية وفقا لما ورد إليها من شهادات سجينات سابقات بسجن القناطر،  أن الفوط الصحية تستخدم أحيانًا كوسيلة للتعنت ضد السجينات من خلال منع دخولها، ما يضطر بعضهن، اللواتي يمتلكن المال، إلى شرائها من كانتين السجن ( مكان مخصص لبيع احتياجات السجناء والسجينات) بأسعار قد تصل إلى ثلاثة أضعاف سعرها الحقيقي. لذلك، من الضروري أن قانون تنظيم السجون بشكل صريح على أن الفوط الصحية تعتبر من الاحتياجات الأساسية، حتى لا تُستغل كوسيلة للضغط والتعنت ضد السجينات. مؤكدة على أن هذه الشهادات  خاصة بسجن القناطر للنساء وغير متأكدة إذا كانت تحدث في سجون أخرى من عدمه.

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية،  في مارس 2019، ورقة بحثية بعنوان “الدورة الشهرية في السجون”، أكدت فيها أن الدورة الشهرية كجزء صحي وطبيعي من أجساد النساء غائبة تماماً من القانون، لم يتم ذكرها بين مواده أو حتى في اللائحة الداخلية لتنظيم السجون، أو القرارات الوزارية المتعلقة بها. وأوضحت أن القانون لم يعترف بالاحتياجات الخاصة بأجساد النساء حتى الشهر الثالث من الحمل، لناحية توزيع وجبات خاصة بالسيدات الحوامل، وفقاً لقرار وزير الداخلية رقم 468 لسنة 2017 المعدل على قرار رقم 361 لسنة 1998.

تنص المادة 19 من قانون تنظيم السجون على أنه :”تعامل المسجونة الحامل معاملة طبية خاصة من حيث الغذاء والتشغيل والنوم منذ ثبوت حملها بتقرير طبي، وإلى أن تضع مولودها وتمضي أربعين يوما على الوضع. ويجب أن يبذل للأم وطفلها العناية الصحية اللازمة مع الغذاء والملبس المناسب والراحة، ولا يجوز حرمان المسجونة الحامل أو الأم من الغذاء المقرر لها لأي سبب كان.”

كما تنص المادة 20 من القانون ووفقًا للتعديل الأخير بموجب القانون 106 لسنة 2015، على أن :”يبقى مع المسجونة طفلها بحضانة السجن حتى يبلغ من العمر أربع سنين على أن تلازمه خلال العامين الأولين، فإن لم ترغب في بقائه معها أو بلغ هذه السن سُلم لمن له الحق في حضانته قانوناً، فإذا رفض سُلم لمن يليه، فإذا رفض جميع من لهم الحق في حضانته قانوناً، وجب على مأمور السجن إيداعه أحد دور الرعاية المختصة وإخطار الأم المسجونة بمكانه وتيسير رؤيتها له في أوقات دورية على الوجه الذي تبينه اللائحة الداخلية.” 


نوصي للقراءة: إحالات بالجملة: محاكم الإرهاب المصرية في مواجهة أكثر من 8 آلاف متهم

أوضاع السجون  بين الدستور المصري و قواعد بانكوك

تنص المادة 55 من الدستور المصري على أنه :”كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً….” كما تنص المادة 56 من الدستور على أن :”السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي، ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر. وينظم القانون أحكام إصلاح وتأهيل المحكوم عليهم، وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم بعد الإفراج عنهم.”

من جانبها ترى الناشطة النسوية إلهام عيداورس أن هناك تناقضات كثيرة بين أوضاع السجون في مصر ومعاملة السجينات وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء( قواعد نيلسون مانديلا)، بالإضافة إلى “قواعد بانكوك” الخاصة بمعاملة النساء قيد الاحتجاز. سواء فيما يتعلق بالبنية التحتية للمباني والغرف، أو من حيث المعاملة.

من حيث الجانب المادي، ترى عيداروس في حديثها لزاوية ثالثة، أن هناك بعض السجون التي تعاني من بنية تحتية متهالكة تحتاج إلى تحديث، ولا تتوفر معلومات دقيقة حول ما إذا كان هناك تحديث أو فيما يخص البنية التحتية لسجون النساء من عدمه. لكن ما هو مؤكد أن عدد سجون النساء أقل بكثير من عدد سجون الرجال. يشمل الجانب المادي أيضًا أماكن الانتظار، وأماكن الزيارة، وطرق التفتيش التي تتعرض لها السجينات، بالإضافة إلى أوضاع الزنازين، والتي تعد جزءًا من هذه المشكلة.

تضيف عيداروس، أما المعاملة التي تتعرض لها السجينات، فهي تنقسم إلى نوعين: الأول يتمثل في انتهاكات واضحة للقوانين واللوائح مثل التحرش والمعاملة السيئة داخل السجون، والتي تجرمها قوانين السجون نفسها. الثاني يتعلق بالجوانب التي لا تراعيها اللوائح والقوانين من الأساس. على سبيل المثال، التفتيش الجسدي الذي يتضمن اقتحام فتحات الجسم. إذا نظرنا إلى “قواعد بانكوك” أو “قواعد نيلسون مانديلا” الخاصة بمعاملة السجناء، سنجد أن هذه القواعد صارمة جدًا في تحديد كيف ومتى يتم التفتيش بهذه الطريقة. الكثير من الدول اعتمدت حلولًا تكنولوجية بديلة للتفتيش الجسدي القاسي والمنتهك، لكن هذه الحلول لا تُطبق في مصر.

وتشير الناشطة النسوية إلى أن الأمر الأخطر يتعلق بالسؤال عن العذرية، وهو سؤال غير مرتبط بتفتيش للممنوعات، بل يتم لاعتبارات أخلاقية بهدف إذلال السجينة. على سبيل المثال، في بعض الحالات تم سؤال السجينات إذا كن قد سبق لهن الزواج أو العلاقة الجنسية. هذا الأمر تم رصده من قبل عدة جهات، وتم تقديم شكاوى للمجلس القومي للمرأة، لكن دون جدوى. هذه الممارسات تنتهك اللوائح بشكل صارخ، خاصة بعد قرار المحكمة الإدارية بمنع “كشوف العذرية” تمامًا بعد أحداث ثورة يناير.

وتستكمل عيداروس حديثها، بالنسبة للأمور التي لا تراعيها لائحة السجون، لا توجد أي مواد تتضمن احتياجات النساء مثل الفوط الصحية رغم أنها تعتبر من حقوق السجينة الأساسية مثل الطعام والشراب، ولكن لا يتم النص عليها صراحة في اللائحة. مشيرة إلى أن  الانتهاكات التي تتعرض لها السجينات السياسيات، تختلف أحيانًا عن الانتهاكات التي تتعرض لها السجينات الجنائيات. حيث يتم معاملة الجنائيات باستعلاء أكثر، في حين تتعرض السجينات السياسيات لانتهاكات مميزة مثل حبس الأم والأب معًا رغم وجود أطفال، كما حدث مع الصحفية “سولافة مجدي”، حيث تم القبض عليها هي وزوجها وحبسهما لمدة عامين تقريبًا رغم وجود طفل صغير، وكلاهما يتعرض للكثير من الانتهاكات.

ترى الناشطة النسوية أنه في قضايا الحبس الاحتياطي، يفترض أن تؤجل حبس الأم إذا كان لديها طفل صغير لحمايته، لكن هذا الأمر لا يُطبق في القضايا السياسية. ولا يوجد أي دور فعّال للمجلس القومي للمرأة أو للطفولة والأمومة في حماية النساء السياسيات المحبوسات، خصوصًا في مراعاة واجبات الأمومة.

تنص المادة 488 من قانون الإجراءات الجنائية 150 لسنة 1950 وتعديلاته والتي تنص على أنه “إذا كان محكوماً على الرجل وزوجته بالحبس مدة لا تزيد على سنة ولو على جرائم مختلفة ولم يكونا مسجونين من قبل، جاز تأجيل تنفيذ العقوبات على أحدهما حتى يفرج عن الآخر، وكذلك إذا كانا يكفلان صغيراً، لم يتجاوز 15 سنة، وكان لهما محل إقامة معروف بمصر”.

تمثل قواعد نيلسون مانديلا النموذج المعترف به عالميًا لإدارة السجون في القرن الحادي والعشرين. فهي تحدد الحد الأدنى من ظروف السجن، وتوفر الإرشادات، وتضع معايير واضحة لموظفي السجون حول كيفية الحفاظ على السلامة والأمن والكرامة الإنسانية. وتضمنت قواعد مانديلا الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الفردية للسجناء وخاصة الفئات الأضعف داخل السجن وأن العقوبة هي حرمان الشخص من حريته بهدف إعادة تأهيله لذا يجب الحرص على ألا تزيد المعاملة بالسجن من معاناة الشخص المحروم من حريته.

فيما اعترفت قواعد بانكوك  بأن النساء في السجون لديهن احتياجات خاصة يجب مراعاتها، بما في ذلك الرعاية الصحية النفسية والجسدية. كما نصت على ضرورة توفير رعاية صحية خاصة للحوامل والأمهات في السجون، بما في ذلك الرعاية الطبية أثناء الحمل وبعد الولادة. بالإضافة إلى ضرورة توفير بيئة مناسبة للأطفال الذين يرافقون أمهاتهم في السجن، وضمان رفاهيتهم الجسدية والنفسية.كذلك ضمان توفير خدمات صحية ملائمة للسجينات، بما في ذلك الفحوصات الطبية الدورية، والعلاج من الأمراض النفسية والجسدية، والرعاية الصحية الجنسية والإنجابية. فضلًا عن اتخاذ إجراءات لحماية السجينات من جميع أشكال العنف، سواء من قبل زملائهن في السجن أو من قبل الموظفين. ومنع الممارسات المهينة أثناء التفتيش، وتجنب إجراء التفتيش الجسدي بطريقة تتعارض مع كرامة السجينات.

شيماء حمدي
صحفية مصرية، تغطي الملفات السياسية والحقوقية، وتهتم بقضايا المرأة. باحثة في حرية الصحافة والإعلام والحريات الرقمية.

Search