بالتزامن مع إحياء فاعليات اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس، ويوم المرأة المصرية في السادس عشر من الشهر ذاته، تبرز قضية المعتقلات السياسيات وسجينات الرأي في مصر كأحد أهم القضايا المتعلقة بحقوق النساء، خاصة مع استمرار الانتهاكات ضدهن، داخل السجون، حسبما تفيد تقارير عديدة في الفترة الأخيرة، وإهمال المطالب الحقوقية بالإفراج عنهن، فضلاً عن توقف عمل لجنة العفو الرئاسي التي كانت بمثابة أمل كبير لأسر المعتقلين والمعتقلات، والضبابية حول احتمالات استئناف عملها.
في ظل غياب إحصائيات رسمية دقيقة، تشير تقديرات مختلفة إلى وجود مئات وربما آلاف النساء داخل السجون على خلفيات سياسية، رغم ذلك، لا تحظى قضية السجينات السياسيات بحراكٍ مجتمعي أو سياسي واضح، سواء من منطلقات حقوقية عامة أو نسوية بشكل خاص، ما يزيد من تعقيد أوضاعهنّ داخل أماكن الاحتجاز. ورغم غياب أرقام رسمية دقيقة، تتقاطع بعض التقارير حول وجود عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في مصر، دون تحديد دقيق لنسبة النساء بين هؤلاء المعتقلين، لكن مع توسعة السجون خلال عام 2022، راجت أخبار عن نقل 500 سجينة سياسية من سجن القناطر إلى مجمع سجون وادي النطرون، في خطوة لم يُعلن رسميًا عن تفاصيلها، مما زاد من غموض المشهد.
تضم مصر ثمانية سجون مخصصة للنساء، يأتي على رأسها سجون القناطر الخيرية، برج العرب، ودمنهور. وتكشف الإحصاءات الرسمية أن نحو 30 ألف سيدة يُصنّفن كـ “غارمات”، أي تم سجنهنّ بسبب عدم قدرتهنّ على سداد ديون مستحقة، وهو ما يمثل حوالي 25% من إجمالي السجناء في البلاد. هذه النسبة تعكس حجم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المرأة المصرية، والتي تتجاوز الإطار السياسي لتصل إلى أبعاد معيشية بحتة.
نوصي للقراءة: للرجال فقط.. العفو الرئاسي لا يشمل “سجينات الرأي” في مصر
التمييز في آليات العفو السياسي
شهدت لجنة العفو الرئاسي نشاطًا ملحوظًا في عام 2022، بعد توقفها لفترة، هذا النشاط جاء نتيجة قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي في مايو 2022، إعادة تفعيلها للإفراج عن عدد من السجناء والسجينات على ذمة قضايا سياسية بالإضافة للغارمين والغارمات، تمهيدًا للحوار الوطني الذي أجرته مصر مع المعارضة مؤخرًا، لكنها عادت للتوقف مجددًا وسط مطالب حقوقية بضرورة تفعيل نشاطها للإفراج عن المزيد من المعتقلين في الوقت الراهن.
تعتمد لجنة العفو في قراراتها بشأن السجناء الذين تسعى للإفراج عنهم على معايير محددة، من بينها “عدم الانتماء لجماعات إرهابية، وعدم ارتكاب جرائم عنف، أو الإدانة في قضايا التحريض والإرهاب”، وتعمل اللجنة على دراسة ملفات السجناء الذين ترى أنهم يستحقون العفو الرئاسي، ثم ترفع توصياتها إلى رئيس الجمهورية، الذي يملك صلاحية التصديق على قرارات العفو والإفراج عن المحكوم عليهم بأحكام نهائية.
وقد تمكنت اللجنة من إصدار عدد من القوائم التي تضمنت نشطاء بارزين مثل المحامي الحقوقي محمد الباقر والباحث باتريك جورج، إلى جانب قرارات بإخلاء سبيل عدد من المحتجزين. ومع ذلك، رصدت لجنة العدالة الإفراج عن نحو 915 شخصًا خلال عام 2020، من بينهم 23 سجينة فقط، وهو ما يشكل نسبة 2.5% من إجمالي المفرج عنهم خلال هذه الفترة، ما يشير إلى نسبة منخفضة جدا للسجينات المفرج عنهن مقابل الرجال.
الآلية الحالية للعفو الرئاسي والوساطات السياسية يقتصر تأثيرها على المعتقلين غير المنتمين لجماعات الإسلام السياسي، وهو ما انعكس أيضًا على أوضاع السجينات، فلم يتم الإفراج سوى عن عدد محدود جدًا من النساء، في حين لا تزال أخريات يواجهن أوضاعًا إنسانية قاسية دون تحرك واسع للإفراج عنهنّ.
ويقول ياسر سعد -المحامي المعني بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية- إلى زاوية ثالثة إن أوضاع النساء في السجون المصرية تعد من بين القضايا الأكثر تعقيدًا وصعوبة، إذ يمكن تصنيف السجينات إلى عدة فئات. فهناك المحتجزات بسبب نشاطهن السياسي، ومن تم اعتقالهن نتيجة تضامنهن مع قضايا سياسية أو حقوقية، بالإضافة إلى النساء المحتجزات على ذمة قضايا تتعلق بحرية التعبير، سواء من خلال منشورات على صفحاتهن الشخصية أو عبر مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة منصة “تيك توك”. كما تشمل قائمة المعتقلات أيضًا النساء اللاتي ناضلن من أجل تحسين ظروف عملهن، سواء في مؤسسات حكومية أو في مجال الصحافة والإعلام.
ورغم اختلاف الدوافع التي أدت إلى احتجاز هؤلاء النساء، إلا أن أوضاعهن داخل السجون متشابهة إلى حد كبير، وفق سعد، باستثناء فئة “فتيات تيك توك” اللواتي يواجهن غالبًا أقصى العقوبات، بناءً على اتهامات تتعلق بقيم الأسرة المصرية أو التحريض على الفسق. وتُعد هذه الاتهامات غير محددة بإطار قانوني واضح، حيث تستخدمها السلطات بشكل انتقائي ضد النساء والفتيات اللاتي يظهرن علنًا على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة إذا أثارت محتوياتهن، أو حتى طريقة لبسهن وكلامهن، موجات غضب شعبي. كما أن هناك حالات تعرضت للمحاكمة بسبب الطريقة التي يحققن بها دخلهن المالي عبر الإنترنت.
على المستوى السياسي، يرى سعد أن قضية الناشطة مروة عرفة من أبرز القضايا، حيث قضت فترات طويلة في الحبس الاحتياطي، بالمخالفة للقانون. كما تواجه المحامية هدى عبد المنعم أوضاعًا صعبة، إذ جرى احتجازها تعسفيًا دون سبب قانوني واضح، ويتم تدويرها من قضية إلى أخرى. أما في قضايا “فتيات تيك توك”، فتبرز حالتا مودة الأدهم وحنين حسام باعتبارهما من أشهر الأسماء التي وُجهت إليهن اتهامات متعلقة بمحتوياتهن على الإنترنت. وفي سياق الإضرابات العمالية، فقد تم اعتقال عدد من النساء مع زملائهن أثناء المطالبة بتحسين ظروف العمل.
ورغم المطالبات المستمرة من قبل المجتمع المدني، بما يشمل الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية والمراكز الحقوقية، إلا أن المطالبة بالإفراج عن المعتقلات تحظى بأقل اهتمام نسبيًا، مقارنة بعدد السجينات وظروف احتجازهن القاسية. فقد وردت شكاوى عديدة عن تعرض بعضهن للاستغلال أو التحرش تحت ذريعة التفتيش، بالإضافة إلى الاعتداء الجسدي عليهن من قبل عاملات بالسجن، أو مضايقتهن من قِبل إدارة السجن أو بعض السجينات الأخريات، وفق سعد.
ويقول سعد في حديثه معنا إن تسليط الضوء بشكل أكبر على أوضاع المعتقلات والمحتجزات، سواء من قبل منظمات المجتمع المدني أو الناشطات في مجال حقوق المرأة، قد يسهم في تحقيق بعض النتائج الإيجابية، رغم تعنت السلطات وإصرارها على تجاهل المطالبات بالإفراج عن النساء المعتقلات. وتظل العقبة الأكبر في ملف السجينات اللواتي صدرت بحقهن أحكام قضائية، حيث لا يمكن الإفراج عنهن إلا بقرار عفو رئاسي، مما يتطلب جهودًا مضاعفة لإطلاق سراحهن، على عكس النساء المحتجزات على ذمة قضايا، واللواتي يمكن لقرار من النيابة أن ينهي احتجازهن بشكل مباشر.
نوصي للقراءة: إحالات بالجملة: محاكم الإرهاب المصرية في مواجهة أكثر من 8 آلاف متهم
أسماء بارزة خلف القضبان
برزت خلال السنوات الأخيرة أسماء نسائية لقيت اهتمامًا إعلاميًا، مثل المترجمة مروة عرفة التي قضت نحو أربع سنوات رهينة الحبس الاحتياطي، لتبدأ محاكتها في يناير الماضي، وقد تسبّب استمرار اعتقال مروة في معاناة نفسية كبيرة لطفلتها الوحيدة “وفاء”، التي تبلغ من العمر ست سنوات، حيث أدى غياب الأم منذ سنواتها الأولى إلى إصابتها باضطراب طيف التوحد، ما يستدعي جلسات علاجية متواصلة، بحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان.
ويتردد اسم المحامية هدى عبد المنعم (64 عامًا) كأبرز السجينات التي تكثف منظمات حقوقية المناشدات للإفراج عنها خلال الفترة الأخيرة نظرًا لتدهور حالتها الصحية، وهي عضو سابق في المجلس القومي لحقوق الإنسان، معتقلة منذ أواخر أكتوبر 2018. وقد صدر بحقها حكم بالسجن لمدة خمس سنوات في القضية المعروفة باسم “قضية التنسيقية المصرية للحقوق والحريات”، وذلك استنادًا إلى اتهامات وجهتها نيابة أمن الدولة، من بينها “الانضمام إلى جماعة محظورة” وغيرها من التهم المشابهة.
خلال فترة احتجازها، تعرضت عبد المنعم لظروف قاسية، حيث حُرمت من أبسط حقوقها، فقد مُنعت من زيارة أسرتها أو حتى التواصل معهم بأي وسيلة، كما حُرمت من الرعاية الطبية رغم أنها امرأة مسنة في الستينيات من عمرها وتعاني من مشكلات صحية، من بينها ارتجاع في الكلية اليمنى وتوقف عمل الكلية اليسرى، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل مُنعت أيضًا من إجراء فحص بالأشعة على القلب رغم تعرضها لنوبات قلبية متكررة، وفق تقرير نشرته صفحة الموقف المصري.
شهدت السنوات التي تلت عام 2013 موجة اعتقالات واسعة شملت النساء، خاصة في أعقاب مظاهرات 2013 و2014، لا سيما داخل الحرم الجامعي لجامعتي الأزهر والإسكندرية. شملت الاعتقالات ناشطات ينتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب أخريات من التيارات المدنية شاركن في ثورة يناير، بعضهنّ حُكم عليهنّ بأحكام تصل إلى 14 عامًا، قبل أن يتم تخفيفها في مراحل لاحقة.
تعاني العديد من السجينات من أوضاع احتجاز قاسية، تشمل الحرمان من الزيارة، ومنع دخول الأدوية والأغراض الأساسية، والتضييق على التريض، بعض المعتقلات دخلن في إضراب عن الطعام احتجاجًا على هذه الانتهاكات، مثل عائشة الشاطر، التي أصيبت بنوبات قلبية عدة داخل محبسها، ما دفعها إلى المثول أمام المحكمة على كرسي متحرك وفق تقارير حقوقية.
في السياق، تقول هالة دومة -المحامية والباحثة القانونية، رئيسة مكتب حرية للمحاماة والاستشارات القانونية- إنه لا يوجد ما يسمى بمصطلح “معتقلة رأي” من الناحية القانونية، موضحة في حديث مع زاوية ثالثة إن هذا تعبير حقوقي وليس قانونيًا. فالأشخاص المحتجزون هم إما محبوسون احتياطيًا على ذمة قضايا ذات طابع سياسي، أي بموجب قانون الإرهاب، أو على ذمة قضايا عادية وفقًا لقانون العقوبات أو القوانين المكملة له. وبالتالي، عندما نناقش أوضاع هؤلاء المحتجزين، من المهم التمييز بين السردية القانونية والسردية الحقوقية، لأن النيابة العامة أو المحاكم لا تعترف بمصطلحات مثل “معتقل سياسي”.
أما عن الحقوق، فتؤكد هالة إنه من المفترض عدم التفرقة من ناحية القانون، بين المحتجزين على خلفية جنائية والمحبوسين على ذمة قضايا سياسية، فكلاهما يتمتعان بالحقوق ذاتها داخل السجون، وفقًا للقوانين المنظمة لذلك. فمثلًا، المحتجز احتياطيًا يحق له زيارة أسبوعية، بينما المحكوم عليه بحكم نهائي يحق له زيارة شهرية. كما تطبق عليهما قوانين السجون دون تمييز، سواء كانوا رجالًا أو نساءً، لكن هناك بعض الخصوصيات المتعلقة بالسجينات، مثل توفير الفوط الصحية أو الرعاية الصحية أثناء الحمل والولادة، وهذه فروق قائمة بحكم طبيعة احتياجات النساء داخل السجون.
وتلفت هالة في حديثها معنا إلى عدد من المشكلات القانونية التي تواجه المحبوسين، وخاصة في القضايا المصنفة كـ”إرهاب”، منها تجاوز مدد الحبس الاحتياطي المقررة قانونًا. فوفقًا للمادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن مدة الحبس الاحتياطي يجب ألا تتجاوز ستة أشهر في الجنح، وسنة ونصف في الجنايات، وسنتين فقط في الجنايات التي تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد. لكن الواقع يشير إلى أن العديد من السجناء، خاصة في القضايا السياسية، يتجاوزون هذه المدد، ويستمر احتجازهم لفترات غير محددة، رغم أن القانون لا يجيز ذلك إلا في حالتين فقط، وهما إذا صدر بحقهم حكم بالإدانة في محكمة النقض أو إذا كانت القضية قد أحيلت لمحكمة الإحالة. وباستثناء هذين الوضعين، فإن أي استمرار في الحبس الاحتياطي بعد انتهاء المدة القانونية يعد غير قانوني، وأي قرارات بتجديد الحبس في هذه الحالة تكون باطلة من الناحية القانونية.
هناك أيضًا إشكالية تتعلق بعدم كفاية الأدلة التي تُبنى عليها قرارات الحبس الاحتياطي، إذ تنص المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية على ضرورة وجود أدلة كافية تبرر الحبس الاحتياطي، لكن في العديد من القضايا يتم الاكتفاء بمحاضر تحريات أمنية لا تحتوي على أدلة ملموسة، وهو ما يمثل مخالفة صريحة للقانون. بعض المحتجزين يُحالون في نهاية المطاف إلى المحاكمة، وهنا تختلف الأوضاع من قضية لأخرى، حيث يحصل البعض على ضمانات المحاكمة العادلة، بينما لا تتوفر هذه الضمانات للبعض الآخر، وهو أمر يحتاج إلى تقييم كل حالة على حدة، وليس من الصحيح التعميم في هذه المسألة، وفق هالة.
أما فيما يتعلق بحقوق السجينات، فمن المفترض أن تكون مكفولة بالكامل، سواء من حيث الحق في الزيارة، أو التريض، أو تلقي الطعام، أو الحصول على معاملة إنسانية كريمة، أو حتى التواصل مع ذويهم عبر الرسائل والمراسلات. لكن المشكلة الأكبر تكمن في انخفاض أعداد النساء اللاتي يتم الإفراج عنهن ضمن قرارات العفو. فمنذ فترة، كانت القوائم تشمل عددًا كبيرًا من السجينات، لكن مؤخرًا أصبح العدد قليلًا جدًا، حتى أن معظم النساء المعروفات كنشطاء خرجن بالفعل، ولم يتبقَ إلا غير المعروفات على نطاق واسع، وهو ما قد يفسر التراجع في المطالبات بالإفراج عنهن.
وتضيف: “لا أعلم تحديدًا سبب غياب أسمائهن عن قوائم العفو، رغم أنه في فترات سابقة كانت هناك قوائم تضم عددًا كبيرًا من النساء، لكن الأمر تغيّر مؤخرًا، وباتت الإفراجات عن النساء نادرة جدًا”.
وتؤكد هالة أن المحبوسين جميعًا سواء في القضايا الجنائية أو السياسية، لهم الحقوق ذاتها وفق القانون، لكن الواقع قد يكون مختلفًا. هناك تباين في المعاملة بين السجناء الجنائيين والسياسيين، ويرجع ذلك إلى طبيعة السجن أو المكان الذي يُحتجزون فيه، ما يؤثر على مستوى الحقوق التي يحصلون عليها، والتي قد تكون أكثر أو أقل تبعًا لطبيعة المعاملة داخل المؤسسة العقابية. على سبيل المثال، عادة ما يتمتع السجناء الجنائيون بتسهيلات أكبر فيما يخص الزيارات، كما أن الأطعمة التي يُسمح بإدخالها لهم قد تكون أكثر تنوعًا مقارنة بالمحبوسين السياسيين، وينطبق هذا الأمر على الرجال والنساء على حد سواء.
نوصي للقراء: الاختفاء القسري في مصر.. من الصدمة إلى التطبيع
مستقبل ملف السجينات السياسيات
رغم بعض الجهود الحقوقية، لا يزال ملف السجينات السياسيات بعيدًا عن اهتمام القوى السياسية في مصر، حيث تتركز الوساطات في الإفراج عن السجناء من التيارات غير الإسلامية. وبينما تستمر الانتهاكات بحق المعتقلات، يبقى التساؤل مفتوحًا حول إمكانية حدوث انفراجة في هذا الملف مستقبلاً، في ظل استمرار الضغوط المحلية والدولية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.
في هذا الصدد تؤكد مها عبد الناصر -عضو في مجلس النواب المصري عن حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي-، في تصريح إلى زاوية ثالثة على ضرورة استمرار الجهود في ملف المعتقلين على خلفية قضايا رأي، حتى إطلاق سراحهم، وتقول: ” ما نطالب به بكل وضوح هو الإفراج عن جميع سجناء الرأي، سواء كانوا رجالًا أو نساء، وقد عبّرنا عن هذا المطلب مرارًا، سواء داخل البرلمان أو خارجه، وفي كل المحافل السياسية التي نشارك فيها. نؤكد دائمًا على ضرورة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الذين لم تتورط أيديهم في أعمال عنف أو إراقة دماء.”
وتضيف في حديثها معنا: “لا شك أن أوضاع النساء داخل السجون أشد قسوة، خاصة إذا كنّ أمهات تركن أطفالهن خارج أسوار السجن. لا أستطيع أن أتخيل ما الذي يجب فعله ليتم الإفراج عنهن، أو ما الذي يمكننا القيام به لتحقيق ذلك، في يوم المرأة العالمي، أود أن أوجه رسالة إلى هؤلاء النساء: تمسّكن بالشجاعة، وحافظن على الأمل، وكنّ على يقين بأن هناك من سيظل ينادي بحريتكن، حتى تستعيدن حياتكن الطبيعية وتطوين هذه الصفحة الصعبة من حياتكن إلى الأبد.
وتروج الرواية الرسمية، فضلًا عن عدد من نواب البرلمان أن قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي يجري مناقشته في البرلمان ويثير جدل كبير في الوقت الراهن، قد يسهم في تحسين الوضع الحقوقي وأوضاع المعتقلين في مصر، إلى ذلك توضح هالة دومة أن القانون لا يزال قيد التعديل والمناقشة، ولم يصدر بصيغته النهائية بعد، ما يجعل من الصعب الحكم على تأثيره الفعلي. التعديلات المستمرة والمراجعات التي يتعرض لها القانون تؤدي أحيانًا إلى حذف أو تعديل بعض المواد، لذا لا يمكن الجزم بمدى تأثيره حتى يتم إقراره بشكل نهائي.
وتقول المحامية والحقوقية المصرية في حديثها معنا إنه “فيما يخص مسألة الحبس الاحتياطي، فإن المشكلة الأساسية لا تكمن في مدة الحبس بحد ذاتها، بل في استمرار تجاوز المدد القانونية للحبس الاحتياطي في العديد من الحالات. وبالتالي، لا يمكن اعتبار مجرد تخفيض المدة في القانون الجديد إنجازًا، لأن الإشكالية الحقيقية تكمن في عدم الالتزام أصلاً بتطبيق القانون الحالي، رغم المطالبات المستمرة بتنفيذه. أما بالنسبة للمحاكمات، فكل قضية لها ملابساتها الخاصة، وكل اتهام يخضع لنصوص قانونية محددة، لذا من الصعب التنبؤ بكيفية تأثير القانون الجديد على وضع المحبوسين حتى تتضح معالمه النهائية.”
في ظل استمرار احتجاز العديد من النساء على خلفيات سياسية أو تعبيرهن عن آرائهن، يظل ملف المعتقلات السياسيات في مصر قضية مفتوحة تعكس التحديات التي تواجهها حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق المرأة بشكل خاص. ورغم المطالبات المتكررة بالإفراج عنهنّ وتحسين أوضاعهن داخل السجون، إلا أن الاستجابة الرسمية لا تزال محدودة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الحريات في البلاد. ومع غياب إحصائيات دقيقة، تظل معاناة هؤلاء النساء مستمرة، في انتظار تحرك حقوقي وقانوني أكثر فاعلية لإنهاء معاناتهن وضمان حقوقهن الأساسية.