تشهد مصر هجمة أمنية واسعة تصاعدت حدتها خلال الأيام الأخيرة، تشمل حالات قبض ومحاكمات واستدعاءات للتحقيق، وذلك قبيل أيام من المراجعة الدورية لملف حقوق الإنسان في الاستعراض الدوري الشامل بجنيف، وقبل الذكرى الـ14 لثورة يناير.
منذ عام 2014، تشهد مصر إجراءات أمنية مشددة تتضمن حملات اعتقال وتوقيف وتفتيش قبيل ذكرى يناير، واستمرت هذه الإجراءات لأكثر من عشر سنوات، رغم غياب دعوات التظاهر الداخلية وسيطرة الأجهزة الأمنية الكاملة على المجال العام، منذ صدور قانون التظاهر عام 2014.
في هذا السياق، قررت نيابة أمن الدولة العليا أمس إخلاء سبيل ندى مغيث، زوجة رسام الكاريكاتير أشرف عمر المحتجز منذ نحو ستة أشهر، بكفالة قدرها خمسة آلاف جنيه. جاء هذا بعد احتجازها لساعات طويلة والتحقيق معها في القضية رقم 7 لسنة 2025 بتهمتي الانضمام لجماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة. في الوقت ذاته، قررت النيابة حبس الصحفي أحمد سراج، العامل بموقع “ذات مصر”، لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيق في القضية ذاتها. تزامن ذلك مع قرار النيابة العامة إحالة صانع المحتوى أحمد أبوزيد، إلى المحكمة الاقتصادية، بتهمة الاتجار غير المشروع في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي.
الأربعاء الماضي، أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن استدعاء مديرها حسام بهجت، للمثول أمام نيابة أمن الدولة العليا يوم الأحد 19 يناير، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وفقًا لمصادر حقوقية، علمت زاوية ثالثة أن نحو 100 قضية تم إحالتها للمحاكمة بعد حبس احتياطي دام لسنوات خلال الأسابيع القليلة الماضية، من بينها قضية المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم التي ستحاكم للمرة الثالثة على نفس الاتهامات. كما تم إحالة عدد من الصحفيين للمحاكمة بعد تجاوز مدة حبسهم الاحتياطي القانونية.
نوصي للقراءة للقراءة: المنفى.. ساحة جديدة لقمع المدافعين عن حقوق الإنسان
حوار صحفي

ألقت قوات الأمن، صباح أمس الخميس، القبض على أحمد سراج، الصحفي بموقع “ذات مصر”، وندى مغيث، زوجة رسام الكاريكاتير المعتقل أشرف عمر، الذي يقبع في السجن منذ نحو ستة أشهر. تم القبض عليهما على خلفية حوار صحفي أجراه سراج مع ندى مغيث منذ ما يقرب من شهرين.
في الحوار، أكدت ندى أن رجال الأمن الذين ألقوا القبض على زوجها أخذوا من المنزل مبلغ 350 ألف جنيه، وهي مدخرات شخصية كانت مخصصة لشراء سيارة، لكنهم أثبتوا في المحضر مبلغ 80 ألف جنيه فقط. في المقابل نفت وزارة الداخلية المصرية ما قالته، واتهمت زوجها رسام الكاريكاتير بتلقي أموال من جماعة الإخوان بالخارج لتوزيعها على عناصرها في مصر.
كان كمال مغيث، الخبير في شؤون التربية والتعليم ووالد ندى، قد أعلن عبر صفحته على “فيسبوك” عن اعتقال ابنته صباح يوم الخميس 16 يناير، قائلاً: “نيابة أمن الدولة تستدعي بنتي ندى مغيث وهي الآن في حوزتهم.”
في سياق متصل، نشر المفكر السياسي عمار علي حسن عبر صفحته على “فيسبوك” تفاصيل الملاحقة الأمنية التي تعرض لها الصحفي أحمد سراج قبل أيام من اعتقاله، والتي شملت استجواب جهة أمنية عنه في المدرسة التي يعمل بها مدرسًا للغة العربية. مختتمًا حديثه معه بوصيته بأولاده حال حدث مكروه له.
يقول الكاتب صلاح الدين حسن، رئيس تحرير موقع “ذات مصر”، إن لقاء الصحفي أحمد سراج مع ندى مغيث نُشر منذ شهرين تقريبًا ولم يلق اهتمامًا كبيرًا ولم تكن نسبة المشاهدة مرتفعة، ولكن خلال الساعات الماضية بعد القبض على ندى مغيث والصحفي أحمد سراج، تجاوز عدد المشاهدات 16 ألف مشاهدة.
يقول لزاوية ثالثة: “خلال الشهرين الماضيين، لم يتواصل معي أحد من المسؤولين بخصوص هذا اللقاء. وكان الصحفي أحمد سراج قد استضاف كمال مغيث، والد ندى، للحديث عن التعليم في مصر. وبما أنه هو والد زوج ندى، رسام الكاريكاتير أشرف عمر، الذي تم القبض عليه منذ نحو ستة أشهر، فقد أشار في حديثه إلى أزمة القبض على صهره وأسبابها.
بناءً على ذلك، اقترح مغيث أن تتحدث ندى بنفسها عن أزمة زوجها، ما دفع أحمد سراج لاستضافتها في لقائه. مضيفًا: “أحمد سراج لم يكن يومًا منشغلاً بالمحتويات السياسية، فهو معروف باهتمامه بالموضوعات الثقافية في المقام الأول.”
وعن بيان وزارة الداخلية، يقول صلاح الدين حسن: “بعد قراءتي لبيان وزارة الداخلية، أدركت أن السبب الرئيسي للقبض على أحمد سراج وندى مغيث يعود إلى اعتراض ندى على تحريز قوة الضبط مبالغ مالية لم تُثبت في محضر الضبط، إضافة إلى الاستيلاء على أشياء أخرى خاصة بها. ويبدو أن هذا الأمر أزعج الداخلية، ما أدى إلى القبض عليهما.”
ويضيف: “لا أعرف لماذا تمت العودة إلى حوار قديم أُجري منذ شهرين، لكن في النهاية تبقى القرارات غير واضحة ولا يمكن تخمين أسبابها بسهولة. في ‘ذات مصر’ أجرينا لقاءات أقوى من هذا، وهو ما يعني أنه من الممكن أن نتفاجأ بعد فترة بالتحقيق فيها”.
ويشير رئيس تحرير ذات مصر إلى خضوعه شخصيًا للتحقيق بسبب لقاء أُجري بعد نشره بحوالي خمسة أشهر، ولا يعلم ما الذي يُزعج السلطات تحديدًا لأن “الأمور تجري خلف الكواليس ونحن غير مطلعين عليها.”
بعد العرض على نيابة أمن الدولة العليا والتحقيق معهما لساعات طويلة. قررت النيابة إخلاء سبيل ندى مغيث على ذمة القضية 7 لسنة 2025 بكفالة قدرها خمسة آلاف جنيه، بينما قررت النيابة استمرار حبس الصحفي أحمد سراج 15 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية نفسها. ووجهت نيابة أمن الدولة إلى مغيث تهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة، بينما وُجهت التهم ذاتها إلى الصحفي أحمد سراج بالإضافة إلى تهمة ارتكاب جريمة من جرائم التمويل.
من جهته، علّق محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين ومسؤول لجنة الحريات، على حبس الصحفي أحمد سراج، قائلاً: “هذا يعد انتهاكًا واضحًا لحرية الصحافة، فهو صحفي يؤدي دوره المهني ولم يرتكب أي جريمة تستدعي التحقيق معه من الأساس.”

ويضيف في حديثه إلى زاوية ثالثة أن التحقيق مع سراج بسبب حوار أجراه مع زوجة صحفي محبوس أمر يصعب استيعابه، فكيف يمكن توجيه تهم تتعلق بالتمويل أو الانضمام لجماعة محظورة لصحفي يقوم بدوره؟”، متسائلاً عن وجه الاتهام في مسألة التمويل؟ وأين الدليل على هذا الاتهام؟ وما تفاصيل هذا التمويل المزعوم؟”
وقررت محكمة جنايات القاهرة خلال جلستها 6 يناير الجاري، تجديد حبس أشرف عمر و235 متهمًا آخرين لمدة 45 يومًا على ذمة التحقيقات. وكانت منظمة هيومن رايتس إيجيبت (منظمة حقوقية دولية مقرها لندن) قد طالبت السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن رسام الكاريكاتير الفنان أشرف عمر الذي ألقي القبض عليه في 22 يوليو 2024 والمتهم في القضية التي حملت الرقم 1968 لسنة 2024 حصر تحقيقات أمن الدولة العليا بتهمة إلى جماعة إرهابية مع علمه بأغراضها، ونشر أخبار وبيانات كاذبة تستهدف الإساءة للدولة المصرية، وإساءة استخدام وسائل التواصل.
وأكدت في بيان أصدرته 5 يناير الجاري، على أن حرية الرأي والتعبير هي من الحقوق التي نادى بها الدستور المصري وكذلك نادت بها كافة المواثيق الدولية وأولها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
نوصي للقراءة: الحرية المؤجلة حتى 2027.. هل يُستخدم القانون كأداة للتنكيل بعلاء عبد الفتاح؟
استدعاء مدير المبادرة المصرية

تلقى حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة حقوقية محلية غير حكومية)، يوم الأربعاء 15 يناير، استدعاءً للمثول أمام نيابة أمن الدولة العليا يوم الأحد المقبل 19 يناير. وبحسب نص الاستدعاء، الذي تسلمه في مقر عمله بالمبادرة المصرية، فإن الاستدعاء يأتي في إطار التحقيقات الجارية في قضية جديدة تحمل رقم 6 لسنة 2025 حصر أمن الدولة العليا.
وفقًا للبيان الذي نشرته المبادرة على موقعها الرسمي، لم يوضح الاستدعاء موضوع القضية الجديدة أو الاتهامات المنسوبة لبهجت في إطارها. ولم يتمكن محامو المبادرة من الحصول على أي تفاصيل إضافية عند توجههم إلى نيابة أمن الدولة اليوم. وأوضحت المبادرة أن بهجت سيتوجه بصحبة فريق دفاعه إلى مقر النيابة بالتجمع الخامس في التاريخ المحدد.
يأتي هذا الاستدعاء بعد يوم واحد من نشر المبادرة تقريرًا مشتركًا لآلية الاستعراض الدوري الشامل بالأمم المتحدة بعنوان “المجتمع المدني يرصد صورة قاتمة لأوضاع حقوق النساء والفتيات في مصر في الفترة بين 2019 و2024”.
كما نشرت المبادرة في 12 يناير تقريرًا آخر بعنوان “إضراب عن الطعام وامتناع عن استلام التعيين بسجن العاشر 6 احتجاجًا على الحبس الاحتياطي المطول وسوء أوضاع الاحتجاز”. وطالبت المبادرة في تقريرها النائب العام المستشار محمد شوقي بالانتقال إلى مقر مركز الإصلاح والتأهيل العاشر من رمضان 6 لتفتيش السجن وسماع شكاوى المحتجزين.
في هذا السياق، رصدت لجنة العدالة أيضًا إضراب عدد من المحتجزين في قضايا سياسية في سجن العاشر من رمضان، احتجاجًا على الانتهاكات التي تُمارس ضدهم. وذكرت اللجنة في بيان لها أن أوضاع السجون ومقار الاحتجاز في مصر تشهد تدهورًا مستمرًا، في ظل الانتهاكات الممنهجة التي تُمارس ضد المحتجزين، خاصة على ذمة قضايا سياسية، مؤكدة أن السجون أصبحت بيئة قاسية لا تحترم أدنى حقوق الإنسان، حيث يتعرض المعتقلون لأشكال متعددة من التعذيب النفسي والجسدي، فضلاً عن الإهمال الطبي والتضييق على الزيارة. وأوضحت أن هذه الانتهاكات تزداد وتيرتها، خاصة مع تصاعد حالات الاعتقال التعسفي لأفراد من مختلف التيارات السياسية المعارضة.
في 15 يناير، أعلن محامي المفوضية عن نقل الدكتور عبد الخالق فاروق، الخبير الاقتصادي المضرب عن الطعام منذ 9 يناير الجاري، إلى مستشفى داخل سجن العاشر إثر إصابته بأزمة قلبية للمرة الثانية.
وبحسب محاميه الذي فضل عدم ذكر اسمه تم نقله بسبب اشتباه بوجود ضيق في الشريان التاجي، وهي الأزمة القلبية الثانية التي يتعرض لها منذ القبض عليه في أكتوبر الماضي.
يوضح المحامي أنه بعد عودته من مستشفى السجن، تم نقل فاروق إلى مبنى بعيد، وتفريغ ثمانية زنازين، إذ أن غالبية الموجودين في المبنى من المعتقلين الجنائيين، في ظل وجود حمامات غير آدمية، مؤكدًا تدهور حالته الصحية والنفسية بسبب استمرار حبسه في ظروف غير إنسانية.
ويرى مصطفى شوقي، السياسي والباحث الحقوقي، أن المبرر المباشر للهجمة الأمنية المتصاعدة هو اقتراب موعد الاستعراض الدوري لحقوق الإنسان في جنيف، نهاية الشهر الجاري. ويشير إلى أن هذا يؤدي إلى تركيز كبير على قضايا حقوق الإنسان بمختلف أشكالها. ولذلك أي أخبار تتعلق بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان قد تؤثر بشكل كبير على صورة الحكومة المصرية خلال هذا الاستعراض، لذلك تحاول السلطات التعامل بحسم مع أي مزاعم تُطرح في هذا السياق ، معتبرة إياها ادعاءات لا أساس لها من الصحة. ومن ثم، تشن هجمات أمنية ضد من تعتبرهم مروجي هذه المزاعم.
ويضيف في حديثه مع زاوية ثالثة، أنه في الوقت ذاته ونتيجة للتوترات الإقليمية الحالية، تراجعت الضغوط الدولية والإقليمية من أجل الإصلاح السياسي وتحسين أوضاع حقوق الإنسان. هذا التراجع يمنح الحكومة الفرصة لتجاوز الاستعراض دون الحاجة إلى الاستجابة للمطالبات، على عكس ما حدث في الاستعراض السابق عام 2019. مشيرًا إلى أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تؤدي إلى مزيد من التهميش لقضايا حقوق الإنسان.
فيما يرى المحامي الحقوقي هيثم محمدين أن اقتراب ذكرى ثورة يناير أضحت مصدر توتر وقلق للنظام الحاكم، الذي يتخذ إجراءات استباقية لتخويف المواطنين ومنع أي تفكير في إحياء هذه الذكرى أو تنظيم أي نوع من الاحتجاجات، أو حتى التعبير عن الرأي والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.
يضيف المحامي الحقوقي في حديثه لزاوية ثالثة أن الأحداث الإقليمية، وتحديدًا في سوريا، تزيد من توتر النظام، بالإضافة إلى استمرار الحرب على غزة، التي كانت دائمًا حافزًا للمواطنين للتحرك والاحتجاج. هناك العديد من العوامل التي قد تكون سببًا في اندلاع احتجاجات، وهو أمر يثير قلق النظام. لذلك، يسعى إلى توجيه ضربات استباقية، كما حدث مع ندى مغيث والصحفي أحمد سراج، واستدعاء حسام بهجت للتحقيق. وأعتقد أن هذه الإجراءات ستستمر حتى نهاية شهر يناير.
نوصي للقراءة: بين السجن والحرية.. كيف يتحول المفرج عنهم من سجناء إلى مواطنين مهمشين؟
أكثر من 100 قضية
في نهاية عام 2024، واجهت المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم تطورًا جديدًا في قضيتها، إذ أحيلت للمرة الثالثة إلى محكمة الجنايات. أعلن زوجها المحامي خالد بدوي عبر “فيسبوك” عن إحالة القضية رقم 730 لسنة 2020 إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا، وذلك بعد أكثر من شهر من إحالة القضية نفسها للمرة الثانية. التهم في القضية نفسها التي حكمت فيها هدى عبد المنعم بخمس سنوات سجن في قضية “التنسيقية المصرية للحقوق والحريات” (رقم 1552 لسنة 2018 حصر أمن الدولة العليا طوارئ). بدوي عبر عن استيائه قائلاً: “للمرة الثانية خلال شهر، تُحال القضية إلى محكمة الجنايات، وهي القضية التي قيدت فيها زوجتي بعد انتهاء عقوبتها في 31 أكتوبر 2023.”
في السياق ذاته فوجئت نقابة الصحفيين بإحالة بعض القضايا المحبوس على ذمتها مجموعة من االصحفيين المقيدين بجداول نقابة الصحفيين، ومن المتدربين الصحفيين للمحاكمة الجنائية محبوسين، على الرغم من أنه قد مضى على حبسهم احتياطيًا أكثر من سنتين، واستطالت مدة التحقيق في القضايا المحبوس بعضهم على ذمتها، ومن ثم فترات حبسهم احتياطيًا، إلى أكثر من 4 سنوات، وذلك دون أن يتم الإفراج عنهم لتجاوز مدة الحبس الاحتياطي المنصوص عليها بالمادة (143/4) من قانون الإجراءات الجنائية. الأمر الذي يعد مخالف لنص المادة (54) من الدستور.
من جانبه تقدم خالد البلشي، نقيب الصحفيين، بمذكرة للنائب العام تضمنت 3 مطالب أولها الإفراج عن الزملاء الصحفيين (نقابيين وغير نقابيين) المحالين للمحاكمة الجنائية، ومضى على حبسهم احتياطيًا أكثر من عامين مع استعداد النقابة لضمان مثولهم أمام المحكمة عند طلبهم. بالإضافة إلى إخلاء سبيل الصحفيين الذين أمضوا أقصى مدة للحبس الاحتياطي المنصوص عليها بالمادة (143 /4) من قانون الإجراءات الجنائية. كما طالب البلشي بضم فترات الحبس الاحتياطي لكل مَن صدرت بحقه عقوبة، ومراجعة فترات حبس الزميل محمد إبراهيم رضوان الشهير بـ “محمد أكسجين”، الذي واجه حكمًا بالحبس أربع سنوات على ذمة القضية رقم (1228) لسنة 2021م، جنح أمن الدولة طوارئ، وسنة إضافية في قضية أخرى تم تحريكها خلال حبسه، خاصة أنه تم القبض عليه في سبتمبر 2019م، وضم هذه الفترة إلى مدة حبسه، يعني استمرار حبسه لأكثر من الفترات المقضى بها، مما يقتضي الإفراج عنه.
فيما أحالت النيابة العامة المصرية، اليوم الخميس، صانع المحتوى أحمد أبو زيد إلى المحكمة الاقتصادية بتهمة “حيازة عملة أجنبية والاتجار بالنقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفية”، وذلك بعد ضبط مبلغ قدره 163 ألف دولار أميركي بحوزته. وأشارت النيابة إلى أن الأموال التي بحوزة أبو زيد قد حصل عليها من دون وجود مصدر أو إبلاغ السلطات عنها. وكانت النيابة قد قررت في وقت سابق حبس أبو زيد 15 يوماً على ذمة القضية، بعد القبض عليه يوم 30 ديسمبر الماضي.
تدين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قرار السلطات تجديد ملاحقة الناشر الصحفي هشام قاسم، المعارض السياسي والرئيس الأسبق للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، للمرة الثانية بتقديمه متهمًا أمام محكمة جنايات بنفس الاتهامات المسيسة وعن نفس الواقعة التي دانه فيها القضاء قبل عام ونصف العام وقضى بسببها عقوبة سجن جائرة بعد محاكمة افتقرت لأبسط ضمانات العدالة.
في مطلع الشهر الجاري علم الناشر والمعارض السياسي هشام قاسم عبر مواقع صحفية إلكترونية بطلبه للمثول أمام محكمة الجنايات الاقتصادية بجلسة 10 فبراير في دعوى أحالتها النيابة العامة للمحكمة، تتهمه فيها بقذف وتعمد إزعاج وزيرة القوى العاملة السابقة ناهد عشري. وكشفت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية -عضو فريق الدفاع عن قاسم- لاحقًا أن الدائرة الخامسة بالمحكمة عقدت أولى جلسات نظر القضية (رقم 2347 لسنة 2024 جنح شؤون اقتصادية) بالفعل في يوم 11 ديسمبر 2024، في غياب قاسم أو محاميه، وقررت تأجيل نظر الدعوى لإعلانه بالحضور.
من جهتهه، يكشف المحامي الحقوقي هيثم محمدين عن إحالة أكثر من 100 قضية إلى محكمة الجنايات، تحتوي كل قضية على عشرات المتهمين، وفي بعض الحالات يصل العدد إلى المئات. ومن المتوقع أن يصدر النظام قريبًا، خلال الفصل التشريعي الحالي، قانون الإجراءات الجنائية، والذي يتضمن تحديد حد أقصى لمدة الحبس الاحتياطي.
يضيف محمدين أنه كان من المفترض أن يُعرض هذا المشروع خلال مراجعة ملف حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لكن القرار السياسي الحالي هو عدم الإفراج عن المحتجزين. مشيرًا إلى أنه حال صدور القانون وما زال المحتجزون في الحبس الاحتياطي، سيستفيد معظمهم منه، لأنهم تجاوزوا الحد الأقصى للحبس الاحتياطي. ولكن، نظرًا للقرار السياسي بعدم الإفراج عنهم، تم إحالتهم إلى الجنايات. مشيرًا إلى أن هذه الإحالة تمنح النظام مساحة زمنية لتأخير الإفراج عن المحتجزين. لأن إحالتهم للمحاكمة تضمن بقاءهم رهن الحبس لمدة لا تقل عن سنة بسبب إجراءات المحاكمة.

وتستعد مصر لمراجعة ملف حقوق الإنسان لمصر أمام الاستعراض الدوري الشامل في جنيف خلال شهر يناير الجاري. وفي نوفمبر 2024.
والاستعراض الدوري الشامل عبارة عن آلية لاستعراض تقدم بموجبها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة توصيات إلى البلد قيد المراجعة حول كيفية تحسين سجل حقوق الإنسان الخاص به، في ضوء الالتزام الدولي للبلاد.
وفي الاستعراض السابق عام 2019 تلقت مصر ف 372 توصية من 133 دولة. ومن بين هذه التوصيات، دعمت مصر 270 توصية وأخذت علمًا ب 71 توصية ودعمت بشكل جزئي 31 توصية. من بين 71 توصية التي أخذت علماً بها، وصفت مصر 15 توصية بأنها “غير صحيحة”، و 24 توصية أنه “تم تنفيذها بالفعل”، توصيتين بأنهما “غير مهمتين”. ووصفت توصيتان من هذه التوصيات بأنها “معادية”، وخلال اعتماد الاستعراض الدوري الشامل، رفض ممثل مصر في الأمم المتحدة مناقشتهما على أساس أنها “تحتوي على ادعاءات غير صحيحة ومسيّسة”.
وفي نوفمبر الماضي، تبنت اللجنة الفرعية للاعتماد رسميًا توصياتها التي شملت خفض تصنيف المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى الفئة (ب).
وأعربت اللجنة عن مخاوف جدية بشأن فشل المجلس في الالتزام بمبادئ باريس، وخاصة فيما يتعلق باستقلاليته وفعاليته وشفافيته. وأوضحت أن المجلس يفتقر إلى الاستقلالية نظرًا لتعيين أعضائه مباشرة من قبل السلطة التنفيذية عبر عملية لا تتمتع بالشفافية أو المشاركة، ما يضعف بشدة قدرة المجلس على العمل بدون تدخل حكومي. كما أشارت إلى عدم فعالية المجلس في معالجة القضايا الحرجة المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك فشله في الرد بشكل كافٍ على الشكاوى المتعلقة بحالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية، مما يقوض بشكل كبير مهمته في حماية حقوق الإنسان.
علاوة على ذلك، انتقدت اللجنة افتقار المجلس للشفافية، مشيرة إلى أنه لم ينشر أي تقارير منذ عام 2020، ما يعوق قدرة المجتمع المدني والهيئات الدولية على تقييم عمله. وكجزء من توصياتها، دعت اللجنة إلى إجراء إصلاحات جوهرية لجعل المجلس متوافقًا مع مبادئ باريس، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ عملية تعيين شفافة وشاملة، وتعزيز استجابة المجلس لانتهاكات حقوق الإنسان، وضمان النشر المنتظم للتقارير العامة لتعزيز المساءلة.
نوصي للقراءة: المجالس القومية في مصر: للحقوق أم لتجميل السلطة؟