أعلن البنك الدولي أن مصر تتربع على رأس قائمة أكثر 10 دول تضررًا من تضخم أسعار الغذاء على مستوى العالم، بنسبة بلغت 36%. جاء هذا الإعلان بعد بدء شركات مصرية عاملة في مجال الصناعات الغذائية رفع أسعار منتجاتها، بنسب تراوحت بين 7.5% إلى 22.5%، ما رفع معدل التضخم في مصر إلى مستويات قياسية.
تفيد تقارير جهاز التعبئة والإحصاء بارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلكين على مستوى الجمهورية بمعدل بلغ 38.5% لشهر أكتوبر الماضي؛ مقابل 40.3% في سبتمبر 2023,
وتضغط أسعار الطعام والمشروبات معدلات التضخم، بنسبة 71.7%، بسبب تغير أسعار الخضراوات بنسبة 101.5%، والسكر والأغذية السكرية 41.9% والحبوب والخبز بنسبة 44.6%، واللحوم والدواجن 97%، والألبان والجبن والبيض 67.1%، والأسماك 80.9%.
وكانت شركة جهينة (إحدى أهم الشركات للصناعات الغذائية المصرية) قد طبقت زيادة جديدة على أسعار منتجات الألبان بنسبة بلغت 7% إلى 22.5%، وذلك بالتزامن مع ارتفاع التكلفة التشغيلية خلال الفترة الماضية على خلفية نقص تدبير العملة. كما زادت شركة دومتي المصرية أسعار منتجاتها بنسبة تصل إلى 7.5 %، بموجب منشور وُزع على التجار.
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية حادة تتمثل في نقص شديد في العملة الصعبة وتهاوي سعر الجنيه ومن ثَمَّ ارتفاع التضخم لمستويات كبيرة.
قال نقيب الفلاحين حسين أبو صدام في تصريح إلى “زاوية ثالثة” إن حالة التضخم في أسعار الغذاء، ستظل مستمرة بسبب تراجع قيمة الجنيه، بالإضافة إلى اعتماد الدولة على استيراد معظم المواد الغذائية الأساسية ومستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي. وأضاف أن الحكومة تستورد نحو 50% من الحبوب، و98% من مستلزمات أساسية كالسماد والمبيدات والأدوية الزراعية والبيطرية، و98% من الزيوت. منوهًا إلى أن سعر هذه المنتجات يرتفع محلياً كلما تهاوت قيمة الجنيه.
ارتفاع الأسعار محليًا وانخفاضها عالميًا
يعتبر فصل الشتاء من بين أفضل فترات العام لزراعة وتجارة الخضروات، لكن تظهر زيادات كبيرة في أسعار بعض المحاصيل. على سبيل المثال تضاعف سعر كيلو البطاطس؛ ببحث على موقع كارفور مصر تجد أن سعر الكيلو يباع بـ 23.95 جنيهًا (0.78 دولا)، مقارنة بسعر متوسط 12 جنيه (0.39 دولار) في العام الماضي. بينما يصل سعر البصل حوالي 30 جنيهًا (0.97 دولار) مقارنة بـ 4 جنيهات (0.13 دولار) في العام الماضي.
وبلغت أسعار الأرز في مصر مستويات غير مسبوقة، حيث تبدأ أسعار الأرز الشعير رفيع الحبة من 4300 جنيه (139.019 دولار) للإردب “300 كيلو جرام” ليصل سعر الطن إلى 14.33 ألف جنيه( 462.28 دولار)، وكانت الأسعار في موسم الحصاد الماضي تتراوح بين 2200 و2500 جنيهًا (71.21 و80.92 دولار) للإردب أي ما يتراوح بين 7333 و8333 جنيها (237.36 و269.73 دولار) للطن.
تتناقض هذه الأسعار مع إحصائيات منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” لشهر أكتوبر الماضي، الذي أفاد بانخفلض مؤشر الأسعار العالمية، إلى أدنى مستوياته في أكثر من عامين، حيث انخفضت أسعار الأرزّ الدولية بنسبة 2.0 في المائة بفعل الطلب العالمي السلبي عمومًا على الواردات، بينما انخفضت أسعار القمح الدولية بنسبة 1.9 في المائة، بفضل الإمدادات الكبيرة من الولايات المتحدة الأميركية واشتداد المنافسة بين المصدّرين.مدفوعا بتراجع أسعار السكر والحبوب والزيوت النباتية واللحوم.
حيث قالت المنظمة، إن مؤشرها، الذي يتتبع السلع الغذائية الأكثر تداولًا في العالم، بلغ في المتوسط 120.6 نقطة في أكتوبر، انخفاضًا من 121.3 في الشهر السابق.
نقص السكر
رغم انخفاض سعر السكر عالميًا، وفق ما ذكرته “الفاو”، ورغم أنه يعد أحد أهم السلع الأساسية في مصر؛ لكن هذا لم يمنع اختفاءه من الأسواق المحلية وتوافره فقط على بطاقات التموين التي تصرفها الأسر الأكثر احتياجًا، كنوع من التمهيد لارتفاع الأسعار بعد تعطيش السوق.
بعد اختفاء السكر من السوق نفي هشام الدجوي، رئيس شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية بالجيزة، أن تكون هناك أزمة في السكر قائلًا “هناك وفرة في كميات السكر بالبلاد، وليس هناك اختفاء كما يُقال من بعض أصحاب المحال”.
عاد “كيس السكر” إلى الأسواق المحلية من جديد، بعد أن ارتفعت أسعاره إلى مستويات غير مسبوقة؛ حيث وصل سعر الكيلو على تطبيقات توصيل الطلبات للمنازل والسوق المحلية 50 جنيهًا (1.62 دولار) بالمقارنة مع 12 إلى 15 جنيهًا (0.39 إلى 0.48 دولار) سعر العام الماضي.
في سبتمبر الماضي، كشف وزير التموين على المصيلحي، عن امتلاك مصر مخزون استراتيجي من السكر يكفي لمدة 7 أشهر، وأعلنت وزارة التموين، استيراد كمية 200 ألف طن سكر خام، لتعزيز الأرصدة الاستراتيجية من السلع الأساسية، بحيث لا تقل عن 6 أشهر؛ وهو ما جعل حسن الفندى رئيس شعبة السكر في غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات يصرح بأن ارتفاع سعر السكر خلال الفترة الحالية أمر غير مبرر، لافتًا إلى أن سبب الارتفاع يرجع لتلاعب بعض التجار داخل السوق المحلية، كما أن التصدير يعد متحكمً رئيسيًا في السعر، حيث إنه يؤثر على آليات العرض والطلب وبالتالي تتأثر الأسعار.
أرجع إبراهيم عشماوي، مساعد أول وزير التموين، خلال تصريحات متلفزة، أسباب إرتفاع السكر إلى سببين؛ الأول زيادة شركات الصناعات الغذائية والتجار حجم المخزون من السكر قبل شهر رمضان (مارس 2024)؛ لأنه يدخل في مكونات عدد كبير من السلع الغذائية. والسبب الثاني قرب نهاية موسم حصاد القصب والبنجر، مؤكدًا أن الكميات المعروضة من السكر تتناسب مع الطلب المرتفع بعد استيراد 100 ألف طن سكر لسد الفجوة من الإنتاج المحلي، التي تغطي نسبة 90% من الاستهلاك. وأشار إلى أن هذه الأسباب أدت زيادة الطلب على السكر، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، لافتًا إلى أن مصر لديها اكتفاء ذاتي في السكر بنحو 87%، ويتم استيراد الباقي.
وأوضح عشماوي إلى أن هناك 3 أسعار للسكر؛ الأول داخل المنظومة التموينية، إذ يبلغ 12.60 جنيه (0.41 دولار)، والسعر الثاني داخل مبادرة خفض الأسعار بنحو 27 جنيهًا (0.87 دولا)، والثالث هو السعر الحر والذي يصل من 34 إلى أكثر من 40 جنيهًا (1.29 دولار)، لكن عشماوي لم يتطرق إلى أسعار السكر الحقيقة في السوق المحلية والتي وصلت 50 جنيهًا(1.62 دولار).قال رئيس شعبة السكر والحلوى باتحاد الصناعات المصرية، محمد رأفت، أن أحد أسباب ارتفاع السكر “جاء ضمن تبعات التضخم وارتفاع الأسعار الذي طال جميع السلع تقريبًا”. ويضيف رأفت أن “بعض ممارسات التجار، وتخزين السلعة بهدف تعطيش السوق، تسبب الارتفاعات المفاجئة في الأسعار من دون تبرير واضح”. وكان قد وصل معدل التضخم السنوي في مصر إلى 39.7% خلال الشهر الماضي.
وأفاد الجهار المركزي للتعبئة والاحصاء عن ارتفاع سنوي بنسبة 71,9 % في أسعار المواد الغذائية.
بالإضافة إلى أن سعر السكر قد شهد ارتفاعًا عالميًا، حيث وصل سعر الطن الخام إلى 737 دولار، بدلًا من 539.20 دولار في شهر نوفمبر من العام الماضي حسب بيانات يتم تحديثها يوميًا على موقع Invising.
ارتفاع أسعار السكر في مصر يمكن أن يلقي بظلاله على عدة صناعات محلية تعتمد بشكل كبير على هذا المكون الأساسي. في صناعة الحلويات، يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار السكر إلى زيادة تكلفة الإنتاج، مما قد يضطر المصنعين إلى زيادة أسعار منتجاتهم. كما يمكن أن يؤثر على صناعة المشروبات الغازية والعصائر، حيث يتوجب استخدام كميات كبيرة من السكر في إنتاج هذه المشروبات.
بالإضافة إلى ذلك، تأثير ارتفاع أسعار السكر يمتد إلى صناعة الحليب المكثف والمحلى، والتي تدخل في تركيب العديد من المأكولات والحلويات المصرية التقليدية. كما يمكن أن يؤثر على صناعة الخبز والمخبوزات، حيث يستخدم السكر بكثرة في بعض أنواع الخبز.
فيما يتعلق بالمقاهي المحلية التي تقدم القهوة والشاي والعصائر، يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار السكر إلى زيادة تكلفة المكونات الأساسية المستخدمة في تحضير هذه المشروبات. قد ينعكس هذا التأثير في أسعار المشروبات التي يتناولها الزبائن، مما قد يؤثر على الطلب والإقبال على هذه المقاهي.
السجائر.. أزمات متكررة
وافق مجلس النواب المصري نهاية أكتوبر على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016 لزيادة ضرائب السجائر والتبغ، ونُفّذت سبتمبر، وقُسّمت أسعار السجائر إلى 3 شرائح، الشريحة الأولى سيكون بحد أقصى 31 جنيهًا بزيادة 7 جنيهات عن السعر السابق، وعلى رأسها سجائر كليوباترا الأكثر استخدامًا.
وقال إن سعر السجائر في الشريحة الثانية LM ونظيراتها سيكون بحد أقصى 45 جنيهًا، وأن الشريحة العليا ستبدأ من 45 إلى 65 جنيهًا.
تكررت أزمة السجائر في مصر، بعد زيادة الأسعار 3 مرات خلال العام الحالي، وعلى الرغم من التعهدات الحكومية بضبط السوق، ودخول مستثمرين جدد في هذه الصناعة، لا تزال الزيادات تمثل عاملاً يؤثر في “مزاج المصريين” سلبًا.
ووفق عدد من الاقتصاديين المصريين، تعد السجائر سلعة أساسية بالنسبة للمدخنين، وقد يشكل ارتفاع أسعارها ضغطًا على المدخنين وتؤثر في دخلهم.
وذكرت وزارة الصحة والسكان في مصر في تقريرها الصادر في أكتوبر 2022، أنّ المدخنين في مصر بلغ عددهم 18 مليون ، ونصحت الوزارة بالتوقف عن التدخين للحماية من آثاره الضارة.
ووفق تقرير سابق للشركة الشرقية للدخان (إيسترن كومباني)، فإن «المصريين استهلكوا نحو 70 مليار سيجارة خلال السنة المالية 2021-2022».
وتصدرت مصر والأردن والسعودية قائمة الدول العربية الأكثر استهلاكًا للتبغ، حسب تقرير أعدته مؤسسة «فيتش سليوشنز»، ونشره المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، موضحًا أن متوسط الإنفاق السنوي على التبغ في مصر هو الأعلى بقيمة 9.7 مليار دولار سنوياً، فيما بلغ المتوسط في السعودية 2.5 مليار دولار، وفي الأردن 1.3 مليار دولار.
احتياطات مصر من السلع
كثفت مصر مشترياتها الخارجية من القمح خلال شهر ونصف الشهر، سواء من خلال المناقصات العالمية أو الشراء بالأمر المباشر، ليصل إجمالي الكميات المتفق عليها منذ مطلع سبتمبر حتى الآن نحو 1.6 مليون طن، في مقابل نحو 120 ألف طن فقط تم الاتفاق على شرائها خلال نفس الأشهر المماثلة من 2022، وهو ما يعد مضافعة شراء القمح إلى نحو عشرة أضعاف العام الماضي.
تعود أسباب توسع مصر في شراء القمح من الخارج في الوقت الحالي إلى نقطتين أساسيتن، الأولى: تراجع الأسعار العالمية خلال الفترة الحالية 32% عن العام الماضي، وبما أن مصر تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، فهذا هو الوقت المناسب لشراء القمح لا سيما أنه قد ترتفع الأسعار بشكل كبير نتيجة للحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
النقطة الثانية: أن مصر لديها مخاوف تتعلق بـالتقلبات السياسية التي قد تحدث في المنطقة نتيجة للحرب ذاتها، وأنه قد تُفرض عقوبات دولية على الدول التي تستورد منها الحبوب.
على مدى سنوات طويلة، كانت مصر تمول صفقات استيراد القمح من مواردها الذاتية، حيث يقوم البنك المركزي المصري بتدبير الموارد الدولارية لوزارة التموين والتجارة الداخلية وهيئة السلع التموينية والمطلوبة لفتح اعتمادات الاستيراد.
في الأغلب كانت تأتي هذه الأموال مباشرة من احتياطي مصر الأجنبي لدى البنك المركزي، أو من قبل البنوك الحكومية وفي مقدمتها الأهلى المصري ومصر والقاهرة.
لكن في الأشهر الأخيرة، جرى إدخال تعديلات على تلك الآلية بحيث باتت الحكومة تعتمد أكثر على القروض الخارجية في تمويل جزء مهم من عمليات استيراد القمح وغيره من الحبوب.
وتصنف مصر نفسها بأنها أكبر مستورد للقمح في العالم، كما أنها تعد الآن واحدة من أبرز الدول التي تعتمد على قروض خارجية لشراء الحبوب والأغذية والوقود. وتشتري مصر عادةً من الخارج ما يصل إلى 12 مليون طن سنويًا من القمح.
وتعاقدت الهيئة العامة للسلع التموينية، التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، أغسطس الماضي، على شراء 235 ألف طن من القمح الروسي، في ممارسة دولية تم الإعلان عنها.
رغم أن مصر أكبر مستورد للقمح إلا أنها لا تعتمد في توفير مخزون القمح على الخارج فقط، تستمر وزارة التموين والتجارة الداخلية في استلام القمح المحلى من المزارعين في بعض المحافظات، مع تقديم التسهيلات للمزارعين لضمان زيادة معدلات التوريد
وقامت وزارة التموين بتطوير ورفع كفاءة 21 صومعة تابعة لشركات المطاحن بسعة تخزينية بلغت 530 ألف طن وبتكلفة حوالى 60 مليون جنيه،وذلك ضمن خطة الدولة لزيادة الطاقات الإنتاجية من الدقيق البلدي والفاخر، حتى يمكن توفير احتياجات البلاد من الدقيق الخاص بإنتاج الخبز المدعم والذي يقدر حجم الإنتاج اليومي من 250 الى 270 مليون رغيف، كما يتم سداد القمح المحلى للمزارعين بحد أقصى 48 ساعة من تاريخ الاستلام، أيضا استمرار الحظر على أصحاب مصانع الأعلاف والمسئولين عن إدارتها استخدام القمح المحلى سواء كان بمفرده أو مخلوطا بالتبن أو الحبوب أو أية مواد أخرى في مكونات الأعلاف بكافة أنواعه أو حيازته بقصد الاستخدام، كما يحظر على أصحاب المزارع السمكية والمسئولين عن إدارتها استخدام القمح المحلى أو حيازته بقصد الاستخدام، كما يجب على أصحاب القطاع الخاص المنتجة للدقيق الحر والمسئولين عن إدارتها تدبير احتياجاتهم من الأقماح المستوردة، ويحظر عليهم استخدام القمح المحلى أثناء موسم التسويق إلا بتصريح من وزارة التموين.
يتراوح حجم إنتاج مصر من القمح ما بين (8- 9) مليون طن متري سنويًا، بينما يبلغ حجم استهلاك مصر من القمح نحو 18 مليون طن متري، ويتم استيراد الفجوة التي تقدر بنحو (9- 10) ملايين طن سنويًا. كما تشير توقعات وزارة الزراعة الأمريكية في أحدث تقرير لها أن يرتفع إجمالي استهلاك مصر من القمح سنويا إلى حوالي 21 مليون طن متري لعام 2021/ 2022
صندوق النقد يخفف توقعاته للنمو المصري
خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو المصري في عام 2024 من مستوى 5 في المائة في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر في شهر أبريل الماضي، إلى 4.1 % في تقريره الأخير لشهر يوليو، فيما رفع توقعاته الخاصة بالتضخم خلال العامين الجاري والمقبل.
ورغم إبقاء الصندوق على توقعاته الخاصة بالنمو في العام الحالي عند 3.7 في المائة، وهي نفس توقعات أبريل، فإنه خفَّض من مستوى توقعات العام المقبل، مُرجعاً ذلك بالأساس إلى «ضعف مرونة سعر الصرف، وهو ما أسفر عن نقص في سوق الصرف الأجنبية، بما يؤثر على حركة الواردات، كما يثبط ثقة المستثمرين»، حسبما أوضحت بيتيا كوفا بروكس، نائبة مدير قسم البحوث في صندوق النقد الدولي، للصحفيين.
وفي تعديل كبير لرؤيته المستقبلية لمستوى التضخم، توقع الصندوق أن يصل متوسط التضخم في مصر إلى 24.4 في المائة في 2023، وأن يرتفع إلى 32 في المائة عام 2024، بينما كانت توقعات شهر أبريل الماضي تشير إلى متوسط تضخم 21.6 في المائة في 2023، وترجيح التراجع إلى مستوى 18 في المائة في 2024.
وفي إيضاحها لهذا التحول الكبير، خصوصًا العام المقبل، أرجعت بروكس هذه التغيرات في معظمها إلى انخفاض قيمة العملة المحلية.
وكان معدل التضخم قد تسارع بأعلى وتيرة له على الإطلاق في يونيو الماضي مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية على خلفية سلسلة تخفيضات قيمة الجنيه وارتفاع الطلب الموسمي. وقفز معدل التضخم السنوي العام في المدن المصرية إلى 35.7 في المائة خلال ذلك الشهر.
وأكدت بروكس أن صندوق النقد يرى أنه على «الحكومة المصرية تبني سياسات قوية تعيد اختلالات الاقتصاد الكلي، وأيضًا تجعل التضخم تحت السيطرة، وربما يكون الشيء الأكثر أهمية هو السماح بمزيد من المرونة في سوق العملات الأجنبية».
وتزامن صدور تقرير الصندوق مع بيانات اقتصادية إيجابية في مصر، حيث أظهر تقرير صادر عن البنك المركزي المصري، يوم الثلاثاء، تراجع عجز حساب المعاملات الجارية في مصر إلى 5.3 مليار دولار في الفترة من يوليو 2022 إلى مارس 2023، مقارنةً مع 13.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي السابق له، وذلك مدفوعاً بالزيادة الملحوظة في إيرادات السياحة وحصيلة رسوم المرور في قناة السويس.
لكنَّ تحويلات المصريين في الخارج تراجعت 26.1 في المائة إلى 17.5 مليار دولار، مقارنةً مع 23.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي السابق له. وكان مصرفيون قد قالوا لـ«رويترز» إن العدد الأكبر من المصريين في الخارج أجروا التحويلات عبر السوق غير الرسمية، وذلك في وقت تواجه فيه البلاد أزمة خانقة في العملة الأجنبية تسببت في خسارة الجنيه نصف قيمته أمام الدولار.
ووصلت إيرادات السياحة إلى 10.3 مليار دولار، بزيادة 25.7 في المائة عن الفترة نفسها في العام المالي السابق له. بينما سجلت إيرادات رسوم المرور في قناة السويس 6.2 مليار دولار، مقابل 5.1 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي السابق له.