سيطرت حالة من الصدمة والغضب وخيبة الأمل على طلاب وخريجي كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، إضافة إلى هيئة التدريس والعاملين بها، خلال الأيام الماضية، بعد انتشار أنباء عن نقل الكلية من مقرها الحالي على كورنيش المنيل إلى مبنى آخر داخل جامعة حلوان. وقد أكدت إدارة الكلية هذه الأنباء في بيان أصدرته يوم الجمعة، أوضحت فيه أنها تلقت خطابًا رسميًا من إدارة مشروعات أراضي القوات المسلحة، بناءً على توجيهات عليا، يقضي بعدم تجديد عقود حق الانتفاع لكافة أراضي النهر الممتدة من شبرا إلى حلوان، بما في ذلك الأراضي المخصصة للأنشطة التعليمية والإدارية للكلية.
أعلنت كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان عن تلقيها خطابًا من مدير إدارة مشروعات أراضي القوات المسلحة، بناءً على توجيهات رئاسية، يقضي بإلغاء وعدم تجديد عقود حق الانتفاع لجميع أراضي طرح النهر من شبرا حتى حلوان. وشمل القرار عدة منشآت منها كلية السياحة والفنادق، المسرح العائم، نادي شرطة المسطحات المائية، حديقة أم كلثوم، ونوادي أخرى. وذكر الخطاب أن هذه الأراضي هي ملك للدولة، وكانت مخصصة حق انتفاع لهذه المنشآت، مع ضرورة نقل المتعلقات على الفور.
وأعربت الكلية في بيانها عن أن هذا القرار يضعها في موقف حرج يهدد وجودها في موقعها الحالي، الذي يمثل جزءًا من هويتها وتاريخها لعقود. وأشارت إلى أن موقعها الحالي، القريب من المناطق السياحية والفنادق، يعزز التجربة التعليمية والعملية لطلابها ويخدم أهدافها الأكاديمية.
وأكد البيان أن نقل الكلية سيؤثر سلبًا على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، حيث سيؤدي إلى صعوبات في التأقلم والانتقال، وتراجع التكامل بين البرامج التعليمية والأنشطة العملية. كما طالبت الكلية الجهات المعنية بإعادة النظر في القرار، مشددة على أن الاستثمار في التعليم والسياحة يبدأ بالحفاظ على المؤسسات القائمة وتطويرها، وليس استبدالها.
نوصي للقراءة: انقطاع المياه في الغردقة.. أزمة تهدد السكان والسياحة
مخاوف الطلاب
أطلق الطلاب وسمي (تجديد حق انتفاع كلية السياحة والفنادق، و لا لنقل سياحة وفنادق) للتعبير عن رفضهم للقرار الذي يرون أنه سيؤثر سلبًا على سير العملية التعليمية، مؤكدين الأهمية التراثية والمعمارية لمبنى الكلية.
يقول الطالب خالد بركات في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك: “كطلاب استيقظنا على خبر بيع كلية السياحة والفنادق لمستثمر أجنبي. البديل المتاح حاليًا في جامعة حلوان نفسها، مبنى إن كان كاملًا، فلا يوجد به مطبخ من أجل الدروس العملية، كما أن جامعة حلوان بعيدة جدًا عن معظم الطلبة، وموقع الكلية هو أهم شيء بالنسبة إليها لقربه من الفنادق التي يحصل الطلاب على تدريبهم العملي بها على مدار السنة، وكذلك الحال بالنسبة إلى طلبة قسم الطيران والدراسات السياحية الذين يجدون موقع الكلية قريبًا من شركات السياحة والمواقع الأثرية والتي يحتاجون إلى زيارتها باستمرار للقيام بمشاريع قسم الإرشاد السياحي.”
في حين اعتبر الطالب جون هاني أن إعلان الكلية عن القرار كان بمثابة الخبر المفجع والنعي للتاريخ والذكريات والتعليم والفن، مؤكدًا أن نجاح الكلية يرتبط بموقعها الجغرافي المميز، المطل على نهر النيل والقريب من المعالم السياحية والفنادق والمسارح والقصور والمتحف المصري والأوبرا وجاردن سيتي ووسط البلد، والذي يعد ملائمًا لدراسة السياحة.
تعليقًا، يقول عمر رضا – الطالب بالفرقة الثانية بالكلية والمقيم بالقاهرة-، إن أساتذة من أعضاء هيئة التدريس أبلغوا الطلاب بأن الفصل الدراسي الأول، سيكون آخر فصل دراسي لهم في مقر الكلية الحالي، وإن مفاوضات جرت بين الإدارة والجهات المعنية، بخصوص أرض كلية السياحة والفنادق، قبل بدء العام الدراسي، لكن المسؤولين استقروا في النهاية على نقلها، مؤكدًا، إلى زاوية ثالثة أن طلاب قسم إرشاد سياحي يستفيدون من الموقع الحالي، القريب من المتحف المصري، ويعتمد طلاب قسم المطبخ على تنظيم زيارات للفنادق القريبة منهم، وهي أمور لن تتاح لهم حال تم نقل الكلية إلى حلوان – الضاحية الجنوبية للقاهرة-، نظرًا لبعدها الجغرافي وكون المحاضرات بالكلية تنتهي في وقت متأخر من المساء، مبديًا تخوفه هو وزملائه من عدم توفر أماكن كافية لهم للدراسة؛ ما سيؤثر على تلقيهم للمحاضرات.
ويبدي محمد طارق – الطالب بالفرقة الأولى بكلية السياحة والفنادق-، إلى زاوية ثالثة، تخوفاته من تأثير قرار نقل الكلية إلى جامعة حلوان، لكون ذلك قد يتطلب انتقاله من السكن الطلابي الذي يعيش به مع زملائه المغتربين، بدلًا من السفر من محافظة السويس إلى القاهرة، أو تحمل أعباء وتكاليف المواصلات لجامعة حلوان البعيدة عن السكن وأماكن التدريب على العمل بالفنادق وشركات السياحة.
نوصي للقراءة: جرافات التطوير تصلُ “ضاحية الجميل” ببورسعيد: إخلاءٌ دون تعويض
خسارة المنح التمويلية
وتكمن أهمية الموقع الجغرافي للكلية في حصولها على منح تمويلية من عدد من الفنادق وسلاسل المطاعم الكبرى وشركات طيران، وستصبح مهددة بخسارة تلك المنح حال تم نقل مقرها، بحسب ما تؤكد شيماء عبد التواب – أستاذة التاريخ في كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان-، إلى زاوية ثالثة، لافتة لكون الإدارة وأعضاء هيئة التدريس لا يعرفون شيئًا حتى الآن عن المقر الجديد في جامعة حلوان المفترض نقل الكلية إليه.
وتشير الأستاذة الجامعية إلى أن القرار الصادر بنقل الكلية ليس نهائيًا وأن الإدارة بقيادة عميدة الكلية سها عبد الوهاب، متمسكة بالدفاع عن حقها في الأرض المقام عليها المبنى منذ 75 عامًا، وموقعها الجغرافي المتميز، وأنها لا تزال تجري اجتماعات ومفاوضات بخصوص ذلك.
في سياق متصل، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، أبدى عدد من أساتذة وأعضاء تدريس جامعة القاهرة، استيائهم لكون نادي أعضاء هيئة التدريس، الواقع بشارع عبدالعزيز آل سعود بالمنيل، يعد متنفسًا ترفيهيًا لأسرهم، وأصدر مجلس إدارة النادي، بيانًا، الخميس، أعلن خلاله تلقيه خطابًا من مدير إدارة مشروعات أراضي القوات المسلحة، بناءً على توجيهات رئاسية صدرت بشأن إلغاء وعدم تجديد عقود حق الانتفاع بجميع أراضي طرح النهر من شبرا حتى حلوان؛ من بينها أراضي طرح النهر بالمنطقة المخططة لتطوير مستشفيات قصر العيني بجزيرة الروضة، لافتًا لكون الخطاب أبلغهم بضرورة نقل المتعلقات في الحال.
وأوضح البيان أن مجلس الإدارة يعكف الآن، من خلال انعقاده الدائم ويبذل كل جهد لإيجاد حلول مناسبة وطَرق جميع الأبواب وسلك كل السبل المشروعة لمحاولة الإبقاء على المقر وأيضا دراسة كل السيناريوهات والحلول المطروحة بما لا يتعارض مع مصالح السادة الأعضاء ولا المصالح القومية.
نوصي للقراءة: “لن نُغادر” أهالي الوراق في مواجهة الإخلاء القسري.. والأمن يستخدم القوة المفرطة
هدم الصروحَ الثقافية
الأزمة التي يعيشها طلاب وخريجو كلية السياحة والفنادق والعاملين بها، تأتي بعد أيام من صدمة الأوساط الثقافية والفنية بقرار عدم تجديد عقد انتفاع أرض المسرح العائم (مسرح فاطمة رشدي/ البيت الفني، والذي يرجع تاريخ إنشائه إلى الستينات، ويحتوى على خشبتي عرض الكبيرة تسع 480 مشاهد والصغيرة لـ 250 متفرج، وكان قد تم تطويره وإعادة افتتاحه في العام 2019).
تداول فاعلون في الملف الثقافي صورة قالوا إنها لكتاب الأمانة العامة لوزارة الدفاع، الموجه إلى رئيس قطاع مكتب وزير الثقافة في 28 سبتمبر المنقضي، ويحمل الرقم 14/527413، بشأن قيام جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة بالإلغاء وعدم تجديد عقود الانتفاع بجميع أراضي طرح النهر بالمنطقة المخططة لتطوير مستشفيات قصر العيني بجزيرة الروضة، ومنها: (المسرح العائم ” فاطمة رشدي ” / البيت الفني للمسرح)، ووجه الكتاب الموقع من اللواء أركان حرب/ محمد مصطفى رضوان – مدير جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة-، باتخاذ اللازم نحو قيام المسرح العائم بنقل كافة متعلقاته من قطعة الأرض محل الإنتفاع خلال أسبوع من تاريخه وتسليم الأرض للجنة المشكلة من وزارة الموارد المائية والري وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، والتوجه إلى مقر جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة لسداد المستحقات المالية للدولة عن التواجد عليه حتى 30 سبتمبر الماضي.
القرار أثار غضب واستياء العديد من المثقفين والفنانين، فأطلقوا بيانًا ضد هدم المسرح العائم. طالبوا خلاله الدولة بوقف أعمال هدم المسرح العائم الذي يمثل ضرورة فنية ومتنفسًا ثقافيًا مهمًا لشريحة كبيرة من الشعب المصري، مطالبين القوات المسلحة حال وجود ضرورة للهدم، أن تتولى إدارة مشروعاتها بناء مسرح في نفس المنطقة أو المناطق القريبة لتكون بديلًا عنها، يخدم الجنود ورواد المجتمع المدني، وتكون تحت إشرافها، مستنكرين هدم الصروح الثقافية دون إيجاد البدائل.
بدورها أكدت اللجنة الثقافية والفنية بنقابة الصحفيين موقفها الرافض لأي محاولات تمس المسرح العائم بالمنيل، واصفة إياه بالمَعلم الثقافي والفني العريق، الذي شهد منذ إنشائه في الستينيات أعمالًا مسرحية متميزة، ووقف على خشبته عدد كبير من نجوم المسرح المصري، ما جعله جزءًا أصيلًا من الذاكرة الثقافية والفنية لمصر، ومنارة للفن والإبداع على ضفاف نهر النيل، لافتة في بيان لها، الثلاثاء، أن موقعه المميز في قلب القاهرة ساهم في إضفاء طابع ساحر على العروض المسرحية، التي قُدمت عليه، داعية الجهات المسئولة بمراعاة القيمة الثقافية والتاريخية، التي يمثلها المسرح العائم، الذي يعبر عن جزء مهم من التراث الفني وقوة مصر الناعمة.
يقول الأديب أحمد الخميسي إن الوسط الثقافي تلقى خبر عدم تجديد عقد انتفاع المسرح العائم، بالأسف الشديد، كونه يمثل جزءًا مهمًا من الحضور الثقافي والفكري المصري العريق، إلا أنه يعتبر ذلك الجزء الظاهر من جبل الجليد وجزء من المشهد العام للمسارح؛ إذ أن نحو نصف مسارح قصور الثقافة، البالغ عددها 25 مسرحًا، مغلقة، وتحول مسرح الزمالك في شارع 26 يوليو إلى دار عرض، وتم تحويل مسرح “اللونا بارك” في الإبراهيمية بالإسكندرية إلى قاعة أفراح، وأُغلق مسرح محمد فريد منذ فترة، وصدر قرار بهدم مسرح السلام الصيفي.
ويؤكد إلى زاوية ثالثة، أن السياسة الثقافية لا ترى أهمية لدور المسرح بل ينصب اهتمامها على بيع المسارح واستبدالها بجراجات وقاعات أفراح تدر أموالًا تعود على الدولة، بدلًا عن البحث في كم العقول النيرة التي ستكسبها مصر من المسرح، داعيًا وزير الثقافة للتحرك وإنقاذ الموقف.
ويكشف يوسف إسماعيل – المدير السابق للمسرح القومي التابع لوزارة الثقافة المصرية، رئيس المهرجان القومي للمسرح المصري سابقًا-، عن أن خطط إزالة المسرح العائم الكبير والصغير، تمتد إلى مسرحي السلام ومتروبول، واصفًا الأمر بالمأساة، لكون مصر تحتاج إلى بناء المزيد من المسارح بشكل يتناسب مع الزيادة السكانية، وتطوير المسارح القديمة التي تعاني من بنية تحتية قديمة وإمكانيات تكنولوجية ضعيفة، وليس هدم المسارح.
يحذر في حديثه إلى زاوية ثالثة، من كون هدم تلك المسارح سيؤدي إلى تقلص عدد مسارح القاهرة إلى نحو أربعة، هي: المسرح القومي ومسرحي الطليعة والهناجر ومسرح الطفل، ما سيكون له تبعات سيئة على الوسط الثقافي والفني؛ أهمها تشريد العاملين بتلك المسارح، إضافة إلى الحد من قوة مصر الناعمة في مواجهة الإرهاب وقوى الظلام.
وتبدي رانيا فتح الله – الفنانة المسرحية والأستاذة بمعهد السينما والفنون المسرحية-، حزنها الشديد هي وزملائها المسرحيين، لتلقيهم أنباء عزم السلطات إزالة المسرح العائم، مؤكدة كونه يمثل قيمة وصرح فني وثقافي تربت عليه أجيال من الفنانين المسرحيين في مصر، وخرجت منه العديد من الروائع المسرحية، وكان مكان لتجمع الفنانين، مؤكدة إلى زاوية ثالثة، أن الموقع المثالي للمسرح ووجود جراچ للسيارات بجواره، كان من أسباب جذب الجمهور لزيارته وحضور العروض المسرحية.
نوصي للقراءة: مئات المُهجرين من حدود سيناء يطالبون بـ”حق العودة” إلى قراهم
تحركات برلمانية
أثارت حالة الجدل والاستياء الناجمة عن القرار غضب الأوساط الثقافية والفنية والتعليمية، وصولًا إلى البرلمان. فقد تقدمت النائبة ضحى عاصي، عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، بطلب إحاطة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الثقافة أحمد هنو، ووزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، بالإضافة إلى وزيري التنمية المحلية والموارد المائية والري، بشأن إزالة وهدم المسرح العائم في منيل الروضة. كما طالبت بالكشف عن كافة التفاصيل المحيطة بمصير عدد من المسارح الأخرى، مثل مسرح السلام الحديث ومسرح المتروبول، سواء من حيث البيع أو الإيجار.
وفي تصريحات منها إلى زاوية ثالثة تؤكد ضحى عاصي، أن هدم المسارح يهدد التراث المسرحي والريادة المصرية للمسرح، لاسيما أن أعداد المسارح في مصر باتت منخفضة للغاية، وأن المسرح العائم الذي يتردد أنه سيتعرض للإزالة هو أيضًا مركز لمسرح الشباب ومسرح التجوال والمواجهة، وأن هناك حديث عن أن مسرحي متروبول والسلام مهددان أيضًا بالبيع أو الإيجار، ما دفعها للتقدم بطلب إحاطة لكن لم تتم مناقشته بالبرلمان ولم ترد عليه الحكومة؛ إلا أنها قدمت، الأحد، بيانًا عاجلًا لرئيس المجلس، كما وضعت مع عدد من النواب على جدول ما يستجد من أعمال، مناقشة طلبات الإحاطة وكيفية التعامل مع القرار حال صحة حضوره، مبدية تعجبها من نفي وزير الثقافة أحمد هنو، تلقيه قرار بشأن المسرح العائم، في حين يتداول المثقفون صورة خطاب رسمي بشأن إخلاء المسرح. مؤكدة أن الحقيقة ستظهر بعد رد الحكومة على البرلمان.
كان وزير الثقافة قد أعلن، الإثنين، في تصريحات صحفية، عدم صدور قرار حتى الآن بشأن هدم المسرح العائم بالمنيل من عدمه، وأن الأمر كله مجرد تكهنات لا أساس لها من الصحة، ولم يتم إخطار الوزارة رسميًا بمخطط الحضري لمنطقة المنيل حتى الآن.
تقول النائبة: “قبل أربع سنوات تردد أن قصر ثقافة المنصورة سيتعرض للهدم بسبب مشروع لوزارة النقل، ما دفعني لتقديم طلب إحاطة آنذاك، وتم تشكيل لجنة من المسؤولين وقدمت توصية بعدم هدمه، وحدث الأمر نفسه مع مشروع العجلة الدوارة “كايرو آي” بالزمالك، بعد تدخلات برلمانية، في حين لم تتم مراجعة الموقف في حالات لمبانٍ أخرى لعدم وجود أوراق قانونية تحميها.”
بدورها تقدمت النائبة البرلمانية، مها عبد الناصر، بطلب إحاطة، السبت، موجه إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، ووزير الثقافة، بشأن قرار سحب جميع أراضي طرح نهر النيل التابعة للدولة بنظام حق الإنتفاع من منطقة شبرا وحتى منطقة حلوان وإخلاء ما عليها من منشآت، مؤكدة أن الموقع الحالي لكلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان ليس مجرد قطعة أرض يمكن استبدالها أو سحبها، بل هو جزء من هوية الكلية وتاريخها، وعاملًا أساسيًا في تحقيق الأهداف الأكاديمية والتدريبية للطلاب بفضل قربه من الفنادق والمواقع السياحية لتأهيلهم لسوق العمل في أهم القطاعات الاقتصادية المصرية، متسائلة: كيف تتحدث الحكومة عن تطوير التعليم في مصر بصفته أحد القاطرات الأساسية والرئيسية للنهضة وتحقيق التنمية المستدامة، بينما تتخذ قرارات تؤدي إلى تراجع مستوى التكامل بين البرامج التعليمية والتدريب العملي؟، وهل تعي الحكومة أن مثل تلك القرارات ستتسبب في ضرر بالغ للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ويؤثر على مستوى التعليم الجامعي في هذا القطاع الحيوي؟
توضح النائبة أن المسرح العائم الذي صدر بحقه قرار إخلاء، واحد من أعرق المسارح الموجودة في مصر ويعود تاريخ إنشاءه إلى خمسينات القرن الماضي، وأن القرار تضمن إخلاء حديقة أم كلثوم الكائنة بمنطقة المنيل، التي تم افتتاحها منذ أكثر من 25 عام في عام 1998، لتكون قبلة ومتنفس لأهالي وسط القاهرة لما فيها من أنشطة اجتماعية وترفيهية متعددة، مؤكدة أهمية المساحات الخضراء الكبيرة التي تتمتع بها الحديقة، والتي ستتم إزالتها خلال تنفيذ هذا القرار، مطالبة الحكومة بإعادة النظر في ذلك القرار غير المدروس، ومراعاة التفرقة ما بين الأراضي التي من الممكن سحبها والتي لا يمكن سحبها وإعادة ترتيب الأولويات والاعتبارات الخاصة بالمصلحة العامة.
توضح مها عبد الناصر، إلى زاوية ثالثة، أنه في أعقاب مناشدة الفنانة سميحة أيوب لرئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، بوقف هدم المسرح العائم، ثم استغاثات كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان ونادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة، بسبب قرار عدم تجديد عقود انتفاع أراضي طرح النهر، فإنها تقدمت بطلب إحاطة ولم تتلق بعد ردًا من الحكومة بخصوصه، مؤكدة أن البرلمان ليست لديه معلومات بخصوص ملابسات القرار، والذي يتعارض مع ما تعلنه الحكومة بخصوص الحفاظ على الشخصية المصرية وتطويرها وتطوير التعليم.
مزاد
يأتي القرار رغم تأكيدات هاني سويلم – وزير الموارد المائية والري-، في 20 سبتمبر المنقضي، استمرار التعاون بين الوزارة وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، فيما يخص إصدار التراخيص اللازمة لـ أراضي طرح النهر في المسافة من شبرا الخيمة وحتى حلوان، مع الالتزام التام بالاشتراطات والقوانين المنظمة في هذا الشأن، مبينًا أنه في ظل التعاون بين (وزارة الري – وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة – ووزارة الداخلية – ولجنة تصويب التواجدات) تجري إزالة العديد من حالات الردم المخالفة الممتدة من شبرا الخيمة إلى حلوان.
وكان جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، المنشأ بالقرار الجمهوري رقم 531 لسنة 1981، قد أعلن العام الماضي، عن طرح قطع أراضي على ضفاف النيل “طرح النهر”، لاستغلالها في أنشطة سياحية، بالمزاد العلني، في الثانية عشر من ظهر يوم 20 مارس 2023 ، بمقر الجهاز في مدينة نصر، مبينًا أن الأراضي تقع بمواقع مختلفة داخل القاهرة والجيزة بمناطق (جزيرة الزمالك، والمعادي، وجزيرة المنيل، ومصر القديمة، وطرة، ودار السلام، والمعصرة، وإمبابة). وتصلح كـ مراسي سياحية عائمة ومطاعم وكافيتريات.
وسبق أن نشر الجهاز، إعلانًا في مجموعة من الصحف الحكومية، في 20 ديسمبر 2022، طرح فيه قطع أراضي مميزة على ضفاف النيل، للمزاد العلني، بنظام الانتفاع السنوي، متضمنًا (الزمالك، والعجوزة، والدقي، وجاردن سيتي، والمنيل، والمعادي، والمعصرة، والمنيب، وإمبابة، والوراق).
في الوقت نفسه، نشر الجهاز على موقعه الرسمي إرشادات وتعليمات تسجيل طلب استخراج/ تجديد رخصة نشاط على أراضى طرح النهر للأراضى من شبرا الخيمة إلى حلوان، تضمنت تسجيل بيانات الطلب ومراعاة الدقة في تسجيل كافة البيانات المطلوبة، وتسجيل أي بيانات رقمية، مثل(رقم قومي – ورقم محمول – وكود الأرض – ومساحة الأرض) بأرقام اللغة الإنجليزية، مبينًا أنه يمكن الاستعلام عن موقف الطلب، بعد تسجيل ومراجعة البيانات، لمعرفة موعد الحضور الى جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة.
وكان السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، قد أعلن في السادس من أبريل، العام الماضي، طرح عدد من الأصول التى تتمتع بإطلالة على نهر النيل وتقع فى نطاق محافظتى القاهرة والجيزة، وما تتضمنه من أراضي ومباني تتبع جهات حكومية غير منتقلة للعاصمة الإدارية الجديدة، للاستثمار، ونقل عدد من تلك الأصول إلى صندوق مصر السيادي، لافتًا إلى جهود الدولة الحالية لزيادة أعداد الغرف الفندقية، في ظل الطلب من المستثمرين لضخ استثمارات في هذه المشروعات.
ويعتبر المحامي الحقوقي مالك عدلي – مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية-، أن نظرة الحكومة لجزء من المكون الثقافي والشعبي والطراز المعماري والتاريخي لمصر، على أنه قطع أراضي مميزة، هي نظرة سيئة، سواء فيما يتعلق بالملكيات الخاصة أو المخصصة للمنفعة العامة، مثل. كلية السياحة والفنادق التابعة لجامعة حلوان والمسرح العائم التابع لوزارة الثقافة، والكيانات الاعتبارية، مثل. أندية أعضاء هيئة التدريس والقضاة والنيابة الإدارية وشرطة المسطحات، مشيرًا إلى كون نزع ملكية تلك الأماكن بشكل مفاجئ غير منطقي، لا سيما أن العام الدراسي قائم، وكان بمقدور السلطات زيادة القيمة المادية لعقود الانتفاع.
يبين أنه حال اتخاذ الحكومة قرار عدم تجديد عقود الانتفاع فإنه يفترض أن تحسم المحكمة الصراع بينها وبين الجهات المنتفعة، وفقًا لمدة العقد ووجود مخالفات من عدمه والمنفعة العامة، كما حدث مع المحلات والبائعين في السوق التجاري الذي أزالته الحكومة لمد الخط الثالث من مترو الأنفاق؛ إذ ربح المركز المصري القضية، وحكمت المحكمة بتعويضات لصالح المتضررين ومحلات مماثلة لتلك التي تعرضت للإزالة.
وفي الوقت الذي تشهد فيه مواقع التواصل الاجتماعي تضامنًا واسعًا مع كلية السياحة والفنادق والمسرح العائم، وفي ظل تحركات من بعض النواب البرلمانيين؛ فإن طلاب الكلية والعاملين في المسرح العائم وحديقة أم كلثوم والأندية التي طالها قرار عدم تجديد عقود الانتفاع، يعيشون في قلق وخوف من عواقب ذلك القرار حال تنفيذه، كما يحذر المثقفون من عواقب المساس بالمنشآت الثقافية وتأثيره على تراث مصر الثقافي وقوتها الناعمة.