في قرية كفر مويس، إحدى القرى التابعة لمركز بنها بمحافظة القليوبية (تقع في شمال القاهرة وعلى بعد 58 كيلومترًا من العاصمة) يعيش أحمد عيد، مزارع، يبلغ من العمر 33 عامًا، حياة مليئة بالتحديات، إذ يعتمد بشكل كامل على الزراعة كمصدر رزق له ولأسرته المكونة من زوجته وثلاثة أبناء، وفي ظل عدم امتلاكه لوظيفة أخرى. باتت حياتهم معلقة بخيط رفيع نتيجة الظروف القاسية التي يواجهها يوميًا.
بسبب ندرة مياه الري النظيفة، يجد عيد نفسه مجبرًا على استخدام مياه الصرف الصحي من مصرف لري أرضه الزراعية المستأجرة، والتي تبلغ مساحتها فدانًا واحدًا. يقول: “المياه البحرية لا تصل إلينا بانتظام؛ ما يضطرني إلى الري من المصرف الممتد في قريتنا. الري بمياه الآبار مكلف جدًا، إذ تصل تكلفة الساعة إلى 100 جنيه، ويحتاج الفدان إلى ثماني ساعات، أي ما يعادل 800 جنيه لكل عملية ري، وينبغي عليّ ري المحصول ثلاث مرات شهريًا؛ ما يعني أنني بحاجة إلى 2400 جنيه في نهاية كل شهر حتى لا تموت أرضي من العطش”.
يضيف عيد: “تراكم التكاليف المالية يزيد من معاناتي، حيث أجد نفسي غير قادر على تحمل أعباء الري مع الإيجار المرتفع. الفلاحون يزرعون الأرز، ولذلك تقوم الدولة بقطع المياه عنا، والمياه لا تصل إلينا دائمًا”.
لا تقتصر معاناة عيد وأهل قريته على الشؤون المالية فقط؛ بل تمتد لتشمل تبعات صحية وصفوها بـ الكارثية. استخدام مياه الصرف الصحي في الري أدى إلى انتشار الأمراض مثل الفشل الكلوي في القرية. يقول:”القرية أصبحت مليئة بالأمراض بسبب البلهارسيا والفشل الكلوي”.
حسب تقديرات البنك الدولي في 2020، فإن 30% من الأيدي العاملة تعمل في المناطق الريفية، ويعتمد 55% من السكان على قطاع الزراعة كمصدر دخل؛ بينما تشير تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في تقريره (مصر في أرقام) في عام 2023 إلى أن عدد العاملين في المجال الزراعي والصيد بلغ ما نسبته 18.9% من إجمالي عدد السكان في عام 2021.
بناءً على زيارات ميدانية أجرتها “زاوية ثالثة” في عدد من القرى بمحافظة القليوبية، وتحديدًا في مركز بنها، والتي شملت أكثر من خمس قرى منها: “كفر مويس، شبلنجة، كفر العرب، كفر سندنهور، وكفر عطالله”، نوثق في هذا التقرير استخدام المزارعين مياه الصرف غير المعالجة من المصارف في ري المحاصيل الزراعية. هذا الأمر أدى إلى إصابة المواطنين بأمراض الكبد والفشل الكلوي، إضافة إلى أمراض صدرية.
أشار مصطفى مدبولي إلى أنه خلال الموسم الزراعي 2022 / 2023 بلغت المساحة المزروعة 9.8 مليون فدان، من بينها 6.1 مليون فدان من الأراضي القديمة، و3.7 مليون فدان من الأراضي الجديدة، موضحًا أن معدل التكثيف الزراعي بلغ 180% (وهو زراعة أكثر من عروة في نفس الأرض). فيما بلغ إجمالي عدد محطات الصرف الصحى المعالج 508 محطة عـــام (2022/2023)مقابـل 484 محــطة عـام (2021/2022) بنسبة ارتفاع قدرها 5٪. وبلغ إجمالي كمـية الصـرف المعـالج 5.4 مليار متر مكعب عـام (2022/2023)، مقـابل 5.23 مليار متر مكعب في عام (2021/2022) بنسبة ارتفاع قدرها 3.3٪.
نوصي للقراءة: كارثة بيئية متجددة: مصنع سُكّر يُهدّد صحّة سكان قرية الفواريقة
أمراض
في قرية سندنهور – إحدى قرى مدينة بنها بمحافظة القليوبية-، قرر محمد مصلح عبد الجليل، 38 عامًا، محاسب، تقديم شكوى إلى محافظ القليوبية منذ أسابيع، يطالب فيها بحل لمشكلة الصرف الصحي التي باتت تهدد حياة سكان قريته. يقول عبد الجليل: “أهل القرية يعانون من عدد من الأمراض نتيجة عدم وجود نظام صرف صحي، الوضع الحالي يضطرنا إلى نزح مياه الصرف الصحي بواسطة عربات الكسح وإلقائها في مصرف الرشاح القريب من منازلنا”.
ويضيف: تسبب هذا الوضع في انتشار الروائح الكريهة، ويزيد من معاناة السكان بسبب انتشار الناموس والذباب بشكل كبير”. وأن “الأمراض التي يعاني منها سكان القرية لا تقتصر على المشاكل الجلدية والتنفسية، بل تتعداها لتشمل أمراضًا معدية ناتجة عن تلوث البيئة المحيطة” وفق تصريحه.
وتتزايد نداءات سكان سندنهور للمسؤولين بضرورة التدخل العاجل لإيجاد حل لمشكلة الصرف الصحي، إذ أن عبد الجليل وعدد من أهالي قريتة ممن قابلتهم زاوية ثالثة، يطالبون بإغلاق مصرف الرشاح تمامًا وإنشاء نظام صرف صحي يخدم سكان القرية ويقيهم من الأمراض المنتشرة.
عزيزة فتحي، 52 عامًا، ربة منزل من قرية كفر العرب في مدينة بنها، تعبر عن معاناتها اليومية من تدهور جودة الخضروات التي تشتريها من السوق. تقول إن بعض الخضروات تفسد في الثلاجة بعد يومين فقط، مضيفة: “البصل الذي خزنته ليكفيني طوال العام لم يبق صالحًا لأكثر من شهر قبل أن يفسد”.
توضح عزيزة أن عائلتها تدرك مصادر ري الأراضي الزراعية في قريتهم، وتستطيع تمييز الخضروات التي رويت بمياه المصارف من خلال شكلها ورائحتها. وتضيف: “لقد تعبنا من هذا الوضع، فالتلوث أدى إلى إصابتنا بأمراض الكلى والحصوات، وحتى مياه الشرب لدينا ليست نظيفة”.
تعكس كلمات عزيزة واقعًا مريرًا يعيشه العديد من سكان القرى الذين يعانون من مخاطر صحية نتيجة تلوث مياه الري والشرب، مما يبرز الحاجة الملحة لمعالجة هذه المشكلة البيئية والصحية.
رانيا أبو نعمة، استشارية حماية البيئة وأمين عام جمعية عين البيئة، تؤكد أن إعادة تدوير المخلفات تعد جزءًا أساسيًا من مبادرتهم. أوضحت في تصريحات إلى زاوية ثالثة، أن مياه الصرف الصحي تنقسم إلى شقين؛ الشق الأول يشمل المناطق التي تتولى الدولة فيها مسؤولية المعالجة، حيث زاد عدد محطات المعالجة منذ مارس 2015 وفقًا لإستراتيجية الحكومة المصرية للتنمية المستدامة “رؤية 2030″، وتشمل هذه المناطق شبكة صرف صحي فعّالة. أما الشق الثاني فيشمل المناطق التي لا تتوفر فيها شبكة صرف صحي مثل القرى وبعض المحافظات، حيث يعتمد السكان على نظام “الكسح”، الذي يعني نقل مياه الصرف إلى الرشاحات أو الترع بواسطة عربات الكسح.
تضيف أبو نعمة أن التخلص من مياه الصرف الصحي في المصارف والترع واستخدامها في الري من قبل المزارعين يشكل كارثة بيئية وصحية كبيرة. وقالت: “رغم معرفة المزارعين بمخاطر استخدام المياه الملوثة، فإنهم يفضلون الحلول الأرخص والأسهل؛ ما يعد جريمة متعمدة”.
وتؤكد أن دور الجمعية يركز على إعادة تدوير المياه الرمادية فقط، وليس مياه الصرف الصحي، لأن معالجة مياه الصرف الصحي تتطلب ميزانية ضخمة. وأوضحت أن المياه الرمادية، الناتجة عن غسيل الوجه أو المياه بالصابون، يمكن معالجتها بسهولة باستخدام تقنية المعالجة الثنائية، مما يعطي نتائج جيدة لإعادة استخدامها في ري الأشجار أو الأراضي الزراعية.
وتشير أبو نعمة إلى أن معالجة مياه الصرف الصحي صعبة للغاية وتكلفتها عالية، وبعد المعالجة لا يمكن استخدامها في ري الأراضي الزراعية بسبب تلوثها الشديد، ولكن يمكن استخدامها لري أشجار الزينة فقط. لذا، تقوم الجمعية بتوعية المجتمع بشكل مستمر حول أهمية إعادة التدوير والاستفادة من الموارد المتاحة بطريقة آمنة وفعّالة.
يحظر قانون الري 12 لسنة 1984 استخدام مياه الصرف في الري، إذ ينص على أنه لا يجوز استخدام مياه المصارف الزراعية في أغراض الري إلا بترخيص من وزارة الري. ويقدم طلب الترخيص مرفقًا به صورة من جميع الدراسات والتحاليل، متضمنة نوع التربة وتحليل مياه الصرف، وأنواع المحاصيل تفصيلا، ودرجة مقاومة كل منها للملوحة، وكيفية استخدام مياه الصرف للري مباشرة أو بعد خلطها بالمياه العذبة، واسم مجرى المياه العذبة الذي سيتم الخلط به ونسبة الخلط. كذلك يحظر قرار رئيس الوزراء 603 لسنة 2002 استخدام مياه الصرف الصحي في ري المحاصيل الحقلية مثل الخضراوات والفاكهة، ويقتصر استخدامها على زراعة الأشجار الخشبية فقط، ويمنع قرار وزير الزراعة 1083 لسنة 2009 استخدام مياه الصرف الصحي المعالج أو غير المعالج، في زراعة المحاصيل الغذائية، ويعاقب المخالف بإزالة المحاصيل على نفقته.
تؤكد وفاء عامر – أستاذة النبات بكلية العلوم جامعة القاهرة-، في حديثها معنا، المخاطر الصحية الكبيرة الناتجة عن ري المحاصيل الزراعية بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، مشيرة إلى أن هناك عدة جوانب خطيرة لهذه الممارسة.
تذكر أن تراكم المبيدات والمواد الكيميائية في المحاصيل الغذائية يؤدي إلى تسمم المحاصيل وتدني نوعية المنتج، مشيرة إلى أن هذه المتبقيات تظل موجودة في الأنسجة النباتية بشكل يجعلها غير قابلة للإزالة حتى بعد الطهي أو المعالجة؛ ما يجعل المحاصيل والمنتجات التي تم ريها بمياه صرف غير معالجة غير صالحة للاستهلاك البشري.
وتضيف أن مياه الصرف تحتوي على طفيليات مثل البلهارسيا والديدان الشريطية التي قد تنتقل عبر المحاصيل الزراعية. كما أن مياه الصرف غير المعالجة قد تحتوي على بكتيريا وفيروسات ممرضة تسبب أمراضًا خطيرة مثل التيفوئيد والكوليرا والتهاب الكبد الوبائي.
تشير أستاذة النباتات إلى أن ري المحاصيل الغذائية بمياه الصرف غير المعالجة يؤدي إلى تراكم المواد الكيميائية في أجسام البشر؛ ما يسبب مشاكل صحية خطيرة مثل السرطان وأمراض الكبد والكلى والجهاز العصبي. وتنبه إلى المخاطر الصحية لمتبقيات الأسمدة، خاصة نترات الأمونيوم، التي قد تسبب تسمم الدم عند تحولها إلى نترات في الجسم؛ ما يؤدي إلى تثبيط قدرة الدم على نقل الأكسجين، ويسبب آثارًا خطيرة خاصة على الأطفال الرضع مثل الشحوب والتهيج والتشنجات، موضحة أن بعض الدراسات ربطت بين التعرض المزمن لمتبقيات نترات الأمونيوم وزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان مثل سرطان المثانة والمعدة.
وفيما يتعلق بمخاطر التلوث بمركبات الرصاص، تؤكد وفاء أن هذه المركبات تعد من أكثر المعادن السامة انتشارًا في الهواء ومياه الصرف. توضح أن متبقيات الرصاص في مياه الصرف غير المعالجة لها تأثيرات سلبية على نمو الأطفال ونضجهم وسلامتهم العقلية، حيث يدخل الرصاص إلى جسم الإنسان ويسبب أمراض الدم والقلب، كما يؤثر على جهاز المناعة ويسبب السرطان.
تحذر أستاذة النبات بكلية العلوم جامعة القاهرة، من تلوث البيئة والنظام البيئي نتيجة تسرب هذه الملوثات إلى التربة والمياه الجوفية والأنهار والبحيرات، ما يؤدي إلى تلوث البيئة والإضرار بالنظام البيئي ككل. وأوضحت أن هذه المواد الكيميائية قد تنتقل عبر السلسلة الغذائية وتؤثر على الحياة البرية والنظام البيئي. وأكدت أن استخدام مياه الصرف الملوثة غير المعالجة في الري قد يؤدي إلى تراكم الملوثات في التربة، ويؤثر على إنتاجية الأراضي الزراعية على المدى الطويل. تقول: “لذلك من الضروري الحد من استخدام الأسمدة المحتوية على نترات الأمونيوم والتخلص الآمن من مخلفاتها، لحماية صحة الإنسان والبيئة وعدم ري المحاصيل الغذائية بمياه الصرف غير المعالجة، وأن يلتزم المزارعين بالريّ من المياه الجيدة التي لا تؤثر على صحة الإنسان والبيئة”.
وتوصي بأن تجري دراسات مسح ميداني لمعدلات الإصابة بمرض السرطان والفشل الكلوي والكبدي لدى فئة كبيرة من المجتمع المصري ومعدلات انتشارها في الريف المصري، لتوضيح مدى الربط (إن وجد) بين نوعية مياه الري والإصابة بمرض السرطان والفشل الكلوي والكبدي؛ حتى تتمكن الدولة من وضع السياسات والإستراتيجيات التي تعمل على الحد من هذه الأمراض والمساعدة على رفاهية الشعب المصري.
وفق كتاب “سمية المبيدات والمعادن” تأليف علاء الدين بيومي الأستاذ بجامعة عين شمس، فإن الرصاص سام عند أي مستوى من الجرعات وهو مادة مسرطنة، خاصة لسرطان الكلى، كما يسبب مرض فقر الدم. ويمتص من النباتات التي تؤكل أوراقها، ويكون أقل بكثير في الطماطم والجزر. وتبلغ الكمية التي يسمح للإنسان البالغ بتناولها يوميًا من الرصاص عن طريق الغذاء 0.01 مليجرام/كيلوجرام.
نوصي للقراءة: المزارعون في مواجهة الفقر المائي… آبار جوفية خوفًا من قرارات حكومية
الصرف الصحي غير المعالج
يعلق حسام محرم – المستشار الأسبق لوزير البيئة، وخبير البيئة والجودة والصناعة-، على ري المزروعات والمساحات الخضراء بمياه الصرف الصحي غير المعالجة. يقول: “مياه الصرف المستخدمة في ري المحاصيل ينبغي أن تستوفي اشتراطات معينة، تتوقف على نوع المحاصيل أو نوع المساحات الخضراء التي ترويها تلك المياه”.
حسب خبراء تحدثنا معهم، فإنه بالنسبة للمنشٱت التي تتواجد في مناطق لا توجد بها مرافق الشبكة العمومية للصرف، فإنه غالبًا ما يتم التخلص من الصرف الصحي أو الصناعي من خلال إلقاء هذه المخلفات في أحد المجاري المائية القريبة من المنشأة أو المجتمع العمراني، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، أو تصريفها على البيئة الأرضية أو التربة بشكل مباشر أو غير مباشر كما يحدث في الخزانات الأرضية غير المعزولة التي تلوث خزانات المياه الجوفية أو المجاري المائية بطريقة أو بأخرى، أو نقلها في أقرب بيارة لشبكة الصرف الصحي. وهي أكثر وسيلة ٱمنة بيئيا من بين كافة الخيارات سالفة الذكر.
يؤكد “محرم” في حديثه معنا، أن الحل الجذري لهذه المشكلة يكمن في ضخ الاستثمارات الكافية لاستكمال البنية الأساسية للصرف الصحي من خلال استكمال مرافق الصرف الصحي علي مستوي الجمهورية، متضمنة محطات المعالجة وشبكات وخطوط الصرف في أقرب فرصة، مع إعطاء الأولوية للمناطق التي تصدر عنها أحمال تلوث عالية من المخلفات السائلة الصناعية، والمناطق التي تلقى المخلفات الصناعية على وسط بيئي حساس أو على وسط تعرض للتدهور بيئيًا أو التي تلقي مخلفات سائلة تتسبب في تلوث جسيم النيل أو فروعه أو تتسبب في تلويث المياه الجوفية أو أي مسطحات مائية عذبة، أو تلقي هذه المخلفات السائلة على البيئة الشاطئية أو البحرية.
ويشير إلى أن انخفاض الاستثمارات العامة والخاصة في قطاعات البنية الأساسية منذ عقود، أدى إلى تراكم المشكلات الناجمة عن ضعف البنية الأساسية في مصر، مضيفًا أن العقبة التي تحول دون تطبيق هذا الحل الجذري هي الحاجة إلى استثمارات ضخمة جدًا لا يمكن توفيرها إلا خلال فترة طويلة جدًا في ضوء الوتيرة الحالية لمعدلات الاستثمارات العامة في مجال البنية الأساسية، لذلك لابد من اللجوء إلى خيارات أخرى مثل نظامي الشراكة مع القطاع الخاص أو منح المستثمرين حق امتياز إنشاء وإدارة المشروعات، بهدف اختصار الوقت اللازم لاستكمال البنية الأساسية.
في السياق نفسه، يحذر محمد الشربيني – أستاذ الأسمدة والتسميد وخصوبة الأراضي بكلية الزراعة جامعة القاهرة-، من المخاطر الصحية والبيئية لري المحاصيل بمياه الصرف الصحي، موضحًا أن هذه المياه تحتوي على عناصر ثقيلة مثل الكادميوم والرصاص، إضافة إلى كائنات ضارة تلوث المحاصيل التي تروي بها.
يوضح أن هذه العناصر الثقيلة تتراكم في النباتات التي تتغذى عليها الحيوانات؛ ما يؤدي إلى تراكمها في لحوم الحيوانات وألبانها. هذا التلوث ينتقل إلى الإنسان عبر استهلاك هذه المنتجات؛ ما يسبب أمراضًا خطيرة تظهر بعد سنوات من التعرض المستمر.
ويضيف أن المحاصيل الورقية مثل الخس والسبانخ، التي تُروى بمياه الصرف الصحي، تمتص هذه العناصر الثقيلة و تراكمها في جسم الإنسان مع مرور الوقت. تظهر هذه العناصر في جسم الإنسان بعد فترة تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات، مسببة أعراضًا مرضية مختلفة.
يشير “الشربيني” إلى أن الألبان تعد أخطر مصدر لنقل هذه السموم إلى الإنسان، حيث تتركز العناصر الثقيلة في ألبان الحيوانات التي تتغذى على أعلاف مروية بمياه الصرف الصحي. هذا التلوث يصل إلى الأطفال من خلال حليب الأم، مما يهدد صحتهم بشكل مباشر، مؤكدًا أن ري محاصيل الزينة والأشجار بمياه الصرف الصحي يمكن أن يكون آمنًا، لأن استخدامها يقتصر على الأخشاب ولا تدخل في سلسلة الغذاء للإنسان.
ويشدد على أن استخدام مياه الصرف الصحي لري المحاصيل لا يضر بهم فقط، بل يضر المستهلكين أيضًا، وخاصة الأطفال وكبار السن. يدعو المزارعين إلى التفكير في الأضرار الجسيمة التي يمكن أن تسببها هذه الممارسات على الأجيال القادمة، بدلاً من السعي لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل على حساب صحة المجتمع.