المجتمع الدولي يرفع صوته مطالبًا “دول العالم” بوقف تصدير السلاح للاحتلال: أنتم شركاء في الإبادة

طالبت نحو 167 من المؤسسات الدولية الدول التي  تزوّد قوات الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة وبأشكال أخرى من المساعدة العسكرية؛ بالالتزام بواجباتها القانونية والتصرف بحزم وبشكل عاجل لمنع إسرائيل من ارتكاب المزيد من الجرائم الدولية والانتهاكات الخطيرة الأخرى للقانون الدولي. ويشمل ذلك واجباتهم بمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. وقالت المؤسسات أن” توريد الأسلحة أو الدعم العسكري لإسرائيل قد يجعل الدول المصدرة متواطئة في جرائمها”.
زاوية ثالثة

طالبت نحو 167 من المؤسسات الدولية الدول التي  تزوّد قوات الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة وبأشكال أخرى من المساعدة العسكرية؛ بالالتزام بواجباتها القانونية والتصرف بحزم وبشكل عاجل لمنع إسرائيل من ارتكاب المزيد من الجرائم الدولية والانتهاكات الخطيرة الأخرى للقانون الدولي. ويشمل ذلك واجباتهم بمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. وقالت المؤسسات أن” توريد الأسلحة أو الدعم العسكري لإسرائيل قد يجعل الدول المصدرة متواطئة في جرائمها”.

 

منذ شنها للهجوم العسكري الانتقامي واسع النطاق على قطاع غزة بتاريخ 7 أكتوبر 2023، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلية هجمات عشوائية غير متناسبة، وأخرى غير قانونية ضد البنية التحتية المدنية، ما تسبب في سقوط أعداد كبيرة من الشهداء والإصابات من المدنيين الفلسطينيين، وذلك من خلال الاستخدام غير القانوني للأسلحة المتفجرة والفسفور الأبيض.

 

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، أسفرت الهجمات العسكرية الإسرائيلية، عن أكثر من 11 ألفا و500 شهيد، بينهم 4710 أطفال و3160 امرأة، فضلا عن 29 ألفا و800 مصاب، 70% منهم أطفال ونساء، وفق آخر إحصائية رسمية فلسطينية. 

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الجمعة، أنه مع تزايد أعداد الضحايا يوميا بالقطاع، لم تتمكن دوائر الإحصاء من الانتهاء من وضع إحصائية دقيقة ونهائية للشهداء والجرحى.

 

ويبقى المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة، بما فيهم مليون طفل، محاصرون في ظل ظروف قاسية للغاية وتحت القصف المستمر. لا يوجد مكان آمن في غزة، ولا يوجد مأوى ملائم، ولا طعام، ولا مياء، ولا كهرباء، ولا وقود. ندد خبراء الأمم المتحدة “أن الحصار الكامل المفروض على قطاع غزة والذي ترافق مع أوامر الإخلاء والتهجير القسري للسكان، يشكل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي”. وفي 27 أكتوبر، أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرار أقرته في جلستها الطارئة، “على الواجب الذي يقضي، بموجب القانون الدولي الإنساني، ضمان عدم حرمان المدنيين من الوسائل التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة.

 

أشارت تصريحات مسؤولي دولة الاحتلال إلى أن “التركيز في العملية  هو على التدمير وليس على الدقة“، وطالبوا بـ “محو قطاع غزة من على وجه الأرض“. وخلال أقل من أسبوع، ألقت قوات الاحتلال حوالي 6,000 قنبلة، وذلك يعادل تقريبًا نفس كمية القنابل التي ألقتها الولايات المتحدة في أفغانستان على مدار عام.

 

وجاء في البيان “نحن قلقون بشكل خاص من التقارير التي تشير إلى الهجمات العسكرية على المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك الهجمات على الكوادر الصحية والصحفيين والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والمخابز والبنية التحتية للاتصالات والمناطق المعلنة للمرور الآمن. قد ترقى العديد من هذه الأعمال إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات خطيرة أخرى للقانون الدولي، بما في ذلك التحريض على ارتكاب أعمال إبادة جماعية”.

 

وفي 19 أكتوبر 2023، قال خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أنهم يدقون ناقوس الخطر من أن هناك حملة مستمرة تشنها إسرائيل تؤدي إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة، ولفتوا إلى أنه بالنظر إلى التصريحات التي أدلى بها القادة السياسيون الإسرائيليون وحلفاؤهم، والتي ترافقت مع العمل العسكري في غزة وتصعيد الاعتقالات والقتل في الضفة الغربية، فإن هناك خطرًا على الشعب الفلسطيني من جريمة الإبادة الجماعية، مؤكدين أنه لا توجد مبررات أو استثناءات لمثل هذه الجرائم. وأعربوا عن فزعهم إزاء تقاعس المجتمع الدولي في مواجهة التحريض للحرب.

 

بالإضافة إلى القصف العنيف الذي تشهده غزة، قامت قوات الاحتلال بتصعيد حملاتها القمعية والعقوبات الجماعية ضد الشعب الفلسطيني على جانبي خط الأخضر. في الفترة ما بين 7 أكتوبر والساعة 2:00 مساءً في 5 نوفمبر 2023، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، 149 فلسطينيًا، من بينهم 44 طفلًا. علاوة على ذلك، استمرت لجنة الأمن القومي في الكنيست في “خطة الحكومة الأوسع لتسليح المدنيين الإسرائيليين اليهود”، من خلال تخفيف سيطرة إسرائيل على الأسلحة، وجعل 400,000 إسرائيلي يهودي إضافي مؤهلين للحصول على ترخيص لحمل الأسلحة.

 

استمرار تزويد الاحتلال بالأسلحة 

في خضم هذه الهجمات، وعلى الرغم من التوثيق والإبلاغ عن ارتكاب انتهاكات جسيمة وجرائم ضد السكان الفلسطينيين على مر السنين، فإن توريد الأسلحة والدعم العسكري إلى إسرائيل من الولايات المتحدة —أكبر مزود فردي للمساعدات العسكرية لإسرائيل لعقود—  ومن كندا وألمانيا وإيطاليا  والمملكة المتحدة  وهولندا—  الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة—  قد استمر. وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسته الخاصة لعام 2021 حول حالة حقوق الإنسان الخطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، قد حث جميع الدول على الامتناع عن تحويل الأسلحة عند تقييم وجود خطر واضح أنه سيتم استخدام مثل هذه الأسلحة لارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو للقانون الدولي الإنساني.

أعربت المنظمات عن قلقها إزاء ما توارد من أنباء تفيد أن بعض الدول، بما فيها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، قد قرروا في الأيام الأخيرة توريد معدات عسكرية إضافية أو الإسراع في عملية توريد المعدات العسكرية لإسرائيل، على الرغم من وجود أدلة كافية على ارتكاب جرائم حرب في غزة.

 

وذكر الموقعون على البيان بأنه وفقًا للقانون الدولي العرفي، بصيغته المدونة في مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليًا التي اعتمدتها لجنة القانون الدولي لعام 2001، تكون الدولة التي تساعد أو تعاون دولة أخرى في ارتكاب فعل غير مشروع دولياً هي مسؤولة دولياً عن ذلك إذا: (أ) قامت تلك الدولة بذلك عن علمها بظروف الفعل غير المشروع دوليًا؛ (ب) يكون الفعل غير مشروع دوليًا إذا ارتكبته تلك الدولة (المادة 16).

 

كما تطرق البيان إلى القانون الدولي الإنساني، حيث تضع المادة المشتركة (1) في اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 على عاتق الدول التزامًا دائمًا “باحترام وضمان احترام” حماية الاتفاقيات في جميع الظروف. وتوضح اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تعليقها الرسمي على المادة المشتركة (1)، أن الالتزام المنصوص عليه في المادة (1) يقتضي، في جملة الأمور، أن “تمتنع الدول عن نقل الأسلحة إذا كان هناك توقع، استنادًا إلى الحقائق أو المعرفة بالأنماط السابقة، بأن الأسلحة ستستخدم لانتهاك الاتفاقيات”.

 

الاتحاد الأوروبي ملزم بوقف تصدير الأسلحة للاحتلال
واعتبر الموقعون على البيان أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ملزمة أيضًا بأحكام موقف المجلس المشترك 2008/944/CFSP المؤرخ 8 ديسمبر 2008، بوصفها قواعد مشتركة تنظم مراقبة صادرات التكنولوجيا والمعدات العسكرية، ويتعين عليها، في جملة الأمور، “رفض ترخيص التصدير إذا كان هناك خطر واضح يتمثل في إمكانية استخدام التكنولوجيا أو المعدات العسكرية المراد تصديرها في ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.

 كما أنه يتعين على أعضاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بمن فيهم الولايات المتحدة، الالتزام بمبادئ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تحكم عمليات نقل الأسلحة التقليدية (مبادئ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا) في قراراتهم بشأن تصدير الأسلحة. ويتطلب المبدأ (4) من الدول “أن تعزز، وأن تمارس، من خلال آلية مراقبة وطنية فعالة، ضبطًا فعالًا في نقل الأسلحة التقليدية والتكنولوجيا ذات الصلة”. ومن أجل تنفيذ هذا المبدأ، “ستأخذ الدول في الاعتبار” عددًا من العوامل عند النظر في أي تصدير مقترح للأسلحة. ومن ثم يُطلب منها تجنب أي عمليات نقل تنتهك أياً من معايير منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الواردة في مبادئ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أو جميعها.

 

وأضاف البيان أنه “من الواضح أن استمرار توريد صادرات الأسلحة والمساعدة العسكرية إلى إسرائيل يشكل انتهاكًا لجميع هذه الالتزامات. على مر السنين، أدى الدعم العسكري المطلق وغير المشروع دولياً لإسرائيل إلى تمكين وتسهيل وترسيخ نظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ككل على مر العقود”.

 

مسؤولية جنائية لكبار المسؤولين

أوضح البيان أن “الفشل في اتخاذ أي إجراء قد يجعل الدول الأطراف متواطئة في أفعال غير مشروعة دوليًا من خلال المساعدة على ارتكاب جرائم دولية أو التحريض على ارتكابها، قد يؤدي إلى مسؤولية جنائية فردية لكبار المسؤولين في هذه الدول بتهمة المساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب المادة 25 (3) (ج) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وبالنظر إلى الأدلة الدامغة، لا يمكن للدول التي تقدم الأسلحة وغيرها من المساعدة العسكرية لإسرائيل أن تدعي أنها غير مدركة لعدد لا يحصى من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي التي ترتكب منذ عقود. إن توفير المعدات العسكرية والدعم العسكري لإسرائيل مع العلم بأن من المحتمل استخدامها في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، بما في ذلك الجرائم الدولية، يدعو إلى توجيه تهم بالتواطؤ.

وتابع البيان “مع استمرار إسرائيل في استيراد الأسلحة، مع أكثر من 4 مليار دولار سنوياً فقط من الولايات المتحدة وألمانيا، فقد أثبتت نفسها أيضًا كشركة رائدة في صناعة الأمن السيبراني والمراقبة، وهي من بين أكبر مصدري الأسلحة في العالم، حيث احتلت المرتبة العاشرة في عام 2022. وكثيراً ما يتم الترويج لمثل هذه التقنيات بأنها تم اختبارها بنجاح على السكان الفلسطينيين في سياق الاحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده، والذي كثيراً ما استحدثت خلاله أيضاً. لذلك، تطالب منظماتنا الدول بوضع حد لاستيراد الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة من إسرائيل وشجبها”.

 
فرض حظر على توريد الأسلحة للاحتلال والتعاون العسكري

طالب الموقعون على البيان باتخاذ تدابير فورية من قبل الدول  وفرض حظر على توريد الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي من كلا الاتجاهين هو التزام قانوني وأخلاقي على حد سواء. في انتظار هذا الحظر، يجب على جميع الدول أن توقف فوراً جميع عمليات نقل المواد العسكرية وما يرتبط بها من خدمات ومساعدة إلى إسرائيل. يجب على الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة أن تُنهي على الفور العمليات الحالية لنقل الأسلحة التقليدية والذخائر والأجزاء والمكونات المشار إليها في المواد 2 (1)، و 3 و 4 من المعاهدة إلى إسرائيل وتحظرها في المستقبل.

وبالإضافة إلى فرض حظر على نقل الأسلحة في كلا الاتجاهين، تابع البيان بأنه يجب على الدول الامتناع عن إبرام أي اتفاقيات تعاون عسكري، بما في ذلك التدريب العسكري والتعاون الاستخباراتي العملي، التي قد تورطها في جرائم دولية وانتهاكات خطيرة أخرى للقانون الدولي.
كما رفعت المنظمات مطالبها إلى  الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، ألمانيا، كندا، وإيطاليا، وهولندا والدول الأخرى التي تسمح بالتوريد المستمر للأسلحة، والأشكال أخرى من الدعم العسكري إلى إسرائيل بالآتي بوقف هذه التوريدات بشكل فوري إعمالًا بواجبتها بموجب القانون الدولي، والوقف الفوري لتوفير أي مواد، أو معدات، أو سلع أخرى التي قد يتوقع استخدامها في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي، بما في ذلك جرائم الحرب. كما طالبت الدول التي تستورد الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة من إسرائيل بأن عليها أن توقف بشكل فوري جميع هذه الواردات وأن ترفض دول العبور استخدام موانئها ومطاراتها لنقل الأسلحة إلى إسرائيل.

 

Search