أمام شباك التذاكر بمحطة مترو أنور السادات بوسط القاهرة، وقف رجل قد تجاوز الـ60 من عمره، حائرًا، يجري العديد من العمليات الحسابية، ثم استسلم، واليأس يكسو ملامحه. مد يديه إلى الموظف بعشرة جنيهات، طالبًا تذكرة إلى محطة طرة البلد، القريبة من حي حلوان جنوب القاهرة.
يتقاضى محمد السعيد (63 عامًا) راتبًا شهريًا يقدر بـ 4000 جنيه، نظير عمله كفرد أمن لمدة تتجاوز عشر ساعات يوميًا بإحدى الشركات بوسط القاهرة، بعد إحالته إلى المعاش قبل سنوات، بينما عمل طوال حياته موظفًا إداريًا بإحدى شركات القطاع العام بمنطقة حلوان، أملًا في أن يتمكن من تغطية تكاليف الحياة التي يصفها بأنها أصبحت غاية في الصعوبة.
يحاول السعيد، حسبما يقول في حديثه إلى زاوية ثالثة تغطية نفقات الأسرة خاصة أن ابنته الرابعة لم تتزوج بعد، ويأمل في أن تمهله الأيام فرصة لتوفير احتياجات زواجها، لكن ارتفاع الأسعار يلاحقه، ويفتك به، فهو مضطر لدفع ما يزيد عن ربع راتبه الشهري في تنقلاته فقط، نظير المترو ومواصلة أخرى تقله لمنزله سواء سيارة ميكروباص أو (توكتوك).
ولا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة لمروة (26 عامًا) التي تواجه يوميًا مأساة لتوفير نفقات انتقالاتها، خلال رحلتها من محل إقامتها في شارع فيصل بمحافظة الجيزة، إلى منطقة عباس العقاد، إذ تعمل بائعة داخل محل ملابس لمدة تتجاوز 11 ساعة، مقابل 3500 جنيهًا، وتجد نفسها مضطرة لإنفاق ما يزيد عن 25% من راتبها على الانتقالات، خاصة بعد ارتفاع الأسعار.
تقول: “اضطر لارتياد ثلاث وسائل نقل على الأقل، الأول ميكروباص أو توكتوك من منزلي إلى شارع فيصل الرئيسي، ثم وسيلة أخرى إلى موقف عبد المنعم رياض بـ ميدان التحرير وسط القاهرة، ومنها إلى أول عباس بمدينة نصر. أدفع يوميًا أكثر من 60 جنيهًا للتنقل فقط، بخلاف وجبة الإفطار أو الغذاء، ورغم محاولاتي تدبير نفقاتي، لكن الوضع أصبح مأساويًا”.
شهدت مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية قرارات حكومية برفع أسعار الوقود، ما أثر بشكل مباشر على تكاليف تشغيل وسائل النقل العام. في سياق متصل، أعلنت الحكومة المصرية عن زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق والقطارات بنسب متفاوتة، وذلك بدءًا من أغسطس الجاري.
شملت الزيادات الجديدة على أسعار تذاكر المترو جميع الفئات، إذ ارتفعت أسعار التذاكر القصيرة والطويلة المدى بنسب متفاوتة تراوحت بين 17% و33.3%. كما شهدت أسعار تذاكر ذوي الهمم زيادة كبيرة لتصل إلى خمسة جنيهات. وقد بررت الحكومة هذه الزيادات بارتفاع تكاليف التشغيل نتيجة زيادة أسعار الوقود. قررت السلطة زيادة سعر التذكرة المخصصة لفئة تسع محطات، من ستة جنيهات إلى ثمانية جنيهات، وسعر تذكرة فئة عشر حتى 16 محطة، إلى عشر جنيهات بدلا عن ثمانية، كذلك، ارتفعت سعر تذكرة فئة 17 حتى 23 محطة إلى 15 جنيهًا بدلا عن 12 جنيهًا، والتذكرة لأكثر من 23 محطة إلى 20 جنيهًا بدلا عن 15 جنيهًا.
وكانت تذاكر مترو الأنفاق في مصر حتى عام 2016 لا تتجاوز جنيهًا واحدًا، زادت إلى جنيهين في عام 2017، ثم توالت الزيادات لتصل إلى 20 ضعفًا خلال سبع سنوات فقط.
لم تتوقف الزيادات عند حد مترو الأنفاق الذي يغطي أغلب أحياء القاهرة الكبرى؛ بل شملت أيضًا أسعار تذاكر القطارات. فقد قررت الحكومة زيادة أسعار تذاكر قطارات الضواحي وقطارات “تحيا مصر” بنسبة 25%. كما زادت أسعار تذاكر الدرجات الأولى والثانية في قطارات “التالجو” بنسب متفاوتة، وتأتي هذه الزيادات في إطار الجهود الرسمية لتغطية التكاليف المتزايدة لتشغيل القطارات. وبحسب هيئة السكك الحديدية: “تقرر زيادة سعر تذكرة الدرجة الأولى لقطار “التالجو” بقيمة 50 جنيهًا، لتصبح 275 جنيهًا بدلا عن 225 جنيهًا، وتذكرة الدرجة الثانية بقيمة 25 جنيهًا لتصبح 175 جنيهًا بدلا عن 150 جنيهًا لخط الوجه البحري”. فيما تقرر زيادة أسعار تذاكر القطارات الإسبانية والفرنسية والـ” VIP” وكذلك القطارات الروسية المكيفة و ذات التهوية بالدرجة الثالثة بنسبة 12.5%.
وتأتي الزيادات المتتالية في أسعار الوقود والمحروقات، في إطار برنامج القاهرة الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، إذ التزمت بخفض دعم الوقود بشكل تدريجي. وقد أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن مصر تتوقع مواصلة رفع أسعار المنتجات البترولية حتى نهاية عام 2025، ضمن “سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي وتقليل العجز في الميزانية”.
وتراجع حكومة القاهرة أسعار الوقود بشكل دوري كل ثلاثة أشهر، منذ بدأت تطبيق آلية تسعير تلقائي على عدد من المنتجات البترولية، في عام 2019، في أعقاب تحرير أسعارها للتخلص من الدعم الحكومي لها بشكل تدريجي.
ورفعت الحكومة أسعار الوقود، منذ أن وسع صندوق النقد الدولي برنامج قروضه للبلاد بخمسة مليارات دولار في مارس الماضي، ليصل إلى ثمانية مليارات بدلًا عن ثلاثة، بعد أزمة اقتصادية شهدت ارتفاع التضخم ونقصًا حادًا في النقد الأجنبي، فيما تعهدت القاهرة بخفض دعم الوقود في إطار اتفاقها مع الصندوق.
وتعد زيادة أسعار الوقود تلك هي الثانية التي تقرها الحكومة المصرية خلال العام الجاري 2024، وبعدها أعلن صندوق النقد الدولي في يوليو الماضي عن موافقته على صرف شريحة جديدة بقيمة 820 مليون دولار لمصر، وذلك في إطار برنامج القرض الممدد الذي تم توقيعه عام 2022 وزيادة حجمه إلى ثمانية مليارات دولار هذا العام. يأتي هذا القرار بعد استكمال صندوق النقد الدولي لمراجعة الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها مصر.
في هذا الصدد، أكدت نائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي، أنطوانيت ساييه، أهمية استعادة أسعار الطاقة إلى مستويات استرداد التكاليف، بما في ذلك أسعار الوقود بالتجزئة، بحلول نهاية عام 2025. وأوضحت أن هذا الإجراء ضروري لدعم تزويد السكان بالطاقة بشكل سلس والحد من الاختلالات في القطاع، ما يسهم في تحقيق الاستقرار المالي للاقتصاد المصري.
وبلغت جملة إيرادات هيئة السكك الحديدية، بنهاية عام 2023 نحو 12 مليار جنيه، مقارنة بـ خمسة مليارات جنيه جمعتها بنهاية 2022، وترجع الزيادة في الحصيلة إلى تعظيم عملية استغلال المرفق بشكل تجاري أكثر مما كانت عليه في السابق، إذ تبرز سياسات السلطة الاقتصادية في استثمار كافة أصول ومرافق الدولة بما يزيد من أرباحها.
نوصي للقراءة: ارتفاع أسعار تذكرة المترو.. زيادة 20 ضعفًا في 7 سنوات
وزارة النقل بين آمال التطوير و أعباء القروض
ارتفع حجم القروض التي حصل عليها قطاع النقل بنسبة 41.2%، بعدما زادت القروض من 17.7 مليار جنيه في 2018/ 2019 إلى ما يزيد عن 25 مليار جنيه في عام 2019/ 2020، وفقًا للحساب الختامي للهيئات الاقتصادية. ومن المتوقع أن ترتفع قيمة اقتراض قطاع النقل إلى 216.5 مليار جنيه في العام المالي الحالي 2024/ 2025، بنسبة ارتفاع تصل إلى 198.8 مليار جنيه. وفق منشور إعداد الحساب الختامي للهيئات الاقتصادية لعام 2023-2024 المنشور على الموقع الرسمي لوزارة المالية.
وتسعى وزارة النقل في الوقت الراهن إلى الحصول على قرض بقيمة 150 مليار جنيه لتمويل مشروعات الهيئات التابعة لها. وبحسب تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في مارس الماضي فإن البنوك المصرية أقرضت الجهات الحكومية ثمانية مليارات دولار بالعملة الأجنبية، ما قد يشكل مخاطر ائتمانية.
وكانت الحكومة قد رصدت ما يقارب 224 مليار جنيه لخطة تطوير شبكة السكك الحديدية، من بين 1.5 تريليون جنيه رصدتها لكافة قطاعات النقل في مصر. تم توجيه هذه الميزانية إلى إنشاء خطوط جديدة، وازدواج للخطوط القديمة بنحو 73 مليار جنيه، بجانب استيراد جرارات وعربات جديدة بـ 48 مليار جنيه، مع تطوير محطات القطارات والمزلقانات على كافة الخطوط بـ 23 مليار جنيه، وتحديث نظم الإشارات الكهربائية بـ 46 مليار جنيه، بحسب بيانات رسمية صادرة في 2023.
وفي يونيو الماضي، وافق مجلس النواب المصري على قرض تحت مسمى اتفاق التسهيلات الائتمانية بين الحكومة المصرية وإسبانيا لاستيراد سبعة قطارات نوم فاخرة من شركة تالجو بقيمة 200 مليون يورو.
ورفض عدد من نواب البرلمان القرض، كان أبرزهم النائب عبد المنعم إمام – أمين سر لجنة الخطة والموازنة-، إذ عارض سياسات المبالغة في القروض، وقال أمام الجلسة العامة للبرلمان: “أبناء الشعب المصري الذين يرتادون القطار ويدفعون بالجنيه، بينما تسدد السلطة القرض بالدولار، ومنذ العام 2018، زاد سعر الصرف الحكومي إلى نحو 200%”، رافضًا تبرير الحكومة أن الفائدة على القرض تقدر بنحو 0.5% متناقصة. في إشارة إلى ثقل كاهل المواطنين بقروض كثيرة وتحميلهم نتيجتها.
يقول “إمام” في حديثه إلى زاوية ثالثة، إن “الأزمة تتعلق بالآلية التي تنتهجها الوزارة في التوسع بالقروض، رغم وجود بدائل أكثر نفعًا لتطوير البنية التحتية”، مشيرًا إلى أن البنية التحتية في أي دولة تحتاج إلى مشروعات كبرى، لكن الأزمة هنا تتعلق بالاعتماد على القروض فقط دون وجود بدائل مثل توسيع الاستثمارات الأجنبية أو الشراكات الدولية في مجالات التنمية”.
ويضيف: “كان من الممكن أن تكون الحكومة ضامنًا لمشروعات التنمية وليس مقترض، من خلال تطبيق نظام تمويلي يطلق عليه (EPC+F)، وهو نظام يضمن توفير آليات لدعم المشروعات الكبرى للدولة ومنها مشروعات النقل والمواصلات والسكك الحديدية، دون الحاجة إلى التوسع في الاقتراض”.
وينوه عضو مجلس النواب المصري إلى أن سياسة الاقتراض التي انتهجتها وزارة النقل في مصر بشكل كبير خلال السنوات الماضية تعد “خطأ استراتيجيًا” نتج عنه زيادة الأعباء والضغوط على الحكومة بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بتوفير العملة الاجنبية للوفاء بـ دفعات القروض.
يشرح:” مشروع القطار السريع – على سبيل المثال- كان ضمن المشروعات المطروحة من جانب وزير النقل السابق هشام عرفات، للتنفيذ من خلال نظام (EPC+F)، وتقدم تحالف دولي يضم 18 جهة لتنفيذ المشروع مع الحكومة، وبالتأكيد في حال التنفيذ كان ذلك سيخفف أعباء الديون، لكن ما حدث هو إلغاء الفكرة والعمل بنظام (EPC) فقط”.
تعتبر عقود الهندسة والمشتريات والبناء (EPC+F)، هي الشكل الأكثر شيوعا للعقود المستخدمة في إجراء أعمال البناء من قبل القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية الكبيرة والمعقدة، وخاصة مشاريع الطاقة. ويتضمن قيام المستثمر (المقاول) منفذ المشروع، بتدبير التمويل الخاص للمشروع، على أن تقوم الجهة المالكة (الحكومات أو المطورين)، بسداد قيمته بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع، ويشبه نظام تسليم المفتاح، إضافة إلى قيام الحكومات بضمان القروض التي سيتم الحصول عليها للمشروعات.
وحول مدى تأثير مثل هذه الإجراءات على المواطن يقول “إمام” إن معيار نجاح الحكومة يرتبط بشكل رئيس بمستوى معيشة الفرد في مصر، مشيرًا إلى أن الطبقات الاجتماعية في مصر قد شهدت حالة من الانهيار خلال السنوات الماضية وتراجعت الطبقات المتوسطة إلى ما يمكن وصفه بـ”الطبقات الهشة”، بسبب السياسات الخاطئة لحكومة مصطفى مدبولي.
نوصي للقراءة: ارتفاع أسعار البنزين في مصر: رحلة زيادات منذ 2014
معاناة يومية
تصف سالي عبد الرحمن (28 عامًا)، وتعمل محامية، رحلتها من مسكنها في مدينة حدائق أكتوبر إلى عملها بمنطقة المهندسين بالقاهرة، بأنها معاناة يومية، إذ تتنقل بين ثلاث وسائل نقل بتكلفة لا تقل عن 23 جنيهًا؛ ما يضطرها أيضًا لإنفاق 25% من راتبها الذي لا يتخطى 4500 جنيه، على الانتقالات ذهابًا وعودة.
تقول إن النفقات تزيد يومًا تلو الآخر، مع ارتفاع أسعار المياه والكهرباء والمواصلات، وجميع السلع، ورغم أنها تعيش مع والدتها بمشروع الإسكان الاجتماعي الذي تسلمت به شقة سكنية مخصصة لمحدودي الدخل قبل سنوات، إلا أنها تشعر بأزمة خانقة نتيجة ارتفاع الأسعار، خاصة أسعار الدواء لوالدتها، وفي المقابل تدني الأجور وندرة الوظائف والفرص الجيدة.
حسب التعداد السكاني لعام 2017، فقد أظهر أن هناك نحو 22 مليون أسرة يعتمدون على المواصلات العامة في حركة تنقلاتهم، من إجمالى نحو 24 مليون أسرة، وجاءت نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك عام 2018، الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، لـ تفصح عن أن بند الانتقالات يستحوذ على 6.1% من إجمالي حجم الإنفاق السنوي للأسر المصرية، بما يمثل المرتبة الرابعة من حيث ترتيب الإنفاق داخل الأسرة (وفقًا لاستبيان الإحصاء الرسمي من 1 أكتوبر 2017 إلى 30 سبتمبر 2018؛ فإن أكثر من ثلث حجم الإنفاق السنوي للأسر يذهب في قسم الطعام والشراب (37.1%)، ويليه المسكن حيث يشكل 18.6%، والخدمات والرعاية الصحية 9.9%، والانتقالات 6.1%). في حين أن متوسط الدخل السنوي للأسر قد بلغ حوالي 59 ألف جنيه في فترة الاستبيان.
في تعليق له، يقول المحامي الحقوقي، مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مالك عدلي في حديثه معنا، إن الأزمة تتعلق بشكل محوري بانخفاض معدل الأجور في مصر بشكل مبالغ فيه، ما يشعر المواطن بثقل كبير لتوفير احتياجاته الأساسية بشكل يومي، ومنها وسائل المواصلات.
ويوضح “عدلي” أن وسائل المواصلات ترتفع أسعارها نتيجة ارتفاع تكلفة التشغيل والوقود، وقطع الغيار، ينطبق ذلك على النقل الخاص والعام أيضًا، وبالنظر لأسعار المواصلات في مصر لا تبدو مرتفعة بشكل مبالغ فيه، لكن ما يشعر المواطن بالأزمة الكبرى هو انخفاض مستوى المعيشة وتدني الأجور، فضلًا عن عدم توفير مظلة حماية اجتماعية مناسبة وعادلة لغير القادرين.
ويضيف في حديثه معنا: “من المفترض أن تلتزم الحكومة بحزمة إجراءات تضمن حماية اجتماعية للطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل، بالتزامن مع التضخم وارتفاع الأسعار، لكن ذلك لا يحدث. حتى المساعدات التي تقدم للفقراء من خلال برامج الحماية الاجتماعية خلال السنوات القليلة تعد زهيدة ولا تتناسب مع الارتفاعات الكبيرة في الأسعار”.
يرى مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن الحكومة الموجودة حاليًا تنزع عن نفسها الطابع الاجتماعي. ويضيف: “هناك مذهبين في إدارة الدول، المذهب الأول يقول إن الحكومة ملزمة فقط بتقديم خدمات الأمن والدفاع والقضاء للمواطن، ومن يريد خدمات أخرى عليه أن يدفع مقابل ذلك هذا هو المذهب الذي تعمل به حكومة القاهرة حاليًا”.
ويتابع: “عندما يكون غرض الحكومة هو تحقيق مكاسب اقتصادية فقط، من الطبيعي أن تقفز الأسعار لمستوى يفوق قدرة المواطن على تغطيته، خاصة أن عدد المواطنين تحت مستوى خط الفقر يعادل 30 مليون مواطن، ما يعني أن حزم المسؤولية الاجتماعية التي تقدمها الحكومة من المفترض أن تغطي هذا الرقم، ولكن ذلك لا يحدث.”
ويستنكر “عدلي” ارتفاع نسبة القروض بخصوص وزارة النقل، لكنه يرى في الوقت ذاته أن المشكلات التي يواجهها القطاع كثيرة وقديمة ومتعاقبة، ولا يجب أن يتحمل شخص واحد أو حكومة واحدة كافة تداعياتها، ولابد من إيجاد حلول لها. لكن المشكلة تتعلق بآلية التعامل مع المشكلات وتحميل المواطن جزء كبير منها.
في الوقت نفسه، ينتقد المحامي الحقوقي الاهتمام ببعض المشروعات الجديدة على حساب الموظفين وكفاءة المنظومة القديمة، مشيرًا إلى أن عدد كبير من الموظفين في وزارة النقل يتقاضون أجورًا زهيدة لا تتجاوز 1500 جنيه شهريًا، بما يخالف قرارات الحد الادنى للأجور، كذلك تواجه المنظومة القديمة العديد من المشكلات. في المقابل تشرع الوزارة في العديد من المشروعات الحديثة المُكلفة، لتظهر الصورة وكأنها تفتقد عملية ترتيب الأولويات الأهم للمواطن، الذي يستخدم وسائل النقل التقليدية بشكل مستمر.
وأقرت الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية زيادات متعاقبة للحد الأدنى لأجور العاملين بالدولة والقطاع الخاص، كان آخر هذه الزيادات في أبريل الماضي (إذ تقرر أن يكون الحد الأدنى للأجور ستة آلاف جنيه)، لكن لا يبدو أن جميع القطاعات، خاصة القطاع الخاص، ملتزمة بتطبيق القرارات، ما يضع المواطن أمام مشقة إضافية لتغطية نفقاته اليومية والوصول إلى جهة عمله، في حين لا يحصل على أجر يتناسب والارتفاع القياسي للأسعار.
نوصي للقراءة: إضراب عمال وبريات سمنود: مطالب بالحد الأدنى للأجور وسط حملة اعتقالات