من الهامش إلى المحاولة: 6 أبريل وأمانة الشباب يبحثان عن حياة سياسية ممكنة

تأتي عودة النشاط السياسي لجيل الوسط، ممثلًا في أمانة الشباب وحركة 6 أبريل، في وقت بالغ الحساسية، وسط تضييق ممنهج على المجال العام، وأزمة ثقة متنامية في جدوى العمل السياسي
Picture of شيماء حمدي

شيماء حمدي

 في مشهد سياسي يتّسم بالجمود منذ سنوات، أطلقت “الحركة المدنية الديمقراطية” مبادرة جديدة تحت اسم “أمانة الشباب”، بوصفها هيكلًا تنظيميًا يهدف إلى إشراك الجيل الجديد في محاولات استعادة الحياة السياسية في مصر. وتتزامن هذه الخطوة مع عودة حركة شباب 6 أبريل، التي كانت من أبرز القوى الاحتجاجية خلال العقد الماضي، إلى دائرة الفعل السياسي، بعد سنوات من التغييب والتضييق.

تأتي هذه التحركات في سياق سياسي اتّسم طيلة العقد الأخير بتراجع متسارع للمجال العام، وتآكل متواصل لحضور التيار المدني، في ظل بيئة أمنية وقانونية لا تُفسح كثيرًا من المساحة للمبادرات المستقلة أو التنظيمات السياسية خارج الإطار الرسمي. ورغم تعدد التساؤلات بشأن الجدوى والقدرة الفعلية على التغيير، فإن إطلاق أمانة الشباب أعاد فتح النقاش بشأن مستقبل المعارضة المدنية، وإمكانية استعادة المواطنين لدورهم السياسي في مجتمع يشهد مستويات متقدمة من الإقصاء والتهميش.

 

حوار أولي وتمهيد تنظيمي

في أغسطس الماضي، استضاف مقر حزب المحافظين جلسة حوارية جمعت عددًا من أعضاء مجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية بمجموعة من الشباب وبعض قيادات الجيل الوسيط في الأحزاب السياسية، إضافة إلى ناشطين مستقلين محسوبين على التيار المدني. هدف اللقاء، وفقًا لمصادر داخل الحركة، كان استكشاف سبل تطوير خطاب الحركة، وتوسيع قاعدة التمثيل لتشمل الأجيال الجديدة، وإعادة النظر في موقع الحركة ودورها المستقبلي.

تواصلت النقاشات على مدار الأشهر التالية داخل أروقة الحركة، وصولًا إلى جلسة افتتاحية عقدت في يناير الماضي بمبادرة من عدد من السياسيين من داخل الأحزاب وخارجها، سعوا إلى بلورة فكرة تأسيس “أمانة الشباب” وإطلاقها رسميًا.

وقد جاء هذا التوجه بدعم من كل من وليد العماري، المتحدث الرسمي باسم الحركة، وحمدي قشطة، القيادي في حزب الدستور، اللذين بادرا إلى العمل المشترك من أجل كسر حالة الانغلاق التي اتسم بها العمل المدني خلال السنوات السابقة، وفقًا لما علمته “زاوية ثالثة”.

يؤكد وليد العماري أن “أمانة الشباب” قد باتت جزءًا من الهيكل التنظيمي الرسمي للحركة، وأن قرار تأسيسها اتُخذ قبل قرابة ثلاثة أشهر، أعقبه حوار موسّع بين مختلف الأطراف المعنية لتحديد آليات التشكيل والإطار التنظيمي الأنسب. ويوضح، في حديثه لـ “زاوية ثالثة”، أن التشكيل الحالي للأمانة يضم ممثلين عن عدد من الأحزاب إلى جانب مستقلين، وأن هناك خطة معلنة لتوسيع هذه القاعدة خلال المرحلة المقبلة.

ويضيف العماري أن من أولويات الأمانة التواصل مع فئات الشباب، خصوصًا أولئك الذين شاركوا في ثورة 25 يناير، بهدف فتح قنوات حوار واستقطاب كفاءات جديدة قادرة على تجديد الحراك السياسي ورفده بقيادات شابة مؤهلة.

من جهتها، اعتبرت جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور والرئيسة السابقة لمجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية، أن تأسيس أمانة الشباب هو “حلم مؤجل تحقّق”، مضيفة أن هذه الخطوة تمثل تحولًا نوعيًا في بنية الحركة، وفرصة لتجديد الدماء وإحياء النشاط السياسي داخل التحالف.

وفي تصريح لها، شددت إسماعيل على أن الأمانة تضم طاقات شابة طال انتظار حضورها، وأنها ستكون فاعلًا رئيسيًا في الدفاع عن “حق التغيير عبر السياسة”، مشيرة إلى أن المهمة تتجاوز مجرد الحفاظ على حياة الحركة، لتشمل تعزيز حضورها المجتمعي، ولا سيما بين الفئات الأكثر هشاشة. ودعت في ختام حديثها إلى توسيع قاعدة الأمانة واحتضان الراغبين في الانخراط في عمل سياسي جاد يعكس تطلعات من خرجوا إلى الشوارع يومًا طلبًا للعدالة والحرية.

من جانبه، أصدر مجلس السياسات بحزب المحافظين بيانًا أعلن فيه دعمه الكامل للمبادرة الشبابية الجديدة المنبثقة عن الحركة المدنية، معتبرًا إياها مؤشرًا إيجابيًا على وعي الجيل الجديد ونضجه السياسي.

ووصف البيان الخطوة بأنها تطور نوعي نحو إعادة بعث الحياة السياسية، وترسيخ قيم التعددية، والمساءلة، والانفتاح على المجتمع. كما أكد أن إشراك الشباب في المجال العام يشكل أحد أعمدة التصحيح السياسي، ويعزز من فرص بناء ثقافة ديمقراطية قائمة على الحوار والتشاركية.

 

نوصي بالقراءة: الحركة المدنية بين التجميد والمواجهة: مستقبل المعارضة المصرية

دوافع الانطلاق وحدود الطموح

يرى حمدي قشطة، القيادي بحزب الدستور وعضو أمانة شباب الحركة المدنية الديمقراطية، أن قرار تشكيل الأمانة قد اتُّخذ رسميًا في الرابع من ديسمبر 2024، أعقبه مباشرة الشروع في خطوات عملية استهدفت دعوة شباب الجيل الوسيط من المستقلين، بالإضافة إلى طلاب وممثلي شباب الأحزاب المنضوية تحت لواء الحركة. وقد انطلقت إثر ذلك الاجتماعات التأسيسية الأولى، التي شهدت نقاشات مفتوحة بين مختلف الأطراف المعنية بتشكيل الأمانة وتحديد أهدافها.

ويوضح قشطة، في حديثه لـ “زاوية ثالثة”، أن تلك النقاشات المبكرة لم تخلُ من انتقادات، أبرزها تحفظ عدد من المشاركين على ما اعتبروه تأخيرًا في الانتقال إلى خطوات تنفيذية ملموسة، في ضوء تجارب سابقة داخل الحركة لم تُفضِ إلى قرارات حاسمة. وقد نُقلت هذه الملاحظات إلى مجلس أمناء الحركة، الذي عبّر عن تفهّمه للمخاوف المطروحة، وأصدر رسائل تطمين عبّرت عن التزامه الجاد بالمضي قدمًا في تنفيذ المشروع، وهو ما انعكس لاحقًا في صياغة ملامح الهيكل التنظيمي والسياسي للأمانة، بشكل تشاركي يُراعي التنوع القائم داخل صفوفها.

يصف قشطة تأسيس أمانة الشباب بأنه يمثل “نقلة نوعية” في مسار الحركة المدنية، ليس فقط من حيث إدماج عناصر جديدة، بل أيضًا لكونه محاولة جادة لبناء معارضة مدنية مؤسسية قادرة على تجاوز أطر الاحتجاج الظرفي، نحو تشكيل كيان معارض واسع التمثيل، يحاكي التعدد الاجتماعي والسياسي في مصر. ويشدد على أن الانخراط في الأمانة يتطلب التزامًا بالمبادئ المؤسسة للحركة، وفي مقدمتها السلمية، والتعددية، واحترام أطر العمل الديمقراطي.

ويضيف أن من بين المهام الجوهرية للأمانة تقليص الفجوة العمرية داخل الحركة المدنية، وفتح المجال أمام الفاعلين الجدد من الشباب والمستقلين للمشاركة السياسية الفعلية، بما يُسهم في ضمان استمرارية المشروع السياسي على أسس أكثر ديمقراطية، ويُكرّس مبدأ التداول بين الأجيال.

ويذهب قشطة إلى أن الدور المنتظر من الأمانة لا يقتصر على إحداث توازن داخلي بين الأجيال، بل يتعداه إلى التفاعل مع التيارات الديمقراطية الأخرى داخل الساحة السياسية المصرية، سعيًا إلى إرساء ديناميات تشاركية يمكنها إعادة تشكيل المجال العام، ولو بقدر محدود. ويؤكد أن الانغلاق المتزايد الذي يشهده هذا المجال لا يُنهي فرص الفعل، بل يُبرز الحاجة إلى خلق مساحات موازية يمكن الاشتباك من خلالها مع قضايا متعددة، وصياغة رؤى سياسية تُثري الحراك القائم وتوسّع آفاقه.

يشير القيادي في أمانة الشباب إلى أن الكيان الجديد يضع ضمن أولوياته تناول ملفات محورية، من بينها القضايا الطلابية، والنسوية، والحقوقية، إلى جانب قضايا التوزيع الجغرافي والحضور السياسي خارج المركز. هذه المقاربة، وفقًا لقشطة، تعكس سعي الأمانة إلى توسيع الأفق السياسي للحركة، وربطها بواقع مجتمعي أوسع، بما يمنحها قدرة أكبر على التفاعل مع قضايا الناس، من داخل بيئة سياسية شديدة التقييد.

وفي ظل المعطيات الراهنة التي تفرضها البيئة السياسية، يرى قشطة أن الأمانة تمثل فرصة نادرة لاستعادة السياسة كأداة للتغيير السلمي، عبر العمل الجماعي، وطرح بدائل واقعية، والانخراط في الفضاء العام بمقاربات أقل صدامية وأكثر تنظيمًا.

توقيت دقيق واحتياج داخلي

من جانبه، يرى مصطفى شوقي، السياسي وعضو حزب “العيش والحرية” (قيد التأسيس)، أن انبثاق أمانة الشباب داخل الحركة المدنية يأتي في لحظة مشحونة، تتقاطع فيها عوامل عديدة، أبرزها حالة الجمود الممتدة التي تطغى على المشهد السياسي المصري. ويُشير في حديثه لـ”زاوية ثالثة” إلى أن القيود المتصاعدة المفروضة على المجال العام من شأنها، بمرور الوقت، أن تدفع شرائح شابة نحو محاولة كسر هذا الجمود، واستعادة الحضور السياسي، حتى وإن كان محدودًا.

ويضيف شوقي أن الجمود لا يقتصر على المجال العام فحسب، بل يمتد كذلك إلى داخل الحركة المدنية نفسها، وهو ما جعل الحاجة ملحّة إلى إدخال عناصر جديدة تُعيد الحيوية وتُفعّل التفاعل مع المستجدات السياسية والاجتماعية. ويرى أن كيانات واسعة التنسيق كالحركة المدنية تلعب دورًا مهمًا في الدفاع عن القضايا الديمقراطية والحقوق الأساسية، شرط أن تتمتع بقدرٍ كافٍ من التوافق بين مكوناتها، وأن تتجاوز الخلافات الأيديولوجية لصالح المبادرات العملية والملموسة.

يربط  شوقي فعالية أمانة الشباب بقدرتها على الانفتاح على مختلف روافد النضال الديمقراطي داخل المجتمع، سواء في الأوساط العمالية أو النقابية أو الطلابية أو المهنية. ويعتبر، في حديثه إلى “زاوية ثالثة”، أن التحدي الحقيقي أمام الأمانة يتمثل في قدرتها على بناء قنوات تواصل حقيقية بين الحركة المدنية والقضايا اليومية التي تواجه المواطنين، لا سيما في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب القدرة على التفاعل الإيجابي مع المحطات الانتخابية كجزء من هذا الاشتباك السياسي.

ويعتقد شوقي أن نجاح الأمانة في تحقيق هذا التفاعل سيسهم في إعادة الاعتبار للعمل السياسي كأداة للتغيير، ويمنح الحركة المدنية فرصة لتعزيز حضورها الشعبي من خلال مواقف تستجيب لمتطلبات الواقع المعاش، وليس فقط من خلال الطروحات النظرية أو الخطابات النخبوية.

في سياق متصل، تقول الناشطة السياسية أسماء محفوظ، إن السنوات الماضية شهدت تراجعًا واضحًا في انخراط جيل الوسط في العمل السياسي المباشر، نتيجة القيود المفروضة على المجال العام، إلا أن المتابعة الدقيقة للمشهد لم تنقطع، وإن اقتصر دور هذا الجيل في الغالب على دعم معتقلي الرأي والمطالبة بالإفراج عنهم، مع محاولات مستمرة لفتح قنوات حوار داخل مناخ سياسي معقد.

وتوضح محفوظ، في حديثها لـزاوية ثالثة، أن انطلاق الحوار الوطني – رغم الجدل الواسع بشأن جديته وفعاليته – مثّل نقطة تحوّل مهمة دفعت كثيرين من أبناء جيلها إلى إعادة التفكير في جدوى العودة إلى الساحة السياسية، وسبل المشاركة الفاعلة من خارج الأطر المغلقة أو حالات العزوف القسري.

وتضيف أن العدوان الإسرائيلي على غزة لعب دورًا موازيًا في تعميق هذا الوعي، إذ أعاد إلى الواجهة تساؤلات ملحّة بشأن غياب الصوت السياسي المستقل القادر على التعبير عن المزاج الشعبي ومواقفه الأخلاقية والتاريخية. وتشير إلى أن الفراغ السياسي لم يعد مجرّد إشكال يخص قوى التغيير أو المجتمع المدني، بل بات أزمة تمس الدولة نفسها، التي تجد صعوبة في تنظيم فعاليات تعبّر عن مواقفها خارج القنوات التقليدية التي فقدت كثيرًا من فعاليتها الرمزية.

وترى محفوظ أن هذا الإحساس المتنامي بغياب الصوت البديل، والفراغ المتسع في المجال السياسي، شكّل حافزًا حقيقيًا لإعادة التفكير في العودة إلى العمل العام، لكن بأدوات تنظيمية جديدة تتلاءم مع تعقيدات المرحلة، وتتجاوز الأنماط التي لم تعد صالحة للواقع الحالي.

ورغم الجدل الذي يحيط بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تؤكد محفوظ أن عودة جيل الوسط لا ترتبط حصريًا بها، مشيرة إلى أن هذا الجيل خاض تجارب عديدة في مقاطعة الانتخابات، دون أن تؤدي إلى تغييرات ملموسة. ومن هنا، تقول إن المشاركة السياسية لا تزال تحتل أهمية بالغة، حتى وإن ظل المشهد القانوني والتنظيمي غامضًا.

وتلفت إلى أن المشاركين في الحوار الوطني طالبوا مرارًا بتعديلات قانونية تتيح مشاركة فاعلة ومنصفة، غير أن السلطات لم تصدر حتى الآن أية مؤشرات رسمية بشأن القانون الانتخابي المرتقب. وفي هذا السياق، تصف محفوظ أمانة الشباب بأنها خطوة مهمة تعبّر عن تحالف جديد يسعى إلى إعادة تنظيم صفوف المعارضة بأسلوب أكثر فعالية وتناغمًا مع الواقع السياسي والاجتماعي الراهن.

 

نوصي بالقراءة: أسماء محفوظ: شعارات يناير لم تتحقق والسلطة تخشى المعارضة (حوار)

 6 إبريل رحلة البحث عن التنظيم

خلال الأيام القليلة الماضية، أعلنت حركة 6 إبريل استئناف نشاطها السياسي، بعد غياب قسري امتد لعشر سنوات تقريبا، نتيجة الضربات الأمنية المتتالية التي تعرضت لها عقب القبض على عدد من كوادرها، إضافة إلى حكم محكمة الأمور المستعجلة الصادر عام 2014، والذي قضى بوقف وحظر أنشطة الحركة، والتحفظ على مقارها، بدعوى ممارستها أنشطة ضد الدولة المصرية.

كما أعلنت الحركة عن بدء دراسة خيار تأسيس حزب سياسي، أو الانضمام إلى حزب قائم بالفعل، بهدف العودة إلى ممارسة العمل السياسي بشكل شرعي. كما تدرس الحركة إحتمالية المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وذلك خلال فاعلية للحركة عقدت بمقر الحزب المصري الديمقراطي في شارع محمد محمود، وسط القاهرة.

في هذا يقول أحمد ماهر مؤسس حركة 6 إبريل: “ربما لم تنجح حركة 6 أبريل في تكوين تنظيم حزبي خاص بها، أو حتى في استعادة تنظيمها الحركي الذي كان موجودًا سابقًا كحركة اجتماعية، وذلك بسبب العديد من الظروف والعراقيل، بما في ذلك القوانين. ولكن رغم ذلك، هناك العديد من الأشياء التي أفتخر بأن 6 أبريل ساهمت فيها في مجالات مختلفة. أعضاء الحركة موجودون في الأحزاب السياسية، والمنظمات الأهلية، والمؤسسات الحقوقية، ولم ينفصلوا بشكل نهائي عن المجال العام رغم تغييبهم القسري خلال السنوات الماضية.”

وأضاف في تصريح إلى “زاوية ثالثة”: “بالطبع، الوضع العام مغلق والمجال العام شبه مفقود. وعندما يُسأل عن سبب استعداد 6 أبريل للعودة مرة أخرى إلى الساحة السياسية رغم غلق المجال العام، فإن الإجابة هي أنه لا يوجد بديل آخر. نحن عازمون على البحث عن الاشتباك السياسي بالقدر المتاح لبناء على المجهود الإصلاحي الذي بدأناه منذ سنوات. فنحن في الأساس مجموعة اجتماعية إصلاحية تهدف إلى إصلاح الوضع السياسي والاقتصادي.”

وأوضح ماهر أن “إغلاق المجال العام أدى إلى عزوف الكثيرين عن المشاركة في الحياة السياسية، وهذا لن يكون مفيدًا للبلاد التي تحتاج إلى جهود كبيرة. لذلك، رأينا أن الاشتباك في الملفات والمساحات المتاحة أفضل من الابتعاد التام عن المجال العام. فحركة 6 أبريل لها رمزية كبيرة سواء في جيل الوسط أو الشباب، حيث تركت بصمة واضحة في المجال العام نظرًا لارتباط اسمها بأحداث كبيرة شهدتها مصر ولها دلالات سياسية عديدة. هناك الكثير ممن شاركوا في 6 أبريل وآخرون كثيرون يحترمونها.” 

وأشار إلى أن “فكرة جيل الوسط قائمة على أن هؤلاء الذين عملوا معًا لسنوات، يمكنهم التعاون معًا في ظل اختلافاتهم السياسية والإيديولوجية. وبالمقارنة بالأجيال السابقة التي شهدت خلافات عميقة، فإن جيل الوسط اليوم قادر على العمل سويا رغم الاختلافات. وهذا ما يميز هذا الجيل، وهذا ما يجعل هناك محاولات مستمرة للعمل المشترك، مثل المحاولة التي حدثت في فترة الحوار الوطني، وهي نفسها المحاولة التي نعمل على إحيائها الآن من خلال تجربة الأمانة.”

وبخصوص تجربة أمانة الشباب، أكد ماهر أنها جاءت بعد جلسات عديدة ومناقشات طويلة، حيث كان الهدف منها توسيع قاعدة المشاركة داخل الحركة المدنية، التي كانت تعاني من تمثيل محدود لجيل الوسط والشباب. ورأى أن هذه خطوة تصحيحية، لأن الحركة كان يُنتقد بأنها كانت تحمل توجهًا إقصائيًا خاصة في بدايات تأسيسها تجاه الحركات الشبابية التي كانت موجودة في الساحة السياسية آنذاك، ومن بينها 6 أبريل. وقال: “لذلك، أرى أن هذه الخطوة تصحيحية كبيرة، وأتمنى لها النجاح، وأتمنى ألا يتم تهميشها أو إضعافها من قبل أي طرف من الأطراف التي تعيق جميع التنظيمات في مصر، سواء بالاستقطاب أو الصراعات.”

واختتم ماهر حديثه قائلاً: “أنا متفائل بأن تجربة الأمانة يمكن أن تكون مؤثرة بشكل كبير في العديد من المواقف السياسية المقبلة، سواء في الانتخابات أو في إعادة تأكيد دور الحركة المدنية كقوة معارضة حقيقية في مصر.”

يأتي تدشين أمنة الشباب ومحاولات عودة 6 إبريل في ظل تحديات سياسية وأمنية تشهدها مصر منذ أكثر من عشر سنوات، إلا أن الأمانة قد تمثل فرصة حقيقية لإعادة إشراك المواطنين في العملية السياسية، من خلال العمل على تجديد خطاب المعارضة وبناء جسر بين الأجيال المختلفة وبخاصة في ظل الانتخابات البرلمانية القادمة والتي أعلنت الحركة المدنية الاستعداد لها دون تفاصيل.

شيماء حمدي
صحفية مصرية، تغطي الملفات السياسية والحقوقية، وتهتم بقضايا المرأة. باحثة في حرية الصحافة والإعلام والحريات الرقمية.

Search