فوز ترامب بالرئاسة: كيف يؤثر على مباحثات القاهرة بين فتح وحماس؟

فوز ترامب بالرئاسة يثير تساؤلات حول تأثيره على مفاوضات القاهرة بين فتح وحماس، وسط تصعيد إسرائيلي وتحديات فلسطينية داخلية ودولية.
Picture of مها البديني

مها البديني

تشهد الأوساط الدولية والإقليمية حالة من الترقب بعد فوز دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية في السادس من نوفمبر الجاري، وسط توقعات بتأثير ذلك على مسار الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل مواقفه الداعمة لتل أبيب. وكان ترامب قد أعلن في ديسمبر 2017 قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، الذي اُفتتح رسميًا في مايو 2018، كما تبنى “صفقة القرن” عام 2020، زاعمًا أنها تهدف لتحقيق السلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي ضوء سياسات إدارته السابقة، التي شملت دعم الوجود الإسرائيلي وتجاهل الحقوق الفلسطينية، تثير تساؤلات حول تأثير توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة على مفاوضات القاهرة بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” وحركة المقاومة الفلسطينية “حماس” لتشكيل هيئة جديدة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة. 

ويرى الباحث في الشؤون الأمريكية علي الأعور، في حديثه إلى زاوية ثالثة، أن إدارة ترامب قد تسعى لتحقيق التهدئة في الشرق الأوسط خلال ولايته الثانية، مع دعم إقامة دولة فلسطينية ضمن إطار تطبيع إقليمي وشروط تتوافق مع رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

في نوفمبر الجاري، استضافت القاهرة مباحثات بين حركتي فتح وحماس، لبحث آليات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتحقيق المصالحة الفلسطينية.  تضمن المقترح المصري تشكيل هيئة إدارية لقطاع غزة تحت اسم “اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة”، تتولى إدارة الشؤون المدنية، وتوزيع المساعدات الإنسانية، وإعادة تشغيل معبر رفح، فضلاً عن الشروع في إعادة إعمار ما دمرته العمليات العسكرية الإسرائيلية.

ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، تسبب العدوان الإسرائيلي الأخير في مقتل 43 ألفًا و665 فلسطينيًا، بينهم نسبة كبيرة من الأطفال والنساء، وإصابة 103 ألفًا و76 آخرين، بالإضافة إلى فقدان عشرة آلاف شخص. كما خلّف الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية أعباء ضخمة، حيث تُقدر تكلفة إزالة الركام وحدها بنحو 500 إلى 600 مليون دولار، وهو ما قد يستغرق 15 عامًا لإتمامه، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعانيها القطاع.

 

نوصي للقراءة: بعد سيطرة الاحتلال على معبر رفح: إلى أين يفر فلسطينيو غزة؟

 

توحيد الصف الفلسطيني 

يصرّح تيسير نصر الله، القيادي بحركة فتح وعضو المجلس الثوري، في حديثه إلى زاوية ثالثة، بأن مباحثات القاهرة بين وفدي فتح وحماس ركزت على توحيد الرؤى حول إدارة قطاع غزة وإعادة الإعمار عقب العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من عام على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة

ويشير نصر الله أن النقاش استند إلى جلسات الحوار الوطني السابقة، بما في ذلك اتفاق الفصائل الفلسطينية في بكين، وحوار القاهرة الذي أعقب مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار. وتناولت المباحثات آليات إدارة القطاع خلال المرحلة القادمة، حيث طرحت الحكومة الفلسطينية تولي مسؤولية الإدارة، في حين اقترح وفد حماس تشكيل لجنة إدارية مكونة من شخصيات تكنوقراطية مستقلة.

ويضيف أن الاختلاف حول هذه النقطة حال دون الوصول إلى اتفاق نهائي، ما دفع الطرفين للعودة إلى مشاورات داخلية مع قياداتهما لمواصلة النقاش في مرحلة لاحقة.

ويقول نصر الله إن حركة فتح تنتظر التوصل لتفاهمات مع حماس بشأن إدارة قطاع غزة، بهدف عقد اجتماع يضم كافة الفصائل الفلسطينية على مستوى الأمناء العامين، سعيًا لاستغلال الفرصة لتوحيد الصف الفلسطيني ومواجهة التحديات التي تعترض الطريق الوطنيّ. ويعتبر أن ضمان تنفيذ أي اتفاق يتطلب توفر الإرادة السياسية والعمل وفق المصلحة الوطنية العليا، بعيدًا عن الأجندات والتجاذبات الإقليمية. ويضيف أن مصر ترعى تلك اللقاءات وتعد الطرف المؤهل لضمان تنفيذها، لما تتمتع به من وزن دولي وإقليمي مؤثر.

 

نوصي للقراءة: السيسي يحذر من “نقل الفلسطينيين إلى سيناء” ويفضّل تهجيرهم إلى صحراء النقب 

 

خطورة التصعيد الإقليمي

يرتبط أمن مصر القومي باستقرار الأوضاع في غزة، إذ يوضح الخبير الأمني اللواء أحمد وصفي في حديثه مع زاوية ثالثة أن أي تصعيد عسكري يهدد بتفاقم التحديات الأمنية في سيناء.  بينما يرى الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، حسام عيسى، أن التصعيد قد يؤدي إلى تدفق موجات نازحين إلى مصر، مما يزيد الأعباء الاقتصادية والاجتماعية.

 أشارت وزارة الخارجية المصرية، في بيان صدر يوليو الماضي، إلى ضرورة اضطلاع مجلس الأمن والقوى الدولية بمسؤولياتها لوقف التصعيد الخطير في الشرق الأوسط، محذرة من خروج الأوضاع عن السيطرة. ولفت البيان إلى أن استمرار التصعيد يقوض الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق التهدئة، مشددًا على أهمية وضع حد للمعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

من جهته، يرى الباحث في العلاقات الخارجية، أحمد المصري، أن الأحداث السياسية والعسكرية الدولية تنعكس على تصاعد السياسات الإسرائيلية، مثل التهجير القسري وتوسيع رقعة الاستيطان. ويشير إلى أن المقاومة الفلسطينية لا تزال تمتلك القدرة على تكبيد الاحتلال خسائر فادحة، مما يجعل من الصعب الحكم على مستقبل الأوضاع في غزة. كما يحذر من أن تصريحات سياسيين إسرائيليين مثل عضو الكنيست بتسلئيل سموتريدش بشأن ضم الضفة الغربية قد تشعل انتفاضة فلسطينية جديدة.

وفي حديث خاص إلى زاوية ثالثة، يؤكد القيادي والمستشار الإعلامي بحركة حماس، طاهر النونو، أن الإدارة الأمريكية كانت قد وافقت على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن إسرائيل أفشلته. ويقول: “نحن لا نطرح شروطًا بل نتحدث عن مطالب مشروعة للشعب الفلسطيني، تشمل وقف إطلاق النار الشامل، انسحاب الاحتلال من غزة بالكامل، بدء إعادة الإعمار، والشروع في تبادل الأسرى. كانت هناك موافقة أمريكية على هذا المقترح في يونيو الماضي، ولكن الاحتلال رفض التعامل معه وواصل عملياته العسكرية، بما في ذلك اغتيال إسماعيل هنية، ما أوقف المفاوضات تمامًا.”

ويضيف النونو أن هناك حاجة ملحة لتدخل الدول العربية والمنظمات الدولية لضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. ويوضح أن الاحتلال يفرض قيودًا شديدة على دخول الإمدادات الأساسية، مما يفاقم الأزمة الإنسانية. ويشير إلى سماح الاحتلال بعبور أقل من 20 شاحنة كل يومين، في حين يحتاج القطاع إلى 50 شاحنة يوميًا لتلبية الاحتياجات الأساسية. كما يتهم الاحتلال باستخدام الغذاء والماء كورقة ضغط على الفلسطينيين، في انتهاك واضح للمبادئ الإنسانية الدولية. 

 

نوصي للقراءة: هل تبني مصر منطقة أمنية عازلة لاستقبال الفلسطينين؟ 

 

وتكثف تل أبيب عملياتها العسكرية في المنطقة، مستهدفة جنوب لبنان وسوريا وإيران، في تصعيد مستمر أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة. ووفقًا لوكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، فإن اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط يشكل خطرًا على التصنيفات السيادية لدول المنطقة، ما يعكس التداعيات الاقتصادية والسياسية لهذا الصراع.

في لبنان، أعلنت وزارة الصحة ارتفاع إجمالي الضحايا إلى 2653 قتيلًا و12360 جريحًا منذ بدء المعارك بين حزب الله وإسرائيل في أكتوبر من العام الماضي. بينما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 250 عسكريًا، و30 مدنيًا بينهم طفلان وثماني سيدات، وإصابة 176 آخرين نتيجة الاستهدافات الإسرائيلية لمواقع في دمشق، درعا، حلب، واللاذقية. وفي إيران، تركزت الهجمات الإسرائيلية على مواقع عسكرية في مدن مثل طهران وخوستان وقهجاورستان.

من جانبه، يوضح طاهر النونو، أن الدعم الإيراني لحماس يظل محوريًا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن طهران تقدم هذا الدعم دون شروط مسبقة. كما يدعم حزب الله اللبناني – المتأثر بالحرس الثوري الإيراني – المقاومة الفلسطينية في غزة، ويواصل التصعيد ضد تل أبيب منذ اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي. وأعلن حزب الله أن عملياته العسكرية أسفرت عن مقتل 90 جنديًا إسرائيليًا وإصابة 750 آخرين، وتدمير 38 دبابة ميركافا وأربع جرافات عسكرية، بينما تدعي تل أبيب أنها قتلت أكثر من ألفي مقاتل من الحزب.

ويرى الأعور، أن حزب الله استعاد توازنه الاستراتيجي والعسكري، ما أدى إلى استهدافه المتكرر لمناطق في تل أبيب وحيفا، وهو ما تسبب في تصاعد الضغوط الداخلية على حكومة بنيامين نتنياهو. ويضيف أن هذه التطورات قد تدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى التفاوض على حل سياسي مع لبنان، ما قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التهدئة في الشرق الأوسط، تمتد آثارها إلى غزة، رغم استمرار سياسة الاغتيالات التي تنتهجها تل أبيب في المنطقة.

ويرى النونو أن المواجهة بين حزب الله وتل أبيب تصب في مصلحة القضية الفلسطينية، إذ تُضعف الاحتلال الإسرائيلي وتعزز من مقاومة الشعوب العربية، نظرًا لطبيعة العداء المستمر بين الطرفين.

وفيما يتعلق بالاغتيالات السياسية التي تستهدف قيادات المقاومة، ينفي النونو وجود اختراق داخلي في صفوف حزب الله بعد اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله. ويشير إلى أن التحقيقات لم تُثبت حتى الآن وجود اختراق أمني، لكنه يُرجع نجاح العمليات الإسرائيلية إلى التقدم التكنولوجي والاستخباراتي. ويضيف أن حزب الله تمكن من استعادة تماسكه الميداني، وأعاد ترتيب صفوفه باختيار الشيخ نعيم قاسم قائدًا جديدًا، ما يؤكد استمرارية المقاومة رغم التحديات.

أما عن اغتيال القيادي ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، ينفي النونو أن يكون اغتياله تم في عملية مخططة، مؤكدًا أنه قُتل أثناء مواجهة ميدانية مع قوات الاحتلال. ويضيف: “غياب تل أبيب عن إعلان مقتله لمدة يومين يُعد فشلًا استخباراتيًا، حيث لم تكن تدرك مشاركته الميدانية في القتال وتفقد القوات، وهو ما يُعزز من معنويات المقاومين للاستمرار في دفاعهم عن غزة.”

 

نوصي للقراءة: ساق واحدة ودرّاجة.. لكنّي أُصر على أن أكون بطلاً لفلسطين

 

قطاع غزة ووقف إطلاق النار

ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير لها أن يحيى السنوار، قائد حركة حماس الذي أعلنت إسرائيل مقتله أواخر أكتوبر الماضي، تلقى عرضًا من السلطات المصرية بمغادرة قطاع غزة أثناء الحرب، مقابل تسهيل القاهرة لمفاوضات تهدف إلى إطلاق سراح المختطفين. ووفقًا لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين عرب شاركوا في جهود الوساطة، فإن السنوار رفض العرض ورد قائلاً: “لست تحت الحصار، أنا على أرض فلسطين”.

وفي سياق متصل، يشير طاهر النونو، إلى أن الحديث عن “صفقة لقتل السنوار لتمرير مفاوضات القاهرة” لا يعدو كونه شائعة تهدف إلى التشويه، مؤكدًا في حديثه مع زاوية ثالثة أن حركة حماس لا تقايض برجالها، وأن هذه المزاعم محاولة لصرف الأنظار عن الدور البطولي الذي قام به السنوار وتأثيره في تغيير المزاج الإعلامي. ويرى النونو أن تلك الادعاءات تهدف أيضًا إلى الإساءة لسمعة مصر والادعاء بوجود مخططات تتعارض مع موقفها الرسمي.

أفادت مصادر أمنية مطلعة أن الاجتماعات بين حركتي فتح وحماس التي تُعقد برعاية مصرية تُجرى دون تدخل مباشر في القرارات، مع تأكيد القاهرة على هدفها توحيد الصف الفلسطيني والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، من خلال مقترحات تتضمن تشكيل لجنة مجتمعية لإدارة شؤون قطاع غزة.

في أكتوبر الماضي، تناولت وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية تقارير حول “مبادرة مصرية” تهدف إلى تحقيق هدنة مؤقتة في قطاع غزة، تضمنت تبادلًا للأسرى والرهائن بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. ورغم موافقة المستوى الأمني الإسرائيلي على المبادرة، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيري حكومته، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، رفضوا المقترح، وفقًا لما أوردته القناة 12 الإسرائيلية. وأشارت القناة إلى أن نتنياهو وجه رئيس الشاباك رونين بار للتوجه إلى مصر لمناقشة تعديلات على المبادرة، بما يتماشى مع سياسة “المفاوضات تحت النار”.

وفي حديثه مع زاوية ثالثة، يؤكد القيادي الفلسطيني، أن إسرائيل تواصل ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين في غزة، داعيًا المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف العدوان. ويشير إلى أن الاحتلال يتحكم في كل ما يتعلق بالقطاع، مما يجعل جهود المنظمات الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية محدودة التأثير. ويضيف: “إن السيطرة على المعابر، مثل معبر رفح، يجب أن تكون تحت إشراف مصري-فلسطيني، مع ضرورة وجود إرادة دولية تلزم الاحتلال بالسماح بدخول المساعدات”.

ويُبيّن نصر الله أن الظروف في غزة أصبحت كارثية مع تدمير المستشفيات والمراكز الصحية نتيجة القصف المستمر. ويقول: “لا يمكن توفير الخدمات الصحية اللازمة للجرحى والمرضى إلا بوقف العدوان والسماح بتوفير الأدوية ونقل المصابين للعلاج خارج القطاع”.

وحول الجهود السياسية، يشدد نصر الله على أهمية استمرار التنسيق الفلسطيني والعربي للضغط على إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني وفتح المعابر. ويشير إلى أن الرئيس محمود عباس يواصل إجراء لقاءات دولية لحشد الدعم، مشددًا على دور الدول العربية والإسلامية في الضغط على تل أبيب، وداعيًا إلى وقف كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل إلى حين اعترافها بالحقوق الوطنية الفلسطينية

 

الاستيطان في الضفة الغربية

يركز القيادي تيسير نصر الله، في حديثه مع زاوية ثالثة، على خطورة المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن نحو نصف مليون مستوطن يهودي يعيشون في أكثر من 130 مستوطنة، إلى جانب ثلاثة ملايين فلسطيني. ويؤكد أن الاستيطان يمثل العقبة الأكبر أمام إقامة دولة فلسطينية مستقلة، حيث استغلت تل أبيب اتفاقيات أوسلو للتوسع الاستيطاني، ما أدى إلى مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية.

يشدد نصر الله على ضرورة تبني كافة الفصائل الفلسطينية، وليس حركة فتح فقط، استراتيجيات موحدة لمواجهة هذا التوسع. ويقترح تشكيل لجان وطنية لحماية القرى الفلسطينية المحيطة بالمستوطنات، مثل حوارة وقصرة وبورين، التي تعرضت لهجمات متكررة من قبل المستوطنين المسلحين والمدعومين من جيش الاحتلال الإسرائيلي. ويضيف أن هذه الاعتداءات تهدف إلى تفريغ القرى من سكانها، ما يتطلب تعزيز المقاومة الشعبية، ووضع خطط لمواجهة المخططات الاستيطانية غير الشرعية.

في سياق آخر، يشير الباحث علي الأعور إلى أن التطبيع العربي مع إسرائيل تلقى ضربة قوية نتيجة الحرب الأخيرة في غزة. ويرى أن التطبيع يعزز الانقسام العربي الداخلي، ويُضعف الموقف الفلسطيني، حيث تعتبر بعض الأنظمة السياسية التطبيع أولوية على حساب القضية الفلسطينية. ويوضح أن هذا الاتجاه يُهمّش الجهود المشتركة لحل القضية الفلسطينية، ويزيد من الاعتداءات الإسرائيلية، ما يؤدي إلى تصاعد التوترات في المنطقة.

وفيما يتعلق بالعلاقات السعودية-الإيرانية، يلفت الأعور إلى أن التطورات الأخيرة بين البلدين تشير إلى مرحلة جديدة من التهدئة والاستقرار، وهو ما قد يؤثر إيجابيًا على الوضع في غزة، حيث أكد الموقف السعودي وصف ما يجري في القطاع بأنه “إبادة جماعية”، مع التأكيد على احترام سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية. يرى الأعور أن هذا التحول في العلاقات قد يسهم في تعزيز الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

يشير نصر الله، إلى أن تطبيع بعض الدول العربية مع تل أبيب يعزز من قوة الاحتلال الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته. ويوضح أن هذا التطبيع يمنح تل أبيب القدرة على الاستفراد بالشعب الفلسطيني، في ظل غياب موقف عربي موحد. ويشدد على أهمية التمسك ببنود مبادرة السلام العربية كاملة، دون تقديم تنازلات تخدم الاحتلال.

ويرى نصر الله أن القمة العربية الإسلامية المرتقبة في السعودية قد تشكل فرصة لتوحيد الجهود العربية والإسلامية في دعم القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن فلسطين تظل القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية. ويشير إلى أن التطورات الأخيرة في أروقة الأمم المتحدة، مثل صدور فتوى محكمة العدل الدولية في لاهاي وارتفاع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين، ساهمت في تعزيز مكانة فلسطين داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما يفتح المجال أمام مزيد من الدعم السياسي والدبلوماسي للقضية الفلسطينية.

ومع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، تظل إقامة دولة فلسطينية مستقلة مطلبًا أساسيًا للفصائل الفلسطينية. لكن استمرار الانقسام الداخلي والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية يجعل تحقيق هذا الهدف أكثر صعوبة.

في هذا السياق، يرى نصر الله، أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة على الأرض الفلسطينية تعيق أي أفق لإقامة دولة مستقلة، مضيفًا: “التصعيد اليميني المتطرف في إسرائيل ينكر الحقوق الفلسطينية، ما يجعل العلاقة المستقبلية مشوبة بالتوتر والصراع”. ويؤكد: “سنواصل النضال الوطني تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، مستمدين قوتنا من إرادة شعبنا ودعم أحرار العالم، فالاحتلال، رغم قوته، سيزول في نهاية المطاف”.

يرى مراقبون أن مستقبل القضية الفلسطينية يرتبط بشكل كبير بالتغيرات في السياسة الدولية والإقليمية، وهو ما يتطلب تعزيز المصالحة بين الأطراف الفلسطينية لمواجهة التحديات المشتركة. وفي هذا الإطار، تلعب القاهرة دورًا مهمًا من خلال استضافة المفاوضات ودعم جهود التهدئة، ورغم إشادتها بدورها الإيجابي، إلا أنها تواجه انتقادات حول مدى تأثير بعض الفصائل الفلسطينية على مسار التفاوض. يظل الموقف الدولي والعربي عنصرًا حاسمًا في دعم الحقوق الفلسطينية وتحقيق سلام عادل ودائم، مما يجعل الدور المصري في غاية الأهمية.

مها البديني
صحفية استقصائية

Search