لسنوات طويلة اعتاد سامي الطوخي، زراعة القطن في أرضه بقرية شباس الملح التابعة لمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ، في منتصف أبريل من كل عام وحتى نهاية شهر مايو، وعلى مدار شهري أكتوبر ونوفمبر يكون موسم الحصاد الذي يفترض أن يجني معه ثمار ما بذله من جهد ومال على مدار الشهور الماضية، إلاّ أن الأمور تغيرت على نحو سيء بالنسبة إليه وغيره من مزارعي القطن، خلال العامين الأخيرين.
وفي ظل التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، ظهرت آفات وحشرات جديدة مثل: “الذبابة البيضاء” كعدو جديد يهاجم محصول القطن؛ إذ تترك الذبابة على الأوراق طبقة لزجة تتحول سريعًا إلى سواد قاتم، يجهض الإنتاج، وبالتزامن لم تعد الجمعيات الزراعية توفر مصائد لمكافحتها، تاركة الفلاح يواجهها وحده.
بحسرة يروي المزارع سامي الطوخي، لـ”زاوية ثالثة” أن مشكلات القطن بالنسبة للفلاح أصبحت ممتدة منذ لحظة وضع البذرة في الأرض وحتى وقت الحصاد؛ إذ أن البذور التي توفرها الجمعيات الزراعية للفلاحين تكون ذات جودة منخفضة، وهو ما يؤدي إلى نمو غير منتظم لنباتات القطن داخل الحقل، مشيرًا إلى أن الجمعيات الزراعية لم تعد تقوم بدورها في توفير المبيدات أو متابعة الحقول كما كان يحدث في السابق، بجانب ما وصفه بالفساد وسرقات الأسمدة، داخل الجمعيات.
لكن ما يُثقل قلب المزارع أكثر من ضعف البذور والآفات تخوفه مما ينتظره بعد حصاد القطن، إذ اضطر العام الماضي إلى تسليم محصوله لمنظومة تداول القطن، وترك محصوله ليُباع في مزادات لم يدع لحضورها، بينما كانت الأسعار تتقلب كل بضعة أيام، وفق لآليات العرض والطلب.
“كيف يبيع مزارع القنطار بـ7 آلاف، وآخر بـ13 ألفًا، بينما يقف الاثنان في حقول متجاورة؟، وكيف تُقيم محصولي من غير أن أكون شاهداً على المزاد؟” يتساءل سامي.
يوضح الطوخي أن “البنك الزراعي هو الجهة المسؤولة فعليًا عن استلام وتسويق المحصول؛ حيث يسدد الفلاح 100 جنيه عن كل جوال عند تسليمه في المجمعات، ثم تُجمع الكميات وتطرح في مزادات تديرها ما يُعرف بـ”منظومة تداول القطن”.
ويؤكد المزارع أن ثلاثة فقط من كبار الشركات تستحوذ على تجارة القطن في مصر، ويرى أن مزادات بيع القطن تنقصها الشفافية، وأن موظفوها يضعون أسعارًا متباينة وفقًا لمصالح الشركات الكبرى، فيبيع مزارع بسعر 6000 جنيه للقنطار بينما يبيع آخر بعد أيام قليلة بسعر 9000 أو 12000 جنيه، الأمر الذي يسبب شعورًا بالإحباط لدى الفلاحين.
الأمر الأكثر إزعاجًا بالنسبة إليه أنه لم يتلق مستحقاته المالية إلا بعد شهور من تسليمه المحصول إلى المنظومة التي تبيعها في المزاد العلني؛ إذ كان يقف في طوابير أمام البنوك، يترك أرضه وأعماله ليُزاحم مئات المزارعين الآخرين، يتلق وعوداً متكررة بالصرف، وفي النهاية لا يحصل إلا على دفعه من أمواله، متهمًا بنك الائتمان الزراعي باحتجاز الأموال التي أودعها الشركات نظير شراء القطن من المزادات، لعدة أشهر بغرض تحقيق فوائد مالية، وهو ما يؤدي إلى التعثر المالي للفلاحين، ومعاناتهم في تدبير احتياجاتهم المعيشية ومصاريف أسرهم، فيضطرون إلى الاستدانة بفوائد مرتفعة.
يقول، في حديثه معنا:”يجبر الفلاح على تسليم محصوله، ثم ينتظر ما بين خمسة وستة أشهر حتى يتقاضى مستحقاته، بينما يحصل في البداية على 70% فقط من قيمتها بعد طول انتظار أمام البنوك وسط ازدحام شديد ومشادات يومية، وبعض المزارعين لم يحصلوا حتى الآن على باقي مستحقاتهم عن مواسم سابقة”.
وفي موسم الحصاد، العام الماضي، يتذكر سامي أنه حين أُعلن السعر الرسمي للمزاد بـ9 آلاف جنيه للقنطار، وجد مزارعون أن المبلغ لن يكفِ لتغطية تكاليف الإنتاج والحصاد؛ إذ العامل الواحد يتقاضى 250 جنيهًا في اليوم، والفدان يحتاج خمسين إلى ستين عاملًا، ناهيك عن سعر المبيدات التي يرشها الفلاح كل عشرة أيام، بتكلفة تقارب الألف جنيه في كل مرة.
يضيف الطوخي: “تكلفة الفدان الواحد تصل إلى 26 ألف جنيه، بينما المحصول لا يغطيها، عندها، لم يجد بعض المزارعين أمام يوى ترك القطن في الأرض حتى جف، وأحرقنا كميات منه داخل مجمعات الجمعيات الزراعية احتجاجاً على تدني الأسعار وعدم صرف المستحقات”، لافتًا إلى أن تكلفة زراعة الفدان الواحد من القطن تتراوح بين 25 و26 ألف جنيه، في حين أن سعر القنطار الذي يتراوح بين 9 و12 ألف جنيه لا يغطي التكاليف، خاصة مع تراجع الإنتاجية في بعض الأراضي إلى 4 أو 5 قناطير فقط للفدان، بجانب ارتفاع كلفة العمالة الزراعية ورش المبيدات.
ومن مركز دسوق بكفر الشيخ إلى قلب ريف المنصورة بمحافظة الدقهلية، حيث لا ينتظر المزارع زيدان محمد، موسم حصاد القطن، للمرة الأولى في حياته، بعد خيبة أمل كبرى جناها، العام الماضي، حين زرع أرضه الممتدة على 16 قيراطًا، قطنًا.
يتذكر زيدان بحسرة أن أرضه اعتادت أن تنتج أرضه نحو ثمانية قناطير من القطن في موسم الحصاد، لكنها بالكاد أنتجت العام الماضي قنطارًا وربع فقط، نتيجة الآفات الزراعية، والتغيرات المناخية، والمبيدات المغشوشة، وسط غياب كامل للدعم الحكومي.
لم تكن صدمة المزارع ناتجة عن ضعف الإنتاج وحده، والذي أرهق المزارع، بل أيضًا التخبط في التسعير؛ فقد حُسب له سعر القنطار بعشرة آلاف جنيه فقط، بينما حُسب لابن عمه، الذي قام بتوريد محصوله معه في نفس التوقيت، 12 ألف جنيه، بحسب ما يروي.
يقول لـ”زاوية ثالثة”: “الحكومة وعدتنا بأن سعر قنطار القطن سيكون 12 ألف جنيه، من بينهم 2000 جنيه دعم، لكن ما حدث هو أنه تمت محاسبتنا بأسعار مختلفة، وبعد انتظار شهور طويلة، صرفنا باقي مستحقاتنا في منتصف أغسطس”.
يتذكر زيدان الذي يحمل في قلبه ذكريات الطفولة عن “الذهب الأبيض” الذي طالما ملأ القرى حياةً وبهجة، أنه في الماضي كان هناك مهندسون زراعيون يراقبون الحقول يوميًا، مزارعون يلتزمون بالتعليمات الصارمة، وإنتاج وفير يُباع بسعر يغطي التكلفة ويحقق ربحًا.
ويضيف: “زراعة القطن في مصر تعيش واحدة من أسوأ مراحلها، نتيجة غياب الرقابة الحكومية وتراجع الاهتمام الرسمي بالمحصول الذي كان يُعرف تاريخيًا بـ “الذهب الأبيض”، منتقدًا غياب دور الجمعيات الزراعية، موضحًا أن المزارع أصبح اليوم مسؤولًا عن كل شيء، دون أي دعم أو إرشاد.
ويؤكد أن ارتفاع تكلفة الإنتاج والإيجارات، مع ضعف إنتاجية الفدان وتدهور جودة البذور والمبيدات، جعل العائد لا يغطي حتى النفقات الأساسية، واختتم حديثه معنا قائلًا: “القطن المصري الذي كان يومًا أمنًا قوميًا للبلاد، انتهى فعليًا تحت وطأة الإهمال وغياب الرقابة”.
وكانت الحكومة قد التزمت خلال الموسم الماضي، بتطبيق سعر ضمان توريد القطن للموسم الزراعي 2024/2025، والذي سبق إعلانه بجلسة مجلس الوزراء رقم (277)، بتاريخ 15 فبراير الماضي، ونص على أن يكون سعر الضمان 10 آلاف جنيه لقنطار القطن متوسط التيلة بالوجه القبلي، و12 ألف جنيه لقنطار القطن طويل التيلة بالوجه البحري.
وفي 17 إبريل من العام الجاري، أعلن مجلس الوزراء أن وزارة المالية ستسدد خلال الأسبوع المقبل، مستحقات مزارعي القطن الذين قاموا بتوريد المحصول، بقيمة 3 مليارات جنيه.

تراجع مساحة زراعة القطن
منذ أن كان طفلًا صغيرًا، اعتاد محمد فرج أن يرافق والده المهندس الزراعي، بين حقول القطن الممتدة في ريف المحلة الكبرى، كان يتعلم كيف تُزرع النبتة، وكيف تُرعى وكأنها طفل يحتاج إلى عناية خاصة وصبر طويل.
بمرور السنوات، صار محمد مزارعًا للقطن وتاجرًا للمبيدات الحشرية، لكنه ظل يرى المحصول بعين من يعرف قيمته الاقتصادية والتاريخية، وأيضًا مكانته في وجدان الفلاح المصري، أما ما يراه اليوم، لم يعد يمثل بالنسبة إليه سوى صورة باهتة لزراعة كانت في الماضي مفخرة مصر.
يقول لـ”زاوية ثالثة”: “منذ أكثر من عشر سنوات بدأت الحكومة توزيع ما يسمى بالمبيدات الدورية عبر الجمعيات الزراعية، هي ثلاثة أنواع تُرش في موسم القطن على مراحل، وتُحسب تكلفتها على الفلاح سواء استلمها أم لا، لكن المشكلة أن بعضها بات يتسبب في إسقاط لوز القطن أو حرق براعمه الزهرية، ومع ذلك لا أحد يراجع أو يصحح هذا الخطأ”.
لا يقف الأمر عند مشكلة المبيدات منخفضة الفعالية أو التي يعتبرها غير مطابقة للمواصفات؛ إذ يروي محمد أنه في الماضي كان المهندس الزراعي حاضرًا في كل حقل تقريبًا، أما اليوم فالمزارع يتحمل المسؤولية وحده، ومحصول القطن الذي يحتاج لعناية خاصة، يُترك بلا متابعة حقيقية”.
ويتابع: “القطن ليس من المحاصيل كثيرة الآفات، إلا أن الممارسات الخاطئة جعلت مشاكله تتضاعف، فكثيرًا من الفلاحين لم يعودوا يزرعون بالطريقة الصحيحة؛ إذ يجب أن تُترك نبتة واحدة في كل حفرة على مسافة نصف متر، لكنهم يتركون خمس أو ست نبتات متلاصقة، فلا يصل إليها الضوء والهواء، ويتعفن ثلاثة أرباع المحصول”.
وبينما تتراجع الإنتاجية، تتقلب الأسعار على نحو يربك المزارعين؛ فقبل بضع سنوات كان سعر القنطار 3,500 جنيه، ثم ارتفع فجأة إلى 17 ألفًا، ليستقر العام الماضي عند 12 ألف جنيه، بحسب ما يتذكر محمد، معتبرًا أن هذا السعر عادل، لكنه يظل بلا قيمة إذا لم يحسن الفلاحون أساليب الزراعة، مضيفًا: “لو الفدان أعطى عشرة قناطير، فالعائد سيكون 120 ألف جنيه. لكن اليوم الفدان بالكاد يعطي قنطارًا أو اثنين لا يغطيان حتى تكاليف الجمع”.
ويشرح تاجر الأسمدة والمزارع الشاب، أن بعض تجار المبيدات بلا ضمير يضاعفون الخسائر بإطلاق إشاعات عن ضرورة رش القطن كل أربعة أو خمسة أيام، مبينًا أن “المرة الواحدة تكلف 500 أو 600 جنيه للفدان، إذا قام الفلاح بالرش بهذا المعدل طوال الموسم فلن يحقق أي مكسب أبدًا.. أنا أقوم بالرش كل 15 يومًا فقط، وهذا كافٍ”.
حتى التغيرات المناخية لم تعد مصدر الخوف الأكبر بالنسبة له؛ إذ أن الاستعداد الجيد يمكن أن يقلل آثارها: “عندما أتوقع موجة حر، استخدم الأحماض الأمينية وأسيتات الكالسيوم لتقليل الإجهاد الحراري للنبات. المشكلة أن هذا الوعي غير موجود لدى الجمعيات الزراعية التي يهمها فقط بيع ما لديها من مبيدات”، يقول محمد.
يرى محمد أن ما كان يُسمى “الذهب الأبيض” يتراجع عامًا بعد عام، بين تقصير رسمي، وجهل زراعي، وجشع تجار، وغياب منظومة حقيقية تحمي المزارع والمحصول على حد سواء.
وتعود أزمة القطن في مصر، إلى تراكمات ممتدة لعقود، نتيجة غياب سياسة زراعية وصناعية واضحة وثابتة للمحصول، ومؤخرًا في ظل التغيرات المناخية باتت أكثر من 60% من المساحات المزروعة بالقطن تُزرع متأخرة، بين نهاية مايو ويونيو، في حين أن المواعيد المثلى تنتهي في مطلع مايو، وهو ما يجعل المحصول رهناً بطول أو قِصر الموسم الصيفي، بحسب ما يؤكد المهندس الزراعي محمد خضر، رئيس هيئة تحكيم القطن السابق ومندوب الحكومة لدى اتحاد مصدري الأقطان سابقًا، مبينًا أن المزارع لا يحصل على أي دعم، على عكس ما يحدث في أغلب دول العالم المنتجة للقطن، في ظل غياب دور الجمعيات الزراعية والإرشاد الزراعي الذي كان فاعلاً في الماضي.
يقول لـ”زاوية ثالثة”: “أن الدولة أطلقت الحملة القومية للنهوض بزراعة وصناعة القطن عام 2017، لكنها لم تكتمل مع تغير وزراء الزراعة، أما منظومة تداول القطن، التي كان من المفترض أن تديرها الدولة مرحليًا قبل نقلها للقطاع الخاص، تحولت إلى نظام قاصر على تداول المحصول فقط، ولم تحقق الحياد والشفافية المرجوة”.
وتعد الحملة القومية للنهوض بزراعة وصناعة القطن، مبادرة حكومية كان قد أطلقها الدكتور عبد المنعم البنا، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق، في عام 2017 تهدف إلى تعزيز إنتاجية القطن وجودته في وجهي بحري وقبلي، وتطوير صناعة الغزل والنسيج المرتبطة به، من خلال توفير الدعم الفني والإرشادي للمزارعين، واستنباط أصناف جديدة عالية الإنتاجية، وتحسين البنية التحتية لصناعة المحالج والمغازل، وتفعيل آليات التسويق لضمان عائد اقتصادي مجزٍ للفلاح وتحقيق مستهدفات الدولة في استعادة مكانة القطن المصري عالميًا.
ويشرح الخبير أن المنظومة تعتمد على جمع القطن من الفلاحين وطرحه في مزادات أمام الشركات، إلا أن هذه الشركات تواجه أعباءً مالية كبيرة، منها ارتفاع الفائدة البنكية، ما يدفعها أحيانًا للعزوف عن الشراء، بينما يرفض الفلاح البيع بأسعار لا تغطي تكاليفه.
ويبيّن خضر أن الحكومة تدخلت العام الماضي بإعلان أسعار ضمان، لكنها لم تُنفذ بمرونة، فتأخر صرف مستحقات المزارعين لعدة أشهر، إذ لم يحصل كثيرون حتى الآن على كامل مستحقاتهم، وأدى ذلك إلى تراجع المساحة المزروعة بالقطن هذا العام إلى نحو 195 ألف فدان مقارنة بأكثر من 314 ألف فدان العام الماضي.
ويضيف: “مصانع الغزل والنسيج، التي كان مقرراً تشغيلها بكامل طاقتها بحلول نهاية 2024، لم يكتمل تشغيلها سوى في مصنعين بالمحلة، ما قلل من استهلاك القطن محليًا. وأكد أن القطن طويل التيلة يمثل فقط 3% من الإنتاج العالمي ويُعد قطنًا فاخراً، بينما الصناعة العالمية تعتمد أساساً على الأقطان القصيرة”.
ويحذر الخبير من أن استهلاك مصر المحلي لا يتجاوز 400 ألف قنطار، بينما الإنتاج قد يصل إلى 2 أو 2.5 مليون قنطار، ما يجعل الاعتماد الأكبر على التصدير، مشيرًا إلى أن قرار تحديد حصة للتصدير قبل موسمين كان كارثيًا، إذ تسبب في تكدس المخزون وفقدان الثقة بالقطن المصري في الأسواق الخارجية، بعدما لجأ المستوردون إلى بدائل أخرى.
ويؤكد أن الحل يكمن في الإسراع بتطوير مصانع الغزل المحلية لزيادة الاستهلاك المحلي وإضافة قيمة مضافة، مع تقديم تسهيلات للتصدير، خاصة فيما يتعلق بسعر الفائدة على قروض شراء المحصول، مشددًا على أن استمرار تحميل القطن أعباءً مالية كبيرة يدفع المزارع إلى هجر زراعته والاتجاه إلى محاصيل أخرى مثل الأرز، وهو ما يشكل تهديداً للزراعة والاقتصاد معاً.
وكانت الحكومة قد ألزمت مصدري القطن، خلال العام الماضي، بعدم تصدير أكثر من 40% من الإنتاج المحلي بهدف توفير كميات أكبر للمصانع المحلية، ولا سيما الحكومية منها في إطار خطة لتأهيل الشركات التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، غير أن الحكومة قررت في يناير من العام الجاري، السماح لشركات تصدير الأقطان بتصدير محصول القطن بالطاقة القصوى بعد إلغاء الحد الأدنى للصادرات الذي سبق أن أقرته.
“الحصاد القاتل” أطفال العمالة الزراعية في مصر ضحايا سماسرة الأنفار والتشريعات

تغيرات مناخية
خلال السنوات الأخيرة، تعرض القطن لكوارث متتالية، وقد شهد العام الماضي تحديداً أزمة غير مسبوقة؛ إذ ترك بعض المزارعين المحصول في الأرض دون جني، بل إن آخرين لجأوا لاستخدامه كعلف للأغنام لعدم جدوى حصاده، نتيجة انخفاض الأسعار من ناحية، وتعرضه لإصابات حشرية وفطرية وفيروسية، فضلاً عن تأثير التغيرات المناخية وضعف بعض الأصناف المزروعة، بحسب ما يؤكد الدكتور طارق أبو موسى، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية.
ويوضح أن أزمة القطن تفاقمت مع آليات التسويق الحالية التي تعتمد على المزادات بعد تحرير تسويق المحاصيل، حيث دخل القطاع الخاص بقوة وأصبح ينافس الدولة، مما أربك السوق وأضر بالمزارعين، وهو ما ظهر جليًا خلال الموسم المنتهي حين رفضت شركات القطاع الخاص سعر الضمان المحدد من قبل الحكومة، وهو 10 آلاف جنيه لقنطار القطن وجه قبلي و 12 ألف جنيه لقطن الوجه البحري، بالرغم من أن هذا السعر غير عادل وفقًا لتقديرات الإنتاجية والتكاليف الفعلية للعام السابق، مما اضطر الهيئة العامة للأقطان إلى شراء القطن لحسابها.
يقول لـ “زاوية ثالثة”: “إلى الآن لم يتم سداد باقي ثمن القطن للمزارعين، ونتيجة لهذا التخبط وعدم وجود سياسة زراعية واضحة فيما يخص إنتاج وتسويق محصول القطن تتقلص المساحة المزروعة عامًا بعد الآخر، كنا نزرع مليون فدان قطن في عقد الثمانينات، والمساحة تراجعت إلى 500 ألف فدان في أوائل عام 2000 ثم تراجعت إلى 200 ألف فدان عام 2024”.
ويشير أبو موسى إلى أن المحاصيل الزراعية في مصر تواجه أزمة كبيرة، وخاصة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والقطن والذرة وفول الصويا، بالإضافة إلى محاصيل الخضر، موضحًا أن هذه المحاصيل لا تحقق للمزارع هامش الربح العادل الذي يشجعه على الاستمرار في زراعتها، رغم أهميتها القصوى للاقتصاد والأمن الغذائي.
ويلفت أستاذ الاقتصاد الزراعي إلى أن التغيرات المناخية تسببت في ظهور وانتشار آفات جديدة وأمراض فطرية وفيروسية، مثل: حشرة “الجسيد” التي أضرت العام الماضي بمحصول القطن، موضحًا أن غياب الرقابة الكافية على سوق المبيدات والأسمدة فاقم الأزمة، حيث تُباع للمزارعين منتجات غير فعالة أو مغشوشة، مما يكبدهم خسائر كبيرة.
وفيما يخص التقاوي، أوضح أن معظم بذور الخضر المستعملة في مصر مستوردة من الخارج، وهو أمر غير مقبول في ظل الأعباء الاقتصادية، لكنه يؤكد أن مركز البحوث الزراعية بدأ، بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، العمل على إنتاج أصناف محلية من تقاوي الخضر، مشيراً إلى أن هذا المشروع يحتاج إلى وقت لتقليل الفجوة وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
ويشدد أبو موسى على أن الدولة لا بد أن تتدخل لضبط السوق الزراعي، من خلال استخدام أدواتها السياسية والاقتصادية والمالية لحماية المزارع من تقلبات السوق وجشع بعض التجار، عبر توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة، وضمان شراء المحصول بسعر عادل، حتى لا يُترك المزارع وحيداً في مواجهة الأزمات.
بدوره يوضح خبير البيئة الدكتور مجدي علام، مستشار المرفق البيئي العالمي، أن التغيرات المناخية تلقي بظلالها على الزراعة المصرية، إلا أن تأثيرها ليس بالضرورة سلبيًا على جميع المحاصيل، موضحًا أن بعض المحاصيل تستفيد من الحرارة المرتفعة، وأن الفلاح المصري قادر على التكيف مع هذه التغيرات باستخدام الصوبات الزراعية (Greenhouses)، التي تتيح التحكم في البيئة الداخلية لزراعة نباتات مختلفة في ظروف مناخية متباينة.
وحول الآفات الزراعية، أشار علام إلى أن ارتفاع الحرارة يؤدي إلى زيادة تكاثر الحشرات بجميع أنواعها، من الناموس وحتى الصراصير، وأحيانًا تظهر كائنات أخرى من الزواحف كالثعابين، لكنه شدد على أن التوازن البيئي يجب أن يظل قائمًا، حيث يظهر كل كائن ليكبح تكاثر الآخر، وهو ما يحفظ التنوع البيولوجي.
يقول لـ”زاوية ثالثة”: “مصر تاريخيًا اعتمدت على زراعة القطن وقصب السكر كمحاصيل استراتيجية توفر للفلاح دخلاً سنويًا ثابتًا، غير أن خريطة الإنتاج الزراعي تغيرت منذ سبعينيات القرن الماضي مع انفتاح الاقتصاد المصري ودخول الشركات الدولية، ما أدى إلى توسع في زراعات بديلة مثل الزيتون والفواكه المعدة للتصدير، وهذه القطاعات تسهم بما يزيد على 1.9 مليار دولار من حصيلة الصادرات الزراعية”.
وفيما يخص القطن، يرى علام أن السنوات الأخيرة شهدت عودة الاهتمام بزراعته مع تحسن أسعاره عالميًا، لافتًا إلى أن القطن المصري ما زال يحافظ على مكانته في الأسواق الخارجية، حيث يتميز بجودته الطبيعية التي تجعله مفضلًا في صناعة الملابس.
وبلغ حجم إنتاج مصر من القطن في موسم 2024/2025 نحو 107.8 ألف طن، أي ما يعادل 2.15 مليون قنطار، في ظل تراجع المساحات المنزرعة مقارنة بالمواسم السابقة، وطبقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد بلغ إجمالي كمية الإنتاج من القطن الشعر 2.48 مليون قنطار متري عام 2024، مٌقابل 2.47 مليون قنطار متري عام 2023.
نوصي للقراءة: المرأة الريفية في مصر: من البطالة إلى السوق العالمي عبر المنتجات المُجففة

محصول متعدد الأغراض
من جهته يرجع الدكتور خالد فتحي سالم، أستاذ البيوتكنولوجيا وتربية محاصيل الحقل الاستراتيجية بمعهد الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية بجامعة مدينة السادات، تراجع زراعة محصول القطن في مصر إلى مجموعة من الأسباب المتشابكة، يأتي في مقدمتها السياسة السعرية، حيث يسعى الفلاح دائماً إلى المحصول الأكثر ربحية، بينما عدم تحديد أسعار استرشادية عادلة ومعلنة قبل بداية الموسم الزراعي، أدى إلى عزوف كثير من المزارعين عن زراعة القطن، تماماً كما حدث سابقاً مع محاصيل القمح والبنجر.
يقول لـ”زاوية ثالثة”: “لا يوجد دعم حقيقي يصل للمزارع فى عمليات الخدمة وتوفير الأسمدة والمبيدات فى الميعاد المناسب لاحتياج المحصول لم تعد الجمعيات الزراعية توفر المبيدات أو الأسمدة كما في السابق، وأصبح المزارع يشتري مبيدات من محلات خاصة قد لا تكون فعالة”.
وفيما يتعلق بالآفات الزراعية، يوضح خبير البيوتكنولوجيا أن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة أدت إلى تفشي آفات خطيرة مثل “دودة الحشد” والذبابة البيضاء، ما ضاعف خسائر المزارعين، كاشفًا أن ثلث تكاليف إنتاج القطن ينفق على رش المبيدات، ما يجعل الزراعة غير مجدية اقتصادياً، لذا يدعو إلى إدخال أصناف قطن معدلة وراثياً تحتوي على جينات مقاومة للآفات، بحيث يفرز النبات مواد طبيعية قاتلة للحشرات، وهو ما يوفر جزءاً كبيراً من تكلفة الإنتاج ويعزز القدرة التنافسية للقطن المصري في الأسواق العالمية.
ويضيف: “القطن المصري يتميز بكونه محصولاً متعدد الأغراض، إذ لا يقتصر على إنتاج الألياف المستخدمة في صناعة الملابس والمنسوجات الطبية، بل توفر بذوره زيتاً غذائياً عالي الجودة، كما ينتج عنها “الكُسب الحيواني” المستخدم كعلف غني بالبروتين، كما يمكن استغلال حطب القطن في صناعة ألواح خشبية مضغوطة تُستخدم في صناعة الأثاث والديكورات، كما تفعل الصين التي تصدر لمصر منتجات مصنوعة من بقايا النباتات”.
ويشير سالم إلى أن المنافسة بين المحاصيل تمثل عاملاً حاسماً أيضاً، حيث أصبح الأرز منافساً رئيسياً للقطن في مناطق شمال الدلتا، ما أدى إلى تقلص المساحات المزروعة به، لافتًا إلى أن القطن كان في الماضي محصولاً أساسياً ضمن الدورة الزراعية الثلاثية، وكان غيابه عن أرض الفلاح يمثل خسارة كبيرة، لأنه محصول تصديري وصناعي يوفر عملة صعبة للبلاد، إلا أن الحكومة تخلت عن دعمه مع تراجع دور مصانع النسيج وصعود الألياف الصناعية.
ويرى الخبير الزراعي أن العودة إلى تطبيق الدورة الزراعية الثلاثية، مع تخصيص نحو ثلاثة ملايين فدان سنوياً لزراعة القطن، سيعيد التوازن الزراعي ويحسن خواص التربة ويضمن انتظام المحاصيل الاستراتيجية.
ويدعو سالم إلى زراعة 3 مليون فدان قطن لتحقق مصر الاكتفاء الذاتي من الزيوت والألياف النباتية، بجانب توفير العملة الصعبة اللازمة للاستيراد، وأيضًا سد العجز فى الأعلاف من خلال توفير كسب بذرة القطن العالى البروتين.
ويختتم حديثه معنا، بالتأكيد على أن إعادة الاعتبار لمحصول القطن ستسهم في تقليل واردات مصر من الزيوت النباتية والألياف، وتنشيط الصناعات النسيجية كثيفة العمالة، فضلاً عن توفير أعلاف رخيصة للمزارعين، بما يجعله محصولاً استراتيجياً لا غنى عنه للاقتصاد المصري.
وانخفض حجم صادرات مصر من القطن خلال موسم 2024-2025 بنسبة 22%، إذ سجلت 38.8 ألف طن، مقابل نحو 50 ألف طن الموسم السابق، وبلغ إجمالي قيمة صادرات القطن المصري نحو 128.6 مليون دولار.
نوصي للقراءة: ما بين رفع أسعار الأسمدة والتقاوي.. لماذا يغادر الفلاحون الأرض في صمت؟

إلغاء سعر الضمان
في سياق متصل أفاد عدد من مزارعي القطن لـ”زاوية ثالثة” تلقيهم أنباء عن إلغاء سعر ضمان توريد القطن للموسم الزراعي الحالي، الأمر الذي أثار تخوفاتهم من حدوث هبوط حاد في أسعار القطن، بشكل لا يغطي حتى تكاليف إنتاجه وحصاده، وزعم البعض أنه سيتم تسعير قنطار القطن بنحو 6 آلاف جنيه إلى 7 آلاف جنيه، وهو الأمر الذي لم تعلن عنه أي جهة رسمية، فيما أبدى البعض ارتياحه لسماع أنباء الإلغاء، معتبرين أنه يجب محاسبتهم وفقًا للأسعار العالمية.
وبالتزامن تشهد أسعار القطن العالمية انخفاضًا، إذ تراجع سعر القطن إلى 64.95 دولار أمريكي/الرطل في 29 أغسطس المنقضي، بانخفاض قدره 1.55% عن اليوم السابق، وخلال يوليو الماضي، انخفض سعر القطن بنسبة 1.43%.
وتواصلت “زاوية ثالثة” مع وليد السعدني، رئيس لجنة تنظيم تجارة القطن بالداخل، والذي أكد أنه لم يعد هناك ما يسمى بـ”سعر الضمان” لتوريد القطن، مشيرًا إلى أن تسعير المحصول أصبح يعتمد بالكامل على آلية العرض والطلب وفقًا للأسعار العالمية، والتي تشهد حاليًا حالة من الانخفاض.
يقول السعدني: “إن هذه الآلية تشبه التعامل في البورصات العالمية، مثل الذهب الذي يتغير سعره من يوم إلى آخر، ويعد اختلاف أسعار المحاسبة بين الفلاحين أمرًا طبيعيًا، فقد يبيع أحدهم القنطار بسعر عشرة آلاف جنيه، بينما يبيعه آخر في اليوم التالي بسعر 11 ألفًا، أو حتى ثمانية آلاف، وذلك وفقًا لحركة السوق”.
وفيما يتعلق بمخاوف الفلاحين من أن الأسعار العالمية قد لا تغطي تكاليف الإنتاج، قال السعدني إن هناك مطالبات للحكومة بوضع ضمانات تطبيقية للحفاظ على استراتيجية النهوض بزراعة وصناعة القطن، لافتًا إلى أن المزادات المرتقبة ستوفر أسعارًا معقولة من شأنها تغطية تكلفة الإنتاج وتحقيق هامش ربح للفلاحين.
ويوضح رئيس لجنة تنظيم تجارة القطن بالداخل، أن تباين الأسعار بين منطقة وأخرى أو بين أسبوع وآخر يعود إلى طبيعة السوق العالمية للقطن، التي تشبه أسواق الذهب من حيث التغير المستمر في الأسعار اليومية، وهو ما يفسر حصول بعض المزارعين على أسعار مختلفة لنفس المحصول في فترات متقاربة.
وبشأن مستحقات مزارعي القطن، يؤكد السعدني أن نظام السداد تغير جذريًا، بحيث يحصل المزارع على كامل مستحقاته خلال 20 يومًا من تاريخ البيع، وذلك لتجنب الأضرار التي لحقت بهم في المواسم السابقة نتيجة تأخر الصرف.
وكشف رئيس اللجنة أن المساحات المزروعة بالقطن تراجعت هذا العام بنسبة تصل إلى 35%، حيث انخفضت من 311 ألف فدان في الموسم الماضي إلى نحو 195 ألف فدان فقط، عازيًا ذلك إلى غياب “سعر الضمان” هذا الموسم مقارنة بالموسم السابق الذي شهد توسعًا كبيرًا في الزراعة فور إعلان السعر.
ويضيف: “الحكومة حررت تجارة القطن بالكامل، سواء من حيث تحديد الأسعار أو حصص التصدير والاستيراد، هذا سيتيح التوسع في صادرات القطن خلال الموسم الجديد”.
وفيما يتعلق بالتغيرات المناخية، أوضح السعدني أن العام الماضي شهد تقلبات مناخية حادة أثرت على الإنتاجية، لكن هذا العام تم التوصل إلى حلول جزئية عبر توفير مركبات تساعد النبات على تحمل الإجهاد الحراري، وهو ما يخفف من تأثير الظروف المناخية غير المستقرة.
من جهته أوضح مصدر مسؤول في منظومة تداول القطن لـ “زاوية ثالثة”، أنه حتى الآن لم يتم الإعلان عن تفاصيل نظام تسويق القطن الجديد أو تحديد سعر الفتح للموسم، نافيًا أي صحة للأرقام المتداولة حول تحديد سعر القنطار بين 6 و7 آلاف جنيه، مؤكدًا أنها “لا أساس لها من الصحة”، موضحًا أنه حتى في ظل اعتماد السوق على آلية العرض والطلب والأسعار العالمية، فإنه من غير المرجح أن تنخفض الأسعار إلى هذا المستوى.
وأشار المصدر المسؤول إلى أن التراجع في مساحات زراعة القطن خلال الموسم الحالي يعود إلى المشكلات التي شهدها الموسم السابق، وكان أبرزها تحديد سعر ضمان تسبب في إحجام الشركات عن الشراء، مؤكدًا أن الدولة تدخلت حينها والتزمت بالأسعار المعلنة (12 ألف جنيه للوجه البحري و10 آلاف جنيه للوجه القبلي)، فيما تكفلت وزارة المالية بفارق السعر واستلمت كامل الكميات المتبقية.
وبخصوص تأخر صرف مستحقات الفلاحين، يقول المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن السبب يعود إلى أن عملية استلام القطن من قِبل الدولة لم تتم إلا في شهر مايو، رغم أن الفلاحين كانوا قد سلّموا محاصيلهم إلى مراكز التجميع قبل ذلك بفترة، مؤكدًا أنه رغم الجدل الذي أثير حول بعض المواصفات، تمسكت الدولة بصرف السعر المعلن للجميع، وصُرفت الدفعات تباعًا وفق أسبقية استلام الكميات، بينما تأخر صرف الدفعة الأخيرة (30%) لبعض المناطق مثل الدقهلية.
كما علّق المصدر على اختلاف الأسعار في المزادات، مبينًا أن ذلك يرتبط بآلية السوق والطلب، حيث يتم تحديد سعر افتتاحي للمزاد، ثم يجري البيع بالأسعار الأعلى. وأوضح أن تباين الأسعار يرجع كذلك لاختلاف جودة القطن بين المناطق، إلى جانب تأثرها بتغيرات سعر الصرف، باعتبار أن القطن يُباع بالدولار، وهو ما ينعكس على قيمته بالجنيه المصري.
وفيما يتعلق بالتصدير، أكد المصدر أنه لا توجد قيود على صادرات القطن في الموسم الحالي أو السابق، مشيرًا إلى أن المشكلة التي واجهت الموسم الماضي لم تكن بسبب قيود حكومية، وإنما نتيجة إحجام بعض الشركات عن الشراء بهدف الضغط على الأسعار، مبينًا أن تقييد الحصص كان مطبقًا قبل ذلك، لكنه أُلغي منذ العام الماضي، لتظل التجارة حرة بلا قيود.
وفي الوقت الذي يعاني فيه مزارعي القطن من ضعف الإنتاج وغياب الدعم، وتخبط السياسات السعرية وآليات التسويق، فإن “الذهب الأبيض”، الذي كان قبل عقود رافدًا رئيسيًا للاقتصاد القومي، بات يترنح بين تقلبات السوق العالمية وتداعيات التغيرات المناخية، وسط مطالبات متزايدة بوضع استراتيجية واضحة تعيد للمحصول مكانته التاريخية.
وبينما يؤكد مزارعون أن استمرار الأوضاع الحالية قد يدفعهم إلى هجر زراعته، يرى الخبراء أن إنقاذ القطن يمكن تحقيقه عبر دعم حقيقي، وضمان أسعار عادلة للمحصول، وتطوير لمنظومة التصنيع والتسويق.