تصوير الفيديو: أحمد الشيخ
تصميم الغلاف: زاوية ثالثة
تصميم الانفوجراف: نهلة محمد
تعرّضت الطفلة نورهان محمد (اسم مستعار) 13 عامًا، من مواليد محافظة الدقهلية في دلتا مصر، لضربٍ مبرحٍ من والدها الذي أجبرها على الخروج إلى العمل في الأرض الزراعية بصحبة والدتها قبل 4 سنوات، لم يستجب الأب لرفض ابنته العمل هذا المجال، ولم تجد الطفلة مفرًّا إلا أن تنصاع لأوامره رغم بنيتها الضعيفة، ورغبتها في عدم العمل بتلك المهنة إلا أنها خرجت لتساعد نفسها لاستكمال رحلتها التعليمية ومساعدة والدتها على تربية شقيقاتها الأربعة.
بدأت نورهان العمل في الزراعة عندما كان عمرها تسع سنوات، وتقول الفتاة التي أصبحت الآن في الصف الأول الإعدادي: “العمل أثّر على دراستي حيث كنت أغيب عن المدرسة عدة أيام في الأسبوع، لأذهب للعمل، ما تسبب في تراجع درجاتي، دفعني ذلك لتقليص عدد مرات ذهابي للعمل إلى يومين أسبوعياً خلال العام الماضي”، ولكن بينما تعمل في الزراعة، فإنها تطمح بأن تصبح رسّامةً يومًا ما.
على غرار نورهان، تُجبر بعض الأسر الفقيرة في قرى مصر طفلاتهم على العمل في الزراعة في سن مبكر، بمقابل مادّي زهيد، مقابل ساعات عمل طويلة وشاقّة، غير متناسبة مع بنيتهنَّ الجسدية، إذ وثّقت معدّة التحقيق 10 قصص لفتيات مصريات اضطررن للعمل في الأراضي الزراعية لإعالة أسرهنَّ، وهنَّ دون السن القانوني، على ما يكشف هذا التحقيق، وسط غياب الرقابة من وزارة العمل “القوى العاملة سابقاً” والتأمينات الاجتماعية.
وتضطر بعض الفتيات لعدم استكمال رحلتهنَّ التعليمية أو الحصول على شهادة متوسطة، ولا سيما أن العمل في الزراعة يتطلّب ذهاب الفتيات فجرًا والسفر لساعات طويلة للوصول إلى حقول العمل، ما يجعل إمكانية التحاقهنَّ بالمدارس مستحيلةً خلال أيام العمل.
ولا تتوقّف المخاطر عند طبيعة العمل الشاق للطفلات، إذ أن نقل الفتيات إلى الحقول يتم بوسائل غير آدمية، ما يجعلهنَّ عرضة لحوادث السير خلال التنقّل، والتعرّض لإصابات جسيمة، إذ وثّقت معدّة التحقيق 82 حادث مروري خلال نقل عمّال وعاملات الزراعة بين عامي 2017 و2024.
يحدث ذلك، بوساطة مباشرة من سماسرة يستغلّون أسر الفتيات لتأمين العمل لهنَّ مقابل الحصول على جزء من معاشهنَّ اليومي المتدنّي أصلًا، وذلك من خلال استغلال ثغرات قانونية في قانوني العمل والطفل المصري بما يبيح لهم تشغيل هؤلاء الأطفال والطفلات.
نوصي للقراءة: خلافات إدارية: من يدفع ثمن الصراعات السياسية في دور الأيتام؟
العمل رغم الإصابات
يزداد الانتهاك، مع المعاملة السيّئة التي تتعرّض لها الفتيات من قبل أرباب العمل، بما في ذلك عدم الاكتراث بالإصابات الجسدية التي تتعرّض لها الفتيات، وهذا ما حدث مع نورهان عندما أجبرها رب العمل على استكمال عملها بأرضه رغم إصابتها.
سافرت نورهان إلى محافظات عدة للعمل بها في سن مبكر (الجيزة، والبحيرة ،والشرقية، ودمياط) كما عملت مع والدتها لعام دون أن تتقاضى أجرًا، إذ اعتبروها (تُعين والدتها) ثم تقاضت أول أجر في سن العاشرة ، بلغت أجرتها اليومية حاليًا 50 جنيها مايعادل 0.99 دولارا ،وفي أحد المرّات كُسرت قدمها خلال جمع المحصول بإحدى أراضي محافظة الجيزة بعد أن تزحلقت بسبب المياه في الأرض، ولكنّها تلقت العلاج على مدار شهرين على نفقة أسرتها، بعد تنصل صاحب الأرض من مصاريف علاجها قائلًا: “ليس لي علاقة بالأمر”، تكررت إصابتها أثناء جمع المحصول خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر 2024 بإحدى أراضي محافظة الدقهلية، حيث جُرحت يدها ونزفت، ولكنّها فوجئت برب العمل يربط يدها بقطعة قماش مردّدًا: “يلا كملي شغلك”، وأكملت عملها وكأن شيئًا لم يحدث متناسية آلامها”.

لم تكن شيرين رضا (15 عاما) الطالبة بالصف الثالث الإعدادي أفضل حالًا من نورهان، فهي الأخرى بدأت العمل منذ أن كان عمرها 10 سنوات، وكانت تعمل لـ 12 ساعة يوميًا مع وقت التنقّل، مقابل أجرٍ لا يزيد عن 150 جنيهًا ما يعادل 2.98 دولارا، أصيبت في عينها خلال قطف محصول القطن، وأصبح لديها ضعف في النظر، مع شعور باضطراب بالرؤية خلال عملها ما أجبرها في النهاية على العلاج على نفقة أسرتها الشخصية لأن رب العمل رفض تحمّل تكاليف العلاج.
نوصي للقراءة: الزاوج غير الرسمي في مصر.. طريقك إلى الاستعباد والعنف
استغلال اقتصادي
يتولى “مقاول الأنفار” تأمين العمل في الزراعة للطفلات، ويكون صلة الوصل بين أولياء أمور الفتيات وأرباب العمل، ولكنّه لقاء ذلك يقاسم الفتيات راتبهنَّ اليومي المتدنّي أصلًا، إذ يقتطع مبلغ مالي عن الأجر اليومي مقابل تأمين العمل، ثم يقتطع مبلغًا آخرًا لقاء تأمين وسيلة نقل من وإلى الحقول، عندما يرفض رب العمل تحمّل تكاليف المواصلات.
وفقًا لشهادة نورهان وزميلاتها، يخصم المقاول 10 جنيهات ما يعادل 0.20 دولارا عن كل عامل/ة مقابل تدبيره الوظيفة لهم ليصبح صافي أجرها 40 جنيهاً ما يعادل 0.80 دولارا، ترى الطفلة أن عملها لا يوفر لها العائد الاقتصادي الكافي أو الشروط الكريمة حيث تتراوح ساعات عملها بين سبع وثماني ساعات، تقوم خلالها بقطف محاصيل عدة مثل (القطن والبصل والثوم والطماطم والباذنجان)، تختتم الصغيرة حديثها قائلة” لو كانت ظروفي الاقتصادية أفضل من ذلك لما عملت بتلك المهنة”.

الأمر ذاته يحدث مع سما (16 عامًا) حيث يدبر مقاول الأنفار العمل لهم ويخصم 10 جنيهات من كل فرد مقابل تدبيره وسيلة النقل ،قائلة “لا يستحق المقاول هذا المبلغ ليصبح صافي الأجرة 90 جنيهاً ما يعادل 1.79 دولارا “،تعود الصغيرة إلى منزلها بعد رحلة عمل شاقة منهكة الجسد غير قادرة على العمل أو الحركة أو استذكار دروسها ، قائلة” أحلم بأن أصبح مهندسة -يوما ما- وأن أحقق أمنية والدتي في استكمال رحلتي التعليمية، كي لاتضطر للعمل مجددا من أجلنا”.
نوصي للقراءة: قرار يصف مصريات بـ«الفئات الدنيا» ويشترط تصريحًا للسفر إلى السعودية
مقاولات أنفار: أسرهم يطالبونا بتشغيلهم
لسبع سنوات، عملت محفوظة السيد 45 عامًا مواليد محافظة دمياط كمقاولة أنفار وتركت مهنتها في عام 2022، تعمل حاليا عاملة زراعية بعد تدهور ظروفها الاقتصادية.
تقول محفوظة: “خلال عملي مقاولة كنت أتقاضى من صاحب الأرض يومية عن العامل/ة الواحد جنيه واحد بينما يتقاضى العامل/ة يومية 50 جنيهًا من رب العمل” موضحةً أن عملها اقتصر على نطاق قرى محافظة دمياط، لتدبير وسيلة نقل العمال وسداد تكلفتها كانت مهمة رب العمل، وأن وسائل النقل المستخدمة تنوعت بين “عربة ربع نقل وجرار زراعي”.
وأضافت: “أحيانًا لا يدبر رب العمل الوسيلة يقول لنا امشوا سيرًا على الأقدام وذلك حال كانت المسافة ليست كبيرة”.
تهربت محفوظة من الإجابة عن مدى أمان وسائل النقل المستخدمة في نقل العمالة إلا أنها أشارت إلى حادث دهس إحدى العاملات وكانت جارتها أسفل جرار زراعي كانوا يستقلونه بعد أن انقلب بهم خلال عام 2023.

كثيرًا ما تلقت محفوظة طلب أولياء أمور تشغيل أطفالهم أو طفلاتهم في العمالة الزراعية بسبب ظروفهم الاقتصادية، وتقول: “تتراوح أعمارهم/نَّ من 12 إلى 15 عامًا، كنت أختار من بين هؤلاء من هم أيتام لكونهم الأولى في العمل” تتذكر آخر فتاة قامت بتشغيلها قبل عامين تقول حيث كانت طفلة تبلغ من العمر 15 عامًا متسربة من التعليم، طلبت والدتها توفير فرصة عمل لها في الأرض، وكانت تتقاضى يومية تتراوح من 20 إلى 25 جنيهًا حينذاك ما يعادل من0.65 إلى 0.81 دولارا (سجل الدولار في 22/12/2023 30.85 جنيها ببنكي الأهلي ومصر)، ولم يكن أرباب العمل يؤمّنون أي وجبات طعام للعمالة أثناء عملهم، ويحتمل الأطفال نفس أعباء عمل من هم أكبر سناً ويعملون نفس عدد ساعات العمل دون تمييز أو تفرقة بسبب أعمارهم”.
تعمل فايزة عباس (اسم مستعار) 50 عامًا مقاولة أنفار في بلقاس محافظة الدقهلية وعلى مدار سنوات عملها كثيرًا ما طالبها أولياء أمور بتشغيل أطفالهم أو طفلاتهم، بما يعادل 60% للأول مقابل 40% للثاني، وتتراوح أعمارهم من 12 إلى 15 عاما.
آخر طفلة قامت فايزة بتشغيلها قبل عامين كانت حفيدتها، وتقول “لم يتخطَّ عمرها الـ12 عامًا حينذاك، طالبتني ابنتي بتوفير فرصة عمل لها لتساعدها في نفقات دراستها خاصة وأن زوجها متوفي، ومازالت حفيدتها تعمل وتدرس في نفس الوقت، وتتراوح يوميتها من 60 إلى 70 جنيهًا ما يعادل من 1.19 إلى 1.39 دولارا، مقابل العمل لفترة تتراوح بين 8 و11 ساعة، وتعتبر فايزة العمل بتلك المهنة قاسى على صغار السن”.
الموت في الطريق إلى العمل
تؤكّد أكثر من فتاة التقيناها، أن وسائل النقل التي يؤمّنها أصحاب العمل لنقلهنَّ من وإلى المزارع خطرة وغير آمنة، ما تسبّب بعدّة حوادث قد تودي بالحياة في بعض الأحيان.
ويتعرّض العمال والعاملات، بمن فيهنَّ الطفلات لحوادث طرق بسبب وسائل نقل غير آمنة كـ” جرار زراعي أو سيارة ربع أو نصف نقل”، عادة ما يدبرها مقاول الأنفار لهم وذلك وفقا لما وثقناه من شهادات عمالة وذويهم ومقاولين،
قامت معدة التحقيق بإعداد قاعدة بيانات من أرشيف الأخبار شملت حوادث العمالة الزراعية، وأظهرت نتائج تحليل القاعدة وقوع 82 حادثة نقل خلال الفترة من 28 نيسان/ أبريل 2017 حتّى 2 كانون الثاني/ يناير 2025، واحتلّت عربات الربع النقل المركز الأول بواقع 51 حادثة يليها العربات النصف نقل بواقع 18 حادثا يليها الميكروباص بواقع ست حوادث.
وأسفر مجموع الحوادث الـ 82 عن سقوط 988 مصابًا و 125 قتيلًا، بلغ مجموع الحوادث التي تعرض لها العمالة سواء بسبب وسيلة النقل أو بسبب العمل ذاته 107 حادث، احتلت حوادث السير المركز الأول بـ 74 حادثا، فيما احتلت حوادث التسمم المركز الثاني بـ 8 وقائع يليها حوادث الدهس بمجموع 4، تصدرت محافظة البحيرة المركز الأول بواقع 63 حادثًا، جاءت محافظتا الدقهلية والإسماعيلية في المركز الثاني بواقع 9 حوادث لكل منهما.
لا تنس نورهان الحادث الذي تعرضت له بصحبة والدتها أثناء ذهابهنَّ للعمل بالأرض الزراعية بسبب وسائل النقل التي تصفها بـ “غير الآمنة” وتضيف: “قبل عام كنا نستقل سيارة نصف نقل بصحبة العمّال، فإذا بها تنقلب ما أدى لسقوط والدتي على ظهرها بينما اصطدم رأسي بمعدن السيارة، ظللت أتعالج لأسبوع، ولم يتكفل رب العمل بنفقات علاجنا، سبقها بستة أشهر حادثًا آخر، حيث علقت قدمها في حديد السيارة من الخلف ما تسبب لها بإصابة كادت أن تفقد ساقها على إثرها، وكالعادة رفض رب العمل تحمّل أي تكاليف للعلاج.
وكُسرت ذراع شيرين محمود (38 عامًا) بسبب سقوطها من السيارة خلال تنقّلها للعمل، استمرت رحلة علاجها لشهرٍ ونصف، وبعد هذه الحادثة بعام، انقلبت الشاحنة التي كانت تقلّها مع زميلاتها بسبب مطب ما أدى لسقوط زميلات لي على رؤوسهم، ولم يتكفّل رب العمل بنفقات العلاج.
نوصي للقراءة: المرأة الريفية في مصر: من البطالة إلى السوق العالمي عبر المنتجات المُجففة
العمل مقابل التخلّي عن الدراسة
تأثرت دراسة ياسمين مصطفى (اسم مستعار) 16 عامًا بسبب عملها عندما كان عمرها12، وتقول: “اضطررت للغياب عن المدرسة عدة مرات للذهاب بصحبة والدتي للعمل بالأرض الزراعية وكنت اتحجّج أمام المدرسة بالمرض عندما كنت بالمرحلة الإعدادية”، ما تسبّب بتدنّي درجاتها واضطرارها للالتحاق بالثانوية التجارية ( شهادة متوسطة)، فتركت عملها بالزراعة، ولكن بسبب الظروف الاقتصادي عادت للعمل كعاملة نظافة بإحدى المدارس لتتمكّن من الذهاب لمدرستها.
وفقدت مي رضا (20 عامًا) هي الأخرى فرصتها في الالتحاق بالثانوية العامة ليضيع حلم طفولتها بأن تصبح طبيبة، حيث بدأت العمل مع والدتها بالزراعة عندما كان عمرها 14 عامًا، وكانت تضطر للتخلّف عن الذهاب للمدرسة لأنها تعمل لتأمين نفقات الدراسة، وتقول: “ظروفنا الاقتصادية لم تسمح لي بدراسة الطب أو الالتحاق بالثانوية رغم حصولي على المجموع المؤهل لذلك”.
نوصي للقراءة: العبور إلى الموت.. معديات متهالكة وبديل خرساني
مطالبات بوسائل نقل آمنة وتأمين صحي
يعتبر نقيب الفلاحين بمحافظة الدقهلية نجيب محمدي، الأجر الذي يتقاضاه العامل الزراعي والمقدر بـ 100 جنيه ما يعادل 1.99 دولارا لا يساعده على المعيشة، مطالبا الجهات المختصة بالتأمين عليهم وصرف معاش تأميني لهم، وتطبيق قانون العمال الزراعيين عليهم لحمايتهم.
يقدّر محمدي عدد العمالة الزراعية على مستوى مصر من 20 إلى 25 مليونًا، تمثل النساء 50% منهم بما يعادل 12.5 مليونًا بعد تزايد عملهن في تلك المهنة نتيجة الظروف الاقتصادية السيئة، فيما يمثل الأطفال والطفلات نسبة 12%، ويطالب محمدي بالتأمين الصحي الشامل على الفلاحين والعمالة وتوفير وسائل نقل وطرق آمنة لهم، واصفًا غالبية وسائل النقل بـ” المكشوفة وغير الآدمية”.
ويطالب محمدي، السلطات المختصة بتنظيم العمالة الزراعية وزيادة أجورهم ليعيشوا حياة كريمة، مع إعادة تطبيق معاش العامل الزراعي والذي تم وقفه قبل سنوات.
نوصي للقراءة: الأمهات المعيلات: قوانين على الورق وأعباء حقيقية في سوق العمل
عوار تشريعي ومخالفة للمواثيق الدولية
وينص قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 في المادة 26 منه على اعتبار العمالة الزراعية البحتة والعمالة المنزلية ومن في حكمها مستثناة من هذا القانون، حيث تتولى الوزارة المختصة (الزراعة والعمل) سياسة ومتابعة تشغيل العمالة غير المنتظمة وعلى الأخص عمال الزراعة الموسميين وعمال البحر وعمال المناجم والمحاجر وعمال المقاولات.
ويصدر الوزير المختص بالتشاور مع الوزراء المعنيين والاتحاد العام لنقابات عمال مصر القرارات الخاصة بتحديد القواعد المنظمة لتشغيل تلك الفئات، واشتراطات السلامة والصحة المهنية والانتقال والإعاشة الواجب اتخاذها بشأنهم، واللوائح المالية والإدارية التي تنظم هذا التشغيل، وفي المادة 97 من قانون العمل الموحد لسنة 2003 الباب السادس تم استثناء العاملات بالزراعة البحتة ، كما استثنى القانون في المادة 103 كافة الحقوق المتعلقة بعمالة الأطفال في أعمال الزراعة البحتة.
تكشف بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2022، تصدّر نشاط الزراعة والصيد المرتبة الأولى من حيث عدد المشتغلين بنسبة 18.9% بما يعادل خمسة مليون و273 ألف عامل، فيما يبلغ متوسط ساعات العمل الأسبوعي 43 ساعة بمعدل سبع ساعات في اليوم الواحد على مدار ست أيام عمل ومتوسط اليومية 105.60 جنيهات للعاملين بالقطاع الزراعي ما يعادل 4.27 دولارا حين إعداد الجهاز بياناته ،حيث سجل الدولار 24.71 في 31/12/2022 بالبنك الأهلي المصري الحكومي.
ويرى الدكتور هاني هلال، خبير حقوق الطفل أن هناك إشكالية في قانوني العمل والطفل فيما يخص العمالة الزراعية، شارحًا أن القانون استثنى العمالة الزراعية من أي تنظيم وبالتالي، تلك الفئة غير مغطاة تشريعيًا، رغم أن القوانين السابقة تناولت عمالة الأطفال من سن 15 عامًا إلا أنه تم استثناء الفئات التالية “العمالة بالزراعة البحتة، خدم المنازل والعمالة لدى أسرهم” من كافة التشريعات الخاصة بحماية الأطفال من العمل ما يعد عوار دستوري وقانوني.
ويضيف “العمالة الزراعية وأطفال التراحيل الزراعية على وجه التحديد ممن يعملون بمعرفة مقاولين لم يغطوا تشريعيًا ولا يقعون تحت طائلة القانون، وفي حال تعرضت طفلة للضرب على يد والدها وأُجبرت على العمل يعاقب المتهم بتهمة تعريض طفل/ة للخطر والمنصوص عقوبتها بالحبس لستة أشهر، فيما يُعاقب مقاول الأنفار حال تقاضي أموال من العمالة لتشغيلهم أو توفير وسيلة نقل، بتهمة الاستغلال الاقتصادي، لكنه لا يعاقب لتشغيلهم دون السن القانوني”، مرجعًا ذلك للعوار التشريعي في قانون الطفل فيما يخص تشغيل الأطفال في العمالة الزراعية البحتة بما يخالف المواثيق الدولية.
بحسب هلال أطفال التراحيل الزراعية ممن يلقون مصرعهم بسبب وسائل النقل غير الآمنة وإصابات العمل لا يعاقب مشغلهم لتشغيلهم بل يعاقب بموجب قوانين السلامة المهنية ،مشيرًا إلى تقدمهم بمقترح لتعديل تشريعي كامل لإضافة السلامة المهنية ووسائل النقل وتصنيفها لكن لم يؤخذ به من الجهات المختصة حتى الآن/ ويضيف” لا يوجد تشريع يجرم إجبار الطفل/ة وهو مصاب على العمل حيث يعاقب المشغل بموجب قانون إصابات العمل إلا أن عقوباته بسيطة لا ترقى لمخاطر تشغيل الأطفال”.
وطالب هلال، بالتعديل التشريعي لقانوني الطفل والعمل وتجريم تشغيل الأطفال مع تنظيم العمالة الزراعية وفقا لنصوص تحميهم من مخاطر تلك النوعية من الأعمال والتي تعد أسوأ أشكال العمل، بسبب قصور في التشريع الوطني وعدم وجود قانون لحمايتهم، وهذا ينتج عنه عدم تنظيم ساعات عمل العمالة الزراعية قانونًا باعتبارهم فئة مستثناة من القانون.
واعتبر هشام الحصري، رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب، أن استخدام وسائل نقل غير آمنة وتشغيل الأطفال كعمالة زراعية دون السن القانوني وإجبار المصاب منهم على العمل تعد مخالفات قانونية صريحة، مؤكدًا على كل من يعمل في المجال الزراعي بمطابقة العمالة للسن القانوني، وحال تم تشغيل أطفال تعد مخالفة قانونية صريحة يوقع مرتكبها بالجزاء الرادع ، أشار الحصري إلى زيارة وفد الاتحاد الأوروبي حقول الياسمين بمحافظة الغربية ،حيث اشترطت الشركات المستلمة له من مصر عدم تشغيل الأطفال في جمعه ومنحهم دعمًا لعدم تشغيل العمالة دون السن القانوني.
تواصلت “معدة التحقيق” مع عبد الوهاب خضر، رئيس العلاقات العامة بوزارة العمل والعلاقات العامة بهيئة التأمينات الاجتماعية، إلا أنها لم تتلقَّ ردًا على الاستفسارات حتى نشر التحقيق، هذا وحصلت “معدة التحقيق” على الموافقة المستنيرة لكافة المصادر التي تم لقاؤهم خلال العمل على التحقيق.
تم إنتاج هذا التحقيق بموجب زمالة “قيد مجهول” من منصة نساء ربحن الحرب.