أميرة عبده، الحاصلة على مؤهل متوسط (دبلوم فني صناعي)، صُدمت عندما أبلغها موظف في مطار القاهرة، الأحد، بأنها ممنوعة من السفر لزيارة زوجها المقيم في السعودية، بسبب قرار حديث صادر عن مصلحة الجوازات التابعة لوزارة الداخلية، يقضي بعدم السماح بسفر السيدات من فئة “المؤهلات المتوسطة” أو ما وُصف بـ”الفئات الدنيا” إلى السعودية إلا بتصريح مسبق من الجهات المختصة، مما أدى إلى خسارتها ثمن التذكرة وتعطيل رحلتها.
في اليوم التالي، توجهت أميرة، 37 عامًا، إلى مصلحة الجوازات في حي العباسية بالقاهرة، حيث أُبلغت من قبل أحد المسؤولين بأن القرار يشمل الزيارات الشخصية والعمل، ولا ينطبق على الزيارات العائلية. وقفت أميرة حائرة بين تصريحات إدارة المطار ووزارة الداخلية، بسبب غياب آلية واضحة لتنفيذ القرار، إذ لم تحصل على خطاب رسمي للسفر، واكتفى المسؤولون بإبلاغها شفهيًا.
وتقول أميرة لزاوية ثالثة: “لا أعرف أين أذهب لاستكمال أوراق سفري. في المطار، يقول الموظف إن السفر يحتاج إلى تصريح أمني، بينما ينفون ذلك في العباسية. لا نعرف أنا ومئات السيدات الأخريات، اللاتي كنا اليوم أمام مصلحة الجوازات، أين نتجه أو ما الذي يجب فعله. ننتظر إعلانًا رسميًا أو توضيح آلية للتعامل في ظل حالة التضارب والتخبط الراهنة.”
سماح الغرباوي، 40 عامًا، الحاصلة على مؤهل متوسط (دبلوم تجارة)، تعمل في تجارة مستحضرات التجميل والإكسسوارات والملابس الخليجية، وتسافر إلى السعودية مرتين شهريًا لمتابعة عملها. وجدت سماح نفسها مضطرة لإلغاء حجزها لحين استخراج تصريح السفر من العباسية. تقول: “القرار جاء بشكل مفاجئ ومربك، وكان من الأفضل إبلاغنا به مسبقًا، ولو قبل أيام، لنتمكن من ترتيب أوراقنا. أنا أسافر للعمل، ولدي التزامات سواء هنا في مصر أو مع مكاتب التصدير هناك، لذا من الضروري استخراج التصريح في أقرب وقت. مع الزحام الشديد الذي رأيته اليوم في العباسية، يبدو الأمر مستحيلًا قبل أسبوع، ولا نعرف بعد المدة المطلوبة لاستخراج التصاريح أو ماهية الأوراق اللازمة.”
تشير سماح إلى أن الموظفين يفتقرون للمعلومات حول القرار والأوراق المطلوبة، مما زاد من الأعباء على النساء الراغبات في السفر.

بدأت المطارات المصرية، الأحد، تنفيذ قرار الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية بوزارة الداخلية، ويقضي بإلزام السيدات من الفئات الدنيا الراغبات في السفر إلى المملكة العربية السعودية لأغراض الزيارة أو العمل بالحصول على تصريح مسبق من الإدارة قبل السفر، والتحقق من جدية مبرراتهن للسفر.
ونص القرار الذي حصلت زاوية ثالثة على نسخة منه على أنه “تقرر من تاريخ 26 أكتوبر 2024، إلزام السيدات من الفئات الدنيا الراغبات في السفر للسعودية لأغراض الزيارة أو العمل، بالحصول على تصريح مسبق من الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، مع التأكد من مبررات سفرهن.”

وطبقًا لمنشورات التعليمات العامة رقم 17 ورقم 62 لسنة 2014 ورقم 11 لسنة 2015، يُعرّف مصطلح “الفئات الدنيا” ليشمل المهن التالية: “جليسات الأطفال، ومديرات المنازل، والخادمات، والمربيات، والطاهيات، ومصففات الشعر، وخبيرات ومدرسات التجميل، والخياطات، ومصممات الأزياء، وخبيرات التطريز، والنادلات، والبائعات، ومندوبات المبيعات والتسويق، والسكرتيرات، والممرضات المنزليات، والعاملات على السويتش، ومشرفات الحضانات، وكاتبات الملفات، والمشرفات الإداريات”، إضافة إلى النساء غير العاملات، وذوات المؤهلات المتوسطة والحاصلات على الدبلوم.
نوصي للقراءة: محاكم التفتيش الأخلاقيّة في مصر: تمييز طبقي وانتهاك لحقوق المرأة بمادة غير دستورية
مواطنة من الدرجة الثانية
تروي هالة عمارة، 35 عامًا، الحاصلة على مؤهل متوسط، ما حدث معها بعد قبولها في وظيفة استقبال بأحد الفنادق الكبرى في السعودية، معتبرةً أن هذه الفرصة كانت طوق نجاة لها ولأبنائها الأيتام الذين تعولهم. بعد أن جهزت أوراقها واستوفت الإجراءات وحجزت تذكرة الطيران، فوجئت عند وصولها إلى المطار بقرار يمنعها من السفر دون تصريح أمني مسبق من السلطات، نظرًا لمؤهلها الدراسي.
تقول هالة، المقيمة بمحافظة الشرقية: “شعرت بصدمة شديدة، لم أستطع استيعاب الأمر في البداية. كيف يكون التعليم حاجزًا يمنعني من السفر؟ ذهبت إلى الموظف وسألته: ألم أحضر جميع المستندات المطلوبة؟ فأجابني بهدوء أن القرار الأخير يلزم السيدات من حملة المؤهلات المتوسطة أو الأقل بالحصول على موافقة أمنية مسبقة للسفر إلى السعودية للعمل أو للزيارات الشخصية. عدت إلى منزلي محطمة؛ فهذا القرار يحرم أسرتي من فرصة لتحسين أوضاعنا، وأتمنى إلغاءه أو تعديله حتى أتمكن من السفر والعمل دون تصنيفي كمواطنة من الدرجة الثانية.”
الوضع مختلف بعض الشيء بالنسبة لخديجة عبد السلام، 32 عامًا، التي كانت تخطط للسفر إلى السعودية لأداء مناسك العمرة عبر تأشيرة ترانزيت. وعلى الرغم من حصولها على مؤهل عالٍ (بكالوريوس كلية التربية)، إلا أن المؤهل غير مثبت في جواز سفرها، مما يضطرها إلى تغييره وإثبات المؤهل، مع دفع غرامة تعديل بيانات قد تتجاوز ألفي جنيه. في حال عدم تعديل البيانات، ستضطر لاستخراج تصريح أمني من مصلحة الجوازات في العباسية باعتبارها “ربة منزل”، لكنها تواجه تحديًا إضافيًا، إذ تقيم في محافظة أسيوط جنوب مصر، مما يعني مشقة وتكلفة السفر إلى القاهرة.

نوصي للقراءة: وسوم الكفاح من أجل الحرية الجسدية للمرأة
عبء مادي ومعنوي
يوضح أحمد البكري – عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية-، في حديثه معنا أن الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية قررت منذ السبت، حصول السيدات من الفئات الدنيا على تصريح مسبق عند الرغبة في السفر للسعودية، مع التأكد من مبررات السفر، ويشمل القرار السيدات اللاتي تحملن جوازات سفر مسجلة بمهن مثل “ربة منزل، بدون عمل، حاصلة على دبلوم”، وينطبق على جميع الفئات العمرية، مشيرًا إلى أن القرار يُطبق حاليًا في جميع المطارات المصرية، وأن السيدات اللاتي يشملهن القرار لن يُسمح لهن بالسفر حتى يحصلن على التصريح المطلوب من الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية مع ضمان جدية الأسباب المقدمة للسفر.
ويؤكد أيمن عبداللطيف – عضو غرفة شركات السياحة-، إلى زاوية ثالثة، أن صدور القرار وتطبيقه شكّل مفاجأة مدوّية لحاملات تأشيرات العمل أو الزيارة إلى المملكة العربية السعودية، نظرًا لصدوره وتطبيقه في نفس اليوم دون إعطاء مهلة، ما تسبب في عودة بعض السيدات من المطار وعدم تمكنهن من الصعود إلى متن الطائرة وفقدانهن قيمة تذاكر الطيران، لافتًا لكون السيدات اللواتي صدر بحقهن القرار أصبحن مضطرات إلى سداد مبلغ 2100 جنيه مصري، مقابل الحصول على تصريح السفر من مصلحة الجوازات في العباسية، ما يعد عائقًا أمام المواطنات المقيمات في الأقاليم، ويشكل عبئًا ماديًا ومعنويًا عليهن، لاسيما أن غالبية المسافرات سيدات بسيطات وبعضهن مسنات، وقد لا يحملن معهن مالًا إضافي.
ويرجع أيمن أسباب صدور القرار إلى ما وصفه بسفر بعض المصريات إلى السعودية عبر تأشيرات العمل أو الزيارة، وعملهن في أماكن غير لائقة، أو ذهابهن للعمل كعمالة منزلية ما يعرضهن في بعض الأحيان لانتهاكات واعتداءات جسدية، أو النصب والاحتيال من مكاتب توظيف. كل ذلك دفع السلطات في مصر لحماية مواطناتها عبر التصريح الأمني، مؤكدًا أنه كان هناك سوء اختيار في صياغة القرار، ربما يرجع إلى العجلة والسرعة، وأنه كان يجب انتقاء الألفاظ لرفع الحرج الاجتماعي عن أولئك السيدات بوصفهن من الفئات الدنيا، مبديًا تخوفه من تسبب القرار في تكدس المواطنين والمواطنات أمام مصلحة الجوازات وتعطيل إجراءات السفر إلى السعودية.
نوصي للقراءة: معركة النساء في ريف مصر.. حقوق ضائعة تحت سطوة العادات
أبعاد أخرى للقرار
يقول محمد سالم، عضو الجالية المصرية في السعودية، إن هناك أبعادًا أخرى قد تفسر هذا القرار، تتعلق بتعرض بعض المواطنات المصريات للاحتيال من قِبل مكاتب السفر وإلحاق العمالة بالخارج. ويوضح أن بعض السيدات كن يسافرن للعمل في السعودية، لكنهن واجهن صعوبات كبيرة عند وصولهن، حيث وجدن أنفسهن في الشارع بلا مأوى، أو اضطررن للعمل المؤقت كعمالة منزلية أو كنادلات في المقاهي. ويشير إلى تعرض بعضهن لاعتداءات جسدية خطيرة، وصولًا إلى الاغتصاب، بينما تم طرد أخريات من العمل دون مستحقات.
ويضيف سالم أن القرار لا يشمل الزيارات العائلية التي لا تتطلب تصريحًا أو استعلامًا أمنيًا، ولكنه يخص الزيارات الشخصية والسياحية وتأشيرات العمل والتأشيرة التجارية والترانزيت. وأعرب عن استنكاره لصدور القرار وتنفيذه بشكل مفاجئ، ما أدى إلى عدم تمكن العديد من المسافرات من اللحاق برحلاتهن المتجهة إلى السعودية.
رغم تأكيدات عضو الجالية المصرية في السعودية بأن القرار لا يشمل النساء المسافرات لأداء العمرة، ولا يلزم صاحبات المؤهلات العليا بتصاريح سفر، إلا أن زاوية ثالثة حصلت على صور لتصاريح سفر صادرة عن مصلحة الجوازات والهجرة بتاريخ 27 أكتوبر الجاري، تخص سيدات من ذوات المؤهلات المتوسطة والعليا، بهدف أداء العمرة. ويرى عضو الجالية أن هذا يشير إلى حالة من التخبط في تنفيذ القرار الجديد.

نوصي للقراءة: تهميش النساء في الرياضة: درس من أولمبياد باريس
قرار غير دستوري
تبدي المحامية الحقوقية فاطمة سراج – مديرة وحدة المساعدة القانونية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير-، دهشتها واستنكارها تجاه طريقة صياغة القرار الصادر عن مصلحة الجوازات والهجرة، بتاريخ 26 أكتوبر الجاري، وتؤكد في حديثها إلى زاوية ثالثة، تكريسه لسياسات العنصرية والتمييز على أساس الجندر، وتعميقه الفوارق الاجتماعية على أساس النوع الاجتماعي ومستوى التعليم وطبيعة المهنة، ما يتعارض مع الدستور المصري، الذي ينص في المادة (53) على أن “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض”، مؤكدة ضرورة الطعن على هذا القرار غير الدستوري لدى المحكمة الدستورية العليا.
وتعتبر المحامية الحقوقية أن القرار يقيد حق المرأة في السفر، وحرية الانتقال والسفر للمواطنين، والتي تعد من الحريات العامة التي نص عليها الدستور، إذ تنص المادة 62 من الدستور المصري المعدل في عام 2019، على أن “حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة. ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه. ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون.”
وترى انتصار السعيد – المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون-، إن القرار الذي وصف بعض النساء بـ”السيدات من الفئات الدنيا”، مهين ويتضمن تمييز وعنصرية ضد مواطنات لهن حقوق وواجبات، ولم يتم انتقاء المصطلحات عند صياغته وتم استخدام ألفاظ ترسخ من التهميش والعنصرية ضد ربات المنازل والنظرات الدونية في المجتمع ضد بعض المهن كـ العمالة المنزلية، التي يتم تقديرها في العالم المتحضر، مشيرة لكون القرار تضمن تقييدًا لحرية النساء في السفر، لكنها لا تستبعد أن تكون السعودية قد وضعت قيودًا على السفر إليها بسبب سقوط الكثير من الوفيات بين حجاج الزيارة المصريين خلال موسم الحج الماضي.
وتعتقد هالة دومة – المحامية الحقوقية، مديرة مكتب حرية للمحاماة-، أن القرار الذي أصدرته مصلحة الجوازات والهجرة، غير مفهوم السياق والأسباب والمبررات، وأنه يصف ذوات المؤهلات المتوسطة وعاملات المنازل وربات المنازل بالفئات الدنيا، في حين لم يشمل الرجال دون عمل أو حاملي الشهادات المتوسطة، ما يكرس للتمييز وعدم المساواة بين الجنسين وبين أفراد المجتمع، ويتعارض مع الدستور والقانون.
نوصي للقراءة: تجار المناسك: كيف تسببت تأشيرات مزيفة في وفاة حجاج مصريين؟
تمييز
الباحثة في قضايا النوع الاجتماعي، مي صالح، تؤكد أن المجتمع المصري، يعاني مشكلة تتعلق بعدم الالتزام باستخدام اللغة الجندرية، إلا أن تحول اللغة غير المراعية للنوع الاجتماعي إلى قرارات الرسمية للدولة يمثل إشكالية تعكس رؤية من وراء القرار، وأنه لم يسبق أن صدر قرار مشابه في مصر يصف مواطنات بالفئات الدنيا، غير مستبعدة أن تكون السفارة السعودية هي من أصدرت القرار وأرسلته إلى نظيرتها المصرية، والتي نشرته بنفس صياغته التي تعكس النظرة الدونية للنساء والتي تتماشى مع الثقافة السعودية المنحازة ضد النساء.
وتتساءل مي: “من الذي يحق له تصنيف بعض فئات المجتمع بالدونية؟، ومن الذي يحدد صلاحية وسلطة الحكم على مبررات السفر؟ ومتى تكون مقنعة أو غير مقنعة؟”، مؤكدة أن التصنيف الذي تضمنه القرار، مهين وتميزي ويكرس للتمييز الاجتماعي على أساس الطبقة أو المهنة والتمييز الجندري، ويكشف عن أن الأعمال المنزلية والدور الرعائي الذي تقوم به النساء في البيت غير مقدر في مجتمعنا، في حين يحتفي العالم بالدور الاقتصادي للأدوار الرعائية وأهميته للأسرة والمجتمع.”
تشير الباحثة إلى أن مفوضية مكافحة التمييز، هي استحقاق دستوري مؤجل، نص عليه دستور 2014، ولم يتم إصدار قرار بشأنه، وفي حين يتم وصف أشكال التمييز التي تواجهها النساء، بالممارسات الفردية والثقافة المجتمعية، يأتي فيه قرار حكومي يرسخ للتمييز، مضيفة أن القرار يقيد حرية السفر والتنقل، والتي هي من حقوق الإنسان الأصيلة، وفقًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية سيداو الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والدستور المصري ويتناقض مع كل استراتيجيات حقوق المرأة في مصر، لا سيما أن المرأة لها أهلية كاملة في المجتمع ولها الحق في السفر دون الحصول على موافقة الزوج، كما أن النساء لسن على قوة التجنيد، وبالتالي فإنها لا ترى مبررًا لـ تقييد حريتهن في السفر.
يمثل قرار إلزام النساء من حملة المؤهلات المتوسطة والأقل بالحصول على تصريح مسبق للسفر إلى السعودية لأغراض العمل أو الزيارة الشخصية تمييزًا صارخًا وغير مقبول، بحسب ما تؤكد النائبة البرلمانية سناء السعيد، إلى زاوية ثالثة، معتبرة أن هذا القرار يصنّف المجتمع على أساس المؤهل الدراسي، ويُقيّد حق النساء من حملة المؤهلات المتوسطة في السفر، ما ينتهك مبدأ المساواة بين المواطنين، وينتهك الدستور المصري، لتمييزه بين الإناث والذكور في الحقوق؛ إذ نصت المادة 11 من الدستور على أن ” تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور.”
توضح النائبة أن القرار يثير تساؤلات حول مبررات هذا التقييد، وسبب اقتصاره على النساء دون الرجال، واستهدافه فئات معينة، وإلزامه للنساء الراغبات في العمل أو الزيارات الشخصية بالحصول على تصريح مسبق، بينما يُسمح للنساء بالسفر لأداء مناسك الحج والعمرة والزيارات العائلية دون قيود، ما يتنافى مع مبدأ المساواة. مبدية استياءها الشديد من تمييز النساء بناءً على مستوى التعليم، مؤكدة أن القرار يمس حقوق النساء في السفر والتنقل بحرية، ويعطي امتيازات غير مبررة لفئة دون أخرى.
وتؤكد النائبة رفضها القرار شكلًا وموضوعًا، وأنها ستتخذ إجراءات قانونية، بدءًا من تقديم استجواب في البرلمان، لمطالبة الجهات المختصة بتوضيح الأسس القانونية للقرار ومدى انسجامه مع مبادئ الدستور، خاصة ما يتعلق بحقوق المرأة، مشددة على أهمية التصدي لمثل هذه القرارات التي تؤثر سلبًا على حقوق المواطنات، ولضمان تحقيق المساواة وعدم التمييز، وخضوع القرارات لمبادئ الشفافية والإنصاف.
في الوقت الذي حرمت فيه كلٍ من أميرة وسماح وهالة وخديجة حقهن في حرية السفر، وتكبدن خسارة تكاليف تذاكر الطيران، فإنهن والعديد من النساء المتضررات، والراغبات في السفر، يشعرن بالإهانة تجاه وصف القرار الحكومي لهن بالفئات الدنيا، كونهن ربات منازل أو حاصلات على مؤهلات متوسطة، أو يعملن في مهن يراها مُشرّع القرار على أنها مهنًا دون المستوى، ما يشعرهن بأنهن مواطنات مصريات من الدرجة الثانية، في حين تدفع نساء أخريات ثمن الارتباك المتعلق بالقرار وإجراءات تنفيذه، رغم كونهم لسن معنيات به، فيضطررن لاستخراج التصريحات وخسارة الجهد والوقت والمال أو يتم تعطيل حقهن في السفر إذا قرر موظف المطار ذلك.