أظهرت المؤشرات الأولية لفرز الأصوات في انتخابات نقابة المحامين المصرية، التي بدأت صباح أمس السبت، فوز النقيب الحالي عبد الحليم علام، لـدورة جديدة تنتهي في عام 2028، بفارق كبير عن أقرب منافسيه النقيب الأسبق سامح عاشور، المعروف بقربه من السلطة.
بدأت عمليات الاقتراع في التاسعة من صباح السبت، على منصب النقيب العام وعضوية مجلس النقابة. وجميع المقاعد المخصصة لعضوية مجلس نقابة المحامين، والبالغ عددها 28 مقعدًا، يُخصص منها ثلاثة مقاعد للإدارات القانونية، و25 مقعدًا تتوزع على دوائر ثماني محاكم استئناف على مستوى الجمهورية. وتنافس في الانتخابات 15 مرشحًا على منصب النقيب، و253 مرشحًا على مقاعد العضوية؛ منهم 30 مرشحًا على مقعد الإدارات القانونية، و115 مرشحًا على مقعد استئناف القاهرة، و19 مرشحًا على مقعد استئناف طنطا، و21 مرشحًا على مقعد استئناف المنصورة، و16 مرشحًا على مقعد استئناف الإسكندرية، و10 على مقعد استئناف الإسماعيلية، و18 على مقعد استئناف بني سويف، و17 على مقعد استئناف أسيوط، و7 على مقعد استئناف قنا.
وجرت عمليات الاقتراع داخل 488 لجنة على مستوى المحافظات، في مقر النقابة العامة للمحامين بالقاهرة والنقابات الفرعية البالغ عددها 37 نقابة. وحسب البيانات المعلنة على موقع نقابة المحامين المصرية الرسمي، فقد بلغ عدد المقيدة أسماءهم في كشوف الناخبين 322 ألفًا و152 محاميًا، ويتنافس على منصب نقيب المحامين 14 مرشحا أبرزهم النقيب الحالي عبد الحليم علام، والنقيب الأسبق سامح عاشور، فيما يتنافس 253 مرشحًا على المقاعد المخصصة لعضوية المجلس.
وقد تولت النيابة الإدارية، مهمة الإشراف القضائي على الانتخابات، بلجنة قضائية عليا يترأسها المستشار محمد عبد المعطي، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية.
وبعد منتصف الليل، وأعلنت حملة النقيب الحالي عبد الحليم علام -المرشح في انتخابات نقابة المحامين للدورة الجديدة-، فوز مرشحها بمقعد النقيب العام. وقالت الحملة في بيان لها: “وفقا لـ مناديبنا في كامل لجان الاقتراع، وبعد رصد جميع نتائج اللجان وتجميعها، تبين فوز مرشحنا النقيب العام بفارق كبير يتجاوز ستة آلاف صوت عن أقرب منافسيه”.
من هو عبد الحليم علام؟
تدرج عبد الحليم علّام في عدد من المناصب القيادية داخل نقابة المحامين بالإسكندرية، قبل أن يتولى وكالة اللجنة التشريعية بمجلس الشعب في عام 2010، ثم انتخب نقيبًا لمحامين الإسكندرية منذ عام 2012 وحتى عام 2016، ليعود ثانية، ويفوز في دورة جديدة في عام 2021. وقد عمل منسقًا عامًا لجبهة الإصلاح النقابي بالانتخابات التي انتهت بفوز نقيب المحامين الراحل رجائي عطية، الذي وافته المنية قبل اكتمال مدته، ثم خاض الانتخابات على مقعد نقيب المحامين في عام 2022، ليصبح نقيبًا لمحامي مصر منذ ذلك الحين.
وفي انتخابات عام 2022، كانت المحكمة الإدارية العليا، قد أقرت تأييد حكم استبعاد سامح عاشور، المنافس الأقرب لـ”علّام” من خوض الانتخابات التكميلية على منصب نقيب المحامين، ورفض الطعن المقام منه رقم 87894 لسنة 68 ق، وإحالة الطعن إلى هيئة مفوضي المحكمة الإدارية العليا.
سقوط عاشور، وليس نجاح علام
سادت حالة من البهجة بين محامي مصر منذ ظهور المؤشرات الأولية بفوز عبد الحليم علّام نقيبًا لمحامي مصر للدورة المقبلة، ووفق عدد من التدوينات ومقاطع الفيديو، فقد اجتمع كثير من المحامين على أنه يجب توصيف ما حدث بأنه سقوط سامح عاشور -الذي يوصف بأنه مرشح السلطة، المدعوم من التيار الناصري-، وما يمثله من إرث لنظام مبارك داخل نقابة المحامين، وليس نجاحًا للنقيب الحالي “علّام” المنتمي لتيار الإصلاح، والذي لا يمثل تيار المعارضة.
ويصف محامون أن سقوط “عاشور” يأتي كدليل على غضب شعبي ونقابي واسع ضد كل ما يتعلق بالسلطة الحالية، في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة. مشيرين إلى صحوة نقابية في مصر، اختتمت بالمشهد في نقابة المحامين أمس، وذلك بعد فشل السلطة في فرض سيطرتها على انتخابات نقابتي المهندسين والصحفيين، واصفين التفكير الأمني الذي أودى بخروج جميع الأحزاب والقوى السياسية والنقابات من المعادلة السياسية في مصر، بـالغباء السياسي الذي ربما يدفع إلى التغيير العنيف، حسبما أظهرت التدوينات.
تعليقًا، ترى هبة عادل -المحامية بالنقض ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة-، في حديثها إلى زاوية ثالثة أن نتيجة التصويت انعكاس لرغبة الجمعية العمومية للمحامين، ما يعني أن آراءهم حرة وغير مقيدة أو محسوبة أو متوقعة، وأن المحامين لديهم وسائلهم الخاصة لفرز المرشحين، وأن رؤيتهم حرة.
تضيف: “في تقديري الشخصي، تراجع سامح عاشور وعدم فوزه بمقعد نقيب المحامين نتيجة للقائمة الانتخابية التي استعان بها، والأشخاص الذين استعان بهم في حملته الانتخابية، إذ إن هؤلاء تشوبهم كثير من التعليقات وعلامات الاستفهام من قبل الجمعية العمومية، وإصراره على الاستعانة بهم في حملته الانتخابية خلال الدورتين السابقتين وحتى في الانتخابات الأخيرة”.
وعن المنتظر تقديمه للمحامين من قبل النقيب العام للمحامين، تقول: “هناك نقطتان؛ الأولى وكانت عنوانًا رئيسيًّا في حملة عبد الحليم علام، وهي محاربة الفساد، والثانية تتلخص في الخدمات المقدمة للنقابة، وأرى أن الملفين لا بُدّ أن يسيروا جنبًا إلى جنب”. مشيرة إلى أن مطالب المحامين في الوقت الحالي تتلخص في مطلبين أساسيين؛ المطلب الأول النظر في القضايا المهنية من بينها ضريبة القيمة المضافة والفاتورة الإلكترونية والتقاضي الإلكتروني، والمطلب الثاني دراسة مصادر زيادة دخل المحامين وتطوير مهنة المحاماة.
من جهته، يصف المحامي الحقوقي عمرو محمد، فوز “علاّم” بأنه تصويت عقابي، نتيجة للدور السلبي الذي قام به “عاشور” خلال فترة رئاسته لمجلس نقابة المحامين خلال 15 عامًا أو يزيد. موضحًا أن الفرق بينهما، يكمن في الخدمات التي قدمها “علام” خلال الفترة القصيرة التي ترأس فيها النقابة بالمقارنة بـ “عاشور” الذي ظل سنوات نقيبًا للمحامين، ولم يكترث لتقديم خدمات لهم.
ويؤكد المحامي الحقوقي أن نجاح “علام” يسهم في استمرار السيطرة على النقابة كما كانت دون أي مناوشات. موضحًا أنه اختيار مُرضي للسلطة التي لا ترغب في أي تحرك من النقابات، وتريد السيطرة عليها، وللجمعية العمومية للمحامين أيضًا التي تبني اختياراتها بناء على الخدمات المقدمة.
من جهته، يقول المحامي ياسر سعد -المحامي الحقوقي والمرشح السابق على عضوية مجلس نقابة المحامين- إن التنافس على مقعد النقيب العام كان محصورًا بين تيارين يمثلان الدولة في نقابة المحامين، وليس لديهم أي خلاف مع السلطة، مستطردًا: “نجح من بينهما التيار المتوافق أكثر مع السياسات العامة للدولة التي تنظر إلى مجلس النقابة باعتبار دوره خدمي فيما يخص النوادي والمعاشات والخدمة الطبية وهكذا، دون النظر إلى طلبات المحامين الخاصة حماية المحامين وضمانات عملهم”. مضيفًا: “أتمنى أن يكون في مجلس النقابة القادم وجوه جديدة، لكن الوضع الحالي غير مبشر بالمرة”.
وعن ما يريده المحامون من النقيب، يكشف “سعد” أن المحامين يحتاجون إلى من يتفاوض مع الدولة باسمهم، وليس باسم الدولة، وبالتالي الدولة لا تستطيع أن تأخذ قرارًا فيما يتعلق بالعدالة والمحاكم والأقسام والنيابات، إلا بعد العودة إلى النقابة باعتبار أن المحامين هم أصحاب المصلحة، حسبما يصف.
اعتداء على الصحفيين
في السياق ذاته، أدانت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين واقعة تعدى عددًا من المحامين على المصورين، والمحررين في أثناء تأدية عملهم في تغطية انتخابات نقابة المحامين عصر السبت، في أثناء عملية الاقتراع.
وأكدت اللجنة تضامنها مع الصحفيين في كل الإجراءات القانونية، التي اتخذت بعد قيام سبعة من الزملاء الصحفيين من صحف ومواقع “المصري اليوم”، و”الوطن”، و”القاهرة 24″، و”البوابة نيوز”، و”الحرية” و”الحكاية” بتحرير محضر في نقطة شرطة التحرير يحمل رقم 1475 إداري قصر النيل، يتضمن أسماء أكثر من متهم تعدوا بالقول والفعل على الصحفيين في أثناء ممارسة عملهم.
وشددت النقابة على حق الزملاء في أداء عملهم الصحفي، وممارسة مهنتهم دون أية قيود، وعلى التزام نقابة الصحفيين بالدفاع عن هذا الحق. وطالبت لجنة الحريات مجلس نقابة المحامين المنتخب بالتحقيق في الواقعة.