إيطاليا تُسلّم ومصر تُعاقب: ترحيلات وإضرابات على الهامش

في العدد الثامن من نشرة سطور محذوفة، نكتب عن ترحيل مصريين من ألبانيا، احتجاجات المحامين، وفيات في أقسام الشرطة، وانتهاكات ضد اللاجئين والمهاجرين والنساء.
Picture of زاوية ثالثة

زاوية ثالثة

نفذت الحكومة الإيطالية أول عملية ترحيل مباشرة من مركز الاحتجاز في جادر بألبانيا، إذ نُقل خمسة مواطنين مصريين إلى القاهرة عبر طائرة توقفت في العاصمة الألبانية تيرانا، وذلك في 9 مايو 2025. وكشفت منصة اللاجئين في مصر أن وزارة الداخلية الإيطالية كانت قد طرحت مناقصة في 28 إبريل لاستئجار طائرة لترحيل أجانب غير نظاميين، على أن تتوقف الرحلة في تيرانا. وفي 8 مايو، وُقّع عقد مع شركة خاصة بقيمة 113,850 يورو، ونُفذت العملية في اليوم التالي. ووفقًا لموقع Altreconomia، سُجلت خمس عمليات عبور لمواطنين مصريين من مركز جادر بين 11 إبريل و21 مايو، وهم الأشخاص الذين جرى ترحيلهم في تلك الرحلة.

وقالت المنصة، في بيان لها، إن هذه الواقعة تأتي في سياق السياسات الجديدة التي يتبناها الاتحاد الأوروبي وبعض دوله، والتي تُصنّف دولًا من خارج الاتحاد -مثل ألبانيا- أنها “دول آمنة”، تقترح المفوضية الأوروبية توسيع هذه القائمة لتشمل عشر دول إضافية، من بينها مصر، في تجاهل تام لسجلات هذه الدول الحقوقية، والانتهاكات المستمر بحق اللاجئين والمواطنين على حد سواء، محذرة من خطورة هذه السياسات، التي تفتح الباب أمام نقل طالبي اللجوء إلى دول لا تضمن الحد الأدنى من الحماية، وتُعرّضهم لمخاطر جسيمة، سواء من حيث سلامتهم الجسدية أو حريتهم الشخصية.

وفي سياق متصل كشفت تقارير إعلامية عن تزايد محاولات الهروب بين صفوف اللاجئين السودانيين المتواجدين في مصر، مع اتجاه أعداد متزايدة منهم إلى ليبيا ودول أوروبا عبر طرق غير شرعية، هربًا من القيود والإجراءات الحكومية المفروضة عليهم. وأشارت وكالة “رويترز” إلى أن اللاجئين السودانيين، الذين لجأوا إلى مصر هربًا من الحرب الأهلية في بلادهم، يواجهون صعوبات اقتصادية متزايدة، إضافة إلى ارتفاع رسوم الإقامة وتجديد المستندات، وتضييقات أمنية شملت حالات احتجاز وترحيل قسري.

وتعرضت مصر لانتقادات حقوقية بسبب ضعف استجابتها لموجات اللجوء الأخيرة، حيث فرضت قيودًا على الإقامة والتسجيل، بينما اشتكى لاجئون سودانيون من معاملة تمييزية وصعوبة في الحصول على الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل. وترى منظمات حقوقية أن الوضع الحالي ينذر بموجات هجرة غير شرعية متزايدة، مع تفاقم مخاطر الاتجار بالبشر والاستغلال.

من ناحيته اتهم نور خليل، المدير التنفيذي لمنصة اللاجئين في مصر، السلطات المصرية، خلال لجنة استماع أمام اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي حول “الشراكة المصرية الأوروبية”، بأنها تجني آلاف اليوروهات من كل لاجئ يحاول دخول مصر هربًا من الحرب في السودان أو من الإبادة في غزة، وكذلك من السوريين، من خلال شركات خاصة ترتبط بأجهزة الأمن، بجانب استهدافها للاجئين بالاعتقال، والاحتجاز، والترحيل — غالبًا إلى مناطق نزاع — في انتهاك صريح للقانون الدولي، مشيرًا إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت حملات مداهمة واعتقال جماعية في القاهرة وأسوان ومدن أخرى. حتى حاملي بطاقات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لم يسلموا: تُصادر وثائقهم، ويُجبرون على توقيع استمارات “العودة الطوعية” تحت الإكراه، كما يتم فصل الأطفال عن عائلاتهم، ويُستهدف اللاجئون من مجتمع الميم+ بالانتهاكات والترحيل السريع.

وقال خليل: “بالنسبة للمهاجرين واللاجئين، وخصوصًا القادمين من السودان وإريتريا واليمن وفلسطين وسوريا، ليست مصر ملاذًا آمنًا. إنها فخ.. في عام 2024 وحده، وثقنا أكثر من 20 ألف حالة ترحيل إلى السودان، الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم اليوم، وبفعل قرارات الحكومة المصرية الأخيرة، يُمنع اللاجئون وطالبو اللجوء من الحصول على الخدمات العامة الأساسية، مثل الصحة والتعليم والعدالة. أقل من 12٪ فقط من أطفال اللاجئين يحصلون على التعليم في مصر؛ أما قانون اللجوء المصري الجديد، الذي تم تمريره دون أي تشاور، فيمنح السلطات صلاحيات مطلقة لرفض الحماية وترحيل اللاجئين تعسفيًا، مُلغياً بذلك عشرات السنين من الضمانات الأساسية”.

وأضاف، في كلمة ألقاها خلال لجنة استماع أمام اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي حول “الشراكة المصرية الأوروبية”: “شهدت المناطق الحدودية في مصر، والمناطق القريبة منها، عسكرة متزايدة في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى تهجير قسري ومخاطر قاتلة طالت السكان المحليين، كما في مطروح وشمال سيناء، أما المهاجرون على الحدود، سواء كانوا مصريين أو غير مصريين، فيتعرضون للاعتقال والتعذيب والعنف، وفي كثير من الأحيان، للقتل. بين عامي 2016 و2021، أفادت السلطات المصرية بأنها احتجزت 100,000 شخص على الحدود”.

وفي 10 يونيو الماضي عُثر على 10 جثث لمهاجريين غير شرعيين، بينهم 8 مصريين، على شاطيء “بق بق” بمدينة سيدي براني غرب مرسى مطروح، يُعتقد أنهم صوبوا من ليبيا ضمن رحلات غير شرعية بالبحر المتوسط.

 وأكدت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أن الحادثة تُعد “تذكيرًا قاتمًا بالتكلفة الباهظة للهجرة غير النظامية” وطالبت بتنسيق دولي عاجل لوضع مسارات آمنة ومنتظمة، محذرة من أن أكثر من 32,000 شخص لقوا حتفهم في المتوسط منذ 2014.

وتعكس الأرقام الصادرة عن منظمات دولية وأوروبية، تصاعد مستمر في أعداد المهاجرين غير النظاميين القادمين من مصر، ما يتناقض مع التصريحات الرسمية التي تؤكد نجاح الجهود الحكومية في القضاء على الأزمة،  ففي عام 2022، وصل عدد المصريين الذين عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا بطريقة غير قانونية إلى أكثر من 21,700 مهاجر، ما وضع مصر ضمن قائمة الدول العشر الأعلى في تصدير المهاجرين غير النظاميين، وفقًا لوكالة فرونتكس الأوروبية والبيانات الصادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية.

وفي المقابل تقول الحكومة المصرية إنها قضت على الظاهرة، وفي أبريل الماضي، أكد وزير الخارجية والهجرة، الدكتور بدر عبد العاطي، أن البلاد نجحت في وضع حد لظاهرة الهجرة غير الشرعية من سواحلها، مشيرًا إلى أن الدولة لم تكتفِ بذلك، بل فتحت أبوابها لاستقبال الفارين من الأزمات والحروب بحثًا عن الأمان. 

وفي تصريح مشترك خلال جولة الحوار مع المفوضية الأوروبية لوزيرة التخطيط رانيا المشاط، نوهت الحكومة أن مصر نجحت في وقف انطلاق أي قوارب للهجرة غير الشرعية من سواحلها منذ ما يقرب من ثماني سنوات، مع مواصلة تنفيذ برامج لتوعية الشباب وتعزيز “الهجرة الآمنة”.

وخلال اجتماع مشترك بين وزير الخارجية والهجرة، بدر عبد العاطي، والمفوض الأوروبي لإدارة الشؤون الداخلية إلفا يوهانسون، في سبتمبر الماضي، أكدت القاهرة التزامها بتنسيق الجهود مع الاتحاد الأوروبي ضمن “الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية (2016–2026)”. وكانت مصر أصدرت قانونًا في 2016 (رقم 82) لتشديد العقوبات على مهربي المهاجرين، وعزّزته بتعديلات عام 2022، مع إنشاء صندوق وطني مخصّص بموجب قرار رئيس الوزراء عام 2023 لتعزيز جهود مكافحة الهجرة وتقديم الدعم للمهاجرين.

وتشكل العلاقة بين مصر والاتحاد الأوروبي محورًا رئيسيًا في إدارة مسألة الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط، في مارس 2024، وقَّعت مصر مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية شاملة بقيمة 7.4 مليار يورو؛ تتوزع بين قروض ميسرة واستثمارات ومنح مخصَّص من بينها 200 مليون يورو لدعم إدارة الهجرة والحدود ، تشمل هذه الاتفاقية تمويل تعزيز قدرات خفر السواحل والحرس الحدودي المصري  عبر شراء أجهزة مراقبة متطورة وطائرات مسيرة، وتدريب العناصر على عمليات المراقبة والإنقاذ وفق معايير إنسانية . بالإضافة إلى الدعم المالي، يُجرى تنسيق أمني وتبادل معلومات عبر آليات رسمية وغير رسمية بين أجهزة الأمن الأوروبية، مثل فرونتكس وأوروبيول، ونظيرتها المصرية، في محاولة لإغلاق الطريق أمام القوارب المتجهة إلى أوروبا، لكن رغم ذلك، فإن الشراكة الأمنية تواجه انتقادات حقوقية.

من جهته يرى حليم حنيش، الاستشاري بمنصة اللاجئين، أن الهجرة غير الرسمية من مصر لم تتوقف يومًا، بل هي جزء من واقع ممتد خلال السنوات الماضية، مؤكدًا في حديث إلى زاوية ثالثة أنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالأوضاع سياسية واقتصادية التي تدفع الكثير من المصريين للبحث عن فرصة خارج البلاد. ويقول حنيش إن البيئة في مصر، أصبحت طاردة للشباب، سواء من الحاصلين على التعليم المتوسط أو حتى الجامعي، ليس فقط من يهاجرون عبر البحر بطرق غير رسمية، بل حتى عن خريجي كليات مثل الطب والهندسة الذين نراهم في تقارير النقابات يتجهون مباشرة بعد التخرج للبحث عن فرص عمل في الخارج.

ويضيف حنيش: “الهجرة هنا ليست فقط اختيارًا فرديًا، بل تعبير عن فقدان الأمل في الداخل، خاصة مع الانهيار المتواصل في الوضع الاقتصادي، أما بخصوص طرق الهجرة، فقد تغيّر المسار منذ عام 2017 تقريبًا، لم تعد المراكب تخرج من السواحل المصرية كما كان يحدث سابقًا، نتيجة عسكرة الحدود ومناطق الصيد وحملات أمنية مشددة، لكن هذا لم يمنع المصريين من مواصلة الرحيل. فقط تحوّل المسار، اليوم، معظم المصريين الذين يغامرون للوصول إلى أوروبا بحرًا، ينطلقون من ليبيا ، ما يزيد من حجم المخاطر التي يواجهونها، في ظل الأوضاع غير المستقرة هناك.”مشيرًا إلى ما تداولته تقارير وثقت ضبط مهاجرين محتجزين داخل مخازن تمهيدًا لرحلات تهريب، وقد كان من بينهم مصريون. هذه الحقائق تؤكد أن المنع الأمني وحده لا يكفي، فالدافع الأساسي للهجرة ما زال قائمًا، وهو سياسي واقتصادي بحت.

ورغم ومنع السلطات المصرية لإنطلاق قوارب الهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية، كشفت شهادات وثقتها زاوية ثالثة، في تقرير لها، وتقارير رسمية أن آلاف المصريين لا يزالون يهاجرون عبر ليبيا إلى أوروبا، مدفوعين بالفقر وانسداد الأفق، مما يطرح تساؤلات حول نجاعة الحلول الأمنية في مواجهة أزمة أعمق.

 

للإطلاع على التقرير كاملًا: الهجرة غير النظامية من مصر: جهود الحكومة غيرت مسار الرحلة فقط

نقابة المحامين تعلن عن إضراب عام

أعلن مجلس نقابة المحامين المصريين، بالإجماع، تنفيذ إضراب عام وشامل يومي الأحد والاثنين، 7 و8 يوليو 2025، في جميع المحاكم والنيابات على اختلاف درجاتها ومواقعها، على مستوى الجمهورية، احتجاجًا على ما وصفوه بـ”الرسوم القضائية المجحفة”، التي اعتُمدت مؤخرًا دون مبرر قانوني أو واقعي.

وأكد المجلس، خلال اجتماع موسع مع رؤساء النقابات الفرعية، أن قرار الإضراب جاء استجابة مباشرة لنتائج استطلاع رأي داخلي نظمته النقابة، وشارك فيه 36,284 محاميًا، أيّـد منهم 21,231 محاميًا الدخول في الإضراب، بينما رفضه فقط 1,486 مشاركًا، ما يعكس – بحسب المجلس – “الغضب الواسع في صفوف المحامين ورفضهم لسياسات فرض الرسوم بشكل تعسفي”.

وتأتي هذه التطورات في ظل توتر متصاعد بين المحامين والسلطة التنفيذية والقضائية، خاصة بعد قرار المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الجمعية العمومية لنقابة المحامين، وهو القرار الذي أثار ردود فعل غاضبة داخل الأوساط النقابية، ورُفض باعتباره تدخلًا في الشأن الداخلي للنقابة وحق أعضائها في التنظيم الذاتي.

وقد رصدت منصة “زاوية ثالثة” في تقارير سابقة حالة التململ المتزايدة بين صفوف المحامين، والتي دفعت مجلس النقابة للتلويح بخطوات تصعيدية، تمهيدًا للإضراب، استنادًا إلى سلسلة من استطلاعات الرأي التي أجرتها النقابة مؤخرًا لقياس توجهات القاعدة العريضة من أعضائها.

وأكد مجلس النقابة أن هذه الرسوم تمثل عبئًا إضافيًا على المحامين والمتقاضين، وتُهدد بحقوق المواطنين في الوصول إلى العدالة، مطالبًا بإعادة النظر فيها وفق حوار مؤسسي يضمن احترام القانون ومصالح أطراف العدالة.

 

نوصي للقراءة: 21 ألف محامٍ يصوّتون للامتناع عن الحضور بالمحاكم رفضًا لرسوم القضاء

وفاة 7 محتجزين داخل قسم العمرانية في عام واحد

تقدّمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ببلاغ إلى النائب العام المستشار محمد شوقي، تطالبه بفتح تحقيق عاجل وشفاف في ملابسات وفاة سبعة أشخاص داخل قسم شرطة العمرانية خلال عام واحد فقط.

وطالبت المبادرة في بلاغها بـإيقاف الضباط المسؤولين عن القسم مؤقتًا عن العمل لحين انتهاء التحقيقات، وإحالة من يثبت تورطه أو تقصيره إلى المحاكمة الجنائية، مشددة على أن هذا الرقم المفزع من الوفيات داخل مكان احتجاز واحد يستدعي تدخلاً فوريًا من النيابة العامة. وأكدت المبادرة أن هذه الحالات، التي تم توثيقها جميعًا بين عامي 2023 و2024، تثير مخاوف مشروعة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق المحتجزين، خاصة في ظل غياب الشفافية وضعف الرقابة على أماكن الاحتجاز.

كما جدّدت المبادرة مطالبتها بإجراء زيارة مفاجئة من النيابة العامة إلى قسم شرطة العمرانية، والاطلاع على دفاتر الحجز وسجلات العلاج، وسماع شهادات ذوي الضحايا وشهود العيان من المحتجزين السابقين والحاليين.

واختتمت المبادرة بلاغها بالتأكيد على أن التقاعس عن فتح تحقيق جاد في هذه الوقائع لا يشكل فقط إخلالاً بالمسؤولية القانونية والجنائية، بل يفتح الباب لاستمرار نمط ممنهج من الانتهاكات داخل أماكن الاحتجاز، على نحو يخالف الدستور المصري والمواثيق الدولية التي صدّقت عليها مصر.

عريضة للتوقيع للتحقيق في وفاة محمود ميكا بقسم الخليفة

بعد مرور أشهر على وفاة الشاب محمود محمد أسعد، المعروف بـ”محمود ميكا”، داخل قسم شرطة الخليفة، لا تزال أسرته ومحاموه محرومين من الاطلاع على التقرير النهائي للطب الشرعي.

في هذا السياق، أطلقت عدد من المنظمات الحقوقية عريضة للتوقيع العام، تطالب الحكومة المصرية بتوجيه دعوة رسمية إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، لزيارة البلاد وتفقد أوضاع السجون ومقار الاحتجاز، ولقاء الضحايا وعائلاتهم، كخطوة أولى نحو الشفافية، وكشف الحقيقة، وضمان المساءلة.

وأكدت المنظمات الموقعة أن استدعاء الآليات الدولية المستقلة يمثل ضرورة ملحة في ظل تصاعد الانتهاكات داخل أماكن الاحتجاز، وتعثر سبل العدالة المحلية. كما شدّدت العريضة على المطالبة بفتح تحقيق عاجل ومستقل في واقعة وفاة الشاب محمود ميكا داخل قسم شرطة الخليفة. وتسليم نسخة كاملة من تقرير الطب الشرعي لأسرة الفقيد ومحاميه دون تأخير. بالإضافة إلى ضمان الحماية الكاملة للشهود من أي تهديدات أو أعمال تنكيل محتملة.ومحاسبة جميع المتورطين في هذه الواقعة، أيًا كانت مناصبهم، والإعلان بشفافية عن نتائج التحقيقات للرأي العام. وأكّدت العريضة أن الإفلات من العقاب في مثل هذه الحالات لا يهدد فقط حقوق الضحايا وذويهم، بل يُقوّض الثقة العامة في منظومة العدالة برمّتها.

وفي ظل هذا التعتيم، كانت المحامية إسراء خليفة، ابنة خالة الراحل وعضوة هيئة الدفاع، قد  أرسلت فيديو خاصًا إلى منصة “زاوية ثالثة” في مايو الماضي، ناشدت فيه رئيس الجمهورية، والنائب العام، ووزير العدل، بالتدخل العاجل وتسريع إصدار التقرير الطبي الرسمي، تمهيدًا لمحاسبة المسؤولين وكشف الحقيقة للرأي العام.

 

نوصي للقراءة: آثار تعذيب وتعليق من اليدين.. تفاصيل مقتل محمود أسعد في قسم الخليفة

إعدام ستة مصريين  في السعودية و26 ينتظرون نفس المصير

أعلنت وزارة الداخلية السعودية، السبت 28 يونيو، تنفيذ حكم الإعدام ” القتل تعزيرًا” بحق أربعة أشخاص، بينهم ثلاثة مواطنين مصريين، في قضايا تتعلق بالمخدرات. وبذلك يرتفع عدد المصريين الذين أُعدموا في المملكة خلال الأيام الفترة من 25 وحتى 28 يونيو إلى ستة، في تصعيد لافت يعيد إلى الواجهة المخاوف الحقوقية المتزايدة بشأن أوضاع المحكومين بالإعدام، لاسيما من الجنسيات الأجنبية.

يأتي هذا التطور وسط تقارير دولية وحقوقية تشير إلى نية السلطات السعودية تنفيذ أحكام إعدام بحق 26 مصريًا آخرين، محتجزين في سجن بمدينة تبوك، على خلفية اتهامات مماثلة تتعلق بجرائم غير مميتة.

وفي هذا السياق، طالبت 32 منظمة حقوقية دولية، في بيان مشترك، السلطات السعودية بإعلان “وقف رسمي لتنفيذ أحكام الإعدام”، تمهيدًا لإلغائها نهائيًا من التشريعات السعودية، خصوصًا في ما يتعلق بالجرائم التي لا تنطوي على عنف جسيم أو تهديد لحياة الآخرين.

وأكدت المنظمات أن هناك نمطًا ممنهجًا من الانتهاكات خلال مختلف مراحل التقاضي في هذه القضايا، بدءًا من الاعتقال والاحتجاز، وصولًا إلى المحاكمة، حيث تُسجَّل خروقات لحقوق المتهمين في الدفاع والحصول على محاكمة عادلة.

وأعربت المنظمات عن “بالغ قلقها” إزاء ما وصفته بـ”الخطر الوشيك” الذي يهدد مئات السجناء في السعودية، المحكوم عليهم بالإعدام في قضايا تتعلق بالمخدرات، من بينهم عشرات المصريين، و الإثيوبيين، والصوماليين.

إخلاء سبيل 50 متهمًا في قضايا متنوعة

أخلت نيابة أمن الدولة العليا، في 2 يونيو 2025،  سبيل 50 شخصًا من المحبوسين احتياطيًا على ذمة 23 قضية مختلفة، من بينهم الصحفي أحمد سراج. وألقي القبض على سراج من محل عمله في يناير الماضي، وظهر في اليوم نفسه أمام نيابة أمن الدولة، بالتزامن مع استدعاء الأكاديمية والمترجمة  ندى مغيث، زوجة المترجم وفنان الكاريكاتير أشرف عمر، المحبوس منذ يوليو 2024 على ذمة القضية 1968 لسنة 2024. وذلك على خلفية إجراء سراج لقاءً صحفيًا مصورًا مع مغيث حول ملابسات القبض على زوجها وأوضاعه المعيشية في سجن العاشر من رمضان (6)، وهو ما اعتبرته النيابة أساسًا لاتهامه.

منظمات حقوقية تطالب بالإفراج عن المحامي إبراهيم متولي 

أعرب تحالف يضم 24 منظمة مصرية وأفريقية ودولية عن قلقها البالغ إزاء استمرار الحبس التعسفي للمحامي والناشط الحقوقي إبراهيم متولي، البالغ من العمر 61 عامًا، والذي تحتجزه السلطات المصرية منذ 10 سبتمبر 2017، دون محاكمة، على خلفية نشاطه في الدفاع عن ضحايا الاختفاء القسري، وبينهم ابنه المختفي منذ عام 2013.

وبحسب بيان مشترك صادر عن المنظمات، فقد أُحيل متولي مؤخرًا إلى المحاكمة في ثلاث قضايا منفصلة، تشترك جميعها في توجيه اتهامات تتعلق بالإرهاب، رغم أن خلفية احتجازه مرتبطة مباشرة بنشاطه الحقوقي، لا سيما تأسيسه لـ”رابطة أسر المختفين قسريًا” ومشاركته في توثيق الانتهاكات وفقا للبيان.

وطالبت المنظمات الموقعة بالإفراج الفوري عن إبراهيم متولي، ووقف كافة أشكال التنكيل به، والسماح له بتلقي العلاج الطبي المناسب خارج السجن، إلى جانب إجراء تحقيق نزيه وشفاف في ما تعرض له من تعذيب وانتهاكات منذ لحظة اعتقاله. كما دعت المنظمات الدولة المصرية إلى الوفاء بالتزاماتها الدولية في احترام حقوق الإنسان، وضمان حق المحامين والنشطاء الحقوقيين في ممارسة أعمالهم دون خوف من الانتقام أو الملاحقة.

الحكم الثاني على القيادي الطلابي معاذ الشرقاوي

قضت الدائرة الثانية إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولة العليا، المنعقدة في مجمع محاكم بدر، 24 يونيه، بالسجن المشدد عشر سنوات على القيادي الطلابي السابق بجامعة طنطا، معاذ الشرقاوي، ضمن حكم شمل 19 متهمًا آخرين في القضية رقم 13330 لسنة 2023 جنايات المرج. وقد تضمن الحكم السجن المؤبد لعدد من المتهمين، وإدراج الشرقاوي على قوائم الإرهاب، بالإضافة إلى إخضاعه للمراقبة الشرطية لمدة خمس سنوات عقب انقضاء مدة السجن.

وأدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي يتولى محاموها الدفاع عن الشرقاوي، الحكم ووصفته بأنه امتداد لسلسلة من “الملاحقات القضائية والتنكيل المتواصل” بحقه منذ عام 2018، مؤكدة أن هذا هو الحكم الثاني ضده بالسجن عشر سنوات، في حين تبدأ محاكمته في قضية ثالثة مشابهة (رقم 540 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا) يوم 5 يوليو المقبل.

ووفقًا لرواية المبادرة، تعود بداية معاناة الشرقاوي إلى أبريل 2018، حين ألقي القبض عليه أثناء عمله كمنظم رحلات سياحية على طريق شرم الشيخ، وتعرض للاختفاء القسري لمدة 25 يومًا، أفاد خلالها بتعرضه للتعذيب، قبل أن يُحال إلى التحقيق في القضية رقم 440 لسنة 2018.

واستمر احتجازه احتياطيًا حتى الإفراج عنه في 2020، قبل أن يُحال في أغسطس 2021 إلى محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ، التي أصدرت حكمًا غير قابل للطعن بسجنه عشر سنوات في القضية رقم 1059 لسنة 2021، لكن لم يُنفذ الحكم حينها لعدم التصديق عليه، وظل الشرقاوي طليقًا. وفي 11 مايو 2023، ألقت قوة أمنية القبض عليه مجددًا من منزله بمنطقة المقطم، واحتُجز في مكان غير معلوم لأكثر من ثلاثة أسابيع، حتى ظهر في 3 يونيو 2023 أمام نيابة أمن الدولة العليا، حيث باشرت التحقيق معه في القضية رقم 540 لسنة 2023 دون حضور محاميه أو تمكين الدفاع من الاطلاع على ملف القضية، بحسب المبادرة، التي اعتبرت ذلك خرقًا صارخًا لحق الدفاع ومخالفة صريحة لقواعد العدالة الجنائية.

وأكدت المبادرة، أن “معاذ ودفاعه فوجئوا بصدور أمر إحالته للمحاكمة في مايو 2025 على ذمة القضية الصادر بها حكم الأمس من دون أن يُحقّق معه فيها، حيث اعتبرته نيابة أمن الدولة هاربًا آنذاك رغم أنه محبوس في عهدة وزارة الداخلية منذ مايو 2023″، ورغم خطورة الاتهامات الموجهة إليه، اكتفت النيابة بنسخ أقواله الواردة في قضية أخرى تحمل رقم 540 لسنة 2023.

تجديد حبس عضو نقابة المهن السينمائية

قررت نيابة أمن الدولة العليا، الأحد 1 يونيو 2025، تجديد الحبس الاحتياطي للمخرج وعضو نقابة المهن السينمائية عبد الرحمن عادل صديق حسن القاصد، المعروف باسم عبد الرحمن الأنصاري، على ذمة القضية رقم 1282 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا، بتهم تتعلق بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية، وإذاعة أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”.

وكانت قوة أمنية ترتدي زيًا مدنيًا قد ألقت القبض على الأنصاري فجر يوم 7 مايو الماضي من أمام منزله، واقتادته إلى جهة غير معلومة، قبل أن يظهر في اليوم التالي أمام النيابة، التي قررت حبسه احتياطيًا، وتم نقله لاحقًا إلى سجن وادي النطرون. ويُعد هذا الحبس هو الثاني من نوعه بحق عبد الرحمن الأنصاري، إذ سبق احتجازه احتياطيًا في القضية رقم 441 لسنة 2018 لمدة تجاوزت 18 شهرًا، بالتهم نفسها تقريبًا.

منظمات حقوقية تدعو مصر إلى إنهاء القمع العابر للحدود 

أعربت منظمات حقوقية محلية ودولية عن بالغ قلقها إزاء استمرار حملة القمع العابر للحدود التي تستهدف الصحفيين المصريين في المنفى، وعلى رأسهم الصحفية الاستقصائية بسمة مصطفى، المقيمة حاليًا في ألمانيا.

وفي بيان مشترك، طالبت المنظمات الموقعة الحكومة المصرية بإنهاء فوري لهذه الحملة، والاستجابة للتقرير الصادر عن الأمم المتحدة، الذي يوثق نمطًا مقلقًا من الانتهاكات، والمضايقات، والمراقبة التي تتعرض لها بسمة مصطفى في عدد من البلدان، من بينها ألمانيا وسويسرا وكينيا ولبنان. كما حثت المنظمات السلطات الألمانية على اتخاذ خطوات ملموسة لضمان سلامتها، والوفاء بالتزاماتها الدولية تجاه حماية حرية التعبير وحقوق الإنسان، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بأشخاص مهددين بسبب عملهم الصحفي.

ورغم اضطرارها إلى مغادرة مصر واللجوء إلى المنفى طلبًا للأمان، لا تزال بسمة مصطفى تواجه تهديدات ومضايقات ممنهجة، ومراقبة، وعنفًا قائمًا على النوع الاجتماعي عبر الإنترنت، فقط بسبب ممارستها الصحافة الاستقصائية، وتسليط الضوء على الانتهاكات في مصر.

وكانت لويزه آمسبرغ، المفوضة السابقة لحقوق الإنسان في الحكومة الألمانية، قد أدانت علنًا هذه الانتهاكات، ودعت القاهرة إلى الرد على التقرير الأممي. إلا أن السلطات المصرية لم تصدر أي رد رسمي حتى الآن.

‎زيادة الحد الأدنى للأجور

‎أعلنت الحكومة المصرية خلال يونيو الماضي عن رفع الحد الأدنى للأجور للعاملين بالجهاز الإداري للدولة ليصل إلى 7,000 جنيه شهريًا بدءًا من يوليو المقبل، ضمن سلسلة إجراءات لتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين بعد موجة الغلاء الأخيرة. القرار الذي طال انتظاره، شمل أيضًا حزمة من الإعانات الاجتماعية المؤقتة، استمرت حتى نهاية يونيو، كمحاولة لاحتواء السخط الشعبي.

‎ورغم أهمية هذا القرار نظريًا، إلا أن تقارير حقوقية أظهرت استمرار الانتهاكات الواسعة في تطبيق الحد الأدنى للأجور خاصة في القطاع الخاص، مع غياب آليات المراقبة والعقوبات الرادعة بحق أصحاب العمل غير الملتزمين. وتشير دراسات صادرة عن منظمات دولية، مثل منظمة العمل الدولية، إلى أن العاملين في القطاعات غير الرسمية، وعددهم بالملايين، لا يستفيدون من أي حماية فعلية، بينما تتزايد الشكاوى من ضعف رواتب القطاع الخاص مقارنة بمعدلات التضخم.

مقترحات لإصلاح قانون الإيجار القديم

أصدرت ست منظمات حقوقية وبحثية، إلى جانب عدد من المحامين المعنيين بالحق في السكن، بيانًا مشتركًا يتضمن مجموعة من المقترحات التشريعية لإصلاح قانون الإيجار القديم، في أعقاب حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر 2024، والذي قضى بعدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية. وأكد المشاركون في المقترحات على أنها تستند إلى حوار واسع ومعرفة تراكمية بمجال السكن، فضلًا عن متابعة مشروع القانون المطروح حاليًا من الحكومة والمناقشات الجارية بشأنه داخل مجلس النواب، بما في ذلك آراء النواب، وممثلي الملاك، والمستأجرين، والخبراء.

وقد انطلقت الرؤية الإصلاحية المقترحة من أربع ركائز رئيسية:التعامل العادل مع العقود القائمة، مع مراعاة واقع العلاقة الإيجارية وظروف أطرافها، وضع زيادات تدريجية للقيم الإيجارية، تُقرّ بقانون، تكون عادلة وليست مرتبطة بمعدلات السوق الحالية، مع تحديد فترة انتقالية مناسب، توفير دعم نقدي مباشر للفئات المستأجرة الأكثر احتياجًا، بما يضمن عدم طرد أي أسرة من مسكنها لأسباب اقتصادية، إصلاح شامل لمنظومة الإيجار في مصر، القديم والجديد على حد سواء، بما يعالج اختلالات السوق ويعزز العدالة الاجتماعية.

وأكدت المنظمات الموقّعة أن أي تعديل تشريعي يجب أن يتسق مع المواد الدستورية التي تضمن الحق في السكن الآمن والملائم، وتكفل الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، إلى جانب احترام المبادئ القانونية المستقرة بشأن العقود والملكية.

 

نوصي للقراءة: هل يواجه 6 ملايين مواطن خطر الإخلاء؟ الوجه الآخر لتعديلات قانون الإيجار القديم

مشروع بديل لمشروع الحكومة لقانون الإيجارات القديمة

كشف النائب فريدي البياضي، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، عن تقدمه بمشروع قانون متكامل وبديل لمشروع قانون الحكومة لقانون الإيجارات القديمة، يعالج الخلل في مشروع الحكومة ويحقق العدالة الحقيقية للطرفين، موضحًا أن مشروعه البديل قائم على ثلاث مبادئ أساسية، هي: تحرير تدريجي للعلاقة الإيجارية خلال سبع سنوات للوصول إلى القيمة السوقية العادلة، ألا يتحمل المواطن أكثر من ثلث دخله في الإيجار، على أن تتحمل الدولة الفارق من خلال صندوق الإسكان الاجتماعي أو الضرائب العقارية، ومنع الإخلاء القسري في حالة وجود الساكن.

كما أوضح أن أبرز ملامح التعديلات المقترحة، هي: إلغاء الإخلاء التلقائي بعد ٥ أو ٧ سنوات، واستبداله بزيادة تدريجية في الإيجار تقيمها لجان محايدة على مدار ٧ سنوات، وتُراجع كل سنتين وفقًا للتضخم، واستبدال التقسيم العام للمناطق بتقييم دقيق لكل وحدة إيجارية عن طريق لجان حصر محلية، تأخذ في الاعتبار عوامل مثل: موقع العقار، حالة المبنى، نوع الاستخدام، الطلب الفعلي، الخدمات والمرافق، الأسعار السوقية، وشمول الوحدات غير السكنية بنفس قواعد التدرّج، مع مراعاة طبيعة الأنشطة التجارية والمهنية، وتنظيم أسباب الإخلاء بحيث تقتصر على غلق الوحدة أكثر من سنة بدون مبرر، امتلاك المستأجر وحدة بديلة مناسبة، الامتناع عن السداد، التعدي أو إتلاف العقار، التأجير من الباطن، تغيير النشاط؛ وذلك مع ضمان حق المستأجر في الطعن أمام القضاء ووقف تنفيذ قرار الإخلاء مؤقتًا لحين الفصل القضائي النهائي في حال وجود عذر معتبر، ومشاركة مؤقتة من المستأجر في الصيانة الجوهرية خلال المرحلة الانتقالية، بنسبة تبدأ بـ80٪ وتنخفض تدريجيًا حتى تنتهي في نهاية السنة السابعة، على أن يتم دعم المستأجر محدود الدخل بإحدى طريقتين: إما دعم نقدي شهري يغطي الفرق بين ثلث الدخل والقيمة السوقية أو توفير وحدة بديلة إيجار أو تمليك مناسبة بنفس المستوى الاجتماعي، بشرط استلامها فعليًا قبل تنفيذ الإخلاء.

يقول البياضي لـ”زاوية ثالثة”: “الحل يجب ألا يأتي على حساب المواطن، ولا على حساب المالك”، ومشروعي البديل يجعل الدولة شريكًا فاعلًا، وليس مجرد مراقب، و لتحقيق التوازن وتطبيق نص المادة 78 من الدستور التي تكفل الحق في السكن الملائم والآمن، والهدف ليس تعطيل الإصلاح، بل إنجازه دون تشريد أو قرارات مرتجلة، فالحل يجب أن يكون تدريجيًا، واقعيًا، ويضمن مشاركة جميع الأطراف: المواطن، والمالك، والدولة، والقانون العادل هو الذي يحترم كرامة الناس، ويصون حقوق الملكية، ويقدّم حلاً حقيقيًا بعيدًا عن الفوضى والصدمات، وأنا أرفض مشروع القانون الحكومي بشأن الإيجارات القديمة، لأنه غير عادل، ويأتي في ظل أزمة اقتصادية خانقة، يعاني فيها المواطنون من ضغوط معيشية غير مسبوقة، وهو مبني على بيانات قديمة تعود إلى عام 2017”.

ويُبيّن النائب أن رفضه لمشروع القانون الحكومي يستند إلى أربعة أسباب رئيسية: التوقيت غير المناسب تمامًا، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة لا تحتمل أي أعباء إضافية، الاعتماد على بيانات وإحصاءات مضى عليها أكثر من ٨ سنوات دون تحديث، وهو ما يُفقد القانون صلته بالواقع، تضمّن القانون لنصوص تؤدي إلى الإخلاء القسري للمستأجرين بعد مدة محددة، عدم تحقيق فائدة حقيقية للملاك، بسبب غياب آلية عادلة واضحة لوصول القيمة الإيجارية إلى مستواها السوقي تدريجيًا، معتبرًا تقسيم مصر كلها إلى 3 فئات إيجارية فقط (متميزة – متوسطة – اقتصادية) هو أمر غير منطقي ، ويتجاهل الفروقات الضخمة بين الأحياء والشوارع والعقارات”.

خروقات جسيمة في مستشفى الخانكة للصحة النفسية

تواجه مستشفى الخانكة للصحة النفسية وعلاج الإدمان اتهامات متصاعدة بوجود مخالفات مالية وإدارية، طالت مديرها ونائبه، على خلفية وقائع تضمنت اعتداءات جسدية على مرضى نفسيين، وانتحال صفة طبيب من قبل أحد الأفراد، وتحرير تقارير طبية وعلاجية دون مؤهلات قانونية أو طبية معتمدة، في مخالفة واضحة لقانون رعاية المريض النفسي. وقد دفعت هذه الوقائع أمانة الصحة النفسية بوزارة الصحة إلى إقالة نائب مدير المستشفى، الدكتور بدر عباس، في 9 أبريل، بعد أقل من شهرين على توليه المنصب.

وبحسب ما نشرته صحف محلية، وُجهت إلى د. بدر عباس، نائب المدير المُقال، تهمة التعدي بالضرب على المريض “ف. هـ”، المصاب بالفصام ويعاني من نسبة تأخر عقلي، والمسجل برقم 8013، وذلك عقب محاولته مغادرة المستشفى دون إدراك خلال فترة الزيارات في مارس الماضي. ورغم جسامة الواقعة، لم يُحِل مدير المستشفى الحادثة إلى التحقيق الإداري.

وفي واقعة منفصلة، قدّم نائب المدير نفسه شابًا يُدعى محمد بكر إلى الفرق الطبية بالمستشفى باعتباره أخصائي طب نفسي نُقل حديثًا للعمل بها، وطلب منه مناظرة المريضة “ح. أ. ح” المقيدة برقم 16487، والتي كانت قد تعرضت لحالة من التهيج في 16 مارس، خلال جولة داخلية رافق فيها وكيل وزارة الصحة بالقليوبية. لاحقًا، أثار محتوى التقييم الطبي الذي دونه الشاب في ملف المريضة شكوك الأطباء، خاصة بعد مناقشاتهم له في استراحة الأطباء، ما دفعهم إلى طلب فحص هويته من الأمن، ليكتشفوا أنه مجرد طالب، من مواليد يناير 1996، وانتحل صفة طبيب.

وفي 16 أبريل، أعلن المجلس القومي للصحة النفسية عن تشكيل لجنة من شؤون المرضى توجهت إلى مستشفى الخانكة للتحقيق في هذه الوقائع. إلا أن الاكتفاء بإجراء تحقيق داخلي وعزل نائب المدير، دون إحالة الملف إلى النيابة العامة، أثار انتقادات من بعض المؤسسات الطبية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالصحة النفسية، التي اعتبرت ذلك إخلالًا بمبدأ المحاسبة وتفريطًا في حقوق المرضى.

في سياق متصل، استدعت الأمانة العامة للصحة النفسية في مايو الماضي، مدير المستشفى د. مصطفى خليل الشريف، الذي كان قد تولى منصبه في فبراير الماضي، للتحقيق معه. ونسبت مواقع صحفية محلية الاستدعاء إلى شكاوى تتعلق بسوء الإدارة، واتهامات بتعاطيه مواد مخدرة، فضلًا عن توقيعه في دفاتر الحضور والانصراف بدلًا من زوجته، التي تعمل أيضًا في المستشفى وتغيبت عن العمل.

وبعد أقل من شهر على هذه التطورات، أعلنت الإدارة المركزية للأمانة العامة للصحة النفسية، في 8 مايو الجاري، استقالة الأمين العام، أ.د. منن عبد المقصود، من منصبها الذي شغلته منذ 17 أكتوبر 2017. وأكدت الإدارة أن عبد المقصود كانت إحدى ركائز تطوير برامج الصحة النفسية وعلاج الإدمان، وساهمت في تعزيز الشراكات المؤسسية ودعم البحث العلمي وبناء قدرات الكوادر العاملة.

وفي 9 مايو، أعلنت الأمانة تعيين د. وسام أبو الفتوح رئيسًا للإدارة المركزية للصحة النفسية وعلاج الإدمان. وتشير المعلومات الواردة على الموقع الرسمي للأمانة إلى أن وسام محمد أبو الفتوح إبراهيم، طبيبة أخصائية، تشغل عضوية إدارة علاج الإدمان ومصالح المرضى، وتشرف على فريق الدعم النفسي والخط الساخن للاستشارات. كما تولت منصب رئيس قسم الإدمان بمستشفى الصحة النفسية ببنها بين عامي 2013 و2018، ورئاسة لجنة حقوق المرضى بالفترة من 2011 إلى 2018.

وكانت مستشفى الخانكة قد شهدت، في 10 فبراير الماضي، واقعة هروب مريض نفسي خلال الفترة بين 11 صباحًا والواحدة ظهرًا، مستغلًا انقطاع التيار الكهربائي. وقد دخل المستشفى في 13 يناير لتشخيص إصابته بالفصام مع نسبة تخلف عقلي، بحسب ما نقلته وسائل إعلام عن مصادر بأمانة الصحة النفسية.

 

للإطلاع على تقرير نشرته زاوية ثالثة بعنوان: مستشفى الخانكة: ضرب مرضى، أطباء مزيفون، وفساد إداري

هشاشة أوضاع عاملات الزراعة في مصر

شهدت محافظة المنوفية، في صباح 27 مايو، حادث مأساوي، أعادت تسليط الضوء على واقع العمل الهش للعاملات الزراعيات في مصر، بعد مصرع 18 فتاة وإصابة أخريات في حادث مروع أثناء توجههن للعمل في مزارع العنب بمدينة السادات. وبينما اكتفى الخطاب الرسمي بالتعازي والإعلان عن صرف تعويضات مالية لأسر الضحايا، حمّلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية السلطات المسؤولية عن الإهمال القانوني والهيكلي الذي يهدد أرواح آلاف العاملات، محذرة من استمرار تجاهل حقوق النساء في بيئة العمل الآمنة.

بحسب شهادات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي وتقارير صحفية، كانت الضحايا – ومعظمهن بين سن 14 و20 عامًا – يعملن بنظام اليومية، مقابل أجر لا يتجاوز 130 جنيهًا، أي أقل من الحد الأدنى للأجور الرسمي عند احتساب العمل بالساعة. استقلّت الفتيات حافلة ميكروباص متهالكة تحمل 22 شخصًا، رغم أن طاقتها القانونية لا تتجاوز 15 راكبًا، في رحلة يومية شاقة من قريتهن “السندبيسة” التابعة لمركز أشمون، إلى مدينة السادات، لمسافة تقارب 60 كيلومترًا، قبل أن تدهسهن شاحنة نقل ثقيل على الطريق الإقليمي.

النائبة بالبرلمان عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، سناء السعيد، وصفت حادث المنوفية المروع الذي أودى بحياة 18 فتاة عاملة، بأنه “كارثة بكل المقاييس” و”جريمة مكتملة الأركان”، محمّلة الحكومة المصرية المسؤولية الكاملة عن وقوعه. وفي تصريحات خاصة لـ “زاوية ثالثة”، تقدمت النائبة بخالص العزاء لأسر الشهداء، داعية لهن بالرحمة والمغفرة، مؤكدة أن هذه الفاجعة تكشف عن أزمات متراكمة تتجاوز مجرد حادث مروري.

وتوضح سناء أن الكارثة وقعت على طريق يُعرف بين الأهالي بـ “طريق الموت” لكثرة الحوادث المتكررة عليه، متسائلة: “كيف يغض المحافظ والمسؤولون الطرف عن طريق كهذا؟”. واعتبرت أن صمت السلطات وتقاعسها عن تطوير هذا الطريق وغيره من الطرق المتهالكة هو “إهمال متعمد”، مضيفة: “هل ننتظر وقوع الكارثة لنتحرك؟”، فيما تنتقد النائبة تجاهل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للحادث، قائلة: “نتحدث عن 18 عروسًا في عمر الزهور، كنّ يعملن لإعالة أسرهن أو لتغطية نفقات دراستهن في ظل ظروف اقتصادية صعبة للغاية”.

وتشير إلى أن هؤلاء الفتيات يمثلن شريحة واسعة من “العمالة غير المنتظمة” التي تعمل في ظروف قاسية بلا أي حماية قانونية أو اجتماعية. وقالت: “إنهن يعملن في الحقول والمصانع بلا تأمين، بلا عقود موثقة، وبلا أي شيء يحميهن، مقابل أجر زهيد (130 جنيهًا)، وهو ما يجعل منهن عمالة سخرة. هذه ظاهرة خطيرة يجب على الدولة مواجهتها”.

وربطت السعيد بين إهمال البنية التحتية في المحافظات والإنفاق الضخم على المشروعات الكبرى، قائلة: “في الوقت الذي تنفق فيه الدولة المليارات وتقترض من أجل مدن جديدة كالعاصمة الإدارية والعلمين، نرى دماء أبنائنا تراق على طرق متهالكة. هذه ليست سوى نتيجة طبيعية لإهمال متعمد من الحكومة”، وتعتبر السعيد الحادث “جريمة مكتملة الأركان” لها أبعاد اجتماعية وسياسية خطيرة، مطالبة الدولة بالقيام بدورها في حماية مواطنيها وتوفير حياة كريمة لهم، بدلاً من تركهم فريسة للفقر والإهمال.

من جهتها أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بيانًا أعربت فيه عن “بالغ حزنها وتعازيها لأسر الضحايا”، مؤكدة تضامنها الكامل مع أسر الفتيات ومع العاملات الزراعيات في مختلف أنحاء مصر، لكنها حذّرت من الاكتفاء بالتعاطف الرسمي دون معالجة الأسباب البنيوية وراء الحادث، وقالت المبادرة: “تأتي هذه الفاجعة بعد أسابيع قليلة من تصديق رئيس الجمهورية على قانون العمل الموحد الجديد، الذي يضم لأول مرة العاملات والعاملين في الزراعة ضمن مظلة الحماية القانونية، ولكن بلا أي إجراءات أو آليات حقيقية للحماية.”

وأضاف البيان أن هذا التعديل القانوني جاء بعد مطالبات متكررة من منظمات المجتمع المدني وخبراء حقوق العمال والمنظمات النسوية والجهات الأممية، لمد الحماية القانونية إلى جميع أشكال العمل، “وإن كانت العاملات المنزليات لا يزلن مستثنيات”، لكنه ظل، وفق وصف المبادرة، خطوة “شكلية” بلا ضمانات تتماشى مع ظروف عمل العاملات الزراعيات.

وفي بيان له نعى المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ضحايا الحادث مؤكدًا أن هذا الحادث المأساوي ليكشف واقعًا قاسيًا تعيشه ملايين العاملات والعمال من الفئات غير المنتظمة، ممن يُجبرون يوميًا على التنقل بوسائل نقل غير آمنة تفتقر لأدنى مقومات السلامة.

‎وأكد المركز أن الكارثة ليست مجرد حادث عابر، بل نتيجة مباشرة للإهمال المؤسسي وغياب الرقابة والمعايير الآمنة على الطرق، مشيرًا إلى أن الطريق الإقليمي الذي كان يفترض أن يسهم في تعزيز السلامة، تحول إلى مصدر خطر دائم، وقد سبق أن شهد العديد من الحوادث المماثلة دون أي تدخل حقيقي من الجهات المعنية.

‎كما استعرض البيان سلسلة من الحوادث التي راح ضحيتها عمال وعاملات، كان أبرزها حوادث في المنيا والسادات وأبو غالب، والتي تظهر نمطًا متكررًا من الإهمال تجاه سلامة الفئات الأكثر هشاشة.

‎وانتقد المركز غياب استجابة فعالة من الجهات المسؤولة، مؤكدًا أن التعويضات الرمزية لا توازي حجم الفقد والمعاناة. كما حمّل وزارة النقل والجهات المعنية المسؤولية عن استمرار هذه الكوارث، مطالبًا بتوفير وسائل نقل آمنة وتحقيق الحد الأدنى من معايير الصحة والسلامة المهنية.

‎وشدد البيان على أن العمالة غير المنتظمة – التي تمثل شريحة واسعة من سوق العمل – لا تزال تعاني من انعدام الحماية الاجتماعية والأمن الوظيفي، ما يجعلها عرضة للمخاطر والانتهاكات بشكل دائم.

وتعليقًا على الحادث أكدت مؤسسة “تدوين”، في بيان لها، أن هذه الحادثة المؤلمة لم تكن الأولى، بل هي حلقة في سلسلة طويلة من استغلال الاطفال والتجاهل المجتمعي؛ فخلال السنوات الأخيرة، تكررت حوادث مماثلة بشكل مخيف، وكلها ترتبط بشيء واحد: عمالة الأطفال؛ ففي 21 مايو 2024، خرجت 17 طفلة  تتراوح أعمارهن بين 12 و16 عامًا  من قريتهن في الجيزة فجرًا، متوجهات إلى مزرعة  لجمع الفاكهة وسيلة النقل كانت ميكروباص قديم يعبر بهن نهر النيل عبر معدية أبو غالب المتهالكة، التي تفتقد لأدنى شروط الأمان انهارت المعدية، وسقط الميكروباص في مياه النيل وغرقت أغلب الفتيات في دقائق، وتحول طريق العمل إلى مأساة جماعية.

 وفي بداية عام 2022، كان أطفال إحدى القرى في منشأة القناطر يعملون في مزرعة دواجن، في وردية تبدأ قبل الفجر وتنتهي عند غروب الشمس العائد المادي لا يتجاوز 50 إلى 70 جنيهًا يوميًا، ولا توجد أي وسيلة نقل آمنة توفرها جهة العمل، في يوم الحادث، كانوا يستقلون سيارة نصف نقل لعبور معدية القطا فوق نهر النيل، لكنها فقدت توازنها وسقطت في المياه 23 طفلًا كانوا داخل السيارة وغرق معظمهم، وفي أحد أيام رمضان 2022، كان مجموعة من الأطفال يعملون في محطة بطاطس في البحيرة، في وردية مسائية شاقة أعمارهم كانت بين 10 و15 سنة، كانوا مضطرين للعمل ليلًا  ليلحقوا بالسحور” وينتهي الدوام مع بزوغ الفجر أثناء عودتهم، قاموا باستقلال «تروسيكل» لعبور ترعة كبيرة  لينقلهم إلى منازلهم بمركز إيتاي البارود، والذي يبعد عن مقر عملهم بحوالي 5 كيلومترات لكنه انقلب بهم 8 أطفال غرقوا في الحادث.

واستشهد البيان بنتائج المسح الصحي للأسرة المصرية لعام 2021، والذي أظهر أن هناك ما لا يقل عن 900 ألف طفل/ة يعملون في مصر، نصفهم تقريبًا في ظروف عمل خطرة تشمل الزراعة، المصانع، الورش، والنقل، مبينًا أنه رغم القوانين التي تمنع تشغيل الأطفال، والقيود المفروضة على الأعمال الخطرة لمن هم دون 18، لا تزال الانتهاكات تحدث يوميًا وأحيانًا على مرأى ومسمع من الجميع.

 

نوصي للقراء: “الحصاد القاتل” أطفال العمالة الزراعية في مصر ضحايا سماسرة الأنفار والتشريعات

مصر تتراجع في مؤشر الفجوة بين الجنسين

تراجعت مصر مجددًا في تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2025، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي صنّف مصر في المرتبة 139 من أصل 148 دولة شملها التقرير. 

من جهتها أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن قلقها البالغ من التراجع المستمر لمصر في تقرير الفجوة العالمية. ورأت المبادرة أن هذا التراجع يأتي للمرة الثانية على التوالي بعد أن كانت مصر قد تراجعت العام الماضي إلى المركز 135 من بين 146 دولة، ما يعني تواصل التدهور في المؤشرات المرتبطة بالمساواة بين النساء والرجال، وعلى رأسها التمكين السياسي، والمشاركة الاقتصادية، والتحصيل التعليمي، والصحة والبقاء على قيد الحياة.

وأكدت المبادرة المصرية أن هذا التراجع لا يجب النظر إليه كمجرد تصنيف رقمي، بل كمؤشر إنذاري على فشل الدولة في تبني سياسات فاعلة ومنصفة لتمكين النساء وضمان حقوقهن في كافة المجالات، لا سيما في ظل تفاقم مظاهر العنف والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، واستمرار ضعف تمثيل النساء في مواقع صنع القرار، وتردي أوضاع العاملات، وتدهور الحقوق الإنجابية والصحية.

وتدعو المبادرة السلطات المصرية إلى إعادة النظر في السياسات الحكومية المتعلقة بالعدالة الجندرية، وضمان مشاركة حقيقية للنساء في جميع مناحي الحياة العامة، بما يتسق مع الالتزامات الدستورية والدولية لمصر.

دعاوى النساء.. العدالة الناجزة والجندرية

أصدرت مؤسسة المرأة الجديدة ورقة بحثية بعنوان “دعاوى النساء بين العدالة الناجزة والعدالة الجندرية”، تستعرض فيها أثر استراتيجية “العدالة الناجزة” التي تتبناها وزارة العدل المصرية على أوضاع النساء داخل منظومة التقاضي، انطلاقًا من تجارب مكاتب المساندة القانونية، وفي سياق حملة “عدالة الإبلاغ”.

تنتقد الورقة ما وصفته بغياب الاستجابة الجادة للنساء من جانب جهات إنفاذ القانون والهيئات القضائية منذ لحظة الإبلاغ، رغم التزام الناجيات بالمسار الرسمي. وفي ظل هذا الغياب، تلجأ كثيرات إلى الفضاء الرقمي كوسيلة ضغط بديلة عن مؤسسات الدولة، ما تعتبره المؤسسة مؤشرًا خطيرًا على تراجع فعالية منظومة العدالة.

وتشير الورقة إلى أن الخطاب الرسمي حول العدالة الناجزة يركّز على تسريع الإجراءات والفصل في القضايا، متجاهلًا العوائق البنيوية التي تحول دون وصول النساء إلى العدالة، مثل غياب البيئة الآمنة، والتكاليف المتزايدة بسبب الرقمنة، وافتقار الخدمات إلى الحساسية الجندرية، في وقت تتصاعد فيه التحديات القانونية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه النساء في مصر.

وتوضح المؤسسة أن ما يُروّج له باعتباره تطويرًا في المحاكم أو رقمنة للخدمات، لا ينعكس إيجابًا على فرص النساء في الوصول إلى حقوقهن، بل قد يزيد من تهميش الفئات الضعيفة، خصوصًا في قضايا العنف الجنسي والأسري ودعاوى الأحوال الشخصية.

وتدعو الورقة إلى إعادة تعريف العدالة الناجزة بما يضمن استجابة فورية وفعالة منذ لحظة الإبلاغ، وتحميل الدولة مسؤولية بناء منظومة قانونية ومؤسسية أكثر عدالة. وتشدد على ضرورة إشراك النساء في صياغة السياسات التشريعية والرقابة على تنفيذها، بما يضمن عدالة شاملة لا تكرّس الإقصاء.

المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه “كل من علم بوقوع جريمة فيجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب بأن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها”، وتنص المادة 26 على إلزام الموظفين العموميين بالإبلاغ فورًا حال علمهم بوقوع جريمة أثناء أداء عملهم، إلا أن منظمات المجتمع المدني المعنية بدعم النساء قانونيًا تصطدم بعقبات تعرقل الإبلاغ عن وقائع العنف، إذ ترفض أقسام الشرطة غالبًا تلقي البلاغات إلا من صاحبة الشأن مباشرة، وتشترط حضورها ومثولها شخصيًا أمام القسم أو النيابة، بينما تُعامل البلاغات الإلكترونية والهاتفية كمجرد “محاضر إثبات حالة” لا يترتب عليها تحقيق أو إجراءات قضائية، حتى في الحالات التي تتعلق بالعنف المنزلي أو احتجاز الناجية أو كونها قاصرًا. كما تحفظ النيابة أحيانًا البلاغ إذا لم تحضر الناجية أو ترددت في الإدلاء بأقوالها، حتى لو وُجدت دلائل أولية، مما يخلق مأزقًا حين تمنع الظروف الضحية من الإبلاغ بسبب الخوف أو الإكراه.

تعتبر مؤسسة المرأة الجديدة أن واقعة “سمية عبيد” المعروفة إعلاميًا بـ”فتاة المول” تجسّد ثغرات منظومة العدالة، إذ تقدمت ببلاغ ضد متحرش اعتدى عليها، فتم حبسه، لكنه عاد بعد خروجه وهاجمها بسلاح أبيض مسببًا إصابات خطيرة. وتوضح المؤسسة أن هذه الحادثة ليست استثناءً، بل مثال على تكرار التهديد والانتقام رغم صدور الأحكام، في ظل غياب منظومة حماية فعالة ودعم مؤسسي كافٍ، واستمرار عبء الإثبات على النساء وسط ثقافة لوم الضحية.

وتؤكد المؤسسة أن العام الماضي شهد حوادث مشابهة، أُهملت فيها بلاغات نساء أو تم حفظها دون ملاحقة المتهمين، مما أدى إلى ملاحقتهن وتهديدهن، بل والاعتداء عليهن وقتلهن أحيانًا. هذا ما يدفع العديد من النساء إلى اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للضغط على السلطات، ما اعتبرته المؤسسة مؤشرًا على خلل عميق في نظام العدالة، الذي يعاقب النساء بالتجاهل حين يبلغن عن العنف.

وتشير حملة “عدالة الإبلاغ” التي أطلقتها المؤسسة إلى أن الإبلاغ يجب ألا يُفهم فقط كإجراء قانوني، بل كفعل مقاومة يتطلب دعمًا نفسيًا واجتماعيًا ومؤسسيًا. وترى أن تباطؤ المؤسسات في الاستجابة يرسّخ دائرة العنف بدلًا من كسرها، وتدعو إلى تبنّي منظومة شاملة تُعلي من شأن الحماية منذ لحظة الإبلاغ، لا الاكتفاء بتسريع الإجراءات في إطار عدالة شكلية.

من ناحيتها توضح نيفين عبيد، المديرة التنفيذية لمؤسسة المرأة الجديدة، أن المؤسسة بدأت حملة “عدالة الإبلاغ” بعد شكوى الصحفي مصطفى الأعصر، الذي دافع عن شقيقته من شاب كان يتربص بها في محافظة الفيوم، وطلب الإغاثة، وقد حظيت هذه الحالة بانتشار واسع جدًا، وعلى إثر ذلك، تحركت الجهات الرسمية مثل المجلس القومي للمرأة والنيابة العامة، لافتة إلى أن هذه الواقعة لم تكن جديدة أو الأولى من نوعها، بل جاءت في سياق العديد من الحالات التي تلجأ إلى المنصات الاجتماعية أو وسائل التواصل الاجتماعي لسرد قصص التهديد والخطر التي يتعرضن لها، سواء بالابتزاز أو الملاحقات، وكأنهن مشروع لحالة أخرى على غرار قضية نيرة أشرف وغيرها، حيث يحاول بعض الشباب فرض علاقاتهم عليهن.

تقول لـ”زاوية ثالثة”: “عندما تزايدت وتيرة الحالات التي تلجأ إلى المنصات الاجتماعية دون سلوك المسار القانوني وتقديم بلاغ رسمي، بدأنا في الحديث عن “عدالة الإبلاغ”، لأنه ليس من العدل أن يقتصر تحرك الجهات الرسمية فقط على الحالات التي يمتلك أصحابها القدرة على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي بفاعلية لإيصال أصواتهم. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن جدًا وجود حالات كثيرة أخرى كُتب عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكنها لم تحظَ بالانتشار الكافي (التريند)، وبالتالي لم تتحرك أجهزة الدولة القانونية للتعامل معها. وهناك نقطة ثالثة مهمة، وهي أنه ليس لدى جميع الفتيات الاستعداد لسرد تجاربهن المؤلمة المتعلقة بالعنف علنًا، لذلك، قمنا بكتابة بيان الحملة وأتحناه للتوقيع من قبل المنظمات والمبادرات وغيرها، ليدعموا معنا فكرة عدالة الإبلاغ”. 

وتضيف: “إن الاهتمام بهذه القضية هو في الأساس اهتمام أصيل منّا بفكرة القانون الموحد لمناهضة العنف ضد المرأة، ويأتي في إطار تراكم جهود مؤسسة المرأة الجديدة في العمل على هذا القانون،

وجاءت ورقة “العدالة الناجزة” في إطار متابعة الحالات التي يتلقاها مكتب المساندة القانونية لدينا، انطلقت هذه الورقة من واقع تجربتنا في تقديم خدمات الدعم القانوني والاستشارات القانونية والإحالات للدعم النفسي والتقني في حالات الابتزاز الإلكتروني، ومن خلال تجربة مكاتب المساندة التي نقدمها والخدمات التي نوفرها، سواء كانت دعمًا قانونيًا أو استشارات قانونية، صدرت ورقة “العدالة الناجزة” التي تتناول معوقات الوصول إلى العدالة ومسار التقاضي في حالات العنف ضد المرأة”.

وتشير المديرة التنفيذية للمؤسسة إلى رصد عدد كبير من إشكاليات الخدمات المُميكنة، وإشكاليات أخرى تتعلق بارتفاع تكلفة الرسوم وأوراق التقاضي المطلوبة وتجهيز ملفات الحالات، وهو ما يعيق الوصول إلى مسارات التقاضي، بجانب رصد إشكاليات مثل: الميكنة الرقمية، وإشكالية تعامل المحامين مع الوصول إلى الخدمات الرقمية التي كانت تقدمها وزارة العدل، ومتابعة استراتيجية “العدالة الناجزة” التي أعلنت عنها وزارة العدل، وكل ما يتعلق بالقراءة النقدية للخدمات التي تقدمها الدولة أو مرفق العدالة، في إطار تمكين المحامين تحديدًا من الوصول إلى العدالة وتحقيقها للحالات التي يمثلونها، لافتة إلى أن المؤسسة بدأت في إطار حملة “عدالة الإبلاغ” في رصد كتابات حول الموضوع، ووصلتها عدة مقالات.

Search