أحمد دومة عن ديوانه “كيرلي”.. كتبته في السجن فرارًا من الهزيمة أو الانفجار

قررنا مع الفريق القانوني برئاسة المحامي خالد علي، التوجه للقضاء من أجل وقف ما يحدث من هجمات تحريضية ضدي، ومن أجل محاولة منع الضرر المضاعف قبل أن يحدث، وإن كان قد حدث ضرر بالفعل بعد أن مُنِع الديوان للمرة الثانية من النشر والتوزيع، كما ألغي حفل التوقيع منذ أيام قليلة.
Picture of رباب عزام

رباب عزام

تصوير: زاوية ثالثة
الشاعر أحمد دومة، عرف كناشط سياسي وأدين في قضية عرفت إعلاميًا بأحداث مجلس الوزراء، التي بدأت أحداثها في ديسمبر من العام 2011، إذ أعلن عدد من النشطاء السياسيين وشباب الثورة الاعتصام أمام مبنى مجلس الوزراء، وتحول الاعتصام إلى أحداث عنيفة، وفي أثناء ذلك حدثت العديد من المشادات والاشتباكات، على إثرها بدأت القضية التي أدرج “دومة” من بين المتهمين فيها.
استمرت السلطة في معاقبة “دومة” ولم تنجح محاولات عديدة لإخراجه، إلا أنه وجد في الأدب وخاصة الشعر ملاذه الأخير، للبقاء على قيد الحياة، يستجمع ما تبقى من قوته، ويكتب مرارًا عن مشاعر وتجارب لاحقته وعدد من زملائه بين أسوار السجن.
كان ديوان “كيرلي” أحد الدواوين الثلاثة التي استطاع “دومة” أن يهربها خارج أسوار السجن خلال العشر سنوات السابقة، لتخرج إلى النور، ويعلن عن إصدارها، لكنه تفاجئ بعد خروجه وإعلانه عن حفل توقيع للديوان ونشره، بحملة مكثفة للنيل منه، وتكفيره، ما يضعه تحت طائلة قوانين التجديف وازدراء الأديان، التي تلاحق المفكرين والمبدعين دومًا.
زاوية ثالثة قابلت “دومة” وحاورته حول أدب السجون، وكيف كان وسيلة إنقاذه، وكواليس ما حدث من منع ديوانه الأخير..

إلى نص الحوار…

– بداية، هل من الممكن أن تخبرنا عن كواليس إلغاء حفل توقيع ومناقشة ديوان الشِعر “كيرلي”؟
أولاً، أنا سعيد بحواري إلى صفحات زاوية ثالثة، وأقدر للغاية وجود نافذة مثل زاوية ثالثة في وقت نعلم جميعًا ما تواجهه الصحافة من مطاردة وحجب.
بالنسبة لديوان “كيرلي” هو عمل أدبي ليس لديه جمهور عريض كعادة الشعر في بلادنا، وقد كتب وهُرّب ونشر وأنا في المعتقل؛ لذا ليس للديوان جمهور واسع، كما أن دائرة معرفة الديوان شديدة المحدودية.
وقد صُودِر في لحظة صدوره الأولى مع أول عرض للديوان في عام 2021، في معرض الكتاب الدولي بالقاهرة، حسب ما نشرته دار النشر، فقد توجهت قوة أمنية، ومنعت المسؤولين عن عرض الديوان سواء في المكتبات التابعة لهم، أو في معرض الكتاب أو توزيعه، ومنذ ذلك الحين لم يسمح بمناقشة الديوان أو نشره أو نقده.
ما يحدث جريمة، لأن الديوان مستوفي شروط النشر الرسمية، وحصل على رقم الإيداع في دار الكتب الحكومية؛ لكن رغم ذلك فقد صُودِر ومُنع من النشر تحت ذريعة أن كاتب الديوان معتقل وقتئذٍ.
وبعد خروجي من السجن، حاولنا إعادة نشر الديوان بنفس رقم الإيداع، وقد أبطلت مبرراتهم بخروجي، لكن هذه المرة الأدوات الأولى أثبتت فشلها، إذ إننا طبعنا الديوان ثانية وهناك تفاعل ورغبة في الاطلاع عليه واقتناؤه من قبل كثير من القراء؛ وقد حاولوا استخدام أدوات أخرى دنيئة وخطيرة جدًا على الدولة والوطن، ليخرجوا بسلاح التكفير ضدي. وأقول لهم: “في كل مرة تستخدمون سلاح التكفير ينفجر في المجتمع وفي السلطة، ولا تستطيعون السيطرة عليه”.
– هل ظروف السجن والاعتقال القاسية رجحت كفة الشاعر عن السياسي؟
أنا حريص الآن على أن أمنح الشعر والأدب حجمه، وأجنب قليلًا الجانب السياسي ومشاكله المتكررة طوال حياتي؛ لذا سأركز على الحديث عن الشعر والأدب أكثر من السياسة.
وبالنسبة للتساؤل، فقد ألهمتني تجربة الاعتقال طويلة الأمد لكتابة الكثير من الأشعار والقصص، وديوان “كيرلي” هو الثالث لي من حيث النشر، بعد ديوانيّ (صوتك طالع، يشبه الهتاف.. يشبه الأنين)، كما أن الديوان هو السابع أو الثامن من حيث الإنتاج غير المنشور، وحاليًا أبحث عن ناشر يتبنى باقي إنتاجاتي، دون أن يهدد أو يمنع عن النشر، لكننا لم نفلح بعد من الوصول لهذه النافذة.
وبالتالي، يمكن القول أن غالب ما كتبته في حياتي قد كتب في السجن، بما يصنف كـ أدب للسجون.
ومنذ خرجت من المعتقل، تزامن ذلك مع بدء الحرب على غزة، ما أثر في الجميع وعلى القيام بأنشطتهم اليومية والروتينية، وأكثر ما أفتقده في وقت الاعتقال الطويل الذي قارب 13 عامًا (10 سنوات منهم أخيرة، وثلاث سنوات متفرقات سابقًا)، هو عدد الساعات الممنوحة للقراءة والكتابة المنفردة التي كانت تصل إلى نحو 12 ساعة يومية، إذ كان وقتًا مثاليًا لكتابة وخروج مزيد من الإنتاجات الأدبية؛ فمثلا كتبت عددًّا من الأشعار، ثم كتبت رواية وصودرت مسودتها الأولى في السجن، أو تجربة ذاتية نشرت في ديوان (يشبه الهتاف.. يشبه الأنين). لذا فترة الاعتقال في كل مرة كانت أهم فرصة في حياتي للكتابة، ولولاها ما خضت تجارب عدة للكتابة في أجناس أدبية مختلفة.
– وكيف شاركك المعتقلون في إبداعك؟
كنا نتسلل وننتزع بعض الأوقات الخاطفة مع بعض المعتقلين صوتًا أو لقاءً، مثلا الشاعر جلال البحيري أسمعنى ذات مرة جزء من قصيدة، غناها المطرب رامي عصام (القميص الكاروه)، وقد سمعتها عبر ثلاثة لقاءات في عيادة السجن، وكذلك كنت أنتهز الفرصة، وأهرب بعض القصائد كتابة لمساجين آخرين، للمناقشة والنقد، أو نتبادل كل شيء من خلال الوسيلة الأسهل وهي النظّارة وهي فتحة في باب الزنزانة، كنا نتناقش ونتسامر من خلالها يوميًا، ونقوم بعمل ما سميناه الإذاعة، فيبدأ الإسلاميون بقرآن أو تواشيح، ثم يستمر كل منا في تقديم فقرة سياسة أو أدبية أو فنية أو غيرها، ونتناقش حولها.
كان هذا جزءًا من التواصل ووسيلة للنقاش والنقد حول إصداراتي الأدبيّة أنا وغيري، كنّا نتداولها سويًّا.
ربّما كان هؤلاء هم جمهوري الأوّل والوحيد وقتئذ.
– كيف  خرج الديوان من السجن؟
هربت الديوان في الفترة ما بين العامين 2017 و2021، على عشرات المراحل عبر عشرات الأشخاص، منهم المحامون أو الأسرة تلقينًا أو سجناء سبقوني للحرية.
في الطبعة الأولى، نشرت القصائد بـترتيب وترقيم تهريبها من السجن، كأنها قصيدة وحيدة مقطعة، وهذا ما أعده من الطرائف، “كنت في الزيارة أسأل هل وصل رقم 35 فيجيبوا بالنفي أو التأكيد، كنا نتحدث بتلك الطريقة لأني زيارتي كانت انفرادية أيضًا في حضور فرد من الأمن يبلغ المسؤولين بكل تفاصيل الزيارة”.
– هل تنتهي تجربتك الأدبية عند أدب السجون؟
الأكيد أنها لن تنتهي عند أدب السجون، لأنها سابقة عليه، رغم أنني كتبت بالفعل أغلب قصائدي داخل المعتقل، لكنني استكمل الآن كتاباتي بعد الخروج من المعتقل، لأنني أراها الطريقة شبه الوحيدة للتعايش فرارًا من إعلان الهزيمة والانكسار أو حتى الانفجار؛ فالكتابة من أهم أدوات المقاومة على الإطلاق.
تعددت وسائل التهريب، فكنت أكتب على مناديل أو أوراق صغيرة للغاية، وعدد آخر من أدوات التهريب، وهي عملية شديدة التعقيد، ولم تكن تلك القصائد تصل في وقتها، من الممكن أن تصل لاحقًا بعد عدة شهور أو ربما لا تصل أبدًا.
– كيف تقيم السلطة في استخدامها قوانين التجديف؟
في دولة قانون الشخص الوحيد الذي يجب محاكمته هم الشيوخ المحرضون، لأنهم يخالفون مواد الدستور المصري، وبعد استخدامهم ضدي عبارات تستخدم في حد الردة، وربما تحرض على القتل والعنف.
هنا لا نتحدث عن ازدراء أديان أو إساءة إلى الذات الإلهية، فالله لا يحتاج مدافعين عنه، كما أن كل هذه التهم فضفاضة، تستخدم لتصفية الخصوم في أي لحظة.
ووجود مثل تلك التهم في حياتنا يعد جريمة من الأساس، ويجب أن تنتهي، فلا تجوز لمجتمع مثل مجتمعنا، أو دولة مثل مصر، أن يستمر وجود تهم استخدمت في العصور الوسطى بها، ونحن في العام 2024.
هناك عدد من رجال الدين – الّذين لا يعرفون عن الدين شيئًا- أرجح أنهم تحركوا ضدي بتعليمات من الجهة نفسها التي صادرت الديوان في المرة الأولى، وانطلقت فتاوى شديدة الجنون والخطورة، أصفها بالإرهاب، تتهمني وقصائدي بالكفر والزندقة والمروق.
وبفرض أن هؤلاء الشيوخ قد قاموا بتكفيري، تقربًا من السلطة، فكان من المنتظر من تلك السلطة والأجهزة الأمنية أن تلزمهم الصمت، لكن ذلك لم يحدث، وتصاعدت فتاوى تكفيري، ونحن نعلم جيدًا خطورة استخدام مثل تلك الاتهامات، خاصة مع حجم التفاعل من الجمهور مع هذا النوع من الخطاب، ما يؤدي إلى كثرة رسائل التحريض.
 وأرى أن هذا إرهاب في نظري، وأيضًا في نظر السلطة التي حاربت خطاب داعش والجماعات المتشددة، ووصفته مسبقًا بالإرهاب؛ لكن مشايخ الدولة استخدمت نفس خطاب داعش في إزاحة وتكفير المخالفين للسلطة، وتحت نظرها وحمايتها، فالخطاب هذه المرة محمي من الدولة فعلا أو قرارًا أو واقعًا، وكل مرة استخدم إما أن اغتيل المبدع، أو تعرض لهجمات عنيفة.
– كيف سترد على الهجمات التحريضية ضدك بسبب الديوان؟
قررنا مع الفريق القانوني برئاسة المحامي خالد علي، التوجه للقضاء من أجل وقف ما يحدث من هجمات تحريضية ضدي، ومن أجل محاولة منع الضرر المضاعف قبل أن يحدث، وإن كان قد حدث ضرر بالفعل بعد أن مُنِع الديوان للمرة الثانية من النشر والتوزيع، كما ألغي حفل التوقيع منذ أيام قليلة.
وأعلنت دار النشر مراجعة فريقها القانوني، لمعرفة ما إذا كان هناك سبب قانوني لعدم نشر الديوان وقرار الجهات الأمنية في ذلك.
وأنا شخصيا لا أقبل محاكمتي ومحاكمة الديوان إعلاميًّا أو مجتمعيًّا على أساس أنّي متّهم بالإيمان أو الكفر، ويجب أن أبرّر، ولن أتورّط في هذا بأيّ شكل. وفي الوقت نفسه يجب على السلطة أن تعي أنّها تستخدم سلاحًا خطيرًا يطال الدولة نفسها فيما بعد.
– هل كانت هناك مفاوضات معك للخروج من قبل السلطة؟
كانت هناك العديد من المساومات منذ الفترة الأولى لاعتقالي في 2014، لكن في كل مرة كنا نبدأ بقائمة طويلة من شروط من قبل السلطة يجب أن أقبلها لأخرج، لكني كنت أرفض وأراهن على أن الصمود لوقت أكثر في كل مرة سيقلل عدد من الشروط الخاصة بهم، وهذا تحقق لكن على مدار عشر سنوات.
أملى علينا المفاوضون في السابق قائمة من 12 شرطًا، لو قبلتها كانت ستمنع عني الحياة عقب خروجي، لذا رفضتها، وفي النهاية قبلت المفاوضات بشرط أن أخرج في هدنة، وفي رحلة تعافي طويلة مدتها لا تقل عن عامين، استكمل فيها دراسة الماجستير وغيرها من الأمور المؤجلة، لكن مشكلتي مع السلطة أن خطتي في رحلة التعافي قد أحبطتها منذ اليوم الأول عبر منعي ومراقبتي ومنع ديواني عن النشر.
مثلا حسابي البنكي محجوز عليه وموقوف بقيمة غرامة حكم العام 2015، والتي قدرت بـ18 مليون جنيه وقتئذٍ، رغم صدور قرار جمهوري بالعفو عني والقرار يشمل إلغاء كافة تلك التعقيدات، كما أني لا أستطيع استخراج جواز السفر حتى اللحظة، رغم خروجي من المعتقل منذ عشرة أشهر.
وقد طلبت من أحد أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني – رغم إعلان موقفي الحاسم من الحوار الوطني- أن يبلغ المسؤولين بضرورة منحي مساحة للحياة، وفي النهاية هناك من قرر أنه لن يترك لنا مساحة للحرية والحياة.
– من تدخل لخروج أحمد دومة من محبسه بعد كل تلك السنوات؟
الجهود التي بذلت في العشر سنوات مهولة، بدأت من هيكل والأبنودي وبعض الأسماء ممن كانوا على تواصل مباشر مع السلطة وقتئذٍ، مرورًا بالرئيس المؤقت عدلي منصور، الذي كتب في أحد المنصات الصحفية أنه يتعاطف مع دومة ويريد خروجه لكن أجهزة الدولة تمنعه، ومرورًا بآخرين بذلوا جهدًا في هذا الملف.
لكن في آخر الأمر، كان هناك ثلاثة أشخاص هم: حمدين صباحي وحسام مؤنس وخالد يوسف، الذين حسموا الجهود الأخيرة بشكل مباشر مع الدولة، وهم أول من استقبلوني من السجن، وأعرف من قبلها بسنتين الجهود شبه اليومية التي بذلوها لإخراجي من المعتقل.
– وكيف تقيم أداء النظام الحالي تجاه ما يحدث في غزة منذ بداية الحرب؟
أقسم الموقف من غزة إلى معسكرين؛ معسكر يدعم المقاومة فيه إيران وجنوب لبنان واليمن وبعض فصائل العراق، بغض النظر عن موقفي السياسي والفكري منهم في ملفات أخرى.
ومعسكر العدو متمثلًا في الموقف الرسمي المصري وكل المواقف العربية، التي أحسبها بوضوح وحسم في معسكر العدو، وكل ما يفعلونه هو ضد المقاومة ومع الصهيونية. هناك من يعلن على نحو حاسم موقفه المؤيد لتل أبيب والبعض يحاول أن يجمل موقفه.
في الموقف الرسمي المصري، هناك شيء واضح، يتمثل في أن هناك عشرات، وربما المئات من المصريين الذين تضامنوا مع غزة قد اعتقلوا جراء ذلك، وهي حالة لم تحدث حتى في تل أبيب، فربما تجد علمًا فلسطينيًا ضد حكومة نتنياهو في الأراضي المحتلة، لكنك لا تجده في مصر.
 وأتمنى أن تنتهي تلك الفضيحة في أقرب وقت، ويُفْرَج عن داعمي غزة من شابات وشباب، فمن العار أن يكون هناك مظاهرات بالآلاف في كل دول العالم، بينما في مصر لا يوجد مظاهرة ضد الإبادة في غزة.
– هل أجبرت الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة في مصر، الشعب المصري، على الاختيار ما بين ظروفه القاسية وبين دعم فلسطين؟
لو جنبنا خطابات السلطة في الإعلام وغيره، التي تعزز من الخطاب الرسمي، وتوجهه وتعزز من أن يوم السابع من أكتوبر كان فكرة خاطئة، فأنا على يقين أن الشعب شديد الدعم والإيمان بالمقاومة بلا نقاش أو سقف.
وأرى أنّه لولا القمع لكانت الحال مغايرة، فالحالة الاقتصاديّة لا تؤثّر في دعم المصريّين لفلسطين، ولولا سحق كافّة المساحات والمنع كنّا سنرى مشهدًا شديد الإبهار من المصريّين.
– ماذا عن الصفقات الاقتصادية التي سمحت باقتطاع أجزاء من مصر لصالح بعض الدول؟
هذا قبول باحتلالات متعددة الجنسيات ومستترة خلف الاقتصاد والقروض والاستثمارات طويلة الأمد، لكني أتعامل معها أنها احتلالات حقيقية يجب التخلص منها فورًا.
ويجب أن نتعامل معها كما حدث وقت تيران وصنافير، وعلى من يوقع هذه الاتفاقات أن يعي جيدًا أنه يجب ألا يراهن على عدم تغير الوضع، فالمصريون لن يقبلوا التفريط في حقوقهم أو جزء من أرضهم في النهاية.
– هل ترى أنه من الممكن أن تصبح مصر دولة ديمقراطية؟
ربما يبدو غريبًا وساخرًا أني أعيد ترديد ما تحدثت به منذ سنوات، ومرفوض قطعًا الاختيار بين الحكم الديني والعسكري، لكن أزمتنا الآن مع الحكم العسكري، وهو شيء شديد الخطر على استقلال مصر الوطني وخريطتها ومساحتها.
الحل الوحيد في ظني استمرار إيمان المعتقدين في الحكم المدني والديمقراطية وقيم العدالة والكرامة، وشعارات يناير الرئيسية، بل والتبشير بها والنضال من أجل تحقيقها.
واتساع طيف المؤمنين الواعين بهذه المبادئ، وتصور الدولة المدنية التي يحكمها الدستور، هو الطريق الوحيد لحل أزمة الدولة وكسر تلك الدائرة، وأرى أن كل شيء ممكن في مصر طالما آمن به المصريون، فالثورات والتغيير وغيرها تأتي وفق إيمان شديد ومقاومة مستمرة. وليس هناك معركة حرية جاءت دون أثمان باهظة.
– وأخيرا، ماذا يحلم دومة لمصر؟
في البداية أحلم أن تبقى مصر موجودة من الأساس، فأصبحنا وطنًا يصارع على وجوده، وفي معركة الوجود تلك ما زلت أحلم بأحلام ثورة يناير المجيدة (الوطن والمواطن بحريته والعدالة).
ولا أستطيع فصل أحلامي لمصر عن أحلامي للتحرر الوطني في فلسطين والجولان وجنوب لبنان وأم الرشراش المصرية، لا أستطيع أن أقول إن حلم التحرير واستعادة كامل التراب الفلسطيني والعربي يجب أن نفصله عن يناير وثورتها، لأن فلسطين كانت على رأس خطاب الثورة وأحلامها، والخروج الوحيد للثوار من ميدان التحرير كان لغلق السفارة الإسرائيلية وإنزال العلم من عليها. وربما هذا يوضح تكالب الجميع على يناير والرغبة في التخلص منها.

الحوار كاملًا


اقرأ أيضًا:

رباب عزام
صحفية استقصائية مصرية، مهتمة بالصحافة الحقوقية والعمالية، ومقدمة برامج إذاعية، وباحثة في دراسات شرق إفريقيا الناطقة بالسواحيلية.

Search