اتفقنا على أن لا نتفق… كواليس انشقاقات المعارضة المصرية

حسب معلوماتنا، فإن مسألة خوض “زهران” للانتخابات الرئاسية لم تكن الوحيدة التي عززت من ظهور الانشقاقات داخل الحركة المدنية؛ لكن أيضًا فيما يتعلق بملف الانتخابات، فإن ترشح “الطنطاوي” عزز من تلك الخلافات
شيماء حمدي

بعد فوز الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بفترة رئاسية ثانية في عام 2018؛ شهدت القاهرة إغلاقًا تامًا للمجال العام، واغتيالًا للحياة السياسية، على إثره تم اعتقال العديد من الأعضاء المؤثرين في أحزاب المعارضة، كما تم إبعاد الحركة المدنية الديمقراطية عن المشهد المصري السياسي؛ استمر الوضع مُغلقًا حتى أبريل من العام 2022، حين عاد اسم الحركة المدنية مرة ثانية للنشاط السياسي

عودة الحركة المدنية والتي شُكلت في العام 2017 وتضم 12 حزبًا سياسيًا وشخصيات عامة معارضة السلطة للمشهد السياسي في مصر بعد تغيب خمس سنوات، لم يكن محل الصدفة، لكنه جاء برغبة من النظام المصري، بعد تأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية، إذ دعا الرئيس المصري في حفل إفطار الأسرة المصرية في إبريل من العام الماضي، بحضور عدد من قوى المعارضة المصرية على رأسهم القيادي المعارض حمدين صباحي إلى حوار وطني يضم السلطة متمثلة في أحزاب الموالاة وشخصيات داعمة للنظام مع المعارضة المصرية؛ كيانات وأشخاص.

ومنذ الدعوة للحوار الوطني وحتى اللحظة، مرت الحركة المدنية بالعديد من الأزمات منها ما هو في مواجهة السلطة، لكن الأهم الخلافات الداخلية التي برزت على السطح بقوة، خاصة فيما يخص ملف المشاركة في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، وقد بدأت الحركة المدنية الحديث حول الانتخابات ككتلة واحدة تطالب بضمانات جادة من أجل انتخابات رئاسية نزيهة، لكن المشهد انتهى الآن و بوادر الانقسام متسيدة. 

 

الانتخابات الرئاسية تشق صف الحركة المعارضة

قرر حزبا (المصري الديمقراطي والعدل) تجميد نشاطهم داخل الحركة، على خلفية بيان وقّع عليه غالبية أحزاب الحركة وشخصيات عامة في الحركة يعلنون عدم مشاركتهم في الانتخابات. وهو ما ينذر بشقاق سياسي قد يصيب الحركة المدنية وتظهر آثاره بوضوح عقب الانتخابات.

وكانت 9 أحزاب من أصل 12 حزبا في الحركة المدنية وقعوا على بيان عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية؛ وعدم الدفع بمرشح يمثلهم، وهو البيان الذي نشره السياسي حمدين صباحي على صفحته على منصة “فيسبوك” في 12 من الشهر الجاري. في الوقت الذي بدأ فيه المرشح الرئاسي فريد زهران -رئيس حزب المصري الديمقراطي- أحد أحزاب الحركة، حملته الانتخابية، غير مبالي بقرار الحركة التي ينتمي إليها.

 وجاء قرار الأحزاب على خلفية الانتهاكات التي شهدتها مقار الشهر العقاري أثناء تحرير توكيلات التأييد الشعبية للمرشحين المعارضين وتحديدًا المرشح المحتمل السابق أحمد الطنطاوي، الذي تمت إحالته إلى المحاكمة الجنائية و22 من أعضاء حملته، فيما يعرف بقضية تزوير التوكيلات الرئاسية. وقد ذكر البيان أن: “بمناسبة بدء الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة يهم الحركة المدنية الديمقراطية بداية أن تؤكد عدم دفعها بمرشح لخوضها، وفي هذا الشأن فأنها توضح أن الانتهاكات التي صاحبت إجراءات الترشح والتي أهدرت ضمانات الحيدة وأبسط قواعد المنافسة قد حولت الانتخابات إلى استفتاء مقنع فى عملية مهندسة، بتدخل سافر من أجهزة الدولة حتى تحول المشهد أمام مكاتب الشهر العقاري إلى مأساة ومهزلة كاملة الأركان حرمت كثير من المواطنين في كل محافظات مصر من المشاركة، بينما ازدحمت الطوابير بمن تم حشدهم لتوكيل الرئيس الحالي”. وقد حمل البيان توقيع أحزاب (الاشتراكي المصري، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والدستور، والشيوعي المصري، والعيش والحرية، والعربي الديمقراطي الناصري، والكرامة، والمحافظين، والوفاق القومي). إضافة إلى توقيع ست شخصيات عامة هم: السياسي والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، والناشط السياسي والحقوقي سمير عليش، ومؤسس الجمعية الوطنية للتغيير عبد الجليل مصطفى، والرئيس السابق لحزب الدستور علاء الخيام، وعضوة مجلس أمناء الحوار الوطني فاطمة خفاجي، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى السيد.

كان البيان كفيلًا بإغضاب المرشح الرئاسي فريد زهران، الذي على ما يبدو كان ينتظر دعمًا من الحركة المدنية بعد تراجع جميلة إسماعيل -رئيسة حزب الدستور- عن قرار الترشح، وتعجيز أحمد الطنطاوي -رئيس الكرامة السابق- عن جمع 25 ألف توكيل المطلوبة لاستيفاء أوراق الترشح. وحسب معلوماتنا، فإن المشهد لم يكن وليد اللحظة، فقد سبقه اجتماع عُقد في حزب المحافظين في 17 أكتوبر الماضي، لمناقشة مشروع بيان يتضمن موقف الحركة المدنية وعدم دفعها بمرشح رئاسي، نظرًا لانعدام شفافية ونزاهة العملية الانتخابية -حسب وصفهم- لكن أجواء الاجتماع خيم عليها حالة من الشد والجذب بين مؤيد ومعارض لإصدار هذا البيان، لينتهي الاجتماع بقرار عدم خروج أي بيان إلا بموافقة جماعية من أطراف الحركة.

وبعد أيام من الاجتماع “الذي لم تتوافق فيه الأطراف كافة”، صدر البيان الخاص بالانتخابات بتوقيعات 9 أحزاب وهم أغلب أحزاب الحركة المدنية، لكنه لم ينشر على الصفحة الرسمية للحركة، بينما لم يوقع المصري الديمقراطي الذي يشارك رئيسه في الانتخابات وتضامن معه حزب العدل، فيما التزم حزب الإصلاح والتنمية، الصمت.

بيان وانشقاقات

لم يمر البيان المذكور على “المصري الديمقراطي” مرور الكرام، فسرعان ما قررت قياداته ومعها حزب العدل، إرسال خطاب داخلي لأحزاب الحركة المدنية أعلنوا فيه رفضهم لما أعلنته بعدم الدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية يمثلها، وأعلموهم بقرار تجميد الحزبين من الحركة “تجنبًا لمزيد من الشقاق”. ووصف الخطاب البيان الموقع من التسع أحزاب “بمعارك جانبية يحقق من خلالها بطولات زائفة، في الوقت الذي يحاول فيه المصري الديمقراطي والعدل خوض معارك حقيقية”. الأمر الذي أكد عليه المحامي الحقوقي أحمد فوزي -القيادي بالحزب المصري الديمقراطي- في حديثه مع “زاوية ثالثة”، إذ أوضح أن الحزب قرر تجميد نشاطه داخل الحركة المدنية حتى يتسنى له اتخاذ قرار بشأن مشاركته في الحركة المدنية عقب الانتخابات الرئاسية، الذي يصب الحزب فيها مجهوده وتركيزه الأكبر خلال الفترة الحالية.

منتقدًا، قال القيادي بـ “المصري الديمقراطي” أن: “أزمة الحركة المدنية أكبر وأعقد من قرار حزبه، وأن أزمة الحركة المدنية الديمقراطية هي أزمة فهم السياسيين في مصر عن التحالفات السياسية، ودورها المغاير تمامًا لدور الأحزاب السياسية التي تنشأ على أساس تجمع من أشخاص بينهم رؤى متقاربة وبرنامج سياسي وأفكار متقاربة يتم الاتفاق عليهم. أما التحالفات تنشأ لأغراض سياسية معينة”. 

وأوضح “فوزي” أن الحركة المدنية شكلت قبل انتخابات العام 2018، في وقت كان المجال العام مغلق تمامًا، ووقع المشاركون على وثيقة تضم 11 هدفًا الغرض منها تقديم حل عند السلطة المختلفين معها وضد مشاركة الإخوان. ومع استمرار غلق المجال وزيادة الاستبداد، وسعت الحركة المدنية من المشاركة، وشارك في الحركة كيانات “ليس لها ثقل وليس لها قواعد”، إضافة إلى فتح المجال أمام ضم ممن يعرفون أنفسهم بأنهم “شخصيات عامة” دون أن يعرف هدف تواجدهم أو مقياس طرحهم كشخصيات عامة. 

ويستطرد فوزي في شرحه للأزمة ويقول: “الكيانات الموجودة بالحركة توافقوا لفترة على الحدود الدنيا وساهموا في فتح المجال العام قليلا عن السنوات السابقة، وشاركوا في الحوار الوطني وتم الإفراج عن عدد من المعتقلين وبخاصة معتقلين الأحزاب المشاركة، وكان من المفترض أن يستكملوا الطريق سويًا، لكنهم اختلفوا بسبب الانتخابات، والاختلاف لم يكن صحيًا”. مشيرًا إلى أن هناك محطات سابقة للخلاف لكنها لم تكن معلنة؛ مثل زيارة “صباحي” للرئيس السوري بشار الأسد، والتي تعتبر نقلة قوية في مستقبل الحركة المدنية، فالزيارة أثقل بكثير من مشاركة حزب سياسي في انتخابات رئاسية غير مرضى عنها، حيث اعتبر الرئيس السوري “سفاح ذبح الديمقراطية في المنطقة”، ورغم ذلك عند مواجهة “صباحي” وانتقاده، قال إن “الزيارة بصفته الشخصية وليست السياسية ولا تمثل الحركة المدنية في شيء”، ويذكر أن هناك خلافات أخرى ربما تشير إلى أن الحركة ليست على وفاق  ويصيبها “الهشاشة”ـ وكان من المنتظر أن تطبق الحركة على الأقل القواعد بشكل متساو على الجميع. ما قد يدفع حزبه إلى إعادة التفكير في جميع تحركاته عقب الانتخابات الرئاسية، والتي من بينها استمراره في الحركة المدنية، وتحالفاته السياسية بشكل عام. خاصة وأن “المصري الديمقراطي” لم ينتظر دعم الحركة لمرشحهم “زهران” في الانتخابات؛ لكنه ترقب تطبيق قواعد الديمقراطية واحترام رغبتهم في المشاركة، مختتمًا: “هناك كيانات وشخصيات داخل الحركة المدنية غير قادرة على قراءة المشهد بشكل جيد”.

 

مستقبل الحركة بين المهادنة والمعارضة

ليست زيارة القيادي الناصري “صباحي” ولا مشاركة “المصري الديمقراطي” في الانتخابات الرئاسية، فقط السبب في تصاعد الأزمات التي أنتجت مزيدًا من الخلاف والهشاشة داخل الحركة المدنية، لكن الخلاف الذي دب بين القيادي الناصري ووزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة، والناشر الليبرالي هشام قاسم بعد انتقاد الأخير للوزير السابق، أحد الأزمات التي زادت من حدة الخلاف والشقاق داخل الحركة المدنية، وتحديدًا مع إصرار أبو عيطة الذي حصل على دعم سياسي من حزب الكرامة الناصري والأحزاب ذات الأيدولوجية المماثلة، على حبس “قاسم” بعد تقديم بلاغ يتهمه بالسب والقذف، في المقابل أدانت بعض الأحزاب داخل الحركة خطوة “أبو عيطة”، ورأت أن الخلافات فيما بينهم لا يمكن أن تؤدي إلى اللجوء للسلطة (القضاء)، لأن السلطة نفسها تسعى للتنكيل بهم.

ويبدو أن وضع الحركة بعد انتخابات الرئاسية لن يكون كما قبلها. فالحركة المدنية أصبحت مهددة بالتفكك وليس فقط الشقاق، بعد سنوات من محاولات الصمود رغم الهشاشة. هذا ما أكده الباحث والسياسي مصطفى شوقي، إذ يرى أن مرحلة ما بعد الانتخابات ستشهد تحالفات جديدة قائمة على الاستقطاب على خلفية تحالف المعارضة المهادنة في مقابل تحالف المعارضة الجذرية. مضيفًا في حديثه لـ”زاوية ثالثة”، أنه “في الواقع لا يمكن القول أن الحركة المدنية وخصوصا بعد إعادة إحيائها سياسيا منذ دعوة الحوار الوطني، تمثل تحالف سياسي متماسك ومتجانس، الحقيقة أنه كان هناك حالة انسحاب بفعل القمع والملاحقة الأمنية حتى أن عدد الأحزاب المنخرطة في الحركة وصلت ٤ أحزاب، قفزت إلى ١٢ حزبا بمجرد الدعوة إلى الحوار الوطني وتفاعل الحركة معه، وبالتالي تجربة الحوار الوطني اعتبرت كاشفة لمدى الشقاق السياسي بين عناصر الحركة، وبعد تجميد أحزاب المصري الديمقراطي والعدل نشاطهما، يعودون لاحتلال مربعهم القديم الجديد الذي عبر عنه سابقا قرارهما بخوض الانتخابات البرلمانية ضمن قوائم أحزاب الموالاة المهندسة أمنيا”. مؤكدًا أن خوض “زهران” الانتخابات الرئاسية بتزكيات برلمانية وتأييد حزب العدل لخطواته، لا يعبر سوى عن نشوء تحالف سياسي جديد ومختلف عن الحركة، وليس مجرد فك ارتباط أو تجميد نشاط في داخلها.

في السياق نفسه، يرى القيادي السياسي أكرم إسماعيل ممثل حزب العيش والحرية-تحت التأسيس، أن هناك محطات خلقت شقاقًا داخل الحركة المدنية، هذا الشقاق ليس سهلًا لأنه تعبير عن رؤى سياسية مختلفة ومتباينة، وأن هناك وجهتي نظر حول مستقبل هذا الشقاق؛ الأولى متفائلة بأن تكون هذه الحالة مرتبطة بالانتخابات فقط وهذا ما ستظهره الأيام المقبلة، والثانية أن تكون لهذه الحالة تبعات ستظهر بعد الانتخابات الرئاسية، ويتضح هذا في  الجبهات التي ستشكل لخوض الانتخابات البرلمانية للعام 2025، وكيف ستتشكل المعارضة بعد إعادة انتخاب السيسي. مشيرًا إلى أن المستقبل القريب سيحدد إما أن تتعرض الحركة المدنية إلى حالة أكبر من التفكك أو أن يكون هناك فرصة لإعادة الترميم.

ويرى القيادي بحزب العيش والحرية أن تحديات المعارضة السياسية المصرية بعد الانتخابات الرئاسية ستكون كبيرة، لما سيتم طرحه من مسارات مختلفة للتعامل مع النظام، هذه المسارات قد تتناقض، بالاضافة إلى ما تطرحه السلطة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، “هل ستطرح قائمة موحدة ترتضي بعض أحزاب المعارضة المشاركة فيها مع مؤيدي السلطة أم لا؟”. مشيرًا إلى أنه في حال حدوث ذلك ستزيد الانشقاقات بين أحزاب الحركة ما ينذر بنهايتها. مختتمًا أن تعامل السلطة مع المعارضة قد يسهم في الإجابة على تلك الأسئلة وتحديد مستقبل الحركة، فعلى سبيل المثال؛ إذا قامت السلطة بموجة قمع شديدة جدا فهذا سيكون سبيل لتوحيد المعارضة، أما إذا اختارت السلطة فتح المجال العام للتفاعل أمام أطراف وغلق الباب أمام أخرى فهذا معناه المزيد من الشقاق داخل الحركة.

 

تحالفات ما بعد الانتخابات وظهور”تيار الأمل”

اختلف الحزب المصري الديمقراطي في رؤيته المغايرة لأحزاب الحركة المدنية بشأن الانتخابات والمكاسب السياسية المرجوة منها، ففي الوقت الذي شهدت فيه القاهرة موجة قمع غير مسبوقة، وصلت إلى مرحلة اعتقال عدد من المعارضين في صيف العام 2019 على خلفية تشكيل “تحالف الأمل”، الذي هدف إلى التحضير للانتخابات البرلمانية الحالية، وكان من بينهم المحامي والقيادي بالمصري الديمقراطي حينها، زياد العليمي، انضمت أحزاب “المصري الديمقراطي” و”العدل” و”الإصلاح والتنمية” إلى “القائمة الوطنية الموحدة” التي تعد الأقرب للسلطة وشارك فيها 13 حزبًا معظمهم من أحزاب الموالاة المقربة من دوائر النظام. وحسب الباحث والسياسي مصطفى شوقي، فإنه من غير المستبعد أن يعود حزبا “المصري الديمقراطي” و”العدل” إلى نفس القائمة المقربة من السلطة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، إذا أتيحت الفرصة.

أما عن باقي أطراف الحركة المدنية، فهناك شكل من أشكال التحالفات الثنائية التي ظهرت مؤخرًا والتي من الممكن أن يتم البناء عليها خلال فترة ما بعد الانتخابات، مثال. ظهر تنسيق محدود جمع بين حزب العيش والحرية والدستور أثناء تحضير قافلة أعدها الحزبان منتصف نوفمبر الجاري، ما يشير إلى إمكانية استمرار هذا النوع من التحالفات وتطويره في فاعليات قد تجمع الطرفين خلال الفترة المقبلة. إلى جانب هذا فإن اقتراب الأيديولوجية السياسية بين حزبي العيش والحرية والتحالف يتيح إمكانية وجود تنسيق سياسي يجمع بين الطرفين مستقبلًا. لذا فإن: “حزب العيش والحرية يدعم أشكال العمل الثنائي بناء على اللحظة وبناء على الملف، لكن بالتأكيد، التحالف الشعبي والدستور لأسباب ما أطراف قريبة، وأيضًا حزب المصري الديمقراطي حليف سياسي لما نتفق معه في بعض القضايا والملفات وعلى رأسها المواطنة، كما يعتبر الحزب الناصريين حليف سياسي  ما يعني إمكانية استمرار التعاون والعمل المشترك” يقول أكرم إسماعيل القيادي بحزب العيش والحرية.

وحسب معلوماتنا، فإن مسألة خوض “زهران” للانتخابات الرئاسية لم تكن الوحيدة التي عززت من ظهور الانشقاقات داخل الحركة المدنية؛ لكن أيضًا فيما يتعلق بملف الانتخابات، فإن ترشح “الطنطاوي” عزز من تلك الخلافات، خاصة وأنه قد أعلن عن نيته الترشح من العاصمة اللبنانية بيروت قبل شهور دون مناقشة الحركة، والتي يمثل حزب الكرامة أحد دعائمها، وأيضًا السياسي حمدين صباحي الذي يعتبر الطنطاوي بمثابة “ابن له”. وقد رأى كثير من أعضاء الحركة المدنية مسألة ترشحه بأنه موقف أدى بهم إلى الشعور بالحرج؛ ولم تتخذ الحركة أية مواقف داعمة للطنطاوي “المتمرد” إلا بعد ازدياد حدة الانتهاكات التي تعرض لها وأعضاء حملته، وفق مصدر مقرب من دوائر الحركة المدنية.

ويبدو أن الطنطاوي الذي يوصف بالمنشق عن التحالف الديمقراطي المدني، لا يزال مصممًا على السير في عكس الاتجاه؛ حيث لم يلتزم ببعض الآراء التي عارضت تشكيله لحزب وليد أسماه “تيار الأمل” والذي أعلن عن نيته في تأسيسه في مؤتمره الأخير قبيل غلق باب التوكيلات الرسمية. لكن ذلك لا يعني عدم نشوء تحالفًا سياسيًا جديدًا بين حزبه الوليد وبين أطراف داخل الحركة المدنية وعلى رأسهم الناصريين، حسب وصف السياسي مصطفى شوقي.

معلقًا يقول أكرم إسماعيل: “ظهور الحزب الذي أعلن عنه الطنطاوي والتحالف مع بعض الداعمين سوف يمتد لما بعد الانتخابات، فإذا كنا نتحدث عن أطراف وأشكال من التفاعلات والتفاهمات مع السلطة من أجل فتح المجال السياسي، فكما يوجد الديمقراطي الاجتماعي والعدل اللذين ليس لديهم مانع في المهادنة، سوف يكون هناك آخرون (طنطاوي وحلفائه)على النقيض. و وجود طرفين متناقضين في الرؤى والمسارات السياسية سوف يخلق ضغطًا على القوى السياسية الموجودة في منطقة الحياد أو الأطراف الفاعلة التي تقف بين المسارين المختلفين تماما”.

 ورغم عودة الحركة المدنية للمشهد السياسي العام الماضي، ومحاولتها القيام بدورها كمعارضة للسلطة ورغم التحالفات السياسية الحالية والمنتظرة، فإن هناك فجوة بين المعارضة والمواطن في الشارع، ‏وهو ما ظهر جليًا في دعوة الحركة المدنية للتظاهر أمام مسجد مصطفى محمود تضامنًا مع غزة، ليستجيب للدعوة عدد محدود، بينما شهدت مظاهرة الجامع الأزهر تجمع آلاف المواطنين في حشد غير مسبوق منذ العام 2013. في حين أن ظهور الطنطاوي وحيدًا وخوضه معركة انتخابية مبكرة قد مثّل زخمًا كبيرًا، وحشد من حوله آلاف من المواطنين لم يكونوا ضمن الفئات المستهدفة لعمل الحركة. في الوقت الذي يعانون فيه من بعض التحفظ بشأن الحديث عن جراحها والتي قد تصل بهم إلى مرحلة “الفراق السياسي”.

شيماء حمدي
صحفية مصرية، تغطي الملفات السياسية والحقوقية، وتهتم بقضايا المرأة. باحثة في حرية الصحافة والإعلام والحريات الرقمية.

Search