البلشي يرفض تعديل قانون النقابة.. وسلامة يطالب بتغييره: انتخابات اليوم تحسم مصير استقلال الصحفيين

في يوم انتخابات نقابة الصحفيين المصرية، يتصدر الجدل حول تعديل القانون مشهد التصويت، وسط مخاوف من المساس باستقلال النقابة ودعوات لمزيد من النقاش المؤسسي بعد الاقتراع.
Picture of شيماء حمدي

شيماء حمدي

سادت حالة من الجدل داخل الجماعة الصحفية في مصر بالتوازي مع انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين، المقرر إجراؤها اليوم الجمعة 2 مايو، وذلك عقب الحديث عن مقترح لتعديل قانون النقابة. جاء هذا الجدل إثر طلب تقدم به أحد أعضاء الجمعية العمومية، المحسوبين على حملة المرشح عبد المحسن سلامة، المدعوم من الدولة وأبرز منافسي النقيب الحالي خالد البلشي، المحسوب على تيار الاستقلال.

ويتضمن المقترح زيادة عدد أعضاء مجلس النقابة من 12 إلى 16 عضوًا، مع تعيين أربعة أعضاء بدلًا من انتخابهم، في مخالفة لأحكام قانون نقابة الصحفيين القائم.  وقد اعتبر عدد من أعضاء الجمعية العمومية أن هذا التحرك يمثل محاولة لتمرير تعديل على قانون النقابة قبيل الانتخابات، ما أثار مخاوف واسعة بين الصحفيين، الذين عبر كثير منهم عن رفضهم القاطع لأي إجراءات تمس القانون أو تهدد المكتسبات التي رسخها الإطار القانوني الحالي.

صدر قانون نقابة الصحفيين المصريين قبل أكثر من خمسة عقود، في وقت كانت الصحافة الورقية هي الشكل السائد للإعلام، ولم يكن للصحافة الرقمية وجود. وقد أدى ذلك إلى عدم اعتراف القانون الحالي بالصحفيين العاملين في المنصات الإلكترونية والإعلام الرقمي، مما أثار الحاجة إلى تحديث التشريعات لمواكبة الواقع الجديد للمهنة.

نوصي للقراءة: خالد البلشي يتحدث لـ«زاوية ثالثة»: لن نقبل بقوانين تقيد حرية الصحفي في الشارع

 

قانون النقابة بين التعديل والإبقاء عليه

يتبنى المرشح على مقعد النقيب عبد المحسن سلامة مقترح تعديل قانون نقابة الصحفيين  أثناء جولاته  الانتخابية منذ أن كان نقيبًا للصحفيين في الفترة ما بين 2017 وحتى 2019.  كان الكاتب الصحفي عبدالمحسن سلامة، المرشح على منصب نقيب الصحفيين، قد دعا إلى مؤتمر يجمع قيادات الصحف الخاصة والمواقع الإلكترونية مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حال نجاحه في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين بالتعاون  مع “الأعلى لتنظيم الإعلام”. الأمر الذي رفضه أعضاء بالجمعية العمومية واعتبروه تدخلًا مرفوضًا في الشأن النقابي.

خلال فترة توليه منصب نقيب الصحفيين بين عامي 2017 و2019، طرح الكاتب الصحفي عبد المحسن سلامة قضية تعديل قانون نقابة الصحفيين، إلا أن هذا الطرح قوبل برفض من أعضاء في الجمعية العمومية، خاصة أنه تزامن مع إقرار قانون تنظيم الصحافة والإعلام، الذي واجه اعتراضًا من أعضاء بالجمعية العمومية وأربعة أعضاء في مجلس النقابة آنذاك، وهم: محمود كامل، محمد سعد عبد الحفيظ، جمال عبد الرحيم، وعمرو بدر، الذين اعتبروه قانونًا “مشبوهًا” لا يعبر عن الصحفيين، بقدر ما يخدم جهات معينة تسعى للسيطرة على الصحافة، سواء القومية أو الخاصة، وإسكات صوتها تمامًا. كما رأوا أنه يمثل تهديدًا واضحًا للمؤسسات القومية والعاملين بها، ما عزز من حالة الرفض داخل الأوساط الصحفية.

من جهته أعلن نقيب الصحفيين خالد البلشي والمنافس الأبرز للمرشح عبد المحسن سلامة،  رفضه لتعديل قانون نقابة الصحفيين، وذلك خلال المؤتمر الذي عقدته الحملة للإعلان عن برنامجه الانتخابي السبت 26 أبريل. وأكد البلشي خلال كلمته أن ن هناك تخوفات حاليًا من طرح فكرة تعديل قانون النقابة خوفًا من خسارة المكتسبات. وخصوصا في ظل إصدار تشريعات من مجلس النواب لم تكن على النحو المطلوب مثل قانون المسؤولية الطبية.

تعليقًا على هذا يقول محمود كامل عضو مجلس نقابة الصحفيين ورئيس لجنتي الحريات والثقافية، أنه منذ العام 2018، طُرحت محاولات لتعديل قانون نقابة الصحفيين، إلا أنها قوبلت برفض واضح من قبل أربعة أعضاء في مجلس النقابة. واليوم، تعود هذه المحاولات مجددًا بنفس النهج. مشيرًا إلى أن هذه التعديلات سينتج عنها إضعاف دور النقابة والانتقاص من المكتسبات التي أقرها المشرّع عند إصدار القانون.

يرى كامل في حديثه الخاص لــ زاوية ثالثة، أن وجود دعوات تهدف إلى إدخال المجلس الأعلى للإعلام في شؤون النقابة، أمرٌ يُعيد إلى الأذهان تجربةَ القانون 180 لسنة 2018، الخاص بتنظيم الصحافة والإعلام، الذي جاءت مواده لتنال من الصحافة وقدرتنا على العمل الصحفي. معتبرًا  أن أيَّ تدخُّلٍ من جهاتٍ أو أطراف من خارج الجمعية العمومية في شؤون النقابة يُعتبر انتهاكاً صريحاً لاستقلاليتها، ويُهدِّدُ بانتكاسةٍ تعيدُنا إلى عهد تكفين نقابة الصحفيين.

يوضح كامل أن  :” هناك تصريحات تتردد تفتقر إلى الدقة، تتعلق بالمواد الخاصة بالاتحاد الاشتراكي في قانون نقابة الصحفيين، وهي مزاعم تعكس جهلًا واضحًا بطبيعة القانون، إذ أن المبدأ القانوني المستقر يقضي بأن مواد القوانين تُنسَخ بمرور الزمن، وهو نهج مُطبق في العديد من التشريعات المصرية. بمعنى أن  بعض النصوص القانونية تصبح غير قابلة للتطبيق تلقائيًا بسبب تغير الظروف القانونية والتشريعية، حتى لو لم يتم إلغاؤها صراحة.”

يضيف كامل ما يجري ليس دفاعًا عن قضية عادلة كما يُروَّج له، بل هو محاولة خفية تستهدف تقويض النقابة والنيل من استقلاليتها. وأؤكد أن الحامي الحقيقي للنقابة، وقانونها، واستقلالها، هو الجمعية العمومية، التي تبقى صاحبة الكلمة العليا قبل النقيب وأعضاء المجلس.

من جهته وتحت عنوان ” القانون اللقيط”، أعلن نقيب الصحفيين الأسبق يحيى قلاش رفضه لأي تعديلات تمس قانون نقابة الصحفيين وذلك عبر صفحته على الفيسبوك، إذ قال:” جائنا على باب النقابة، فوجدنا مشروع قانون به تعديلات فاضحة، فسألنا عن هوية صاحبه، فلم نستدل عليه، فعرفنا أنه مشروع لقيط مجهول النسب”.                    

وأضاف في تدوينته:”منذ أكثر من 30 عامًا، جرت محاولة مشبوهة لتغيير قانون النقابة كان يقف وراءها صفوت الشريف بتنسيق مع بعض أعضاء المجلس، وتم تسريب المشروع، الذي نشره الزميل الراحل مجدي مهنا عضو مجلس النقابة وقتها، وكان مانشيت جريدة “الوفد”، الذي قابلنا في النقابة قبلها، وقال لي ضروري تشوف “الوفد” بكره وكلمني. وتابع توافدنا جميعًا إلى النقابة دون استدعاء من أحد؛ لأن تفاصيل المشروع كانت جريمة متكاملة الأركان، وكانت تستهدف جداول النقابة، وفتح ثغرات لإغراق جداول القيد بعضوية الإعلاميين، ومد مدة النقيب والمجلس لأربع سنوات، وإلغاء التجديد النصفي، والسماح لغير الحاملين للمؤهل العالي للقيد، وغير ذلك.                            

وأضاف قلاش:” وجدنا النقيب الأسبق كامل زهيري، يسبقنا إلى هناك، والتففنا حوله، وأطلق وسط مئات من الصحفيين التعبير الذي بدأت به، وكان وصف “القانون اللقيط” كافيًا لموت الفكرة، وتنصل الجميع منها، وأعلن النقيب إبراهيم نافع رفضه للمشروع، وعدم علم المجلس به”. متسائلًا :”الآن هل وجدنا أنفسنا بعد أكثر من ثلاثة عقود أمام تعديل لقيط يفتح الباب ليس لمحاولات لم تتوقف كان آخرها في 2018، عندما جرت محاولة من وراء ظهر أغلبية أعضاء المجلس وتم فضحها فماتت؟!.”        

وتابع الآن هل يتجرأ علينا مَن يدّعي النسب للمهنة، ونقبل أن يرمي في وجوهنا اقتراحًا بالتعديل يتضمن التعيين في عضوية المجلس ضمن تعديلات كارثية أخرى الله أعلم بها؟!!….  هذا تعديل لقيط بلا نسب، وإذا حَمِلَ أحد رأيته وجب حسابه بما يستحق، ولا يجب أن ينال شرف أنه من أعضاء جمعيتنا العمومية.

 

نوصي للقراءة: عبد المحسن سلامة لزاوية ثالثة: “لست مرشح الدولة”

قانون نقابة الصحفيين: ضرورة التوقيت والإجراءات

بدأ الحديث على تعديل قانون نقابة الصحفيين في 25 مارس الماضي،  عقب اجتماع لعدد من رؤساء المواقع الالكترونية بمقر نقابة الصحفيين، لمناقشة عدد من القضايا المتعلقة بمشاكل وأزمات المهنة، وعلى رأسها مطلب منح الصحفيين العاملين بالمواقع الإلكترونية عضوية النقابة ضمن جدول المشتغلين.

شارك في الاجتماع ما لا يقل عن 12 رئيس تحرير لمواقع صحفية إلكترونية، وأثار هذا الاجتماع جدلًا واسعًا داخل الجماعة الصحفية، خاصة أنه جاء في ظل أجواء مشحونة تسبق انتخابات التجديد النصفي التي كان مقرر عقدها في مارس الماضي وتم تأجيلها لحين اكتمال نصاب الجمعية العمومية. 

وأصدر محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين، بيانًا تحذيريًا دعا فيه أعضاء الجمعية العمومية إلى التوقيع عليه، محذرًا من أي محاولات “للعبث بالقانون” في هذا التوقيت الحساس، معتبرًا أن ذلك يشكل “خطرًا جسيمًا” على المكتسبات النقابية التاريخية، ويفتح الباب أمام محاولاتٍ “للانقضاض عليها تحت شعاراتٍ برّاقة”. وطالب كامل في البيان الذي وقع عليه أكثر من 300 صحفي وصحفية برفض أيَّة محاولاتٍ لتعديل قانون النقابة في هذا التوقيت، أو تحت ضغوط الحملات الانتخابية، ورفض أيَّ دعوة لتدخُّلِ المجلس الأعلى للإعلام أو أي جهةٍ أخرى في الشأن النقابي، حفاظاً على استقلالية النقابة.  بالإضافة إلى ضرورة أن تظل الجمعية العمومية هي المظلة الوحيدة لمناقشة أي تعديلات، في وقتٍ لاحقٍ بمنأى عن الصراعات الانتخابية. 

من جهتها تقول الكاتبة الصحفية شيماء جلال رئيسة تحرير موقع الرئيس نيوز، وأحد الحاضرين في اجتماع المواقع الإلكترونية للمطالبة بتعديل قانون نقابة الصحفيين :”بدأنا، كمجموعة من رؤساء تحرير المواقع الإلكترونية، مناقشة أزمة الصحفيين والصحفيات غير النقابيين والعاملين في المواقع الإلكترونية قبل انعقاد المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين.”

وتضيف في حديثها الخاص لـــ ازاوية ثالثة أن طرح تعديل قانون النقابة طُرح من منطلق غياب مظلة نقابية وقانونية تحمي هؤلاء الصحفيين أثناء عملهم الميداني، مما يعرّضهم لخطر الاتهام بانتحال الصفة وفقًا للقانون. وأوضحت أن الاجتماع ليس له علاقة بالانتخابات وليس الهدف منه إثارة البلبلة قبيل انعقاد الجمعية العمومية.

في السياق، ترى الكاتبة الصحفية منى عزت عضو الجمعية العمومية والباحثة في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية أن قانون نقابة الصحفيين يحتاج إلى فتح نقاش واسع يشبه النقاشات التي سبقت المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين، حيث إن تعديل القانون ليس مسألة بسيطة، بل يتطلب حوارًا معمقًا ومنظمًا بين أعضاء الجمعية العمومية. 

وتابعت الكاتبة الصحفية في حديثها مع زاوية ثالثة ينبغي أن تتحول بنود القانون إلى محاور رئيسية تتم مناقشتها في جلسات مفتوحة للجمعية العمومية، لضمان مشاركة الأعضاء في إبداء آرائهم. ومن ثم يتم تشكيل لجنة لصياغة المقترحات التي توافقت عليها الجمعية العمومية، سواء فيما يتعلق بالمواد التي سيتم الإبقاء عليها أو تلك التي ستخضع للتعديل، مع تحديد طبيعة التعديلات المقترحة. وبعد الانتهاء من الصياغة، تُعرض المسودة النهائية مرة أخرى على الجمعية العمومية للمصادقة عليها، قبل تقديمها إلى البرلمان لاعتمادها كتشريع. ومع ذلك، ينبغي على البرلمان الأخذ برأي النقابة في هذا الشأن، باعتبار أن القانون يمس الجمعية العمومية مباشرة، وهو ما ينبغي أن يكون عليه الأمر.

أما في الوقت الحالي،ترى عزت أن النقابة على أعتاب انتخابات التجديد النصفي، مما يجعل التوقيت غير مناسب لفتح هذا الملف، لا سيما في ظل وجود قضايا أخرى مفتوحة خرجت بها توصيات المؤتمر العام السادس للنقابة. ومن المنطقي أن يتم التركيز على تنفيذ هذه التوصيات والعمل عليها قبل فتح ملفات جديدة. وربما يكون تنفيذ توصيات المؤتمر السادس خطوة تمهيدية لمناقشة التعديلات اللازمة على القانون في وقت لاحق، برؤية واضحة وموافقة الجمعية العمومية.

وعلى مستوى أوسع، ترى عضو الجمعية العمومية والباحثة في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية،  أنه من المفترض أن تكون القوانين المنظمة لعمل النقابات مسؤولية الجمعية العمومية وحدها، دون أي تدخل من السلطات، بما في ذلك البرلمان. إن أن أي تدخل يُعد انتهاكًا لاستقلالية العمل النقابي. 

وأضافت في تقديري،وجود قانون موحد لجميع النقابات المهنية والعمالية، يتضمن المبادئ الأساسية المتعلقة بالحق في التنظيم، سيكون أكثر توافقًا مع معايير العمل الدولية. وينبغي ألا يتدخل هذا القانون في التفاصيل الخاصة بكل نقابة، بل يُترك لكل نقابة وضع لوائحها الداخلية الخاصة، بحيث تكون هي المرجعية الأساسية لتنظيم شؤونها.  مشيرة إلى أن هذه الإجراءات تتماشى مع معايير العمل الدولية، ولا سيما الاتفاقية رقم 98 الخاصة بالحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية، الاتفاقية رقم 87 الخاصة بالحق في التنظيم والحريات النقابية، الصادرتين عن منظمة العمل الدولية لتنظيم العمل النقابي بشكل يضمن استقلاليته وحريته.

وتنص المادة 3 من الاتفاقية رقم 87 الخاصة بالحق في التنظيم والحريات النقابية على :” لمنظمات العمال وأصحاب العمل حق وضع دساتيرها وأنظمتها، وانتخاب ممثليها في حرية تامة، وتنظيم إدارتها ووجوه نشاطها، وصياغة برامجها. وتمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يحد من هذه الحقوق أو يحول دون ممارستها المشروعة”.

 

نوصي بالقراءة: مطالب الصحفيين الإلكترونيين: نحو تعديل شروط القيد بالنقابة

شيماء حمدي
صحفية مصرية، تغطي الملفات السياسية والحقوقية، وتهتم بقضايا المرأة. باحثة في حرية الصحافة والإعلام والحريات الرقمية.

Search