شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية نقاشًا واسعًا، على خلفية أنباء حول إغلاق السلطات المصرية لدير سانت كاترين الواقع في جنوب سيناء، والذي بُني بين عامي 548 و565 ميلادي. يُذكر أن الدير، المدرج ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2002، تزامنًا مع فوز مدينة سانت كاترين بجائزة أفاسو، تقديرًا لدورها في تعزيز التعايش الثقافي والديني، يُعد الدير الوحيد الذي يضم مسجدًا داخل أراضيه، بُني في القرن السابع الميلادي لخدمة بدو المنطقة العاملين فيه.
وترددت أنباء إغلاق الدير بالتزامن مع تفاصيل نزاع قضائي قائم منذ أكثر من تسع سنوات، حين تقدم خالد فودة، محافظ جنوب سيناء السابق، بالدعوى القضائية رقم (24 لسنة 2015، مدني كلي شرم الشيخ)، والمستأنفة برقم (226 و228 لسنة 32 ق) أمام محكمة استئناف الإسماعيلية. اختصمت الدعوى الأنبا ديمتري ساماتريس دميانوس، بصفته مطران دير سانت كاترين، وطالب فيها بتعويض قيمته خمسة ملايين جنيه، بالإضافة إلى إخلاء 29 قطعة أرض، بما تشمل من زراعات ومباني، لصالح المحافظة كتعويض عن استغلالها الممتد على مدار أكثر من 1500 عام.”
ربط مواطنون ومختصون بين ما تردد حول إغلاق دير سانت كاترين والإعلان الصادر عن وائل مصطفى، رئيس جهاز تعمير سيناء، في 27 أكتوبر الماضي، بشأن إنجاز 90% من مشروع “التجلي الأعظم” الذي يمتد على مساحة مليوني متر مربع بين جبل سانت كاترين وجبل موسى. ويشمل المشروع، وفق تصريحات سابقة لمحافظ جنوب سيناء الأسبق خالد فودة، إنشاء مركز للزوار وساحة للسلام وفندق ونُزل بيئي ومجمع إداري، تحت إشراف وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والجهاز المركزي للتعمير.
على مدى السنوات العشر الماضية، تصاعد نزاع قانوني حول أراضي الدير، بالرغم من صدور القرار الوزاري رقم 85 لسنة 1993، الذي يقضي بتسجيل دير سانت كاترين كموقع أثري ونُشر بجريدة الوقائع المصرية في العدد 241 بتاريخ 23 سبتمبر 1993، وتلاه القرار الوزاري رقم 905 لسنة 1997، الذي صنّف أراضي الدير ضمن المواقع الأثرية ونُشر في العدد 111 بتاريخ 21 مايو 1998.
ويتبع دير سانت كاترين، الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية. ومنذ تأسيسه كان تابعًا للكنيسة القبطية المصرية، ثم انتقل ملكيته إلى الكنيسة اليونانية في تقسيم الإمبراطور جاستن الثاني بعد مجمع خلقدونية، حسب الباحث في تاريخ العصور الوسطى أمجد عزت، في حديثه مع زاوية ثالثة.
الدعوى القضائية التي أقامها المحافظ السابق لجنوب سيناء، لا تعد الأولى من نوعها التي يواجهها مطران دير سانت كاترين، الأب ديمتري ديناتوس؛ إذ سبقها قيام لواء الجيش المتقاعد أحمد رجائي عطية – مؤسس مدرسة الصاعقة المصرية وجبهة الدفاع عن جنوب سيناء-، في عام 2012، برفع الدعوى رقم 2784 لسنة 17 قضائية، ضد كلٍ من: المجلس العسكري ورئيس الوزراء، ووزراء الدفاع، والسياحة، والبيئة، ومحافظ جنوب سيناء، ومطران دير سانت كاثرين، للمطالبة بإزالة التعديات على الواقعة على المناطق الأثرية والإبقاء على اسم المناطق القديمة. اتهم اللواء المتقاعد في دعواه، رهبان الدير “بالاستيلاء على 20% من أراضي جنوب سيناء، وزعم قيامهم بطمس عيون موسى الأصلية وأن العيون الموجودة حاليًا مزيفة.”
في المقابل، نقل موقع المركز الثقافي الأرثوذكسي، آنذاك، على لسان البرلماني السابق وأستاذ القانون، إيهاب رمزي، اتهامه للواء الجيش السابق بتزوير أوراق لكنائس أثرية بالدير، مدعيًا أنه تم بناؤها عام 2006، وأنه تم تحرير 71 قرار إزالة آثار موجودة في الدير، باعتبارها تعديات، ومن بينها كنيسة موسى الشهيرة بالعليقة.
نوصي للقراءة: هل تغيّرت السعودية؟.. المسيحيون المصريون يختبرون حدود الانفتاح الديني
حكم بطرد المطران وتسليم الأراضي
في جلسة 23 مايو 2015، أصدرت المحكمة حكمًا تمهيديًا بإحالة الدعوى القضائية رقم 24 لسنة 2015، إلى مصلحة الخبراء بوزارة العدل؛ إلا أن اللجنة المشكلة لم تعاين غير عشرة قطع من أصل 29 قطعة مسجلة لدى وزارة الآثار بموجب قرارات وزارية ولا يجوز تملكها.
واتخذت الدعوى منحنى جديد لها في جلسة الخامس من ديسمبر عام 2016؛ إذ اختصمت وزير الآثار باعتباره رئيس المجلس الأعلى للآثار، والمنطقة الأثرية بجنوب سيناء ومنطقة سانت كاترين، ورئيس جهاز شئون البيئة باعتباره الرئيس الأعلى لقطاع المحميات الطبيعية بجنوب سيناء، وطالبت برفع قيمة التعويض المالي الذي تطالب به مطران الدير، من خمسة إلى عشرة ملايين جنيه.
وأحالت المحكمة الدعوى إلى مكتب الخبراء بجلسة 25 فبراير 2017، لكن تعذّر على اللجنة الثلاثية المشكلة بقرار المحكمة، معاينة أراضي الدير لعدم وجود بيانات الأطوال والحدود، فكلّف المحافظ السابق لجنوب سيناء، رئيس الهيئة العامة للمساحة ومدير مديرية المساحة بجنوب سيناء، بتقديم الخرائط واللوحات المساحية والإحداثيات للأراضي.
مرة أخرى، قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى مكتب الخبراء في جلسة 31 أكتوبر 2020، غير أن لواء الجيش المتقاعد أحمد رجائي عطية، وهو أحد الخصوم في القضية، قد توفي في الرابع من مارس 2021، ومجددًا أحالت المحكمة الدعوى إلى مكتب الخبراء في جلسة 27 فبراير 2022، وقررت المحكمة حجز القضية للحكم بجلسة 21 مايو 2022، قبل أن تمد أجل النطق بالحكم لجلسة 30 مايو 2022، أصدرت خلالها المحكمة حكمًا بطرد الأنبا ديمتري من الدير والـ 29 قطعة أرض، وتسليمها للمحافظة بما عليها من منشآت وزراعات، تعويضًا عن مقابل الانتفاع من تاريخ الغصب حتى الحكم وإلزامهم بالمصروفات.
وبحسب فتحي راغب حنا – محامي مطران دير سانت كاترين-، تقدم بطعن على الحكم الصادر بطرد المطران وكافة رجال الدين والعاملين من الدير وتسليمه للمحافظة، واستند في مذكرة الاستئناف، لـ المادتين 130 و131 من قانون المرافعات، التي تؤكد بطلان الحكم، لوفاة أحد الخصوم، وهو اللواء الراحل أحمد رجائي عطية.
زاوية ثالثة حاولت التواصل مع المحامي بالنقض والدستورية العليا، فتحي راغب حنا، بصفته محامي مطران دير سانت كاترين ومقدم الطعن على الحكم القضائي الصادر بطرد المطران وإخلاء الدير، إلا أنه لم يرد على أي من اتصالاتنا أو رسائلنا، بينما زعم مدير مكتبه أن هناك حظر نشر في قضية سانت كاترين، وطالبنا بعدم التطرق إليها. في حين كشف مصدر قضائي مطلع إلى زاوية ثالثة أنه لم يصدر من النائب العام حتى اللحظة، قرارًا بحظر النشر في القضية.
نوصي للقراءة: كيف يدار ملف الآثار في مصر؟ – زاوية ثالثة
اتهامات للكنيسة القبطية
بعد صدور الحكم القضائي المتعلق بممتلكات دير سانت كاترين، بقيت القضية متداولة في المحاكم بعيدة عن تناول الإعلام المحلي. وفي أغسطس الماضي، لفت موقع إخباري يوناني الأنظار في الأوساط المسيحية المصرية، بنشر مقال تحدث عن ما وصفه بمخاوف الطائفة اليونانية الأرثوذكسية تجاه بعض الممتلكات التابعة لدير سانت كاترين. وأشار المقال إلى أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بصفتها الجماعة المسيحية الرئيسية في مصر، لديها اهتمام خاص ببعض عقارات الدير، مع مزاعم بأن هناك نزاعًا حول ملكية بعض الممتلكات بين الطائفتين.
ودعا المقال الحكومة اليونانية إلى التدخل لتأمين الممتلكات التاريخية للطائفة وحماية التراث الثقافي للدير، مما فتح باب النقاش حول الأبعاد القانونية والثقافية لقضية دير سانت كاترين بين الطوائف المسيحية المختلفة.
وسبق أن أقام المحامي المصري، إيهاب صلاح البطل، بالوكالة عن مجدي لويس، في يوليو 2018، دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالب فيها بإلغاء اعتماد الراهب اليوناني ديمترى سماردزيس، الملقب بالمطران دميانوس، رئيسًا لطائفة الروم الأرثوذكس لجنوب سيناء بدير سانت كاترين، واختيار راهب من أبوين مصريين من طائفة الروم الموجودة بالقاهرة أو الإسكندرية، بدلًا عنه.
من ناحيته أصدر المطران دميانوس – رئيس أساقفة سيناء ورئيس دير سانت كاترين الخاص بالروم الأرثوذكس في سيناء-، بيانًا في أغسطس الماضي، للتعليق على الخبر المنشور بتاريخ السابع من أغسطس 2024، على موقع “ڤيما أورثوذوكس”، نفى خلاله مزاعم سيطرة الأقباط من المسيحيين على الدير أو وجود أي توترات دينية.
وقال المطران في بيانه إن العلاقة بين دير سانت كاترين والكنيسة القبطية والبابا، علاقة وطيدة وعلاقة تعاون ودية، نافيًا بشكل قاطع صلته بالخبر، وأي صلة تورط للكنيسة القبطية في إدارة ممتلكات الدير.
نوصي للقراءة: “لن نُغادر” أهالي الوراق في مواجهة الإخلاء القسري.. والأمن يستخدم القوة المفرطة
التبعية للكنيسة اليونانية
الباحث في التراث القبطي، شنودة الأمير، يُبين إلى زاوية ثالثة، أن دير سانت كاترين تأسس خلال القرن الرابع الميلادي، ويرجع تاريخ تأسيسه إلى أسطورة نقل الملائكة لجثمان الشهيدة كاترين من الإسكندرية إلى الدير، إلا أنه خلال القرن السادس الميلادي وأثناء فترة الحكم العثماني لمصر انتقلت إدارة الدير بحكم مواثيق، إلى البطريركية الرومية الأرثوذكسية في اليونان، واستمرت كذلك لقرون إلى اليوم؛ إذ لا يخضع الدير لسيطرة الكنيسة الرومية الأرثوذكسية في الإسكندرية، رغم كونهما ينتميان إلى الطائفة نفسها، مضيفًا أنه خلال العام 2021 بدأ الصراع القضائي بين محافظة جنوب سيناء وبين إدارة الدير حول ملكية أراضي الدير، المقام عليها مباني سكن الرهبان وكنائس وأراضي زراعية، وبعض تلك الأراضي تتبع وزارة الآثار ولا يحق للمحافظة المطالبة بها.
ويؤكد الأمير أنه على مدار تاريخ الكنيسة القبطية فإنها لم تتدخل بشأن دير سانت كاترين أو تحاول السيطرة عليه، كما أشاع أحد المواقع الصحفية في اليونان مؤخرًا، مشيرًا إلى أن الدير يضم كنوزًا أثرية ومخطوطات نادرة، وكان من بينها المخطوطة السينائية، وهي واحدة من أهم مخطوطتين في العالم للعهد الجديد، ومن أقدم المخطوطات التي تحتوي على معظم أسفار الكتاب المقدس، ويعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي، إلا أن المستشرقين حين عثروا عليها نقلوها إلى بلادهم، وهي موجودة اليوم في المكتبة البريطانية.
ورغم كون الصراع القضائي على أراضي دير سانت كاترين، لازال مستمرًا إلا أن زيارات المسؤولين الحكوميين لدير سانت كاترين ولقاءاتهم بمطران ورهبان الدير، قد تكررت خلال الشهور الأخيرة؛ إذ استقبل رهبان دير سانت كاترين، في 25 يوليو الماضي، هانى عازر، مستشار رئيس الجمهورية للأعمال الهندسية، وفي 22 يوليو الماضي، استقبل خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، وفد دير سانت كاترين برئاسة الأب بارفليوس، وكيل الدير، لتقديم التهنئة له لتوليه المنصب، وقدموا له خطاب تهنئة من الأنبا ديمانيوس، مطران الدير، وسلموه نسخة من وثيقة العهدة المحمدية، وهي وثيقة أثرية منسوبة إلى النبي محمد، أوصى بها المسلمين بالمسيحيين.
وقام رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ووفد مرافق له، بزيارة منطقة وادي الدير، أهم مناطق سانت كاترين، في 28 سبتمبر الماضي، والتقى القس بوروفيروس، وكيل الدير، والقس جاستين، أمين مكتبة الدير، وعدد من القساوسة والرهبان بالدير.
ويكشف حسام صبحي –مدير عام آثار سانت كاترين وفيران-، إلى زاوية ثالثة، أنه منذ مئات السنوات امتلك دير سانت كاترين في جنوب سيناء، نحو 71 قطعة أرض، كانت تحت تصرفه دون أن يمتلك سندات ملكية لها، بعضها كنائس ومباني مبيت واستراحات الرهبان، ومعظمها أراضي زراعية يقتاتون من محاصيلها ويتم توزيع باقي إنتاجها على زوار الدير، إلا أن بعض تلك الأراضي مملوكة لوزارة الآثار المصرية، ومنذ أكثر من عشر سنوات كان هناك نزاع بين محافظة جنوب سيناء وبين مطران الدير، الذي أراد تقنين وضع الأراضي وبين المحافظة التي ترى أن تلك الأراضي وضع يد وتريد استرجاعها، لافتًا إلى أن المحافظة كانت قد رفعت دعوى قضائية ضد الدير حتى صدر حكم قضائي في 2022، ضد مطران الدير لصالح المحافظة إلا أنه ليس حكمًا نهائيًا ويمكن الطعن عليه.
ويؤكد صبحي أنه لم يصل أي خطاب رسمي أو إنذار بالطرد إلى مطران دير سانت كاترين ورهبانه، وأن الدير مفتوح للزوار بشكل طبيعي، واستقبل، الخميس، 200 زائر، وأن فندق سانت كاترين ممتلئ بالنزلاء، معتبرًا أن ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي من أنباء طرد الرهبان وإغلاق الدير، عارية تمامًا عن الصحة.
ويبين مدير عام آثار سانت كاترين أن الدير يضم نحو 1444 قطعة أثرية، تتنوع بين مخطوطات ومنقولات بعضها مسجل لدى وزارة الآثار، وأن إدارة الدير مصرية تابعة للوزارة، وأنه ليس تحت إدارة يونانية كما يشيع البعض، إلا أن رهبان الدير الـ28 هم من حاملي الجنسيات الأجنبية وبينهم 25 راهب يوناني، في حين يجمع مطران الدير بين الجنسيتين المصرية واليونانية.
نوصي للقراءة: المهجرون من رفح المصرية بين النزوح القسري و مطالبات التعويض العادل
الأراضي محمية بقانون الآثار
في السياق نفسه، يؤكد عبد الرحيم ريحان – عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية-، أن الدير والمواقع الأثرية بمدينة سانت كاترين، غير تابعة لمحافظة جنوب سيناء، وأنها محمية بقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، ومسجلة كتراث عالمي في اليونسكو عام 2002، وأن الدير تم تسجيله كأثر بيزنطي، في القرار الوزاري رقم 85 لسنة 1993، ويتبع الدير قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، بالمجلس الأعلى للآثار.
بشأن الدعوى القضائية المرفوعة على مطران دير سانت كاترين، يُبيّن ريحان إلى زاوية ثالثة، أن قطع الأراضي محل الدعوى التي تحمل أرقام 16 و 18 و 19 و 21 و 22 و 24 و 25 و 28، هي أراضي أثرية واقعة في زمام الدير، بموجب القرار الوزاري رقم 905 لسنة 1997، والمنشور في العدد رقم 111 من الجريدة الرسمية، بتاريخ 21 مايو 1998، بينما تقع القطع رقم 2 و 3 و 5 و 8 و 12 و 13 و 29 على جبل موسى الخاضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، بموجب القرار الوزاري رقم 1069 لسنة 2008، وكذلك الحال بالنسبة للقطعة رقم 18 الواقعة بمنطقة فرش إيليا، ضمن زمام منطقة كاترين وفيران الأثرية بجنوب سيناء، بموجب القرار الوزاري رقم 780 لسنة 2010، أما القطعة رقم 27 الخاصة بمنطقة النبي هارون فقد صدر بخصوصها قرار اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية في 13 يناير عام 2009 وإخضاعها للآثار، بموجب القرار الوزاري رقم 905 لسنة 1997، وتقع أيضًا القطعة رقم 28 الخاصة باستراحة الدير، داخل الحرم بالمنطقة الأثرية لدير سانت كاترين، طبقًا للقرار الوزاري رقم 509 لسنة 1997 وقرار اللجنة الدائمة للآثار الاسلامية والقبطية في 18 يناير عام 2000.
ويلفت خبير الآثار إلى الدور التاريخي الوطني الذي لعبه رهبان دير سانت كاترين ومطران الدير، الأب ديمترى دميانوس، بعد نكسة 1967 وقبيل انتصار حرب أكتوبر 1973، حين نزع علم كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي وضعوه باب الدير واستبدله بعلم مصر، ما دفع جولدا مائير، رئيسة وزراء الاحتلال وقتئذٍ، لاستجوابه واعتقاله لثلاثة أشهر قبل أن تتدخل بريطانيا للإفراج عنه.
من ناحيتها، نفت محافظة جنوب سيناء عبر صفحتها الرسمية، الخميس، ما وصفته بالشائعات المتداولة حول وجود أي تهديد لدير سانت كاترين أو مخطط لإخلائه، مؤكدة التزامها بدعم الدير والمعالم الأثرية والدينية بالمحافظة.
ونقل البيان على لسان خالد مبارك – محافظ جنوب سيناء-، تأكيده الروابط الطيبة مع دير سانت كاترين، وأنه تلقى مؤخرًا خطاب شكر ومحبة من رئيس الدير المتواجد حاليًا خارج البلاد لأسباب طبية، لتأكيد العلاقات الوثيقة مع المحافظة، مشيرًا لوجود تواصل دائم بينه وبين مسؤولي الدير والسفير اليوناني، لحماية التراث الثقافي والديني للدير، باعتباره رمزًا تاريخيًا ودينيًا هامًا.
وبحسب البوابة الإلكترونية لمحافظة جنوب سيناء فقد استقبل دير سانت كاترين، الخميس، 200 زائر، بينهم 156 من جنسيات متنوعة تشمل فرنسا، روسيا، الهند، أستراليا، إندونيسيا، وغيرها، بجانب 24 زائرًا مصريًا، في حين يتواجد الرهبان في الدير ويمارسون حياتهم الطبيعية.
راسلت زاوية ثالثة الأب أكاكيوس – الأمين العام لدير سانت كاترين-، في محاولة للتواصل مع مطران الدير، الأب ديمترى دميانوس، للتعليق على ما يثار بشأن القضية، لكن علمنا أنه يعاني ظروفًا صحية وقد سافر للخارج مؤخرًا لأسباب طبية، وأبلغنا الأمين العام أنه أوصل رسالتنا إلى المطران، ولم نتلق بعد رده على تساؤلاتنا بشأن القضية.
وفي تعليق منها على بيان المحافظة قالت عالمة المصريات وعميدة كلية الآثار والتراث الحضاري في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، مونيكا حنا، إنه على الرغم من محاولات النفي، فإن موضوع الحكم الصادر ضد مطران دير سانت كاترين حقيقي؛ إذ صدر حكم درجة أولى في القضاء الإداري، عن محكمة ابتدائية بالطرد، وغاب محامي وزارة الآثار عن هذه الجلسة، لكن لم يتم تنفيذ الحكم الإداري إلى الآن، كاشفة في تدوينة لها عبر حسابها على فيسبوك، أن الرئاسة شكلت لجنة داخل وزارة العدل لتقنين وضع الدير قبل جلسة الاستئناف على الحكم الحالي وأنه جاري التفاوض على ذلك.
وفي الوقت الذي تنفي فيه المحافظة وجود أي خطة لديها لإخلاء الدير وطرد رهبانه؛ فإن الصراع القضائي بين محافظة جنوب سيناء ومطران الدير لم يحسم بعد بشكل نهائي، وفي حين تعتبر دعوى المحافظ السابق أن أراضي الدير وضع يد وتحق للمحافظة، فإن خبراء ومسؤولي وزارة الآثار يؤكدون أنها أثرية تخضع للمجلس الأعلى للآثار ومحمية بموجب القانون المصري ومسجلة كتراث عالمي في اليونسكو، ورغم عدم حسم القضية فإن الحال باقية كما هي عليه والدير لا تزال تستقبل زوارها بشكل طبيعي، وتخطط السلطات لافتتاح مشروع التجلي الأعظم، خلال الفترة المقبلة.