أثار قرار الحكومة المصرية، الأسبوع الماضي، فرض ضريبة جمركية جديدة على الهواتف المحمولة المستوردة حالة من الجدل الواسع في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، إذ اعتبره كثيرون عبئًا إضافيًا على المستهلكين في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. وفي حين تقول الحكومة إن القرار يأتي ضمن مساعي لتعزيز الإيرادات المالية ودعم الصناعة المحلية وتحفيز الاستثمار، إلا أنه قوبل برفض من جانب شريحة كبيرة من المواطنين وخبراء الاقتصاد الذين يرون أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الهواتف بشكل كبير، ما يحد من قدرة المواطنين على اقتنائها، كما يشير المعارضون إلى غياب بدائل كافية محليًا وتخوفهم من تأثيرات سلبية على السوق والمستهلك.
في الأول من يناير الجاري، أعلنت وزارة المالية فرض رسوم تصل إلى 38.5% من قيمة الهاتف المستورد، مع إعفاء هاتف واحد للاستخدام الشخصي لكل مسافر قادم من الخارج، وفي ضوء القرار يُطلب من المواطنين تسجيل هواتفهم عبر تطبيق “تليفوني” خلال فترة سماح تمتد لثلاثة أشهر لضمان استمرار عملها داخل البلاد. وقالت إن القرار يهدف إلى تعزيز الإيرادات وحماية الصناعة المحلية، إلا أن القرار قوبل بانتقادات واسعة، ويرى خبراء ومواطنون وتجار تحدثوا إلى زاوية ثالثة أنه سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الهواتف وإحداث حالة من الركود في الاسواق، كما سيزيد من الأعباء المالية على المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وتعليقًا على القرار، يقول إلهامي الميرغني – الخبير الاقتصادي ونائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي-، في حديثه مع زاوية ثالثة، إنّه رغم وصول الضرائب إلى تريليوني جنيه، إلا أنها تمثل 11.8% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024/2025، و36.5% من الموارد، بينما يتم تمويل 51.4% من الموارد من الديون المحلية والخارجية، ما “يُعدّ أكبر فشل لـ النظام الضريبي المصري”. وفي المقابل، تصل نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي إلى 24.5% في إيطاليا، و 17.5% في الأردن، و 30.4% في الدنمارك، و22.1% في المغرب. لذلك، تغرق مصر في الديون لتغطية فجوة الموارد.
ويضيف: “ومن ثمّ، تبحث الحكومة عن أي وسيلة للجباية يمكن أن توفر حصيلة كافية للسلطة. أما الكارثة الأكبر في النظام الضريبي، اعتماده على الضرائب غير المباشرة التي توفر ما يقرب من نصف الحصيلة الضريبية، بينما تنخفض الضرائب على الدخول والشركات مقارنةً بمعظم دول العالم”، مشيرًا إلى أن الضرائب لن تحل أزمة الدولار لأن الذي يحل أزمة الدولار هو الإنتاج والصادرات والسياحة، بحسب تعبيره.
من جهته، يرى كريم العمدة – أستاذ الاقتصاد-، أن قرار فرض الجمارك على الهواتف المحمولة يندرج ضمن إطار تنظيم الأنشطة الاقتصادية والتجارية داخل الدولة، موضحًا أن أي نشاط اقتصادي يحتاج إلى ضوابط محددة، مشيرًا إلى أن أزمة التضخم وارتفاع سعر الدولار دفعت البعض للبحث عن طرق غير قانونية لتحقيق الربح، ومنها التجارة غير الرسمية وتهريب الهواتف المحمولة عبر المسافرين.
ويقول “العمدة” في حديثه معنا: “عندما يُستخدم التهريب بشكل تجاري، فإنه يؤدي إلى خلق سوق موازية تُنافس السوق الرسمية، ما يضر بالشركات والوكلاء المعتمدين الذين يعملون بشكل قانوني ويدفعون الضرائب، على سبيل المثال، يقوم بعض المسافرين بشراء عدة هواتف محمولة، خصوصًا من دبي، بغرض إعادة بيعها في السوق المصرية وتحقيق أرباح تصل إلى عشرة آلاف جنيه على الهاتف الواحد، ما يغطي تكاليف السفر وربما يحقق أرباحًا إضافية.”
نوصي للقراءة: تخفيض مُرتقب للجنيه المصري.. والسوق السوداء تتربع على عرش الاقتصاد
كيف يؤثر القرار على السوق المحلية؟
رئيس الوزراء مصطفى مدبولي دخل أيضًا على خط الأزمة، أكد خلال مؤتمر صحفي، الأربعاء، أهمية خضوع جميع الأجهزة المحمولة التي تدخل مصر لمنظومة الضرائب والرسوم المعمول بها في الدولة، وأوضح أن هناك خمس شركات دولية افتتحت مصانع لإنتاج الهواتف المحمولة داخل مصر، لكنها تواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في عمليات التهريب التي تؤدي إلى دخول كميات كبيرة من الأجهزة بطرق غير مشروعة، ما يضر بالسوق المحلية.
وأشار “مدبولي” إلى أن العديد من الدول اتخذت خطوات مشابهة لما قامت به القاهرة لضبط السوق وتشجيع الصناعة المحلية، مؤكدًا أن المصريين المقيمين بالخارج لن يتحملوا أي رسوم إضافية. وأوضح أن القرار يستهدف بشكل رئيسي الأشخاص الذين يشترون الهواتف المحمولة باستمرار. كما أكد أن الأجهزة التي تم شراؤها قبل تطبيق القرار لن تواجه أي مشكلات، في حين أن الأجهزة المستوردة مستقبلاً ستكون خاضعة للرسوم المقررة. من جانبها، أكدت وزارة المالية أن الرسوم الجمركية على الهواتف المحمولة المستوردة لم تتغير، وأن الهدف من القرار هو تنظيم السوق والحد من التهريب، مع توفير فترة انتقالية للمواطنين لتسجيل أجهزتهم دون الحاجة للرجوع إلى موظفي الجمارك.
يوضح شريف الكيلاني – نائب وزير المالية للسياسات الضريبية- أن 95% من واردات الهواتف المحمولة إلى مصر تدخل عن طريق التهريب، بينما لا تدفع سوى 5% فقط الرسوم الجمركية المقررة، مشيرًا إلى أن هذا التهريب يُكبّد الخزانة العامة للدولة خسائر كبيرة، كما يضر بالسوق المحلي، وبيّن أن قيمة الهواتف المهربة تصل إلى نحو خمسة مليارات جنيه شهريًا، ما يعادل 60 مليار جنيه سنويًا. وأن الرسوم الجمركية على الهواتف المستوردة تبلغ 38.5% من سعر الجهاز، مشددًا على عدم فرض أي ضرائب جديدة، مع الإبقاء على إعفاء هاتف واحد فقط للاستخدام الشخصي لكل مسافر قادم إلى مصر، دون الحاجة لدفع ضريبة جمركية، وأن الوزارة أطلقت تطبيقًا إلكترونيًا يُمكّن القادمين إلى مصر عبر الموانئ والمطارات من تسجيل هواتفهم الشخصية بسهولة بمجرد دخول البلاد، دون فرض أي رسوم أو جمارك إضافية، كما أشار إلى أن الهواتف التي لا تُسجل عبر التطبيق ستتلقى رسالة نصية تطالب بدفع الرسوم الجمركية المقررة خلال مدة أقصاها 90 يومًا، وفي حال عدم السداد، سيتم تعطيل تشغيل هذه الهواتف.
من جانبه، يؤكد إلهامي الميرغني أن فرض الرسوم الجديدة على الهواتف المحمولة المستوردة سيؤثر بشكل سلبي على السوق والمستهلك المصري على حد سواء، مشيرًا إلى أن الحكومة تعهدت بتوفير منتج محلي بديل، إلا أن هذا المنتج لم يظهر حتى الآن، ولم يتمكن أحد من تقييم قدراته وجودته على أرض الواقع. وأضاف المرغني: “نتمنى أن نرى منتجًا محليًا جيدًا قادرًا على تلبية احتياجات السوق، ما يقلل اعتمادنا على الاستيراد، ونتمنى أن يمتد هذا النهج ليشمل جميع السلع.”
ويشير إلى أن هذه الرسوم قد تؤدي إلى موجة من الركود في سوق الهواتف المحمولة على المدى القصير. يضيف: “لن نتمكن من تقييم التأثير الحقيقي للقرار إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على الأقل، إذ يمكننا مقارنة أداء السوق خلال الربع الأول من العام الجاري مع نفس الفترة من الأعوام السابقة لمعرفة مدى النمو أو الانكماش الناتج عن هذا الإجراء.”
تعليقًا على القرار، يقول محمود علي – صاحب متجر هواتف في القاهرة-، إنه “منذ بدء تطبيق الضرائب الجديدة، لاحظنا تراجعًا واضحًا في مبيعات الهواتف المحمولة. العملاء أصبحوا أكثر ترددًا في شراء هواتف جديدة، وحتى من يمتلكون هواتف مستوردة يفضلون عدم تفعيلها لتجنب دفع الضرائب. السوق يعاني بالفعل من ركود بسبب الأوضاع الاقتصادية، وهذا القرار زاد الطين بلة. إذا استمرت الأمور على هذا النحو، سنضطر لإغلاق متاجرنا لأننا لن نستطيع تحمل الخسائر.”
تتفق معه سارة حسن (30 عامًا)، موظفة حكومية من محافظة الجيزة، وتقول:”لست ضد تشجيع الصناعة المحلية، بل بالعكس، أرى أن وجود منتج مصري جيد سيخفض من اعتمادنا على الاستيراد؛ لكن المشكلة في أن هذه الضرائب تُفرض دون أن نرى البديل المحلي. الحكومة تعهدت بوجود هواتف محمولة مصرية، ولكن حتى الآن لا نسمع سوى وعود دون تنفيذ، إلى أن يحدث ذلك، سيكون المواطن هو الضحية الوحيد لهذه السياسات.”
إبراهيم همام – تاجر من محافظة سوهاج- يقول: “أنا كتاجر، هذا القرار سيقضي على السوق تمامًا، كيف سأقنع زبائني بشراء هاتف مستورد برسوم إضافية تزيد من سعره بشكل جنوني؟ الحديث عن دعم المنتج المحلي جميل، ولكن أين هذا المنتج؟ السوق يعتمد بشكل شبه كامل على الأجهزة المستوردة، وهذا القرار سيخلق حالة من الركود في قطاع حيوي يعاني أصلاً من مشكلات عديدة.”
ويرى كريم العمدة أن ممارسات التهرب الضريبي التي ينتهجها البعض تؤثر على السوق المحلية وتخلق ضغطًا على العملة الصعبة، موضحًا: “تهريب الهواتف المحمولة ليس للاستخدام الشخصي كما يدعي البعض، بل يُستخدم بشكل تجاري. هناك أشخاص يسافرون ويجلبون أربعة أو خمسة هواتف لبيعها لاحقًا. هذا النشاط بحاجة إلى تقنين.”
يشير إلى أن القرار بفرض الجمارك ليس جديدًا ولكنه كان غير مفعّل في السابق، قائلاً: “هناك العديد من القرارات والقوانين غير المفعّلة، وبمجرد تطبيقها يشعر المواطنون بتأثيرها، مما يثير بعض الشكاوى. ومن الطبيعي أن تعترض فئة معينة، خاصة من يستفيدون من هذا النشاط غير الرسمي.”
يضيف: “بالرغم من ذلك، لا يؤثر القرار على جميع المواطنين، فمعظم الهواتف المهربة، مثل أجهزة آيفون، تستهدف طبقة معينة، هذه الفئة قادرة على تحمّل الضرائب والرسوم المفروضة. على سبيل المثال، أكثر من مليون هاتف تم فتحها لدى التجار مؤخرًا، نصفها تقريبًا من أجهزة آيفون التي يتراوح سعرها بين 50 و110 آلاف جنيه، وهي ليست ضمن احتياجات المواطن البسيط”، مشددًا على أن القرار يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز الصناعة المحلية في مجال الإلكترونيات، قائلاً: “مصر بحاجة إلى صناعة محلية قوية لتغطية الطلب على الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، خاصة مع وجود أكثر من 100 مليون مواطن. نحن نحتاج إلى إنتاج ما لا يقل عن 15 إلى 20 مليون جهاز سنويًا. حاليًا، هناك أربعة أو خمسة مصانع تعمل في هذا المجال، مع خطط لإضافة أربعة أو خمسة مصانع أخرى قريبًا.”
يؤكد “العمدة” أن فرض الضرائب والجمارك على السلع الترفيهية، مثل الهواتف الفاخرة والسيارات الفارهة واليخوت، خطوة مهمة لدعم الاقتصاد. يقول: “هذه السلع تستهدف الطبقة الثرية، ومن يمتلك القدرة على شرائها يمكنه دفع الضرائب المفروضة عليها. نحن بحاجة إلى فرض ضرائب مرتفعة على هذه السلع لدعم الاقتصاد الوطني وتقليل الضغط على الدولار.”
نوصي للقراءة: تحت ضغط ارتفاعِ الأَسْعار: هل تفرض الحُكومَة المصرية “التسْعِيرَةِ” لضبطِ الأَسْواق؟
غضب
القرار أثار موجة عارمة من الجدل في الشارع المصري وعلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من المواطنين عن غضبهم ورفضهم لهذه الإجراءات، فيما تداول آخرون تعليقات ساخرة على منصات التواصل الاجتماعي، مستوحاة من تصريحات نائب وزير المالية المصري. وانتقد عدد من المواطنين الضرائب المرتفعة التي تم فرضها على أجهزتهم عند تشغيلها في مصر بعد العودة من الخارج، ووفقًا لـ مستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، بلغت هذه الضرائب أحيانًا أكثر من 40 ألف جنيه، أي ما يعادل 38.5% من سعر الهاتف، كما أوضح نائب وزير المالية للسياسات الضريبية.
وكتب فوزي العشماوي: “السيد رئيس الوزراء يبرر قرار فرض جمارك على الموبايلات بشكوى ست مصانع لتصنيع الموبايلات في مصر من حجم التهريب، ولعل السؤال الموجه للأصدقاء المتخصصين: ما أسماء هذه المصانع وما أسماء ومواصفات الموبايلات التي تنتجها؟ وما حجم إنتاج هذه المصانع بالمقارنة باحتياجات السوق المحلي؟ وهل تفرض الدول المنتجة للموبايلات مثل هذه الجمارك التي تقرر فرضها لدينا؟ وهل فرض هذه الجمارك والضرائب هو الأسلوب الأمثل لحماية وتطوير هذه المصانع؟”
كذلك، انتقد محمد عبد الستار القرار قائلًا: “السلطة اعترفت بأن الأجهزة المنوط بها منع تهريب الموبايلات لم تستطع السيطرة وأن المٰهرب يصل إلى 95% من حجم السوق، هذا يضر بمصلحة الصناعة المحلية، لتقرر السلطة تدشين منظومة لحوكمة سوق الموبايلات. لدي ملاحظات بسيطة، أولًا: لم يتم محاسبة الأجهزة والهيئات المنوط بها منع التهريب، ثانيًا: لم يتم محاسبة التجار المتعاملين في الأجهزة المهربة، ثالثًا: قررت السلطة مطالبة المواطنين بضرائب وجمارك وضريبة قيمة مضافة. لازالت حكومتنا الرشيدة عاجزة عن توفير أي حلول وتعمل فقط على استنزاف المواطن.”
وكتبت شيرين زكي عبر فيسبوك: “الحكومة مشغولة بفرض جمارك على الموبايلات المهربة، في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن قضايا كبيرة مثل طائرة زامبيا التي خرجت محملة بملايين الدولارات والأسلحة والذهب دون تفتيش. كل هذا غير مهم أهم شيء الموبايل المهرب هو العدو الأول للبلد أما الذهب المهرب أين هو، لا نعرف؟”، فيما تساءل عمر القاضي عبر صفحته: “هل موجة جمارك وضرائب الموبايلات ستعدل الاقتصاد القومي؟ طبعًا لا. تشعر كأننا نسير على خُطى كوريا الشمالية وأيام عبد الناصر! المستفز أن نائب وزير المالية يقول لك: القرار لتشجيع المنتج المحلي. أي منتج محلي؟!”، متسائلًا حول نية السلطة مستقبلًا في فرض ماركات محددة بناء على اتفاقياتها مع مستثمرين في نوع من الوصاية على الشعب، ووصف وكلاء محليين باللصوص، نظرًا لاختلاف الأسعار المبالغ فيه بين مصر والخارج لنفس المنتج.
نوصي للقراءة: لماذا تعطي مصر الأولويّة للمستثمر الأجنبيّ؟
لماذا تتوسع الحكومة بفرض الضرائب؟
يثير التوسع بفرض الضرائب حالة من الاستياء بين المواطنين بشكل عام، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة، وتقول تقارير حكومية إن “حصيلة إيرادات الضرائب قفزت خلال أول خمسة أشهر من العام المالي الحالي (2024-2025) 38.4% إلى نحو 714.3 مليار جنيه مقارنة بنحو 516.1 مليار جنيه بنفس الفترة من العام المالي السابق (يبدأ العام المالي في مصر أول يوليو وينتهي آخر يونيو من العام التالي).
وفق بيانات رسمية، تستهدف الحكومة زيادة إيرادات الضرائب خلال العام المالي المقبل بأكثر من 30 % لتسجل 2.02 تريليون جنيه مقابل 1.5 تريليون جنيه مقدرة في موازنة العام المالي الجاري، وستحقق الحكومة هذا الهدف من خلال زيادة حصيلة الضرائب على الدخل (من التوظف) أي دخول الموظفين، وكذلك ضرائب على دخول الأفراد (بخلاف التوظف) أي المهن غير التجارية والنشاط التجاري والصناعي، ووفق البيانات الواردة في مشروع موازنة العام المالي الجديد، تستهدف الحكومة زيادة حصيلة ضريبة الدخل للموظفين إلى 170.7 مليار جنيه من 134.9 مليار جنيه في السنة المالية الحالية.
ويرى الخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني أن جوهر الخلل في السياسة الضريبية والمعالجات لأزمة الاقتصاد أنها تعتمد على فرض الضرائب غير المباشرة، التي تنال من دخول أفقر شرائح الدخل والذين تصل نسبتهم إلى 35% من السكان، بينما يمكن رفع أسعار الضريبة العليا على الدخول وفرض ضرائب علي الثروة و مضاربات البورصة وتفعيل الضرائب العقارية، وكلها يمكن أن توفر إيرادات حقيقية، ولكن للأسف الحكومة تستهل اللجوء إلى الضرائب غير المباشرة بغض النظر عن انعكاساتها علي الأسواق.
وفي ظل قرارات مفاجئة يراها المواطنون تصعيدية، يبقى المواطن المصري ما بين شقي الرحي، إذ تتدهور حالته الاقتصادية نتيجة انخفاض الدخل وتسارع سقوط الجنيه المصري في مقابل العملات الأجنبية، وما ينتج عنه من غلاء للأسعار والخدمات، في الوقت الذي لا تنفك الحكومة فيه عن اتخاذ قرارات ترى أنها لازمة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي فرضته منذ العام 2016، ليبقى التساؤل: متى تنتبه السلطة إلى قدرة المصريين على التحمل؟.